eeqaan

هذا جزء من حوار مع الأستاذ محمد ب على الرابط:

http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=8a140021623a12da36ad96c1f8bfcc56&threadid=28606

رأيت نشره هنا لأهميته

أخي محمد.

سلمك الله ورعاك وبارك لنا في علمك وفكرك وبعد

حسنا أننا متفقان على تعريف الشعر وبحوره. وكل ما قد يقودنا إليه بحثنا وتجديدينا خارج هذا الإطار مما نستسيغ لن نسميه إلا بـِ ( جميل الموزون ) وذلك التزاما بمنهج الخليل. ويقع في هذا السياق الدوبيت كما يقع فيه إذا تقيدنا بحرفيته – المتدارك – الذي عرفه الخليل ورفض إدخاله في البحور لأنه لم يجد للعرب عليه شعر.

الشعر نسق (كلام) نقف في تعريفنا له على السماع. والإيقاع الذي يندرج فيه العروض نسق أصوات أو حركات فهو أقرب للموسيقى منه للكلام. وهذه صياغة أخرى لقولك :" تك تتك تك " ولا فرق فيه بين عبارتين من ذا الوزن إحداهما صحيحة جميلة التعبير والأخرى قبيحة بلا معنى كما في العبارتين. (لا تظلموا إخوانكم)= (برْصعْ خلَمْ عفْنوجكمْ) وكلاهما=تك تك تتك تك تك.تتك وفي هذه الأصوات وموسيقاها أو صخبها هناك متسع للعقل والبحث.

العروض الرقمي هو ما تفضلتَ به (تكْ = 1 ه = 2 ، تِتِكْ =11ه=3)

أرجو أن تنظر الرابط :

http://209.197.232.99/vb/showthread.php?s=&threadid=4665

مع ما في الأرقام من طواعية أكثر في درس علاقاتها وتمثيلها بيانيا وتشخيص ثقل إيقاع ما أو سلاسته بطرية مختصرة. والعروض الرقمي في هذا كله لا يعدو أن يكون بطارية جديدة في مصباح الخليل تضيف إلى نوره فتضيء جوانب كانت أقل إضاءة. مع التزامها بمسارات هديه وشعاع فكره. مع التزام مسبق بالوقوف حيث وقف. وهو ليس نصا أصيلا بل ترجمة رقمية لأفكار الخليل في معطيات عروضه. وسترى أنهما لم يفترقا اتجاها وحيث وجدت فرقا فهو فارق بين مدى كشف مصباح الخليل الرقمي ومصباحه التفعيلي وكلاهما في نفس الاتجاه. ولا يمكن أن يكونا إلا كذلك. فكلما أعضلتني مشكلة رجعت إلى قول الخليل ومثلته رقميا ولكن الأرقام من طبيعتها أن يكون الربط بينها أسهل والتعبير بها أقرب للذهن. وذلك بالتزام مسبق بأن أي وزن ناجم عن هذا الفارق بين مدى الرقمي ومدى التفعيلي هو في خانة الموزون. لقد بدأت العروض الرقمي مجرد ترجمة رقمية للتفاعيل وبالتدريج كانت الأرقام تكشف لي علاقات جديدة تغري بربط بين البحور

وأنا أعتقد بقول القائل بأن بحور الخليل في تمثيلها للذائقة العربية بمثابة الجدول الذري للعناصر. فمع إمكان تخيل عناصر كثيرة كل منها ذو وزن ذري وعدد ذري مختلف عما فطر الله من عناصر فإن أي عنصر لا يكون حقيقيا إلا اذا استقر على أحد هذه الأوزان. وهذا لا ينفي إمكان التفاعل بين هذه العناصر أو صناعة سبائك منها ذات صفات متميزة ولكن يمكن فهمها وتفسيرها على ضوء العناصر الأصلية.والشيء ذاته يقال عن أوزان الخليل. وهذا ما فعلته وما يفعله غيري في تفسير وزن الدوبيت. ويوفق تمثيل ذلك الوزن بمقدار ما يكشف ويفسر من هذا الوزن عن صلة بعروض الخليل اتفاقا أو اختلافا.

أطلت في المقدمة ولكني أراها مهمة لجلاء هذا الجانب. وأستطرد قليلا قبل الدخول في صلب الموضوع لأقول:

أي فارق بين عروض الخليل التفعيلي وعروض الخليل الرقمي ناجم عن القوة التي اكتسبها الرقمي من إجادته لاستخلاص خصائص في تفكير الخليل لم يكتشفها العروض التفعيلي. وهذا الفرق في التعبير عن عبقرية الخليل بين العروضيين ناتج من قدرة العروض الرقمي على الربط بين ظواهر شتى في عروض الخليل وتنظيمها في نسق أكثر كلية من العروض التفعيلي التجزيئي.

التفاعيل كما بينها الخليل هي أكفأ ((وسيلة)) كلامية للتعبير عن الوزن ولم يكن لأحد غير الخليل في فترة حياته أن يصل بهذا العلم من قريب الصفر إلى هذا المستوى الرائع. ولكن ذلك لا ينفي عن التفعيلة أنها وسيلة للتعبير ولكن الذي حصل أن من أعقب الخليل اتخذ التفعيلة غاية فوقف الحال في العروض حيث يسمح هذا المنطق. وليس الأمر في هذا مقصورا من العلوم على العروض ولعل الفقه قد عانى أكثر وكانت نتائجه أخطر. ولست مؤهلا للخوض في هذا.

أطلت في هذه المقدمة لأنها المرة الأولى التي أتحدث فيها عن هذه الخلفية فمعظم مشاركاتي كانت في تطبيقات العروض الرقمي.

مهم جدا بهذا الصدد تبيان الغبن الذي لحق بالخبب عندما عدوه من المتدارك وهذه التوطئة ضرورية لكثير مما سيلي. فالخبب لا أوتاد فيه ولا حذف فيه وكل سبب فيه عدا ما في العروض والضرب يمكن أن يكون خفيفا أو ثقيلا وهو ما عبرت عنه بالقول:

2 = سبب خفيف ((تك أي تكافئ)) 11 = (2) سبب ثقيل

خذ الوزن

فعِلُن فَعِلُن فعِلُن فَعِلُن ............. = 1 3 1 3 1 3 1 3

فيه القابلية لأن يكون متداركا لو جاء في البيت تفعيلة واحدة (فاعلن = 2 3 ) فهي لا تدخل الخبب. وتكون فعِلن هنا مخبونة فاعلن وفيه القابلية لأن يكون خببا لو جاءت إحدى تفاعيله فاعلُ = 2 =11= (2)2 = ((4) أو فعْلُنْ =22 فهما لا يدخلان المتدارك

يا ليل الصب متى غده .........أقيام الساعة موعده

22- 22 – 1 3 – 1 3 .......1 3 – 2 2 – 1 3 – 1 3

1 3 هنا عبارة عن سبب ثقيل يتبعه سبب خفيف = 11 2 = 1 3 والرقم 3= عِلُنْ إنما هو وتد ظاهري ليس حقيقيا إذ لو عاملناه على أنه وتد حقيقي لجاز لنا أن ندخل على الوزن تفعيلة 2 3 = فاعلن لاختل الوزن بقولنا

يا ليل الصب متى غده .........((هل قيام )) الساعة موعده

22- 22 – 1 3 – 1 3 .......((2 3=فاعلن)) – 2 2 – 1 3 – 1 3

ومزيدا من البرهنة على أن 31 هذه هي سببان لا وتد فيهما أن الوزن يبقى مستقرا لو قلنا

يا ليل الصب متى غده .........((هل يوم )) الساعة موعده

22- 22 – 1 3 – 1 3 .......((2 2= فعْلُنْ)) – 2 2 – 1 3 – 1 3

أو

يا ليل الصب متى غده .........((هل نذر )) الساعة موعده

22- 22 – 1 3 – 1 3 .......((2 11)) – 2 2 – 1 3 – 1 3

وحتى لو قال قائل إن فعْلن=22 هنا هي مقطوعة فاعلن=32 فالرد عليه بأن القطع لم يعرف في غير الضرب من البيت. ثم ما قوله باعتباره متمسكا بـ(فاعلن=32) أصلا للخبب في مجئها على فاعلُ=112 لا أظنه سيجد مخرجا سوى مخرج وتد مستفع لن = 2 12 2 في الخفيف بقوله إن هذه هي فاع لن = 12 2 ولنْ=2 هنا سبب ويجوز حذف ساكنها.

ولكن للعروض الرقمي منطقا منسجما في الحالين فهو يقول إن الوزن البحري (15 أو 16 بحرا) نواته 32 ويطيق سببا واحدا بحريا (السبب البحري خفيف دائما وقابل لحذف ساكنه) فإن سبق الوتد سبببان تفلّت أولهما إلى السبب الخببي (السبب الخببي هو القابل لأن يكون ثقيلا أو خفيفا) فينجح في ذلك في الوافر والكامل ويأتي على ألسنة البعض في الرمل

أنظر الدكتور سعيد العتيبة في الرابط:

http://www.werith.net/vb/showthread.php?s=9da2bc32a14c9a4c1e721fd4c2a06017&threadid=5043

وقد يستعمله في سوى ذلك من غلبت طبيعة الوتد هذا ملكته الشعرية في كل البحور وحتى في البسيط والطويل. أنظر الرابطين :

http://www.werith.net/vb/showthread.php?s=eb6bdea9a67bfdae0f9fa249e770babb&threadid=1415

http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid=9426

فإن زاد عدد الأسباب السابقة لهذا الوتد عن اثنين غلبت طبيعة الإيقاع الخببي. وللعروض الرقمي تعابير ثلاثة في هذا المجال ويبدو أثرها في دائرة المشتبه وخاصة في الخفيف:

1 – بديل لقول الخليل بالوتد المفروق ويقول بغلبة الخببية على الوتد المجموع (علن – في مستفعلن) حتى ليحذف ساكنه ليتأكد بذلك الإيقاع الخببي.

2 3 ( 2 2 2 11 2 ) 3 2 = فا علا (تن مسْ تفْ علُ فا) علاتن

لاحظ تتاربع خمسة أسباب أربعة خفيفة =2 وواحد ثقيل =11=(2)

2- قول الدكتور أحمد مستجير إن (علن – في مستفعلن) وتد مجموع ويجوز بالتالي أن تأتي مستعلن في الخفيف ليصبح وزنه

2 3 (2 2 11 2 2 )3 2 = فا علا (تن مس تَعِ لنْ فا ) علا تن

وهنا أيضا تتالى خمسة أسباب أحدها ثقيل. ويظهر الخلاف بينهما غير ذي شأن في ظل الرؤية الخببية إذ يجوز فيها أن يتحالّ السببان الثقيل والخفيف. ولولا أن أطيل جدا لمثلت نظما لذلك.

وأشير هنا إلى وزنين أترك لك وللقارئ تدبرهما على ضوء ما تقدم

2 3 11 – 2 2 3 – 2 3 2 = فاعلاتك مستفعلن فاعلاتن

= 2 3 1 3 2 3 2 3 2 وهنا يبدو الوزن من المتدارك المرفل( + 2 )

وعليه صدر بيت البحتري لو نطقنا (نفسيَ ) بفتحة على الياء

صنتت نفسيَ عما يدنس نفسي .........وترفعت عن جدا كل جبسِ

2 3 2 – 11 2 3 – 2 3 2 = فاعلاتن متفاعلن فاعلاتن

وعليه عجز بيت البحتري لو حرفناه ليصبح:

صنت نفسي عما يدنس نفسي ....إذ تناءيتُ مفارقاً كلّ جبسِ

وفي الفقرة التالية ما يلقي ضوءا على هذين البيتين بعد تعديلهما أو السطرين باعتبارهما من الموزون لا من الشعر.

3- أقول إن الزحافين المذكورين مستفعلُ =22 11=4 11 ومستعلن = 2112=314 سواء فهما في طبيعتهما ثقيلان لأنهما يزيدان الجرعة الخببية المستقرة في الخفيف استثناءً لكافة البحور ويرفعانها من ثلاثة أسباب (خلافا للتراقب) الذي يسري على المقتضب والمضارع والمنسرح من بحور دائرة المشتبه. أقول يزيد هذه الجرعة من ثلاثة أسباب هي ما بين القوسين

2 3 (2 2 2 ) 3 2 3 2 = فاعلا (تن مسْ تفْ ) علن فاعلاتن إى خمسة كما تقدم معنا وكلاهما ثقيل وكلما انزاح الوتد الخببي إلى اليسار اليمين مبتعدا عن الوتد (علن في مستفعلن) قل تأثير الوتد عليه فصارت خببيته أقل ثقلا. وهذا أخي محمد ما جعلك تقول إنك تجد البيت الثاني أخف من الأول في البيتين التاليين

وتماسكت حين زعزعني الدهـ...ـر التماسا تدمير كيان نفسي

حيث العجز =2 3 2 – 2 2 11 – 2 3 2 = فاعلاتن مستفعلُ فاعلات

وترتيب السبب الثقيل بعدا عن الوتد الذي يليه (علا من فاعلاتن) هو الثاني

وتماسكت حين زعزني الدهـ...ـر التماسا ضربَ تهاويمِ نفسي

حيث العجز=2 3 2 – 2 11 2 – 2 3 2 = فاعلاتن مستعلن فاعلاتن

وترتيب السبب الثقيل بعدا عن الوتد الذي يليه (علا من فاعلاتن) هو الثالث

والوتد – ويرحم الله الخليل في روعة التسمية – هو المثبت للإيقاع البحري بإلزام ما يسبقه من أسباب بالطبيعة البحرية المتمثلة بعدم تحريك ساكنه. فكلما ابتعد عنه قلت سيطرته عليه.

وقولك بأن الثاني أسلس انتصار لهذه الرؤية الكلية التي يقدمها ا لعروض الرقمي وكان يكفيني منك بحسك الشعري والموسيقي أن تقول إنهما على نفس الدرجة من الثقل لأعد ذلك انتصارا.

أرايت أخي سبب تركيزي على الخبب وتركيزي على النظرة الكلية التي لا تقف حدود التفعيلة حاجزا دونها.

وما المراقبة أو التراقب إلا تعبير الخليل للتخلص من الرقم 6 الممثل لثلاثة أسباب في المضارع والمقتضب والمنسرح وتجاوز لحدود التفعيلة في تطبيقه. وليت من تبعوه توسعوا في هذا.

واستطرادا أقول بقيت النظرة للعروض محكومة بحدود التفعيلة وإن وجدت ميكانيكيات للربط بين التفاعيل المتجاورة في بعض الحالات كما في الحديث عن الاعتماد والتراقب والتعاقب.

وللتمثيل على جزئية النظرة في العروض التفعيلي أنهم تحدثوا عن الخبن في البسيط وقالوا بيته:

لقد خلت دولٌ صروفها عجبٌ......... فأحدثت عبرا وأعقبت دولا

مفاعلن فعلن مفاعلن فعلن ........... 3 3 – 1 3 – 3 3 – 1 3

وتحدثوا عن الطي وقالوا بيته:

ارتحلوا غدوةً فانطلقوا بكَرا ..........في زمرٍ منهمو يتبعها زْمَرُ

مفتعلن فاعلن مفتعلن فعلن ............2 1 3 – 2 3 – 2 1 3 – 1 3

أكرر بأن الخبب لون من لوني الإيقاع في الشعر العربي – ميزتاه أن لا وتد فيه ولا حذف والسببان الخفيف والثقيل فيه يحل كل منهما مكان الآخر.

واللون الثاني هو الإيقاع البحري حيث فيه أوتاد ولا يجتمع فيه عمليا أكثر من سببين إلا في الخفيف.

ولم يتحدث أحد منهم عن البيت الذي يقترن فيه طي مستفعلن مع خبن فاعلن مع أن ذلك أخطر من أي من الزحافين كل على حدة. والذي حال بينهم وبين ذلك هو هذه الحدود الاصطلاحية بين التفاعيل. والتي لا وجود حقيقيا لها وإنما أملتها الضرورة الأكاديمية كالحدود التي نقيمها بين عصور الأدب العربي.

والوزن إذا ذاك

مستعلن فعِلُن مستعِلنْ فعِلن = 2 1 3 – 1 3 – 2 1 3 – 1 3

هذه الشحطة بين الأرقام هي الحدود المصطلح عليها بين التفاعيل والتي وضعتها من منطلق العروض التفعيلي ولكن لا وجود حقيقيا لها كما سأبين.

ولننطلق من بيت الأخطل:

يتصلون بيربوعٍ ورفدهمُ .........عند الشدائد مغمور ومحتقرُ

الصدر = 2 1 3 – 1 3 – 2 2 3 – 1 3 = مستعلن فعلن

ولو عاملت يربوع على أنها ممنوعة من الصرف ولفظها (يربوعَ) بلا تنوين لكان الصدر

يتصلون بيربوعَ ورفدهمو = 2 1 3 – 1 3 - 2 1 3 – 1 3= مستعلن فعلن مستعلن فعلن

ولي أن أقطع الصدر كالتالي

يتْ تَصِ لو نَبِ يرْ بو عَوَ رِفْ دُهُـ مو = 2 11 2 11 2 2 11 2 11 2

وهذه كلها أسباب ثقيلة وخفيفة الأمر الذي يجعل علاقة هذا الشطر بالخبب والبسيط كعلاقة فعِلن التي تقدمت بالخبب والمتدارك. فلو قلنا : يتصلون بيربوعَ ورفدهمو – صفرٌ في البأس ومحتقرُ

لكان ذلك من الخبب

ووزنه (2) = سبب ثقيل = 11 = متحركين......2 = سبب خفيف = 1 ه = متحرك فساكن

= يتْ تَصِ لو نَبِ يرْ بو عَوَ رِفْ دُهُـ مو .......صِفْ رُنْ فِلْ بأْ سِوَ مُحْ تقَ رو

= 2 (2) 2 (2) 2 2 (2) 2 (2) 2 ...........2 2 2 2 (2) 2 (2) 2

ولم يكن في ذلك من عيب إلا اختلال عدد الأسباب بين الشطرين ويضبطه القول في العجز:

صفرٌ أبداً في البأس ومحتقرُ

= يتْ تَصِ لو نَبِ يرْ بو عَوَ رِفْ دُهُـ مو .......صِفْ رُنْ أبَ دنْ فِلْ بأْ سِوَ مُحْ تقَ رو

= 2 (2) 2 (2) 2 2 (2) 2 (2) 2 ...........2 2 (2) 2 2 2 (2) 2 (2) 2

ولا يمكن للعجز أن يكون من البسيط فالتعبير عن وزنه على غرار البسيط هو:

22(2)= مستفعلُ- 22=فعْلُن – 2(2)2= مستعلن – (2)2 = فَعِلُنْ

وهذا ما أسميه خبيب البسيط

وليس من الشعر بحريِّهِ أو خببيِّه قولنا :

يتصلون بيربوعٍ ورفدهمو .......... صفرٌ دوماً في البأس ومحتقرُ

لأن الأول على ثقله من البسيط لاحتوائه وتد والثاني خببي لا مجال لإدراجه في البسيط.

هل أدرك العرب هذا ؟

نعم أدركه قدماؤهم ومحدثوهم فطرة وسليقة وجاء العروض الرقمي ليجلوه

إسمع نقلا عن (نظرية في العروض العربي للأستاذ سليمان أبو ستة ) قول أبي العلاء المعري في بيت المتنبي:

ربّ نجيعٍ بسيف الدولة انسفكا ...... وربّ قافية غاظت به ملكا

حيث قال:" ولم يزاحف أبو الطيب زحافا تنكره الغريزة إلا في هذا الموضع ولا ريب أنه قال على البديه ولو أن لي حكما في البيت لجعلت أوله (كم من نجيعٍ ) لأن رب تدل على القلة ) ..." وهو هنا يلحق بالعروض المعنى من حيث التصحيح.

ربْ بَنَ جي عِنْ بسيف الدولة انسفكا = 2 (2) 2 2 – 3 4 3 1 3 ......(4=22)

أرايت إنه هذا الرهق الخببي الذي انتقده المعري المتمثل في أربعة اسباب متتالية.

واسمع للدكتور أحمد كشك يقول في كتابه الزحاف والعلة :" ومن النادر أيضا البدء بطي هذا البحر أي بمستعلن لأننا نكون قد قبلنا هذا التتالي /ه ///ه ///ه أي وحدتين من الفاصلة الصغرى وحين تكون المحافظة على التفعيلة الثالثة مستفعلن فلعل ذلك تعويض لنقص وارد وراءها."

كل (1 2 = 3)

وبلغة الأرقام فإن /ه ///ه ///ه = 2 11 2 11 2 = 2 1 3 1 3

إن مستعلن فعلُن ثقيلة ونادرة.

ثم انظر لأثر النظرة الكلية للعروض الرقمي وتناولها للظاهرة في عمومها في كل البحور.

يقول العروضيون إن كف مفاعيلن= 3 2 2= 43 أي مجيئها على مفاعيلُ = 3 2 1 قبيح عند الخليل حسن عند الأخفش. للعروض الرقمي هنا وقفتان

الأول خذ الوزن

فعولن مفاعيلُ فعولن مفاعلُ

3 2 3 ( 2 1 3 2= 2 11 2 2) 3 3 = فعولن مفا (عي لُفَ عو لنْ) مفا علن

أرأيت الأسباب الأربعة التي سببت القبح الذي أورده الخليل وهو شبيه الثقل الذي شخصناه في مستعلن فعلن = 2 2 11 2 11 2 في البسيط.

ولو كان الوزن فعولُ مفاعيلُ فعولُ مفاعلن

= 3 (1 3 2 1 3 1 3 ) 3 = فعو( لُمَ فا عي لُفَ عو لُمَ فا ) علن

لتتالت سبعة أسباب ولنجم عن هذا الخلط بين الإيقاعين البحري والخببي رهقٌ أي رهق.

ولعل تفاوت الجرعة الخببية وما ينجم هن ذلك من تفاوت الرهق الخببي هو الذي أدى إلى اختلاف الحكم على كف مفاعيلن بين الخليل والأخفش.

ما تقدم جانب مهم أبرزه في كلّيّته العروض الرقمي مستنتجا إياه منطق الخليل. وهناك جوانب أخرى منها.

الروابط والوشائج بين البحور بما قد يؤدي إلى رسم شجرة لنسبها

خذ مثلا هذا الوزن

22 3 – 1 3 – 3 11 – 2 3 = مستفعلن فعِلُنْ متفعلُ فاعلن

قد يتبادر للذهن أن هذا وزن مختل من البسيط ولكننا لو جمعنا كل 21 = 3 لأعطانا 2 2 3 1 3 3 1 1 2 3 = متْفاعلن متَفاعلن متَفاعلن

وهكذا

الوزن فعولُ مفاعلن فَعُلُن فعولن = مفاعلتن مفاعلتن فعولن

ويقود هذا إلى القول بأن هناك زحافات تخرج من البحر ولا تخرج من الشعر.

أتمنى أن يكتسب هذا المنحى اهتمام المختصين ليتسنى إدارة حوار بنّاء أتوقع له أن يثمر. وأتمنى أن تكون أخي محمد مع أخي عمر مطر من أول من يهتم به مؤكدا لك أن ما يحول بينك وبينه ستار خفيف ما أجدرك بإزاحته.

كلمة أخيرة عن العروض الرقمي هي أن الأرقام تتيح التخلص من عبء المصطلحات التي أثقلت ظهر العروض. بما يمكّن من تقديم مبادئه الأساسية بشكل مختصر يُمْكِن لطالب الابتدائي أن يستوعبه في حصة أسبوعية واحدة في أحد فصول السنة الدراسية.

أتمنى أن يطلع المسؤولون في وزارات التعليم العربية أو بعضهم فيقررون تدريس هذا العلم الجميل الحافز للتفكير والذوق في صيغته هذه الرقمية المبسطة.

جريدة الرياض كانت الجريدة الوحيدة على حد علمي التي نشرت عن كتاب العروض رقميا مرتين سأحاول نشر هذا المقال فيها.

1