الحمد لله رب العالمين ،
قال الله عز وجل في كتابه :
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)
فصفة من حقت لهم البشري من عباد الله عز وجل أنهم يستمعون ، ثم يتبعون الأحسن ، ولتوفيق الله عز وجل لهم تركوا كل طاغوت ، اقوال السلف والخلف والمذاهب وابن القيم والطحاوي وكل ابن ، واستسلموا لحكم الله عز وجل .
فهذا الذي أعرضه هنا هو منهج وفكر ودين الألباني ، كما كتبه هو ، لا أتقول عليه من عندي ، بل كله من عنده من كتبه .
قال الألباني في سلسلته التي يسميها الصحيحة :
672 - " ولد الزنا شر الثلاثة ".
أخرجه أبو داود (3963) والطحاوي في " المشكل " (1 / 391) والحاكم (2 / 214) والبيهقي (10 / 57، 59) وأحمد (2 / 311) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه ( 1 )عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وزاد البيهقي في رواية: " قال سفيان: يعني إذا عمل بعمل أبويه ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وتابعه عمر بن أبي سلمة عن أبيه( 2 ) عن أبي هريرة به. أخرجه الحاكم وعنه البيهقي
. قلت: وإسناده حسن في المتابعات والشواهد.
وتفسير سفيان المذكور قد روي مرفوعا من حديث عبد الله بن عباس، وعائشة.
أما حديث ابن عباس فيرويه ابن أبي ليلى(3) عن داود بن علي عن أبيه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولد الزنا شر الثلاثة، إذا عمل بعمل أبويه "
. أخرجه ابن عدي (127 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 92 / 2)
و" الأوسط " (1 / 183 / 2) وقال: " لم يروه عن داود إلا ابن أبي ليلى ".
قلت: واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف لسوء حفظه.(3)
وأما حديث عائشة، فيرويه إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن قيس عنها به. أخرجه هكذا ابن الأعرابي في " المعجم " (8 / 1 - 2) من طريق إسحاق بن منصور أنبأنا إسرائيل عنه.
وخالفه أسود بن عامر فقال: حدثنا إسرائيل قال: حدثنا إبراهيم ابن إسحاق عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عنها، به. أخرجه أحمد (6 / 109) .
قلت: وهذا الاضطراب من إبراهيم بن إسحاق، وهو إبراهيم ابن الفضل المخزومي المترجم في " التهذيب "، وهو متروك كما في " التقريب "(4) وسائر الرواة ثقات.
وهذا التفسير، وإن لم يثبت رفعه، فالأخذ به لا مناص منه، كي لا يتعارض الحديث مع النصوص القاطعة في الكتاب والسنة أن الإنسان لا يؤاخذ بجرم غيره.
وراجع لهذا المعنى الحديث (1287) من الكتاب الآخر.
وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها على وجه آخر، لو صح إسناده لكان قاطعا للإشكال، ورافعا للنزاع، وهو ما روى سلمة بن الفضل(5) عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة قال: " بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولد الزنا شر الثلاثة. فقالت: (يرحم الله أبا هريرة)
أساء سمعا، فأساء إجابة لم يكن الحديث على هذا إنما كان رجل (من المنافقين) يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من يعذرني من فلان؟ قيل يا رسول
الله إنه مع ما به ولد زنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو شر الثلاثة " والله عز وجل يقول: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * ".
أخرجه الطحاوي والحاكم وعنه البيهقي وضعفه بقوله: " سلمة بن الفضل الأبرش يروي مناكير(5) ".
قلت: وقال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ (5)". وفيه علة أخرى وهي عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلس (6)، ومع ذلك فقد قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ".!
ورده الذهبي بقوله: " كذا قال، وسلمة لم يحتج به (م) وقد وثق، وضعفه ابن راهويه ".
قلت: وكذلك ابن إسحاق لم يحتج به مسلم، وإنما روى له متابعة على أنه مدلس وقد عنعنه.
قال الإمام الطحاوي عقبه: " فبان لنا بحديث عائشة رضي الله عنها أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكره عنه أبو هريرة: " ولد الزنا شر
الثلاثة " إنما كان لإنسان بعينه كان منه من الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منه مما صار به كافرا شرا من أمه، ومن الزاني الذي كان حملها به
منه. والله تعالى نسأله التوفيق.
قلت: ولكن في إسناد حديثها ما علمت من الضعف وذلك يمنع من تفسير الحديث به.
فالأولى تفسيره بقول سفيان المؤيد بحديثين مرفوعين، ولو كانا ضعيفين إلا أن يبدو لأحد ما هو أقوى منه، فيصار حينئذ إليه. ويبدو من كلام ابن القيم رحمه
الله في رسالته " المنار "، أنه جنح إلى هذا التفسير، لأن مؤداه إلى أن الحديث ليس على عمومه، فقد ذكر حديث " لا يدخل الجنة ولد زنا "، وحكى قول
ابن الجوزي أنه معارض لآية * (ولا تزر وازرة ... ) *
فقال: " قلت: ليس معارضا
لها إن صح، فإنه لم يحرم الجنة بفعل والديه، بل إن النطفة الخبيثة لا يتخلق منها طيب في الغالب، ولا يدخل الجنة إلا نفس طيبة، فإن كانت في هذا الجنس
طيبة دخلت الجنة، وكان الحديث من العام المخصوص.
وقد ورد في ذمه " أنه شر الثلاثة "، وهو حديث حسن، ومعناه صحيح بهذا الاعتبار، فإن شر الأبوين عارض وهذا نطفته خبيثة وشره من أصله وشر الأبوين
من فعلهما ".
الآن أتي لنا الألباني ب :
1 - سهيل بن أبي صالح عن أبيه ( 1 ) وسهيل ضعفه غير واحد كابن معين وغيره
2 - عمر بن أبي سلمة عن أبيه( 2 ) قال أبو حاتم : صدوق لا يحتج به وقال ابن حجر صدوق يخطيء
3 - ابن أبي ليلى(3) ذكر الألباني سوء حفظه
4 - إبراهيم بن إسحاق، وهو إبراهيم ابن الفضل المخزومي المترجم في " التهذيب "، وهو متروك كما في " التقريب "(4)
5 - سلمة بن الفضل(5) ذكر الألباني أنه يروي مناكير
6 - ابن إسحاق فإنه مدلس (6)
ثم نقل قول من قال بأن هذا معارض بقوله تعالي : ( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) ) ، ثم شرع في الجمع والتوفيق !!
هل هؤلاء عند الألباني في دينه شهود ثقات عدول أثبات ؟
الإجابة : لا ، هو نقل ما فيهم بنفسه
إذن كيف يضع رواية هؤلاء الذين شهد عليهم نقاد الحديث بسوء الحفظ والترك والتدليس والضعف ورواية المنكرات مع آية من كتاب الله عز وجل ثم يشرع في إيجاد طريقة للجمع بينهما ؟؟
عطف عليها سبحانه وتعالي بيانها فقال عز وجل : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) ) ،
ليس لكل إنسان إلا ما سعي ، فكيف يضع عاقل فضلا علي أن يكون مدع للعلم هذا مع ذاك في درجة واحدة ثم يوفق بينهما ؟؟؟
هذا يدل علي شيئين اثنين :
1 - تغير في العقل
2 - فساد في المنهج
فلو كان العقل غير مشوشاً ما قبل صاحبه هذا
ولو لم يكن المنهج فاسداً ما صحح هذا .
ولا تظن أن الحكم بتغير عقل الالباني وفساد منهجه مبني علي حالة أو حديث ،
فلو أتي هذا الحديث من رواة الثقات الأثبات لم نقبله إلا بعد مراجعة وسبر وعرض لمعارضته الظاهرة للكتاب وإذا أمكن الجمع ،
أما في هذه الحال فلا أجد إلأ أن أقول إنا لله وإنا إليه راجعون .