فضل السابع عشر من رمضان

... نظراً لما تم تداوله على فضل يوم 17 رمضان ...

أولاً - فقد ثبت أن غزوة بدر وقعت يوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك في العام الثاني من الهجرة النبوية.

ثانياً - ثبت أيضاً أنها صادفت يوم الجمعة.

ثالثاً - أن القرآن الكريم نزل في هذا اليوم، وهنا الخطأ الذي وقع فيه بعض الناس من خلال تداول الرسائل في فضل هذا اليوم !

والصواب أن القرآن الكريم قد أُنزل على مرحلتين.

المرحلة الأولى:

نزول القرآن الكريم جملة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وذلك بدليل قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 2]. وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، وقوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ ﴾ [البقرة: 185]، فدلت هذه الآيات على أن القرآن أنزل جملة واحدة في ليلة القدر.

• روى النسائي في السنن الكبرى بسنده إلى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]، ﴿ وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلًا ﴾ [الإسراء: 106][1].

المرحلة الثانية:

نزول القرآن منجمًا - أي مفرقًا - بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام على قلب النبي صلى الله عليه وسلم على مدار ثلاث وعشرين سنة[2].

قال الله تعالى: ﴿ وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلًا ﴾ [الإسراء: 106].

حكمة نزول القرآن منجمًا:

كانت الكتب السماوية السابقة تنزل على الرسل جملة واحدة كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وقد اعترض المشركون على نزول القرآن مفرقًا فبين الله تعالى ذلك الاعتراض في القرآن قال سبحانه: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].

وكان لنزول القرآن الكريم مفرقًا على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي:

• تثبيت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

• تيسير حفظ القرآن الكريم وفهمه لأمة لا تعرف القراءة ولا الكتابة.

• مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع، وتربية الأمة الجديدة.

• تحدي العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة وإثبات عجزهم على أن يأتوا بمثل هذا القرآن العظيم.

• إثبات أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، وليس من عند محمد - صلى الله عليه وسلم -[3].

نزول القرآن على سبعة أحرف:

روى البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه»[4].

• قال القرطبي - رحمه الله -: وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولًا: ثم قال رحمه الله: والذي عليه أكثر أهل العلم كسفيان بن عيينة وعبدالله بن وهب، والطبري والطحاوي وغيرهم أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو أقبل وتعال وهلم.

وقال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ إلى حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمه [5]، وعلى نحو هلم وتعال، وأقبل واذهب وأسرع وعجل[6].

[1] السنن الكبرى للنسائي ج6 ص421 حديث 11372.

[2] الإتقان في علوم القرآن ج1 ص116: ص119.

[3] البرهان ج1 ص231 مناهل العرفان ج1 ص53: ص62.

[4] (صحيح) (البخاري حديث 4992).

[5] (صحيح لغيره) (مسند أحمد ج34 ص146 حديث 20514).

[6] القرطبي ج1 ص59/ الإتقان ج1 ص134.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/54166/#ixzz2aBJgajGM(‏4‏ صور)