المؤلفات التي تلت الصحيحين ( في الصحيح )
تنقسم المؤلفات التي تلت الصحيحين في باب الصحيح أو ما يتعلق به إلي ثلاثة أقسام:
1- المستخرجات علي الصحيحين أو أحدهما.
2- مصنفات في الصحيح المجرد عند أصحاب هذه المصنفات.
3- المستدركات علي الصحيحين.
أولاً المستخرجات
ما هو المستخرج ؟
هو أن يأتي مصنف المستخرج إلي الكتاب الذي يريد أن يصنع له مستخرجاً ويقوم بتخريج أحاديث هذا الكتاب بإسناده هو وقد يجتمع مؤلف المستخرج مع مؤلف الكتاب المستخرج عليه في شيخه أو من فوقه حتي الصحابي.
مثال:
روي مسلم في صحيحه قال :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ - أَوْ بِزِمَامِهَا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ - أَوْ يَا مُحَمَّدُ - أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَكَفَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ» ، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: فَأَعَادَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ النَّاقَةَ»
ورواه أبو عوانة ( 316 ) في مستخرجه علي صحيح مسلم فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَحَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ح، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ كُلُّهُمْ قَالُوا: ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَسِيرٍ فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ فَقَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ - أَوْ يَا مُحَمَّدُ - أَخْبِرْنِي مَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: «تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ» مَعْنَى حَدِيثِهِمْ وَاحِدٌ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أُسَامَةَ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ أَيْضًا: مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ.
هل يلتزم صاحب المستخرج بإخراج المتن كما ورد في الكتاب المستخرج عليه ؟
الإجابة واضحة من المثال السابق ، لا يلتزم صاحب المستخرج بهذا بل يزيد وينقص في النص تبعاً للروايات التي تصل إليه من شيوخه.
فائدة مهمة:
هذا هو الحال في المصنفات التي تخرج أصل الحديث الموجود في كتب أخري ، كما في سنن البيهقي ( 458 ) مثلاً غالب الأحاديث التي يخرجها موجودة في الصحيحين لكن باختلاف وزيادات في الألفاظ.
ولذلك يجب عند البحث أو الاطلاع الانتباه والتدقيق عند قولهم أخرجه البخاري أو مسلم أو أخرجاه فيجب البحث والتدقيق هل أخرجاه بنفس الألفاظ بالضبط أم توجد بعض الاختلافات ، ولا يجب العزو إلي الصحيحين أو أحدهما إلا إذا:
1- قارنا بين الروايتين.
2- أو ينص صاحب الكتاب أنه نفس اللفظ أو النص.
أقول:
حتي إذا نص صاحب الكتاب أنه نقله بنصه أو بلفظه يجب مقابلة النصين للتأكد ، فقد يهم المؤلف.
فوائد المستخرجات
ذكر السخاوي في كتابه فتح المغيث عشرين فائدة للمستخرجات منهم:
1- علو الإسناد: ربما يكون صاحب المستخرج تلميذاً للبخاري أو لمسلم مثلاً، فيروي الحديث بسند أعلي من البخاري أو من مسلم وهو شيخه ، وقد يروي البخاري عن شيخه ويروي أبو داود نفس الحديث عن أحمد بن حنبل بسندٍ أعلي.
وربما يكون السند الأعلي به علة ما ولذلك أعرض عنه المصنف الأصلي الذي لا يغفل غالباً عن السند العالي ولم يتركه إلا لعلة.
2- الزيادة في قدر الصحيح: لما يقع من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث.
أقول: بشرط أن يكون السند صحيحاً.
3- القوة بكثرة الطرق: وفائدتها الترجيح عن الاختلاف في الإسناد أو المتن.
أقول: بشرط أن يكون الترجيح بطريق صحيح أو وجه صحيح.
4- وصل حديث معلق أو مرسل أو فيه انقطاع ، كحديث عند البخاري مثلاً رواه معلقاً ، فيصله صاحب المستخرج في مستخرجه.
5- زوال عنعنة مدلس بالتصريح في طريق المستخرج ، فيأتي صاحب المتتخرج ويوري الحديث بصيغة التحديث.
أقول: بشرط أن يكون الطريق أو الوجه الذي وردت فيه صيغة التحديث صحيح.
6- بيان رواية المختلط قبل الاختلاط أو بعده، عن طريق رواية المستخرج.
أقول: بشرط أن تكون الرواية صحيحة.
7- بيان المبهم أو المهمل: فالمبهم هو من لم يصرح باسمه في السند كقولهم حدثنا الثقة ، أما المهمل فهو أن يتفق راويان في الإسم أو اسم الأب ولم يتميزا ، فيأتي صاحب المستخرج فيحدد كل منهما.
8- ما يقع من التمييز للمتن المحال به علي المتن المحال عليه وذلك يقع كثيراً في صحيح مسلم، كقوله: ذكر نحوه أو بمثله أو بمعناه، فيأتي صاحب المستخرج ويذكر المتن فتظهر الفروق.
9- الفصل بين المدرج وأصل الحديث: كمثال يلتبس علي القاريء لفظ ما هل هو من قول النبي صلي الله عليه وسلم أم من قول أحد الرواة ؟ فيأتي طريق المستخرج ليبين هل هذا اللفظ مدرج أم لا؟
10- عدالة من أخرج له في المستخرجات: لأن المستخرج علي شرط الصحيح فيلزمه ألا يخرج إلا عن ثقة عنده.
وهذا الزعم مردود علي قائله لسببين:
أ- أن الغالبية من أصحاب المستخرجات لا يشترطون الصحة.
ب- ولو اشترط الصحة فإن من يشترط الصحة يكون شرطه متتقداً فكيف بمن لم يشترط ؟
فائدة مهمة:
لابد من النظر في روايات المستخرجات بدقة بالغة من حيث الرجال والعلل فليس كل ما في المستخرجات صحيح وإن صح أصل الحديث في الكتاب الأصلي المستخرج عليه.
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ:
قال الحافظ أبو بكر الأخرم: استعان بيَّ السراج لعمل مستخرج علي صحيح مسلم، فكنت أتحير من كثرة حديثه وحسن أصوله وكان إذا وجد الخبر عالياً يقول: لابد أن نكتبه، فأقول: ليس من شرط صاحبنا !! فيقول: شفعني فيه.
أهم المستخرجات
أولاً علي صحيح البخاري:
1- متسخرج أبي بكر الإسماعيلي ( 371 ) وهو أعظمها فائدة.
2- مستخرج أبي أحمد الغطريفي ( 377 ).
3- مستخرج ابن أبي ذهل ( 378 ).
4- مستخرج ابي بكر أحمد بن مردويه الأصبهاني ( 416 ).
ثانياً علي صحيح مسلم:
1- مستخرج أبي بكر النيسابوري الاسفرائيني صاحب مسلم ويشاركه في أكثر شيوخه ( 286 ).
2- مستخرج أبي الفضل البزار ( 286 ) رفيق مسلم في رحلته إلي بلخ والبصرة ( وهو غير صاحب المسند ).
3- مستخرج أبي عوانة الاسفرائيني ( 316 ).
4- مستخرج قاسم بن أصبغ المالكي ( 340 ).
ثالثاً علي الصحيحين:
1- مستخرج أبي عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم ( 344 ).