الحمدُ لله، الذي أضاءَ الوجودَ بنورِ النبوةِ والرسالة، وجعل الدلالةَ عليه بأيدي المرسلين أمانة يؤدُّونها إلى العبادِ حتى خَتَمَهُم بسيِّدِهم المصطفى نور الجلالة ،نحمده حمدا كثيرا أرسل نبيه بالهدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الله وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.... ثم أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وأن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
تُرى في أى شهر نحن؟ في ربيع الأول ، وماذا يعنى لنا هذا الشهر؟ هو الشهر الذى ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيحلو لنا أن يكون موضوع اليوم عن مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الاتباع والابتداع .
عباد الله اتقوا الله واعلموا أن أعظم نعمة أنعم الله بها على أهل الأرض بعثةُ محمد صلى الله عليه وسلم، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على أهل الأرض طاعته، بعثه على حين فترة من الرسل، أي جاءكم بعد مدة طويلة انقطعت فيها ارسال رسل قيل : كان بين عيسى وبين محمد عليهما الصلاة والسلام ما يقرب من ستمائة سنة أو يزيد فكان صلى الله عليه وسلم دعوة أبيه إبراهيم عليه السلام حين قال: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)البقرة، ونبوءة موسى عليه السلامُ في التوراة وكان بشرى عيسى عليه السلام حين قال (يابَنِى إِسْراءيلَ إِنّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ)الصف، فكان صلى الله عليه وسلم دعوة ابراهيم ونبوءة موسى وبشارة عيسى فقد جعله الله نوراً وسراجاً منيراً أنار الله به الأرض بعد ظلمتها وهدى الله به البشرية بعد حيرتها وأخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد..
لقد ولد في وقت كانت الدنيا فيه تغرق في ظلام الشرك والجاهلية، وكانت جزيرة العرب تعيش أرذل أيامها وأسوأ عصورها، فكانت الأصنام تعبد والخمر تشرَب والبنات توأد، وكانت القبائل يُغير بعضها على بعض، وكان بعض العرب يطوفون بالبيت عراة، فكان مولده صلى الله عليه وسلم ثم بعثته إيذانا ببزوغ فجر جديد على البشرية.
فمن هو رسول الله : هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن قصي بن لؤي بن غالب ثم ينتهى النسب إلى عدنان وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله عليهم السلام.
ولد رسول الله يوم الاثنين باتفاق ،وفي شهر ربيع الأول عند أكثر أهل العلم، واختلف في أي يوم ، فقيل: في اليوم الثاني من هذا الشهر، وقيل: اليوم الثامن، وقيل: في اليوم العاشر، وقيل: في اليوم الثاني عشر، وقيل في اليوم الثامن عشر وقيل غير ذلك، وسمي عام مولده بعام الفيل نسبة إلى فيل أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة، فرده رب البيت عن بيته وأهلك أصحاب الفيل، قال تعالى في سورة الفيل(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) وهذه المعجزة تُعد من دلالة نبوته لأن حدث هذا في سنة مولده وللرسول دلالات أخرى قبل ولادته:ـ
- فبولادته تنكَّسَتْ بها أصنام الدنيا فأصبحت منكَّسةً على رؤوسها فحرمت بعد ذلك عبادة الأوثان .
ـ فبولادته انطفأت نار المجوس وكان عليها سَدَنَة يخدمونها، ولها ألفَ سنة لم تُخمد.
ـ فبولادته جفت بحيرة ساوة فانهدمت الكنائس ،واهتزَّ قصرُ كسرى وسقطت منه أربع عشرة شُرَّفة.
ـ فبولادته مُنع الشياطينُ مِنَ الدنوِّ من السماء واستِرَاق السمع قال تعالى في سورة الجن(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا *وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا)
دلالات النبوة بعد الولادة:ـ
ـ فعن مولدته: ذكر القاضي عياض عن الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف أنها كانت قابلته أى مولدته وأنها أخبرت به حين سقط على يديها واستهل سمعت قائلا يقول يرحمك الله، وإنه سطع منه نور رؤيت منه قصور الروم.
- فعن مرضعته : وقبل أن نتكلم عن مرضعته يحضرن سؤال لماذا العرب يسترضعون أولادهم في البادية؟ والجواب رغبة في تقوية أجسادهم ، وتعويداً لهم على الاعتماد على النفس منذ الصغر ، وتقويماً لألسنتهم لينطقوا اللغة العربية الصحيحة – ومرضعة رسول الله هى حليمة بنت الحارث أى حليمة السعيدية ومن هنا نترك الحديث لمرضعته قال : قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن بها الرضعاء في سنة جدباء فقدمت على أتان لي (أنثى الحمار) ومعي صبي وشارف لنا (الناقة المسنة) وزوجي الحارث بن عبد العزى، وما ننام ليلتنا مع بكاء صبينا بسبب عدم وجود اللبن في ثديي ولا معنا ما يغديه لكنا كنا نرجو الغيث والفرج. فقدمنا مكة فو الله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فترفضه إذا قيل إنه يتيم تركناه. قلنا ماذا تصنع إلينا أمه ؟ إنما نرجو المعروف من أبي الولد، فو الله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري إلا أنا فلما لم نجد غيره وأجمعنا الرجوع قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع. لانطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه . فقال لا عليك أن تفعلي فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة، فذهبت فأخذته فو الله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره، فما هو إلا أن أخذته فجئت به راحلتي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن. فشرب حتى روي وشرب أخوه حتى رُوي. أُناوِلُهُ الثدي الأيمن فيشرب، فإذا حوَّلْتُه إلى الثدي الأيسر أمسك فمَه وأبى، ليكون الثاني نصيب أخيه من الرضاع. حتى لا يشربَ لبن الثديين فإن اللهَ ألهَمه العدلَ في طفولته.
وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا ضرعها ملئ باللبن، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا. فبتنا بخير ليلة. فقال صاحبي حين أصبحنا: يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة. فلم يزل الله عز وجل يزيدنا خيرا. ثم خرجنا راجعين إلى ديارنا فو الله لقطعت أتانى بالركب حتى ما يتعلق بها حمار حتى أن صواحبي ليقلن: ويلك يا حليمة هذه أتانك التي خرجت عليها معنا ؟ فأقول نعم والله إنها لهي فقلن والله إن لها لشأنا.
حتى قدمنا أرض بني سعد . وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعا لبنا فتحلب ما شئنا وما حولنا أحد تبض له شاة بقطرة لبن وإن أغنامهم لتروح جياعا حتى إنهم ليقولون لرعيانهم :ويحكم انظروا حيث تسرح غنم بنت أبي ذؤيب فاسرحوا معهم، فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فتروح أغنامهم جياعا ما فيها قطرة لبن وتروح أغنامي شباعا لبنا نحلب ما شئنا.
تقولُ حليمة: ليس لنا مصباحٌ في الليالي المظلمة إلا نورُ وجهِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم، فكنا نكتفى به فلم يزل الله يرينا البركة بسببه، حتى بلغ ست سنوات فكان يشب شبابا لا تشبه الغلمان ثم رددته إلى أهله بعد حادث شق الصدر.
نشأته صلى الله عليه وسلم
توفى والده عبد الله وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به فلما بلغ رسول الله ست سنين توفيت أمة آمنه بنت وهب بالأبواء بين مكة والمدينة وهى راجعة من عند أخواله من بني النجار ،فكفله جده عبد المطلب فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين هلك عبد المطلب بن هاشم ، فكفله عمه أبي طالب ،ثم تزوج بعد ذلك السيدة خديجة.
يا خـير من دُفِنَتْ بالقاعِ أعظُمُهُ, فطـاب من طيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ نـفسي الفداءُ لقبٍر أنت سـاكِنُهُ, فيه الـعفافُ وفيه الجودُ والـكرمُ,
أنت الشفيعُ الذي تُرجى شفاعَتُهُ, عِندَ الـصراطِ إذا ما زلَّت القـدمُ , وصـاحِباك لا أنسـاهـُما أبدا, مني السـلامُ عليكُم ما جرى القلمُ
ننته عند هذا الحد في سيرة النبى صلى الله عليه وسلم ونكمل بعد ذلك في سلسلة من الخطب في السيرة إن شاء الله وننتقل إلى الجزء الثانى من الموضوع وهو الاحتفال بين الاتباع والابتداع.
هل الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم له أصل في الدين؟
عباد الله العبادة قربة لا تقبل إلا بشرطين: الإخلاص والمتابعة وأن العبادات توقيفية على الله ورسوله أي الأصل فيها المنع أو الإباحة حتى تثبت بالدليل، وأيضاً من الثوابت الشرعية التي يجب على كل مسلم الالتزام بها، أن الله عز وجل شرع لنا عيدين في السنة، وعيداً أسبوعياً، أما العيدان اللذان في السنة فهما، الفطر والأضحى، وأما العيد الأسبوعي فهو يوم الجمعة. ولذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم أهل المدينة من اتخاذ يومين يلعبون فيهما غير يومي الفطر والأضحى، فحينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وجد أهلها يلعبون ويحتفلون في يومين لهما، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (لقد أبدلكم الله خيرا منهما: يومي الفطر والأضحى) ولذلك لا يصح اتخاذ أعيادا للمسلمين غير ذلك ، سواء سمي ذلك اليوم عيدا أو موسم أو مولد أو سمي باسم آخر، فتغيير الاسم لذلك اليوم لا يبيح الاحتفال به، ونحن نعيش في زمان كثرت فيه أعيادُنا والخوف كل الخوف أن يأتى زمان تكون معظم السنة أعياداَ وتكون أيام الإجازات أكثر من أيام العمل بسبب كثرة الأعياد وينقلب السؤال من متى الإجازة إلى متى العودة للعمل .
وإذا أردنا أن نحتفل برسول الله صلى الله عليه وسلم فلننظر إلى واقع المسلمين فواقعنا لا يرضيه صلى الله عليه وسلم وكيف يرضى وقلوبنا متشاحنة , ونفوسنا متخاصمة ؟!، وكيف نحتفل ونحن نتصارع ونتقاطع بتيارات ومذاهب شتى , ويكيد بعضُنا بعضاً بكل عداوة وبغضاء ، فهل هذا الذي جاء من أجله سيدُنا محمدٌ صلوات الله وسلامه عليه ؟!.
إنَّ الاحتفال بذكرى ولادة رسولنا يا عباد الله من أجل أن نلتزم بسنته , ونسيرَ على نهجه , ونعملَ بشريعته , وندعُوَ إلى رسالة السماء لا إلى رسالة الأهواء ونعتصم بكتاب الله وسنة رسوله، و تتصالحَ النفوسُ وتتصافى القلوب
وليس من أجل أن نأكلَ الحلوى والطعام , ولا من أجل أن ننفقَ الأموالَ الكثيرةَ إسرافاً وتبذيراً بما لا يَرضى عنه رسولنا عليه الصلاة والسلام ..
إذا نظرنا إلى هذه الاحتفالات بميزان الشرع الحنيف وجدنا أنها من البدع والضلالات التي لا يجوز للمسلم أن يشارك فهي للأسباب التالية:
1- أنه لم يفعله النبي في حياته قط ولا احتفل الصحابة رضي الله عنهم بمولده بعد وفاته ولا التابعين ولا أهل مكة التى ولد فيهم ولا أهل المدينة التى عاش فيها ولا في الأراضى السعودية التى دفنه فيها وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف.
• قال الله تعالى: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً [الملك]. قال الفضيل بن عياض أحسن عملاً أي أخلصه وأصوبه والصواب أن يكون على السنة، والخالص أن يكون لله.
• وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
• وروى أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني عن العرباض بن سارية أن النبي قال: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة).
• وقال عبد الله بن مسعود : اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.
- أن الاحتفال بالموالد عادة نصرانية وقد قال : (من تشبه بقوم فهو منهم).
فالنصارى هم الذين يحتفلون بأعياد الميلاد، وانتقلت هذه العادة النصرانية إلى المسلمين عندما ضعف تمسكهم بدينهم وفشا فيهم التشبه بأعدائهم.
- هذه الاحتفالات تشتمل على الكثير من المحظورات الشرعية، وعلى رأسها الشرك بالله تعالى حيث ينشدون قصيدة البردة للبوصيري والتي يقول فيها:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
وغير ذلك من الأبيات الشركية التي فيها الاستغاثة بالنبي وادعاء أنه يعلم الغيب، مع أن الله تعالى قال لرسوله قل لهم يا محمد(قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف.
وقال : (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم، وإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) البخاري ومسلم.
بالإضافة إلى ما يكون في هذه الاحتفالات من الرقص والطبل والزمر وأنواع اللهو واختلاط النساء بالرجال، فشابهوا بذلك الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً.
فإذا كان الاحتفال برسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة ليس له أصل في الدين فمن ابتدع هذه البدعة؟
أيها الإخوة: إن أول من احتفل بيوم المولد النبوي هم العبيديون كما ذكر ذلك كثير من المؤرخين فالعبيديون، الذين سموا أنفسهم بالفاطميين، كذباً وزوراً، فنسبوا أنفسهم إلى أولاد علي رضي الله عنه، وسموا دولتهم بالدولة الفاطمية ،وهنا يتبادر سؤال مهم للأذهان لماذا هذا اليهودي الرافضي المجوسي هو أول من احتفل بالمولد النبوي؟ هل صنع هذا حباً في النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا والله، بل هو - على ما أظن - كره في النبي صلى الله عليه وسلم، لأن اختيار يوم الثاني عشر من ربيع الأول للاحتفال به، إنما هو احتفال وفرح بيوم وفاته صلى الله عليه وسلم واليهود فرحوا بموته ويفتخرون بأنهم هم الذين قتلوه بوضع السم له في الشاة ،كما هو معلوم للجميع، ولا أظن إلا أن هذا اليهودي العبيدي قد لبّس على الناس وفعل عدة احتفالات بعدة موالد، حتى لا ينكشف أمره، وجعل الاحتفال بيوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام بزعمه احتفالاً بيوم المولد النبوي.
أدلتهم بالاحتفال بالمولد:
قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين، فحينما سئل عن صيامه ذلك اليوم قال: (ذلك يوم ولدت فيه) فبماذا تردون؟ .. والرد هو أين الدلالة على الاحتفال بيوم مولده في هذا الحديث؟ أو الاجتماع والذكر فيه؟! أما صيام يوم المولد بالخصوص فليس له أصل فى السنة وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الأثنين لأجل مولد فإنه يصوم كل اثنين وليس يوم مولده فقط فى ربيع الأول وكان يصوم كل اثنين وخميس فمن كان له عادة صام ، أما الصيام هذا اليوم فقط فليس له أصل.
ويستدلون بقوله تعالى في سورة يونس(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )فقال قائلهم: إن الله أمر بالفرح ، فأين الدليل على الاحتفال والآية متعلقه بالذى قبلها وهو القرآن( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)
ويستدلون أهل البدع على جواز إقامة الاحتفال بالمولد النبوي. بأن أبا لهب عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين يخفف العذاب عنه يوم الاثنين من كل أسبوع، لأنه اعتق ثويبة فرحاً بمولد النبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءته البشرى في ذلك اليوم، وهل نأخذ ديننا من مشرك مات على الكفر.
يقولون إنَّ عمل المولد وإن كان في الأصل بدعة فهو بدعةٌ حسنة، لأنَّه فعله أناسٌ صالحون، وقد قال ابن مسعود: (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن). قالوا : وقد صحَّ عن النبيِّ أنَّه قال: ((من سنَّ في الإسلام سنَّةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء).
الجواب أن يقال: إنَّ تقسيم البدعة إلى سيِّئة وحسنة يصطدم مع قوله صلى الله عليه وسلم (كلُّ بدعة ضلالة). فمن قسم البدعة إلى حسنة وسيِّئة فقد زعم أن ليس كلُّ بدعة ضلالة والبدعة الحسنة هى تجديد سنة قد ماتت وقضيَّة عمل المولد لم تكن سنة استحسنها الصحابة ولا التابعون ولا أتباعهم، ولا أحد من الأئمَّة الأربعة بل هي من اختراع العبيديِّين غلاة الشيعة الباطنية؟!.
كيف نحتفل برسول الله صلى الله عليه وسلم:
1- طاعته إذا أمر فلا يكون لك حرية الاختيار مع أوامره بل سمعنا وأطعنا قال تعالى في سورة الأحزاب(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا)
2ـ الإيمان به وتعزيره وتوقيره، والتعزير هو النصر، والتوقير هو الاحترام والإجلال.
3- تصديقه فيما أخبر وعدم الشك في ، وقد شهد له أعداؤه بالصدق وقالوا: ما جربنا عليك كذباً قط، وقال هرقل: ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله تعالى.
4 - وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبة آل بيته وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
5 - أن من لزوم محبته صلى الله عليه وسلم، طاعته واتباعه فيما فعل وترك. أن من أعظم ثمرات المحبة أن يحشر المحب مع من أحب، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف تقول فى رجل أحب قوما ولم يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« المرء مع من أحب».
6 ـ أن نكثر من الصلاة والسلام عليه وخاصة في يوم الجمعة لقوله صلى الله عليه وسلم( أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة ؛ فإن صلاتكم معروضة علي . قالوا كيف تعرض عليك وقد أرمت ؟ قال : إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) صححه الألبانى ، والله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى:(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا» صححه الألبانى في صحيح الجامع6358 .