28 - Aladdin Books

28 - Aladdin Books

في رائعته " الزمن العصيب ", يحدثنا الأديب الإنجليزي الشهير - تشارلز ديكنز - عن أحد مُلاّك المدارس ممن لا يؤمنون إلا بالحقائق العلمية و فقط. فهو لايرى جدوى من تدريس أبنائه ما لا يمكن عده أو قياسه.... لهذا السبب كان رده قاسيا على إحدى الفتيات ممن يسبحن في عالم الخيال. فالفتاة رقم عشرين تلميذة غبية لأنها لاتستطيع أن تُعرِّف الحصان أو تُقدِّم الحقائق العلمية عنه. بينما ذلك الطالب الذي استطاع تعريف الحصان بقوله: " إن الحصان، يا سيدي، حيوان ذو أربع قوائم, يأكل الحشائش و الحبوب, و في فمه أربعون سنًّا, و يتساقط شعره في فصل الربيع. و من الضروري أن تُركَّب له نعال – حذوات – في البلدان التي يكثر فيها سقوط المطر, و يُعرَف عمره بعلامات في أسنانه ...." هذا الطالب هو النموذج الحقيقي للرجل الناجح مستقبلا. 

إن هذه الرؤية ليست حكرا على صاحب المدرسة فحسب بل نجد الكثير من المشتغلين في عالم الطباعة و النشر الموجّه للأطفال و الناشئة يولون اهتمام بالغا لكتب الحقائق و المعارف العلمية على حساب القصص الخيالية أو الأعمال الروائية. و كنا في مقالات سابقة قد أشرنا إلى عيّنة من دور النشر البريطانية ممن تولي أهمية قصوة لكتب المعارف العلمية. فصاحب دار Usborne Books ,على الرغم من تجاوزه الثمانين سنة لا زال يوصي بهذا النمط من الكتب و دار Macdonald Educational خصصت جلّ إصداراتها لهذا الغرض. و حتى دار علاء الدين Aladdin Books التي سنتحدث عليها في هذا اليوم جعلت من كتب المعارف العلمية من أولوياتها, لتأكد مرة أخرى أن الكثير من النخب المثقفة في المجتمع البريطاني لا ترغب في رؤية الأجيال الصاعدة تسبح في عوالم إنيد بلايتون و أغاثا كريستي أو تغرق في خيالات ج. ك. رولينج. 

ففي أواخر السبعينات من القرن العشرين ظهرت واحدة من أهم دور نشر كتب الأطفال و الناشئة في بريطانيا و العالم ممن تفرّغت كليا لكتب الحقائق و المعارف العلمية.

تأسست دار Aladdin Books في عام 1979 في محاولة منها لإثراء مكتبة الطفل بكتب علمية مصورة تغطي عدة مجالات, على غرار: التاريخ الطبيعي, الرياضيات, العلوم, التكنولوجيا, الفنون, الحرف, الهوايات, الجغرافيا , البيئة .... و على الرغم من أن إصدارات هذه الدار ليست ذات قيمة فنية كتلك التي كانت تصدر في الأربعينات و الخمسينات, إلا أنها ذات قيمة معرفية بالغة. فلا تكاد تجد مكتبة مدرسية أو عمومية أو منزلية إلا و بها أحد إصدارات دار Aladdin Books.

و يبدو أن سياسة هذه الدار كانت واضحة منذ نشأتها, فهي تعتمد على تبسيط الحقائق و المعارف و تقديمها في كتب مدعومة بمزيج من الرسومات و الصور الفوتوغرافية مع السعي إلى ترويجها في كل بقاع العالم. و لهذا السبب كانت هذه الدار حاضرة باستمرار في المعرض العالمي لكتاب الطفل الذي يعقد سنويا في مدينة بولونا الإيطالية, من أجل بيع حقوق إصداراتها لدور نشر أخرى.

و قد نتج عن ذلك ترجمة سلاسل هذه الدار لعدة لغات عالمية كالإسبانية و الكورية و اليونانية و العربية و الفرنسية و النرويجية و الألمانية و الإندونسية .... فضلا عن شراء حقوقها من قبل دور نشر أمريكية و كندية و أسترالية من أجل إعادة نشرها في أقاليم أخرى من العالم. ففي وقت مبكر من الثمانينات تولت دار GLOUCESTER PRESS و دار FRANKLIN WATTS نشر كتب دار علاء الدين في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن تتفرغ دار COPPER BEECH BOOKS في منتصف التسعينات لنشر عشرات السلاسل ضمن اتفاقية مع الناشر حسب ما يبدو.

أما في عالمنا العربي فقد اهتمت العديد من دور النشر العربية بمنشورات Aladdin Books . و لعل المؤسسة الوطنية للكتاب ( الجزائر ) تعد السباقة لذلك. حيث قامت في منتصف الثمانينات بنقل سلسلتين علميتين مهمتين للغة العربية,كل واحدة منهما تتألف من ثمانية عنواين, و هما سلسلة مبادئ العلوم و سلسلة الثورة الإلكترونية.

و قد ضمت سلسلة مبادئ العلوم العناوين التالية: الجغرافيا, البيولوجيا, الفيزياء, الكمياء, علم الطب, التكنولوجيا, الفلك, الجيولوجيا.

و شملت سلسلة الثورة الإلكترونية ما يلي: الكمبيوتر – كيف يعمل, الكمبيوتر – كيفية استعماله, الكمبيوتر – كيف يعمل في المنزل, أشعة الليزر , التلفزيون و الفيديو , الراديو و الرادار, الأقمار الصناعية, الإنسان الآلي.

أما في لبنان,فقد تهافتت العديد من دور النشر على شراء حقوق كتب علاء الدين خلال التسعينات و بداية الألفية الثالثة. فقد قامت مكتبة لبنان بنقل بعض السلاسل الهامة من نظير سلسلة تجارب طبيعية مبسطة التي تقع في ستة عناوين من أصل سبعة و هي: 

الأنهار و البرك و شواطئ البحار, الفصول, الغابات و المروج, حديقة الطبيعة, الطقس, دورة الحياة.

كما قامت بتقديم سلسلة Colser Look at ضمن سلسلة " حافظوا على " في أربع عناوين هي: الغابات المطيرة, المطر الحامضي, خرق الأوزون, الإنحباس الحراري الجوي..... و سلسلة موسوعة الجغرافية المصورة ضمن سبع عناوين هي : الغابات, الأنهار و البحيرات, المناطق العشبية, الجبال, البراكين, المحيطات و البحار, الصحاري و القفار.

أما دار المجاني فقد قدمت عدة سلاسل أيضا لهذه الدار على غرار سلسلة " لم أكن أعلم أن" و هي تقع في 20 عناوانا:

لم أكن أعلم أن بعض النباتات تنمو في وسط الهواء

لم أكن أعلم أن بعض الطيور تتدلى راسا على عقب

لم أكن أعلم أن أسماك القرش تفقد أسنانها باستمرار

لم أكن أعلم أن لبعض الزوارق أجنحة

لم أكن أعلم أن بعض أنواع القطارات تمشي على المياه

لم أكن أعلم أن الجبال تقذف الحمم

لم أكن أعلم أن الباندا العملاق يأكل طوال النهار

لم أكن أعلم أن بعض البق يتوهج في الظلام

لم أكن أعلم أن الحيتان تستطيع أن تغني

لم أكن أعلم أن الشاحنة قد تكون بحجم المنزل

لم أكن أعلم أن للعناكب أنيابا

لم أكن أعلم أن بعض الهررة الكبيرة تزأر

لم أكن أعلم أن الموج المدي يجرف المدن

لم أكن أعلم أن الدينوصورات تضع البيض

لم أكن أعلم أن الزلازل تصدع الأرض

لم أكن أعلم أن بعض أنواع الطائرات يحوم

لم أكن أعلم أن الناس يطاردون الأعاصير

لم أكن أعلم أن الشمس هي كوكب

لم أكن أعلم أن بعض الأفاعي ينفث السم

لم أكن أعلم أن التماسيح تتثاءب لتحافظ على برودة جسمها

كما قدمت سلسلة أخرى هي سلسلة " كيف تعمل " و تقع في 14 عنوانا: التلفزيون و الفيديو, الدبابات القتالية, الدراجات, الشاحنات, الطائرات المقاتلة, الطوافات, الغواصات, الكاميرا, الكمبيوتر, الليزر و الهولوغرام, المرقب - التلسكوب -المكوك الفضائي, سيارات السباق, المحطات النووية لتوليد الطاقة.

هذا و توجد سلاسل أخرى منقولة من قبل نفس الدار على غرار سلسلة " أنظر إلى جسدك" و سلسلة " مصنع العلوم". كما أصدرت مؤسسة المعارف اللبنانية سلسلة " إقرأ عن " و قامت دار أكاديميا بترجمة سلسلة " أسرار " ....

و على الرغم من الإسهامات الكبيرة لهذه الدار في تبسيط العلوم و تقديمها للأطفال و الناشئة و لا سيما لطلاب المدارس من أجل الإستفادة منها في مشاريعهم المدرسية و أبحاثهم العلمية, إلا أن القليل من القراء في عالمنا العربي يولون اهتماما لهذا النوع من الكتب كونه خاليا من المشاعر الإنسانية.