عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ حين نبى النبي ص، وَكَانَ يَنَامُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَنَامُ حولها، فأتاه ملكان: جبرئيل وَمِيكَائِيلُ، فَقَالا:
بِأَيِّهِمْ أُمِرْنَا؟ فَقَالا: أُمِرْنَا بِسَيِّدِهِمْ، ثُمَّ ذَهَبَا ثُمَّ جَاءَا مِنَ الْقِبْلَةِ، وَهُمْ ثَلاثَةٌ، فَأَلْفَوْهُ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَلَّبُوهُ لِظَهْرِهِ، وَشَقُّوا بَطْنَهُ، ثُمَّ جَاءُوا بِمَاءٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَغَسَلُوا مَا كَانَ فِي بَطْنِهِ مِنْ شَكٍّ أَوْ شِرْكٍ أَوْ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ ضَلالَةٍ، ثُمَّ جاءوا بطست من ذهب، مليء إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَمُلِئَ بَطْنُهُ وَجَوْفُهُ إِيمَانًا وَحِكْمَةً، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ جبرئيل، فقالوا: من هذا؟ فقال: جبرئيل، فَقَالُوا: مَنْ مَعَكَ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: مَرْحَبًا، فَدَعَوْا لَهُ فِي دُعَائِهِمْ، فَلَمَّا دَخَلَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ جسيم وسيم، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، ثُمَّ أَتَوْا بِهِ الى السماء الثانيه، فاستفتح جبرئيل، فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَقَالُوا فِي السَّمَوَاتِ كُلِّهَا كَمَا قَالَ وَقِيلَ لَهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا دَخَلَ، إِذَا بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ: مَنْ هؤلاء يا جبرئيل؟ فَقَالَ: يَحْيَى وَعِيسَى ابْنَا الْخَالَةِ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ إِذَا هُوَ برجل، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ، فُضِّلَ بِالْحُسْنِ عَلَى النَّاسِ، كَمَا فُضِّلَ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى الْكَوَاكِبِ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَإِذَا هو برجل، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ فَقَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ قَرَأَ: «وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا» ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَإِذَا هُوَ برجل، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قَالَ: هَذَا هَارُونُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ فَقَالَ: مَنْ هَذَا يا جبرئيل؟ فَقَالَ: هَذَا موسى، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يا جبرئيل؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَإِذَا هُوَ بِنَهْرٍ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، بِجَنْبَتَيْهِ قِبَابُ الدُّرِّ، فقال: ما هذا يا جبرئيل؟ فَقَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أعطاك ربك، وهذه مساكنك، قال: وأخذ جبرئيل بِيَدِهِ مِنْ تُرْبَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ سِدْرَةُ نَبْقٍ أَعْظَمُهَا أَمْثَالُ الْجِرَارِ، وَأَصْغَرُهَا أَمْثَالُ الْبَيْضِ، فَدَنَا رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ: «فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى» ، فَجَعَلَ يَتَغَشَّى السِّدْرَةَ مِنْ دُنُوِّ رَبِّهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَمْثَالُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ أَلْوَانٌ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ، وَفَهَّمَهُ وَعَلَّمَهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاةً، فَمَرَّ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ فَقَالَ: خَمْسِينَ صَلاةً، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الأُمَمِ قُوَّةً، وَأَقَلُّهَا عُمْرًا، وَذَكَرَ مَا لَقِيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَجَعَ فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا، ثُمَّ مَرَّ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ، كَذَلِكَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِرَاجِعٍ، غَيْرَ عَاصِيكَ، وَقَذَفَ فِي قَلْبِهِ أَلا يَرْجِعَ، [فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لا يُبَدَّلُ كَلامِي، وَلا يُرَدُّ قَضَائِي وَفَرْضِي،] وَخَفَّفَ عَنْ أُمَّتِي الصَّلاةَ لِعُشْرٍ قَالَ أَنَسٌ: وَمَا وَجَدْتُ رِيحًا قَطُّ وَلا رِيحَ عَرُوسٍ قَطُّ، أَطْيَبَ رِيحًا مِنْ جِلْدِ رَسُولِ الله ، أَلْزَقْتُ جِلْدِي بِجِلْدِهِ وَشَمَمْتُهُ.