10 - دار الشرق العربي

10 - دار الشرق العربي 

نيمم اليوم بلاد الشام للحديث عن واحدة من أعرق دور النشر في سوريا و العالم العربي. ففي عام 1946 أسس الشاب عبد السميع عفش,الذي لم يكن قد تجاوز سن العشرين, أول مكتبة له في حي باب النصر بحلب لتجارة الكتب و القرطاسية. و قد ظل نشاط هذه المكتبة مقتصرا على بيع الصحف و المجلات و الكتب و مختلف الأدوات المكتبية لقرابة العشر سنوات.

و في عام 1955 تم تأسيس دار الشرق العربي للطباعة والنشر التي ركزت اهتمامها على اصدار الكتب والموسوعات العلمية والأدبية والفكرية فكانت مؤسسة رائدة حافظت على مر السنين والأعوام على مواكبة كل جديد ومميز ومفيد مما ساهم في عملية تطويرها و تحديثها.

فدار الشرق العربي تعتبر من أوائل دور النشر السورية الخاصة التي اهتمت بأدب الطفل, حيث قدمت العديد من السلاسل الهادفة التي سعت من خلالها إلى إثراء الرصيد اللغوي للأطفال و الناشئة,و كذا تنمية قدراتهم المعرفية في مختلف الميادين الأدبية و التاريخية و العلمية.

و تعود باكورة اصداراتها إلى مرحلة الجمهورية العربية المتحدة, ففي تلك الفترة أطلقت الدار العديد من المجموعات القصصية التي كانت في معظمها تهدف إلى بعث قيم الاعتزاز بالتاريخ العربي و الاسلامي, ثم اتبعتها في فترة السبعينات بانفتاحها على التراث الأدبي العالمي فقدمت العديد من السلاسل المنقولة عن دور نشر عالمية.

للأسف الشديد, قصص دار الشرق العربي في غالبها لم تكن تحمل معلومات عن تاريخ النشر و اسم المؤلف أو الرسام أو المترجم, و هذا ما يجعل الأمر صعبا علينا في تتبع مصادرها. و هذا يعود لسببين, إما أن الدار لم تكن تولي أهمية للموضوع, أو أنها كانت تقرصن أعمال غيرها من دور النشر العالمية و تنسبها لنفسها. و هذه الظاهرة كانت منتشرة بكثرة في السبعينات و الثمانينات.

فمثلا لو تفحصنا كتاب الهرة فلة من سلسلة - مختارات من القصص العالمية للناشئة - و التي تنسب أحيانا لمكتبة النهضة – بغداد بيروت, نجد أن الناشر السوري يظهر أن الكتاب من تأليف و رسم "غسان سلق" لكن من الواضح في لوحات الكتاب أن الرسومات للمبدعة Jeanne Lagarde و التي سبق لنا الإشارة لها في مقال سابق حيث تحدثنا عن أعمالها التي عربتها مكتبة سمير تحت تسمية سلوة الصغار. و لسنا ندري هل ما حدث هو خطأ مطبعي أم قرصنة. على أية حال استطعنا الوصول إلى الأصل الأجنبي الصادر عن دار هيما Hemma البلجيكية بفضل مساعدة حفيذ الرسامة.

عموما، تبقى دار الشرق العربي مميزة في أعمالها و قد قدمت الكثير للمكتبة العربية و لعل من أوائل سلاسل هذه الدار نذكر سلسلة – قصص و أسفار و مغامرات – التي تقع في 10 أعداد و التي قدم لنا الأستاذ القدير و رائد فن الكوميكس في العالم العربي, هنري ماثيوس, عينة منها. كما نجد سلاسل أخرى جد مميزة و مزينة برسومات جميلة تأسر لب القارئ الصغير كسلسلة قصصي الجميلة, القصص المحببة للأطفال, حكايات مصورة للأطفال, سلسلة العلماء و المخترعين, سلسلة القصص المسلية للأطفال, مختارات من القصص العالمية للناشئة, من روائع القصص العالمية,أجمل القصص الملونة, أجمل القصص و الحكايات, سلسلة القصص الضاحكة,سلسلة قصص المساء.

و بعيدا عن الغموض الذي يكتنف السلاسل القديمة نجد أن دار الشرق العربي زادت من اهتمامها بأدب الأطفال و الناشئة بداية من عام 2000 حيث تنوعت إصداراتها لتشمل مجالات مختلفة كالموسوعات العلمية و كتب التراجم و القصص التراثية و التحف الأدبية العالمية. فنجد من أجمل السلاسل الحديثة،: سلسلة عباقرة خالدون و سلسلة مشاهير علماء المسلمين، وهما تتناولان الإسهامات الكبرى التي قدمها العلماء المسلمون في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية و أهم المخترعات و الانجازات التي قدمها العلماء الغرب في خدمة الإنسانية و العلوم الحديثة.

كما نجد سلسلة من روائع القصص العالمي, التي تقع في 30 عنوانا, و هي سلسلة كتبت بأسلوب تربوي مبسط سهل القراءة, و زينت برسومات خلابة يعيش من خلالها القارئ أحداثها حتى النهاية. و قد تسنى لي اقتناء 16 عددا منها قبل فترة وجيزة من المعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة. و هي الأعداد الوحيدة ذات الغلاف الكارتوني المسلفن و التي أعيد نشرها بالتنسيق مع دار العزة و الكرامة بوهران.

حاولنا التواصل مع الناشر لمعرفة المزيد عن هذه الدار لكن للأسف الشديد, لحد الآن, لم نتلقى أي معلومات مفيدة في توثيق أعمالها. عموما سنقوم بتحديث المقال في حال الحصول على أي جديد من الناشر أو من الأخوة الأفاضل من عشاق النوادر في سوريا.