ومن هنا ومن خلال تلك المقدمة يتبين لكم أن موضوع اليوم بإذن الله تعالى عن الظلم فالظلم ظلمات يوم القيامة إن الظلم ذنب عظيم ، وإثم كبير مرتعه وخيم ، هو سبب الفساد والفتن ، والبلاء والمحن ، والعقاب والهلاك ، الظلم منبع الرذائل والموبقات ، ومصدر الشرور والسيئات ، متى فشا في أمة أذن الله بخرابها , ومتى شاع في بلدة تحققت أسباب زوالها ، واجتمعت دوافع تخلفها وانحطاطها ، فبه تفسد البلدان والديار , وتدمر الأوطان والأمصار , وبه ينزل غضب الجبار ، قال الله الواحد القهار : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } ، فأين الأمم الظالمة الظاهرة ،القاهرة الغابرة ؟ لقد فشت فيهم الفواجع ، وحلّت بهم المواجع ، فمهما بلغت قوّةُ الظالم ، وضعفُ المظلوم ، فإنَّ الظالم مقهور مخذول ، مصفّد مغلول ، فاتقوا دعوة المظلوم ،فليس بينها وبين الله حجاب يرفعها الحيّ القيوم ، فوق عنان الغيوم ، ويفتح لها أبوابَ السماء ، ويقول: وعزَّتي وجلالي لأنصرك ولو بعدَ حين.