المرحلة التحضيرية
الوقائع:
- قبول الطالب (ب.ج) في قائمة الطلبة المقبولين للالتحاق بالماستر للموسم الجامعي 2014-2015 بإحدى كليات جامعة سكيكدة .
- 06/08/2014: تقدم الطالب إلى بيداغوجيا الجامعة لأجل استكمال التسجيل، ورفض الإدارة تسجيله بدعوى أنه لا يحق له التسجيل إلا بإحضاره شهادة انتداب من الجهة التي يعمل لديها باعتباره موظفا.
- سعي الطالب عن طريق محضر قضائي لتمكينه من القرار الإداري المتضمن رفض تسجيله، ورفض الإدارة تمكينه منه، (مبين عن طريق محضر إنذار مؤرخ في 07/08/2014)
الإجراءات:
- 11/08/2014: رفع الطالب (ب،ج) دعوى إلغاء ضد القرار الرافض لتسجيل الطالب أمام المحكمة الإدارية بسكيكدة.
- 05/01/2015: فصل المحكمة الإدارية بسكيكدة في دعوى الإلغاء بالحكم محل التعليق.
الادعاءات:
- يدعي الطالب (المدعي) على الجامعة (المدعى عليها) عدم صحة القرار الرافض لتسجيله لمخالفته أحكام القرار الوزاري رقم 363 المؤرخ في 09/06/2014 المتضمن شروط التسجيل في الدراسات الجامعية لنيل شاهدة الماستر الذي لم يتضمن شرط شهادة الانتداب للتسجيل وأن هذا القرار معيب بعيب الاختصاص الموضوعي وبعيب مخالفة القانون.
- تدعي الجامعة أنه عملا بتوجيهات الوزارة الوصية باعتماد صرامة أكبر باعتبار أن داراسة الماستر هي دارسة تخصص وأن حضور المتكون ضروري وإجباري، وأن شروط التسجيل النهائي للطلبة من صلاحيات المجلس العلمي للجامعة، وكذلك عملا بتوجيهات الوظيف العمومي ولاسيما المادة 105 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وأن شرط شهادة الانتداب فعلا غير منصوص عليه في القرار الوزاري وهذا لأن القرار الوزاري ينص على شروط الترشح بينما شرط شهادة الانتداب هو للتسجيل النهائي.
المنطوق والأسباب:
حكمت المحكمة الإدارية بسكيكدة بصحة القرار الإداري المطلوب إلغاؤه على أساس أن الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 363 المذكور هي فعلا للترشح وليس للتسجيل النهائي، وأن هذا الأخير من صلاحيات الجامعة ومجلسها العلمي تأسيسا على المرسوم التنفيذي رقم 03-279 المؤرخ في 23/08/2003، وأن شرط إحضار شهادة الانتداب قانوني ويدخل ضمن اختصاصات الجامعة، وأن الجامعة لم تخالف أية قاعدة قانونية، ولم تتجاوز سلطتها مما يتعين معه رفض الدعوى لعدم التأسيس وإلزام المدعي بالمصاريف.
الإشكالات والتساؤلات والنقاط القانونية:
يمكن طرح أحد التساؤلات التالية:
1- هل فعلا أن قرار الجامعة صحيح وسليم من الناحية القانونية؟
2- هل فعلا أن الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري هي للترشح وليس للتسجيل النهائي؟
3- هل فعلا أن من صلاحيات المجلس العلمي للجامعة إضافة شروط أخرى للتسجيل؟ (دون الخوض في وجود قرار فعلي من المجلس العلمي للجامعة على اعتبار أن هذا القرار نفسه لو وجد فإنه يجب أن يراقب من حيث مشروعيته).
4- هل أن شرط شهادة الانتداب قانوني ولا يتضمن تجاوزا للسلطة؟
5- هل تفسير المحكمة للقرار الوزاري صحيح؟
6- هل عدم وجود القرار الإداري مع عريضة الدعوى يعيب رفع الدعوى شكلا؟(هذا تساؤل عرضي غير مؤثر بصدد التعليق على الحكم الحالي وإنما ذكرناه كمثال على تلك التساؤلات القانونية غير المؤثرة تماما ولا تشكل وجها للنزاع بين الأطراف في قضية الحال، ومن ثم وجب استبعادها تماما من التعليق، وذلك برغم وجودها في الحكم بشكل واضح، ولكنها تعتبر مسألة غير مؤثرة، وينبغي أثناء التعليق تحاشي التفاصيل الجانبية والعرضية غير الفاعلة والمؤثرة، والتي يؤدي الخوض فيها إلى الابتعاد عن لب النزاع)
7- هل يجب على المحكمة القيام بتحقيق معين لمعرفة ما إذا كانت الجامعة قد طبقت هذا الشرط الموضوع من طرفها بحذافيره حتى لا تعتبر قد انحرفت بالسلطة، وماذا يتربت على عدم قيامها بهذا التحقيق؟ (هذا التساؤل أيضا ينطبق عليه ما ذكرناه بصدد السؤال رقم 6)
المعارف المطلوبة:
- أوجه الإلغاء: لاسيما عيب مخالفة القانون، وعيب الاختصاص الموضوعي، وعيب تجاوز السلطة
معارف أخرى:
- محتوى القرار الوزاري رقم 363 المؤرخ في 09/06/2014 حمل من هنا
- محتوى المرسوم التنفيذي رقم 03-279 المعدل والمتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06-343 مؤرخ في 27/09/2006 حمل من هنا
- مفهوم الانتداب وشروطه وفقا للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية حمل من هنا.
- القرار الوزاري رقم 364 المؤرخ في 09/06/2014 يتضمن كيفيات وشروط التحاق حاملي شهادة الدراسات الجامعية تطبيقية بالتكوين لنيل شهادة الليسانس حمل من هنا
المرحلة التحريرية التنفيذية
مقدمة، طرح الإشكالية
يشترط في القرار الإداري الذي يؤثر في المراكز القانونية إنشاء وتعديلا وإلغاء أن يكون صحيحا ومشروعا، إذ أن القرار الإداري المشروع وحده هو الذي يسعى إلى تحقيق المصلحة العامة أما القرار الإداري غير المشروع فهو لا يمكن أن يستهدف تحقيق تلك المصلحة.
وانطلاقا من ذلك، فعلى من يدعي عدم صحة ومشروعية القرار الإداري أن يثبت عكس المبدأ السابق بيانه طبقا لقاعدة افتراض الصحة في القرار الإداري، وهذا يعني أن على المدعي أن يبذل جهودا للنجاح في إقناع القاضي بإلغاء قرار إداري، بينما يكون متخذ القرار في وضعية مريحة نسبيا، ذلك أن القاضي الإداري يفترض فيه أن يطالب الإدارة بتقديم جميع الحجج و الأسباب التي أدت إلى اتخاذ القرار الإداري، ويبقى على طالب الإلغاء أو دفاعه أن يفتش عن عيوب القرار بما يتضمنه ذلك من صعوبات تقنية ترجع إلى تعقد النظام القانوني نفسه.
من هذا المنطلق، فإذا أصدرت الجامعة قرارا برفض تسجيل طالب في الماستر بدعوى أن القانون الخاص بتنظيم الحصول على شهادة الماستر وضع شروطا للترشح فقط بينما يبقى تحديد شروط أخرى من صلاحيات الجامعة ومجلسها العلمي من أجل التسجيل النهائي الذي يخرج عن نطاق القانون، فهل يكون اشتراط تقديم شهادة انتداب من الجهة التي يعمل فيها الطالب باعتباره موظفا في نفس الوقت، هل يعتبر شرطا قانونيا، أم أن هذا القرار المستند إلى هذا الأساس مخالف للقانون ومتجاوز للاختصاص الموضوعي للجامعة؟
في هذا الإطار صدر هذا الحكم للمحكمة الإدارية بسكيكدة في قضية من هذا النوع، يتطلب الأمر من أجل التعليق على هذا الحكم التطرق لوقائع الدعوى وإجراءاتها ومنطوقها وأسبابه وادعاءات الأطراف في مبحث أول، ثم التطرق إلى أوجه الإلغاء المثارة من طرف الدفاع لاسيما مخالفة القانون وعيب الاختصاص الموضوعي، ثم بحث مدى تحقق هذين الوجهين للإلغاء أو وجود وجوه أخرى لم يثرها المدعي في مبحث ثان، فتصبح الخطة كالتالي:
المبحث الأول: وقائع الدعوى وإجراءاتها واداعاءاتها ومنطوقها
المطلب الأول: الوقائع والإجراءات
الفرع الأول:الوقائع
الفرع الثاني:الإجراءات
المطلب الثاني:الادعاءات والمنطوق
الفرع الأول: الادعاءات
الفرع الثاني: المنطوق وأسبابه
المبحث الثاني: أوجه الإلغاء المثارة ومدى تحققها
المطلب الأول: أوجه الإلغاء المثارة
الفرع الأول: عيب مخالفة القانون
الفرع الثاني: عيب عدم الاختصاص الموضوعي
المطلب الثاني: مدى تحقق العيوب المثارة
الفرع الأول: مدى تحقق عيب مخالفة القانون
الفرع الثاني: مدى تحقق عيب عدم الاختصاص الموضوعي
الفرع الثالث: مدى تحقق عيوب أخرى
خاتمة
ملاحظة: هذه خطة مقترحة فقط يمكن اقتراح خطط أخرى لا يتم فيها التركيز على أجزاء الحكم بقدر ما يركز على الجوانب الموضوعية في حد ذاتها.
المبحث الأول
وقائع الدعوى وإجراءاتها وادعاءاتها ومنطوقها
ملاحظة: سبق التطرق لوقائع الدعوى وإجراءاتها وادعاءاتها ومنطوقها في المرحلة التحضيرية، وبالتالي فالمطلوب هو فقط إعادة صياغتها بطريقة منظمة تسلط الضوء على أهم العناصر دون حشو ولا استطرادات.
المبحث الثاني
أوجه الإلغاء المثارة ومدى تحققها
تمهيد قصير، وتقسيم
المطلب الأول
العيوب المثارة
تمهيد قصير، وتقسيم
الفرع الأول
عيب مخالفة القانون
يتجسد هذا العيب في محل أو موضوع القرار الإداري، وفي الأثر القانوني الذي يحدثه، ويشترط في المحل أن لا يخالف أحكام القانون بصفة عامة (كل قواعد القانون الأعلى درجة) وأن يكون ممكنا من الناحية القانونية والواقعية كذلك
فمن مقتضيات مبدأ المشروعية أن يكون القرار الإداري موافقاً من حيث الموضوع لمضمون القواعد القانونية، ويطلق على عيب مخالفة القانون بمعناه الضيق عيب المحل ،، أما عيب مخالفة القانون بمعناه الواسع فيشمل عيوب القرار الإداري كافة، عيب الاختصاص والشكل والسبب وعيب الانحراف بالسلطة، ويقصد بعيب المحل أن يكون القرار الإداري معيباً في فحواه أو مضمونه وبمعنى آخر أن يكون الأثر القانوني المترتب على القرار الإداري غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره سواء أكان مكتوباً كأن يكون دستورياً أو تشريعياً أو لائحياً أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة للقانون.
تتنوع صور مخالفة القرار الإداري للقانون فتارة تكون المخالفة لنص من نصوص القوانين أو اللوائح أو تطبيقاتها في حالة وجود القاعدة القانونية، وتارة تكون المخالفة في تفسير القوانين واللوائح أو في تطبيقاتها عندما تكون القاعدة القانونية غير واضحة وتحتمل التأويل . ومن صور مخالفة القانون التي اعتمدها القضاء الإداري الصور الآتية:
1-المخالفة المباشرة للقانون.
2-الخطأ في تفسير القاعدة القانونية .
3-الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية.
أولاً- المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية:
تتحقق هذه الحالة عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة، وقد تكون هذه المخالفة عمدية كما لو منح رجل الإدارة رخصة مزاولة مهنة معينة لشخص وهو يعلم أنه لم يستوف شروط منحة الرخصة، وقد تكون المخالفة غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة بوجود القاعدة القانونية.
والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية إما أن تكون مخالفة إيجابية تتمثل بقيام الإدارة بتصرف معين مخالف للقانون كما لو أصدرت قراراً بتعيين موظف من دون الالتزام بشروط التعيين، أو أن تكون المخالفة للقاعدة القانونية سلبية تتمثل بامتناع الإدارة عن القيام بعمل يوجبه القانون مثل امتناعها عن منح أحد الأفراد ترخيصاً استوفي شروط منحه.
ثانياً- الخطأ في تفسير القاعدة القانونية:
تتحقق هذه الحالة عندما تخطيء الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي القاعدة معنى غير المعنى الذي قصده المشرع، والخطأ في تفسير القاعدة القانونية إما أن يكون غير متعمد من جانب الإدارة فيقع بسبب غموض القاعدة القانونية وعدم وضوحها، واحتمال تأويلها إلى معان عدة، وقد يكون متعمداً حين تكون القاعدة القانونية المدعى بمخالفتها من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير، ولكن الإدارة تتعمد التفسير الخاطئ، فيختلط عيب المحل في هذه الحالة بعيب الانحراف السلطة.
ثالثاً- الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية:
يكون الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون، أو دون أن تتوافر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها، فإذا صدر القرار دون الاستناد إلى الوقائع المبررة لاتخاذه أو لم يستوف الشروط التي يتطلبها القانون فإنه يكون جديراً بالإلغاء، ويتخذ الخطأ في تطبيق القانون صورتين: الأولى تتمثل في حالة صدور القرار دون الاستناد إلى وقائع مادية تؤيده، ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الإداري جزاءً تأديبياً بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز ذلك الجزاء، أما الثانية فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار الإداري، وهنا توجد وقائع معينة إلا أنها لا تكفي أو لم تستوف الشروط القانونية اللازمة لاتخاذ هذا القرار.
الفرع الثاني
عيب عدم الاختصاص الموضوعي
ويقصد به أن تصدر جهة إدارية قرارها في موضوع لا تملك قانونا إصدار القرار بشأنه لأنه يدخل في اختصاص جهة إدارية أخرى، ويتحقق ذلك عندما يكون الأثر القانوني الذي يترتب على القرار مما لا يختص مصدر القرار بترتيبه قانونا.
ويفترض في هذا المقام مشروعية محل القرار وأن من الممكن إحداثه قانونا ولكن بقرار يصدر من الجهة المختصة، ذلك أن قواعد الاختصاص تحدد مقدماً الموضوعات التي تدخل في مجال نشاط جهة إدارية معينة، ومن ثم فعليها أن تلتزم فيما تصدر من قرارات حدود هذه الموضوعات دون أن تعتدي على ما اختص به القانون جهة إدارية أخرى، ويتحقق عيب الاختصاص الموضوعي في عدة صور منها:
أ – اعتداء جهة إدارية على اختصاص جهة إدارية موازية: كأن يعتدي وزير على اختصاص وزير آخر.
ب- اعتداء جهة إدارية دنيا على اختصاص جهة أعلى منها: أي أن تباشر جهة إدارية الاختصاصات التي أوكلها المشرع لجهة إدارية أعلى منها في سلم التدرج الوظيفي.
ج- اعتداء جهة إدارية عليا على اختصاص جهة أدنى منها: فقد يحدد القانون لجهة إدارية اختصاصات لا تملكها الجهة الإدارية التي تتبعها تلك الجهة وخاصة بالنسبة للهيئات التي تتمتع بقدر من الاستقلالية في عملها كالجامعات، فإن باشرت الجهة الإدارية العليا تلك الاختصاصات شاب تصرفها البطلان، فالقاعدة أن للرئيس الهيمنة على أعمال المرؤوس، إلا أنه وفي حالات معينة قد يخول المشرع المرؤوس اختصاصاً معيناً دون أن يكون للرئيس التعقيب عليها ومن ثم فإذا فعل ذلك كان منه اعتداءً على اختصاص المرؤوس فيقع قراره معيباً.
د- اعتداء الإدارة المركزية على اختصاص الإدارة اللامركزية: أي أنه يجب ممارسة الرقابة وفق القانون،فلا رقابة بلا نص ولا رقابة خارج حدود النص، فرقابة السلطة المركزية على السلطات اللامركزية هي رقابة وليست سلطة رئاسية، فلا تحل نفسها محل الإدارات اللامركزية لمباشرة بعض اختصاصاتها إلا إذا توفرت شروط الحلول.
هذا وإنه عندما يصدر القرار من سلطة إدارية يتضمن اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية أو السلطة القضائية ،فإن مثل هذا القرار يعتبره القضاء الإداري معيبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم مما يجعله معدوما في نظر هذا القضاء وباطلا في نظر التشريع الجزائري، كما لو قامت الولاية بإصدار قرار إداري يتضمن تعديلا لطريقة وأسلوب اللجان الولاية للمراقبة اللذين نص عليهما قانون الولاية، فإن مثل هذا القرار يكون قد تجاوز نطاق اختصاصه وتضمن اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية التي تملك وحدها سلطة تعديل القانون.
المطلب الثاني
مدى تحقق الأوجه المثارة
الفرع الأول
مدى تحقق عيب مخالفة القانون
حيث أن قرار الجامعة استند إلى تفسير معين للقرار الوزاري رقم 363 المذكور بدعوى أنه نص على شروط الترشح دون التسجيل النهائي الذي يبقى من صلاحيات الجامعة ممثلة في مجلسها العلمي.
حيث أن هذا التفسير غير صحيح تماما، لأن القرار الوزاري وإن كان يتحدث في المادة 5 منه عن المترشح الراغب في التسجيل وعن ملف الترشح فإن المادة الأولى من القرار الوزاري ذاته تنص على أنه:"يهدف هذا القرار إلى تحديد شروط التسجيل في الدرسات الجامعية لنيل شهادة الماستر"، وكذلك الفصل الأول من القرار جاء بعنوان: القواعد العامة للتسجيل، وأن التسجيل يكون وطنيا يلتحق به الطلبة الذين يستوفون الشروط المحددة في هذا القرار بغض النظر عن مؤسساتهم الأصلية، كذلك أن المادة 3 من القرار الوزاري المشار إليه تنص على أنه:"يخضع التسجيل في دراسات الماستر للمعايير التالية.."، وهذا يعني أن الراغب في التسجيل يطلق عليه مترشح إلى غاية وفائه بجميع الشروط المطلوبة للتسجيل.
حيث أن الترشح هو إبداء النية والرغبة، وهو تقدم لطلب حجز منصب ومكان، بغض النظر عن الترتيب، أما الدخول في قائمة المقبولين فهو بالعكس انتقال من مرحلة الترشح إلى النجاح، ولا يبقى بعد ذلك إلا تقديم الوثائق التي تطلبها القانون، وليس من بينها بلا شك الوثيقة سبب النزاع، ولو أوجد القانون هذه الوثيقة لأوجدها في مرحلة الترشح وليس بعد النجاح.
حيث أن المادة 16 من القرار الوزاري رقم 363 المذكور تنص على أنه تلغى كل الأحكام المخالفة لهذا القرار، وهذا يعني عدم وجود شروط أخرى غير التي ذكرها القرار الوزاري، وأن أي شروط أخرى هي شروط باطلة لاغية.
حيث أن قرار الجامعة استند أيضا إلى توجيهات الوزارة الوصية باعتماد صرامة أكبر باعتبار أن دراسة الماستر هي دراسة تخصص، وحضور المتكون فيها ضروري وإجباري طيلة الأسبوع سواء بالنسبة للدروس التطبيقية أو المحاضرات لضمان نجاعة التكوين.
حيث أن حضور وغياب الطلبة نظمه القرار الوزاري رقم 711 المؤرخ في 07/11/2011، وبالتالي يبقى على الجامعة تطبيق شروط الحضور والغياب بصرامة كما يتطلبه القانون، وليس خلق شروط إضافية للتسجيل لم ينص عليها القانون، ومخالفة صراحة لنص القانون.
حيث أن قرار الجامعة استند أيضا إل توجيهات الوظيف العمومي ولاسيما المادة 105 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وبالرجوع إلى نص المادة المذكورة فهي تقرر أنه يحدد شروط الالتحاق بالتكوين وتحسين المستوى وكيفيات تنظيمه ومدته وواجبات الموظف وحقوقه المترتبة على ذلك عن طريق التنظيم.
حيث أن النص المذكور هو خطاب موجه إلى القطاعات التي ينتمي إليها الموظفون وليس إلى الجامعة باعتبارها مؤسسة تكوين، وزيادة على ذلك أن النص يتحدث عن التكوين التي تنظمه تلك القطاعات لفائدة موظفيها بينما التكوين بالأساس هو حق للموظف بغض النظر عن أي برنامج تكوين، وبغض النظر عن أي انتداب، وذلك حسب نص المادة 38 من القانون الأساسي ذاته والتي تنص على أنه:"للموظف الحق في التكوين وتحسين المستوى والترقية في الرتبة.." فالتكوين وتحسين من أهم حقوق الموظف التي يمارسها بعيدا عن أي ضغط من أي جهة كانت.
حيث أن قرار الجامعة يستند كذلك إلى أن تحديد الشروط الخاصة بالتسجيل النهائي يعود إلى الجامعة عن طريق مجلسها العلمي استنادا إلى المرسوم التنفيذي رقم 03-279 المؤرخ في 23/08/2003، وبالرجوع إلى المرسوم التنفيذي المذكور ولاسيما المادتين 21 و24 فإنه لم ينص على أن المجلس العلمي للجامعة له حق تعديل الشروط الخاصة بالتسجيل.
حيث أن القانون اشترط إحضار شهادة الانتداب المذكورة بالنسبة لحاملي شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية من أجل الالتحاق بالتكوين لنيل شهادة الليسانس، وهو ما تضمنه القرار 364 المؤرخ في 09/06/2014 حسب المادة 3 فقرة 2 منه، وليس القرار الوزاري 363 الذي يستند إليه المدعي، وهذا يعني أن هناك خطأ في تطبيق القانون كذلك من طرف الجامعة مما يصم القرار الإداري الصادر عنها بعيب مخالفة القانون.
من خلال كل ما سبق يتبين أن وجه الإلغاء المثار والمتعلق بمخالفة القانون هو وجه سديد ويصلح أساسا لدعوى الإلغاء في قضية الحال.
الفرع الثاني
مدى توفر عيب عدم الاختصاص الموضوعي
حيث أنه وفي ظل وجود نص قانوني صريح يبين شروط التسجيل فإن القرار الإداري محل دعوى الإلغاء في قضية الحال الذي أضاف شرطا آخر غير مذكور في القانون يكون قد تجاوز حدود الاختصاص الممنوح لمصدر القرار بتعديه على اختصاص السلطة الأعلى مما يجعل القرار مشوبا بعيب عدم الاختصاص الموضوعي ويكون باطلا وغير مشروع.
الفرع الثالث
حول مدى توفر عيوب أخرى في القرار
حيث أن القرار الوزاري رقم 363 المذكور قد حدد الشروط التي يطلبها القانون للتسجيل لنيل شهادة الماستر فإن تغيير هذه الشروط يجب أن يكون بنفس الطريقة وفقا لقاعدة توازي الأشكال، وليس عن طريق قرار إداري عادي صادر من مؤسسة إدارية، وأن أي توصيات أو توجيهات من أي جهة كانت لا ترقى إلى درجة القانون الملزم.
حيث أن شرط إحضار شهادة انتداب هو كذلك مخالف للأهداف العامة للقانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي يشجع على التكوين المستمر للموظفين (المادة 38 منه) وكما تدل على ذلك أيضا الكثير من القوانين الأساسية لمختلف رتب الموظفين التي تؤكد على وجوب أن يعمل الموظفون دائما على تحسين مستواهم التعليمي والتكويني.
حيث أن استناد المدعى عليها في جوابها إلى أن اشتراط إحضار شهادة الانتداب يرجع إلى أن التكوين في الماستر هو دراسة تخصص والتفرقة بينه وبين الليسانس لا أساس له في واقع الحال إذ هما بمرتبة واحدة من حيث الأهمية.
حيث أن الموظفين يستفيدون من رخص الغياب التي منحهم إياها القانون لمزاولة دراستهم فإن اشتراط شهادة انتداب فيه إخلال بمبدإ المساواة إذ أن فرصة الحصول على انتداب ضئيلة جدا بالنظر إلى الشروط التي يتطلبها القانون للانتداب.
حيث أنه بالنظر إلى كل ذلك فإن القرار المذكور يكون معيبا بعيب تجاوز السلطة بحياده عن تحقيق المصلحة العامة التي يرمي إليها القانون عن طريق تشجيع التكوين والسماح للموظفين بالغياب وبإحداثه تمييزا بين مختلف مراحل التكوين خلافا للقانون الذي لم يحدث هذا التمييز.
ملاحظة: إن عيب الانحراف بالسلطة هو من العيوب الاحتياطية التي يمكن اللجوء إليها عند صعوبة اللجوء إلى عيب مخالفة القانون وعيب الاختصاص.
خاتمة
نخلص من تعرضنا لمختلف مقتضيات هذا الحكم القضائي الإداري إلى أن المحكمة الإدارية بسكيكدة في حقيقة الأمر تابعت الإدارة في تفسيرها غير الوجيه للقرار الوزاري الذي خالفت أحكامه من جهة وتعدت وتجاوزت اختصاصها بإدخال شروط ومفاعيل غير موجودة في القرار الصادر من جهة أعلى باعبتاره قرارا وزاريا، وهذا النوع من الخطأ في التفسير والذي أدى إلى الاعتداء على الاختصاص بسن القواعد العامة والمجردة والذي يعود إلى القرار الوزاري لا غير أوقع قرار الجامعة في نوعين من عيوب المشروعية التي تستوجب إبطال وإلغاء القرار محل الدعوى وهما عيب مخالفة القانون وعيب عدم الاختصاص الموضوعي، واحتياطيا أيضا يمكن اعتبار أن القرار الإداري محل الدعوى ينطوي على عيب الانحراف بالسلطة باعتبار أن القرار حاد عن المصلحة العامة التي كان ينبغي أن يتوخاها بصورة أساسية بدلا من الاتكاء على تمييز بين مراحل الدراسة وخلق شروط لبعضها دون البعض ودون أخذ بعين الاعتبار حاجة الموظفين بصفة عامة إلى التكوين الذي تسمح به وتحث عليه قوانينهم الوظيفية وأن شرط إحضار شهادة الانتداب فيه تعجيز لهم على أساس أن لهذا الأخير شروطا خاصة ينص عليها القانون لا يتأتى للموظف بسهولة أن يظفر بها.
ملاحظة نهائية: في هذا التعليق اعتمد الأستاذ نوعا من التزيد في بعض العبارات التي لا ينبغي للطلبة أن ينساقوا وراءها على اعتبار أن التعليق ينبغي أن يكون بسيطا ودقيقا وخاليا من التصرف في العبارات على نحو مبالغ فيه.
author:"Faissal Bouseida"