بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة جمعة عن الاحتفال بالمولد
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبدُه ورسولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
ثم أما بعد فإن أصدق الحديث .....
قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5).
ذكر ابن كثير في "تفسيره" وغيره قصة هدم الكعبة فقال ما مختصره : أن ذا نواس -وكان آخر ملوك حمير، وكان مشركا -هو الذي قتل أصحاب الأخدود، وكانوا نصارى، وكانوا قريبا من عشرين ألفا، فلم يفلت منهم إلا دوس ذو ثعلبان، فذهب فاستغاث بقيصر ملك الشام -وكان نصرانيا-فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة؛ لكونه أقرب إليهم، فبعث النجاشي سبعين ألفا من الحبشة، وأمر عليهم رجلا منهم يقال له أرياط، ومعه في جنده أبرهة الأشرم، فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن، ومعه دوس ذو ثعلبان، وسار إليه ذو نواس في حمير، ومن أطاعه من قبائل اليمن، فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه. فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر، ثم ضربه فدخل به، فخاض به ضحضاح البحر، حتى أفضى به إلى غمره، فأدخله فيه، وكان آخر العهد به.
ودخل أرياط اليمن، فملكها. فأقام أرياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك، ثم نازعه في أمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشي- (وكان في جنده) - حتى تفرقت الحبشة عليهما. فانحاز إلى كل واحد منهما طائفة منهم، ثم سار أحدهما إلى الآخر، فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط: إنك لا تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا فابرز إلي وأبرز إليك، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده.
فأرسل إليه أرباط: أنصفت فخرج إليه أبرهة، وكان رجلا قصيرا (لحيما حادرا) وكان ذا دين في النصرانية، وخرج إليه أرياط، وكان رجلا جميلا عظيما طويلا، وفي يده حربة له. وخلف أبرهة غلام له، يقال له عتودة ، يمنع ظهره. فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة، يريد يافوخه ، فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته، فبذلك سمي أبرهة الأشرم، وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله، وانصرف جند أرياط إلى أبرهة، فاجتمعت عليه الحبشة باليمن، وودى أبرهة أرياط.
فلما بلغ ذلك النجاشي غضب غضبا شديدا وقال: عدا على أميري فقتله بغير أمرى، ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده، ويجز ناصيته.
فأرسل إليه أبرهة يترقق له ويصانعه، وبعث مع رسوله بهدايا وتحف، وبجراب فيها من تراب اليمن، وجز ناصيته فأرسلها معه، ويقول في كتابه: ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه، وهذه ناصيتي قد بعثت بها إليك. فلما وصل ذلك إليه أعجبه منه، ورضي عنه، وأقره على عمله. وأرسل أبرهة يقول للنجاشي: إني سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن قبلها مثلها. فشرع في بناء كنيسة هائلة بصنعاء، رفيعة البناء، عالية الفناء، مزخرفة الأرجاء. سمتها العرب القليس؛ لارتفاعها؛ لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها. وعزم أبرهة الأشرم على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة، ونادى بذلك في مملكته، فكرهت العرب العدنانية والقحطانية ذلك، وغضبت قريش لذلك غضبا شديدا، حتى قصدها بعضهم، وتوصل إلى أن دخلها ليلا. فأحدث فيها وكر راجعا. فلما رأى السدنة ذلك الحدث، رفعوا أمرهم إلى ملكهم أبرهة، وقالوا له: إنما صنع هذا بعض قريش غضبا لبيتهم الذي ضاهيت هذا به، فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة، وليخربنه حجرا حجرا. وذكر مقاتل بن سليمان أن فتية من قريش دخلوها فأججوا فيها نارا، وكان يوما فيه هواء شديد فأحرقته، وسقطت إلى الأرض.
فتأهب أبرهة لذلك، وصار في جيش كثيف عرمرم؛ لئلا يصده أحد عنه، واستصحب معه فيلا عظيما كبير الجثة لم ير مثله، يقال له: محمود، وكان قد بعثه إليه النجاشي ملك الحبشة لذلك. ويقال: كان معه أيضا ثمانية أفيال. وقيل: اثنا عشر فيلا. وقيل غيره، والله أعلم. يعني ليهدم به الكعبة، بأن يجعل السلاسل في الأركان، وتوضع في عنق الفيل، ثم يزجر ليلقي الحائط جملة واحدة...
فلما انتهى أبرهة إلى المغمس -وهو قريب من مكة-نزل به وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل وغيرها، فأخذوه. وكان في السرح مائتا بعير لعبد المطلب ... فذهب إليه، فلما رآه أبرهة أجله، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر، ونزل أبرهة عن سريره، وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه: قل له: حاجتك؟ فقال للترجمان: إن حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فقال أبرهة لترجمانه: قل له: لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه؟! فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع مني! قال: أنت وذاك...
فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة، وهيأ فيله -وكان اسمه محمودا-وعبأ جيشه، فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى.
جنبه ثم أخذ بأذنه وقال ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام". ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل. وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل. وضربوا الفيل ليقوم فأبى. فضربوا في رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم، فأبى؛ فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول. ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك. ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك. وأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان.
مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعدس، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك .
وقال عطاء بن يسار، وغيره: ليس كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة، بل منهم من هلك سريعا، ومنهم من جعل يتساقط عضوا عضوا وهم هاربون، وكان أبرهة ممن يتساقط عضوا عضوا، حتى مات ببلاد خَثْعَمٍ.
هذه الحادثة كانت إرهاصا وتقدمة بين يدي مولد النبي وبعثته صلى الله عليه وسلم فسنة الله تبارك وتعالى في الآيات العظام وفي الأمور الجسيمة أن يسبقها بإرهاصات تمهد القلوب لتقبل هذا الأمر الجديد، فهناك أمور عجيبة تحصل قبل وقوع الآية العظمى التي ستأتي، من ذلك مثلاً: إذا راجعنا سورة آل عمران تجد أن الله سبحانه وتعالى قدم بين يدي مولد المسيح عليه السلام من غير أب قصة امرأة عمران وزكريا، وكيف أنها رأت كرامات الله التي كان يكرم بها مريم عليها السلام (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ([1]) قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40).
فهذه إرهاصات ومقدمات تمهد القلوب لما هو أعظم مما سيأتي، وهو ميلاد المسيح عليه السلام، وهو من آيات الله سبحانه وتعالى.
كذلك نلاحظ أن ميلاد وبعثة النبي عليه الصلاة والسلام حدثان غيرا مجرى تاريخ البشرية كلها، فتجد إرهاصات كثيرة بين يدي بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، من ذلك: حادثة الفيل فقد ولد في نفس السنة، إشارة إلى أن هذا البيت وهذه البلدة وهذه الكعبة يراد بها أمر عظيم، ولذلك حماها الله سبحانه وتعالى من جيش أبرهة لما أراد هذا البيت وأهله بسوء، فحصلت حادثة الفيل، وهي آية من آيات الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ كي تمهد أيضاً القلوب لحدوث مثل هذه المعجزة العظمى، وهذا الأمر المهم، وهو بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رويت بعض الارصاهات الأخرى إلا أنه في أسانيدها نظر :
من ذلك ما رواه الطبري في تاريخه وغيره عن هانئ المخزومي،قال: لمّا كان ليلة ولد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ارتج إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شُرفَة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوه . وإسناده فيه مجهولان .
هذا النبي العظيم الذي هيأ الله تعالى الكون لاستقباله،
@ هيأه الله عز وجل لاستقبال البعثة فقد روى مسلم في "صحيحه" عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون "، قال أنس: «وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره».
@ وكذلك هيأ الله عز وجل الناس أيضا لاستقبال بعثته بتنقية الوحي من شوائب إلقاء الشياطين فقد روى الترمذي وأصل الحديث متفق عليه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ الجِنُّ يَصْعَدُونَ إِلَى السَّمَاءِ يَسْتَمِعُونَ الوَحْيَ، فَإِذَا سَمِعُوا الكَلِمَةَ زَادُوا فِيهَا تِسْعًا، فَأَمَّا الكَلِمَةُ فَتَكُونُ حَقًّا، وَأَمَّا مَا زَادُوهُ فَيَكُونُ بَاطِلًا، فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِعُوا مَقَاعِدَهُمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبْلِيسَ، وَلَمْ تَكُنِ النُّجُومُ يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ: مَا هَذَا إِلَّا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فِي الأَرْضِ، فَبَعَثَ جُنُودَهُ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْنِ أُرَاهُ قَالَ: بِمَكَّةَ، فَلَقُوهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
@ ولقد نصر الله نبيه وأيده بالمعجزات الباهرة والدلالات الساطعة التي تدل على صدق رسالته ، ومن ذلك أنه كان يكلم الحيوان والشجر والحجر ويكلمونه.
الشجر :
@ روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه، فإن لي غلاما نجارا قال: «إن شئت»، قال: فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها، حتى كادت تنشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها، فضمها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت، حتى استقرت، قال: «بكت على ما كانت تسمع من الذكر»
وفي زيادة للدارمي قال : فَزَعَمَ ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ حِينَ سَمِعَ حَنِينَ الْجِذْعِ رَجَعَ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «اخْتَرْ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ، فَتَكُونَ كَمَا كُنْتَ، وَإنْ شِئْتَ أَنْ أَغْرِسَكَ فِي الْجَنَّةِ فَتَشْرَبَ مِنْ أَنْهَارِهَا وَعُيونِهَا فَيَحْسُنَ نَبْتُكَ، وَتُثْمِرَ فَيَأْكُلَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ ثَمَرَتِكَ وَنَخْلِكَ فَعَلْتُ» فَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: «نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ مَرَّتَيْنِ». فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَقَالَ: «اخْتَارَ أَنْ أَغْرِسَهُ فِي الْجَنَّةِ».
@ روى الدارمي عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرٍ فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ تُرِيدُ؟» قَالَ: إِلى أَهْلِي قَالَ: «هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ؟» قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» فَقَالَ: وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ: «هَذِهِ السَّلَمَةُ» فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بِشَاطِئِ الْوَادِي فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ خَدًّا حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلَاثًا، فَشَهِدَتْ ثَلَاثًا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا وَرَجَعَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ: إِنِ اتَّبَعُونِي أَتَيْتُكَ بِهِمْ، وَإِلَّا رَجَعْتُ، فَكُنْتُ مَعَكَ.
الحجر:
@ روى مسلم والدارمي عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن».
@ روى البخاري عن أس رضي الله عنه، حدثهم قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف، وقال: «اسكن أحد - أظنه ضربه برجله -، فليس عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان».
البهائم:
@ روى الدارمي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دُفِعْنَا إِلَى حَائِطٍ فِي بَنِي النَّجَّارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ لَا يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلَّا شَدَّ عَلَيْهِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ، فَدَعَاهُ فَجَاءَ وَاضِعًا مِشْفَرَهُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «هَاتُوا خِطَامًا» فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ: «مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ»؟
معجزة خالدة:
@ روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه حدثهم: أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية «فأراهم انشقاق القمر».
هذا النبي الذي هيأ الله تعالى الكون لاستقباله ومهد لبعثته صلى الله عليه وسلم ، والذي أيده الله تعالى بالمعجزات والآيات الباهرات الواضحات التي تدل على صدق رسالته وهؤلاء الأخيار الأطهار الذي أختارهم الله لصحبة نبيه والدفاع عن شريعته ومن تبعهم بإحسان من القرون الفاضلة التي شهد لها النبي بالخيرية لم ينقل عن النبي ولا عن واحد من صحابته ولا من تابعيهم خبر واحد لا صحيح ولا ضعيف من إنهم احتفلوا بمولده صلى الله عليه وسلم فالخير كل الخير في إتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف
وإنما قدمت بهذه التقديمة بين يدي بحث حكم الاحتفال بالمولد النبوي حتى لا يقال أننا لا نحب البي ولا نعرف قدره بل نحث نحبه صلى الله عليه وسلم ونؤمن أنه لا يؤمن أحدنا حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب
إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين .
إلا أننا لا نريد أن نغالي في حب النبي ونقع فيما حذرا منه صلى الله عليه وسلم حيث قال : «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله، ورسوله»
ونمتثل قول الله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
تعالوا بنا توقف في هذه الدقائق لنتعرف على أدلة من قال بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير صلى الله عليه وسلم :
1- عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم ولدتُ فيه، وفيه أنزل علي"
وهذا في معنى الاحتفال به إلا أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أو إطعام طعام أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي ( أو سماع شمائله الشريفة
الجواب:
أ - أن المولد ليس فيه صيام بل إن القائلين به يكرهون صيامه ويجعلونه عيدا وينزلون عليه أحكام العيد ويقولون: " يكره صوم يوم المولد النبوي الشريف لإلحاقه بالأعياد" وقال آخر: " ويكره أيضا صوم يوم المولد النبوي لأنه شبيه بالأعياد" حتى قال ابن عباد خرجت في يوم مولد إلى ساحل البحر فاتفق أن وجدت هناك سيدي الحاج ابن عاشر رحمه الله وجماعة من أصحابه وقد أخرج بعضهم طعاماً مختلفا ليأكلوه هناك فلما قدموه لذلك أرادوا مني مشاركتهم في الأكل وكنت إذ ذاك صائماً فقلت لهم: إنني صائم، فنظر الي سيدى الحاج نظرة منكرة، وقال لي ما معناه: إن هذا اليوم يوم فرح و سرور ويستقبح في مثله الصيام بمنزلة العيد فتأملت كلامه فوجدته حقا! وكأنني كنت نائماً فأيقظني.
ب - أن النبي( صام يوم الاثنين، والمولد قد يكون السبت أو الأحد أو غيرهما فهل يستحب صومه، هم لا يقولون بهذا ولا غيرهم، وإذا ما قاله بعضهم فهو مخالف لما استدلوا به لأن الدليل في الاثنين المتكرر كل أسبوع لا في غيره.
ت - كما أن صومه( للاثنين لم يكن لشهر ربيع الثاني أو غيره اختصاص فكيف قصره المجيزون على هذا الشهر.
@@@@@@@@@@@@@@
2- عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبدالمطلب عَقَّ عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه، لذلك فيستحب لنا أيضاً إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات.
الجواب أن هذا الحديث ضعفه النوي وغيره من العلماء. كما أنه لم يثبت أن جده عبد المطلب عق عنه يوم سابعه والحديث الوارد في ذلك عند ابن عساكر وغيره إسناده ضعيف جدا.
وعلى فرض ثبوته فيجاب عنه :
أن عق جده عنه كان في الجاهلية ولا يعتد بأعمال الجاهلية في الإسلام .
وغاية الأمر أن النبي عق عن نفسه والعقيقة ليست خاصة بالنبي بل هي مشروعة عن كل مولود وحتى إعادة العقيقة لمن لم يُعق عنه مشروعة لكل فرد وليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
والعقيقة واجبة على أرجح الأقوال وكل غلام مرتهن بعقيقته، ولها أحكامها الخاصة ولا تتكرر كل عام كالأعياد.
@@@@@@@@@@@@@@@@
3- ما روى أن عمه أبو لهب أنه يخفَف عنه كل يوم اثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة المصطفى .
والجواب :
أن هذا الأثر ذكره البخاري معلقا مرسلا عن عروة فقال قال عروة، وثويبة مولاة لأبي لهب: كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة.
وهو كما ترى مرسلا فأين عروة من إدراك هذه القصة .
ثانيا أنه كان مناما والمنامات لا يؤخذ منها أحكام .
ثالثا أنه ليس فيه أنه يخف عنه كل يوم اثنين ولا كل عام بل هو مرة واحدة فقط .
رابعا أن هذا الأثر مخالف للقواعد العامة في الشريعة من ان الكافر لا ينتفع بسعيه في الآخرة وأن عمله يكون هباءا منثورا (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) فإن قيل عم النبي ألا يخفف عنه العذاب لحمايته النبي ودفاعه عنه فهو أقل أهل النار عذابا قلنا إنما يخفف عنه لشفاعة النبي له، وهذا خاص لا يناقض الأصل السابق، ولا يخصص العموم إلا بدليل.
كما أن الفرح الذي فرحه أبو لهب بمولود لأخيه فرح طبيعي لا تعبدي، إذ كل إنسان يفرح بمولود يولد له، أو لأحد إخوته أو أقاربه، والفرح إن لم يكن لله لا يثاب عليه فاعله، وهذا يضعف هذه الرواية ويبطلها.
وأخيرا وعلى فرض ثبوت ما زعموه فهذا عمله في الدنيا من عتق مولاته واحتفاله في الآخرة في جهنم وبئس المصير فكيف نطلب باحتفاله دليلا على احتفالنا .
@@@@@@@@@@@@@@@@
4- وقد رأيت البعض يستدل على أنه من الوسائل وليس من العبادات فلا تدخل في يز الابتداع المذموم بل تكون مباحة.
والجواب أن بعض الوسائل تكون وسائل ومقاصد في نفس الوقت كالوضوء فهو وسيلة للصلاة وعبادة في نفس الوقت لما ثبت في الصحيح أنه يكفر الخطايا .
ومثله الاحتفال بالمولد فهو وإن كان وسيلة للتعبير عن الفرح والسرور بمولد الهادي البشير فهو أيضا عبادة ولا ينكر أحد ممن يشارك في الاحتفال بالمولد أنه يبذل الوقت والمال والجهد تقربا إلى الله بعمله فهو من هذه الناحية
يدخل في حيز الابتداع المذموم .
@@@@@@@@@@@@
5- وقالوا أنه وإن كان بدعة فهو من قبيل البدع الحسنة .
وقد سبق في خطبة سابقة وأن تكلمنا على البدع باستفاضة وبينا أنه لا بدع حسنة في الدين وأن كل البدع ضلالات وسقنا الأدلة على ذلك ورددنا على شبه من خصص هذه العمومات وبينا أن العمومات محفوظة وأن كل البدع ضلالات وكلها في النار.
كما أن من معنى الحسن ينافي معنى البدعة وفيه اتهام للنبي كما قال الإمام مالك من زعم أن في الدين بدعة حسنة فقد زعم أن محمد قد خان الرسالة يقول الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فما لم يكن يومئذ دينا فل يكون اليوم دينا .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@
ومن قال أنه لا يجوز الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم علل ذلك بأمور كثيرة منها :
أولاً - هو بدعة:
أنه لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه . وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي برقم 2676 .
والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون بعد القرون المفضلة لإفساد دين المسلمين وقد ،ابتدعوا ستة موالد: المولد النبوي، ومولد الإمام علي ومولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي اللهعنهما، ومولد الخليفة الحاضر.. ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ، ولم يفعله خلفاؤه من بعده ، فقد تضمن فعله اتهام الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ، وتكذيب قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) المائدة/3 لأنه جاء بزيادة يزعم أنها من الدين ولم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثانياً- تشبه بالنصارى :
في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى ، لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح عليه السلام والتشبه بهم محرم أشد التحريم ، ففي الحديث النهي عن التشبه بالكفار ، والأمر بمخالفتهم ، ففد قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) أخرجه أحمد 2/50 ، وأبو داود 4/314 ، وقال : ( خالفوا المشركين ) أخرجه مسلم 1/222 رقم 259 ، ولا سيما فيما هو من شعائر دينهم .
ثالثاً – وسيلة للغلو في النبي:
إن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاُ بالنصارى وكل منهما محرم فهو كذلك وسيلة إلى الغلو
والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستعانة به من دون الله ، كما هو الواقع الآن من كثير ممن يحييون بدعة المولد ، من دعاء الرسول من دون الله ، وطلب المدد منه ، وإنشاد القصائد الشركية في مدحه كقصيدة البردة وغيرها ، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) النساء/171
ونهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن الغلو خشية أن يصيبنا ما أصابهم ، فقال : ( إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) أخرجه النسائي 5/268 ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم 2863 .
رابعاً – يفتح بابا للبدع الأخرى:
إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن ، ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في إحياء البدع ويكسلون عن السنن ويبغضونها ويعادون أهلها ، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد ، وانقسموا إلى فرق كل فرقة تحيي ذكرى موالد أئمتها ، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي ، وهكذا لا يفرغون من مولد إلا يشتغلون بآخر ، ونتج عن ذلك الغلو بهؤلاء الموتى وبغيرهم ودعائهم من دون الله ، واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون حتى انسلخوا من دين الله وعادوا إلى دين أهل الجاهلية الذين قال الله فيهم : ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) يونس/18 ، وقال تعالى : ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) الزمر/3
خامسا- يحتوى على منكرات:
إن الاحتفال بالمولد النبوي يحتوى على أمور منكرة كثيرة منها:
- وجود بعض الشركيات مثل الذي يستعين بالجن الكافر لإدخال سيف ونحوه في حلقه، أو صدره ونحو ذلك، وقراءة قصائد المديح المحتوية على شركيات كالبردة وغيرها، وقول مدد يا رسول الله .
- الاختلاط بين الرجال والنساء.
- استعمال الأغاني وآلات الطرب في إقامة الأذكار على الوجه المحرم شرعا.
- قراءة القرآن على غير الوجه المشروع بما قد يجرهم للاستخفاف به.
- شرب الدخان في مجالس القرآن، والتشويش على القارئ .
- شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة وإلى الأماكن النائية ما يترتب على ذلك من إهمال المزارع والمصانع.
سادسا- يوم الولادة غير معروف، وهو بعينه يوم وفاته:
إنه قد وقع خلاف كبير في يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم, فالجمهور على أنه ولد في الثاني عشر من ربيع
الأول, وهناك ستة أقوال أخرى, بل ووقع الخلاف في الشهر الذي ولد فيه, فقال بعضهم في رمضان وقال آخرون في ربيع الأول, وكون هذا الاختلاف يقع بهذا الشكل, ولا يسعى الصحابة ومن بعدهم من التابعين إلى تحقيق القول الراجح, يدل دلالة واضحة جلية على أنهم لم يكونوا يزيدون فيه زيادة على سائر الليالي والأيام, إذ لو كانت الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث وتشرع فيها عبادة, لكانت معلومة مشهورة عند الصحابة ومن بعدهم من التابعين محددة بالقول الراجح عندهم.
وأيضا نقول لهؤلاء المحتفلين المدعين محبة النبي صلى الله عليه وسلم:-
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ولد في شهر ربيع الأول فقد مات فيه أيضا,والجمهور على أنه يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، فلماذا تحتفلون فيه وتظهرون الفرح والسرور, ولا تحزنون وتبكون على مصيبة موته عليه الصلاة والسلام, وهي المصيبة العظيمة التي لم تصب الأمة الإسلامية بمثلها, إذ بموته انقطع الوحي من السماء وقد روى ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً قوله: " فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي " ولذا قال الفاكهاني : " إن الشهر الذي ولد فيه رسول الله, هو بعينه الشهر الذي توفي فيه, فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه ".
ظهر مما سبق أن أقل أحوال الاحتفال بمولد النبي البدعية إن خلا من محاذير شرعية ةقد يزداد الإثم مع وجود منكرات أخرى، وقد يصل للشرك إن صاحبة شرك كما سبق بيان ذلك،
فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح أحوالنا وان يبصرنا في ديننا وأن يهيئ لهذه الأمة في دينها أمر رشد .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ولسماع الخطبة اضغط هنا
http://archive.org/download/forkansalf/mold.wma
([1]) فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف.