ازدادت في العقود الأخيرة شدّة الحرائق في مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط وفي مناطق أخرى في العالَم. تزداد شدّة الحرائق، في إسرائيل، بسبب تراكم مواد (وقود) نباتية في أعقاب تطوّر الغابة والحرش، وبسبب سنوات قحط متتالية أدّت إلى جفاف المادة النباتية التي تُستخدم مادة وقود. ومن الأمثلة على ذلك: الحرائق الضخمة في الكرمل في السنتين 1989 وَ 2010، وأيضًا موجة الحرائق التي ضربت إسرائيل في شهر نوفمبر (تشرين ثاني) سنة 2016.
منطقة عزل النار، في هذه المساحة تمّت معالجة كمية النباتات وتوزيعها بطريقة تقلل شدّة وتسلسل الحرائق بشكل ملحوظ كي تساهم في توقف أو تحديد حدود الحريق. اجتمعت لجنتان مهنيتان بعد حدوث الحرائق الكبير في الكرمل (1989, 2010)، وأوصت اللجنتان على استعمال المناطق العازلة كمكوِّن أساسي في معالجة النباتات للحد من خطر الحريق. تمّ تحديد الهدف من المناطق العازلة، في إسرائيل، لتقليل وتيرة تقدُّم النار وشدّتها كي يتمكن رجال الإطفاء في البر من إطفاء الحريق بطريقة آمنة وناجعة. يوجد اليوم مناطق عازلة في جميع أنحاء البلاد حول بلدات، أو على طول طُرق مركزية حسب التعليمات التي بلورتها المؤسسات الإدارية للمناطق المفتوحة في إسرائيل. يؤدّي هذا العمل إلى تغيير ملحوظ في منظر الغابة المجاورة للبلدات، وفي معظم الحالات يعترض بشدة سكان البلدات المجاورة للغابة وآخرون. تتمركز حجج (ادعاء+ تعليل) الاعتراض، على الأغلب، في ثلاثة مجالات: أ. الحاق الضرر بالمناظر، ب. الحاق الضرر بالتربة وبتنوع النباتات، ت. تشجيع تكاثر نباتات عشبية وجنبات (شجيرات) في أعقاب تقليل الأشجار، وفي أعقاب ذلك يزداد خطر الحريق في المساحة المُعالجة. يركّز هذا المقال على تأثير معالجة المناطق العازلة على الجوانب المرتبطة بخطر الحريق.
"خطر الحريق" هو مصطلح معقد يأخذ بالحسبان عدّة جوانب من بينها احتمال نشوب الحريق، سلوك النار المتوقع، مستوى صعوبة إخماد النار والضرر المتوقع للإنسان والطبيعة.
يتأثر خطر الحريق من عدّة عوامل مركزية، من بينها التضاريس، ظروف المناخ، مسبّبات الاشتعال، كمية ونوع مواد الوقود في طبقات النباتات المختلفة في الغابة.
تقدير الكمية، نوع وتوزيع مواد الوقود النباتية في المساحة هي المكوِّن المركزي في تقييم أخطار الحريق وتحديد عمليات التدخُّل1 المطلوبة. من المقبول أن نَصف كمية الوقود بمصطلح الكتلة الأحيائية 2 الجافة في وحدة مساحة. لتنبؤ سلوك النار في مساحة معيّنة، نستعمل عادةً نماذج رياضية – فيزيائية3 تعتمد على معطيات الوقود النباتي، مثلًا: كمية وجودة النبات أو كتلتها الأحيائية، وعلى معطيات ظروف البيئة المحيطة، مثل: ميل التربة وسرعة الرياح. من أجل تنبؤ سلوك النار في الحيّز، نفحص عادةً عدد كبير من وحدات المساحة بخصائص مختلفة. على الرغم من ذلك، مصداقية هذه النماذج الفراغية كأداة للتنبؤ مثيرة للجدل بسبب سلوك النار المعقد جدًّا.
كان الهدف من البحث الذي نَصفه فيما بعد أن نفحص تأثير معالجة المناطق العازلة على خطورة الحريق في غابات إبرية4، في إسرائيل، بعد مرور سبع سنوات على المُعالجة. ركّز البحث على ثلاثة أنواع مُعالجة تقليدية تكوِّن المنطقة العازلة التي تختلف بكثافة أشجار الغابة البالغة وفقًا لشدّة التقليل المختلفة: أ. منطقة عازلة مفتوحة (تقليل مظلة الغابة 5 بشكل كبير جدًّ)، ب. منطقة عازلة مظللة (تقليل مظلة الغابة بشكل معتدل)، ت. مجموعة ضابطة (منطقة دون تقليل النبات – هناك تشابك بين قمم الأشجار). تمّ فحص التغيّرات في مبنى النبات، بما في ذلك تراكم مادة نباتية ميتة، من خلال التركيز على متغيّرات تحدّد خطر الحريق، مثل: كمية، جودة وتنظيم مواد الوقود في الحيّز. تمّ تحديد خطورة الحريق بواسطة نموذج رياضي – فيزيائي يتنبأ سلوك النار في وحدة مساحة معينة بناءً على مميّزات الوقود ومتغيّرات التضاريس والمناخ.
مصطلحات:
1 تدخُّل – طريقة إدارة مساحة معينة ومعالجتها مقارنة بالنتيجة المرغوبة. يشمل التدخُّل عمليات مختلفة ابتداءً من تجنب التغيير وحتى المبادرة إلى التدخُّل في المساحة بطرق وبمستويات مختلفة. طُرق التدخُّل الممكنة في غابة إبرية هي تقليل النباتات بطريقة يدوية أو بواسطة الرعي، الغرس، التنمية وغير ذلك.
2 كتلة أحيائية – الكتلة الكلية لكلّ المادة العضوية في الكائنات الحية في منطقة معيّنة وفي زمن معيّن، مثلًا: النباتات التي تنمو في غابة فرعية. تُقاس الكتلة الأحيائية ككتلة جافة في وحدة مساحة. تُقاس الكتلة الأحيائية للنباتات بواسطة قطع النباتات في مساحة محدّدة، تجفيفها وتوزينها. التجفيف مهم لأنّ الكتلة الأحيائية تشمل المادة العضوية فقط (نسبة المادة غير العضوية المتبقية بعد التجفيف قليلة جدًّا، لذا نتجاهلها في الحسابات).
3 نماذج رياضية – فيزيائية – النموذج هو أداة حسابية تُتيح تنبؤ وضع ممكن في المستقبل، وذلك بناءً على معطيات نتجت في حالات شبيهة في الماضي. مثلًا: يمكن استعمال النموذج كي نتنبأ وتيرة انتشار الحريق المتوقع في شروط معيّنة. لتفعيل النموذج نحتاج إلى معطيات معينة، مثل: كمية النباتات، شروط المناخ، التضاريس وما شابه، وهي تُتيح حساب وتيرة انتشار الحريق في شروط مختلفة.
4 غابة إبرية – معظم الغابة مكوَّن من أشجار إبرية. أوراق الأشجار الإبرية تشبه الإبرة، وبذورها غير موجودة داخل ثمرة بل عارية على قشرة الصنوبر. معظم الأنواع الإبرية دائمة الخضار. النباتات الإبرية الشائعة في إسرائيل هي أنواع مختلفة من الصنوبر والسرو.
5 مظلة الغابة – مساحة قمم الأشجار التي تُنْتِج شكل يشبه السقف أو مظلة كثيفة مكوَّن من غطاء أخضر فوق الغابة. تتعرّض هذه المنطقة لأشعة الشمس، لذا فهي غنية بالأوراق، الأزهار، الثمار وترافقها أنواع كائنات حية أخرى، مثل: الطيور، الثدييات، الحشرات والنباتات المتسلقة.
8. لماذا تُعتبر حماية المنطقة العازلة من انتشار الحريق أفضل من المساحة التي تمرّ بعملية تقليل النباتات؟
9. ما هي العوامل التي تؤثّر على خطر الحريق والتي يجب أن تُؤخذ بالحسبان في نموذج تنبؤ سلوك النار؟
10. لماذا أُجري البحث بعد مرور سبع سنوات بعد تنفيذ المُعالجة بواسطة تقليل النباتات؟
بعد ان تعرفتم على المشكلة التي ادت الى البحث، انتقلوا الى فصل طرق البحث