ملخص محاضرات المنهجية القانونية
لطلبة السنة الأولى ماستر
تخصص: قانون الأعمال
السنة الجامعية: 2017-2018
إعداد: أ. بوصيدة فيصل
5- المنهج الجدلي
تمهيد:
المفكرون والفلاسفة اعتمدوا عدة طرق ومناهج للتفكير:
1- المنهج القائل بأن العالم خيال في خيال (سوفسطائيون).
2- المنهج القائل بأن العالم وليد الصدفة.
3- المنهج القائل بأن العالم هو المادة والطبيعة.
4- المنهج القائل بأن العالم من صنع الله.
ولكن هناك نظرية خامسة ظهرت على يد ماركس وهيجل وغيرهما وإن كانت موروثة عن اليونان، وهي الجدلية، والتي تطورت على يد ماركس إلى جدلية مادية، وهي تقوم على أربع أصول تسمى قوانين الجدل:
1- قانون تناقض التطور أو صراع المتناقضات:
أي أن كل الأشياء والظواهر في الطبيعة تحوي تناقضات داخلية، وذلك وفق قانون الإثبات والنفي ونفي النفي، أو thèse .antithèse. synthèse ، فالمرحلة الأولى هي مرحلة وجود الشيء أو هويته، ثم ينبع من صميم الشيء ما يضاده ويناقضه ويصارعه لينفيه، ثم يتولد عن هذا الصراع شيء ثالث. وكمثال على ذلك: حبة القمح التي تتصارع مع الرطوبة فتخضر ثم تتطور إلى نبتة أو شجرة، وفي السياسة تنتقل الدول الإقطاعية إلى الرأسمالية نتيجة الصراع بين الطبقات ثم تحل الاشتراكية، وأساس كل هذا هو استحالة الجمع بين المتناقضين.
2- قانون حركة التطور أو حركة المادة.
كل شيء يتحرك ويتبدل في الكون من أصغر الصغيرات إلى أكبر الكبيرات، من الذرة إلى المجرة، هناك حركة، وهي ليس حالة عرضية للمادة، وليست شيئا منفصلا ولا خارجيا، وهي نتيجة للقانون الأول، فالانتقال والصراع يتطلب حركة.
3- قانون التبدلات الكمية إلى النوعية أو قفزات التطور.
التبدلات الجزئية التدريجية المستمرة الطارئة على الطبيعة ربما تصل إلى حد أن يفقد الجسم قدرته على تحمل التغيرات فيقع في الجسم الأول تحول فجائي تحصل على إثره كيفية جديدة للمادة.
أي أن هناك تطور كمي تدريجي يحصل ببطء، وآخر كيفي فجائي يحصل دفعة واحدة، ويطبق هذا على المجتمع أيضا حيث يتحول العالم إلى الشيوعية كطفرة أخيرة، الحقيقة أن الثورة الشيوعية كان مخططا لها ولم تكن طفرة.
4- قانون العلاقات المتبادلة بين الظواهر أو الارتباط العام:
هناك دائما تكامل وترابط بين الظواهر، يتم اكتشافها عن طريق البحث، فإذا كان الميتافيزيقي لا يربط بين السياسة والرياضة والاقتصاد والتربية والتعليم واللغة والأسرة وووو، فإن الجدليين يربطون بين كل هذه الأشياء، والقصد الحقيقي للجدليين هو أن ما يسمى البنية الفوقية (الآداب واللغات والفنون والثقافة، القانون...) دائما تابعة ومتربطة بالبنية التحتية (وسائل الإنتاج) وهذا طبعا لتبرير كل رذيلة وكل عمل عدواني يرتكبه النظام الماركسي للوصول إلى مآربه.
كيف يمكن الاستفادة من هذا المنهج في الدراسات القانونية؟
نعم هذا المنهج مفيد جدا في الدراسات القانونية حيث يسمح لنا بدراسات العلاقات الكامنة بين مواضيع مختلفة، فالاقتصاد مرتبط بالقانون إلى درجة كبيرة، ومازال هذا الارتباط يتفاقم حتى أصبح القانون أكثر تدخلا في الحياة الاقتصادية، انطلاقا من قانون المالية إلى القانون الجنائي إلى القانون الدولي الخاص والتجارة الدولية، ومن الناحية المنهجية نعتمد دائما على خطط البحوث الصفية وبحوث التخرج ومختلف البحوث بطريقة جدلية بحيث نضع في فصل وجهة النظر الأولى أو thèse، ونضع في الجزء الثاني من البحث وجهة النظر المقابلة antithèse، لنصل في الخاتمة إلى عملية التركيب synthèse، ومن أمثلة ذلك مثلا دراسات الطبيعة القانونية، مثلا:
الطبيعة القانونية للاعتماد السندي: هل هو كفالة، أو إنابة، أو هو التزام بالإرادة المنفردة، أو هو اشتراط لمصلحة الغير؟
الطبيعة القانونية لعقد الاعتماد الإيجاري: هل هو عقد ذاتي مسمى؟ أم هو عقد مركب من عدة عقود؟
الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية: هل هي وسيلة لإجبار المدين على التنفيذ؟ أم طريقة للتعويض؟ أم هي جزاء وعقوبة؟
كثير من الدراسات القانونية يستحسن أن تكون خطتها على هذه الشاكلة أي تتضمن وجهة نظر ووجهة نظر مقابلة، وهذا أجلى وأحسن تطبيق للمنهج الجدلي.