عضة البرغوث
" لكي لا يتهنى هذا البرغوث بتلك العضة"
المثل الكوردي القائل :" دا ئەڤ لەقە بو ڤێ کێچێ نە مینیت "
بينما كان أحد القرويين الأكراد منهمكا بنقل التبن من البيدر الى المخزن وأذا ببرغوث يعض يده. وما هي إلا لحظات حيث أمسك بها واخذ يفركها بأصبعيه وبكل قوة فماتت من شدة العصر والفرك ولم يكتفي بهذا كله بل رماها وهي مية في مخزن التبن. وبعدها لم يهدأ له بال بل أضرم النار فيها وأخذ يبتسم فرحا لتلك الفعلة التي قام بها تجاه تلك الحشرة. وأخذ ينظر الى ما تبقى من مخزنه المشتعل ونشوة الأنتصار بادية على وجهه ومحياه لأنه أنتقم لنفسه من ذلك البرغوث المتطفل. وألتم الناس حوله مستفسرين عن السبب الذي أدى لتلك الحادثة الطارئة. ولم يكن أحدا من هؤلاء متواجدا في المكان حين شبّ النار فيها, ولم يتوقع أحدا السبب الحقيقي وراء ذلك. وأخذ الفلاح يشير بيده نحو رماد التبن المحروق أمامه ويقول بكل فخر وأعتزاز ويعلنها للملأ بأنه استطاع النيل من ذلك البرغوث الذي تجرأ من عضه وبكل وقاحة فكان مصيره الموت وثم الحرق ولسان حاله يردد هذه الكلمات والتي أصبحت مثلا فيما بعد: " لكي لا يتهنى هذا البرغوث بتلك العضة" وأن لا يكررها ثانية مع غيري. لقد علم الجميع السبب ورفع العتب والعجب. فكلنا يعلم بأن طبع البشر دائما وأبدا هو الأنتقام ولو كان لأبسط وأتفه الأسباب والذرائع. وليس ببعيد فقد فعلها من قبل نيرن الذي قام بإشعال النيران أولاً بقاعدة السيرك الخشبية ، لتنتشر ألسنة اللهب بعدها بسرعة في أنحاء روما، وأستمرت لمدة أسبوع، لتترك عشرة أحياءٍ متفحمة من أصل أربعة عشر حياً هي عدد أحياء المدينة، والتهمت تلك النيران الآلاف من الضحايا، وكان نيرون بجبروته يترقب المشهد اثناء جلوسه مستمتعاً بما يرى على برجٍ مرتفع، بينما تتعالى صرخات الضحايا من جراء النيران التي كانت تلتهم أجسادهم دون رحمة. لقد قيل سابقا : " أن الجنون فنون". ونزوات الأنسان ليس لها مثيل ولا حدود ولا يقف في طريقه موانع ولا سدود وأمثالها في عراقنا كثير وكثير لا يحصى ولا يعد بالعد ولا بالمعدود, وأترك لكم التعليق وأجنبكم الردود لمن باع الذمم وأحرق المواثيق والعهود. يا أخوتي الجود من الموجود والعراقي كله زود ولا تلمه إن جاوز قليلا الحدود وفي عين الحسود عود.
30-5-2017 دهوك: بقلم: أحمد علي
شتان بين النقيضين
الوقفة الأولى : أحجار الصدقة : من يد الأغنياء إلى يد الفقراء في الدولة العثمانية قديما
أحجار الصدقة هي أحجار رخامية كبيرة بطول مترين وبأنواع مختلفة.
أزدهرالعهد العثماني بالأعمال الخيرية التي أستهدفت إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين والتي أولتها الدولة اهتمامًا خاصًا حيث أنتشرت العديد من أساليب الخير والإحسان، والتي هدفت من خلالها تقديم العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين. ومن هذه الوسائل الجميلة "أحجار الصدقة". ولذلك وُضِعت عند رأس كل شارع وحي، وأمام الجوامع والأضرحة. وكان الأغنياء الذين يرغبون بمساعدة الفقراء يضعون ما تجود به أيديهم من أموال في الفتحة العليا للحجر، وفي المساء يأتي الفقراء والمحتاجون ليأخذوا مقدار من المال كي يلبي احتياجاتهم من هذه الصدقات، دون أن يرى أي من المتصدقين أو المحتاجين الآخر، كي لا يعرضوهم للإحراج. ويقول المؤرخون أن هذه الأحجار كانت على الدوام تحتوي على مبالغ من النقود، ولا يسمح الأغنياء لأنفسهم أن تفرغ الأحجار من الأموال، وفي كثير من الأيام كانت النقود تبقى حتى اليوم الذي يليه لأن الفقراء كانوا يأخذون مقدار حاجتهم فقط. فأحجار الصدقة شاهد على العظمة والإنسانية في العهد العثماني وظلت أحجار الصدقة طوال العصر العثماني في تركيا وباقي أيالات الإمبراطورية رمزا للتعاون والتضامن بين أفراد المجتمع وهذه الأحجار المختلفة الأبعاد والتي تتوزع على أبواب المساجد أمام الحنفيات وعلى مداخل المقابر والجسور وكانت الوسيلةَ التي يتم من خلالها إيصال المساعدات الى محتاجيها خفية وبكل سرية. وهي تعبير عن عظمة وإنسانية حضارة بأكملها وشاهد على طيبة المسلمين أيام تلك الدولة االعظيمة. وتعد الصدقة أساسا في الدين الإسلامي كان إتصالها بأحجارحملت إسمها دليلا على التراحم والمودة المتواصل بين المسلمين وغيرهم. وهذه الأحجار تذكر بتلك الحضارة التي لم يكن لها مثيل عبر التاريخ خاصة وأن ذلك التعاون لم يكن يطلب صاحبه مقابلا سوى الأجر والثواب من الله, وهذا التقليد الذي يعتبر واحدا من أقدم وأدق نماذج التعاون بين المسلمين. وتروي كتب التاريخ القديمة أن المتبرعون أحياناً كانوا لا يجدون مكاناً لوضع أموالهم فيها فكانت تتساقط الأموال على الأرض بسبب أمتلاء أحجار الصدقة.
أحجار الصدقة : باب للخير والإحسان في تركيا حديثا
وفي وقتنا الحالي، يمكن مشاهدة هذه الأحجار في منطقة أوسكودار في جامع “خاتون” وجامع “كوجة مصطفى باشا” ومناطق أخرى. وعملت بلدية أيوب في أسطنبول وبمناسبة حلول شهر رمضان المعظم على إحيائها ورغم أن أحجار الصدقة فقدت وظيفتها مع مرور الزمن لكنها تظل حاضرة في كافة أرجاء مدينة اسطنبول شاهدة على العصر، وتكتسب هذه الأحجار قيمة جديدة ومميزة. فهذا التقليد يتم احياؤه كي ينتفع المحتاجون من الفقراء بما يلزمهم من المال من خمس نقاط موزعة على الضاحية يتم ملؤها بالصدقات من حين لأخر. أما الان فأن بلدية أيوب تعمل على التكثير من هذه القطع المخصصة لوضع وأخذ الصدقات والبدء في أرسال نماذج منها الى باقي الولايات الأخرى لتستعمل في مدن مختلفة بنفس الهدف.
الوقفة الثانية : وضع المصارف والبنوك وأحوال الشعب في العراق
ونحن في العصر الحديث, عصر التقنية والتكنولوجيا المتطورة أصبحت البنوك والمصارف في العراق عرضة لشتى أنواع النهب والسطو المسلح أحيانا والأختلاس وغسيل الأموال تارة أخرى, فبدلا من أن تكون مكانا أمينا لحفظ أموال الناس والدولة أصبحت موضع عدم الثقة لدى عموم الشعب. فأموال الدول المانحة وعائدات النفط والأموال المقترضة على المدى البعيد من صناديق البنوك العالمية كلها أصبحت في مهب الريح ودخلت جيوب المفسدين والمتلاعبين بأقوات المستظعفين والفقراء الذين هم بأمس الحاجة لها. شعب بات يعيش على الهبات والمعونات من المنظمات والجمعيات الأنسانية وما تجود به بعض أيادي الخير من هنا وهناك. وفي كثير من الأحايين معظم هذه الأموال تذهب لجيوب القائمين على توزيعها وبالطرق الملتوية والخبيثة التي يمارسونها بحق هذا الشعب المظلوم والمغلوب على أمره. وترى معظم هؤلاء الفقراء يفرشون الأرصفة ويهيمون في الشوارع والحارات وعلى أبواب الأغنياء الذين سرقوهم طلبا لكسب قوت يومهم وبشكل يثير الشفقة والعطف الأنساني.
شتان بين النقيضين القديم مع الجديد هناك وبلا نفط, والجديد هنا في العراق والذي يسبح فوق بحر من النفط. وفي دولة تسترجع قيم الماضي وبأسلوب جديد تشجيعا لروح التكافل الأجتماعي وشعور الثري بمحنة البائس والتعيس. وتجديد القييم القديمة وبشكل حضاري ونحو الأحسن وتعتبر من الخطوات الأيجابية في بنية المجتمع الأنساني أولا والديني ثانيا. وأما عندنا قد أصبح الأخذ بمنهج الأساليب الملتوية والتفنن بطرق الغش والخداع وأبتلاع أستحقاق الشعب كافة من حقه الطبيعي والمشروع والذي يقره القوانين والدساتير الوضعية والشرائع السماوية السمحاء بات أمرا لا يسمح السكوت عليه أبدا. ورغم ذلك, ومهما توسعت الفجوة والهوة بين الطرفين فلابد أن يعود الحق الى وضعه الطبيعي ويحل الصواب ويزاح المعوج عن الطريق وتعود المياه الصافية والنقية لمجاريها الأصيلة والمستمدة من القييم الصحيحة والمستندة على مقومات ودعائم الواقع النيّرمن المفاهيم والمبادئ الأنسانية المعمول بها في معظم الدول.
وخلاصة القول لو! عذراَ قلت لو وبما أنّ ( لو) حرف شرط جازم يفيد التعليق في المستقبل. وأعود وأقول ثانية واكررها للملأ: لو وزّعت ثروات الدولة العراقية وبأسلوب صحيح ومدروس ومقنن حسب الأسس الصائبة المتبعة في الدول المتقدمة في هذا المضمار لأصبح لكل فرد عراقي حجرا ولم أبالغ لو قلت صخرة من الذهب كأحجار الصدقة الكبيرة أبان العهد العثماني وينعم بخيراته وبصورة عادلة وبطريقة منصفة. ولا تبقى محصورة بأيدي القلة القليلة المنتفعة ويحرم الأغلبية المحتاجة منها. ودعائنا الأخيرونقول ملئ أفواهنا هل من مغيث؟ يا مجيب دعوة المظلوم والمحروم, ويا مقلب الأحوال بدّل هذه الطغمة الطامعة والمستغلة, بشخص على خطى الأقدمين من الولاة والحكام والخلفاء على مرالتاريخ المشرق, ويقينا سوف يستجيب الله دعوة الداع إذا دعاه, ولو" ولو بعد حين".
9-5-2017 دهوك بقلم: أحمد علي
رماة الصدفة وحماة الرشوة
"ربّ رمية من غير رام"
والمثل الكوردي القائل" کەو ف داری کەت." أي: " أصطدم الحجل بالعصا" والقريب في المعنى والمغزى والمقصد من المثل العربي"ربّ رمية من غير رام"
ولعلّ الكثير من أعزائنا العرب يرددون هذا المثل ويجهلون قصة وغاية المثل.
بالأمس كان الرماة الحقيقيون قلة قليلة ونادرة وكان يشار لهم بالأصبع والبنان لدورهم في سوح الحرب والوغى وحين يشتد الوطيس بينهم وبين العدو وكانوا يدرأون الخطر عن الوطن ومقدراته. فعلا كانوا حماة يدافعون عن البلد وأهله من الطغاة والبغاة والطامعين في خيرات البلد ونهب ثرواته.
وأما اليوم فقد ظهر بيننا رماة من نوع آخر وصنف مغاير هم رماة الصدفة والوهلة الأولى, جاءوا من وراء الشباك الخلفي حاملين في أيديهم وعقولهم أنواع فنون المكر والغش والنصب والأحتيال, حتى ذاع صيتهم بين الملأ والدنيا أجمع وأصبحوا ممن يضرب بهم المثل في أبتكار شتى أساليب الأبتزاز واالتستر على المفسدين وحماية المرتشين من سرقة أموال الشعب. لقد تخطوا وكسروا وحطموا جميع الأرقام القياسية لموسوعة جينز العالمية حيث توقفت عن العمل في هذا المضمار لأن أرقام رماة الصدفة أصبحت شبه مستحيلة من الكسر والتحطيم مستقبلا.
شتان بين رامي الأمس المدافع عن العرض والقيم ورامي اليوم الذي يصون الفساد والمفسدين ويذود عن الراشي والمرتشين ويحمي القتلة والمجرمين. لقد كثر في بلدي من هذا النوع أعدادا لا يحصى ولا يعد, وقد جاوز الحد, وأخذت القائمة تطول وتطول وبات الكل يستفسر من هو المسؤول؟ أهو الرامي الحقيقي الذي أكتفى وأنضوى وأبعد نفسه وحشر وقبع في زاوية منسية أم هو البهلوان الجديد الذي يرقص ويلعب على كافة أنواع الحبال الغليظة والرفيعة ذهابا وإيابا غير مبال ومكترث من السقوط لأن شلته ومن معهم يساندونه ويشدون من أزره لأنهم شركاء في الكعة الكبرى والوليمة العظمى.
لا يهم من هو المسؤول أهو الرامي الأول أم الثاني, لأن الثاني أستطاع من أنقاذ الأول من الموت حسب قصة المثل! فمن يدري قد يكون الحال أفضل. دع الجميع يرددون معي وبصوت عال كي يسمع من به صمم من عرب وعجم " ربّ ضارة نافعة" عسى ولعل أن تكون نافعة, بل على شرط واحد فقط لا غير أن نجلب دافعة ونجمعهم نحوالرافعة ويرمى بهم بعيدا. ولعل الأمنية تتحقق حسب ما جاء في المثل الكوردي" قد يصطدم الحجل ب عصى الرامي أحيانا." هل يعقل هذا أم هو مجرد وهم أم خيال!
9-4-2017 دهوك بقلم: أحمد علي
شليلة والرأس ضائع ( شليلة وراسها ضايعة )
والمثل الكوردي: "کەس نەشێت چ سەرا ژڤێ پەنگێ هەلکەت"
وترجمتها (لا أحد يستطيع أن يجد رأس هذه الشليلة)
أتحدى وأصر على كلامي بأن لا أحد يتمكن من العثور على الرأس الضائع الرئيسي من خيوط هذه الكرة( الشليلة) التي تشابكت وتداخلت خيوطها بعضها مع الأخرى بعد أن تمزقت بفعل الهواء العاصف الذي رمى بها نحو الأشواك وتقاذفتها مياه الفيضانات وجرفتها إلى واد سحيق ونحو بئر عميق مظلم.
الشليلة أعزائي هو بلدي االغالي بكرده وعربه( و و و) والذي يسمى اليوم (عراق) وكان يسمى (عراك ) حسب رؤية ومفاهيم اللغويين لهذا البلد المنكوب والمغلوب على أمره والذي صار وبات شليلة بأيدي من هب ودب وأراد السوء لها وبأهلها, وطمع بنهب وسلب ثرواتة وخيراته من الدخلاء أو ما يسمونهم بأهل الدار, السارق وصاحب الدار( خابن دار) أو بالأحرى (خائن دار ) الذي تعاون مع الغريب وجاء به كي يرمي بالشليلة في الوحل والمستنقع الضحل والذي أصبح لغزا حير عقول أصحاب الرأي وصانعي القرار من السياسيين كيف يهتدون لأظهار والكشف عن الرأس الحقيقي الضائع من هذه الكرة الشليلية! والتي أصبحت كرة يتلاعب بها سماسرة الحروب وتجار البيت الأبيض والأسود وعاهرات الملاهي الليلية والمقامرين بأقوات الشعب المسكين والبائس التعيس.
لقد أصبح دارنا (خان جغان) او أصبح ولاية بطيخ أو حسب ما يسمونه اعزائنا أهل الجنوب (بديرة بطيخ) او ننطقها نحن الأكراد ب( پەتیخ ). أين الفرق بين الأمس واليوم, بالأمس كان الوالي أو الحاكم العثماني( جغالة باشا ) حيث كان يبحث عن ايجاد مصدر مالي معين له ليسد نفقاته منه وكان يتوجه لزيارة تجار بغداد آنذاك حيث يبادر الى بث شكواه لجمع الاموال من جيوبهم. وكان التجار يتبرعون لجناب الوالي وهكذا كان يستحوذ على اموالهم بمكره وحيله وخداعه عليهم. واليوم اصبحنا تحت طائلة آلاف من أمثال (جغالة) ومن لف لفهم من أبتزاز أموال الشعب المفسدون الجدد. الكل ومن دون أستثناء بإلا او ما شابهها باتوا بشتى أنواع وفنون المكر والخداع يبتزون وينهبون علنا من دون أي وازع ديني, وأخلاقي, إنساني كان أم قانوني. فأصبح العراق جنة أو خان جغان حسب القول الشعبي( هي الجنة ياهو اليجي يدخل بيها ). حقا إنها كانت جنة ولكنها أصبحت نار جهنم على اصحابها الحقيقيين والشرفاء وأصبحنا ككرة القدم يتقاذفه االلاعبون من جميع الجهات وصار حال العراق مثل تلك الكرة التي كنا في خمسينيات القرن الماضي نصنعها بأيدينا من الخرق البالية ونجمعها ونخيطها ونلعب بها وكنا نتوقف عن اللعب حالما تتمزق وتصبح أشلاء. ولكن هذه العصابة والزمرة الباغية والطاغية الآمرة والناهية لم ولن تتوقف عن اللعب ما دامت الكرة تتدحرج والمدرب راض منتهى الرضا عن أداء الفريق الرائع والممتع, ومراقبي الخطوط يتغافلون عن الهفوات المتعمدة والغير المتعمدة, المباشرة والغيرالمباشرة, وحكم الوسط قد أعطى الصلاحيات لكلا الفريقين بأن يرتكبوا أنواع المخالفات لأنه لم يجلب معه البطاقات الصفراء والحمراء بل املى جيوبه بالبطاقات الخضراء لحسن أدائهم المميز والنزيه وسوف لن يوقف المباراة بوقتها الأصلي ولا الأضافي ما دام لم يحمل معه الصافرة فسوف يمدد اللعب ويجعلها تستمر إلى ما لا نهاية, وجمهور الحاضرين لا يعرف النتيجة لأن لا حول له ولا قوة من التأثير بمجريات هذة اللعبة القذرة والتي تبث من على كافة القنوات الفضائية ولجميع أنحاء المعمورة الحية والمقبورة على حد سواء. والكل يرددون المثل الكوردي " هەر وەکی نە ئەو کەر کەتی، نە ئەو هیز دریای" أي ما معناه: " وكأنه لم يسقط ذلك الحمار ولم يتمزق تلك القربة" أو الزق أو حاوية الماء. فمن يبالي أو يهتم بالحمار إذا وقع وسكب ماء القربة ما دام بئر النفط يتدفق والعداد لا يعمل ( شيل عمي شيل إلى أن ينشف البير, والخير كثير, وسركم يغور في نفس البير) لا دير بال هي شليلة رأسها ضايعة.
30-3-2017 دهوك بقلم : أحمد علي
أعلم من أين يعرج الحمار
المثل الكوردي : "دزانم کانێ کەر ژ کیرێ دلەنگیت"
أنا أعلم وأنتم تعلمون والعالم كله بات يعلم ماذا حل بنا نحن شعب العراق المظلوم والمغلوب على أمره. أصبح البلد لعبة شطرنج يتلاعب بها الشياطين كيفما يشاءون وصار الناس بيادق بأيديهم يحركونهم متى أرادوا ذلك. الجميع عرفوا مكان العرج والخلل والكل عرفوا كيف حشروا في بوتقة واحدة وأخذ النار يحرق الأخضر واليابس معا لا يفرق بين أحد. دفعنا ضريبة الدكتاتورية التي مقتناها وناضلنا من أجل أزاحتها عن كواهلنا سنين طوال وكنا ننشد نحو حرية طالما كنا نحلم بها وندعوا لها. فأصبح لسان الجميع يردد مقولة كوردية مفادها المملوح لا يداوى إلا بالمثل أي بالملح نفسه وعينه. وأصبح العراقي بأجمعة لا فرق بين أحد منهم كبلاع الموس ووقعنا تحت رحمة موس الحلاق يفعل ما يشاء, وفي كلتا الحالتين الشعب هو الخاسر الأكبر في هذه المعادلة المركبة والمعقدة والمفبركة من قبل سماسرة وتجارالحروب وبائعي الذمم والأمانة. ورحمة الله على المغني الكوردي الراحل محمد عارف الجزراوي الذي كان يغني بكل حماس وحرقة قلب عندما كان يصل إلى المقطع الذي يقول فيها: " أتمنى من الله أن يظهر لنا في هذا البلد المنكوب والمدمر حاكما عادلا ينصفنا " نعم كانت صرخة في ذلك الحين بوجه كل الطغاة والبغاة قاطبة ونحن اليوم نعلنها للملأ كله لعنة الله والناس أجمعين على كل من أراد لهذا الشعب وبلده أن ينجر إلى هذا المستنقع السحيق والعفن وأدخله في حروب طاحنة فيما بينهم. الكل تحسس موضع الجرح والعرج والكل ينتظر من يأتي لنا بالفرج لا يهمنا من كان أمن الغجر أو من القرچ. والكلام ذو شجون حدث عنهم ولا حرج.
15-3-2017 دهوك بقلم : أحمد علي
"يَصمُّ أُذنا ويضَعُ القير في الأخرى"
" گوهەکێ دگریت، ئو یێ دی قیر پێڤەنا "
كم من الناس في هذا الزمن المتقلب ينطبق عليه هذا المثل الكوردي الرائع بألفاظه والمؤثر بمعانيه. وقد قال الله في محكم كتابه" (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا..) فالجواب هنا واضح وجلي: أن الله جل وعلا بيّن في آيات كثيرة من كتابه العظيم : أن تلك الموانع التي يجعلها على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، كالختم والطبع والغشاوة والأكنة. بل أنهم أشد من ذلك وأقسى وأعنف. وما أستوقفني بهذا الصدد هو سماعي في أحد الأيام ومن على إحدى شاشات التلفاز في زمن الديموغراتية الرعناء في العراق العظيم, والتي جاؤوا بها تجار وسماسرة السياسة ,حين سُأل أحد الشباب عن رأيه بالهتافات التي يطلقها المتضاهرون في ساحة التحرير والمطالبين بالحقوق المشروعة التي ينادون بها. فرد هذا الشاب وبكل عفوية: " كنا سابقا وفي عهد النظام نهاب ونخشى أن نتكلم علانية من بطشه وجبروته والآن نحن نطلقها وبملئ الفم وبصوت مدوي بل لا يسمعوننا. لكم أصحاب الحل والربط, ومن بأيديهم مفاتيح الأزمات ومسببي الكوارث والويلات وخالقي الفتن والنكبات وقد وضعوا في أذانهم وقراَ وقيراَ كي لا يسمعون صراخ هؤلاء المظلومين. قالها الشاب وقد فاحت من قوله رزانة عقل بل لثلة جهل. وإلى متى يظلون على هذا المنوال؟ ويجلبون لنا الأهوال ولا يغيّرون الأحوال. صدق الحكيم الكوردي صاحب القول المأثور حين قال:" کەڕی پڕبێژ بەزاند". أي ما معناه " لقد هزم الأصمُّ الثرثار". لا وألف كلاّ لابد أن يستمع هذا الأصم للقول السديد والرأي الرشيد وأن يزيلوا الغشاوة عن أعينهم والوقر والقير من آذانهم وأن يفهموا لغة التخاطب مع الشعب وإلا فمصيرهم لن يكون بأحسن حال ممن سبقوهم في الظلم والعدوان وإسكات صوت الحق. وفي الآونة الأخيرة لجأ الشعب وبصيغة اخرى فأخذ يعبرعن محنته وبلائه بالصمت ووضع اللصاق على أفواههم عسى ولعلها تدر أو تنفع. وأقول لهم أتّعظوا من هذه المقولة الخالدة: "ما ضاع حق ورائه مطالب".
لعلّها لعلّها لعلّها ولعل الذي عقد الآمال يحلها
وقال بعضهم يصبر صديقا له على ضُر مسَّه ومصيبة حلْت به :
إن الذي عقد الذي انعقدت له عقد المكاره فيك يملك حلها
صبرا فإن الصبر يعقب راحة ولعلها أن تنجلي ولعلها
فأجابه قائلا :
صبرتني ووعظتني وأنا لها وستنجلي بل لا أقول لعلها
ويحلها من كان صاحب عقدها كرما به إذ كان يملك حلها
بقلم : أحمد علي- دهوك – 20-2- 2017
العراق بخير لا يعوزه إلاّ .....
يا جناب الپاشا قبيلة شمر " لا يعوزها إلاّ الخام والطعام وقلة الخرجبة!"
كادت قبيلة شمّر أن تهلك من الجوع والقحط أيام الدولة العثمانية وصار وجودها مهدداً بالتفكك والزوال. عندئذ اجتمعت القبيلة لتدارك الموقف واختارت من أبنائها اكثرهم فصاحةً وفطنه ليحمل مظلوميتهم الى كبيرهم الشيخ فرحان الحليف المقرّب للوالي والذي منحه لقب پاشا و وثلاثمئه ليرة عثمانية نهاية كل شهر ثمنا لولائه وإخلاصه. وفي مضيف القبيلة الكبير, سأل الشيخ فرحان پاشا مندوب شمّر اليه عن أحوال القبيلة فأجابه بسرعة وبمنتهى الصراحة حيث صارت فيما بعد مقولة ومثلا: أطمئن يا محفوظ .. " شمّر بخير وما ينقصها إلا الخام والطعام ....وقلة الخرجبة!"
من منّا من العراقيين أو غيرهم لم يسمع بتلك المقولة الشعبية القوية والمؤثرة والمدوية والتي ذاعت صيتها وصداها بين عامة الشعب وكانوا يرددونها في أغلب المناسبات الحرجة والحساسة ويراد منها كشف وإظهار الحالة المماثلة والموقف المطابق المؤلم والذي يتطلب أبرازه وأعلانه أمام الملأ والمتلقي كي يبين لهم حجم الكارثة والمأساة التي ألمت بهم ووقعت عليهم من جميع النواحي. فكانت كلمة "شمّر" اسما خاصا ومحددا, ولكن بعدئذ أصبح مداه وأبعاده يشمل كل العراقيين أنذاك وإلى حد الآن. لقد قالها ملئ الفم وبأسلوب السخرية والتهكم بأن شمّرلا يعوزه شيء سوى أو إلاّ: فكلمة إلاّ الأستثنائية أصبحت حلقة وصل ما قبلها وما جاء بعدها كي يزيد من قوة التأثير على السامع والمعني عندما أتمها بأن الرعية يعوزها الخام والطعام والأدهى والأنكى هي قلة الخرجية ليضيف للقول قوة ويزيد من حراجة الموقف. أي أن العوز والفقر والحاجة قد أخذ منّا جميعا منتهاه. فأصبحت كلمة " خير" في المقولة في خبر كان ولم يعد لها ايّ معنى ولا وجود ولا قيمة تذكر. رحمة الله على القائل ومن رددها من بعده وتمسك بها وأنصف الشعب وأعطى حقوقه.
ما أشبه البارحة باليوم, الأمس ولّى وذهب ولم يعد, مضى بأفراحه وأتراحه, ونحن اليوم نعيش بعد قرن من الزمان, وعراقنا بشمّره وعربه, بشبكه وكورده, وتركمانه وآشوره وكافة طوائفه ومذاهبه وأديانه يتجه من سيء إلى أسوأ. ألم يتعظوا بهذا القول السديد؟ والمريب في الأمر بأنّ الكل بشكل أو بآخر قد هضم حقوق هذا الشعب البائس المسكين والمغلوب على أمره. فأخذ كل واحد منهم يردد المقولة وبصيغة أخرى وبوقع جديد ولغة ملئها اليأس والقنوط والأحباط. حين تسأله عن الأحوال يرددها بكل ألم وقهر من رحم المعاناة: العراق بخير لا ينقصه ولا يعوزه إلاّ : زيادة في الفساد ونهب أموال الشعب, وتنويع أساليب القتل والخطف والتهجير, وتوسيع دائرة الطائفية والدينية, وكبت أفواه الشرفاء والنزهاء, وأعطاء المناصب للبلهاء وعديمي الخبرة, وأبعاد أصحاب الكفاءة والمواهب الفذة, وأغراق البلد بالديون, وأدخال المحرم والمنوع, وتشتيت نسيجه المتنوع وجعله من بلد الحضارات صاحب القييم والتراث والمجد إلى بلد يعوزه أبسط مقومات الحياة. هل من مزيد؟ بلى وألف بلى, يعوزه المزيد, ليس فيه أدنى شك أو أرتياب. لم يبقى لدينا نفط ولا غاز ولا آثار, لا من قريب ولا من بعيد, سوف يأتي يوم يجف القير في الآبار ونصبح تحت رحمة الدولار, نراه من بعيد بأيدي السماسمرة والتجار.
صار العراق مرعى لمن هبّ ودبّ
لمن عشق خيراته ونهب آثاره وحبّ
إذْ أمن العقاب ولم يخشى سوط الرب
زوّر, سطى, سرق , نهب, وأستلب
فبات الشعب ينشد جزلا من الطرب
أغنية يهلوس بها ويندب حظّه بأدب:
حام الغراب هنا ونعق البوم في حلب
يعوزالشعب بعضٌ من أنواع الجرب
الموت مصيركم , والنجاة لمن هرب
وأبتعد عن هذا الوطن أهجر وأغترب
أين أنتم من كلّ هذا يا عرب يا عرب
8-2-2017 دهوك
أحمد علي
لو كان الغراب دليل قوم دلّهم على الخراب
يقول المثل الكوردي " هەکە رێبەرێ مە عەلو بیت، دێ حالێ مە یێ هوبیت"
ومعناه" لو كان الديك الرومي لنا دليلاَ ومرشداَ, سنبقى على نفس الحال"
يقول الله في محكم كتابه " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ". "وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ"
من دون رقابة حقيقية وفعلية على كافة مناحي الحياة , تخرج من السيطرة والتحكم. فلابد أن يكون الأنسان أولا رقيبا على نفسه, ويحاسب نفسه أمام الله والناس. فأصحاب الرأي والقرار ومن بيده الحل والربط أن يفعّل دور الرقابة في كافة الأجهزة الرقابية لكي يصان حقوق الناس و والعباد. وإلا سيسود الفوضى ويستشري الفساد والأبتزاز بينهم كما هو الآن في عراقنا الذي كان عظيما بكل المقاييس وأصبح من أدنى المستويات على كافة الصعد. قديماَ وفي عهد الولاة العثمانيين كان هناك جهاز من الرقباء يسمونهم ب( السرسرية) وكان عملهم مراقبة أمور السوق من الغش والخداع, ولم يمر فترة وجيزة حتى أصبح قِمّةَ في استغلال مناصبهم في الرشوة وكسب المال. وعلى إثر ذلك شكّلت وظيفة أخرى بأسم ( البلشتية) كي تراقب السرسرية وتحاسبهم على أفعالهم الدنيئة. وما برئ حتى أوغلت هي الأخرى على نفس المنوال. فأصبحوا جميعا "حاميها حراميها". ورغم الغاية النبيلة والشريفة وراء هذين الرقيبين ولكن لسوء استخدامهما أخذ العراقيون يطلقون على كل مفسد وراشي بالسرسري والبلشتي. حيث أصبحت من ألفاظ السب والشتم عند عامة الناس. ويستوقفني هنا مشهداَ واقعيا حين روى لي أحداَ من أقربائي الأكراد بأن أحد رجال الأنضاط في سبعينيات القرن الماضي قد أوقفه حين كان يعبر الجسر القديم فقال له كاكا أي أخي مرّ شخص كردي من أمامي سلمت عليه فتفوه بهذه الكلمة البذيئة ( سرسري ) لمذا قال هذا لي؟ ماذا فعلت له ليصفني بتلك الكلمة ؟ فأبتسم الكوردي وقال له: لا يا أخي أنًه لم يشتمك وهذا ليس من شيم الأكراد, لقد ردّ لك التحية بأحسن منها. معناه " أنت على رأسي " أي بعبارة أخرى مكانك فوق الرأس. شتان بين الأثنين. ويذكرني هنا واقعة شبيهة بما سبق وأيضا وفي فترة السبعينات والتي بحق كانت فترة ذهبية في عمر العراق, راحت ولم تعد. في شارع نينوى وبالأخص منطقة السيرجخانة كان بعض الشباب يعاكسون البنات والفتيات, لذا قامت الدولة بتكليف جهاز من الشرطة كي تحدّ من تلك الظاهرة الطارئة على البلد. فكلف جهاز سمي شرطة الآداب. لمسائلة المسيئن والخارجين على الأخلاق. ولكن ما فتئ أن أصبح هؤلاء الشرطة يتحرشون بالنساء. وحينها كتب أحدهم عموداَ في إحدى الجرائد اليومية وكانت بعنوان" شرطة الآداب بحاجة إلى شرطة آداب" أي بمعنى آخريجب على البلشتية مراقبة السرسرية حسب المفاهيم والأعراف القديمة والجديدة. وهنا للبحث صلة وهنا يكمن مربط الفرس, ففي العراق ليس هناك رقيب ولا حسيب, كلُ من بيده الأمر والنهي يتصرف كما يشاء, من دون وازع ديني أو أخلاقي أو إنساني. من اعلى الهرم نزولاَ, هيئة النزاهة باتت في متاهة, ومجلس النواب اصبحوا أبواقا نعيقهم كالغراب وصل عنان السماء, وقد ملؤوا شاشات التلفاز بعضهم على الآخربالشتم والسباب, وفي قبة البرلمان يصل الحال بهم إلى الضرب واللكم وأستخدام الحراب. وأنا أقول لهم : إذا كان الغراب دليل قوم, سيهديهم إلى دار الخراب. فلا فلحوا ولا فلح الغراب.
ألم تخشوا من الرقيب الأعلى "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".«وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
27-1-2017 دهوك بقلم: أحمد علي
لا يهم من تكن العروسة, فهي مرافقة العروسة
من المثل الكوردي القائل" کی بیکە ئەو بەربیکە" یان "کی بوکە ئەو بەر بوکە"
لقد أخذت لفظة " بربوك" المقتبسة والمعارة من اللغة الكوردية وثم صبغت ووضعت في قالب عربي وأصبحت بعدها من الكلمات المعربة والمركبة من المفردتين الكورديتين الأولى: بەر أي بمعنى أمام والثانية بوک بمعنى العروسة. فتصبح المعنى ديدبانة أو مرافقة العروسة. ومهمتها هي خدمة العروسة من جميع النواحي, وبحكم معرفتها فإنها تكون كالمرشدة لها, تعلم العروسة الأمور المتعلقة بأسرار الزواج من الألف إلى الياء. وأحياناَ ترقص أمامها مع باقي الفتيات لجلب المتعة لها. وعلما بأن هذة اللفظة لم تكن تعني يوما معاني السب والشتم أو الأساءة في اللغة الكوردية ولكن في اللغة العربية أخذت هذه اللفظة معان عدة: مثل بائعة الهوى أو البنت اللعوب أي البولة.أو التنكة الفخارية المكسورة كما يقال في المثل البغدادي العامي بربوك مايغرك! ". أوالبربوك هو فرخ البط في لحظة خروجه من البيضة. أوهي المرأة الثرثارة الكثيرة الكلام بصوت عالٍ ومزعج وتملك اسلوب لأرضاء واقناع اصعب الرجال. او تقال للمرأة عديمة الشرف. أما كلمة بربوك فتطلق على المرأة الفاسدة، وهي آرامية- أكدية، أي منا وبنا، وتتكون من برالآرامية، وبوكا الأكدية والتي ألقاها محمود سعيد في محاضرة عن خصوصية اللهجة العراقية. قدمت في مؤتمر اللغة العربية (جامعة دي بول) في شيكاغو الأربعاء ٢ تموز (يوليو) ٢٠٠٨. فصاحب المقال صال وجال في التاريخ القديم وأكتشف بأنها مكونة من بر الآرامية، وبوكا الأكدية ولم يبرر معانيها لا للقارئ ولا للمستمع, عن علم أو جهل بمعانيها الكوردية البحتة والتي أوردتها في مستهل المقال. وهذا إجحاف بحق اللغة ونقص في الأمانة العلمية. ويقول:حيث توجد في العربية عشرات ألفاظ السباب والشتم، ويذكر أحد كتب التراث، نحو أربعين لفظة، اندثر معظمها، واستبدلوها بكلمات أخرى، لكن أكثر ألفاظ السباب استعمالاً في العراق الحالي هي: سرسري، بلشتي، هتلي، لوتي، بربوك، وكلها انكليزية الأصل إلا بربوك. يا للهول عرف مصدر الجميع ولم يعرف مصدر " بربوك" اللفظة الكوردية الشعب الذي يعيش معهم منذ القدم.
بقلم: أحمد علي- 23-1- 2017- دهوك
الخير والشر
مفهومان متناقضان منذ الأزل, الخير مغاير للشرفي جميع الأعراف والقيم الأنسانية والنصوص الدينية والفلسفية. فالبشر متطبعون بالفطرة أو بالأكتساب لفعل الخيرأوالشرمعا وباتا لا ينفكان من حياته وافعاله على المستوى الفردي والشخصي. وبعدها أخذ يشمل الجماعات والأقوام والأديان والأحزاب وأخيرا الدول منفردة أو متحدة أو متحالفة. فالخير بيّن وجلي على كافة المستويات أفرادا كانوا أم جماعات دين أم أديان دولة أم دول. وأما مفهوم الشرورغم وضوحه للجميع فقد أخذ يتسع ويتمطى في التفسيروالتأويل والتبرير كل حسب هواه ومبتغاه وأهدافهه المعلنة والمبيّة. فأخذ السؤال يطرح نفسه أين يكمن الشر؟ وما هي الدوافع ورائه؟ وكيف يبرر من قبل الجميع وكأنها من المسلمات وحق مشروع للكل وبدون أستثناء؟ شر خلقناه نحن وتفننا في أبتداعه لقتل بعضنا البعض, تارة بأسم الدين والدين براء منهم, وتارة أخرى للدفاع عن شعوبها ومصالحها وهذا كذب وأفتراء لأنهم هم من صنعوا الشرواوصلوه إلى هذا الحد والمستوى, فمهما كانت الأعذار والذرائع والمبررات والحجج الواهنة المكشوفة المعلنة والمخفية. لذا شُنتْ الحروب على الشعوب المستضعفة والمستهدفة مبررين بأنها حروب مقدسة للقضاء على الشر وعليهم أن يتوحدوا وراء هذه المعركة لهزيمة الشر لدرء مخاطر الحرب العالمية الوشيكة التي ستؤدي إلى "نهاية الزمن" للبشرية حسب رؤية الملكة ألزبيث ملكة بريطانيا حين لقائها مع بعض الزعماء الدينيين.وفي لقاء مع بطريرك روسيا ورئيس أساقفة كانتربري، قالت الملكة بالحرف الواحد "يجب على المرء الآن اتخاذ الاستعدادات اللازمة لنقول وداعا لأحبائنا وليس بوسعنا أن نفترض من الذي سيعيش ومن سيموت. الكثير سوف يموت في هذه الأيام الأخيرة " بلدي الحبيب على وشك الدخول في أحلك فترة في الأشهرالمقبلة، حيث ستشن حرب وحشية ومروعة في الشرق." وأضافت: " أنا لست مهتمة بتفاهات عيد الميلاد. وقالت الملكة أنا أشعر بالقلق من العواقب الوخيمة التي نواجهها عندما تدق طبول الحرب اقوى وأقوى من أي وقت مضى". "يجب أن يكون الحرب على الارهاب اليوم بجهد مشترك." هنا أصبح مفهوم الشرأرهابا ومعركة مقدسة حسب مفاهيم دينية. ورددها رئيس أساقفة كانتربري في روسيا حين قال: "هذه ليست مجرد معركة روسيا. " وقال كيريل، مضيفا" انها لجميع البلدان، ونحن يجب أن نتوحد لهزيمة هذا الشر وهذه الحرب أسمه قدوس". بلى وألف بلى انها حرب قدوس ومقدسة حين تقتلون وتشردون الملايين من البشرمن أوطانهم وتحرقون الأرض والنسل وتهدمون البيوت فوق رؤوسهم وتستخدمون كافة الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا والتي جاءت بها بنودكم ومواثيقكم حسب زعمكم. إنه الشر الكامن في نفوسكم, شرٌ زرعتموه انتم في هذا العالم وبدأتم تحاربوه بشتى الوسائل والدسائس. حرب على المصالح ومصادر الطاقة وقتل أكبر عدد من البشر مهما كان دينه او لونه أو جنسه. هذه الحرب ليست حرب دينية كما كانت تحدث سابقا هذا ما صرح به بابا الفاتيكان مؤخرا. ولا يعرف أحد عواقبها ونتائجها على المدى المنظور والمستور. إنها حرب مفتوحة على الجميع, لا يسلم منها أحد لوأستمرت هكذا وإن لم يتدخل الحكماء والعقلاء لوضع حد لها ونهاية لأنقاذ البشرية من هذه الحرب المأساوية العالمية.
31 – 12 – 2016 دهوك
فخ ينصبه من لمن؟
منذ القدم وإلى الآن نصْبُ الفِخاخ هو ديدن البشر, في أول الأمر كان الغاية هو أبتكار أدوات للأمساك بالفريسة في مصائده من أجل الرزق وسد جوعه. وبعدها أمتدت فاخذ يورط من حوله بشتى الوسائل والحيل وينصب لهم الشرَك والأحابيل من أجل الثراء والغنى على حساب الغير. ولم يتوقف عند هذا الحد بل أخذ يخترع شتى انواع السبل والوسائل كي يقود بني جنسه للوقوع بهم في أتون المكائد والخداع من أجل السيطرة عليهم والتحكم فيهم وتوجيههم كيفما يشاء. وفي الآونة الأخيرة أتّسع نطاقها ليشمل الأقطاب الدولية ومراكز صنع القرار فأخذوا يحيكون وينسجون المآمرات والحروب ويخلقون الفتن والنعرات والأحقاد والدسائس بين الشعوب المستضعفة والمضطهدة والمظلومة. لم يكتفوا ولم يتوقفوا إلى هذا الحد بل تعدوها فلجاوا إلى النيل أحدهم من الآخر بشتى الأسباب والذرائع متنصلين من كل القييم والمبادئ الأنسانية واللأخلاقية والدينية. ورغم تفننهم إلى هذا الحد, وفي كثير من الأحيان يقعون هم فيها, لا يدرون كيف ومن نصب لهم الفخ. ولسانهم يقول: فخ نصبه من لمن؟ وقديما قيل"من حفر حفرة لأخيه وقع فيه". و" (الطير بالطير يصطاد) ". واللبيب بالأشارة يفهم.
30 – 11- 2016 دهوك
بقلم \ احمد علي
"خذ الشور من رأس الثور"
" دز وخودان بونە شریک، گا ژکولەکێ دەر ئێخست"
حقا نحن جميعا في حاجة لأخذ الشوروالمشورة من الآخرين مهما بلغنا من الحكمة والفطنة والذكاء, فما بالك لو جاءك شخص شديد الغباء وطلب منك النصح وقد وقع في ورطة أو بلاء. فلا تتردد فبادربإبداء المشورة له مثل الجار أبوالعريف الذي جاء ولبى النداء وبعد أن دخن الهيشي واحتسى أبريق القهوة وتناول أكلة الهريسي عند المرأة القروية حين أستعانت به لأخراج رأس الثور من الجرة من دون أن يكسرها أو يمس الثور بأي أذى. فبعد جهد جهيد وتفكير عميق كي يحظى بأكلة الثريد فطن فقطع رأس الثور وبعدها كسر الجرة وحل المشكلة بالمرة كمن ضيّع الخيط مع العصفور فحين علم الزوج بما جرى بعد عودته إلى البيت فاخذ يردد مقولته المشهورة" خذ الشور من راس الثور" الثور الأول الضحية حيوان أِشتد به العطش فأدخل راسه في الجرة وأما الثور الثاني الأحمق فعلها إماعن قصد اوحمق وغباء وبلادة. ولنا أمثال أبوالعريف الكثير الكثيريطلق النصح ويبدي المشورة ليل نهار من على شاشات التلفاز وينفث من فمه السم والغاز ويعزف كالموسيقار على الوتر الحسّاس الهزّاز ويتلاعب بمصائر هذا الشعب البائس الذي أوقع على رأسه الفأس ونال نصيبه من التعاسة وحبس الأنفاس. فلسان حالهم ملئ اللعنة عليهم فمنهم من يقول كفى يا خنّاس, ألم يكفي ما وسوسه اسيادكم في رؤوسكم من طلاسم وتعويذات. لقد كسرتم جرة العراق الزاهية ولا يستطع حتى الفخاري من إصلاحها ونهشتم لحم الثور ولم يبقى له مكان في الهوروليس ببعيدة قصة هذا الثور العربي بقصة الثور الكوردي حين أتفق صاحب الدار مع السارق عندما ذبحا الثور وقطعوه وأخرجوه من الشباك لا من ( شاف ولا من دري ) ويا أسفي على بلد الجنائن المعلقة عذراَ الملطخة بالدماء واصبحت بلد الدخلاء والغرباء.
19 \ 11 \2016 دهوك
أحمد علي
فوق الحمل تعلاوة
مقولة قصيرة في ألفاظها بل واسعة بمعانيها, قوتها في التعبير الدقيق حين يتطلب الأمر بإبراز الوقع الأليم الذي ينزل على الشخص وفي الوقت المؤاتي والحسّاس. عندما يشتد الضغط والعبء الثقيل وتتجاوز القدرة على التحمل فتخرج هذه العبارة كالسهم الخارق صوب الهدف وتغور في الجسد كحد السيف القاطع. إنها سلاح المستضعف بوجه المستبد والظالم حين يرددها سرّاَ أوعلانية ولسان حاله يقول أليس كافيا هذا الحمل الثقيل وإذا بك تحمّلني فوقها أحمالاَ إضافية. عبء ليس لنا طاقة في حمله فكيف بنا نتحمل المزيد. فعندما نتقبل المر ليس معناه نحن قد رضين به قانعين وطائعين بل لأن الأمرّ منه كان في الأنتظار من الأشرار والفجار. والذي جرى على شعوب العراق أجمع لم يشهد له مثيل في التاريخ القديم والجديد. فوق المحنة بلاء وفوق الضيم شقاء وفوق البؤس عناء. لقد اصابه كل أنواع القسروالأضطاد من شرذمة تنسب للعباد, فألبسهم ثوب الحداد يفرون من واد لواد ليس لهم من هاد. حملهم ثقيل والهم أثقل, تعاستهم صراخ وعويل والفاجعة ليله طويل, ونكبتهم طالت وتطول. وغابت عنهم الشمس والقمرفي افول. ليس لهم حول ولا قوة, فقد أتسعت الهوة ونام أصحاب المروؤة وسكتت شهرزاد عن سرد أحداث القصة لأن فصولها شائكة ومتداخلة ومعقدة والبقية تأتي لأنه مسلسل طويل عنوانه (( قصة لا تنتهي )). وسوف يبقى العراقي تحت وطاة الحمل وأصبحت التعلاوة حلاوةَ يتذوقها ليل نهار في حله وترحاله, حاله حال النملة وحبة القمح في القصة التي رواها العاقل للحاكم فكانت تلك القصة حقاَ قصةَ لا تنتهي.
أحمد علي \ دهوك 13 \ 11 \ 2016
تيتي مثل ما رحتي جيتي
من منا لم يتذكر جابي مصلحة الركاب ( التيتي ) الذي كان يحمل الجعبة الجلدية المليئة بالتذاكر والنقود المعدنية والورقية والمقولة المكتوبة على جدران الباص (ساعد الجابي بأصغر نقد كافي ). وكان ينزل وقت الأزدحام من الباب الأول ويصعد من الباب الآخر وهكذا كان الحال معه حتى أطلق عليه هذه العبارة المضحكة (تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي ) لأنه كان يقوم بهذا العمل مرارا وتكرارا ولكن كان يفعلها بكل صعوبة ولكن الديدي الحديدي الذي وصل باب الجديدي تقدم بسرعة البرق وفعلها بكل سهولة ويسر دخل وأفرغ الباص من الركاب وأجبرهم على المغادرة من دون أي أعتراض. فأخذ الديدي يتجول بكل حرية وأمان وبيده صكوك الغفران يرمي من يريد من العربان في أتون الأفران. ويلعب لعبة العميان مع الصبيان ويرشدهم الى القصوروالجنان حيث الجواري والحوروالغلمان. وأصبحت سبايا الأيزيدي بيد الديدي يفعل بهم ما يشاء ويبيعهم في سوق المريدي بأرخص الأثمان. وأخيرا حرر الدين من الأصنام والأوثان وبادر بالرجوع إلى حيث أتى بعد أن نفّذ المهمة بكل إتقان ووصّل الباص إلى برّ الأمان وكان دخولك إلى الحمام زي خروجه حسب أوامر السلطان. مهزلة ليس من بعدها مهزلة, ماذا فعلت يا ديدي بهذه الأوطان حيث أشبعت نزوات من هم خلفك من الديدان كي تصبح في هذا المسلسل ممثلا تيتيا وحكاية آخر الزمان وبعدها سوف يبدل أسمك و العنوان من سوريا والعراق لأنه حان وقت الفراق وتؤدي المهمة في جزر الواق واق.
17 \ 10 \ 2016
دهوك \ بقلم : احمد علي
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))
أين السلم وأين السلام ؟
من أي دين أو طائفة أو مذهب أو عرق أو جنس كنت:مسلم,سني ,شيعي, ,علوي ,درزي , مسيحي كاثوليكي , بروتستانتي, ارثودكسي , يهودي ,بودي ,زرادشتي, مؤمن,كافرأوملحد,ووووالووات كثيرة.
وطالما هذه التقسيمات والتصنيفات والتفريعات موجودة بفكرنا وخطاباتنا ومعابدنا نحن بنو البشر واهل القتل والشر وكل فئة تقول لنا ( الجنة ) ولكم ( النار ) لا حل ولا خيار ولا فرار إلا بالتفكير والتعقل والتأمل من الواقع الأليم والمر وسيؤدي بنا هذا الفكر الضيق المغلق إلى الأنجرار نحو الهاوية أو قريباً سيقع الدمار الشامل بيننا ويحترق الأخضر واليابس.
لما لا نحيا معا في حب ووئام وطمأنينة وسلام نأكل معا ونعيش سوية مع الطبيعة في تناغم وأنسجام وكأننا عائلة كبيرة من كل أجناس البشر نعيش متحدين في هذا العالم الجميل رغم الحدود المصطنعة والأديان الجامعة , لكم دينكم ولي دين ولا إكراه في الدين ولكم أوطانكم ولي وطني فرب العزة والجلال كفيل بالجنة والنار. هذا ما أوصى به الرسل والأنبياء والحكماء والعقلاء من أمة آدم وحواء سواء بسواء ؟
11 \ 10 \ 2016 دهوك
بقلم : أحمد علي
إذا وقع الثور كثرت سكاكينه
وأخيرا وقعت وسقطت على الأرض يا ( كلكامش ) السومري أبن العراق أبن الرافدين أيها البطل سليل أوروك والثورالنطّاح فكثرت السكاكنين حول رقبتك. إنهض وأستعد للمواجهه وإلا الموت مصيرك وسوف يباع لحمك بأرخص الأثمان, ألم ترى كم جزارا قد شحذ سكينه والكلاب الجائعة في أنتظار الوليمة, والنسور تعلو وترتفع فوقك وكانهم في حفلة عرس, دعوة عامة للجميع لمن له القدرة والمقدرة في الحضور وأخذ نصيبه من العزيمة المجانية وبلا منية, لقد نذروا لحمك لأنك لم تعد تستخدم قرونك القوية فأخذوا بذبحون البقروالجواميس العربية و(چێل ، گامێش ) الكوردية وبغياب( الگاڤان ) أي الراعي الأيزيدي والآشوري والأكدي ووو أصبحت فريسة سهلة لكل من هب ودب وجاء ولب النداء لأنها وليمة بكل سخاء لا ينقطع منه الرجاء. أين أنت يا انكيدو لمذا لم تأتي كي تقف في محنة صديقك الذي خارت قواه بعد أن كان مضرب المثل في الشجاعة والأقدام الذي تحدى الصعاب وجاب البراري بحثا عن الخلود من أجلك وشعبك لقد كان رمزا للقوة والعطاء والآن أصبح مطوقا من كافة الجهات لا مفر ولا مهرب إلا بالنهوض ثانية ويستخدم القرون القوية ويطارد الجميع وبلا تفريق ويخرج من فمه النار والحريق. أنهض وسلط عليهم جام غضبك لتحكم البلد بالقوة القاهرة لتجتث الشر والأشرار ويبقى بلدك للحر والأحرار.
10 \ 10 \ 2016
بقلم : أحمد علي
إلى متى يبقى البعير فوق التل ؟
إلى متى تبقى ( ... ) فوق شجرة العفص؟
عبارة جميلة ورنّانة كنا نردها مع المعلم ونحن أطفال صغار ولم نكن نعرف آنذك في تلك المرحلة المبكرة معناها السطحي اللغوي ولا معناها العميق الأجتماعي والنفسي والفلسفي لأسباب عديدة كوننا أولاَ أكراد لانفرق بين البعير والجمل ولا بين النوق والأبل حتى إلى المراحل المتأخرة من الدراسة. فأخذت هذه العبارة المطاطة تشغل حيزاَ كبيرا عندي في الأستخدام وضرب المثل عند الحاجة وفي الوقت المناسب. فعندما كان يطول بنا المقام في مكان ما كنت أرددها للتخفيف من وقع الوقت علينا. وعند تدريسي للطلاب كنت اُنبه طلبتي بهذه المقولة لرسوبهم سنوات عديدة أو لبقائهم في الأمتحانات من دون أن يكتبوا أي شيىء آملين في الحصول على معلومة من هنا أو هناك.
وبعدها تأتي البعد الأجتماعي من تلك المقولة الأستفهامية. فالخطاب موجه لراعي البعران المكلف بمصيرها فإما أن يبقيها هناك كي تموت عطشا وجوعا أم يأخذها إلى واد سحيق لتلقى نفس المصير. أو يوجهها الوجهة الصحيحة والصائبة نحوالأمان شأنها شأن السفينة حين يقودها الربان نحو بَرّالأمان.
واللأبعاد الفلسفية في المقولة كثيرة يفسرها كل على هواه وحسب ميوله واتجهاته ورغباته. فالراعي هنا يصبح فرعونا أوطاغيا أودكتاتورا, والبعير حميراً يقوده الطاغي كيفما يشاء ويصبح التل دولةً يتلاعب بمقدراتها الباغي حسب نزواته وما يُملى عليه من إملائات فيصبح التل الخصيب مرعى للقريب والغريب. فيصبح الراعي والبعران والتل في خبر كان. وتصبح حكاية يتداولها الألسن في قادم الزمان حكاية البعران والخرفان في كل مكان وزمان.
وأما البعد النفسي فحدّث ولا حرج فالأبل والشعب الفقير سواء بسواء لا فرق بينهم يقتادهم الراعي الخبل كيفما يشاء نحو المصير المجهول. يتقاذفه الوحوش من هنا والغول من هناك ويتيهون في العراء من وقع البلاء عليهم لا حول لهم ولا قوة. فيمسون فريسة لمن يشاء ويصبحون لقمة سائغة لكل طامع غدّار.
فهذه الأبعاد مجتمعة كلها تنصب في بوتقة واحدة وهو الأصرار والامبلاة من الراعي بمصير الذين يرعاهم. فعناده وعنجهيته وغروره وعدم الأكتراث يؤدي إلى جلب الكوارث والويلات والخراب والدمار للبلاد والعباد. يا عباد الله إتقوا الله لا تتخلوا عن بعرانكم ولاتتركوهم فريسة لجيرانكم وغربائكم. فبقاء البعير فوق التل بلا رعاية ومساعدة يشبه وقوع ( رشو الكردي ) في النهر حين طلب الأستغاثة من الذين حوله ولم يبادر أحد لأنقاذه وكاد أن يغرق بعد أن يأس من المساعدة والعون فخاطب نفسه بلهجة المتحدي (رشو إستخدم يداك وإلا فالماء يجرفك والموت مصيرك لا محالة ). وما أشبه المقولة الكوردية والتي يسخرمنها المخاطب بوجه الذي يصعد على شجرة العفص ويتعنت في البقاء هناك مدة طويلة ويأبى النزول منها فيقول له بلهجة الأستهزاء والأزدراء:( إلى متى تبقى فوق شجرة العفص؟ ) ألم يحن الوقت من أن تنزل فبقائك على هذه الشاكلة فوق الشجرة يجلب لك الموت. والفرق الوحيد بين المقولتين هو التل العربي وشجرة العفص الكوردي. فعند دمج المكانين معا يصبحان ( تل عفص ) أي ( گرێ مازیا ).
بقلم : أحمد علي
4 \ 10 \2016 دهوك
الجرأة القاتلة
كم كنت صريحا وجريئاَ في نفس الوقت صديقي حين استأذنت الآمر بعد أن ألقى كلمته القصيرة في توديع وجبة من المقاتلين الأحتياط لجبهة القتال مع الجارة إيران وتأكيده على القتال والدفاع عن (أرض) الوطن الغالي بكل إخلاص وتفاني. فكان قولك كالصاعقة علينا جميعا عندما تفوهت بتلك العبارة الشهيرة والمقولة المدوية على مسمع الآمر وتداولها الجميع فيما بينهم فيما بعد. قلتها من دون خوف أو وجل لأنها كلمة حق في حضرة باطل من الكثرة المظلومة بوجه الجور والظلم الأجتماعي في هذا البلد. قلتها وكان وقعها شديدا ومؤثرا لأنها خرجت من قلب قاسى كافة أنواع الأضطهاد والقسر. أعلنتها بكل هدوء ووضوح بل كانت إنطلاقتها كالرمح صوب الهدف المنشود. سيدي كيف لي أن أقاتل واضحي بروحي وأنا لا املك في هذا الوطن شبرا واحدا وأولاد الأغنياء ينعمون في القصور الراقية ولا يؤدون الخدمة ويستثنون منها؟! نعم ما صرحت به كان محفورا في قلب ووجدان كل عراقي شريف ولكن لم يكن لديهم شجاعتك وجراتك فاشفيت غليل صدور تاقت لتلك العبارة منذ زمن بعيد. ولا أدري يا أخي هل كانت تلك العبارة والمقولة آخر ما تفوهت بها. لأنني لم أراك منذ ذلك الحين.
بقلم : أحمد علي
1 \ 10 \ 2016 دهوك
التعايش السلمي
الحمد لله الذي خلق الخلق جميعاَ من أصل واحد فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ). وجعل الأصل في العلاقة بين جميع الناس التعارف والتعايش والمحبة والإخاء والسلم وبذلك تكون الحروب والفتن أمرا عارضا غير أصلي، وإنما شُرِّع دفاعا عن النفوس والأديان عامة. فالإسلام هو الدين الوحيد الذي قدَّم لنا حلاًّ لتَعَايُش المسلم مع غيره من أصحاب الملل والنحل المختلفة ويرشدنا الإسلام إلى أن الأصل في معاملة الناس جميعًا هو البر بهم، والإحسان إليهم. وقد أوصي عمر بن الخطاب( رض ) وهو على فراش الموت الخليفة من بعده بأهل الذمة خيرًا، وأن يفي بعهدهم، ولا يكلفهم فوق طاقتهم. والذمة معناها (العهد) الذي يشمل التأمين والحماية، وهذا السبق يُعرف في عصرنا بالحقوق المدنية والجنسية. وجعل الإسلام من بين أركان عقيدته الإيمان بكتب الله أجمع ورسله ، ومن ينكر ذلك يدخل في دائرة الكفر. وأباح الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب وتناول ذبائحهم ومصاهرتهم، والتزوج من نسائهم في الحدود الشرعية المسموحة. وحث الإسلام أيضاَ على الترفق في الحديث معهم، ومجادلتهم بالتي هي أحسن؛ لأن في ذلك نزعًا للأحقاد والكراهية والضغائن، وتنقية للنفوس مما يعلق بها من حقد وغل وشر. وكذلك حث الإسلام على توفير الحياة الآمنة لهم، كما حث على الصدق في التعامل والعدل والسلام مع غير المسلمين.فقد قام نظام النبي( ص) على بعض البنود التي نحن في أمس الحاجة إليها الآن ومن أهمها: نصرة الضعيف؛ فالمؤمنون لا يتركون مظلومًا إلا ونصروه، أو فقيراً إلا أعطوه بالمعروف.
أما التعايش السلمي حديثا مصطلحٌ معاصر معناه ومفاده القبول بالآخر المختلف إيديولوجيا ودينيا وعرقيا. بالرغم من التقدم الذي أحرزته البشرية في مجالات احترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات في العيش المشترك، فقد كثرت النزاعات واستمرت ودامت الحروب سنين طوال، وتمَّ الركوب على تلك الآليات الأممية والمعاهدات والمواثيق الدولية، من أجل تدخل الدول الكبرى في شؤون الدول الضعيفة والمضطهدة أصحاب الثروات والخيرات، تحصينا وتمكيناً لمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. وبعد الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق، طفت على السطح الصراعات الدموية الطائفية والإثنية والدينية في المنطقة بأسرها.
ومن أجل تحقيق عيش مشترك تحترم فيه كرامة الإنسان وخصوصيات الأفراد والجماعات وحقوق الأقليات، لابد من توفر شروط تظللها قوانين يحتكم إليها الجميع، وتحترمها الدول قبل الأفراد.
إعداد :أحمد علي
الشال هو الفيصل
منذ بدء الخليقة والى الآن مسلسل إراقة دم الأنسان مستمر و سيستمر إلى ما لا نهاية ما دام البشر يكره بني جنسه. فبدأ هذا المسلسل الرهيب بالعراك أولاَ وثم إمتد للشجار وبعدئذ إلى القتال فأخذ الناس يتباهون ويفتخرون في سوح الوغى حين يشتد السجال بما لديهم من أسلحة فتاكة ويتسارعون نحو ميادين الهيجاء وكأنهم في نزهة أو رحلة صيد. وكم من الحروب شبت وأندلعت لمجرد نزوة أو لسبب بسيط أو لأتفه الحجج والأعذار ودامت سنين وأعواماَ طوال. يا لغبائك أيها البشر ألم تتعظ من الحيوانات المفترسة أنها لا تقترب لقتل بني فصيلتها أبداَ وحتى لو جاعت وأصبحت من الموت يائسة. في حروبكم تبيدون الحرث والنسل, تقتلون الطفل والمسن, النساء والأشجار والحيوانات. أين ذهب بكم حكمتكم , وتتفاخرون بها في محافلكم ومؤتمراتكم وجمعياتكم العمومية والدولية بمنتهى الخسة والدناءة والحقارة. مستوى عقولكم وإن وصلت إلى المريخ والقمر وجاوزت حدود النذالة والغدر, وقتلكم لبني البشر, جرائم لا تغتفر. إتعظوا يا أصحاب العقول الراقية خريجوا الجامعات وحقول الدراسات اللامعة من حكمة هذه الفتاة القفقازية الناعمة حين تدخل بين الحشود المتقاتلة والمتناحرة وترمي بشالة رأسها أمام الفريقين فيتفرق الرجال ويغضون أبصارهم إحتراماَ وإجلالا لمكانة المرأة وقدسيتها. أين أنتم من هذا؟ ألم تستخدموا النساء والأطفال وكبار السن دروعا, واستخدمتم كافة الأسلحة المدمرة والفتاكة التي أنتجتها عقولكم العفنة والنتنة لأبادة البشرية؟ ألم يحن الوقت لتتراجعوا وتستخدموا ما تبقى لكم من عقل ومنطق في البناء والعمران وإسعاد الناس وتجنب الكوارث والحروب والويلات والنكبات وتفيقوا من النوم والسبات وإلاّ فويل لكم ومن لف لفكم وتتدحرج أكبر صخرة في الكون فوقكم إلى أبد الآبدين يا رب العالمين وقولوا معي اللهم آمين من الظالم والظالمين.
بقلم : أحمد علي
23 \ 9 \ 2016 دهوك
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ
للقول والكلام أنواع ودرجات وأشكال مختلفة مع مرالتاريخ. وكذلك الأفعال والأعمال والمبادرات. وهنا أرغب التأكيد على الأفعال الجيدة والمواقف البطولية القيمة والمثيرة. فنوع من الناس قول فقط , لا يتعدى ذلك , يهذي ويثرثر ويملىء الدنيا صراخا وزعيقا شأنه شأن الحمارنهيقا.فلا ترى له من بين الناس خلا ولا رفيقا. لا أمل فيه ولا يُرجى منه أي شيىء. ونوع آخر فعل جريء, يتحرك من دون أن يتفوه بكلمة ويؤدي ما عليه على أحسن ما يكون. ولا يجلب الأنتباه إليه.فعله صمت وإقدامه يَسُرُّ الأهل والبنون. وأما النوع الآخر يعلن القول ويجهره للملأ ويحذر المقابل بما سوف يفعله في قادم الأيام, أنه بكل معنى الكلمة قول وفعل, لا يرمي القول جزافا ليس لديه خشيةَ ومخافا. فعله يؤكد كلامه, وبها يَعْلو شأنه ومقامه. وتبقى ذكره مع مر الزمن. وأما الأدهى فهناك نوع آخر ليس في العير ولا في النفير, لا قول له ولا فعل. ولا يُرْتجى منه حتى في تقشير البصل, الجيد فيه كسلٌ وخمولْ, هابط العزيمة لا أمل فيه ولا يتوقع منه المأمول. ينساه التاريخ ويُرمى في سلة المهملات. واللبيب في العراق يفهم. فلدينا أُناس في مواقع المسؤولية " صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ".
بقلم : أحمد علي
21 \ 9 \ 2016
لا شك أنت مجنون
جاء أحد المتشككين إلى مجلس أحد الفقهاء ، فلما جلس، قال للفقيه : إني أغتسل في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك : هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟ فقال له الفقيه : اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة. فتعجب الرجل وقال وكيف ذلك؟ فقال : لأن النبي (ص ) يقول: " رفع القلم عن ثلاثة : المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا مثلك ويشك هل أغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون. بلى لقد اصبح الجنون عندنا فنون. نطلب منك يا مفتي الحق والعدالة وفقيه الدين والدنيا أن تُفتي لنا بعُجالة ما مصير الذين يعتمرون ويحجون كل عام في محرم ورجب من أموال الشعب المحروم من أبسط القيم الأنسانية. يا للعجب كيف يسمح لهم ضمائرهم الميتة أن يخادعون الله بعد أن خدعوا الناس وجلبوا لهم الويل والويلات وكل أنواع النكبات. وذهبوا كي يرموا الجمرات ويرجموا الشيطان. والله أن الشيطان بريء منكم لأنكم أنتم علمتموه أساليب المكر والخداع. فشعب العراق أولى بأن يرجموكم بالحصى والحجارة ويرمى بكم من أعلى المنارة. بأي وجه وبأي حق وعلى اي مذهب تلبسون الأحرام وأيديكم ملطخة بالدم والأجرام. والله كم أغتسلتم وبأي ماء إنغمزتم ولو بماء زمزم فلن ولن تتطهروا ولن تمحى ذنوبكم وخطاياكم, شرّكم وشروركم. صلفكم وغروركم ينحوا بكم نحو الهاوية وتصْلوْن نارا حامية. فالنائم سوف يستيقظ والصبي الصغير سوف يبلغ سن الرشد ويتعرف ما حل بهم وأما المجنون فلعلّه يفيق من جنونه, بل أنتم فقد وصل الجنون حداَ لا شفاء منه والبله لا مدى له, والله انتم أهل له.
18 \ 9 \ 2016 دهوك
أحمد علي
( اللي اختشوا ماتوا )
صدقت يا عاملة الحمام بهذا القول السديد والمؤثر كوقع الحديد وكان ردك على السؤال وجيزا مختصرا ومفيدا. نعم وألف نعم فمن أستحت ظلّت في داخل الحمام حينما شبّ النار فيها تصرخ وتصيح فكان الموت هوالنصيب ومن خرجت وهي عارية خوفا من الموت بقت على قيد الحياة. شتان ما بين هذين المشهدين المبكي والمضحك في آن واحد. نعم هذا هوحال العراقي فمنهم من خرج وولى وترك أعز ما لديه وفضل الحياة على البقاء داخل أتون النار كي يحترق وأما الذين إختاروا البقاء مكرهين فكان حصتهم الحرق والقتل والتهجير والسجن الرهيب وفقدان العزيز والحبيب. نعم إنه عجب العجيب, يأتي الغريب من كل فج عميق ويحشرك في واد سحيق. يقتلك بأسم الدين وبعدها يلبس الأحرام ويحج بيت الله العتيق. ويل للفجرة انتم والله كفرة كم أرقتم دماء البررة. وإن طال ليلكم الأسود الشنيع فنهارالمظلوم قادم ليس له منيع ويُلقى بكم في بئر رادم وليسوا على فعلهم نادم. رسول الله بريء منكم وللبيت رب يُحميه وسوف يُريكم أي منقلب تنقلبون يا ظلمة ويا ظالمون.
بقلم : احمد علي
تحيا العدالة وسحقاَ للنذالة
يا للهول و يا للكارثة , اين انت يا مثنى إبن حارثة الشيباني أنسيت أن بلاد العرب أوطاني , قم من قبرك أيها الرابي حمو, عذرا أيها المربي لقد قرأت إسمك معكوساَ لأنه أصبح عندنا كل شيء يسير عكس الأتجاه , حمورابي ابو مسلة القوانين اليوم طبقت سننك لأول مرة في عراقنا العظيم على طفل نازح من الضيم, ولم يجد لقمة العيش فسرق علبة محارم وأودع السجن هذا الطفل السارق, وحُكم عاما ويا له من قضاء خارق. تحيا العدالة يا قاضي العجالة وسحقاَ للنذالة , ألم يكن فعله سوأَ بجهالة ؟ لمذا لم يشمل بكفالة؟ أين أنتم يا نزاهة ؟ سرق ونهب العراق وأنتم في نزهة ونقاهه, ولصوص البنوك علانية وبكل وقاحة , نهبوا العراق وأنزلوا بالشعب المجاعة والفاقة. أصرخ أصرخ يا حمو بأعلى صوتك في أذن مدحو النائم نوم أهل الكهف وساكت عن اللهف وملفات الفساد وصلت حد الكتف. وقل له إلى متى يبقى البعير فوق التل؟ ألم يعلم بأن الشعب كلّ وملْ, وإلى أي مدى يبقى ويظلْ من غير حلْ؟ ألم يجدر بذلك القاضي العاطل أن يحذو حذو ذلك القاضي الأجنبي العادل الغير المسلم الذي حكم على سارق رغيف خبز بعشرة دولارات , وبعدها خاطب جمهور الحاضرين في قاعة المحكمة بأن هذا الشخص الذي سرق ولم يتمكن شراء رغيف الخبز يحتاج للمساعدة. فقال للحاجب افتح القبعة فمد يده ووضع عشرة دولارات فيها وقال له إذهب للحاضرين ليجمعوا له لكيلا يفعلها ثانية. تحيا عدالتك فإنها شبيهة بعدالة قضاتنا القدامى, يا ندامى ألم يحن وقت الندم و الندامة؟!
بقلم : احمد علي
صـوت صــفير البلبل
كم كنت جريئاَ يا أصمعي في موقفك حين تمكنت من فتح أبواب الرزق ثانية للشعراء بقصيدتك الملغمة التي لم يستطع الخليفة المنصور من أن يفك رموزها ويتمكن من حفظها التي مطلعها : صـوت صــفير البلبل هيّج قلبي الثَمِلِي. من منكم لم يسمع الأغنية الموصلية الرائعة " يردلي يردلي كم يار دلي" التي هزت مشاعر ووجدان أهل الموصل أكانوا عرباَ أم أكراداَ, تركماناَ أم شبكا ,إيزيديا كان أم مسيحياَ بلا إستثناء. ومن منكم لم يسمع أنشودة : الله يا ديرة هلي الأهوازية الرائعة ومن منكم لم يطربه صوت سعدن جابر: يا طيور الطايرة مري بهلي يا شمسنا الدايرة ضوي لهلي. يا وسفة ويا حسافة يا أهلنا أين كنت وأين أصبحت وماذا سيحل بك. فلم يعد يغرد صوت صفير البلبل, ولم نعد نتغنى بكلمات يردلي, ولا بأبيات يا ديرة هلي ولا نرى أين طارت الطيور ولم تعد تمر بهلي. الى متى يبقى الليل يجثو ويمتد ويطول, ألم يحنّ الموعد يا قيس أن تكررها ثانية وبكل قوة وتنشد" ألاَ أَيُّـهَـا الـلَّـيْـلُ الـطَّـوِيْــلُ ألاَ انْـجَـلِــي" قل لهم إفرنقعوا عنّا وأذهبوا من حيث أتيتم وأتركوا هذا الشعب الغلبان فقد نال منكم أَنْـوَاعِ الـهُــمُــوْمِ لِــيَــبْــتَــلِـي ليعود ثانية كي يعيش بوئام وسلام وصفاء ويسمع صفير البلبلي ويغني لديرة هلي ويطرب أهل الموصل الحدباء اغنية يردلي ويار دلێ.
بقلم : احمد علي
رب صورة تغني عن ألف كلمة
يا لسخرية القدر, يا محول القلوب والعقول, يا مبدل العواطف و الميول , يا مغير المواقف والحلول , تحول قلب البشر من العطف والحنان الى القسوة والطغيان, وتحول مخه وعقله من البناء والعمران نحو الهدم وخراب الأنسان, تبدلت مشاعره وأحاسيسه من الشفقة والرحمة صوب الظلم والقسر, وأتجهت من الخير والبر ومالت بأتجاه القمع والقهر, وتغيرت التوجهات من الخلق والأبداع موغلا في النهب و السلب وإفساد الذات, وأصبح بدلا أن يكون حلاَ للمشاكل وصنع القرار أخذ يخلق الويلات والفتن والقتل و التشريد والتنديد والتنكيل والتهديد وإذكاء النعرات والثارات وجلب الويلات للبلاد والعباد وتوغل وصال وجال في الفساد, وابدع في فنون الأبتزاز والسرقة وأنتهاك الحرمات, من زمرة شبيهة بالحثالات خريجوا الحانات والبارات. إلى أين و متى ؟ يحدوا بكم ضمائركم العفنة والنتئة. ألم يكفيكم ما بلعتم ونهبتم ثم نمتم قريري العيون والجفون, ألم يهزكم صراخ الأطفال وأمهات الثكالى وأنين الجرحى والجياع . نعم ! لم ولن يفزهم أصبحوا كأهل الكهف وفي آذانهم وقر لا يخشون زمهريرا ولا يهابون سقر. ومن الله أين المفر , يا غجر ويا تتر؟!
احمد علي
لا من شاف ولامن دري
في السبعينيات كنت أملك في مكتبتي المتواضعة كتاب بعنوان ( دروب السياسة وأفاعيها ) ومصمم غلاف الكتاب رسم بكل ذكاء مجموعة من أنواع الأفاعي المتداخلة فيما بينها وكأنها خيوط نسجت وحيكت بعناية فائقة وقد التفت الواحدة مع الأخرى ولا تستطيع أن تميز الرأس من الذيل. وفي حينها كنت أيضا لا أفرق بين الساسة و السياسي ولا أعرف الفرق بين الحية الرقطاء والأفعى السوداء السامة إلا بعد مرور السنين. فالسياسة هي أن تسايس الناس كي توجههم نحو أهدافك وغاياتك. وأما الساسة تعني جمع سائس الخيل أو بمعنى القائد. وفي كلتا الحالتين فإنه يوجه ويقود.فحين يتيه االسياسي الغير المحنك في الدروب يوجه شعبه كالغراب نحو الخراب. وإن تفوق بدهائه فيجر شعوب أخرى إلى الدمار والهلاك. فترى القادة الكبارأقطاب السياسة يجتمعون في السر ويتحدثون بمنتهى الهدوء والصمت يتفقون وإن أختلفوا فيما بينهم على خراب ما يودون . يؤججون الحروب والويلات لتصل ضجيجها إلى عنان السماء ويتباكون بعدها على الضحايا ومثلهم كالشخص الذي يقتل الضحية ويمشي في جنازته ( لا من شاف ولا من دري ) حاله كحال بطل المسرحية الهادفة ( شاهد مشافش حاگە ) ، ويظل المجرم مخفيا ويغلق الملف باجمعه ضد مجهول ويضيع الفاعل الحقيقي ويظل يكرر فعلته كالسائس يجول هنا ويصول هناك والتعيس والبائس يصبح في خبر كان ولا يبقى له أي مكان من الأعراب.
7 \ 9 \ 2016 احمد علي
الغاية تبرر الوسيلة
السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
نعم يا أبا تمام في حينها كان السيف هوالسلاح البارز. وبعدها أخذت الأسلحة بالتنوع مع مرالسنين وبتطور فنون وجنون القتال والحروب. لا يمر يوم دون أن يخترعوا نوعا جديدا لأبادة البشرية وقتل الشعوب المضطهدة بدلا من سد جوع البؤساء والتعساء. لما لا تنزع هذه الأسلحة التقليدية ويستخدم السلاح الأكثر تأثيرا عند الحاجة والضرورة القصوى. ألا وهو سلاح الحذوة , من منكم لم يسمع بمداس أبي القاسم الطنبوري وما جلب له من متاعب فأصبح مضرب المثل. ألم يستخدم خروتشوف حذائه أبان الحرب الباردة في منبر الجمعية العامة بوجه الوفد الفليبيني وبفعله هذا أدهش الحاضرين وسميت تلك الدورة بدورة حذاء خروتشوف وكان وقعه اكثر قوة من السلاح النووي ورغم قوة الدول العظمى آنذاك. وضرب المواطن الكوردي جاتين أشك وزير التربية التركي بالقندرة للتعبير عن موقفه الرافض تجاه سياسة تركيا الخاطئة نحو الكرد. وما فعله الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي رمى فردتي حذائه على الرئيس بوش في حفل التوديع وكان وقعها قويا عليه وعلى العالم أجمع حيث أعتبر من الأسلحة الفتاكة التي استخدمت ضد أمريكا واذنابها. لأن الذين قاموا بالتفتيش لم يتوقعوا أن هذا السلاح البسيط مرّ من أمامهم وسيرفع بوجه أعظم دولة تملك السلاح. بهذا الفعل دخل منتظر التاريخ من أوسع أبوابه, ويظل ذكرى جرأته البطولية مع مرالزمن. فعلا لقد طبق مقولة المفكر الأيطالي ميكافللي " الغاية تُبرّر الوسيلة " نعم كان أهدافك أغلى فبتلك الوسيلة البسيطة ولم يتخذوا منها الحذر والحيطة, لذلك حققت بها أسمى و أقوى الغايات.
بقلم : أحمد علي
ليلى في العراق مريضة
يرحل عيد ويليه عيد, ونازح العراق عن داره بعيد, لقد ناله ضيم وفيه تجديد, يُهدد تارة بالوعد وأخرى بالوعيد, لمن يشكوهمه فقد سفك دمه , والآذان عند أهل الحل والربط قد بات في سبات عميق, يعيش في برج عاجي وحاشرٌ الشارد عن دياره في وكر من الخيم في واد سحيق كقوم موسى يعيش على الخيرات والهبات من المن والسلوى والحلوى !َ! منُّ يمن عليه هلال , ومسرة تُمنح من صليب والأطفال محرومون من العلاج والحليب.أين أنت يا موسى ؟ لما لم تأتي وتشق بعصاك البحر, ألم تدري بأن فرعون طغى وبغى, ومنع أهل السحر وأنزلهم في القبر. نطلب منك العون فلم يبقى لدينا الصبر. السليم صار معلولا والمعافى مشلولا وظلت ليلى في العراق مريضة وكسيحة تأنّ وتنادي أين الطبيب المداويا. إعلم يا كليم الله لم يبقى عندنا طبيب يُشخّص الداء ويفطن إلى الدواء لأن الطبيب نفسه عليل ومرضه سُلٌ سليل, فإلى متى تبقى ليلى تصرخ وتصيح ونبقى نحن كأبي الأنبياء كي نُرمى في النار من الزوار كالمغول والتتار ومن سيفهم المسلط البتّار.
بقلم : أحمد علي
تاريخ للبيع أم أطفال للبيع
تحتفظ الدول المتقدمة وخاصة الأستعمارية منها بأرشيفها القومي في غاية السرية والكتمان ولا يحق لأحد الأطلاع عليها إلا بمرور فترة لا يقل عن 50 عاما وبعدها تصبح في متناول الجميع لمن اراد البحث فيها حيث يصبح تاريخا للبيع وسبب ذلك يعزو أن الذين ساهموا في تلك الأحداث ماتوا أم لم يبقى لهم أي تأثير في سير الأحداث. أسرارهم غالية وعزيزة أما نحن فنعرض أطفالنا للبيع والذين لم يتجاوز أعمارهم عدة سنين ولم يلقوا من حنان وعطف الأبوة إلا اليسير يا فجاعة الوالدين بهذا الموقف الدامي والمبكي. أيجوز هذا؟ ويحصل في العراق بلد الخيرات والنعم وأهل الزاد والكرم. من سمح لكم ان تفعلوا هكذا بشعب القيم ؟ بأن يقدموا على هذا الفعل الكريه والمنافي لكل الأعراف الأنسانية. بأي قيم ودين تباع النساء في سوق النخاسة بالمزاد العلني وبأبخس الأثمان كأنها الخرفان والطليان وعلى مرمى وأنظار الجميع . شعب يباع ويشترى وكرامة تداس وتهان. شعوب تحتفظ بارشيفها ونحن نبيع عزنا وشرفنا وأخلاقنا وفلذات أكبادنا ويل ويل للمتسببين! والمتربصين. تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* نعم تبت يداكم ويمناكم وجهنم تتمناكم لتنالوا جزائكم في الدنيا والأخرة.
بقلم : أحمد علي
المالكي.. لا في لا في العير ولا في النفير
في هذا الزمن المتقلب والهزاز تلقى الكثير من ليس لهم مكان لا في العير مع الأبل والحمير ولا في النفير في معمعة القتال وضرب السيف والتكسير. أي بأبسط تعبيرلا تراه هنا مع البعير ولا هناك مع التغيير. ضئيل لا نفع فيه, يشمئز منه البعيد ويحتقره القريب ليس له خلُ ولا نسيب. لا يُرْجى منه منفعةٌ ولكن مضرّته كثير, ينتهز الفرصة بالمكر والحيل والخداع كي يصطاد في الماء العكر, تارة يميل وأخرى يجول ويمثل دور الحقير, يُعكّر الماء الصافي في البير. يرقص منفردا كالبهلوان فوق الحبل ويلعب لعبة الخنزير, يدوس ما يقع أمامه ويسير. لا يبالي لأن ليس لديه فيها لا ناقة ولا جمل, يظهر وكانّه الحمل الوديع, يخون نفسه ويخون الجميع. ليس لديه ذمةٌ ولا أي ضمير. إن كنت تدري من هم فتلك مصيبة وإن كنت لا تعلم فالمصيبة عظيمة وعٌسْرٌ عسير, فمنهم الكثير الكثير. دير بالك وتوعى وأحذر وأنتبه لا تكشفهم, دعْ سرّك في أعمق وأضيق بير.
بقلم : أحمد علي
إحنا دفنينه سوا
يقال أن أخوين كان يملكان حماراً يقضى لهم الحاجات فسموه من كثرة الأعمال التي يقضيها أبو الصبر ومرت الأيام ومات الحمار أبو الصبر. حزنوا عليه حزناً شديداً ودفناه كما يدفن الإنسان وجلسا بجوار قبره يبكيان، وكل من يمر عليهما يندهش ويسألهما عما بهما، فيجيبان " مات أبو الصبر الذي كان يقضي لنا الحاجات". فظن الناس أنه شيخ وبدؤوا بجمع التبرعات للشيخ أبو الصبر وشيد الأخوان بناءَ للشيخ ، وزاد العطاء والهبات من أجل بركة الشيخ أبو الصبر إلى أن جاء يوم اختلف فيه الأخوان على اقتسام الأموال، فقال أحدهما للآخر: "والله سوف أشتكيك للشيخ أبو الصبر"، فضحك الآخر وقال: " أي شيخ يا أخي ما إحنا قد دفناه معا َ". ما بالك يا شعب العراق وإلى متى تبقى تصبر كما صبر الحمار أبو الصبر ومات من شدة التعب والعمل المضني.فإنك ياعراق تموتين كل يوم الف مرة وشعبك يدفن وهو حي ولم يبكي ولم يحزن عليهم أحد.نهبوا ثرواتك وعاثوا في الأرض فسادا ودفنوا أموالك في جيوبهم كما دُفن أبو الصبر. وحتى استغلوا موتك وضرب بك المثل. فأصبح العراق وشعوبه مثلك مضرب الأمثال يداولها الناس هنا وهناك. وسيتناقلها الأجيال, جيلا بعد جيل كيف دُمّر هذا الشعب الأصيل. حين ألبسوه لباس الذل والهوان وضيّع منه الأمن والأمان, ونال الكفاية من العوز والحرمان. إنّه زمن الخسة , والنذالةُ هي العنوان. يعيش فيها الجبان وكأنه البطل المغوار يعطيك من طرف اللسان كلاماَ معسولا ويروغ عنك كما يروغ الثعلب المكّار. بمكره يدفن الحمار ويلبس ثوب الوقار كي يُملي جيوبه بالذهب والدولار. إلى متى تبقى ولم تخشى قدرة القهار وانتقام الجبار. مهلا وصبرا يا أبى الصبر يا شعب الوفاء والأنتقام أصبر فسيف الله منتقم وبتّار يمحي ويبيد ويبقى الأحرار والأبرار والأطهار ويرمي إلى أسفل الدرك بالأشرار حيث لا مفرّ ولا فِرار.
بقلم : احمد علي
16 \ 9 \2016