لتحميل الملفات في شكل وورد أو بي دي أف انظر أسفل الصفحة
مواضيع الحصص التطبيقية في مقياس المنهجية القانونية
محور وحيد: منهجية إعداد البحث العلمي القانوني:
ملاحظات: يرجى من الأساتذة تعميم البرنامج على الأساتذة الآخرين – أيضا يرجى من الطلبة طباعة هذا البرنامج وتسليمه للأساتذة المطبقين – يبدأ سريانه من يوم 22/10/2016.
الموضوع الأول: تنويع مراجع البحث:[النصوص القانونية (مبادئ القانون، الدستور، الاتفاقيات، القانون العضوي، القانون العادي، الأوامر، المراسيم، اللوائح، القرارات الإدارية...) – المعاجم اللغوية - الموسوعات – الكتب العامة (المطولات- المتوسطات، المختصرات) – الكتب المتخصصة – الرسائل والأطروحات والمذكرات –المقالات العلمية – أنواع المجلات – المطبوعات – المحاضرات – المواقع – الجرائد ...]+ مفهوم البيلبيوغرافيا.
الموضوع الثاني: طرق تنظيم ونسل المعلومات [البطاقات –الملفات – السجلات –الحاسوب]- طريقة البحث في المكتبات (تصنيف الكتب: نظام ديوي ...).
الموضوع الثالث: ضبط الخطة [ التوازن – التسلسل المنطقي – أنواع الخطط ].
الموضوع الرابع: الإشكالية – العنوان.
الموضوع الخامس: كتابة مسودة البحث [المسودة الأولى –المسودة الثانية] ومراجعة المسودة.
الموضوع السادس: طرق التهميش والتوثيق والاقتباس.
الموضوع السابع: القواعد الموضوعية للكتابة [اللغة القانونية – أسلوب الباحث –الرأي الشخصي – الأمانة العلمية –الموضوعية ]
الموضوع الثامن: القواعد الشكلية للبحث: [علامات الترقيم – إعداد صفحة الوورد – ترتتيب صفحات البحث – محتوى كل جزء من البحث [المقدمة – الخاتمة -التمهيدات– المراجع – الفهرس].
ملاحظة: يجب على كل الطلبة قراءة المحور الأول المتعلق
بالتفكير العلمي والبحث العلمي، علما أن هذه المحاور لا يتعلق
بها الامتحان
تقنيات إعداد البحث العلمي
تمهيد: البحث العلمي هو بحث منظم عن المعرفة، فالبحث عن المعرفة يتم بطرق عديدة، وفي عصرنا الحالي –عصر الثورة العلمية- فالأداة التي توصل إلى المعرفة هي البحث العلمي، أي البحث الخاضع لقواعد علمية وأسس موضوعية، وليس للأهواء والتصورات والنزوات الشخصية والذاتية، حتى لقد أصبح البحث العلمي هو أداة نهضة الأمم الذي تخصص له ميزانيات ضخمة، وهيئات متخصصة.
وقد عرف البحث العلمي بأنه:"طريقة منظمة أو فحص استفساري منظم لاكتشاف حقائق جديدة، والتثبت من حقائق قديمة، والعلاقات التي تربط فيما بينها، أو القوانين التي تحكمها".
وعرف أيضا بأنه:"محاولة لاكتشاف المعرفة، والتنقيب عنها، وتطويرها، وفحصها، بتقص دقي ونقد عميق، ثم عرضها عرضا متكاملا بذكاء وإدراك".
فالبحث هو وسيلة وليس غاية، لأن الباحث يحاول بواسطته دراسة ظاهرة أو مشكلة ما.
إن مجالات البحث واسعة تغطي جميع مناحي الحياة، وتختلف باختلاف حقول المعرفة، وهناك من يقسمها إلى قسمين كبيرين: بحوث علمية نظرية، وبحوث علمية تطبيقية.
إن منهجية البحث العلمي واحدة كهيكل، ولكنها تختلف في التفاصيل والأدوات والخطوات والتقنيات من علم لآخر، كما أنها قابلة للتطور والنقد، خاصة مع ظهور "تكنولوجيات الإعلام والاتصال"، وما يمكن قوله أن الباحث حتى يسير في بحثه بخطى واثقة وحتى يصل إلى النتائج المرجوة ينبغي له مراعاة قواعد المنهجية.
إن دروس المنهجية تتطلب معرفة ما يلي:
- فلسفة القانون، والمدارس القانونية المختلفة، لمعرفة مختلف الاتجاهات الفلسفية في دراسة القانون، والتي قد يتأثر بها هذا المشرع أو ذاك، أو هذا الفقيه أو ذاك.
- نظرية المعرفة بصفة عامة، والتي تخص فهم كيفية بناء المعرفة من الصفر، وتطور التفكير وكيفية حل المسائل والمشاكل وفهم الظواهر منذ الإنسان الأول إلى اليوم.
- نظرية المناهج، ومعرفة مختلف المناهج المطبقة في مختلف العلوم، والتي يمكن الاعتماد على بعضها في العلوم القانونية أيضا، بالإضافة إلى معرفة المناهج الخاصة في العلوم القانونية، والتي تتعلق بكيفية تحليل نص قانوني، وكيفية التعليق على قرار أو حكم قضائي، وكيفية حل استشارة قانونية.
- وأخيرا، معرفة مختلف طرق وتقنيات إعداد البحث العلمي، ومراحله بدءا من اختيار الموضوع إلى النشر بالنسبة للبحوث المعدة للنشر، أو المناقشة بالنسبة للبحوث المعدة للمناقشة.
وهذه المحاضرات تخص القسم الأخير، وبالتالي فهي تقتصر على إعطاء التوجيهات العامة المنهجية للطالب في القانون لإنجاز بحوثه المختلفة، وفقا للأصول المتعارف عليها، والتي هي بمثابة قواعد واجبة الاتباع، ويستتبع عدم اتباعها عدم إسباغ صفة البحث العلمي على العمل المنجز، وضياع الثمرة من الجهد المبذول في البحث.
الفصل الأول
مقدمة حول التفكير والبحث العلمي
المبحث الأول
التفكير العلمي
المطلب الأول
خصائص التفكير العلمي
- التخلي عن المعلومات السابقة، أي أن يقف الباحث من بحثه موقف الجاهل، ويتجاهل كل ما يعرفه، فلا يتأثر أثناء بحثه بمعلوماته السابقة، وهو ما يسمى بالشك المنهجي، أي أنه يتعمد الشك ليصل إلى الحقيقة، وذلك إمعانا في النزاهة والموضوعية.
- الملاحظة الحسية هي أساس ومصدر الحقائق، أما التجربة فهي تبقى تجربة، وذلك أن الذي يتدخل في سيرها هو الباحث، وفي بعض العلوم لا يمكن القيام بتجارب، لذلك فالملاحظة تبقى أقوى من أي تجربة.
- نزوح العلم إلى القياس الكمي (التكميم)، وقد استتبع الخاصية السابقة أن اعتقد بعض العلماء أن العلم هو التجربة فأخضعوا جميع الظواهر حتى الإنسانية منها للتجربة، وليس الأمر كذلك، وليس بالضرورة أن يتم التعبير عن الحقيقة دائما بطريقة كمية (أعداد وإحصاءات ورموز رياضية)، وإن كانت التفسيرات الكمية من أهم التفسيرات وأدقها.
- النزاهة والموضوعية والأمانة العلمية، هي صفات عديدة في الباحث وفي البحث تتعلق بالتجرد والحياد والابتعاد عن الأهواء الذاتية والرغبات الشخصية، والتحرر من أي سلطة، والإخلاص للحقيقة وحدها الابتعاد عن التعصب والمغالاة، وباختصار شديد احترام أخلاقيات البحث العلمي.
- الاعتقاد بمبدأي الحتمية والسببية الذين هما أساس العلوم، عكس الخرافة والصدفة والأسطورة التي هي سبب لانتكاسة العقل والفكر وتأخر العلم.
- الولع بالتخصص الدقيق، لقد اتسع العلم، وتعددت فروعه، حتى أصبح العلماء يجعلون في العلم تخصصات دقيقة جدا، وذلك بعد أن غلبت النزعة المادية في العلم.
المطلب الثاني
أطوار أو مراحل التفكير العلمي
منذ نشأ الإنسان على الأرض وهو يحاول معرفة الحقائق بأدوات مختلفة، أولها الحواس، وثانيها العقل، وقد تطورت قدرة الإنسان على إدراك ما حوله، أما الخرافة فقد سيطرت في مرحلة الإنسان البدائي فشكلت مع الأساطير عائقا حقيقيا أمام التفكير البشري.
وفي الفلسفة نعرف المذهب العقلي الذي يقول: أن الحقائق العلمية إنما تكون عن طريق الاستدلال العقلي الخالص، فهو يقوم على الإيمان بالعقل وحده، ولذلك فحتى الأمور اللاهوتية (الدينية) أخضعوها للعقل، وابتعدوا بها عن التفسيرات الخارقة للطبيعة.
ثم جاء المذهب التجريبي الذي يقول إن المعرفة تكون عن طريق الخبرة الحسية، في صورة ما تعطيه الحواس أو ما تعطيه التجربة.
إن بداية البحث العلمي الدقيق في التاريخ الإنساني غير معروفة على وجه اليقين، ويؤكد الباحثون أن الشعوب الشرقية (الهنود، البابليون، المصريون) أسبق من غيرهم في المعرفة والبحث العلمي.
وقد ظهرت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين حاجة جماهيرية واسعة لطلب المعرفة وخاصة التقنية منها، وأطلق على ذلك الثورة العلمية، ويرى بعض الفلاسفة أن العلم هو طور جديد في المعرفة، حيث أوجد اتجاها جديدا ومناهج مبتكرة، حتى أن البعض راحوا يتساءلون عن السر الكامن وراء كل هذه المبتكرات، وعن سر تميز علماء تلك الفترة الذين قاموا بهذه الثورة العلمية (عصر النهضة)، ومهما كانت الأسباب فإن المنهج العلمي الرصين قد تكون مع عصر النهضة وكان له الأثر الكبير على الثورة العلمية التي حصلت بعد ذلك.
المبحث الثاني
البحث العلمي
المطلب الأول
تعريف البحث العلمي
من تعاريف البحث العلمي المتداولة أنه عملية الاستقصاء الذي يتميز بالتنظيم الدقيق لمحاولة التوصل إلى معلومات أو معارف أو علاقات جيدة، والتحقق من هذه المعلومات والمعارف الموجودة وتطويرها باستخدام طرائق أو مناهج موثوق في مصداقيتها.
كما يعرف البحث العلمي بأنه "عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى الباحث، من أجل تقصي الحقائق في شأن مسألة أو مشكلة معينة تسمى موضوع البحث، باتباع طريقة علمية تسمى منهج البحث، بغية الوصول إلى نتائج صالحة للتعميم أو علاج لمشكلة ما بطريقة أيضا قابلة للتعميم على المشاكل المماثلة تسمى نتائج البحث.
فيما يخص الباحث ففي عصرنا الحالي أصبح البحث كما يضطلع به باحثون أفراد تقوم به كذلك مجموعات بحث تسمى فرق أو وحدات أو مراكز أو مخابر بحث أو دراسات.
فيما يخص موضوع البحث هناك دوافع عديدة للبحث منها: حب المعرفة، التحضير لدرجة علمية، الحصول على جائزة، الحصول على ترقية، الوفاء بمطالب الوظيفة (مؤسسة معينة تطلب من موظف لديها القيام ببحث معين للتغلب على مشكلة معينة تواجهها)، الرغبة في تحقيق فكرة، عدم الرضا برأي معين، حب الشهرة والظهور، الاهتمام الشخصي بمشكلة ما... إلخ وهذه دوافع ذاتية، أما الدوافع الموضوعية للبحث فهي ترجع إلى وجود إشكالية حقيقية أو ظهور حاجات جديدة أو العمل على إيجاد بدائل جديدة والرغبة في تحسين الإنتاج أو الرغبة في زيادة الدخل القومي أو الرغبة في التنبؤ ... إلخ
أما فيما يخص منهج البحث، فهو يتمثل فيما يسمى الطريقة العلمية فهذه الأخيرة هي أسلوب التفكير العلمي الذي على الباحث أن يتبعه فهي تعتمد على المنطق والاستدلال والموضوعية وصولا إلى نتائج منطقية أيضا، فاكتشاف حلول المشاكل قد يقع أحيانا بالصدفة، لكن الطريقة العلمية لا تصل إلى حل المشاكل بالصدفة إنما باتباع خطوات دقيقة تسمى المنهج العلمي، وهي تتميز بمايلي: الانطلاق من تساؤل واضح وليس من أفكار مسبقة، الوصول إلى نتائج موثوقة لكنها غير قطعية ولا مطلقة، الاعتماد على منهج قابل للتكرار وقابل التأكد والتحقق منه واختباره وصولا إلى نتائج وتعميمات قابلة هي أيضا للاختبار، وليس إلى مسلمات غير قابلة للتأكيد.
إن نتائج البحث هي عبارة عن تعميمات في صورة نظريات أو قوانين، وهي تتصف بالثبات (أي الاتساق وقابلية الاختبار)، والصدق (أي صحة أدوات القياس وصحة التجارب)، والموضوعية (التحرر من التحيز والتعصب والذاتيات)، وأخيرا العلمية أي تلك المعرفة التي تضيف جديدا إلى العلم بخصائصه المعروفة.
المطلب الثاني
أنواع البحوث العلمية
هناك العديد من التقسمات لأنواع البحوث العلمية حسب الزوايا لتي يتم التقسيم انطلاقا منها:
حسب المنهج: بحوث نظرية (رياضية، فيزيائية وطبيعية، إنسانية) – بحوث تجريبية (طبيعية، إنسانية) – بحوث ميدانية – بحوث تطبيقية
حسب الهدف: بحوث استطلاعية – بحوث وصفية – بحوث تفسيرية أو برهانية
يمكن تقسيم أنواع البحوث العلمية وفق الفروع التالية:
الفرع الأول
البحوث التنقيبية
أي التنقيب عن حقائق معينة، دون محاولة التعميم، أو حتى استخدام هذه الحقائق في حل مشاكل معينة، كالبحث في تاريخ نشأة كليات الحقوق عبر العالم.
الفرع الثاني
البحوث التفسيرية النقدية
هي بحوث فكرية، أي مشكلتها الأساسية تنتمي إلى عالم الأفكار، أكثر من تعلقها بالحقائق، حيث يتم طرح الآراء المختلفة وتحليلها وتصنيفها وتفسيرها ثم نقدها، وذلك باعتماد المبادئ المعروفة في حقل التخصص، وتكون المناقشة معقولة أي وفق قواعد المنطق، ويصل البحث إلى نتائج.
الفرع الثالث
البحوث الكاملة
هي تهدف إلى حل المشكلات ووضع التعميمات عن طريق التنقيب عن الحقائق وطرح الآراء المختلفة ونقدها فهو يجمع بين النوعين السابقين.
الفرع الرابع
البحوث الوصفية
هي بحوث تهدف إلى وصف الظواهر والأحداث والعلاقات والأشياء وتشخيصها عن طريق جمع المعلومات والحقائق والملاحظات عنها، دون تحليلها أو تفسيرها أو نقدها، وإنما تقديمها على حالتها، مثل الدرسات المسحية ودراسات الحالة ودراسات النمو (الدراسات التطورية).
الفرع الخامس
البحوث التجريبية
هي بحوث تتناول ظواهر معينة عن طريق معرفة العوامل التي تؤثر فيها، وذلك باستخدام المنهج التجريبي حيث يتم فرض فروض معينة ثم قياسها واختبارها عن طريق تجارب دقيقة مضبوطة وصولا إلى نتائج معينة، وقد أصبح هذا المنهج مستخدما في العلوم الإنسانية بينما ميدانه الأساسي هو العلوم الطبيعية.
الفرع السادس
أنواع البحوث الأكاديمية
إن البحوث الأكاديمية تجرى في الجامعات من طرف الطلاب والأساتذة والباحثين، فمنها: البحوث الصفية التي يجريها الطلاب أثناء الدراسة، وبحوث الدراسات العليا ويجريها الطلبة أيضا في مراحل الدراسة العالية التي تسمى عندنا بما بعد التدرج، وهناك البحوث التي يقوم بها الأساتذة وهو يشمل الكتب التي ينتجونها والمقالات العلمية التي ينشرونها والمداخلات العلمية التي تقدم في ملتقيات علمية أو ندوات دراسية، كلها تخضع لمنهجية البحث العلمي، وإن اختلفت أحجامها ومسمياتها وأهدافها.
المطلب الثالث
أخطاء البحث العلمي
تتعدد مصادر الأخطاء في الأبحاث العلمية، منها ما يرجع إلى أخطاء الحواس كالخطأ في تدوين الملاحظات أو تصنيف البيانات المحصل عليها، ومنها ما يرجع إلى أخطاء الذاكرة حين يعتمد عليها الباحث أحيانا، ومنها أخطاء المنطق وترجع إلى عدم الاستدلال بشكل جيد على ادعاءات الباحث وتحليلاته، ومنها الأخطاء التقنية التي تسجلها الآلات إلى غير ذلك من الأخطاء التي ترجع إلى الإنسان أو إلى الأدوات المستخدمة.
وعلى كل حال فإذا كانت هذه الأخطاء تعد مقبولة وبعضها يكون غير قابل للتفادي، فإن غير المقبول هو الأخطاء المنهجية التي ترجع إلى عدم استخدام المنهجية بطريقة سليمة في مختلف أطوار البحث، وهو ما يقودنا للبحث في نظرية المنهجية.
الفصل الثاني
مراحل إعداد البحث العلمي
وتقنيات كتابة التقرير النهائي
المبحث الأول
مراحل إعداد البحث العلمي
المطلب الأول
المرحلة الأولى: اختيار موضوع البحث
بصفة عامة، قد يجد الباحث صعوبة في اختيار موضوع لبحثه إن لم يكن قد تزود بالقراءة الغزيرة والمكثفة، ولذلك غالبا ما يقع كثير من الباحثين في التكرار، وإعادة نفس المواضيع المبحوثة سابقا، تحت ذريعة عدم وجود مواضيع، أو أن جميع المواضيع قد تم التطرق إليها،
طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 98-254 (الجريدة الرسمية عدد 60، ص. 18) فإن بحث الماجستير ليس مطلوبا فيه الابتكار ولكن هو" تنفيذ المناهج المطابقة لمقتضيات الموضوعية والدقة، وعلى الباحث تبيان قدراته في الملاحظة والتحليل والتلخيص بعمل ينجزه بالصرامة العلمية اللازمة"، أما بحث الدكتوراه فهو عمل جديد على الأقل في الحلول المقدمة حيث تنص المادة 52 من المرسوم السابق: "تهدف الأطروحة لنيل الدكتوراه إلى تكريس العلمية والتكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية يجب أن تقدم الأطروحة بالضرورة مساهمة في تطوير المعارف أو يؤدي إلى تطبيقات جديدة"، حيث يتوصل الباحث إلى حلول مبتكرة للمشكلة التي عالجها بأسلوب علمي سليم.
الأصل في اختيار الموضوع هو اختيار مشكلة، والمشكلة يتوصل إليها الباحث نتيجة ظروف معينة، فقد يلاقيها خلال دراسته، أو خلال مطالعته، أو خلال مشاهدته وملاحظته، أو خلال تأمله، أو من خلال دراسات سابقة، ولا يمكن القول أن الباحث قد توصل إلى موضوع بحثه إلا حين يضع يده على الإشكالية.
إن اختيار الطالب لموضوع بحثه بنفسه لهو دليل على إحساس الطالب بالمشكلة التي سوف يثيرها، وبالتالي يتيح له أن يكون أكثر قربا من تفاصيل بحثه، لكنه لا يستغني أبدا عن توجيه المشرف الذي يعتبر أكثر إحاطة بالمخاطر والصعوبات التي قد تعترض البحث، أما في حالة الاختيار من مواضيع مطروحة أو مقدمة من طرف الأساتذة فينبغي اختيار البحث الأقرب إلى اهتمام الطالب، أو الحقل البحثي الذي يحب أن يبحث فيه، فهناك طلبة يحبون الخوض في المواضيع الفلسفية والتأصيلية، وهناك من يميلون إلى الموضوع التقنية التطبيقية.
يمكن القول عموما أن دوافع اختيار الموضوع قد تكون ذاتية أو موضوعية، فمن الدوافع الذاتية: حب المعرفة، أو مجرد الحصول على الشهادة أو الدرجة العلمية، أو الحصول على جائزة ما، أو ترقية في الوظيفة، أو للوفاء بمطالب الوظيفة، أو الرغبة في تحقيق فكرة وطموح، أو عدم الرضا بوجهة نظر معينة؛ أما الدوافع الموضوعية التي يجب أن ينبرى للبحث من أجلها فهي وجود مشاكل تستدعي البحث عن حلول (بدائل، مبتكرات ..)، أو لتحقيق أهداف قومية (تحسين الإنتاج، زيادة الدخل القومي، التنبؤ بالمستقبل، السيطرة على الأزمات ..)
المطلب الثاني
المرحلة الثانية: جمع المعلومات
الفرع الأول
مفهوم جمع المعلومات
إن المنهجية هي عمل يومي لجميع الناس، لكن ما يميز الباحث أنه يعرف مسبقا الخطوات التي سيتخذها، وكيف يتخذها.
فالأم تلاحظ حرارة جسم طفلها، وتطرح التساؤل: هل هو مريض ويجب أخذه للطبيب، تجمع معلومات معينة (أي طبيب تأخذه إليه، هل هو يوم عمل، هل هي مستعدة للذهاب، هل لديها المال، ...)، تعالج تلك المعطيات جميعها، ثم تتخذ القرار بالتوجه إلى الطبيب أو إلى الصيدلية مثلا.
بعد تطرقنا إلى اختيار الموضوع والمشرف (إذا كان الأمر يتعلق ببحث ماستر أو ماجستير أو دكتوراه)، نتطرق إلى الخطوة الموالية وهي تجميع المعلومات، أي جمع المراجع، أي البحث عن المراجع وفي المراجع، وفي هذا الإطار ينبغي للطالب أو الباحث أن يعرف وأن يطرح قضايا ومسائل أساسية، تتمثل في:
- هل أعرف جيدا المجالات التي يمسها الموضوع والتي أجمع حولها المراجع؟
- هل المعلومات التي سأجمعها كلها مهمة في بحثي؟
- هل المعلومات التي جمعتها لحد الآن كافية؟
- كيف أنظم كل هذه المعلومات والمعطيات؟
- ....إلخ
بداهة أن المعلومات التي يقوم الباحث بجمعها في البداية وقبل أن يخضعها للدراسة والتحليل ستكون بالشكل التالية:
- معلومات صحيحة وخاطئة.
- معلومات غير كافية.
- معلومات مشتتة.
- معلومات غير معالجة.
إن وسائل جمع المعلومات أو ما يسمى بأدوات البحث تقسم إلى أربعة، وليست كلها صالحة في تخصص العلوم القانونية، وهي:
- المقابلات الشخصية (يمكن الاعتماد عليها بشكل محدود جدا).
- الملاحظة (لا حاجة إليها بالشكل الموجود في العلوم الطبيعية وحتى في بعض العلوم الاجتماعية).
- الاستبيانات (خاصة بالعلوم الاجتماعية).
- الوثائق.
وتنحصر الوسيلة التي تخص البحث في العلوم القانونية في البحث في الوثائق، أي الكتب والرسائل والأطروحات والمجلات والموسوعات وقواعد المعطيات ...إلخ.
في كتب منهجية البحث العلمي نجد عدة تقسيمات للمراجع أو الأوعية المعلوماتية يمكن أن نقترح تقسيما واحدا، وهو الذي قسم الوثائق إلى:
- وثائق مكتوبة: تشمل أيضا الرسومات والمخططات والصور، وكذلك الوثائق المسجلة في وسائط سمعية أو مرئية.
- وثائق منشورة: كتب، مجلات علمية، جرائد وصحف، قواميس، معاجم، أطالس، أو ذات استعمال خصوصي: مراسلات، تنظيمات، هياكل تنظيمية، جداول، دليل الاستعمال ....
- وثائق رسمية: القوانين والمراسيم، والمحاضر الشرطية أوالقضائية، والقرارات القضائية ....
- وثائق علمية أو ثقافية أو أدبية.
- وثائق مؤقتة: تستعمل في زمن خصوصي، مثل حالة الطقس، أو دليل السير، أو استمارة انتخابات،..
- وثائق فردية أو جماعية: مقررات تعيين، محاضر اجتماعات ... إلخ
الفرع الثاني
مفهوم البيبليوغرافيا
إن عملية الاشتغال على جمع مادة البحث تتطلب أولا التنقيب على مجموع ما يطلق عليه بيبليوغرافيا الموضوع، أي مجموع المراجع التي سيعتمد عليها في البحث، وهذه العملية تتطلب مهارة معينة في جمعها، فأول ما يجب أن يعرفه الطالب هو الكلمات المفتاحية لبحثه والتي تسمح له بمعرفة المراجع من خلال العناوين، مع إلمامه بمصطلحات العلم الذي يدرسه، ذلك أن بعض الكتب تستعمل في عناوينها مصطلحات أخرى لا يعرفها الباحث، وهي تتحدث عن نفس موضوع بحثه.
فقد يكون موضوع بحث الطالب حول موضوع الالتزامات، بينما بعض القوانين تطلق على الالتزامات الموجبات، أو يكون موضوعه هو التلبس بالجريمة، بينما بعض القوانين تطلق عليه الجريمة المشهودة، وهكذا ...
من جهة أخرى فموضوع الالتزام ينتمي إلى القانون المدني، فالقانون المدني هو كلمة مفتاحية مهمة، كما أنه ينتمي تقسيمات الحق، وبالتحديد الحق الشخصي، فكلمة الحق وكذلك الحق الشخصي هما من الكلمات المفتاحية للموضوع.
إن إعداد بيبليوغرافيا موضوع معين وقبل الانطلاق في البحث عنها ممكن، فتبحث في فهارس المكتبات المختلفة، أو عن طريق الأنترنت، أو في رفوف المكتبات نفسها، سواء المكتبات العامة التي تعير الكتب أو تسمح بالاطلاع في المكان، أو التي تبيعها، وهذا يتطلب البحث في فهارس تلك الكتب أيضا حتى يتم التأكد من دراسة المؤلف للموضوع المبحوث عنه، وقد يبحث الطالب في قائمة المراجع لتك المؤلفات التي تدرس نفس الموضوع لمعرفة ما إذا كان المؤلف قد ذكرا كتابا مفيدا أو كتابا جديدا أو قديما أو كتابا نادرا وغير متوفر، وكل هذه الطرق تفيد في النهاية في إعداد قائمة البيبليوغرافيا التي يتم بعد ذلك محاولة الحصول عليها بالإعارة أو التصوير أو الشراء ... إلخ
والبحث في المكتبات له تقنياته ذلك أن المكتبات لها علم خاص بها، فينبغي معرفة الرموز المختلفة الخاصة بحقل التخصص، فالقانون مثلا في تصنيف العالم الأمريكي ملفل ديوي يقع ضمن فئة العلوم الاجتماعية التي تأخذ الترقيم من 300 إلى 399، والرقم الذي أعطي لعلم القانون هو 340، فعند البحث في المكتبات ينبغي التوجه مباشرة إلى الكتب التي تحتوي هذا الرمز، ثم هناك رموز أخرى لكل فرع من فروع القانون كالتالي:
341 – القانون الدولي، 342 – القانون الدستوري، 343 – القانون العام، 344 – القانون الاجتماعي، 345 – القانون الجزائي، 346 – القانون الخاص، 347 – الإجراءات المدنية، 348 – أنظمة ودعاوي، ثم هناك تقسيمات فرعية أخرى لا داعي لذكرها.
والنسبة للمقالات التي تنشر في المجلات فالبحث فيها صعب نوع ما، وهناك كشافات خاصة لمواضيع المجلات، قد تنشر في الأنترنت، أو يجتهد بعض الناس في جمعها وتوفيرها مثلما فعل رضوان عيسات بالنسبة لكثير من المجلات في تخصص الحقوق.
الفرع الثالث
أنواع المراجع
1- الموسوعات والمعاجم، مثل الموسوعة الجنائية لجندي عبد الملك، أو الموسوعة الجنائية للقاضي فريد الزغبي.
2- المطولات، مثل المطول في القانون الدستوري، والكامل في القانون التجاري
3- المتوسطات، مثل الوسيط في القانون الدستوري، والوسيط في القانون الإداري للدكتور سليمان الطماوي، والوسيط في الإجراءات الجنائية للدكتور أحمد فتحي سرور.
4- الموجزات، مثل الوجيز في القانون الدستوري الدكتور الأمين شريط.
5- الكتب العامة التي تشرح قانونا معينا مثلا، مثل شرح قانون العقوبات الجزائري للدكتور عبد الله سليمان.
6- الكتب المتخصصة، التي تدرس جزئية معينة بتفصيل، مثل مصادر القانون أو عقد البيع.
7- المطبوعات الجامعية، هي دروس أو محاضرات قدمت في الجامعة من طرف أساتذة وأعدوها على شكل مطبوعات مختلفة سواء كانت محاضرات متفرقة أو مجموعة في مطبوعة معينة.
8- الأطروحات والرسائل والمذكرات، أطروحات الدكتوراه، ورسائل الماجستير، ومذكرات التخرج المختلفة.
9- مقالات المجلات المهنية والقضائية (المجلة القضائية للمحكمة العليا، مجلة مجلس الدولة، نشرة القضاة، مجلة الموثق، مجلة المحضر القضائي، مجلة المحامي، مجلة النائب، مجلة الفكر البرلماني ... إلخ)
10- المجلات العلمية المحكمة، مقالاتها تخضع للقراءة والتحكيم من طرف خبراء متعددين، (مثل مجلة الحقوق الكويتية، ومجلة الفقه والقضاء السورية، مجلة القانون والاقتصاد المصرية، مجلة العلوم القانونية والإدارية الجزائرية ... إلخ)
11- مقالات الملتقيات العلمية، تنشر على شكل كتب، أو تنشر في الأنترنت، أو تسلم في شكل أقراص مضغوطة.
12- النصوص القانونية المختلفة: الدستور، الاتفاقيات والمعاهدات، القوانين العضوية، الأوامر، القوانين، المراسيم الرئاسية، المراسيم التنفيذية، المراسيم الوزارية، القرارات الإدارية واللوائح والمنشورات والتعليمات ...)
13- المجلات والصحف بما فيها بعض المجلات الخاصة ببعض الأسلاك والإدارات، كمجلة الشرطة والجمارك والجيش.
14- المواقع الالكترونية، تذكر باسم النطاق فقط، وليس بالضرورة عنوان صفحة الويب نفسها.
15- الأحكام والقرارات القضائية المنشورة منها وغير المنشورة، بعض منها ينشر في مجلات خاصة كمجلة المحكمة العليا، وبعضها في الكتب والدراسات، أو في مجموعات أو موسوعات.
16- القواميس ودوائر المعارف والأطالس والمعاجم وغيرها من أجل التعريفات والمفاهيم وغيرها.
17- الكتب المنشورة في أقراص مضغوطة.
أين توجد هذه المراجع، وكيف يتم الوصول إليها:
في المكتبات المختلفة: مكتبات بلدية، وطنية، جامعية، مكتبات المعاهد المختلفة، الأرشيفات الوطنية ... إلخ
يتم البحث عن بيبليوغرافيا موضوع معين عن طريق الفهارس الورقية والالكترونية، وكذلك عن طريق الأنترنت، مثل:
http://scholar.google.com/schhp?hl=ar
الفرع الرابع
مرحلة القراءة
إن إمساك الكتاب والقراءة فيه ليس مهمة الجميع، فهناك من يتقن القراءة ويستفيد منها، وهناك من يمسك الكتاب كمن يمسك لوحة جامدة، أو كمن يمسك متاهة لا يجد له أولا ولا آخرا، فالكتاب له طرق لقراءته، فهناك القراءة السريعة التي تبدأ بالذهاب إلى نقاط محددة مركزة يتم الاطلاع عليها بلمح البصر، كقراءة الجزء من المقدمة الذي يتضمن الإشكالية، ثم المرور إلى الفهرس لمعرفة فصول البحث وتقسيماته، ثم الاطلاع على الخاتمة وكيف كانت وهل تضمنت نتائج حقيقية أم كانت خاتمة فقيرة من أي إضافات، ثم الاطلاع على قائمة المراجع للتحقق من مدى اطلاع المؤلف.
ثم هناك القراءة العادية والتي تعني أن يقرأ الكتاب من أوله إلى آخره معتمدا على كراسة وقلم حيث يدون المعلومات التي تهمه أو رؤوسها حتى يستطيع العودة إليها.
وأخيرا هناك القراءة الناقدة الفاحصة والتي تقرأ وتكتب تعليقات على كل جزئية، وتنتقد، وتراجع المؤلف فيما كتب نقطة نقطة.
والقراءة الأولى ضرورية عند الاطلاع على أي كتاب جديد، أما الثانية فهي تكون في حالة الكتب المفيدة جدا للبحث لأن الباحث لا ينبغي أن يقرأ ما لا يفيده، ويضيع وقته فيه، أما القراءة الثالثة فهي تكون في حالة المقالات غير المطولة، والتي تتضمن بعض الآراء الشخصية لأصحابها، فتحتاج إلى التأني في الأخذ منها بدون تمحيص وتدقيق.
المطلب الرابع: نسل وتنظيم المعلومات
إن أخذ المعلومات من الكتب دون تنظيم سوف يوقع الباحث في تعب كبير لا طائل منه، وهناك طرق كثيرة لنسل وتدوين وتنظيم الملعومات التي تؤخذ من الكتب:
- من تلك الطرق طريقة البطاقات، وهي أوراق من نوع الورق المقوى التي تخصص منها كل بطاقة لتدوين فكرة ما مقتطعة من كتاب ما مع تدوين كل معلومات ذلك الكتاب والصفحة ... إلخ، ولكن سلبيتها تتمثل في كثرتها وصعوبة تنظيمها.
- ومنها طرقة الملفات أو الدوسيهات، فيجعل الباحث لكل فصل أو مبحث ملفا خاصا يضع فيه ما قام بنقله من المراجع، فكلما نقل معلومة في ورقة معينة مثلا بحث عن الملف المناسب لتلك المعلومة ووضعها فيه.
- أما الطريقة المثلى في وقتنا الحالي فهي استعمال الحاسوب، فيخصص لكل مبحث أو فصل ملف معين بنفس الطريقة التي ذكرناها في طريقة الملفات، ولكن هذه المرة بطريقة إلكترونية وليس ورقية، ومميزات هذه الطريقة كثيرة جدا، وخاصة من حيث سهولة التعديل والتغيير في الحاسوب، وليس هناك من سلبيات أبدا إلا لمن لا يتقن التعامل مع الحاسوب، فقد سهل هذا الأخير كل عسير، وخاصة في عصر الأنترنت أين يمكن تخزين المعلومات في مراكز رفع أو في منتديات أو مواقع أو في الإيميل مثلا.
الفرع الخامس
تحديد الإشكالية
لعل طرح الإشكالية هو عملية أصعب من إيجاد الحلول لها، فالإشكاليات العلمية ليست كأي تساؤل آخر، فهي تطرح فقط عندما يكون في مقدور الباحث دراستها والإجابة عنها، سواء كانت مقدرة مادية أو علمية، وتكون الإجابة متضمنة لإضافة ما (تكتسي أهمية علمية أو عملية)، ويجب على الباحث أن يتقن صياغة المشكلة ليفهمها الجميع، فلا تكون إشكالية في نظر الباحث فقط، كما أن الإشكالية لا يجب أن تتضمن إجابات ضمنية أبدا، بل يكون البحث هو البرهان على النتائج التي يتم التوصل إليها.
فلنأخذ مثالا بالتساؤل التالي: هل يوجد قانون إداري في الجزائر؟ سيكون هذا التساؤل استشكالا لما لا يستشكل، ولا يكون مجديا إضاعة الوقت في البرهان على وجود هذا القانون، أما لو طرح السؤال كالتالي: ما هو مصدر القانون الإداري في الجزائر؟ وبالأصح: ما هي مصادره؟ فهو يكون تساؤلا قابلا للدراسة.
وعلى كل حال فالإشكالية تتطلب العديد من العناصر الضرورية أثناء صياغتها: صياغة دقيقة، صياغة علمية، صياغة موضوعية، صياغة شاملة للخطة التي سيقسم على أساسها الموضوع، وصياغة متوافقة مع العنوان. فالعلاقة بين هذه الثلاثة وثيقة جدا: العنوان والإشكالية والخطة، فالعنوان يحتم طرح الإشكالية بطريقة معينة، والإشكالية ترسم الخطة التي ستتبع، والخطة لا تكون متطابقة مع العنوان كما هو معلوم لكنها تشمل أطوار الموضوع بالشكل الذي يجيب عن الإشكالية.
الفرع السادس
رسم الخطة
لقد أصبح وضع الخطة بصورة مسبقة قبل الشروع في البحث منهجا متبعا في الجامعة الحديثة، وإن كان من المتفق عليه أن الخطة تكون مبدئية وتكون قابلة للتغيير بحسب ما يتكشف أثناء البحث من معطيات لم تكن متاحة بكل تأكيد عند الشروع في البحث، وبلا شك فإن وضع الخطة لا يتضمن فقط عناوين الفصول والمباحث بقدر ما يتضمن خطة العمل التي سيتبعها الباحث بأن يحدد: عنوان البحث، خطة البحث، مدة البحث، أدوات البحث، منهج البحث، تكاليف البحث ... إلخ
وخطة البحث في دراستنا في قسم الحقوق تعتمد مجموعة مبادئ كالتالي:
- أفضل الخطط هي الخطط الثنائية، فتقسم دراسات الدكتوراه عادة إلى جزءين أو قسمين أو بابين، ودراسات الماجستير إلى فصلين، والفصل بدوره إلى مبحثين أو مباحث، والمبحث إلى مطلبين أو مطالب، والمطلب إلى فروع، والفروع يمكن أيضا تقسيمها بحسب أنواع الدراسة، فالموسوعات تقسم الفروع إلى أغصان، والأغصان إلى أفنان، أما دراسات الدكتوراه والماجستير فهي تستعمل الفقرات.
- الخطة يجب أن تكون متوازنة، توازنا كميا لا حسابيا، أي توازنا في أقسام البحث، فالفصلان يجب أن يكونا متوازنين، والمباحث يجب أن تكون متوازنة، وكذلك المطالب، والفروع، فلا يقبل أن يكون فصل من ثمانين صفحة بينما الفصل الآخر من ثلاثين، وهكذا.
- الخطة يجب أن تكون متسلسلة منطقيا بالنسبة لأطوار الموضوع، فالمبادئ قبل التطبيقات، والقواعد قبل الاستثناءات، والأسباب قبل النتائج، والشروط قبل الآثار، وهكذا.
والخلاصة: أن الباحث يختار الموضوع ويصوغ العنوان ويطرح الإشكالية ويرسم الخطة وفق المحددات الآتية: هل يستحق الموضوع البحث؟ هل من الممكن دراسته؟ هل هناك دوافع كافية للقيام بالبحث؟ هل مراجعه متاحة ويمكن الحصول عليها؟ هل يمكن إنجازه في الوقت المحدد؟ هل سبق تناوله بالدراسة؟ ما هي الجوانب الجديدة التي سأدرسها؟ وما الإضافات التي سأضيفها؟ وهل الإشكالية المراد دراستها واضحة محددة المعالم؟
الجزء الثاني من المحاضرات
المرحلة الرابعة: مرحلة التحرير
المبحث الثالث: التقرير النهائي (مرحلة الكتابة)
المطلب الأول: تعريف التقرير النهائي
التقرير النهائي هو البحث ذاته الذي سيقدم إلى لجنة الفاحصين، فهو يتضمن كل ما قام به الباحث من خطوات حيث يبين كيفية تحديده للمشكلة وكيفية بحثه عن المراجع وكيفية تصميمه للموضوع وما توصل إليه من معلومات وتحاليل ونتائج، فالبحث يكون قد تم في مرحلة سابقة على تدوين التقرير النهائي، وتكون أجزاؤه متضمنة في المسودات أو في البطاقات أو في غيرها من الأوعية، ويتم إعداد هذا التقرير ليكون جاهزا للطباعة والنسخ في شكل رسالة أو مذكرة، وهو يتضمن العديد من العناصر الشكلية والموضوعية، وعليه فالتقرير النهائي تلحقه كل الانتقادات التي ستوجه إلى البحث، فقد يوصف بأنه ركيك، أو مليء بالأخطاء، أو بعدم وضوح المنهجية، أو المفتقر إلى النتائج الملموسة والمؤسسة، أو غير الأصيل الذي لا يعتمد على مراجع حديثة، أو الفقير في الجانب المعرفي والمعلوماتي، أو المفتقر إلى التحليل السليم، أو المعقد الأسلوب.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة من البحث هي أهم خطوة، ذلك أن المراجع نفسها قد تكون عند طالبين أحدهما أشطر من الآخر، فتظهر شطارة الباحث في الاستفادة من المراجع، بشكل جيد كالفرق بين طباخ وطباخ أو بين نسيج ونسيج فالمادة الأولية من قطن وصوف هي نفسها لكن قد يصنع منه لباس رقيق أو لباس خشن، وهنا تظهر شخصية الباحث وقدرته، وليس كل ما تم جمعه سيتم إثباته في البحث بل ستبدأ عملية التصفية والاختيار والتمحيص، والباحث الجيد يجعل بحثه بمثابة عملية تحصيل فهو يستزيد من المعرفة، ويجعل عقله مصفاة لكل ما قرأه، ذلك أنه حين بدأ الموضوع كان خالي الذهن تماما من أي فكرة عنه ثم بدأ فيه وبدأت تتضح ملامحه شيئا فشيئا، ومن تمام الاعتماد على النفس والقريحة في البحث أن الباحث لا يجعل اعتماده على المراجع معفيا له من المسؤولية عن الأخطاء التي وقع فيها غيره، بل يضع المراجع نفسها موضع النقد والتمحيص.
فالتقرير النهائي كنوع من التقارير هو وسيلة للاتصال بين الباحث وبين قارئيه من مشرفين وفاحصين وباحثين آخرين، ولذلك فيجب أن يراعي فيه التنسيق وحسن عرض الأفكار بأسانيدها وأدلتها وصولا إلى التوصيات ذات القيمة والأهمية، ويجب أن يراعى فيها الدقة والاختصار وليس الحشو الممل، والاستطراد المخل، وبطبيعة الحال فإن أسلوب الباحث يفرض نفسه على البحث حيث يبين قدراته على البحث، ولكن هذا الأسلوب لا يغطي على المنهجية العلمية المتبعة التي هي منهجية واحدة، ويؤكد هنا على أهمية استعمال اللغة العلمية التي هي عندنا اللغة القانونية بمصطلحاتها وصياغتها والابتعاد عن صور الإنشاء الأدبي الذي هو اختلال كبير يصيب البحث في الصميم.
المطلب الثاني: قواعد التهميش وطرق الاقتباس
إن البحث الذي نقوم به لا نستغني فيه عن الاقتباس مادام أننا نعتمد فيه على المراجع، فأخذنا من المراجع هو اقتباس منها، ولكن طريقة الاقتباس تختلف، فقد يكون الاقتباس حرفيا، فحينئذ ينبغي وضع إشارة تدل على الاقتباس، وهي غالبا تضمين الكلام المقتبس بين شولتين أو مزدوجتين " ..."، فإن كان الاقتباس فيه كلام محذوف عوض الكلام المحذوف داخل النص المقتبس بثلاث نقاط متتابعة، أما الاقتباس الضمني أي أخذ الفكرة من صاحبها وصياغتها بالأسلوب الخاص فهو لا يستدعي أي إشارة مادام أن التهميش سيقوم بدور نسبة القول إلى قائله، وأهم قواعد الاقتباس هو عدم الإكثار منه، وعدم التطويل فيه، فلا يسوغ أن يتم اقتباس صفحة كاملة أو صفحات، وإنما فقط جملة أو جمل عديدة، ويجب في كل الأحوال مراعاة التهميش، فتنسب كل فكرة إلى صاحبها بكل أمانة، وليس كما يفعل الكثيرون، فيختارون تهميش بعض الأفكار وترك بعضها دون تهميش، وكأنها غير معنية به، بينما هي من صميم الأفكار المقتبسة.
أما التهميش فهو الإشارة في هامش الصفحة إلى بيانات المرجع المقتبس أو المأخوذ منه، وعلى كل حال فالتهميش ليس دائما غرضه ذكر المراجع، فقد يكون للتوضيح والبيان والتعقيب والتعليق والنقد والمقارنة وعديد الأغراض التي يمكن مشاهدتها في أي كتاب، وأما طريقة تهميش الكتب فهي على النحو التالي:
أولا: القرآن الكريم
بالنسبة للقرآن: سورة كذا، الآية رقم 21 مثلا
ثانيا: الكتب
طريقة أولى
(1) عبارة انظر (بلا همزة لأنها للوصل): لقب المؤلف (ثم اسمه بين مزدوجتين)، وبنفس الطريقة مؤلف آخر مثلا، أو وآخرون إذا كانوا كثرا، ثم ترجمة: فلان (لقبه ثم اسمه بين قوسين إن كان الكتاب مترجما)، ثم عنوان الكتاب: العنوان الفرعي إذا وجد يفصل بنقطتين، ثم الجزء إن وجد، ثم الطبعة إن وجدت، ثم مكان النشر، ثم دار النشر، ثم سنة النشر، ثم البند إن وجد (هي طريقة مشرقية)، ثم الصفحة (يرمز لها برمز ص متبوع بنقطة هكذا: ص. 21 مثلا)
ملاحظة: لا تذكر الألقاب كأستاذ ودكتور ومحام ومستشار وقاض ورئيس ووزير.
مثلا: (مثال افتراضي فقط)
(1) انظر: المرصفاوي (حسن صادق)، المرصفاوي في قانون العقوبات: شرح القسم العام لقانون العقوبات، ج 3، ط10، القاهرة، دار النهضة العربية، 1999، ص.21
طريقة ثانية
(1) اسم المؤلف ولقبه، عنوان الكتاب، الجزء (إن وجد)، دار النشر، مكان النشر، الطبعة، سنة النشر، الصفحة (ص. 21 مثلا)
مثلا: (مثال افتراضي أيضا)
(1) حسن صادق المرصفاوي، المرصفاوي في قانون العقوبات: شرح القسم العام لقانون العقوبات، ج 3، دار النهضة العربية، القاهرة، ط10، 1999، ص.21
طرق أخرى
يجب على الطالب عند الأخذ بطريقة معينة أن يستمر على الأخذ بها إلى نهاية البحث، وهناك عدة طرق أخرى تتضمن اختلافات يسيرة، مثل:
- ذكر الألقاب، ويكون ذلك بالاكتفاء بكلمة د. (لكل الدكاترة، أما لقب الأستاذ الدكتور فلا يكتب ويكتفى بالدكتور، مع العلم أن القانون الجزائري لم يعد يأخذ بهذه التسمية، واكتفى بكلمة أستاذ فقط).
- ذكر بلد النشر بعد دار النشر لا قبله.
- ذكر رقم الطبعة قبل تاريخها، مثل: ط1، 1999...
- بعض المؤلفين يجعلون تحت عنوان الكتاب سطرا، وبعضهم يجعلون سطرا تحت عناوين المقالات العلمية فقط دون غيرها.
الطريقة المفضلة:
هي الطريقة الأولى، دائما تكتب كلمة انظر، لا تذكر الألقاب، لا تسطر العناوين
ملاحظات: عند التفتيش والتنقيب في صفحات الكتاب من أوله إلى آخره قد لا نجد أحد البيانات، فماذا نفعل؟
- إذا لم تذكر الطبعة فلا بأس بذلك، ويحذف هذا البيان.
- إذا كان الكتاب صادرا بلا تاريخ يكتب: بدون تاريخ نشر في المكان المخصص.
- إذا لم يكن للكتاب ناشر يكتب، دون دار نشر.
- إذا لم يذكر بلد دار النشر فيستغنى عن هذا البيان.
ثالثا: المقالات العلمية:
(1) انظر: لقب الباحث (اسمه بين قوسين)، عنوان المقال، اسم المجلة، عدد 4 مثلا، سنة 2000 مثلا، ص. 21 مثلا.
رابعا: الرسائل العلمية:
(1) انظر: اسم الباحث، عنوان الأطروحة أو الرسالة أو المذكرة، نوعها (مثلا: رسالة ماجستير)، الجامعة أو الكلية التي نوقشت فيها (جامعة الجزائر مثلا)، سنة المناقشة، ص. 21 مثلا
خامسا: النصوص القانونية
(1) نوع القانون (أمر، قانون، مرسوم رئاسي ..) رقم كذا (الترقيم يكون بهذا الشكل: 90-11 حيث 90 هو السنة و 11 هو رقم ترتيبي للقانون بين القوانين من نفس نوعه في نفس السنة)، ج ر (اختصار جريدة رسمية) عدد 10 مثلا، صادر بتاريخ: التاريخ الهجري وموافقه من التاريخ الميلادي أو الاكتفاء بالتاريخ الميلادي فقط، ص. 21 مثلا
سادسا: الأحكام والقرارات القضائية
قد تكون منشورة في مجلات أو مذكورة في كتب ومراجع عامة أو غير منشورة، فيكون التهميش حسب الحالات المذكورة بالكيفيات الآتية:
(1) قرار أو حكم (جنائي، مدني، إداري ...)، اسم الجهة التي أصدرته (الغرفة الجنائية الثالثة للمحكمة العليا مثلا)، ملف رقم 100 مثلا، بتاريخ: 01/01/2000 مثلا، منشور في: المجلة القضائية للمحكمة العليا مثلا، عدد 10 مثلا، سنة 2000 مثلا، ص. 21 مثلا.
(1) قرار أو حكم (جنائي، مدني، إداري ...)، اسم الجهة التي أصدرته (الغرفة الجنائية الثالثة للمحكمة العليا مثلا)، ملف رقم 100 مثلا، بتاريخ: 01/01/2000 مثلا، مذكور في: تهميش الكتاب بالطريقة المذكورة أعلاه في طريقة تهميش الكتب وكذلك الرسائل العلمية.
(1) قرار أو حكم (جنائي، مدني، إداري ...)، اسم الجهة التي أصدرته (الغرفة الجنائية الثالثة للمحكمة العليا مثلا)، ملف رقم 100 مثلا، بتاريخ: 01/01/2000 مثلا، غير منشور.
سادسا: المطبوعات
(1) انظر: لقب واسم الأستاذ، عنوان المطبوعة أو عبارة محاضرات في مقياس كذا، الجهة التي أصدرتها إن وجدت، السنة الجامعية أو تاريخ الطبع، ص. 21 مثلا
الآن هناك حالات للتهميش، فعندما يذكر المرجع لأول مرة يهمش كاملا بالطريقة المذكورة أعلاه، لكن لو ذكر نفس المرجع في نفس الصفحة وفي الهامش الموالي مباشرة قمنا بتهميشه كالتالي: اسم المؤلف، ثم عبارة المرجع نفسه أو نفس المرجع، ثم الصفحة، أو عبارة نفس الصفحة إن كانت من نفس الصفحة، وإن كان ذكر المرجع بعد هامش آخر لمرجع آخر يهمش كالتالي: اسم المؤلف، ثم عبارة المرجع السابق، ثم الصفحة، ولكن لو كان للمؤلف أكثر من كتاب اعتمد عليه الباحث في بحثه فيقوم بتهميشه بذكر اسم المؤلف ثم عنوان الكتاب أو جزء منه كاف للتعريف به، ثم عبارة المرجع السابق، وهكذا مع جميع أنواع المراجع بنفس الطريقة.
وبالنسبة للغة الفرنسية فتعتمد نفس طريقة التهميش من حيث ترتيب البيانات، أما في حالة تكرار المرجع فهناك مختصرات معينة معروفة في هذا المجال، مثل: ibid (نفس المرجع)، op.cit (المرجع السابق) loc.cit (نفس المرجع ونفس الصفحة).
المطلب الثالث: الجانب الشكلي
تتضمن القواعد الخاصة بالشكل أمرين، ما يتعلق بترتيب أجزاء البحث، وما يتعلق بشكليات الكتابة على الحاسوب، فندرسهما في فرعين مستقلين.
الفرع الأول: ترتيب أجزاء البحث
يجب أن يراعى في التقرير النهائي احترام ترتيب أجزاء البحث المعتمدة والتي قد تختلف من كلية إلى أخرى ومن قسم إلى آخر ومن جامعة إلى أخرى ومن تخصص إلى آخر، وهي تتضمن ما يلي:
صفحات تمهيدية: وتتضمن: صفحة العنوان، صفحة الإهداء، صفحة الشكر، قائمة المختصرات إن وجدت.
صفحة العنوان: هي نفس الغلاف الخارجي للمذكرة، وتتضمن: اسم الجامعة والكلية والقسم، وعنوان البحث الذي يفضل أن لا يزيد عن 15 كلمة، وعبارة تحت العنوان تفيد نوع الدرجة التي قدم البحث لاستكمالها، وأسفل منها: اسم الطالب الباحث واسم المشرف، وأسفل منه لجنة الفاحصين أو لجنة المناقشة وفي الأسفل من كل ذلك السنة الجامعية.
صفحة الإهداء: وقد تكون الإهداء لشخص عزيز أو أشخاص أعزاء أو لجهات اعتبارية كالوطن وأجهزة الدولة والجامعة، وقد تكون للمتوفين، وهي جوازية وليست إجبارية، ومع ذلك فلا يجب أن تتضمن عبارات الغرام أو الهيام أو الدلع، وإنما فقط الإعزاز والإجلال.
صفحة الشكر: الشكر والامتنان هو للذين ساعدوا الباحث ووجهوه وأعانوه بأي شكل من الأشكال.
ملخص البحث: بعض الأبحاث يتطلب أن تتضمن في أولها ملخصا للبحث بلغة أجنبية بالإضافة إلى ملخص بلغة البحث.
قائمة المختصرات: قد تعن الحاجة لمثل هذه المختصرات عندما تكون كثيرة في البحث.
المقدمة: يجب أن تكون المقدمة مختصرة، فليس المطلوب فيها تركيز المعلومات، وأن تتضمن بعض العناصر المهمة التي تذكر عادة في المقدمة دون حاجة إلى تخصيصها بعنوان كما يفعل في كثير من التخصصات، ومنها: سبب اختيار الموضوع، والهدف من البحث، والصعوبات والعقبات التي قابلت الباحث، وكذلك الحدود والمجالات التي وضعها الباحث لبحثه كأن يكون قد اختار فترة زمنية محددة، أو قانونا معينا أو مجموعة قوانين لمجموعة دول محددة، كذلك يذكر في المقدمة بالطبع الإشكالية التي سيجيب عنها البحث والفروض المحتملة للإجابة إن كان قد حدد فروضا معينة، والمنهج المتبع في التحليل والدراسة والعرض والمناقشة، والخطة الموضوعة التي يراد اتباعها.
وقد تتضمن المقدمة فحصا للمراجع السابقة بتقدير ما إذا كانت قد تناولت الموضوع بشكل جيد أو أهملت بعض أجزائه أو لم تتطرق إلى المشكلة التي يطرحها الباحث.
الفصول:
بداهة أن البحث سيقسم إلى فصول والفصول إلى مباحث، والمباحث إلى مطالب والمطالب إلى فروع، وتتوالى التفريعات بعد ذلك إلى : فقرات و إلى غصون وأفنان، أو إلى ترقيمات بهذا الشكل: (أولا، ثانيا، ثالثا ...)، ثم (1، 2، 3...)، ثم (أ، ب، ج ...).
يجب أن يراعى في الفصول مجموعة نقاط مهمة: وأولاها التوازن ( الذي هو توازن منهجي وليس توازنا حسابيا، فلا يمكن أن يطول فصل ليصل إلى 40 صفحة بينما يكون فصل آخر في 7 أو 10 صفحات مثلا ) وثانيها: حسن اختيار العناوين الفرعية التي يجب أن تكون كاملة (لا يسوغ الاختصار) ودالة على المحتوى، ومتقنة غير ركيكة الصياغة، وتكون الفروع والمطالب ضرورية وغير متكلفة ومتسلسلة في عرض الأفكار حسب محتوى العنوان الرئيسي).
ويمكن للباحث أن يبدأ كل فصل ومبحث بتمهيد صغير يكون مدخلا للموضوع ومبينا لسبب تقسيمه له بالطريقة التي قسمه بها، ويحافظ على هذا المنهج إلى نهاية البحث، كذلك يمكن للباحث ولغاية الربط بين فصل وفصل أن يختم الفصل بخلاصة موجزة تتضمن النتائج الجزئية التي توصل إليها ويدخل بها إلى الفصل الموالي.
الخاتمة: وهي تعبر عن الخلاصة والاستنتاجات والتوصيات المتوصل إليها، والتي تعتبر إثباتا للمعلومات بالأدلة المعروضة على التحليل ثم التركيب في شكل نتيجة وقاعدة نهائية، وتتضمن دون شك الإجابة عن الإشكالية المطروحة في مقدمة البحث.
الملاحق: يمكن في بعض الأحيان إدراج ملاحق معينة حسب حاجة البحث كجداول أو مقتبسات أو جزء من نصوص غير متوفرة في مراجع أخرى ... إلخ، فيكون مكانها بعد الخاتمة وقبل قائمة المراجع
قائمة المراجع: بنفس الطريقة التي رأيناها في ذكر التهميش تكون المراجع مع مراعاة قواعد معينة تتعلق أساسا بـ : تصنيف المراجع إلى مراجع باللغة العربية ومراجع باللغة الأجنبية، ويبدأ بالمراجع باللغة العربية، وفيها يبدأ بالمراجع العامة ثم المراجع المتخصصة ثم الرسائل والأطروحات ثم المقالات ثم النصوص القانونية وأخيرا الأحكام القضائية، ويراعى في المراجع العامة والمتخصصة والمقالات والرسائل ترتيبها أبجديا لألقاب المؤلفين، والنصوص القانونية يراعى فيها تدرجها التشريعي فالدستور أولا ثم الاتفاقيات ثم القوانين العضوية ثم القوانين والأوامر ثم المراسيم الرئاسية والمراسيم التنفيذية، ويراعى في الأحكام القضائية إن كانت قليلة ذكرها بنفس ترتيبها الذي وردت به في الرسالة وإن كانت متضمنة في مجلات قضائية ترتب حسب أعدادها.
الفهرس: يراعى فيه ذكر الفصول والمباحث والمطالب والفروع فقط دون باقي التفريعات ويشير إلى صفحات تلك الأجزاء، ولذلك فهو يوضع بعد الانتهاء التام من البحث وكتابة كل أجزائه.
المطلب الثالث: الشكليات الخاصة بالكتابة على الحاسوب
يبدأ بإعداد الصفحة للكتابة بالحاسوب، وتجدر الإشارة أن هناك برامج خاصة يتم تنصيبها مع برنامج وورد wordخصيصا لكتابة البحوث، وخاصة هوامش الصفحة التي تكون 2 سم للهامش الأعلى والأسفل والأيسر بينما الهامش الأيمن يكون أكثر من ذلك (3 سم) نظرا لوضع القوابض أو النوابض في تلك الجهة.
بالنسبة للخط فيكون من نوع simplified arabic حجم 16، و12 بالنسبة للهوامش، وعناوين الفصول والمباحث والمطالب وغيرها تكون في الوسط ومن غير نقاط وبخط غامق gras، بالشكل التالي:
الفصل الأول
الجانب الموضوعي مثلا
والكتابة كلها يجب أن تكون مصفوفة justifier والفارق بين الأسطر simple، ويستحسن أن يكون بين كل عنوان وفقرة وبين فقرة وفقرة وبين فقرة والعنوان الموالي فاصل بحجم 8 من أجل مزيد من الوضوح والجمال في النص.
أما التهميش فيكون تلقائيا automatique، ويبدأ من 1 في كل صفحة، وتكون هناك صفحات فاصلة في أول كل فصل يكتب فيها كلمة الفصل الأول، الفصل الثاني ...، وترتب المراجع في نهاية البحث ألفبائيا بعد أن تقسم إلى المراجع باللغة العربية والمراجع باللغة الأجنبية، وتقسم الأولى إلى الكتب العامة ثم المتخصصة ثم الرسائل والأطروحات ثم المقالات العلمية ثم الصحف والمجلات ثم النصوص القانونية مرتبة بحسب درجتها وتاريخها، ثم الأحكام والقرارات القضائية.
المطلب الرابع: الجانب الموضوعي
إن حضور المناقشات العلمية يساعد الطالب في معرفة تلك الأخطاء العلمية والمنهجية والشكلية التي يقع الباحثون عادة فيها، ولكن ليس معنى ذلك أن التوجيهات لم تقدم لهم مسبقا بل هي أخطاء يقع فيها أي باحث مهما كان حرصه باعتبار أن عمله هو عمل بشري، وعليه فهناك العديد من القواعد التي ينبغي مراعاتها أثناء الكتابة، وهي ترجع إلى العديد من الأصناف فمنها ما يتعلق بالشكل والموضوع والروح العلمية والأمانة والموضوعية والجمال اللغوي والبساطة والمنطق الرصين في الاستدلال، ويمكننا إيجاز تلك التوجيهات في الآتي:
- الحذر كل الحذر من السرقة العلمية التي انتشرت في الأعصر الأخيرة في العالم العربي، بسبب عدم القدرة العلمية لدى الباحثين، وعدم كفاءتهم، وقلة ثقافتهم واطلاعهم، وعدم وجود الوازع الأخلاقي لديهم.
- البحث عن الأصالة في المواضيع المطروحة وفي الطرح ذاته ومحاولة تجنب البحوث الكلاسيكية التي تستقر في أرفف المكتبات ولا تساهم في صقل موهبة الباحث ولا في توسيع اطلاعه ومعارفه ولا في تحفيز الجرأة لديه لمواصلة البحث العلمي.
- إن النقل والنقل والاقتباس من الكتب ليس هو غاية الباحث ولا هو هدفه وإنما الغاية هي النقل الواعي والأمين، على عكس النقل الواعي وغير الأمين وأحيانا غير المشروع، والنقل غير الواعي الذي هو سمة أكثر البحوث اليوم.
- إن الموضوعية هي أصل من أصول البحث العلمي، ويقصد بها الحياد التام في البحث والبعد عن تأثير الأهواء والانفعالات، ولا يمنع الباحث أي مانع من إبداء رأيه دون تهكم ودون تسفيه، فإذا فعل ذلك فقد خرج عن الموضوعية والروح العلمية، كما أنه عندما يجرح في الآخرين فإنه يعطيهم الحق أيضا في تجريحه، وهذا يؤدي إلى فساد علمي عظيم، والموضوعية مطلوبة حتى في العلوم الإنسانية لأنها لا تعني تخلي الإنسان عن خلفياته الفكرية بقدر ما تعني الضمير العلمي والاطمئنان إلى ما يؤدي إليه الاستدلال دول تلو ولا روغان.
- من غير اللائق علميا أن يذكر الباحث عبارات مثل: "يرى بعض الباحثين" ، أو "يرى البعض"، أو "يرى فريق" ثم لا يبين من هم هؤلاء المقصودون، فكأنه نسبة إلى مجهول، مع العلم أن هذا الكلام يمكن أن يعتمد عليه آخرون فيصبح رأيا بلا صاحب.
- من الأخطاء الشائعة وجود تطابق بين عنوان البحث وعنوان جزئي داخل البحث، كعنوان فصل أو مبحث، أو التطابق بين عنوان فصل وعنوان مبحث أو مطلب داخل الفصل أو المبحث، فهذا الأمر بائن عواره، ولا يجوز أبدا.
- ومن الأخطاء الشائعة عدم تحديد منهج الدراسة في المقدمة أو عدم ظهور المنهج المحدد في تلافيف الدراسة، وكأن ذكر المنهج هو ذكر شكلي فقط دون الاعتناء بأصول ذلك المنهج وأسسه، كأن يذكر مثلا أن المنهج المتبع هو المنهج التحليلي ثم لا يظهر لهذا المنهج أي أثر.
- إن الخاتمة ليست مجرد ترديد لما جاء داخل البحث، بل لها أغراض محددة هي الإجابة عن الإشكالية وذكر النتائج والتوصيات، مع الاعتماد على المنطق السليم في الاستنتاج.
- كذلك المقدمة لا ينبغي أن تشتمل على التفاصيل الكثيرة والتعاريف، وخاصة شرح النظريات المعروفة التي لها تفاصيل في الكتب، ولا يمنع من الإشارة إليها في الهامش، وعموما فإن الباحث يجب أن يضع في ذهنه عند كتابة المقدمة أن القارئ عندما ينهي قراءتها سوف يدرك ماهية المشكلة وفروعها ؟
- ينبغي على الباحث أن يجعل البحث يتحدث عن نفسه ويتجنب تماما ظهور شخصه في البحث في صورة التعبير عن ذاته كالقول: أنا ونحن، وأرى، وأعتقد، وقد استفدت من الموضوع، وقد توصلت ... إلخ، ويستعمل ضمير الغائب والمبني للمجهول كالقول: يبدو أنه، يظهر، ويتضح مما سبق، و غيرها.
- إن اللغة هي مرآة الباحث والبحث، ومهما كانت لغة الباحث غير جميلة فهناك قواعد ينبغي الالتزام بها رغم ذلك، كالابتعاد عن التكرار والحشو واستعمال اللغة الحديثة، وعدم استعمال اللغة الأجنبية بلا غرض إلا إذا تعلق الأمر ببعض الاصطلاحات، ويستطيع الباحث عرض بحثه قبل الطباعة على مدقق لغوي من معارفه تفاديا للوقوع في ورطات لغوية.
- إن استعمال علامات الترقيم لا غنى عنه، ويجب استعمالها استعمالا صحيحا، ويمكننا تلخيص ذلك في الآتي: النقطة ( في نهاية الجملة التامة، وللتعبير عن الاختصار مثل ص. لكلمة صفحة)، الفاصلة (لسكتة الخفيفة بين أجزاء الكلام، وين الكلمات المترادفة، والمتعاطفة، وبين الشرط وجوابه، والصفات المتكررة، وبين القسم وجوابه، وبعد المنادى ...)، النقطة الفاصلة أو الفاصلة المنقوطة (بين جملتين طويلتين في نفس السياق كأن تكون إحداهما سببا للأخرى)، النقطتان الرأسيتان (للتوضيح وبداية التنصيص)، علامة الاستفهام (بعد الجمل الاستفهامية)، علامة التعجب (بعد الصيغ التعجبية)، الشرطة أو الوصلة (للجمل المنفصلة في أسطر مستقلة للعبير عن أفكار متسلسلة)، الشرطتان (للجمل الاعتراضية)، الشولتان المزدوجتان (لتضمين الكلام المقتبس أو التنصيص)، القوسان (لتوضيح المعاني أو حول بعض الكلمات التي ليست من أركان الكلام كالأسماء الأجنبية أو الأرقام أو غيرها)، القوسان المعقوفان أو المركنان (للزيادة في الاقتباس أو للتقويم والتوضيح)، النقط الأفقية (علامات الحذف في الاقتباس)، الخط المائل (تستعمل مع الأرقام كالفقرات في النصوص القانونية مثلا).
- وبالجملة يمكن تلخيص أهم الملاحظات التي تتعلق بالمضمون في: الاعتماد الواسع على النفس في التحليل بكل حرية وأريحية دون خجل ولا وجل وعدم الإفراط في الاقتباس، والالتزام بالخطة الموضوعة من حيث التسلسل المنطقي للأفكار والبحث عن جواب الإشكالية في غضون كل جزئية من جزئيات البحث، والتزام اللغة العلمية والموضوعية والأمانة.