الموشحات
الموشحات
تعريف الموشح
والموشح في الاصطلاح الأدبي له تعريفات كثيرة، لعل أدقها ما ذكره ابن سناء الملك في كتابه (دار الطراز)[2]، حيث يقول: "الموشح: كلام منظوم على وزن مخصوص بقواف مختلفة، وهو يتألف في الأكثر من ستة أقفال وخمسة أبيات، ويقال له: التام. وفي الأقل من خمسة أقفال وخمسة أبيات، ويقال له: الأقرع. فالتام ما ابتدِئ فيه بالأقفال، والأقرع ما ابتُدِئ فيه بالأبيات".
أصل الموشح
إختلف في أصله بين سرياني وعربي مشرقي وعربي أندلسي وعجمي إسباني
أجزاء الموشح ومصطلحاته:
الموشح يتكون من أجزاء معينة، اصطلح عليها الوشاحون، والتزموها في صنع الموشحات. وهذه الأجزاء هي:
المطلع: وهو ما يفتتح به الموشح - إذا كان تاماً - وهو يتألف من شطرين كما في المثال الأول، أو أربعة كما في المثال الثاني.
الدور: هو ما يأتي بعد المطلع في الموشح التام، فإن كان الموشح أقرعا جاء الدور في مستهل الموشح، ثم يتكرر الدور بعد كل قفل.
ويشترط في الدور أن يكون على وزن مخالف للمطلع أو القفل وقافيته كذلك، أما الأدوار فيجب أن تتحد فيما بينها في الوزن وعدد الأجزاء، وأن تختلف في القافية.
البيت: ومفهوم البيت في الموشحة غير مفهومه في القصيدة التقليدية، فالبيت في الموشح يتكون من الدور ومن القفل الذي يليه مجتمعين.
القفل : هو الجزء الذي يلي الدور ويلزم أن يتفق كل قفل مع المطلع ومع بقية الأقفال ومع الخرجة
الخرجة: آخر قفل في الموشح، وهي تماثل المطلع والأقفال في الوزن والقافية وعدد الأجزاء.
وعلى هذا فالقفل الذي يأتي في مطلع الموشحة (إن وجد) يسمى المطلع، والقفل الذي يأتي في نهايتها (لا بد من وجوده) يسمى الخرجة.
الغصن: اسم اصطلاحي لكل شطر من أشطر المطلع أو الأقفال أو الخرجة في الموشِح، ولا بد من تساوي المطلع والأقفال والخرجة في عدد الأغصان كما ذكرنا سابقاً، ومطلع المثال الأول وأقفاله وخرجاته يتكون كل واحد منها من غصنين، أما في المثال الثاني فمن أربعة أغصان.
السمط: اسم اصطلاحي لكل شطر من أشطر الدور، ولا يقل عدد الأسماط في الدور الواحد من الموشح عن ثلاثة أسماط، وقد يكون السمط مفردا أي مكونًا من فقرة واحدة كما في المثال الأول، وقد يكون من فقرتين كما في المثال الثاني أو أكثر من ذلك، والمهم هو تساوي الأدوار في عدد الأسماط.
ومن الموشحات المشهورة هذا الموشح لابن زهر الأندلسي الحفيد
أيها الساقي اليك المشتكى ** قــد دعونـاك وإن لــم تسمع
ونديــم همــت في غرتــه
وبشرب الــراح مـن راحته
كلما استيقظ من سكرته
جـذب الــزق اليه واتكـى ** وسقاني اربعـاً فــي اربــع
***
ما لعيني عشيت بالنظــر
أنــكرت بعــدك ضوء القمر
وإذا ما شئت فاسمع خبري
عشيت عيني من طول البكا ** وبكى بعضي على بعضي معي
***
غصن بـان مـال من حيث استوى
بـات مــن يهـواه مـن فرط الجـوى
خفق الاحشاء مــوهـون القـوى
كلما فكر في البين بكـى ** ويحـه يبــكي لمـا لم يـقــعِ
***
ليس لي صبر ولا لي جــلــدُ
يـا لقــومي عــذلــوا واجتهدوا
أنـكروا شكواي مما أجـــدُ
مثل حــالي حقـها أن تشتكى ** كمـد اليــأس وذل الطمعِ
***
كبدي حـري ودمعـي يكـــفُ
تعــرف الذنــب ولا تعترفُ
أيـها المعــرض عــما اصــفُ
قـد نما حبي بقلبي وزكا ..... لا تخل في الحب أني مدعي
والشكل التالي أشبه بتمثيل بياني للموشح حسب الوزن والقافية، ويظهر الصلة بينه وبين الأرابيسك كما في الرابط :
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/agha-1
نشأة الموشحـات:
أول من اخترع الموشحات في الأندلس كما يقول ابن خلدون "مقدم بن معافى القبري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني، وأخذ عنه أبو عمر أحمد بن عبد ربه صاحب كتاب العقد"[3].
ثم برع في الموشحات عبادة بن ماء السماء المتوفى عام 422 هـ، وهو إمام الوشاحين الذي استطاع أن ينشر الموشحات في الأندلس، ثم جاء بعده مجموعة من الوشاحين الأندلسيين، من أشهرهم: يحيى بن بُقّي، والأعمى التُطَيْلى، وأبو بكر بن زهر، وأبو بكر بن باجة، وابن سهل، ولسان الدين بن الخطيب.
ولا صحة لما قيل من أن ابن المعتز العباسي هو مخترع الموشح، وإنما ذلك محاولة لسلب الأندلسيين هذا الاختراع الذي أكد المؤرخون سبقهم إليه، حتى قال ابن سناء الملك. "وبعد، فإن الموشحات مما ترك الأول للآخر، وسبق بها المتأخر المتقدم، وأجلب بها أهل المغرب على أهل المشرق، وصار المغرب بها مشرقاً لشروقها في أفقه وإشراقها في جوه ".
واختراع الموشحات الأندلسية نتيجة لحياة الترف والطرب واللهو، لأن الموشح يلائم ذلك، وهو تجديد في شكل الشعر العربي لا في مضمونه. وقد أدى اهتمام الأندلسيين بالموشح وكثرة الوشاحين إلى إغراقهم في ذلك الفن، وإلى كثرة أنماط الموشح حتى تحول إلى صناعة لفظية، كما أن العامية دخلت الموشح، حتى إن ابن سناء الملك يرى أن الخرجة يجب أن تكون عامية، فإن كانت معربة الألفاظ خرج الموشح من أن يكون موشحاً، اللهم إلا إذا كان موشح مدح...
وقد تناول الوشاحون في موشحاتهم أغراض الشعر العربي المشهورة من مدح ووصف وغزل وهجاء ورثاء وزهد... ولكن أشهر الموشحات في الغزل واللهو ووصف الطبيعة.
ومما جاء عن الموشحات في الأندلس :
تطور الموشحات:
وقد كانت فترة نشأة الموشحات، كفترة نشأة أي فن، من حيث مشاهدتها لأولى المحاولات التي غالبا ما يعفى عليها الزمن. ومن هنا ولبعد الزمن بتلك الفترة، لم تبق لنا من هذه الموشحات الأولى التي نظمها مقدم و أمثاله أي نماذج. ولكننا نستطيع أن نتصورها موشحات بسيطة التركيب قليلة التعقيد، تتخذ مجالها من الموضوعات الغنائية كالخمر والطبيعة والغزل، وتكتب كلها باللغة العربية، ما عدا الخرجة، التي تكتب باللغة الأندلسية الشعبية. كما كانت ترضى بقالبها ولغتها و أغراضها حاجة الأندلسيين حينئذ، وتعكس اختلاط عنصريهما وامتزاج لغتيهما، وشيوع الغناء والموسيقى بينهم. وقد تطورت الموشحات تطورا بعد فترة من نشأتها تطورات عديدة، وكان من أهمها تطور أصابها في القرن الخامس الهجري، أيام ملوك الطوائف. ثم تطور آخر بعد ذلك بقليل فرع عنها ما يسمى بالزجل، حتى أصبح هذا الاتجاه الشعبي ممثلا في لونين: لون الموشحات، وقد صارت تكتب جميعا باللغة الفصحى، ولون الأزجال وقد صارت تكتب جميعا باللغة العامية.
وانتقل هذان اللونان من الأندلس إلى المشرق، فكثر فيه الوشاحون والزجالون. وعرفهما كذلك الأدب الأوروبي، فتأثر بهما شعراء جنوب فرنسا المسمون (التروبادور)، كما تأثر بهما كثيرون من الشعراء الأسبان الغنائيين. وانتقل التأثير إلى الشعر الإيطالي ممثلا في عدة أنواع، مثل النوع الديني المسمى(لاودس) والنوع الغنائي المسمى (بالآتا) وقبل أن نختم حديث الموشحات، نعرض نموذجا يتضح معه ما سبق أن ذكرناه من اشتمال الخرجات كثيرا على ألفاظ من عامية الأندلس التي تمتزج فيها العربية ((بالرومانسية)). يقول بعض الأندلسيين :
متَّعـت قلبي عشـقـا لحظات بابليــة
لائمي مـنه مـوقى ولمى ثغـر مـفلج
سكن مــثواه قلبي بـــأبي لـو قلبه
أو يرى روعـة سرب قلما يأمـن سربه
فأنا قد ضاع حسبي حسب عذالي وحسبه
من سمات الوجد حقا هــذه يـا عاذليه
وهى في دمعي غرقى زفـرات تـتوهج
ثم يمضي الشاعر في ذكر أغصان الموشحة وأقفالها، حتى يختمها بهذه الأشعار :
دى ذا العنصرحقا ألب ديه إشت ديه
وتشق الرمح شقا بشترى مو ألمدبح
فهذا الختام الذي ختمت به الموشحة مزيج من ألفاظ عربية وأخرى ((رومانثية )) والفقرة الأولى معناها: ((هذا اليوم يوم فجري)) أي مشرق. فالكلمة الأولى منها كلمة ((ألب)) من الكلمة الأسبانية alba بمعنى فجر. والكلمة الثانية وهى ((ديه)) معناها: يوم و هي بالأسبانية dia. والكلمة الرابعة و هي ((اشت)) معناها: هذا، و بالأسبانية esta أما الفقرة الثانية، فمعناها (( يوم العنصرة حقا)) و العنصرة عيد من أعياد الأندلسيين
مصادر الموضوع لمن أراد التوسع :
http://forums.graaam.com/63954.html
http://membres.multimania.fr/makuielys/2/adab/25.htm
http://www.physique48.org/bac/forum/viewtopic.php?pid=132252