الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علمًا وهو على كل شيء شهيد، أحاط علمه بالظاهر والخفي والقريب والبعيد، جعل لكل شيء قدرا وهو الحكيم الخبير، نحمده حمداً كثيراُ خلق كل شيء فأحسن خلقه وقدر الأقدار ولطف بما جرت به المقادير ، فله ملك السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله ولذلك لن تجدوا لسنة الله فى كونه تبديلا ولا تحويلا وليس لنا من دونه وليا ولا نصيرا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الله وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فاللهم أجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين، ثم أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وأن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما لقائى بكم اليوم بإذن الله تعالى عن موضوع شغل بال الناسِ جميعا ليل نهار فحير قلوبَهم وأضعف إيمانهم ألا وهو القضاء والقدر وقضية الإيمان به وهل الإنسان مسير أو مخير ولذلك قررت بإذن الله تعالى وبتوفيقه أن أقدم لكم هذا الموضوع لعلكم تجدون جوابا يشفى قلوبكم ويثبت إيمانكم وترضون بما قضى به ربكم.
فاتقوا الله عباد الله وآمنوا وبقضائه وقدره فإن الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الست واعلموا أنه لن يكتمل إيمان عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، ففى الحديث الصحيح الذى رواه الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما سأل سيدنا جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له أخبرني عن الإيمان ؟ قال : (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال : صدقت) فقضية القضاء والقدر من قواعد الإيمان .
فاتقوا الله عباد الله وآمنوا وبقضائه وقدره كى تفوزوا كما فاز المتقون، واعتمدوا على ربكم في كل ما به تتصرفون ، واعلموا أن كل شيء بقضاء وقدر من يقول للشيء كن فيكون ، ألا وإن الاعتقاد في القضاء والقدر أحدُ شعب الإيمان ، وبتحقيقه يتحقق للعبد الربح ويسلم من الخسران ، فمن آمن حق الإيمان بالله وعلم أن كل شيء بقدره وقضاه ثبت الله قلبه للرضى والتسليم وهداه ، ومن استعان بالله أعانه ، ومن لجأ إليه حماه ، ومن قصد نحوه كفاه ، بالله عليكم كيف لا يخاف الخلق من الخالق إذا علموا أن الأجل محتوم ؟ وكيف يخشو الفقر إذا علموا أن الرزق مقسوم ؟ ، وكيف يتسخطوا على المصائب والمكاره إذا علم أن كل شئ مكتوب؟ كيف لا يحتسبون ثوابها ويرجون أجرها وهم يعلمُون أن الله هو الذي دبرها وقضاها ؟ ألا وإن الإيمان بقضاء الله وقدره يوجب الطمأنينة والثبات ، ويسهل على العبد اقتحام الصعاب الشداد، ويهون عليه المصائب الملمات - فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : (يا غلام ألا أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف )"الألباني (صحيح) رقم 7959 صحيح الجامع". وفى رواية أخرى ما (أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطأك لم يكن ليصيبك و لو مت على غير هذا لدخلت النار) )"الألباني (صحيح) رقم 5244 صحيح الجامع".
ما هو القضاء؟ وما هو القدر؟ وهل هما بمعنى واحد:ـ
نبدأ بتعريف القـــدر لأن القدر يسبق القضاء: فالقدر هو ما قدره الله سبحانه من أمور خلقها في علمه وكتبها الله في الأزل أى قدر الله تعالى الأشياء في القَدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده ، وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها وذلك من قبل أن يخلق السموات والأرض فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائقِ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ". مسلم.
فالقضاء: هو ما حكم به الله سبحانه من أمور خلقه وأوجده في الواقع أى وقوع القدر على العبد أى تنفيذ ما كتب وقُدر.
وقد اختلف الناس في القضاء والقدر وتنازعوا فيه فمنهم الغالي ومنهم الجافي ومنهم الوسط:ـ
نسرد لكم اختلاف الناس قديما في القضاء والقدر ونضرب لكم الأمثال حتى نخرج بتجربة من سبقنا ونتبين أن الإنسان مسير أو مخير.
أولاً: ماذا قال الغالون فى القدر: فالغالون فهم فرقة قديمة تسمى الجبرية: قالوا إن الإنسان مجبور على عمله، ليس له فيه اختيار، إن عمل صالحاً فإكراهاً عليه، إن عمل سيئاً فإكراهاً عليه، إن قام أو قعد فهو مكره مجبر؛ لأن الله تعالى شاء ذلك فيجب أن يكون.
نرد على الجبرية بأن هذا خطأ كبير لأنه من يعتقد ذلك يتهم الله بأنه ظالم وأنه يحاسب الناس بما أجبرهم عليه قال الله تعالى فى سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ)، وهذا تعطيل للثواب والعقاب ، فأنت تفعل كل شئ باختيارك، ولا يشعر أحدٌ أبداً أنه أكره على هذا الفعل. ولهذا لو أكره حقيقة سقط عنه الإثم، ونقول لمن قال أنه مجبر بأنه لو ضرب أو شتم فلا يعترض ولا يقاوم لأن الفاعل مكره فكيف تعاتبه وقد ورد في الأثر أن رجلا من أهل السنة جادل أحد القائلين بأن الإنسان مجبر فلم يقتنع بقوله فضربه بحجر في رأسه فقال الجبرى لما فعلت ذلك قال له السنى أن مجبر فرد عليه الجبرى وقال له أنت الذى اخترت فرد عليه السنى وقال له الآن عرفت إن الإنسان يختار ولو قلنا بأن الإنسان مكره لبطلت الشريعة كلها، ويذكر عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه رفع إليه سارق فأمر بقطع يده،(فاحتج الرجل على أمير المؤمنين بالقدر وأنه مجبر) فقال له: مهلاً يا أميرالمؤمنين، والله ما سرقت هذا إلا بقدر الله. قال : ونحن لا نقطع يدك إلا بقدر الله.
ثانياً: ماذا قال الجافون فى القدر: وهم القدرية الذين أنكروا القدر، وقالوا إن الأمر أنف (أى الأقدار تحدث فى الحال لا يعلم الله متى تقع، وزعموا أن الله لا يعلم ما العباد عاملون، وجعلوا الإنسان خالقاً لأفعاله الاختيارية، وقد اندثرت هذه الفرقة وسلك مسلكهم مجوس هذه الأمة الشيعة فهولاء ماقدروا الله حق قدره قال الله تعالى فى سورة الحج ( مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
ونرد على القدرية فنقول: سبحان الله! الإنسان في ملك الله وكيف يكون في ملك الله ما لا يريد؟ الإنسان مخلوق لله، فكيف تكون أفعاله غير مخلوقة لله؟ هي مخلوقة لله، وهي في ملك الله قال الله تعالى فى سورة الأنعام (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) فالله تعالى يعلم متى تسقط الورقة ليس فقط العلم بل ويقضى بسقوطها وبما تؤثر الورقة فى هذا الكون سقطت أو لم تسقط ورغم ذلك سقوطها لقضاء الله وقدره فما بالك بالخلق وَ قال تعالى (إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) الحجر
ثالثا: ماذا قال أهل السنة والجماعة:ـ فأهل السنة والجماعة وسط بين الفرقتين، فيؤمنون بقضاء الله وقدره، ويؤمنون بوقوع الفعل من الإنسان كما دل على ذلك الحس والواقع، والإنسان مسؤول عما يقع منه ولذلك أكبر شئ فى الدنيا هو الإسلام ورغم ذلك أنت تختار قال تعالى فى سورة الكهف(فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) ولما حدث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه فقال: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار. قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).إذاً نحن مأمورون بالعمل، وإذا عملنا ما يرضي الله يسر الله لنا. ثم تلا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)
ومن هنا يبرز سؤال هل الإنسان مخير ومسير وهو جواب أهل السنة والجماعة؟
لا يَصح أن يقال إن الإنسان مسير دائما أو مخير دائما لأن الإنسان في أغلب أموره مُخير وفى بعضها مسير بتسيير الله له وسنشرح ذلك بالتفصيل.
*** وأما كونه مسيراً فلأنه لا يخرج بشيء من أعماله كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب مقادير الخلق إلى يوم القيامة" رواه الترمذي وصححه، ثم إن هناك أمور لا قدرة لك فيها فهل يصيبه الحادث باختياره ؟ هل يصيبه المرض باختياره ؟ هل يموت باختياره ؟
فهذه أمور تقع على العبد ، أو منه بغير اختياره ، كالمرض ، والموت ، والحوادث فهي بمحض القدر ، وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة . قال الله تعالى (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) الحديد، أى ما من شئ يقع فى هذا الكون أو فى نفسك إلا وهو مكتوب، والله أدرى بما يُصلحك قد يبتليك ليكفر عنك سيئاتك في الدنيا أو يدخرها لك في الآخرة.
*** أما كونه مخيراً فلأن الله تعالى أعطاه عقلاً وسمعاً و إدراكاً وإرادةً فهو يعرف الخير من الشر والضار من النافع وما يلائمه وما لا يلائمه ، فيختار لنفسه المناسب ويدع غيره ، فهل أمرك أحد بالصلاة أو بالذهاب إلى العمل أو منعك فتقول لا إذا أنت تختار ، أنت في هذه اللحظة قررت الذهاب إلى الكلية ثم ترددت ثم قررت ونزلت فلم تجد مواصلة فلم تذهب وبهذا وصلت إلى ما كتبه الله لك و تختار ما كتب الله لك حتى في الكفر أو الإسلام فأنت مخير قال تالى في سورة الكهف(فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) ولكن حتى اخيارك يكون بما كتبه الله لك قال تعالى في سورة الإنسان(وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)وبذلك تعلقت التكاليف الشرعية بهذا من الأمر والنهي ، واستحق العبد الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية. قال سبحانه :(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) الشمس، ولذلك فالإنسان ميسر لما خلق له ولكن العبد إذا أراد شيئا وفعله علمنا أن الله - تعالى - قد أراده ، فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السماوات والأرض إلا بمشيئته - تعالى ، فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن مسألة القدر وما يعمل الناس فيه : أهو أمر قد قضي وفرغ منه أم أمر مستأنف؟ فقال: " بل أمر قد قضي وفرغ منه فقالوا : ففيم العمل؟ فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له … " الحديث رواه مسلم إذا فالأنسان مخير قال تعالى فى سورة الكهف(فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) ولكنه لا يخرج بشيء من أعماله عن قدرة الله تعالى وإرادته كما قال الله : وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ولذلك لا يجوز لأحد أن يحتج بقدر الله ومشيئته على ما يرتكبه من معصية أو كفر؟ لأن لك اختيار
أنواع الأقدار: ـ
1.نوع لا قدرة على دفعه أو رده: وهو ما يجري على العبد من مصائب وما يتعلق بالرزق والأجل والصورة التي عليها وأن يولد لفلان دون فلان.ومن ثم فهذا النوع من الأقدار لا يحاسب عليه العبد لأنه خارج عن إرادته وقدرته في دفعه أو رده.
2.نوع لا قدرة للعبد على إلغائه ولكن في إمكانه تخفيف : ويدخل في ذلك الغرائز والصحبة، والبيئة، والوراثة. فالغريزة لا يمكن إلغاءها ولم نؤمر بذلك وإنما جاء الأمر بتوجيهها إلى الموضع الحلال، الذي أذن الشرع ، وكذلك والبيئة التي يولد فيها الإنسان ويعيش، لا يمكن اعتزالها ولم نؤمر بذلك وإنما يقع في القدرة التغير والانتقال إلى بيئة أكرم وأطهر،
3.نوع للعبد القدرة على دفعها وردها، فهي أقدار متصلة بالأعمال الاختيارية والتكاليف الشرعية فهذه يتعلق بها ثواب وعقاب وتستطيع أن تفعلها ويدخل في قدرتك الفعل وعدم الفعل معا، وتجد أنك مخير ابتداءً وانتهاءً. فالصلاة والصيام باستطاعتك فعلها وعدم فعلها، فإذا أقمتها أثابك الله وإذا تركتها عاقبك وكذا يدخل في ذلك رد الأقدار بالأقدار.فالجوع قدر وندفعه بقدر الطعام.والمرض قدر ونرده بقدر التداوي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يرد القدر إلا الدعاء) حسنه الألبانى. أما قول رب إنى لا أسألك رد القضاء بلأ أسألك اللطف فيه فهذا كلام بطل وليس حديثا ولا تضيق في دعائك فااله عطاءه واسع وسأل رد القضاء.
شروط الإيمان بالقضاء والقدر:ـ
الأول : العلم : أي أن الله علم ما الخلق عاملون ، فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم , علم ما كان وما يكون ومن لم يمكن لو كان كيف سيكون، يكون بعلمه الأزلي الأبدي فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.
الثاني : الكتابة : أي أن الله كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ .
الثالث : المشيئة : أي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فليس في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه
الرابع : الخلق والتكوين : أي أن الله خالق كل شيء ، ومن ذلك أفعال العباد ، فهم يعملونها حقيقة ، وهو خالقهم وخالق أفعالهم .فمن آمن بهذه الأمور الأربعة فقد آمن بالقدر.
أثر الإيمان بالقضاء والقدر: ـ
1- الثقة: بأن كل شئ من عند الله قال تعالى) قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) التوبة (وما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطأك).
2- العزة: فالمؤمن عزيز بإيمانه بالله وقدره فلا يذل لأحد إلا لله سبحانه لأنه علم وتيقن أن النافع الضار هو الله، وأن الذي بيده ملكوت كل شيء هو الله قال الله تعالى في سورة الأعراف (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
3- الرضى والاطمئنان: فنفس المؤمنة راضية مطمئنة لعدل الله وحكمته قال الله تعالى في سورة التغابن(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر و كان خيرا له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)
ولله در الشاعر: إذا ابتليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله
إذا قضى الله فاستسلم لقدرته ما لامرئِ حيلة فيما قضى الله
اليأس يقطع أحيانا بصـاحبه لا تيأسـن فنعـم القـادرُ الله
4- اليقين بأن العاقبة للمتقين والفرج: قال الله تعالى في سورة الطلاق ( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ).
5- الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء: والإيمان بالقدر يجعل الإنسان يمضي في حياته على منهج سواء، لا تبطره النعمة، ولا تيئسه المصيبة، فهو يعلم أن كل ما أصابه من نعم وحسنات من الله، لا بذكائه وحسن تدبيره (وما بكم من نعمة فمن الله) النحل
الخاتمة: أذكركم بآية جامعة للإيمان بالقضاء والقدر قال الله تعالى في سورة الحديد (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) أى كل شئ يقع في الأرض من سيول أو براكين أو زلازل أو في نفسك من موت أو مصيبة أو غنى أو فقر او سعادة فهو من عند الله كتبه الله فقدره وقضاه لكى لا تأسوا أى تندموا على ما فاتكم وتقول لو كان كذا مكان كذا لو تفتح عمل الشيطان ولا تغير شئ من قدر الله ولكن قل قدر الله وما شاء فعل في صحيح مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل "، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (كل شيءٍ بقدرٍ حتى وضعك يدك على خدك).ولا تفرحوا بما آتاك وتقول هذا من عملى والله يُحبنى وهذا خطأ كل من عند الله والله لايحب كل فخور مختال.