fifteen
بل خمسة عشر بحرا فقط
كل يوم يأتي بما يشهد للخليل.
شاع بين الناس أن البحور ستة عشر وشاع بينهم أن المتدارك أو الخبب سمي كذلك لأن الأخفش تداركه على الخليل فأصبحت البحور بذلك ستة عشر بعد أن حددها الخليل بخمسة عشر.
1- المتدارك فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن بحر مهمل من بحور دائرة ( أ – المتفق ) ولا يقول بعدم معرفة الخليل به إلا غافل عن أبجديات منهج وفكر الخليل. ولا زال المتدارك وسيبقى بحرا مهملا، وإن نظم عليه نادرا بصورته
(فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن) . متى نظمت أول قصيدة على هذا الوزن ؟
2- الذي تعارف عليه السابقون باسم المتدارك قُصِدَ به الخبب الذي يخلو من الوتد. وشتان بينهما، فكل منهما يمثل إيقاعا صافيا المتدارك يمثل الإيقاع البحري، والخبب إيقاع قائم بذاته
3- من نسب ذلك للأخفش أو سواه قاصدا أنه تدارك ( فاعلن فاعلن ) على الخليل فقد ظلم الأخفش وسواه، فالذي تداركوه هو الخبب، ثم التمس له تأصيل في دوائر الخليل، فنسب – خطأ – إلى المتدارك.
4- مصطلح ( بحر ) مصطلح خليلي مرتبط بمنهج الخليل، ولا يصح استعماله بمفهوم يخالف ذلك المنهج. ومن البدهي أنه حسب منهج الخليل يتكون من تفاعيل وأن لا تفعيلة بلا وتد. وإذ تنعدم الأوتاد في الخبب تنعدم كذلك التفاعيل، ويكون الخبب أسباب لا غير فمن شاء جمعها على خلفية مفهومه عن التفاعيل
حيث 2 2 2 2 2 = فعْلن فعْلن فعْلن = مستفْعل مستفْعل ولكنها في المضمون ستة أسباب خفيفة. وبذلك فإنه يخرج من مصطلح ( بحر) ويدخل في مصطلح إيقاع. وهذا ما يفهم من تصنيف كل من د. إبراهيم أنيس و د. أحمد رجائي لأنواع الإيقاع في أعاريض العالم. وأظنني أول من نادى بعدم اعتبار الخبب بحرا، والفضل في ذلك لوضوح منهجية الخليل في ذهني.
5- يبقى مما أطلق عليه بحور صنفان
أ – الدوبيت والسلسلة وما إليهما وهي أوزان غير عربية أساغها العرب وإطلاق بحور عليها كترجمة لمصطلحها في تلك اللغات لا يترتب عليه إخلال بمنهج الخليل.
ب – مجزوءات بعض البحور كالمخلع واللاحق، وما دام ردهما ممكنا لبعض بحور الخليل، فإن من الأولى المحافظة على نسبهما ذاك احتراما للخليل ومنهجه، وتجنبا لما ينشا من الخروج على منهجه من اختلاط الأنساب وما يتبع ذلك من مفاسد. ومثال ذلك أننا لو اعتبرنا المخلع بصورته الأعم بحرا مستقلا مضمونه ظاهريا
( سبب سبب وتد سبب وتد وتد سبب = 2 2 3 2 3 3 2 )
لم يكن أمامنا بد من تأصيل الرقمين 3 3 على أحد وجهين: 3 3 الذي أصله 3 4 ..... أو3 3 الذي أصله 4 3
فإن أخذنا بالأول كان تأصيل الوزن : 2 2 3 2 2 2 3 2 من المنسرح
وإن أخذنا بالثاني كان تأصيل الوزن :2 2 3 2 3 2 2 2 من البسيط
ومن الأول قول القائل : فسر بودٍّ أو سر بكرهٍ ... ما سارت الذلّل السراعُ
ومن الثاني قول امرئ القيس :
عَيْنَاكَ دَمْعُهُمَا سِجَالُ..... كَأنّ شَأنَيْهِمَا أوْشَالُ *
أوْ جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخْلٍ...... للمَاءِ مِنْ تَحْتِهِ مَجَالُ
مِنْ ذِكْرِ لَيْلى، وأينَ لَيْلى... ... ... وَخَيرُ مَا رُمْتَ مَا يُنَالُ
قَدْ أقْطَعُ الأرْضَ وَهْيَ قَفرٌ... ... ... وَصَاحبي بَازِلٌ شِمْلالُ*
نَاعِمَةٌ نَائِمٌ أبْجَلُهَا... ... ... كَأنّ حَارِكَهَا أُثَالُ
كَأنّهَا مُفْرَدٌ شَبُوبٌ... ... ... نَلُفّهُ الرّيحُ وَالظِّلالُ
ولا يمكن أن ينسب هذا إلا إلى مخلع البسيط فإن قال قائل ولكن العروض في ( أبجلها) على وزن مستعلن فيرد عليه بأن هذا عيب من عيوب الشعر وهو أشبه ما يكون بالإقعاد في الكامل، واختصاص مصطلح الإقعاد بعروض الكامل لا يخرج عيب هذا الاختلاف في مخلع البسيط في مضمونه عن عيب الاختلاف في عروض الكامل. على أنه يشكل بصمة إضافية لانتماء هذا الوزن لمجزوء البسيط، هذه البصمة المؤكدة في أبيات ابن عبد ربه :
يا من دمي دونه مسفوكُ *** وكل حر له مملوكُ
كأنه فضةٌ مسبوكةٌ *** أو ذهب خالص مسبوكُ
ما أطيب العيش إلا أنه *** عن عاجلٍ كله متروكُ
والخير مسدودة أبوابه *** ولا طريقٌ له مسلوكُ
2 2 3 2 3 2 2 3 .........3 3 2 3 2 2 2
**
فسر بودٍّ أو سر بكرهٍ ... ما سارت الذلّل السراعُ
3 3 2 2 2 3 2 ....4 3 2 3 3 2 .... منسرح لا غير
فسر بودٍّ وسر بكرهٍ ... ما سارت الذلّل السراعُ
3 3 2 3 3 2 ... 4 3 2 3 3 2 ..... منسرح أو بسيط
فسر بودٍّ وسر بكرهٍ ... ما اعتادت الذلّل الإسراعا
3 3 2 3 3 2 ... 4 3 2 3 2 2 2 ..... بسيط لا غير
وردت (الذلُلُ) في أصل البيت بدون تشديد اللام الأولى، وهي هكذا لا تصح في الوزن المنسوب للمنسرح ، فلا (مكانفة – جزك) في مفعولاتُ في المنسرح، هذا من وجهة نظر الرقمي اعتمادا على منهج الخليل وخلافا للسائد من تفاعيله ومن شاء فلينظر إلى :
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/muaaqabah
************
لو أخذنا بمفهوم الجث أي الاقتطاع من أول البيت نظيرا للاقتطاع من آخره ومصطلحه الاجتزاء فإن البحور الرئيسة تقتصر على ما يلي :
1- المتقارب 2- البسيط 3 -الطويل 4- الرجز 5 - الرمل 6- الهزج 7- المنسرح 8- الخفيف 9- الكامل 10- الوافر
تقييد المنهج وشموليته وانسجامه وموضوعيته في مقابل انفلات اللامنهج وتجزيئيته واضطرابه وشخصانيته
الفكر - أيا يكن تعريفه - متعلق بالذهن، ويصدر عنه المبدأ - والمبدأ واضح - وفي كلمتي ( الصدور والبداية ) ما يمثل تعريف المبدأ كانبثاقة مركزة من الفكر تمثله في التعامل مع الواقع وآلية المبدإ لذلك
الدور هي المنهج وهو كما أفهمه المرجعية المنطلقة من المبدإ وهي بالضرورة ذات قواعد كلية شاملة متسقة ذاتية المصداقية في التفكير السليم بداهة، وعنها تصدر القواعد الجزئية للتعامل مع تطبيقات الواقع.
فتأتي هذه الجزئيات فيما بينها منسجمة متناسقة كذلك، ويستمر الفكر حارسا لصلة المنهج بالمبدأ فإن تخلى عن ذلك الدور أو عُزِلَ عنه أمكن تحريف المنهج بل واستعماله في هدم المبدإ. وفي العروض ما
يقوم مثالا على ذلك.
وضع الخليل مئات القواعد والمصطلحات لشرح الأحكام التفصيلية للعروض وليس بين أي منها تناقض. ينجم عن التفكير، وقد أخذ العروض بالحفظ لا غير لدرجة طمست التفكير، ومن فكر من العروضيين فتجاوز الخليل وقف في تفكيره على مجرد استكشاف [بحور] جديدة أو قواعد جزئية جديدة لبعض بحور الخليل، ومن طرق باب القواعد الجزئية لبعض بحور الخليل هيئ له أو لدارسيه أنه جاء بمنهج جديد. والصحيح أنه خيل إليهم اكتشاف [ منهج جزئي ] جديد. وعبارة [ منهج جزئي ] ذاتية التناقض فالمنهج لا يكون جزئيا. ومن ذلك قول حازم القرطاجني إن المقضب وزنه فاعلن مفاعلتن فرتق جزءا وفرط أجزاء. ومن شاء الاطلاع على تفاصيل ذلك وسواه فأمامه موضوع (الرقمي قبس من نور الخليل)
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/-qabas
الكل معرض للخطإ في مقاربة أحكام العروض ولكن هناك حالتين على طرفي نقيض من الخطأ
الأولى خطأ من لا منهج له والأغلب أن يمضي في تبرير خطئه بتسويغات شخصية توقعه في المزيد من الأخطاء والتناقض.
الثانية خطأ من يأخذ بمنهج ( منهج الخليل في موضوع العروض ) وهذا سيجد نفسه مأطورا بحدود المنهج وشموليته فسرعان ما يكتشف خطأه ويصححه لينسجم مع المنهج وسائر جزئيات تطبيقه.
لقد بلغ منهج الخليل من القوة أنه عند اصطدامه بتفاعيله ساد على تفاعيله ولم يحصل ذلك إلا في موضوعين
القول بالمكانفة في ( مفعولاتٌ ) في المنسرح
القول بالكف في مس تف ع لن في الخفيف
************
وهكذا يأتي إثبات أن البحور خمسة عشر انتصارا لاطراد صحة منهج الخليل وشموليته. وطبعا هذا لا يتعارض مع البحث في وشائج البحور والدوائر وأصولها وهو ما يعالجه موضوع تكثيف العروض: