اتفاقية حقوق الطفل - دراسة تحليلية
1- مراجعة بشأن تطبيق القانون الدولي الاتفاقي في الجزائر.
1-1- الإشكالية:
كيف يطبق القانون الدولي الاتفاقي (الاتفاقيات والمعاهدات) في الجزائر؟ هل تعتبر المعاهدات أسمى من القانون؟ هل هي أسمى منالدستور؟ هل يمكن للقاضي تطبيق الاتفاقات الدولية بمجرد التصديق عليها دون حاجة لمراقبة دستوريتها؟ هل يمكنه مراقبة دستوريتها؟ هل يمكنه تطبيقها قبل إدراجها في القانون الداخلي؟
1- 2- المذاهب:
1-2-1- مذهب الثنائية: النظامان القانونيان الدولي والداخلي هما نظامان منفصلان كلية، لكل منهما مجال يطبق فيه، ولا يمكن تطبيق القانون الدولي من قبل المحاكم الوطنية إلا إذا تم تحويله أو إدماجه في القانون الداخلي، وأكثر من ذلك أن القانون الدولي مندمجا في القانون الداخلي يخضع للقيود الدستورية المطبقة على القوانين الوطنية، ويمكن إلغاؤه بواسطة عمل تشريعي لاحق (قد يرتب ذلك مسؤولية الدولة).
2-2-1- مذهب الوحدة: القانون الدولي والقانون الداخلي كلاهما فرع لنظام قانوني واحد، وهناك عدة اتجاهات في هذا المذهب:
الاتجاه الغالب يرى أن القانون الدولي أسمى من القانون الداخلي على اعتبار أن هذا الأخير مشتق من الأول،
يترتب على ذلك أن القاعدة الدولية لا يمكن أن تخضع للقانون الداخلي ولا أن تكون موضوعا للقيود الدستورية، فهي تنتج أثرا ملزما مباشرا ليس في مواجهة الدولة فقط بل حتى في مواجهة الأفراد.
3-1- موقف المؤسس الدستوري الجزائري:
1-3-1- دستور 63:
النص القانوني: المادة 42: يوقع رئيس الجمهورية بعد استشارة المجلس الوطني و يصادق على المعاهدات والاتفاقيات و المواثيق الدولية و يسهر على تنفيذها.
لم يتعرض النص لمسألة تناقض المعاهدة مع القانون الداخلي دستورا كان أو قانونا عاديا.
تعرض فقط إلى عملية إدماج المعاهدات في النظام القانوني الداخلي عن طريق مصادقة رئيس الجمهورية عليها.
يستخلص من ذلك أنه ليس بإمكان القاضي الجزائري تطبيق القواعد الدولية من تلقاء نفسه دون أن يتم إدماجها في القانون الداخلي، كما أن المجلس الدستوري غير مخول بالنظر في مدى دستورية المعاهدات.
2-3-1- دستور 76:
النص القانوني:
المادة 158 : تتم مصادقـــة رئيس الجمهورية على المعاهـــدات الســـياسية و المعاهدات التي تعدل محتوى القانون، بعد الموافقة الصريحة عليها من المجلس الشعبي الوطني.
وفقا لهذا النص فالمعاهدة باعتبارها جزءا من النظام القانوني الداخلي قد تخضع للتعديل عندما يوافق البرلمان على قانون جديد يعدل أحكام القانون القديم، بينما لا يمكن لمعاهدة أن تلغي قانونا ما لم يتم تبنيها عن طريق قانون.
المادة 159 : المعاهدات الدولية التي صادق عليها رئيس الجمهورية طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور، تكتسب قوة القانون.
وفقا لهذا النص فالمعاهدة عندما تندمج في القانون تصبح مثله، فتلغى وتعدل، وأن القاضي يعتد بها فقط دون غيرها من قواعد القانون الدولي غير الاتفاقية إلا إذا لم يوجد تعارض بينها وبين القانون الداخلي.
والنص مع ذلك تضمن ثغرة قانونية تتمثل في عدم وجود قاضي الدستورية، وبالتالي فالقاضي لا يمكنه الفصل في دستورية المعاهدة ولا النظر في شرعية التصديق ذاته على المعاهدة، وبالتالي القول بأنه يطبق المعاهدات حتى ولو كانت تعدل القانون.
المادة 160 : إذا حصل تناقض بين أحكام المعاهدة أو جزء منها و الدستور، لا يؤذن بالمصادقة عليها إلا بعد تعديل الدستور.
أي أنه لا يمكن للنظام القانوني الداخلي أن يبنى قواعد اتفاقية دولية إلا إذا كانت متوافقة مع الدستور