وصايا نبوية للتحصن ضد الأوبئة (كالكورونا)([1])
كثر الحديث وأصبح الناس فقهاء في طرق الوقاية من الأمراض والأوبئة وأصاب الناس وسواس شديد في النظافة والتعقيم وغسل الأيدي حتى أننا سمعنا عن أسرة كاملة ماتت اختناقا بسبب المبالغة في طرق الوقاية والسعي خلفها بدون وعي أو دراية.
ودورنا أن نلقي الضوء على جانب قد يغفل البعض عنه كله أو بعضه فأحببت أن أجمع لكم النصائح والتدابير النبوية للوقاية من الأوبئة.
1- التوبة العامة والرجوع إلى الله والتضرع إليه.
إن من أعظم أسباب دفع البلاء تضرع العبد لربه جل وعلا كما بيّن الله في كتابه الكريم: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:43،42) )
فالغاية من أخذ العباد بالبأساء والضراء أن يضرعوا إلى الله بالتوبة والإنابة والدعاء والإقلاع عن المعاصي.
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ* حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (المؤمنون: 76،77)
قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) } [الروم: 41].
روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا .. "
ومما ورد من كلام العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة".
روى أحمد وغيره قوله- صلى الله عليه وسلم -: "لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم" وفي تفسير قوله -صلى الله عليه وسلم-:"حتى يعذروا" قال أبو عبيد في غريب الحديث (1/131) يقول:"حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم".
2- المواظبة على الأذكار الموظفة:
* فمن الأذكار التي علمها لنا النبي صلى الله عليه وسلم أذكار الصباح والمساء فمما يُـقال:
أ- قبل نزول البلاء:
*قال رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الذي لا يَـضُرُّ مع اسْمِهِ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ» ثلاثَ مَرَّاتٍ لمْ تُصِبْـهُ فَجْأَةُ بلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، ومَنْ قالها حِينَ يُصْبِحُ ثلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبـهُ فَجْأَةُ بلاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ». [رواه أبو داود وغيره].
*عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، قَالَ : ( أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرَّكَ ) رواه مسلم (برقم 2709 ).
*عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال : قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُلْ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (.
* النفث في اليدين بالمعوذات ومسح الجسد بهما عند النوم .
ب- المُحافظةُ على دُعاءِ الخُروج من المَنزل
عن أَنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَـيْـتِـهِ فقالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، تَـوكَّلْتُ على اللَّهِ، لا حوْلَ ولا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ» -قـال:- يُـقـالُ حِـيـنَــئِـذٍ: هُدِيتَ، وَكُـفِيتَ، وَوُقِيتَ، فتَـتَـنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِـينُ، فَـيقُولُ لَهُ شيـطانٌ آخَـرُ: كيفَ لك بِرَجُلٍ قَـدْ هُـدِيَ وكُـفِـيَ ووُقِـيَ؟». [رواه أبو داود].
جـ-سُؤالُ الله العَافيةَ عِند الصَّباحِ والمسَاء: عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: «لَمْ يَـكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعواتِ حِينَ يُصْبِحُ وحِين يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العافِيَـةَ فـي الدُّنيا والآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ والعافِيَـةَ فـي دِيني ودُنْـيايَ وأَهْلِي ومالِي، اللَّهُمَّ اسْتُـرْ عَوْراتِي، وآمِنْ رَوْعاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِـي مِنْ بَـيْنِ يَدَيَّ، ومِنْ خَلْفِي، وعَنْ يَمِيـنِـي، وعَنْ شِمالِي، ومِنْ فَوْقِي، وأَعُوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَنْ أُغْتالَ مِنْ تَحْتِـي». [رواه أحمد وغيره].
2- الإكْثار من قولِ: «لاإله إلا أنت سُبحانكَ إنِّي كُنتُ من الظالمين».
قال الله عز وجل: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87-88]
يقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «دعوةُ ذي النُّون إِذْ دَعا بها وهو في بَطْنِ الحُوتِ: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمينَ»، لَم يَـدْعُ بها رجلٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجابَ اللهُ له». [أخرجه الإمام أحمد والترمذي].
قـال ابنُ القيِّم في «الفوائد»: «فما دُفِـعَتْ شدائِد الدُّنيا بِمثل التَّوْحِيد، ولذلك كان دُعاء الكَرْبِ بِالتَّوحِيـدِ، ودعوةُ ذِي النُّون التي ما دعا بها مَكْرُوب إِلَّا فَـرَّج الله كَرْبَهُ بِالتَّوْحِيدِ.
فلا يُلْـقِي في الكُـرَبِ العِظام إِلَّا الشِّرك، ولا يُنْجي مِنها إِلَّا التَّوْحِيد، فَهُوَ مَفْـزَعُ الخَلِيقةِ ومَلْجَؤُها وحِصْنُها وغِياثُها، وباللَّهِ التَّوْفِيق».
3- التَّعوذُ مِن جَهْدِ البلاءِ: «كان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَـتَـعَـوَّذُ مِنْ جَهْدِ البلاءِ، ودَرَكِ الشَّقاءِ، وَسُوءِ القضاءِ، وشَماتَةِ الأَعدَاء»ِ. رواه البخاري.
(جهد البلاء) المشقة من كل ما يصيب الإنسان فيما لا طاقة له بحمله ولا يقدر على دفعه عن نفسه. (درك الشقاء) لحوق الشدة والعسر ووصول أسباب الهلاك. (سوء القضاء) ما قضي به مما يسوء الإنسان. (شماتة الأعداء) أن يحزنوا لفرحي ويفرحوا لحزني.
4- كَـثْـرَةُ الـدُّعَـاءِ: قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ))
- قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ)) .
وفي لفظ: ((ادْعُوا فَإِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ القَضَاءَ)).
فينبغي للعبد أن يعلم أن للدعاء مع البلاء ثلاثة مقامات:
1 - أن يكون الدعاء أقوى من البلاء، فيدفعه لاستكماله شروط وواجبات الدعاء ومستحباته.
2 - أن يكون أضعف من البلاء، فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد لنقص في الداعي: مثل قلة اليقين، أو الغفلة، وغير ذلك من التخلف في واجباته وشروطه، ولكن قد يخففه على قدر تحققه من أسباب الإجابة.
3 - أن يتقاوما، ويمنع كل منهما صاحبه.
5-صَنائعُ المَعروف وبذلُ الإحْسانِ:
قال ابنُ القَـيِّم رحمه الله: «ومِنْ أَعْظَمِ عِلاجات المرضِ: فِعْلُ الخيرِ والإِحسان، والذِّكْـرُ، والدُّعاءُ، والتَّـضَرُّعُ، والابتهالُ إلى الله، والتَّوبةُ، ولهذه الأمور تأثيرٌ في دَفْعِ العِلَل، وحُصُولِ الشِّفاءِ؛ أعظمُ مِنَ الأدوية الطَّبِيعِيَّـةِ، ولكن بحَسَبِ استعدادِ النَّـفْس، وقَـبُولِها، وعَقِيدتها في ذلك ونفعِه» [زاد المعاد].
6- تغطيةُ الإِناء وإِيكاءُ السِّقاء: يقول رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «غَطُّوا الإِناءَ، وأَوكُـوا السِّقاءَ، فإِنَّ في السَّنَـةِ لَـيْـلَـةً يَـنْزِلُ فيها وبـاءٌ؛ لا يَـمُـرُّ بـإِناءٍ ليسَ عليـهِ غِطاءٌ، أو سِقـاءٍ ليس عليه وِكاءٌ إِلا نَـزَلَ فيه مِنْ ذلك الوَباءِ». [رواه مسلم].
وعلل التغطية هي:
1 - عدم نزول الوباء. فقد روى مسلم عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء».
2 - صيانته من الشيطان - فقد روى مسلم عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابا، ولا يكشف إناء، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا، ويذكر اسم الله، فليفعل".
3 - صيانة الماء من الهوام والحشرات والمقذرات فربما وقع شيء منها فيه فيتناوله وهو غافل أو يفسد عليه ما في الإناء من طعام أو شراب.
خاتمة:
* الأمور تسير بمقادير:
على المسلم أن يؤمن بقضاء الله وقدره، مع حسن التوكل على الله تعالى والأخذ بالأسباب، فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك)، قال تعالى : {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: 4۹]، فعلى المسلم أن يسلم ويرضى بقضاء الله وقدره، والله تعالى ما قدر شيئا في هذا الكون وخلقه إلا لحكمة عظيمة ومصلحة كبيرة، فقد قال النبي في حديث صهيب : (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) .
* لا عدوى:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر» زاد مسلم في رواياته: وَلَا نَوْءَ وَلَا غُولَ".
لا: نافية للجنس والمنفي: التأثير ليس الحقيقة.
المراد النفي وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها. والنفي في هذا أبلغ من النهي، لأن النفي يدل على بطلان ذلك وعدم تأثيره، والنهي إنما يدل على المنع منه ولعله يكون له نفع أو تأثير.
قوله (لا عدوى) كان أهل الجاهلية يعتقدون إضافة الفعل لغير الله وأن الأشياء تعدي أو تنفع وتضر بنفسها.
الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نأخذ بالأسباب كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" وقوله: "إذا سمعتم بالطاعون في بلد فلا تدخلوها" وقوله: "لا يوردن ممرض على مصح".
فإن أصابتك عدوى فليكن اعتقادك أن هذا بلاء نزل بك بتقدير الله وان الله هة الذي أعداك كما يرشد إيه جواب النبي للأعرابي الذي قال له: "الإبل تكون في الرمال كالظباء ثم يأتي البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها؟ قال صلى الله عليه وسلم: "فمن أعدى الأول".
* التوكل على الله:
عليه أن يتوكل على الله تعالى، ويعتمد عليه في جلب النفع ودفع الضر، وأن يعلق قلبه بالله تعالى، وأن يسلم إلى الله أمره مع فعل الأسباب، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما- أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل. قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حينما قال له الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم . فحسبنا الله ونعم الله، فالله تعالى هو كافينا ومعتمدنا وحافظنا فنتوكل عليه ونفوض أمرنا إليه.
* حسن الظن بالله:
على المسلم أن يحسن الظن بالله تعالى، ومن ذلك أن الله عز وجل ما خلق مثل هذا الفيروس، وما أوجد مثل هذه
الأوبئة إلا لحكمة بليغة ، وغاية ومقصد عظیم ، ومصلحة العباد والبلاد، من تمایز الخلق ، وتمحيص الذنوب وتكفير الخطايا ، ورفعة الدرجات والتوبة والإنابة والرجوع إلى الله عز وجل.
قال الله تعالى في الحديث القدسي عن أبي هريرة مرفوعا يقول الله تعالى : (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء))، وقال النبي في حديث جابر ي : (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ) رواه مسلم ، وقال ابن مسعود: من أحسن الظن بالله آتاه ما ظن، إن الخير بيد الله. فظن بالله تعالى الخير في أحكامه الكونية القدرية، وأن الله تعالى لا يقدرها إلا لمصلحة وغاية عظيمة ، وظن بالله تعالى خيرا في أحكامه الشرعية الدينية، وأن الله تعالى لم يشرعها إلا لمصلحة وحكمة عظيمة، وظن بالله تعالى في أحكام الجزاء من الثواب والعقاب، الثواب للطائعين والعقاب للعاصين، وأن هذا هو مقتضی عدل الله تعالى ورحمته .
* التفاؤل:
علينا أن نتفاءل خيرا، وأن هذه الأزمة ستمر وتذهب، ويبقى أجر الصابرين ، وثواب المؤمنين الطائعين الشاكرين التائبين المنيبين إلى الله عز وجل ، وأن ما أصابهم لن يضيع عند الله تعالى مع الصبر
يقول الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) } [الشرح: 5 - 7] روى مالك وغيره ، عَنْ أَسْلَمَ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حُصِرَ بِالشَّامِ، وَنَالَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ [ص:46] بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: " مَهْمَا يَنْزِلْ بِأَمْرِكَ شِدَّةٌ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ بَعْدَهَا فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ..".
{ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } [الطلاق: 7]
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق: 2، 3]
*إياك والشائعات:
في صحيح البخاري عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة، فإذا رجل جالس، ورجل قائم بيده كلوب من حديد - قال بعض أصحابنا عن موسى: كلوب من حديد يدخله في شدقه - حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا، فيعود فيصنع مثله.
قلت: ما هذا؟ ... قالا: أما الذي رأيته يُشَقُّ شِدْقُه فكذاب يحدّث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة".
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
قال صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع».
وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بئسَ مطيَّة الرجل زعَمُوا)).
([1]) مستفاد من كلام الشيخين: المشيقح والبدر مع زيادات.