فإن أفضل العبادة انتظار الفرج من الرحيم الرزاق، وإياكم أن يستولي على قلوبكم القنوط واليأس، أو تتفوهوا بالكلام الدال على التضجر والتسخط واليأس، فإن المؤمن لا يزال يسأل ربه ويطمع في فضله ويرجوه، ولا يزال مفتقرا إليه في جلب المنافع، ودفع المضار من جميع الوجوه، إن أصابته السراء كان في مقدمة الشاكرين، وإن نالته الضراء فهو من الصابرين، يعلم أنه لا رب له غير الله يقصده ويدعوه، ولا إله له سواه يؤمله ويرجوه، ليس له عن باب مولاه تحول ولا انصراف ولا لقلبه تلفت إلى غيره، ولا تعلق ولا انحراف، لا تخرجه السراء والنعم إلى الطغيان والبطر، ولا يكون هلوعاً عند مس الضراء متسخطاً للقضاء والقدر، يتمشى مع الأقدار السارة والمحزنة بطمأنينة وسكون، ويهدي الله لها قلبه لعلمه أنها تقدير من يقول للشيء كن فيكون، فهذا عبد موفق قد ربح, وقام بعبودية ربه في جميع التقلبات، وقد نال السعادتين -راحة البال وحسن الحال والمآل- واكتسب الخيرات: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} سورة التغابن.