ملخص محاضرات المنهجية القانونية
لطلبة السنة الأولى ماستر
تخصص: قانون الأعمال
السنة الجامعية: 2017-2018
إعداد: أ. بوصيدة فيصل
6- المنهج الاستقرائي
الاستقراء Induction:
يمكن تعريف الاستقراء على أنه "عملية ملاحظة الظواهر وتجميع البيانات عنها للتوصل إلى مبادىء عامة وعلاقات كلية، أو هو قيادة العقل للقيام بعمل يؤدي إلى الوصول لمبدأ أو قانون يتحكم في الجزئيات التي تخضع لإدراكنا الحسي".
في المنهج الاستقرائي ينتقل الباحث من الجزء إلى الكل، أو من الخاص إلى العام، حيث يبدأ الباحث بالتعرف على الجزئيات ثم يقوم بتعميم النتائج على الكل، ويشمل الدليل الاستقرائي الاستنتاج العلمي القائم على أساس الملاحظة والاستنتاج العلمي القائم على التجربة بالمفهوم الحديث للملاحظة والتجربة.
وقد قسم أرسطو الاستقراء إلى نوعين: الاستقراء الكامل والاستقراء الناقص.
الاستقراء الكامل: هو استقراء يقيني يقوم على ملاحظة جميع مفردات الظاهرة موضع البحث لإصدار الحكم الكلي على مفردات الظاهرة. وهذا يبدو غير عملي من الناحية الواقعية لما يتطلبه الاستقراء الكامل من القيام بملاحظة كافة عناصر الظاهرة. وهناك من يعتبر الاستقراء الكامل استنباطا لأنه لا يسير من الخاص إلى العام بل تأتي النتيجة مساوية للمقدمة.
الاستقراء الناقص: وهو استقراء غير يقيني حيث يقوم الباحث بدراسة بعض مفردات الظاهرة دراسة شاملة ثم يقوم بتعميم النتائج على الكل، فالباحث ينتقل من المعلوم إلى المجهول.
عموما:
- المنهج الاستقرائي هو ما يسمى المنهج التجريبي لأن التجربة هي عملية استقرائية أي تحاول الانتقال من نتائج جزئية إلى تعميم النتيجة على كل المفردات.
- المنهج الاستقرائي هو عكس المنهج الاستدلالي (الاستنتاجي أو الاستناطي) لأن هذا الأخير يقوم على الانتقال من الكل إلى الجزء، فالنتيجة دائما موجودة في المقدمة.
والسؤال هو: كيف يتم الاستفادة من المنهج الاستقرائي في الدراسات القانونية؟
نلاحظ أولا أن أي بحث علمي هو عملية تقصي الحقائق، وذلك بجمع العديد من الحقائق وتركيبها وصولا إلى نتيجة، ولذلك فالبحث العلمي في ميدان القانون هو غالبا يكون عن طريق خطة بحيث أن كل جزء من البحث يغطي جزءا من الإشكالية ليصل في النهاية إلى الإجابة عنها.
إن الدراسات التأصيلية هي نموذج حي للدراسات التي يستخدم فيها المنهج الاستقرائي حيث يتم بحث المسائل القانونية الجزئية أو الفرعية المتشابهة بغرض وضع حكم عام يشمل هذه المسائل وغيرها من المسائل المماثلة الموجودة وقت إجراء البحث أو التي توجد فى المستقبل. أي أن هذا المنهج يتناول الفروع أو الجزئيات لينتهى إلى صياغة نظرية عامة. (هناك عدة دراسات تأصيلية في القانون: ابحث عنها).
وفقاً لهذا المنهج يقوم البحث بدراسة المسائل القانونية الجزئية أو الفرعية المتشابهة دراسة معمقة ، وذلك بغرض الكشف عن القاسم المشترك بينها ، ومن خلال الربط بين العلة والمعلول ، أو بين السبب والمسبب، ثم يخلص من ذلك إلى وضع قاعدة عامة أو نظرية عامة تحكم هذه المسائل ونظائرها، مثل نظرية الشروط أو الأركان المفترضة في الجريمة، ونظرية القصد الجنائي الخاص أيضا.
ومعنى ذلك أن هذا المنهج يهدف إلى رد المسائل القانونية الفرعية أو الجزئية إلى أصولها القانونية، أى إلى القواعد القانونية العامة أو الأصلية التي تحكمها، ومن هنا سمى هذا المنهج فى مجال القانون بالمنهج التأصيلي، في حين أنه يسمى فى مجال العلوم الأخرى المنهج الإستقرائي.
فجوهر هذا المنهج إذن هو الانتقال من الجزئيات إلى الكليات، أو من الفرع إلى الأصل ، أو من الخاص إلى العام .
ومن تطبيقات هذا المنهج فى مجال القانون المدني أن يقوم الباحث بدراسة موضوع التفاوض على العقد ، فيتقصى حقيقة التفاوض على العقد في مجالات التعاقد المختلفة، ويعرض للآراء الفقهية التي قيلت فى هذا الشأن، ويتتبع موقع القضاء والمشرع في هذا الخصوص، لينتهي إلى صياغة نظرية عامة تحكم التفاوض على العقد في كافة مجالات التعاقد، فتحدد بشكل عام طبيعة العلاقة بين الطرفين المتفاوضين، والالتزامات التي تقع على عاقتهما أثناء التفاوض، والمسئولية المترتبة على قطع المفاوضات (انظر دراسة كاملة عن هذا الموضوع في هذا الموقع من إعداد الدكتور بلحاج العربي).