محاضرة خاصة حول تعزيز حماية القصر
بموجب تعديل قانون العقوبات سنة 2014
لقد جاء تعديل تعديل قانون العقوبات لسنة 2014 بالجديد في موضوع حماية القصر وما يتعلق بحقوق الطفولة وكذا مكافحة التمييز العنصري وهو لا همنا في المحاضرة الحالية، وقد جاء هذا التعديل استجابة لطلبات واسعة من شرائح المجتمع الجزائري، على إثر حوادث اختطاف الأطفال خاصة التي يعلمها العام والخاص.
إن تشديد العقوبة المسلطة على بعض الجرائم مثل اختطاف الأطفال والتسول بهم وتشجيعهم على الفسق والدعارة هو بمثابة تكيف للتشريع الوطني مع التشريعات وبعض الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر ، كما هو استجابة واضحة ورد فعل سريع أمام ارتفاع ارتكاب الجرائم ضد الأطفال بالمجتمع الجزائري في الآونة الأخيرة، حيث كان لزاما على المشرع الجزائري أن يقابل هذا النوع من الجرائم الجديدة بعقوبات جديدة جاء بها تعديل قانون العقوبات الذي صدر في الجريدة الرسمية العدد 7 المؤرخة في 16 ربيع الثاني عام 1435 هـ الموافق 16 فبراير سنة 2014 م التي تضمنت القانون رقم 14-01 المؤرخ في 4 ربيع الثاني عام 1435 هـ الموافق 4 فبراير سنة 2014 يعدل ويتمم الأمر رقم 66-156 المتضمن قانون العقوبات. (ص. 4)
1- مقتضيات النص:
إن النظر في مقتضيات هذا التعديل التي جاءت في ديباجة القانون فيما يطلق عليه التأشيرات يبين بوضوح أن الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الجزائر مؤخرا تعتبر سببا كبيرا لهذا التعديل، وتزامن ذلك طبعا مع الضغط المجتمعي والقضائي على إثر حوادث اختطاف الأطفال التي تكررت بشكل ملفت، وهذه هي تلك النصوص التي جاءت في المؤشرات:
- الاتفاقية الدولية الخاصة بإزالة جميع أشكال التمييز العنصري التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر سنة 1965 والمصادق عليها بموجب الأمر رقم 348-66 المؤرخ في 3 رمضان عام 1386 الموافق 15 ديسمبر سنة 1966.
- اتفاقية حقوق الطفل التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1989 والمصادق عليها مع تصريحات تفسيرية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 461-92 المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1413 الموافق 19 ديسمبر سنة 1992.
- الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة في القاهرة بتاريخ 25 ذي الحجة عام 1418 الموافق 22 أبريل سنة 1998 والمصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 413-98 المؤرخ في 18 شعبان عام 1419 الموافق 7 ديسمبر سنة 1998 .
- اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية للوقاية ومكافحة الإرهاب المعتمدة خلال الدورة العادية الخامسة والثلاث المنعقدة في الجزائر من 12 إلى 14 يوليو سنة 1999 والمصادق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم 79-2000 ا لمؤرخ في 4 محرم عام 1421 الموافق 9 أبريل سنة 2000
- الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1999 والمصادق عليها بتحفظ بموجب المرسوم الرئاسي رقم 445 -2000 ا لمؤرخ في 27 رمضان عام 1421 الموافق 23 ديسمبر سنة 2000.
- البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية المعتمد بنيويورك في 25 مايو سنة 2000 والمصادق عليه بموجب المرسوم الرئاسي رقم 299 -06 المؤرخ في 9 شعبان عام 1427 الموافق 2 سبتمبر سنة 2006.
- تعديل اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية المعتمدة بفيينا في 8 يوليو سنة 2005 والمصادق عليه بموجب المرسوم الرئاسي رقم 16-07 المؤرخ في 25 ذي الحجة عام 1427 الموافق 14 يناير سنة 2007.
- الاتفاقية الدولية لقمع أعمال الإرهاب النووي والمصادق عليها بتحفظ بالمرسوم الرئاسي رقم 270-10 ا لمؤرخ في 26 ذي القعدة عام 1431 الموافق 3 نوفمبر سنة 2010.
2- محتوى التعديل بصفة عامة:
بداية لقد تم تعديل المادة 5 الخاصة بالعقوبات الأصلية للجنايات في البند الثالث، حيث زيدت عبارة ما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى قصوى (أي أكثر من عشرين سنة)
ثم تم تعديل المادة 49 التي كانت كالآتي:
لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشرة إلا تدابير الحماية والتربية، ومع ذلك فإنه في مواد المخالفات لا يكون محلا إلا للتوبيخ، ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 إلى 18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو عقوبات مخففة.
هذه المادة الأساسية التي اعتمدت قاعدة خاصة بمتابعة جرائم الأحداث، تم تغيير حدود السن فيها، فأصبحت كالتالي:" لا يكون محلا للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل عشر سنوات، لا توقع على القاصر الذي يترواح سنه من 10 إلى أقل من 13 سنة إلا لتدابير الحماية والتهذيب، ومع ذلك فإنه في مواد المخالفات لا يكون محلا إلا للتوبيخ، ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 سنة إما لتدابير الحماية أو التهذيب أو لعقوبات مخففة"
إن معنى هذا التعديل أن الطفل تحت 10 سنوات لا يجوز معاملته قضائيا أصلا، وأن الطفل من 10 إلى 13 يخضع لإجراءات الحماية والتربية، بينما يدخل في مفهوم الحدث الذي يعامل ببعض العقوبات المخففة والتدابير الخاصة بالأحداث.
ثم تم تعديل بعض الأحكام الخاصة بالفترة الأمنية، وكذا بعض المفاهيم الخاصة بالجرائم الإرهابية والتخريبية، وتم استحداث جريمة جديدة، يتعلق الأمر بما سماه المشرع جريمة التمييز، ليعود بعد ذلك المشرع إلى ما يتعلق بالأطفال من جديد،
- حيث جرم المشرع التسول بالأطفال بنص خاص هو المادة 195 مكرر.
- كما تم تعديل المواد 291، 293 مكرر، والخاصة بجريمة الخطف، وتم استحداث موادة جديدة خاصة بخطف القصر، وهي المواد 295 مكرر 1 ستحدث مادة جديدة هي المادة 319 مكرر، وهي تخص المتاجرة بالأطفال.
- كما استحدث المادة 333 مكرر 1، وهي تخص تصوير القاصر وهو يمارس أنشطة جنسية.
- كما تعديل العقوبة الخاصة بمرتكب جريمة الاغتصاب وجريمة الاغتصاب المرتكبة على القاصر.
- كما أن المشرع عاد إلى نص المادة 337 مكرر الخاصة بالفاحشة بين المحارم وضمنها تعديلا مهما يتعلق بجعل علاقة الكافل بالمكفول ممماثلة للعلاقات التي ذكرها النص الخاص بالفاحشة بين المحارم.
- وعاد أيضا إلى المادة 342 والخاصة بتحريض القصر على الفسق وفساد الأخلاق، وهو تعديل للصياغة القانونية فحسب.
- وأخيرا تم تعديل نص المادة 344 ليتماشى مع مفهوم القاصر وهو الطفل الذي لم يكمل 18 سنة وليس 19 سنة كما جاء في المادة محل التعديل.
وما يمكن استخلاصه من هذا النص عموما أن حصة الأسد فيه عادت للأطفال والقصر من أجل مزيد من الحماية وكذا التماشي مع المفاهيم التي فرضتها الاتفاقيات الدولية، كما يشكر للمشرع انتباهه لبعض أخطاء الصياغة التي حاول تعديلها تفاديا للبس والغموض.
ينص القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات على تسليط عقوبة شديدة تصل الى حد الإعدام لمختطفي القصر كما يعاقب بالحبس المتسولين بهم والذين يبيعونهم او يشترونهم بالاضافة الى عقوبات تصل لحد الإعدام بالنسبة لجرائم اختطاف الأطفال التي تنتهي بوفاة الضحية وبالسجن لمدة تصل الى سنتين لكل من يتسول بقاصر أو يعرضه للتسول، وتنص المادة 293 مكرر من النص على أن كل من يخطف أو يحاول القيام بخطف شخص مرتكبا في ذلك عنفا او تهديدا او غشا يعاقب بالسجن المؤقت من 10 سنوات الى عشرين (20) سنة وبغرامة من 1.000.000 دج الى 2.000.000 دج" وينص التعديل على معاقبة الفاعل بالسجن المؤبد اذا تعرض الشخص المخطوف الى التعذيب الجسدي او اذا كان الدافع الى الخطف هو تسديد فدية وعدم استفادة مرتكبي هذه الأفعال من ظروف التخفيف وتصل العقوبة الى الإعدام في حالة وفاة الضحية. وفيما يخص التسول بالقصر تنص المادة 195 من التعديل على أن يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى سنتين كل من يتسول بقاصر لم يكمل 18 سنة أو يعرضه للتسول وتقترح المادة القانونية مضاعفة العقوبة عندما يكون الفاعل احد أصول القاصر أو أي شخص له سلطة عليه.
وتنص المادة 319 مكرر على المعاقبة بالحبس من سنة الى خمس سنوات وبغرامة من 100ألف دج الى 500ألف دج كل من باع او اشترى طفلا دون سن الثامنة عشر لاي غرض من الاغراض وبأي شكل من الاشكال وتسلط نفس العقوبات على كل من حرض أو توسط في عملية بيع الطفل، أما اذا ارتكبت الجريمة من طرف جماعة اجرامية منظمة أو كانت ذات طابع عابر للحدود الوطنية تكون العقوبة الحبس من خمس سنوات الى خمسة عشرة سنة وغرامة من 500ألف الى 1500ألف دج ويعاقب بنفس عقوبات الجريمة التامة بالحبس للمنتج والموزع للصور الخليعة للاطفال والمروج لها، يسلط التعديل عقوبة الحبس من خمس سنوات الى عشر سنوات وغرامة من 500.000 الى 1.000.000 دج على كل من صور قاصرا لم يكمل 18 سنة بأي وسيلة كانت وهو يمارس أنشطة جنسية بصفة مبينة حقيقية أو غير حقيقية أو صور الاعضاء الجنسية للقاصر لاغراض جنسية أساسا أو قام بإنتاج أو توزيع أو نشر أو ترويج أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد اباحية متعلقة بالقصر.
أما بالنسبة لمرتكبي جناية الاغتصاب فتنص المادة 336 على المعاقبة بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات كل من ارتكب جناية الاغتصاب. وتضيف نفس المادة انه اذا وقع الاغتصاب على قاصر لم يكمل 18 سنة فتكون العقوبة السجن المؤقت من 10 سنوات الى 20 سنة. وتحدد المادة 337 مكرر الحالات التي تعتبر فيها العلاقات الجنسية فواحش بين ذوي المحارم وتعاقب المعنيين بالسجن لمدة تصل الى عشرين سنة. وتطبق على العلاقات الجنسية بين الكافل والمكفول العقوبة المقررة للفاحشة المرتكبة بين الاقارب من الفروع والاصول اي من 10 الى 20 سنة.
وفيما يخص مكافحة كل أشكال التمييز العنصري فاقترح النص تعزيز مكافحة التمييز وتدعيم الاحكام المنصوص عليها في المنظومة القانونية في هذا المجال لا سيما في الدستور الذي يكرس مساواة المواطنين أمام القانون وإقرار حماية جزائية لضحايا هذه الافعال ، وفي هذا الشأن تنص المادة 295 مكرر على ان يعاقب على التمييز بالحبس ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبغرامة من 50000 دج الى 150000دج".
كما يقترح نص التعديل اتمام أحكام المادة 87 مكرر من قانون العقوبات عن طريق النص على الافعال الارهابية وتعزيز مكافحة كل اشكال التمييز ومراجعة أحكام المادة 5 المتعلقة بمدد السجن المؤقت. وتحدد المادة 87 مكرر من القانون ساري المفعول مفهوم الافعال الارهابية والتخريبية وتحددها ولا تذكر التمييز.