راجع:
بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تناولت حقوق المرأة والطفل هناك اتفاقيات خاصة بهاتين الشريحتين الهامتين جدا سواء في إطار القانون الدولي العام أو القانون الدولي الإنساني.
ونذكر في هذا الإطار أنه بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية فقد كان موضوع المرأة والطفل وحقوقهما محل دراسات ومناقشات في العديد من المؤتمرات والقمم العالمية التي عقدت تحت إشراف هيئات دولية عدة ومن أهمها ما يلي:
- قمة الأرض المنعقدة في ريو ديجانيرو بالبرازيل 1992.
- المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا بالنمسا سنة 1993.
- مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة مصر سنة 1994.
- المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين بالصين سنة 1995.
- مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في استنبول بتركيا عام 1997.
في هذا الصدد يمكننا تقسيم الموضوع إلى أربعة عناصر:
- حماية الأمومة والطفولة والمرأة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان (النصوص والمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان بصفة عامة)
- حماية الأمومة والطفولة والمرأة في المؤتمرات والقمم العالمية السابق ذكرها.
- الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر والخاصة بحماية حقوق الأطفال بصفة عامة.
- الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر والخاصة بحماية حقوق المرأة والأمومة.
الفصل الأول: حقوق المرأة والطفل في الشرعة الدولية
لحقوق الإنسان
إن حقوق الإنسان هي المعايير الأساسية التي لا يمكن للناس العيش بدونها بكرامة كبشر.
وهي حقوق عالمية غير قابلة للتصرف ومتأصلة في كرامة كل فرد.
وقد أرست الأمم المتحدة، باعتمادها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، معايير مشتركة لحقوق الإنسان، ورغم أن هذا الإعلان ليس قانوناً دولياً ملزماً، إلا أن مصادقة جميع دول العالم عليه منحته أهمية كبيرة لمبدأ المساواة واحترام الكرامة الإنسانية لجميع البشر على اختلاف دياناتهم وأجناسهم بغض النظر إن كان الشخص غنياً أم فقيراً، قوياً أم ضعيفاً، ذكراً أم أنثى.
ومنذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تبنت الأمم المتحدة العديد من الصكوك الدولية الملزمة قانونا لتعزيز تلك الحقوق.
وتستخدم هذه المعاهدات كإطار لطرح المناقشات وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان.
وتلزم هذه الصكوك الدول الأطراف بتنفيذ المبادئ والحقوق التي أوردتها. كما أرسى الإطار العام أيضا قوانين وصكوكا أخرى تخضع الحكومات للمسائلة في حالة انتهاكها لحقوق الإنسان.
ويتضمن الإطار العام لحقوق الإنسان، الإعلان العالمي وستة معاهدات جوهرية:
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ واتفاقية حقوق الطفل؛ واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري؛ والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وقد صادقت جميع دول العالم على واحدة على الأقل من هذه المعاهدات، في حين أن دولا كثيرة صادقت على معظمها.
تقع أهمية هذه المعاهدات في أنها تستخدم كأداة لمساءلة الحكومات حول احترام وحماية حقوق الإنسان وإعمالها في بلادهم.
وانطلاقاً من كونها جزءاً من قانون الإطار العام لحقوق الإنسان، فإن جميع هذه الحقوق غير قابلة للتجزئة ومترابطة بل ويعتمد أحدها على الآخر.
وإن للتوعية بالإطار العام لحقوق الإنسان أهمية كبيرة إذ تساهم في تعزيز وحماية حقوق الطفل وإعمالها لأن اتفاقية حقوق الطفل ـ والالتزامات المترتبة عليها ـ هي جزء من هذا الإطار.
المبحث الأول: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
اعتمد ونشر على الملأ بقرار الجمعية العامة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 ديسمبر 1948.
صادقت عليه الجزائر بموجب المادة 11 من دستور سنة 1963 (الجريدة الرسمية عدد 64 مؤرخة في 10 سبتمبر 1963) لم يتم نشر النص الكامل للإعلان
جاء في الديباجة الإشارة إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق، وهو ما جاء أيضا في المادة 2
في المادة 16 حق المرأة في الزواج وتكوين أسرة
في المادة 2/25 للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية.
والمادة 26 تحدثت عن الحق في التربية والتعليم.
المبحث الثاني: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعتمد هذا الصك وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966.
تاريخ بدء النفاذ في 23 مارس 1976 طبقا للمادة 49 منه.
صادقت عليه الجزائر في 16 ماي 1989 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-67 المؤرخ في 11 شوال عام 1409 الموافق 16 ماي 1989 الجريدة الرسمية عدد 20 مؤرخة في 17 ماي 1989.
النص الكامل نشر في الجريدة الرسمية عدد 11 مؤرخة في 26 فيفري 1997 مع إعلانات تفسيرية خاصة بالمواد 1،22،23.
أكد العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية في أربع مواد لحقوق الطفل
المادة السادسة التي تحرم تطبيق عقوبة الإعدام على الأطفال
المادة 14 تتحدث عن الإجراءات في حالة الأشخاص الأحداث، بحيث يؤخذ موضوع أعمارهم والرغبة في إعادة تشجيع تأهيلهم بعين الاعتبار.
المادة 23: تتحدث عن العائلة باعتبارها الوحدة الاجتماعية والطبية الأساسية في المجتمع وعن ضرورة حماية الأطفال في حالة الطلاق،
المادة 24: الخاصة بالأطفال حقهم في الاسم والجنسية.
المبحث الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966
تاريخ بدء النفاذ: 3 يناير 1976، طبقا للمادة 27.
صادقت عليه الجزائر في: 16 ماي 1989 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-67 المؤرخ في 16 ماي 1989،
الجريدة الرسمية رقم 20 المؤرخة في 17 ماي 1989 (مرسوم التصديق)
النص الكامل للعهد الدولي منشور بالجريدة الرسمية رقم 11 المؤرخة في 26 فبراير 1997.
أكد العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ثلاث مواد أشارت بشكل صريح إلى حماية حقوق الطفل
المادة العاشرة تشير إلى وجوب منح الأسرة حماية أوسع (رضا الزوجين بالزواج) ووجوب منح الأمهات حماية خاصة خلال فترة معقولة قبل الولادة وبعدها (الإجازة والضمان الاجتماعي) ووجوب اتخاذ إجراءات خاصة كحماية ومساعدة جميع الأطفال والأشخاص الصغار دون أي تمييز لأسباب أبوية أو غيرها..
المادة الثانية عشرة أكدت وجوب توفير العناية الصحية البدنية والعقلية لكل فرد للأطفال خاصة وذلك من خلال العمل على خفض نسبة الوفيات في المواليد وفي وفيات الأطفال، ومن ّأجل التنمية الصحية للطفل،
أما المادة 13 فركزت على حق التعليم وجعل التعليم الابتدائي إلزاميا والتعليم الثانوي والعالي متاحا وميسورا، وحق اختيار مدارس غير حكومية تراعي بعض المعايير.
المبحث الرابع
اتفاقية حقوق الطفل
اعتمدت هذه الاتفاقية وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44-25 المؤرخ في 20 نوفمبر 1989ـ
تاريخ بدء النفاذ: 2 سبتمبر 1990
صادقت عليها الجزائر في: 19 ديسمبر 1992
بموجب المرسوم الرئاسي رقم 92-461 المؤرخ في 19 ديسمبر 1992
مع تصريحات تغييرية على المواد 13، 14ف1و2منه، 16و17.
الجريدة الرسمية رقم 91 المؤرخة في 23 ديسمبر 1992.
يجب التذكير أن هذه الاتفاقية سبقت بخطوات تمهيدية سابقة لصدور الاتفاقية، تتمثل أساسا في:
الإعلان العالمي لحقوق الطفل لعام 1924 (جنيف) كنواة تأسيسية.
الإعلان العالمي لحقوق الطفل لعام 1959.
المطلب الأول
الإعلان العالمي لحقوق الطفل لعام 1924 (جنيف)
اعتمد هذا الإعلان من المجلس العام للاتحاد الأوروبي لإغاثة الأطفال في جلسته بتاريخ 23 فيفري 1923، وتم التصويت عليه من قبل اللجنة التنفيذية في جلستها بتاريخ 17 ماي 1923، والموقع عليه من أعضاء المجلس العام في فيفري 1924.
طبقا لإعلان حقوق الطفل المسمي إعلان جنيف، يعترف الرجال والنساء في جميع أنحاء البلاد بأن علي الإنسانية أن تقدم للطفل خير ما عندها، ويؤكدون واجباتهم، بعيدا عن كل اعتبار بسبب الجنس، أو الجنسية، أو الدين.
1- يجب أن يكون الطفل في وضع يمكنه من النمو بشكل عادي من الناحية المادية والروحية.
2- الطفل الجائع يجب أن يطعم، والطفل المريض يجب أن يعالج، والطفل المتخلف يجب أن يشجع، والطفل المنحرف يجب أن يعاد للطريق الصحيح، واليتيم والمهجور يجب إيواؤهما وإنقاذهما.
3- يجب أن يكون الطفل أول من يتلقى العون في أوقات الشدة.
4- يجب أن يكون الطفل في وضع يمكنه من كسب عيشه، وأن يحمي من كل استغلال.
5- يجب أن يربي الطفل في جو يجعله يحس بأنه يجب عليه أن يجعل أحسن صفاته في خدمة أخوته.
المطلب الثاني
الإعلان العالمي لحقوق الطفل لعام 1959
اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة1386 (د-14) المؤرخ في20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959
امتنت عن التصويت عن هذا الإعلان دولتان هما: كمبوديا وجنوب إفريقيا، وأصبح هذا الإعلان ومازال من أهم الوثائق الدولية في مجال حماية حقوق لطفل.
الديباجة
لما كانت شعوب الأمم المتحدة، في الميثاق، قد أكدت مرة أخري إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الشخص الإنساني وقيمته، وعقدت العزم علي تعزيز التقدم الاجتماعي والارتقاء بمستويات الحياة في جو من الحرية أفسح،
ولما كانت الأمم المتحدة، قد نادت، في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بأن لكل إنسان أن يتمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة فيه، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر،
ولما كان الطفل يحتاج، بسب عدم نضجه الجسمي والعقلي إلي حماية وعناية خاصة، وخصوصا إلي حماية قانونية مناسبة سواء قبل مولده أو بعده،
وبما أن ضرورة هذه الحماية الخاصة قد نص عليها في إعلان حقوق الطفل الصادر في جنيف عام 1924 واعترف بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي النظم الأساسية للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية برعاية الأطفال،
وبما أن للطفل علي الإنسانية أن تمنحه خير ما لديها،
فإن الجمعية العامة،
تصدر رسميا "إعلان حقوق الطفل" هذا لتمكنيه من التمتع بطفولة سعيدة ينعم فيها، لخيره وخير المجتمع، بالحقوق والحريات المقررة في هذا الإعلان، وتدعو الآباء والأمهات، والرجال والنساء كلا بمفرده، كما تدعو المنظمات الطوعية والسلطات المحلية والحكومات القومية إلي الاعتراف بهذه الحقوق والسعي لضمان مراعاتها بتدابير تشريعية وغير تشريعية تتخذ تدريجيا وفقا للمبادئ التالية:
المبدأ الأول
يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته.
المبدأ الثاني
يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة. وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية.
المبدأ الثالث
للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.
المبدأ الرابع
يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم. وعلي هذه الغاية، يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده. وللطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوي واللهو والخدمات الطبية.
المبدأ الخامسيجب أن يحاط الطفل المعوق جسميا أو عقليا أو اجتماعيا بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته.
المبدأ السادس
يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية منسجمة النمو مكتملة التفتح، إلي الحب والتفهم. ولذلك يراعي أن تتم تنشئته إلي أبعد مدي ممكن، برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، وعلى أي حال، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز، إلا في ظروف استثنائية، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب علي المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلي كفاف العيش. ويحسن دفع مساعدات حكومية وغير حكومية للقيام بنفقة أطفال الأسر الكبيرة العدد.
المبدأ السابع
للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانيا وإلزاميا، في مراحله الابتدائية علي الأقل، وأن يستهدف رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه، علي أساس تكافؤ الفرص، من تنمية ملكاته وحصافته وشعوره بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية، ومن أن يصبح عضوا مفيدا في المجتمع.
ويجب أن تكون مصلحة الطفل العليا هي المبدأ الذي يسترشد به المسؤولون عن تعليمه وتوجيهه. وتقع هذه المسؤولية بالدرجة الأولي علي أبويه.
ويجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة للعب واللهو، اللذين يجب أن يوجها نحو أهداف التعليم ذاتها. وعلي المجتمع والسلطات العامة السعي لتيسير التمتع بهذا الحق.
المبدأ الثامن
يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة.
المبدأ التاسع
يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صور الإهمال والقسوة والاستغلال. ويحظر الاتجار به علي أية صورة.
ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم. ويحظر في جميع الأحوال حمله علي العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.
المبدأ العاشر
يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلي التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يربي علي روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية، وعلي الإدراك التام لوجوب تكريس طاقته ومواهبه لخدمة إخوانه البشر.
المحاضرة القادمة
اتفاقية حقوق الطفل (CRC)