ثالثاَ العودة من الرحلة: وهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمِ الله لمن قال أن الرحلة بالبدن واستيقظَ لمن قال إنها رؤية ،لقد هبط واستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد الحرام ولما أصبح النبي بمكة فَزعَ بأمره وعرف أن الناسَ مكذبوه، وأصبح النبي يتحدث بذلك ، فارتدَّ ناسٌ ممن كانوا آمنوا به وصدقوه ، وسَعَوْا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس , قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم , قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق , قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلةَ إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم ، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء. فلذلك سمي أبو بكر الصديق وقعد النبى معتزلاً حزيناً ، فمر به عدوُّ الله أبو جهل ، فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ : هل كان من شيء ؟ فقال له رسول الله : نعم قال : وما هو ؟ قال : إني أسري بي الليلة , قال : إلى أين ؟ قال : إلى بيتِ المقدس , قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم , فلم يُرِهِ أنه يكذبه مخافةَ أن يجحدَه الحديثَ إذا دعا قومَه إليه . فقال : أرأيتَ إن دعوتُ قومَك أتحدثهم بما حدثتني ؟ فقال رسول الله : نعم , قال : هيا معشر بني كعبِ بنِ لؤي هلم . فانتفضت إليه المجالسُ وجاءوا حتى جلسوا إليهما ، قال : حدِّثْ قومَك بما حدثتني , فقال رسول الله : إني أسري بي الليلة , فقالوا : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس , قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم , فمنهم بين مصفق ، ومنهم بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب قالوا : وهل تستطيع أن تصف لنا المسجد فوصفه لهم؟ فعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ "رواه البخارى"