الصدق

مبادرة خير أمة – الصدق

اتصف نبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام قبل البعثة وبعدها بالصادق الأمين، فعُرف بذلك عند أهل مكة صغيرهم وكبيرهم، وعند تبليغ رسالته عليه الصلاة والسلام اتهمه قومه بالجنون والسحر ولم يتهموه بالكذب، وذلك كما قاله تعالى: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ (الأنعام:33)

فالصادق من اعتاد الناس على قوله للحقيقة والصدق دائماً، ولم يعهدوا عليه الكذب أبداً.

والصِّدْق لغةً: الصِّدْق: نقيض الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقاً وصِدْقاً وتَصْداقاً.

والكَذِبُ لغةً: نقيضُ الصِّدْقِ، كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً. (لسان العرب)

الصِّدْق اصطلاحاً: هو الخبر عن الشيء على ما هو به، وهو نقيض الكذب.

الكَذِبُ اصطلاحاً: هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمداً أم خطئاً.

وديننا الحنيف يحثنا ويرغبنا في الصدق، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ (التوبة: 119)

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إنَّ الصدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنة، وإنَّ الرجل ليصدق حتى يكون صِدِّيقًا، وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، وإنَّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّابًا(. (رواه البخاري ومسلم)

وجاء في الحديث الشريف: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رواه البخاري.

فالصدق من مكارم الأخلاق الفاضلة في كل الشرائع والديانات وكافة المجتمعات، إلا أن الدين الإسلامي قد ميّز الصادق بالأجر والثواب عند الله، والإثم على من يكذب ويخادع، وعلى الوالدين أن يغرسا في نفوس الأبناء الصدق والأمانة في الأقوال والأفعال منذ نعومة أظفارهم، فالآباء هم القدوة التي تُبنى عليها التربية.

لذلك، لا تكذب أمام ابنك، كأن تكون جالساً، ويسأل عنك أحد، وتطلب من ابنك أن يخبره بأنك غير متواجد أو نائم، فهنا تزرع فيه صفة الكذب وأنت لا تشعر.

انتبه أثناء حديثك مع أحد الأصدقاء، من الممكن أنه يريد أن يلتقي بك، فتخبره أنك مشغول ولديك موعد آخر أو سوف تنام، أو أي عذر يخالف الواقع.

فأنت قدوته، إما أن تكون صادقاً في أقوالك وأفعالك فيستقي منك الصدق والأمانة، أو تكون خلاف ذلك فينشأ على الكذب والخديعة، كما قال أبو العلاء المعري:

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

ومن الأساليب التربوية أسلوب التربية بالمواقف، ابنك لم يقم بحل واجب منزلي وجاء إليك ليخبرك بأنه لم ينهي ما طلبه المعلم وسوف يخبره بأنه مريض! أو كان في سفر! أو يختلق عذر يخالف الحقيقة والواقع.

هنا يأتي دورك الفعلي، انتهز الفرصة واخبره أنه من الممكن أن يتجاوز صعوبة الموقف وأن المعلم قد يعذره، لكنه لأجل أمر دنيوي بسيط قد ارتكب ذنباً فادحاً وكُتب عند الله كاذباً كما أخبرنا نبينا الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام، وأن ذلك من آيات وعلامات المنافق التي أخبر بها عليه الصلاة والسلام، ويجب علينا الحذر من الأقوال والأفعال التي قد تؤدي بنا إلى النفاق والعياذ بالله.

ولعل معلمه يكتشف تلك الكذبة فيُعرف عند معلمه وزملائه بالكذب والخديعة، ولن يصدقه أحد مستقبلاً، كما أنه سيعتاد على الكذب. فلا أفضل من الصدق لأنه طوق النجاة.

وهنا تجدر الإشارة للزملاء الأفاضل، عليهم في مثل هذه المواقف قبول أعذار طلابهم وتشجيعهم على الصدق، ومنحهم الفرصة لتأدية تلك المهام، فنحن بحاجة لبناء جيلاً صادقاً في أقواله وتعاملاته.

www.almadenh.com/show_art.php?id=2903