الخليل وماندلييف
تكرر الحديث عن وجود بحور جديدة فرأيت أن أجمع ما ورد في هذا المجال في رابط مشترك لأهميته في إبراز ما غفل عنه العرب من كلية تفكير الخليل في غمرة تركيزهم على تفاصيل تفاعيله، وما هي إلا تجليات لصورة شاملة في ذهنه ووسائل لإيضاحها. يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة لرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
أنقل من : http://arood.com/vb/showthread.php?p=81677#post81677
قولان سيعرف الجامع بينهما من يعرف أن للخليل منهجا يمثل ذائقة العرب السليمة.
الأول لأستاذي مهدي نصير :
ولماذا لم يتم استنفاذ الطاقة الهندسية الكاملة والكامنة في نموذج الخليل الفَـذِّ وغير الوحيد نظريَّاً والوحيد فعليَّاً وتم تأبيده وتأبيدُ وتصنيم واجترار ما تمَّ فعلاً في الصحراء وأغلق البابُ على ما يمكن أن يتم ؟ هل كَسرُ تلك القدسية سيدخل في باب كَسرِ القداسة عن النسق اللغوي الديني المهيمن والذي هو صيغة أخرى من تأبيد وتقديس اللغة بإيقاعاتها الصحراوية التي ولدت في لحظةٍ تاريخيَّةٍ ما ويمكن للغة الحيَّة أن تولِّد عشرات بل مئات النماذج القابلة للحياة والنمو والتطوُّر في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ أخرى "
الثاني نظير للقول أعلاه :
" ولماذا لم يتم استنفاذ الطاقة العلمية الكاملة والكامنة في نموذج ماندلييف الفَـذِّ وغير الوحيد نظريَّاً والوحيد فعليَّاً وتم تأبيده وتأبيدُ وتصنيم واجترار ما تمَّ فعلاً في البيئة الثلجية وأغلق البابُ على ما يمكن أن يتم ؟ هل كَسرُ تلك القدسية سيدخل في باب كَسرِ القداسة عن النسق الكيماوي الديني المهيمن والذي هو صيغة أخرى من تأبيد وتقديس الكيمياء بمعطياتها السيبيرية التي ولدت في لحظةٍ تاريخيَّةٍ ما ويمكن للكيمياء الحية أن تولِّد عشرات بل مئات العناصر القابلة للحياة والتفاعل وإنتاج مركبات جديدة في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ أخرى "
إن فكر الخليل في اشتغاله بالشامل يمثل نموذجا للفكر العربي في فاعليته التي أطلقها الإسلام، حين كان محور اتفاق الأمة أو اختلافها في كل أمورها متعلقا بأمهات المسائل، وهو النهج الذي قبسه عنها الغرب في سائر أمره، فتقدم، وأعرضت عنه لحساب اشتغالها بالتفاصيل دون الأصول فتخلفت.
من هنا يكتسب الرقمي بمحاولته التواصل مع شمولية فكر الخليل وانطلاقه منه صفة رسالة فكرية لا يعدو العروض أن يكون مثالا تطبيقيا لها، وسائر الأمور التي هي أولى وأهم منه أجدر بهذا النهج.
ولهذا رأيت أن أركز على هذه الناحية التي استدرجها الأخ الشاعر النبيه معين حاطوم، وشجعني على ذلك ما يتمتع به من سعة أفق ورحابة صدر ودمث خلق.
من مقدمة ردي على الأخ الشاعر الفاضل معين حاطوم
للأستاذ العروضي الكبير سليمان أبو ستة عبارة رائعة يصف بها مجموعاته المشتقة من دوائر الخليل بأنها للوزن العربي كالجدول الدوري للعناصر.
في مجال العناصر لنتصور عالِمين في فترتي ما قبل اكتشاف الجدول الدوري وما بعد اكتشافه
فالعالم قبل اكتشاف الجدول الدوري يمكن أن يتوقع إمكان وجود عدد كبير جدا من العناصر المحتملة بتوافيق متعددة بين أي عدد ذري وأي وزن ذري.
وبعد اكتشاف العدد الذري والوزن الذري فإن العالم يمكن أن يتوقع وجود عناصر جديدة، ولكنها محدودة لأنها محكومة بالضوابط والعلاقات التي تم على أساسها رسم الجدول الدوري،
http://www.dayah.com/periodic/?lang=ar
وهذا ما حصل حقيقة.
" ........ درس مندلييف العناصر الكيميائية التي كانت معروفة في زمانه ، ثم رتبها في جدول بحسب تركيبها الذري ، من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً ، فلاحظ خانات في الجدول ظلت فارغة ، ولما كان مندلييف واثقاً من وجود قانون صارم ( أو سنة ) يحكم تركيب هذه العناصر وفق نظام مطرد ، فقد استدل من هذه الخانات الفارغة على وجود عناصر في الطبيعة ، لم تكتشف بعد ، وبعد دراسة عميقة ، وبحث شاق استطاع مندلييف ، أن يقدر بعض صفات العناصر المغيبة ، وقام بوضع تقرير مفصل عنها ذكر فيه خصائصها ، التي تنبأ بها بناء على موقعها من الجدول .
"وبالفعل لم يمض وقت طويل حتى جاءت الاكتشافات ، فأكدت صدق ما تنبأ به مندلييف ، ففي عام 1875م اكتشف عالم فرنسي أحد العناصر التي تنبأ بوجودها في الطبيعة ، وأطلق عليه اسم ( غاليوم ) نسبة إلى بلاد الغال حيث اكتشف هذا العنصر ، وفي عام 1879م اكتشف عالم سويدي عنصراً آخر من تلك العناصر ، أطلق عليه اسم ( سكانديوم ) وبعدها اكتشف عالم ألماني العنصر الثالث ، عام 1887م وأطلق عليه اسم ( جرمانيوم ) نسبة إلى ألمانيا .. وكانت خصائص هذه العناصر المكتشفة مطابقة للخصائص التي تنبأ بها مندلييف إلى درجة تبعث على الدهشة !"
نقلاعن الرابط:
وعمل الخليل في العروض كعمل مندلييف في الجدول الدوري لعناصرة، وقبل الجدول الدوري كان مفهوما أن يتصور عالم وجود عناصر متعددة بأوزان وأعداد ذرية متعددة بلا قواعد تضبط تناسقها، ولكن ذلك القول وإن حاز احترام العالِم الذي عرف الجدول الدوري لأنه وإن كان خطأ فهو بداية المحاولة للوصول للجدول الدوري إلا أنه مع احترامه له يعرف مجافاته للحقيقة.
ولكن لا عذر بعد الجدول الدوري لمن يبقى على التصور القديم باحتمال وجود عناصر بشكل عشوائي فيما يخص أوزانها وأعدادها الذرية. كما أن من المغالطة الكبرى أن يقال: " إنه لا يحق لمندلييف أن يحدد عدد العناصر، هو ذكر عناصر ونحن نذكر عناصر" فذلك كان سيكون مقبولا لو أن مندلييف ذكر عناصره جزافا أو شذر مذر أو زعم أنه أوجدها، أما وهو مكتشفها ( البعْديّ ) لا موجدها (القبْليّ) وهو أطرها في إطار الجدول الدوري الذي يعطي تصورا شموليا عنها وفقا لمعطيات محددة، فقد قطع الطريق على المنطق السابق.
ولكن ربما جاز من باب الخيال العلمي لأحدهم أن يتصور نفسه في بعدين زمني ومكاني آخرين آتاه الله فيهما قدرة تصميم عناصر جديدة ، فإن له من هذا الباب فقط أن يقول بوجود عناصر أخرى مختلفة عما بجدول مندلييف يتولى صياغتها ، ولا يكفي ذلك بل عليه إن أراد أن يكون قوله منطقيا – حتى في باب الخيال العلمي - أن يضع تصورا كليا – مخالفا لتصور مندلييف – يضبط تناسق عناصره الجديدة.
أجل أطلت الحديث عن الجدول الدوري ومندلييف ولكن ذلك ضروري للتركيز على أهم ما في العروض الرقمي وهو تواصله مع تفكير الخليل وكشفه عن شموليته وانطلاقه منه على ضوئها.
إن تقديم الخليل للعروض العربي مماثل كثيرا لما قدمه مندلييف في الجدول الدوري للعناصر، ولم يقل أحد سأضع عناصر جديدة فلست أقل من مندلييف، ولكن بعض العلماء أخذوا بتصور مندلييف الكلي فكشفوا من خلال تمثل ذلك التصور الكلي وحده عناصر جديدة قبل اكتشافها بالفعل.
قدم الخليل دوائر البحور ( ساعة البحور ) وهي أقرب ما وصلنا من تراثه إلى تفكيره، كما قدم تفصيلا وشرحا لها، فتم التركيز على التفصيل وتم تهميش دوائر البحور وما تنم عنه من خصائص جاء الرقمي ليعيد التركيز عليها ويستقرئها في تفعيل التفكير في هذا المجال انطلاقا على هدي تفكير الخليل إلى آفاق تليق به.
التأمل في الساعة أعلاه وفي وشائجها أ\ناه يثبت يقينا بساطة وشمولية الذائقة العربية كما صورها الخليل:
غني عن الذكر أن كل بحر يمكن أن يبدأ من أكثر من محور على دائرته باستثناء بحور دائرة ( د) فليس لأي منها إلا محور واحد تبدأ منه.
بحور الشعر العربي محبوكة على النحو الهندسي الرياضي التالي الذي لا شذوذ فيه
أ - الدائرة أ من تناوب السبب والوتد
جـ - الدائرة جـ من تناوب السببين والوتد
ب - الدائرة ب من ازدواج تناوبي ( أ ) و ( جـ)
د- الدائرة د ناتجةعن (جـ ) بعد تحول وتدها على المحور 8/ 9 إلى وتد مفروق
هـ - الدائرة هـ ناتجه عن تحول السبب الأول في 2 2 من الدائرة ( جـ ) إلى سبب خببي 2 يكون خفيفا أو ثقيلا.
وكما لا يجوز أن يقال "سآتي بعناصر غير عناصر مندلييف" لأن مندلييف لم يخترع العناصر بل استقرأ تصورا شموليا لها طبقا لفهمه للخصائص الطبيعية لها ما عرفه منها وما لم يعرفه.
فإنه لا يجوز القول "سآتي ببحور غير بحور الخليل" لأن الخليل لم يخترع البحور بل استقرأ تصورا شموليا لها طبقا لفهمه لخصائص لذائقة العربية ممثلة في أوزان شعرها. وإن فائدة كل قول بوجود أو كشف أو تصنيع (بحر) هي مقدار ما يشكله من تحد ودافع للكشف عن مدى شمولية تفكير الخليل وتصويره للعروض العربي.
وعمل الخليل في العروض كعمل مندلييف في الجدول الدوري لعناصرة، وقبل الجدول الدوري كان مفهوما أن يتصور عالم وجود عناصر متعددة بأوزان وأعداد ذرية متعددة بلا قواعد تضبط تناسقها، ولكن ذلك القول وإن حاز احترام العالِم الذي عرف الجدول الدوري لأنه وإن كان خطأ فهو بداية المحاولة للوصول للجدول الدوري.
أو كقول من يقول : " سآتي بقبيلة عربية جديدة "
من باب الخيال العلمي لأحدهم أن يتصور نفسه في بعدين زمني ومكاني آخرين آتاه الله فيهما قدرة تصميم أمة جديدة بذائقة شعرية جديدة ، فإن له من هذا الباب فقط أن يقول بوجود بحور أخرى مختلفة عما في دوائر الخليل لاختلاف الذائقة التي صممها عن الذائقة العربية، ولا يكفي ذلك بل عليه إن أراد أن يكون قوله منطقيا – حتى في باب الخيال العلمي - أن يضع تصورا كليا مخالفا لتصور الخليل يضبط تناسق بحور الجديدة بناء على تمثله للذائقة الجديدة.
بقدر ما أفادت التفاعيل في توصيل الصورة التي في ذهن الخليل على شكل جزئيات متجسدة، إلا أن اكتفاء الناس بها صرفهم عن التفكير في القانون أو القوانين الكلية التي تؤطرها، وهذا قاد بعضهم في انصرافهم عن القانون أو القوانين الكلية ورؤيتهم قِطَع الحقيقة دون رابط يربطها معا إلى الاعتقاد بأن كل شطرين متساويي الوزن يمكن أن يكونا شعرا، بل بحرا جديدا من بحور الشعر. وهذا ليس ذنب التفاعيل بل ذنب من يسيء استعمالها.
ليس ثمّ عروض سوى عروض الخليل سواء كان بالأرقام أو التفاعيل، إن تفاعيل الخليل تحمل التعبير الصوتي الأفضل عن الوزن في مجال (العروض)، كما أن الرقمي يحمل التعبير الأفضل عن المضمون في (علم العروض) كما يصوره منهج الخليل ، ولا إشكال ولا تناقض في ذلك. و إنما ينشأ الإشكال عن أخذ التفاعيل والعروض ثم الخروج بهما من مجالهما التجزيئي إلى المجال الكلي بمعزل عن منهاج الخليل في علم العروض، بل حتى بدون الوعي على وجود ذلك المنهاج. إنما تستمد التفاعيل قيمتها من ارتباطها بمنهج الخليل، فإن انبتّت عنه وتخطت دورها التجسيدي في حدود ذلك المنهج أضحت أداة لهدم المنهج. ليس الأمر في هذا مقتصرا على العروض بل يتخطاه إلى المعارف كافة. فإن تجسيدية وتجزيئية المظهر إذا انبت عن الجوهر وشموليته أضحت أداة لطمسه وافتئات الباطل عليه. والعروضي الذي يلتزم عروض الخليل وقواعده الجزئية في التفاعيل لا يخرج عن نهج الخليل. وإنما يخرج عن نهج الخليل من يأخذ بالتفاعيل كوحدات لا علاقة لها بمنهج الخليل ويروح يلصقها كيفما اتفق دون إدراك لارتباطها بذلك المنهج فيَضِلَ ويًضِل في خروجه من العروض إلى علم العروض بدون أداة علم العروض وهي الوعي على منهج الخليل.
ما أجمل أن يلم الإنسان بالتفاعيل في إطار الوعي على شمولية المنهج. إذ ذاك تصبح التفاعيل أداة شرح لمضمون شامل لا أداة تفكير تهيمن عليه بتجزيئيتها وانفلاتها الناتج عن عدم إدراك ارتباطها بالمنهج.
ويحسن أن يُرجع هنا في الفرق بين العروض وعلم العروض إلى الرابط:
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alfrq-byn-alrwd-wlm-alrwd
على تباعد الموضوعين العناصر والجدول الدوري لمالديف من جهة والبحور ودوائر الخليل وما تؤدي إليه من نهج تفكير للخليل، إلا أن نهجهما واحد من حيث كونه نمط تفكير في تناول الأشياء والظواهر.
لعل قارئا مفكرا يقوم لدى اطلاعه على ما تقدم بجدولة بحور شعر الخليل ودوائره ومجموعاته على غرار الجدول الدوري بدلالة ما فيها من أرقام نحو عدد المتحركات والسواكن أو الأوتاد والأسباب ونمط تجاور الأسباب.
ونظرا لتكرر ما ينشر حول (بحور ) جديدة رأيت أن أجمع مصادر ذلك في باب واحد يكون مرجعا للمختص الراغب في متابعة الموضوع.
وساتبعه بمصادر المواضيع التي تتناول الفارق بين أسلوبي تقديم عروض الخليل المتمثلين في تجزيئية التفاعيل وشمولية الرقمي
1- الشاعر سامر سكيك
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1009
http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/assamiry
2- الشاعر معين حاطوم
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1287
http://www.3emme3.com/vb/showthread.php?t=8489
3- د. رياض بن يوسف
http://www.arood.com/vb/forumdisplay.php?f=74
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=116847#post116847
4- المهندس سنان أحمد حقي
5- التجديد بتعديل بحور الخليل:
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1074
6- رزين العروضي:
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1049
http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=7293
7- أبو العتاهية
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=665
8- ثغرة العروض
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=455
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/thaghrah
9- د. عبد العزيز نبوي
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1292
ومن المناسب أن أذكر هنا أهم المواضيع التي تتعلق بشمولية الرقمي:
1-ساعة البحور (دوائر الخليل):
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/r8-1/f2
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=521
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=527
2- معطيات عامة
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/mutayaat
3- التخاب
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jalt-4
http://www.freespaces.com/alarood/009-fourth.htm
4- هرم الأوزان
7- الفرق بين العروض وعلم العروض
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alfrq-byn-alrwd-wlm-alrwd