عنوان الرسالة :
((الأساليب والإطلاقات العربية التي ذكرها العلامة الشِّنقيطي محمد الأمين بن محمد المختار الجَكَنِي في تفسيره أضواء البيان ))
جمع وترتيب: أبي المنذر محمود بن محمد بن مصطفي المنياوي
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ {،
} يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {،
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {،
أما بعد،..
فمنذ زمن، وقضية المجاز تستحوذ على قدر غير قليل من تفكيري، لما لها من تعلق بمسائل شتى وفنون متعددة، وخاصة صفات الباري – سبحانه وتعالى –، فقد توصل قوم من خلال القول بوقوع المجاز في اللغة إلى نفي صفات الكمال الثابتة لله – عزوجل -.
ولقد كانت تعجبني طريقة العلامة الشنقيطي – رحمه الله – في الرد على القائلين بالمجاز في رسالته "منعُ جَوازِ المَجازِ في المُنزَّلِ للتَّعَبُّدِ والإعجَازِ" وذلك ببيان أن كل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً فهو – عند من يقول بنفي المجاز – أسلوب من أساليب اللغة العربية، وأنها حقائق تكلم بها العرب، ولا يجوز نفيها.
إلا أن رسالته هذه جاءت قصيرة، والأمثلة فيها قليلة، فقد صنفها – رحمه الله - لتكون أمثلتها، وطريقتها مثالاً يحتذى به، ويقاس عليه غيره مما لم يُذكر – فجزاه الله خيراً -.
ولقد منَّ الله – عزوجل – عليَّ بقراءة تفسيره "أضواء البيان" فرأيت فيه أنه – رحمه الله - قد عالج هذه القضية بأوسع مما في هذه الرسالة، فرحت أجوب بين جنباته، وألتقط من عباراته كل ما قد ذكر عنه أنه من الأساليب العربية، ثم رأيت أن أضيف إليها ما قال أنه من الإطلاقات العربية، للشبه بينهما، فلما رأيت أنه قد تجمع لديَّ كم غير قليل من هذه الأساليب، والإطلاقات قمت بعرضها على من أظن أن لهم دراية أكثر مني بعلم البلاغة، وكنت أستفيد من ملاحظاتهم، فجزاهم الله، على حسن النصيحة، خير الجزاء، فكانت ثمرة ذلك هذه الرسالة النافعة بإذن الله، وسميتها: "تتمة منع جواز المجاز ببيان الأساليب والإطلاقات العربية التي ذكرها العلامة الشِّنقيطي محمد الأمين بن محمد المختار الجَكَنِي في تفسيره أضواء البيان"، وسوف أقدم بين يديها بمقدمة تبين مقصودها، وتشتمل على: الكلام على المجاز: وبيان أهميته، وتعريف المجاز في الاصطلاح، وأقسامه، وأمثلة على كل قسم، وتاريخ نشوء القول بالمجاز، وأقوال العلماء في المجاز, وأدلتهم، مع المناقشة والترجيح. ثم أبين من كلام العلامة الشنقيطي – رحمه الله - أهمية الأساليب العربية في الرد على القائلين بالمجاز، وأتبع ذلك ببعض الأمثلة حتى يتضح المقصود تمام الاتضاح.
والله – عزوجل – أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله في ميزان حسناتي، وميزان حسنات كل من شارك فيه بنصح، أو مشورة.
وأرجو من الله – عزوجل - أن تكون هذه الرسالة باكورة عمل لتجميع مثل هذه الأساليب والإطلاقات من بطون الكتب([1])، ومعالجتها على نحو طريقة الشنقيطي في الرد على القائلين بالمجاز؛ لتكون موسوعة شاملة، ومعولاً فعالاً لهدم طاغوت التأويل، ونفي الصفات، وأيضاً لفهم كتاب الله، وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – على الوجه الصحيح.
المجاز([2])
قال د. عبد الرحمن السديس:
المطلب الأول: أهمية الموضوع وأسباب اختياره.
تأتي أهمية هذا الموضوع وترجع أسباب اختياره لاعتبارات عدة أهمها:
1- أن هذه القضية تعتبر مسألة جوهرية من مسائل اللغة، والألفاظ، لها علاقتها الوطيدة بعدد من العلوم في العقيدة لاسيما في صفات الباري جل وعلا، كما أن لها ارتباطا وثيقا بالأدلة خاصة المصدر الأول من مصادر التشريع "كتاب الله سبحانه"، وقضية هذا شأنها، وتلك محاورها، جديرة بالبحث والدراسة.
2- أن هذه المسألة ليست نظرية صرفة ولفظية بحتة، بل لها آثار عملية كثيرة ويلزم منها لوازم خطيرة، ويترتب عليها أمور شنيعة، بل لقد كانت تكأة لكثير من المخالفين لمذهب السلف في الاعتقاد، بنوا عليها مذاهبهم، وعولوا عليها في استدلالاتهم، فكان لابد من تجليتها وإبانة الحق فيها.
3- أن هذه القضية كانت ولازالت محل نقاش وإشكال وجدل بين طلاب العلم والباحثين ما بين مثبت وناف ومفصل ومتردد ومتوقف، فكان لابد من وجود بحث حر متجرد يتسم بالعرض والاستدلال والمناقشة الهادفة ومن ثم بيان الراجح على حسب قوة الدليل وصحة التعليل.
المطلب الثاني: تعريف المجاز في الاصطلاح.
تعددت عبارات الأصوليين في تعريف المجاز، وإليك أهمها:
أن المجاز: "ما كان بضد معنى الحقيقة".
ومنها: "أنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له"([3]).
ومن الأصوليين من زاد على هذا الحد قيدا، وهو قولهم "في غير ما وضع له أولا"، ومنهم من زاد "على وجه يصح" وهو تعريف صاحب الروضة([4])، وبعضهم زاد "في غير ما وضع له، لعلاقة مع قرينة"([5]).
ومنهم من عبر بقوله: "قول مستعمل بوضع ثان لعلاقة".
وعرفه بعضهم بأنه: "كل اسم أفاد معنى على غير ما وضع له"([6]).
وذكروا في تعريفه "أنه كل اسم غير ما وقع عليه الاصطلاح على ما وضع له حين التخاطب"([7]).
ومن خلال عرض هذه التعريفات يترجح لدي أن تعريف صاحب الروضة أرجحها لأنه جامع مانع وهذا واضح لمن تأمله بخلاف غيره فلم يسلم من المناقشات([8]).
وهذا الترجيح مبني على القول بصحة التقسيم، والله أعلم.
المطلب الثالث: أقسام المجاز، وأمثلته.
قسم العلماء المجاز إلى أقسام متعددة، أهمها أربعة هي:
مجاز الإفراد، ومجاز التركيب، والمجاز العقلي، ومجاز النقص والزيادة.
فمجاز الإفراد: هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له، لعلاقة مع قرينة صارفة عن قصد المعنى الأصلي كإطلاق لفظ الأسد على الرجل الشجاع.
والتركيب: أن يستعمل كلام مفيد في معنى كلام آخر، لعلاقة بينهما دون نظر إلى المفردات، ومن ذلك جميع الأمثال السائرة، المعروفة عند العرب.
والمجاز العقلي: هو ما كان التجوز فيه في الإسناد خاصة، لا في لفظ المسند إليه ولا المسند،
كقولك "أنبت الربيع البقل"، فالربيع وإنبات البقل كلاهما مستعمل في حقيقته، والتجوز: إنما هو في إسناد الإنبات إلى الربيع، وهو لله جل وعلا.
وأما مجاز النقص والزيادة: فمداره على وجود زيادة، أو نقص يغيران الإعراب، ويمثلون للنقص بقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، والمراد أهل القرية.
ويمثلون للزيادة بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ويقولون إن الكاف زائدة والمراد ليس مثله شيء.
وهناك أقسام أخرى كمجاز التقديم والتأخير، وغيره، وليس هذا محل بسطه([9]).
وينبغي أن يعلم أن أقسام المجاز هذه إنما هي عند الذين يرون المجاز في العربية، وفي القرآن، أما الذين لا يرونه فلا يعتبرون ذلك كله، وسيأتي لهذا الأمر تفصيل في صلب البحث عند ذكر الخلاف في المسألة، وقد أتيت بهذه التقسيمات لعلاقتها الوطيدة بالبحث، والله أعلم.
المطلب الرابع: تاريخ نشوء القول بالمجاز.
المستقرئ للجانب التاريخي لظهور المجاز يجد أن العرب لم يعرف عنهم تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ولم يذكر عنهم التعبير بلفظ المجاز الذي هو قسيم الحقيقة عند أهل الأصول، وإنما هذا اصطلاح حدث بعد القرون المفضلة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: "فهذا التقسيم اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة لم يتكلم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم،.. بل ولا تكلم به أئمة اللغة،.. ولا من سلف الأمة، وعلمائها وإنما هو اصطلاح حادث،.. فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة، ومجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة، وظهرت أوائله في المائة الثالثة، وما علمته موجودا في المائة الثانية"([10]).
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله بعد رده تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز: "وهو اصطلاح حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة بالنص"([11]).
المبحث الأول: أقوال العلماء في المجاز.
اختلف العلماء في المجاز بين مجيز، ومانع، ومفصل، ولقد تتبعت أقوالهم فيه فتحصل لي خمسة
مذاهب([12]) هي:
الأول: الجواز والوقوع مطلقا، وإليه ذهب الجمهور([13]).
الثاني: المنع مطلقا، وإليه ذهب بعض العلماء والمحققين منهم أبو إسحاق الاسفراييني([14]) من الشافعية، وأبو علي الفارسي من أهل اللغة، وهو قول المحققين من العلماء([15]).
القول الثالث: المنع في القرآن وحده، وهـو قول بعض العلماء منهم داود بن علي، ومن الشافعية ابن القاص، ومن المالكية ابن خويز منداد، ومن الحنابلة جمع منهم: أبو الفضل التميمي بن أبي الحسن التميمي، وأبو عبد الله بن حامد وغيرهـم([16]).
القول الرابع: المنع في القرآن والسنة دون غيرهما([17])، وهو قول ابن داود الظاهري.
القول الخامس: التفصيل بين ما فيه حكم شرعي وغيره، فما فيه حكم شرعي لا مجاز فيه ومالا فلا([18])، وإلى هذا التفصيل ذهب ابن حزم الظاهري.
المبحث الثاني: الأدلة، والمناقشات، والراجح، ووجه ترجيحه.
أولا: أدلة الجمهور القائلين بجواز المجاز ووقوعه.
استدلوا بأدلة كثيرة على ذلك، أهمها:
1- أن الاسم في لغة العرب منقسم إلى الحقيقة والمجاز، وهذا التقسيم معتبر عند علماء العربية، ومشتهر في استعمالات العرب، والقرآن هو أصل اللغة، ومعينها، فمحال أن يأتي بخلاف ما عليه أهل اللسان العربي، من تقسيم الاسم إلى حقيقة ومجاز.
2- أن الأمثلة على وقوع المجاز في القرآن وغيره كثيرة جدا، وهي أشهر من أن تنكر كقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ}، {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}، {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ}، وغيرها.
ووجه الاستدلال من هذه الآيات أنها استعملت في غير ما وضعت له أولا في أصل الوضع، فقوله "جناح الذل" الجناح حقيقة للطائر من الأجسام، والمعاني والجمادات لا توصف به، فإثباته للذل مجاز قطعا، والسؤال لأهل القرية، وليس لها، فهو مجاز بالحذف، والجدار لا إرادة له، إذ الإرادة حقيقة، من خصائص الإنسان أو الحيوان، وإنما هو كناية عن مقاربته الانقضاض لأن من أراد شيئا قاربه فكانت المقاربة من لوازم الإرادة، فتجوز بها عنها([19]).
ثانيا: أدلة المانعين من وجود المجاز، ومناقشتهم للمجيزين.
سأورد هنا أدلة المانعين للمجاز سواء في اللغة أم في القرآن وحده أم في القرآن والسنة لتقاربها، وتلافيا للتكرار وفي ثناياها مناقشة المخالف ومنها:
( أ ) أن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز لم يقع إلا في كلام المتأخرين، فهو اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة المفضلة، ولم يتكلم في ذلك أحد من الصحابة والتابعين، ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم من أئمة المذاهب، وغيرهم، بل ولا تكلم فيه أئمة اللغة والنحو المعتبرون.
( ب ) أن الذين أطلقوا كلمة المجاز من علماء السلف لم يعنوا بها ما هو قسيم الحقيقة، فأول من عرف أنه تكلم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر ابن المثنى في كتابه "مجاز القرآن"، ولكنه لم يعن بالمجاز ما يقابل الحقيقة وإنما عنى بمجاز الآية ما يعبر به عن الآية.
وقال الإمام أحمد في كتابه "الرد على الجهمية" في قوله تعالى "إنا" و"نحن" ونحو ذلك في القرآن، هذا من مجاز اللغة، ومراده رحمه الله بذلك أن هذا مما يجوز استعماله في اللغة، ولم يرد أنه مستعمل في غير ما وضع له.
( جـ ) أن الذين قالوا بالتقسيم مطالبون بالدليل لكون الألفاظ العربية وضعت أولا لمعان، ثم بعد ذلك استعملت فيها، ثم تجوز بها عن ما وضعت له ولن يستطيعوا ذلك، لأنه ليس بإمكان أحد أن ينقل عن العرب أنه اجتمع جماعة، فوضعوا جميع الأسماء الموجودة في اللغة، ثم استعملوها بعد الوضع، وإنما المعروف المنقول بالتواتر استعمال العرب هذه الألفاظ فيما عنوه بها من المعاني، وأي دعوى خلاف ذلك فليست صحيحة لعدم نقلها إلينا([20]).
(د) أن التقسيم ذاته غير صحيح من وجوه:
(1) أن دعوى المجاز تستلزم وضعا قبل الاستعمال، وهذا غير معلوم.
(2) أنه يستلزم تعطيل الألفاظ عن دلالتها على المعاني، وذلك ممتنع؛ لأن الدليل يستلزم مدلوله من غير عكس.
(3) أن التقسيم لا يدل على وجود المجاز، بل ولا على إمكانه، ولا يدل على ثبوت كل واحد من الأقسام في الخارج، ولا على إمكانها، فإن التقسيم يتضمن حصر المقسوم في تلك الأقسام وهي أعم من أن تكون موجودة، أو معدومة ممكنة، أو ممتنعة.
(4) أن هذا التقسيم يتضمن التفريق بين المتماثلين، فإن اللفظ إذا أفهم هذا المعنى تارة، وهذا تارة، فدعوى المدعي أنه موضوع لأحدهما دون الآخر تحكم محض.
(5) أنه يلزم منه الدور، فإن معرفة كون اللفظ مجازا متوقف على معرفة الوضع الثاني، ومستفاد منه، فلو استفيد معرفة الوضع من كونه مجازا لزم الدور الممتنع، فمن أين علم أن هذا وضع ثان للفظ؟ ومن أين علم أن وضع اللفظ لأحد معنيين سابق على وضعه للآخر؟
(6) أن هذا التقسيم يتضمن إثبات الشيء ونفيه، فإن وضع اللفظ للمعنى هو تخصيص به، بحيث إذا استعمل فهم منه ذلك المعنى فقط، ففهم المعنى المجازي مع نفي الوضع، جمع بين النقيضين، وهو يتضمن أن يكون اللفظ موضوعا غير موضوع.
(7) أن المجاز هو ما يصح أن يقال لقائله إنه فيه كاذب لأنه يخبر بالشيء على خلاف حقيقته فيصح أن يقال لمن قال: "رأيت أسدا يرمي": إنك كاذب، حيث لم ير أسدا، وإنما رأى رجلا شجاعا، وهذا ظاهر في ضعف تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز.
(8) أن هذا التقسيم لا ينضبط بضابط صحيح، ولهذا فإن عامة ما يسميه بعضهم مجازا، يسميه غيرهم حقيقة، وكل يدعي أن اللفظ مستعمل في موضوعه، وهذا يدل على بطلان هذا التقسيم، وتجرده من الحقيقة، وإذا بطل التقسيم بطل تقسيم التقسيم حيث قسموا كل قسم إلى أقسام وهذا ينقصه الدليل الصحيح، والنقل السليم([21]).
( هـ ) أن الفروق التي يفرق بها بين الحقيقة والمجاز ليست صحيحة، كقولهم: إن المجاز يصح نفيه، والحقيقة ليست كذلك، وإن المجاز ما يتبادر غيره إلى الذهن، والحقيقة ما تتبادر إلى الذهن، وإن الحقيقة ما يفيد المعنى مجردا عن القرائن، والمجاز مالا يفيد ذلك المعنى إلا مع القرينة([22]).
فهذه الفروق لم تخل من مناقشات طويلة، ومستلزمات غير سديدة، ثم ما ضابط القرائن، والعلائق التي تذكر؟ كل ذلك وغيره مما ليس له برهان ساطع، وضابط واضح يدل على عدم صحة هذه الفروق، وفساد اللازم يدل على فساد الملزوم([23]).
( ز) أن هذا الأمر يستلزم لوازم غير صحيحة، ويترتب عليه أمور غير سديدة، وما استلزم ذلك فهو مثله، فما أولت الآيات وردت الأحاديث، إلا بدعوى المجاز، وما عطلت الصفات العلي لله جل وعلا وحرفت إلا بدعوى المجاز، فقطع هذا الباب، وسده أسلم للشريعة، وأقوم للملة.
ثالثا: أدلة المانعين منه في القرآن ومناقشتهم للمخالفين.
من ذلك إضافة إلى ما سبق: أننا لو أثبتنا المجاز في القرآن لصح أن نطلق على الله سبحانه اسم
متجوز ومستعير وهذا لا يصح لأن أسماء الله توقيفية، كما أن دعواهم في القرآن بضرب الأمثلة المعروفة غير صحيحة، فالآيات والأمثلة التي ذكروها لا مجاز فيها، وإنما هي أساليب استعملتها العرب، ومعان حقيقية جاءت بها اللغة، فمثلا قوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فيه حذف مضاف، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أسلوب من أساليب العربية معروف([24])، لأنه مما يعلم وحذف ما علم جائز كما قرره علماء العربية.
وأيضا: فإن العرب استعملت لفظ القرية ونحوه من الألفاظ التي فيها الحال والمحل، وهما داخلان في الاسم، كالمدينة والنهر، والميزاب وغيرها، وأطلقت هذه الألفاظ تارة على المحل، وهو المكان، وتارة على الحال وهو السكان، وهذا أسلوب مشهور من أساليب العربية، فيقولون: حفر النهر، يريدون المحل، وجرى النهر، وهو الماء ووضعت والميزاب وهو المحل، وجرى والميزاب وهو الماء، ونحو ذلك ([25])، ونظيره هذا المثال، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فقد جاء استعمال العرب لها تارة للمكان، وتارة للسكان، وقد جاء القرآن بذلك كله، قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}، وقال في آية أخرى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ}، فالمراد بالقرية هنا السكان، وكذلك قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا}، والمراد السكان.
وقد أطلق لفظ القرية، وأريد به المكان، قال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} الآية.
فالحاصل أن العرب تطلق هذا اللفظ، وتريد به تارة المكان، وتارة السكان، والسياق هو الذي
يحدد ذلك، وليس هذا اللفظ مجازا، وإنما أسلوب من أساليب العربية المعروفة([26]).
وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ} ليس المراد به أن للذل جناحا، بل المراد بالآية الكريمة كما يدل عليه كلام جمع من المفسرين أنها من إضافة الموصوف إلى صفته، فيكون المعنى "واخفض لهما جناحك الذليل لهما من الرحمة"، وقد ورد ما يدل على ذلك في كلام العرب كقولهم "حاتم الجود" أي الموصوف بالجود، ووصف الجناح بالذل، مع أنه صفة الإنسان، لأن البطش يظهر برفع الجناح، والتواضع واللين يظهر بخفضه فخفضه كناية عن لين الجانب، وإضافة صفة الإنسان لبعض أجزائه أسلوب من أساليب العربية كما في هذا المثال، وكما في قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ
كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}، والمراد: صاحب الناصية([27])، والله أعلم.
وأما قوله تعالى: {جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} فلا مجاز فيه من وجهين:
أحدهما: أن المراد بالإرادة هنا إرادة حقيقية، لأن للجمادات إرادة حقيقية، لا نعلمها، وإنما يعلمها الله عز وجل ومما يؤيد ذلك سلام الحجر على الرسول – صلى الله عليه وسلم -([28])، وحنين الجذع الذي كان يخطب عليه لما تحول عنه إلى المنبر([29])، وهذا كله ناشئ عن إرادة يعلمها الله تعالى وإن لم نعلمها، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، وأمثال ذلك كثير في الكتاب والسنة.
الثاني: أن الإرادة تطلق على معان عدة، منها: المعنى اللغوي المعروف، ومنها: مقاربة الشئ، والميل إليه فيكون معنى إرادة الجدار ميله إلى السقوط، وقربه منه، وهذا أسلوب عربي معروف، وبه ينتفي ادعاء المجاز في الآية([30]).
وأما قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} فلا مجاز فيه كذلك، بل هو من إطلاق اسم المحل على الحال فيه وعكسه، وهذا أسلوب من أساليب العربية المشهورة، وكلاهما حقيقة في محله،
كما سبق نظيره في القرية، والنهر ونحوها.
فحاصل الجواب على هذه الأمثلة التي ادعي فيها المجاز أن يقال: إن ذلك أسلوب من أساليب العرب على حقيقته([31]).
رابعا: ومما سبق من الأدلة والمناقشات على منع المجاز في القرآن يدخل فيها المنع في السنة لعموم كونها وحيا من الله تبارك وتعالى.
خامسا: مناقشة الجمهور لأدلة نفاة المجاز.
وقد ناقش الجمهور حجج المنكرين وأجابوا عن أدلتهم فمن ذلك:
أن القول بأن العرب لم تقسم الكلام إلى حقيقة، ومجاز، فإن أردتم أنهم لم يضعوا هذا الاصطلاح
فمسلم، وإن أردتم أنه لا يوجد في كلامهم مجاز فغير مسلم بدليل ما ذكرناه من الأمثلة.
وأما قولكم إن هذا الاصطلاح حادث لم يعرف إلا بعد القرون المفضلة فغير صحيح بل قد تكلم به عدد من الأئمة منهم معمر بن المثنى مما يدل على أنه استعمال قديم وقد يطلقون عليه لفظ الاتساع.
وأما القول بأن المجاز يخل بالفهم، فنحن اشترطنا لصحة القول بالمجاز وجود القرينة التي تمنع الإخلال بالفهم، وتبين مراد المتكلم من لفظه.
وأما قولكم إن المجاز كذب، وأنه يصح نفيه فغير مسلم، لأنه وإن جاز نفيه فليس كذبا، لأن المنفي هو إرادة المعنى الحقيقي وليس المجازي بدليل القرينة الموضحة للمراد.
وأما دعوى أن المجاز يلزم عليه وصف الله سبحانه بأنه متجوز، ومستعير، فغير مسلم، لأن الصفات توقيفية.
تلك أهم المناقشات التي أوردها الجمهور على القائلين بنفي المجاز وإنكاره([32]).
سادسا: أما التفصيل بين ما فيه حكم شرعي، وما ليس فيه فيمنع في الأحكام الشرعية لما يترتب عليه من لوازم غير صحيحة، فالأحكام الشرعية مبنية على القرآن والسنة بلفظ العرب ولغتهم، فالأيمان والنذور والمعاملات والنكاح والطلاق ونحوها لا مجاز فيها، أما ما ليس فيه حكم شرعي فالأمر فيه واسع بحمد الله، والله أعلم.
سابعا: الراجح ووجه ترجيحه.
مما سبق من عرض المذاهب، والأدلة والمناقشات، أرى صعوبة الترجيح في هذه المسألة وإن
كنت أميل إلى التفصيل على حسب الضوابط الشرعية وأهمها:
(1) ألا يكون في القرآن والسنة.
(2) ألا يكون في الاعتقاد لاسيما صفات الله سبحانه.
(3) ألا يكون طريقا إلى تأويل النصوص وردها والتنصل من الأحكام الشرعية.
والذي يظهر لي إذا دون تعصب، ولا تقليد رجحان القول بعدم المجاز، لاسيما في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، لقوة أدلة المانعين، وضعف أدلة المجيزين مما ورد عليها من المناقشات القوية، التي أوهنتها.
ولما يلزم على القول بالجواز المطلق من لوازم غير سديدة، كتعطيل صفات الكمال لله جل وعلا بحجة المجاز وتأويل النصوص على حسب الأهواء بهذه الحجة، ولعدم الضوابط السليمة التي يعرف بها ما قسموه، مما يوهن القول به، ولما يترتب على التفريق بين ما قسموه، من جواز نفي بعض كلمات القرآن والسنة، لأن المجاز يجوز نفيه وهذا باطل قطعا، ونحو ذلك مما تقدم عند أدلة المانعين، ومناقشتهم للمجيزين فيصار إلى القول بأن ما سموه بالمجاز يسمى أسلوبا من أساليب العرب المشهورة، التي درجت عليها وعرفت عنها، فالحاصل أن الراجح هو التفصيل والقول بجواز المجاز بالضوابط الشرعية، فما يتعلق بالاعتقاد والصفات وكلام الله فلا مجاز فيه بل كله حقيقة، أما المجاز فيما دون ذلك فأمره يسير بحمد الله([33]).
المبحث الثالث: هل للخلاف في المجاز ثمرة؟
بعد عرض الخلاف في المسألة ظهر لي أن الخلاف بين المانعين، والمجيزين خلاف حقيقي ليس لفظيا، وإن لم يترتب عليه كبير فائدة في الفروع بشرط ألا يتخذ القول بالمجاز ذريعة لتعطيل شيء مما جاء به الشرع، فالأمثلة السابقة المضروبة لهذه المسألة، يطلق عليها المجيزون مجازاً، ويطلق عليها المانعون أساليب عربية، تكلمت بها العرب، وهي حقيقة في معناها، لا تجوز فيها([34])، ولهذا فقد أنكر المانعون كون الخلاف لفظيا([35])، لأنهم لم يسلموا أصلا بصحة التقسيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: "وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع، محدث لم ينطق به السلف، والخلف فيه على قولين وليس النزاع فيه لفظيا، بل يقال: نفس هذا التقسيم باطل،
لا يتميز هـذا عن هذا،.."([36]).
المبحث الرابع: أثر القول بالمجاز على النصوص الشرعية وتعقيب على أشهر الأمثلة التي ذكرها بعض الأصوليين للمجاز.
لقد كان للقول بالمجاز على إطلاقه أثر عظيم وخطير على الموقف الصحيح الذي يجب اتخاذه حيال النصوص الشرعية حيث يجب إثباتها على حقيقتها دون تحريف لها عن معانيها الحقيقية لاسيما فيما يتعلق بالأسماء والصفات، وقد سبق أن أوردت في حجج منكري المجاز ومناقشتهم للمثبتين له شيئا من ذلك بما يغني عن الإعادة.
وقد ذكر الأصوليون عددا من الأمثلة من القرآن على إثبات المجاز وحيث إن كثيرا منها يتعلق بصفات الباري جل وعلا، فإن ادعاء المجاز فيها يقتضي نفي حقيقتها، وتعطيل دلالتها على إثبات صفات الكمال لله عز وجل، التي أثبتها لنفسه في كتابه، وأثبتها له رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وسار عليها سلف هذه الأمة، وقد عرف عن بعضهم سلوكه مذهب الأشاعرة في العقيدة، لذا فقد وقعوا في تأويل بعض النصوص عن حقيقتها، بدعوى المجاز، ولاسيما في آيات الصفات وتلك عقيدة المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة في إثباتهم الصفات لله، كما جاءت، وإقرارها كما وردت، بدون تأويل، ولا تعطيل، ولا نفي لحقيقتها، ولا ادعاء كونها مجازا.
وإليك بعض الأمثلة([37]) التي ذكروها -عفا الله عنهم- تعد شواهد من كلامهم تبين خطورة القول بالمجاز في هذا المجال:
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ..}الآية.
هذا المثال ذكره بعضهم لإثبات المجاز في القرآن، مع اختلافهم في معنى إيذاء الله تعالى.
فيرى بعضهم أن معنى إيذاء الله: إيذاء رسوله([38]).
ويرى آخرون أن معنى إيذاء الله: إيذاء أوليائه([39]).
والذي اضطرهم إلى هذا التأويل الواضح ادعاؤهم المجاز فيها.
والحق: أن كلا التفسيرين ليس صحيحا، بل تحمل الآية على حقيقتها، وتجرى على ظاهرها، ويكون المعنى الصحيح لإيذاء الله: الكفر به، ومخالفة أوامره، وارتكاب زواجره، واتخاذ الأنداد والشركاء له، وتكذيب رسله عليهم الصلاة والسلام([40])، ويدل على ذلك المعنى حديث "ليس أحد أصبر
على أذى سمعه من الله، إنهم ليدعون له ولدا، ويجعلون له أندادا، وهو مع ذلك يعافيهم ويرزقهم"([41]).
وأما تفسير من أوله بأنه إيذاء رسوله فهو مردود، بما ذكر، ثم إن الله نص في الآية نفسها على إيذاء الرسول بعد ذكره إيذاءه، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فيكون الكلام على هذا القول مكرراً، وهذا محال؛ لمنافاته الأسلوب الصحيح، والتعبير السليم، الذي جرى عليه كتاب الله.
وأما تفسير من قال بأنهم يؤذون أولياءه فهو غير صحيح من جهتين:
الأولى: ما ذكر سابقا من المعنى الصحيح في الآية.
الثانية: أن الآية نفسها فيها ذكر للرسول، وللمؤمنين والمؤمنات وهم أولياء الله، فيكون في الكلام تكرار لا يليق بكتاب الله، ولو قيل به لحصل المحظور، وهو صرف الآية عن ظاهرها، وتأويلها على غير حقيقتها، والوقوع في التكرار الممنوع الذي يجعل المعطوف عليه بمعنى المعطوف فيكون معنى لفظ الجلالة "الله" بمعنى لفظ "الرسول" وبمعنى لفظ "المؤمنين"، وهذا غير مراد قطعاً.
والأمثلة التي ذكرها القائلون بالمجاز ليس فيها مجاز على القول الراجح وإنما هي أساليب بلاغية، تكلم بها العرب وأرادوا بها الحقيقة، وأما آيات الصفات فهي حق، تمر على ظاهرها، وتجرى على حقيقتها، نوردها كما جاءت، ونثبتها كما وردت ولا نقع فيه تأويلا أو تعطيلا بدعوى المجاز، فهذا خلاف منهج السلف أهل السنة والجماعة والله تعالى أعلم. اهـ كلام د. عبدالرحمن السديس باختصار.
الأساليب العربية
الأسلوب العربي هو: الطريقة([42]) التي يسلكها العرب للتعبير عن أفكارهم، أو عواطفهم.
وقد بيَّن العلامة الشنقيطي([43]) – رحمه الله - أهمية هذه الأساليب العربية في الرد على القائلين بالمجاز النافين لصفات الله – عز وجل -، وبيَّن أيضاً أنها حقائق تكلم بها العرب، وأنه لا يجوز نفيها، وإليك جملاً من أقواله يتضح بها المقام، والله المستعان.
قال العلامة الشنقيطي: [ كل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً فهو – عند من يقول بنفي المجاز – أسلوب من أساليب اللغة العربية.
فمن أساليبها إطلاق الأسد مثلاً على الحيوان المفترس المعروف، وأنه ينصرف إليه عند
الإطلاق، وعدم التقييد بما يدل على أن المراد غيره.
ومن أساليبها إطلاقه على الرجل الشجاع إذا اقترن بما يدل على ذلك. ولا مانع من كون أحد الإطلاقين لا يحتاج إلى قيد، والثاني يحتاج إليه؛ لأن بعض الأساليب يتضح فيها المقصود فلا يحتاج إلى قيد، وبعضها لا يتعين المراد فيه إلا بقيد يدل عليه، وكل منهما حقيقة في محله. وقس على هذا جميع أنواع المجازات.
وعلى هذا، فلا يمكن إثبات مجاز في اللغة العربية أصلاً، كما حققه العلامة ابن القيم – رحمه الله – في الصواعق. وإنما هي أساليب متنوعة بعضها لا يحتاج إلى دليل، وبعضها يحتاج إلى دليل يدل عليه، ومع الاقتران بالدليل يقوم مقام الظاهر المستغني عن الدليل، فقولك: " رأيت أسداً يرمي " يدل على الرجل الشجاع، كما أن لفظ الأسد عند الإطلاق على الحيوان المفترس. ثم إن القائلين بالمجاز في اللغة العربية اختلفوا في جواز إطلاقه في القرآن... والذي ندين به، ويلزم قبوله كل منصف محقق أنه لا يجوز إطلاق المجاز مطلقاً على كلا القولين.
أما على القول بأنه لا مجاز في اللغة أصلاً – وهو الحق – فعدم المجاز في القرآن واضح، وأما على القول بوقوع المجاز في اللغة العربية فلا يجـوز القول به في القرآن. وأوضح دليل على
منعه في القرآن إجماع القائلين بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نفيه، ويكون نافيه صادقاً في نفس
الأمر، فتقول لمن قال: رأيت أسداً يرمي، ليس هو بأسد، وإنما هو رجل شجاع، فيلزم على القول بأن في القرآن مجاز أن في القرآن ما يجوز نفيه.
ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن، وهذا اللزوم اليقيني الواقع بين القول بالمجاز في
القرآن وبين جواز نفي بعض القرآن قد شوهد في الخارج صحته، وأنه كان ذريعة إلى نفي كثير من
صفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن العظيم.
وعن طريق القول بالمجاز توصل المعطلون لنفي ذلك فقالوا: لا يد ولا استواء ولا نزول، ونحو ذلك في كثير من آيات الصفات، لأن هذه الصفات لم ترد حقائقها، بل هي عندهم مجازات، فاليد مستعملة – عندهم – في النعمة أو القدرة، والاستواء في الاستيلاء، والنزول نزول أمره، ونحو ذلك، فنفوا هذه الصفات الثابتة بالوحي عن طريق القول بالمجاز... ] ([44]).
ثم قال – رحمه الله: [ فإن قالوا: هذا الذي نسميه مجازاً وتسمونه أسلوباً آخر من أساليب اللغة يجوز نفيه على قولكم، كما جاز نفيه على قولنا. فيلزم المحذور قولكم كما لزم قولنا.
فالجواب: أنه على قولنا بكونه حقيقة لا يجوز نفيه. فإن قولنا: رأيت أسداً يرمي – مثلاً – لا نسلم جواز نفيه؛ لأن هذا الأسد المقيد بكونه يرمي ليس حقيقة الحيوان المفترس حتى تقول: وهو ليس بأسد. فلو قلتم: فهو ليس بأسد. قلنا: نحن ما زعمنا أنه حقيقة الأسد المتبادر عند الإطلاق حتى
تكذبونا، وإنما قلنا بأنه أسد يرمي، وهو كذلك هو أسد يرمي.
قال ابن القيم – رحمه الله – في مختصر الصواعق ما نصه: ( الوجه السادس عشر ): أن يقال: ما تعنون بصحة النفي ؟ نفي المسمى عند التقييد ؟ أم القدر المشترك ؟ أم أمراً رابعاً ؟ فإن أردتم الأول كان حاصله أن اللفظ له دلالتان ، دلالة عند الإطلاق ودلالة عند التقييد ، بل المقيد مستعمل في موضعه ، وكل منهما منفي عن الآخر . وإن أردتم الثاني لم يصح نفيه فإن المفهوم منه هو المعنى المقيد فكيف يصح نفيه. وإن أردتم القدر المشترك بين ما سميتموه حقيقة ومجازاً لم يصح نفيه أيضاً. وإن أردتم أمراً رابعاً فبينوه لنا لنحكم عليه بصحة النفي أو عدمها. وهذا ظاهر جداً لا جواب عنه كما ترى.اهـ كلام ابن القيم – رحمه الله – بلفظه. وهو موضح غاية لما ذكرنا مصرح بأنه ظاهر جداً لا جواب عنه.
فإن قيل: هذا الذي قررتم يدل على عدم صحة نفي المجاز، لأن ابن القيم ساق الكلام المذكور ليبين عدم صحة نفي المجاز وإذا يرتفع المحذور الناشئ عن القول بصحة نفيه.
فالجواب: أنكم أيها القائلون بالمجاز أنتم الذين أطبقتم على جواز نفيه وتوصلتم بذلك إلى نفي كثير من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة، زعماً منكم أنها مجاز وأن المجاز يجوز نفيه ـ فلو أقررتم بأنه لا يجوز نفيه لوقفتم على أنه أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو حقيقة في محله، وسلمتم من نفي صفات الكمال والجلال الثابتة في القرآن.... ] ([45]).
وبعد ، فسوف أضرب بعض الأمثلة([46]) التي يتبين بها طريقة الشنقيطي – رحمه الله - في الرد على القائلين بالمجاز بطرقة الأساليب العربية ، حتى يتضح المقام تمام الاتضاح .
قال العلامة الشنقيطي – رحمه الله -: [ في هذه الآية الكريمة سؤال معروف، هو أن يقال: كيف أوقع الإذاقة على اللباس في قوله: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}. وروي أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمامِ اللغة الأدب: هل يُذاق اللباس؟ا يريد الطعن في قوله تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ}. فقال له ابن الأعرابي: لا بأس أيها النسناس هب أن محمداً صلى الله عليه وسلم ما كان نبياً! أما كان عربياً؟
قال مقيده عفا الله عنه: والجواب عن هذا السؤال ظاهر، وهو أنه أطلق اسم اللباس على ما أصابهم من الجوع والخوف؛ لأن آثار الجوع والخوف تظهر على أبدانهم، وتحيط بها كاللباس، ومن حيث وجدانهم ذلك اللباس المعبرَّ به عن آثار الجوع والخوف، أوقع عليه الإذاقة، فلا حاجة إلى ما يذكره البيانيون من الاستعارات في هذه الآية الكريمة، وقد أوضحنا في رسالتنا التي سميناها (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز): أنه لا يجوز لأحد أن يقول إن في القرآن مجازاً، وأوضحنا ذلك بأدلته، وبينا أن ما يسميه البيانيون مجازاً أنه أسلوب من أساليب اللغة العربية.
وقد اختلف أهل البيان في هذه الآية، فبعضهم يقول: فيها استعارة مجردة. يعنون أنها جيء فيها بما يلائم المستعار له. وذلك في زعمهم أنه استعار اللباس لما غشيهم من بعض الحوادث كالجوع والخوف، بجامع اشتماله عليهم كاشتمال اللباس على اللابس على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية التحقيقية، ثم ذكر الوصف، الذي هو الإذاقة ملائماً للمستعار له، الذي هو الجوع والخوف؛ لأن إطلاق الذوق على وجدان الجوع والخوف جرى عندهم مجرى الحقيقة لكثرة الاستعمال.
فيقولون: ذاق البؤس والضر، وأذاقه غيره إياهما. فكانت الاستعارة مجردة لذكر ما يلائم المستعار له، الذي هو المشبه في الأصل في التشبيه الذي هو أصل الاستعارة. ولو أريد ترشيح هذه الاستعارة في زعمهم لقيل: فسكاها؛ لأن الإتيان بما يلائم المستعار منه الذي هو المشبه به في التشبيه الذي هو أصل الاستعارة يسمى «ترشيحاً»، والكسوة تلائم اللباس، فذكرها ترشيح للاستعارة، قالوا: وإن كانت الاستعارة المرشحة أبلغ من المجردة، فتجريد الاستعارة في الآية أبلغ من حيث إنه روعي المستعار له الذي هو الخوف والجوع، وبذكر الإذاقة المناسبة لذلك ليزداد الكلام وضوحاً.
وقال بعضهم: هي استعارة مبنية على استعارة، فإنه أولاً استعار لما يظهر على أبدانهم من الاصفرار، والذبول، والنحول اسم اللباس، بجامع الإحاطة بالشيء والاشتمال عليه، فصار اسم اللباس مستعاراً لآثار الجوع والخوف على أبدانهم، ثم استعار اسم الإذاقة لما يجدونه من ألم ذلك الجوع والخوف، المعبر عنه باللباس، بجامع التعرف والاختبار في كل من الذوق بالفم، ووجود الألم من الجوع والخوف. وعليه ففي اللباس استعارة أصلية كما ذكرنا، وفي الإذاقة المستعارة لمس ألم الجوع، والخوف استعارة تبعية.
وقد ألممنا هنا بطرف قليل من كلام البيانيين هنا ليفهم الناظر مرادهم، مع أن التحقيق الذي لا شك فيه: أن كل ذلك لا فائدة فيه، ولا طائل تحته، وأن العرب تطلق الإذاقة على الذوق وعلى غيره من وجود الألم واللذة، وأنها تطلق اللباس على المعروف، وتطلقه على غيره مما فيه معنى اللباس من الاشتمال. كقوله: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}، وقول الأعشى:
إذا ما الضجيع ثنى عطفها تثنت عليه فكانت لباسا
وكلها أساليب عربية، ولا إشكال في أنه إذا أطلق اللباس على مؤثر مؤلم يحيط بالشخص إحاطة اللباس، فلا مانع من إيقاع الإذاقة على ذلك الألم المحيط المعبر باسم اللباس. والعلم عند الله تعالى.]([47]).
وقال أيضاً: [ البشارة: الخبر بما يسر، وقد تطلق العرب البشارة على الإخبار بما يسوء، ومنه قولـه تعالى: {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ومنه قول الشاعر:
وبشرتني يا سعد أن أحبتي جفوني وقالوا الود موعده الحشر
وقول الآخر:
يبشرني الغراب ببين أهلي فقلت له ثكلتك من بشير
والتحقيق: أن إطلاق البشارة على الإخبار بما يسوء، أسلوب من أساليب اللغة العربية، ومعلوم أن علماء البلاغة يجعلون مثل ذلك مجازاً، ويسمونه استعارة عنادية، ويقسمونها إلى تهكمية وتمليحية
كما هو معروف في محله ] ([48]).
وقال أيضاً: [ أطلق جل وعلا في هذه الآية الكريمة – أي قولـه تعالى: } وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً{ -، الرزق وأراد المطر، لأن المطر سبب الرزق، وإطلاق المسبب وإرادة سببه لشدة الملابسة بينهما، أسلوب عربي معروف، وكذلك عكسه الذي هو إطلاق السبب وإرادة المسبب كقوله:
أكنت دماً إن لم أرعْكِ بضرَّة بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
فأطلق الدم وأراد الدية، لأنه سببها.
وقد أوضحنا في رسالتنا المسماة: منع جواز المجاز، في المنزل للتعبد والإعجاز، أن أمثال هذا أساليب عربية، نطقت بها العرب في لغتها، ونزل بها القرآن، وأن ما يقوله علماء البلاغة من أن في الآية ما يسمونه المجاز المرسل الذي يعدون من علاقاته السببية والمسببية، لا داعي إليه، ولا دليل
عليه، يجب الرجوع إليه.
وإطلاق الرزق في آية المؤمن هذه على المطر جاء مثله، في غير هذا الموضع كقوله تعالى في أول سورة الجاثية {وَمَآ أَنَزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الاٌّرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} فأوضح بقوله {فَأَحْيَا بِهِ الاٌّرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} أن مراده بالرزق المطر، لأن المطر هو الذي يحيي الله به الأرض بعد موتها.
وقد أوضح جل وعلا، أنه إنما سمي المطر رزقاً، لأن المطر سبب الرزق، في آيات كثيرة من كتابه، كقوله تعالى في سورة البقرة {وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ}، والباء في قولـه فأخرج به سببية كما ترى. وكقوله تعالى في سورة إبراهيم: {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السموات وَالاٌّرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ}. وقوله تعالى في سورة ق: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ}... ] ([49]).
وفي الختام أنقل هذه العبارة للعلامة الألوسي – رحمه الله - للاستدلال بها على صحة كلام الشنقيطي – رحمه الله – في الأساليب، قال الألوسي في روح المعاني (1/302) : [الويل: واد في جهنم يهوى به الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره، وفي بعض الروايات: إنه جبل فيها، وإطلاقه على ذلك إما: حقيقة شرعية، وإما مجاز لغوي، من إطلاق لفظ الحال على المحل، ولا يمكن أن يكون حقيقة لغوية؛ لأن العرب تكلمت به في نظمها، ونثرها قبل أن يجيء القرآن، ولم تطلقه على ذلك]. فيستفاد من مفهوم المخالفة في هذه العبارة أن العرب إن تكلمت بها على المعنى المراد، فتكون حقيقة لغوية. وهذا هو نفس مقصود العلامة الشنقيطي بالأساليب العربية، فتراه يبين بهذه الأساليب أن ما يدعون فيه المجاز إنما هو أسلوب تكلمت به العرب، فيكون حقيقة، وليس مجازاً([50]).
وبعد فقد لاح لك أيها القارئ الكريم أهمية جمع هذه الأساليب، والإطلاقات العربية، مع ذكر شواهدها من القرآن، واللغة، حتى يتضح لك الجواب عما زعموا أنه من المجاز قاصدين من وراء ذلك نفي الصفات، وهو في الحقيقة حقيقة في محله، وأسلوب عربي، تكلمت به العرب.
وهذا أوان الشروع في المقصود، فالله المستعان، وعليه البلاغ، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[1] - وانظر كتاب "سر العربية" للثعالبي، و "الصاحبي في فقه اللغة" لابن فارس.
[2] - وقد لخصت في هذه الفقرة كلام د. عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله السديس، في البحث الذي أودعه العدد العشرين من مجلة أم القرى باسم: "المجاز عند الأصوليين بين المجيزين والمانعين"، وقد نقلت عنه لما رأيت أنه قد ألمَّ بعدة جوانب من هذه القضية، وأنه قد سلك الحياد، والموضوعية في مناقشة هذه المسألة، فجزاه الله خيراً.
[3] - وعبر صاحب المعتمد بـ: "ما أفيد به غير ما وضع له" 1/11 من المعتمد للبصري.
[4] - انظر: ص64 منها.
[5] - وهو حد صاحب جمع الجوامع، انظر: 1/300 من حاشية البناني على الجمع وقريب منه حد شارح الكوكب المنير كما في 1/154 منه.
[6] - وهو تعريف أبي الخطاب صاحب التمهيد كما في 1/77 منه.
[7] - انظر في تعريف المجاز: 1/203 من فواتح الرحموت، 1/11 من المعتمد للبصري، ص44 من شرح تنقيح الفصول، ص20 من منتهى الوصول والأمل لابن الحاجب، 1/105،341 من المستصفى، 1/304-305 من حاشية البناني على جمع الجوامع، ص179 من التمهيد للاسنوي، 1/28 من الإحكام للآمدي، 1/172-174 من العدة لأبي يعلى، 1/77 من التمهيد لأبي الخطاب، ص64 من الروضة 1/154-155 من شرح الكوكب المنير، ص214 من التعريفات، ص21 من إرشاد الفحول للشوكاني، ص443 من أصول الفقه لشلبي.
[8] - انظر شيئا منها في: 1/11-14 من المعتمد، 1/29 من الإحكام للآمدي.
[9] - انظر في أقسام المجاز والأمثلة: 1/203 من فواتح الرحموت، ص44 من شرح تنقيح الفصول، 1/14 من المعتمد، 1/341 من المستصفى، 1/309-317 من حاشية البناني على جمع الجوامع، 1/172 من العدة،
1/156-180 من شرح الكوكب المنير، ص214-215 من التعريفات، ص23-24 من إرشاد الفحول.
[10] - مجموع الفتاوى (7/88، 89)،(12/277).
[11] - مختصر الصواعق المرسلة 2/5.
[12] - أوردها كلها الزركشي في البحر المحيط 2/185.
[13] - انظر: 1/24 من المعتمد، 1/47 من الإحكام للآمدي، 1/80 من التمهيد لأبي الخطاب، ص564 من المسودة، 1/191 من شرح الكوكب، ص22 من إرشاد الفحول.
[14]- وقد طعن في النقل عن أبي إسحاق الاسفراييني إمام الحرمين ظنا منه ولكن الأظهر ثبوته عنه، وقد دأبت كتب الأصول على إثباته عنه، وعن الفارسي في أكثرها.
[15] - كشيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه العلامة ابن القيم، وقد ذكرا من ذهب إليه، انظر 7/89 من الفتاوى، ص85 من كتاب الإيمان، ط/2، المكتب الإسلامي، بيروت 2/242-243 من مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم، اختصار محمد بن الموصلي دار الندوة الجديدة، بيروت، وانظر في ذلك أيضا: 1/80 من التمهيد لأبي الخطاب، ص165 من المسودة، 1/192 من شرح الكوكب المنير، 1/183 من شرح ابن بدران على الروضة، ص58 من مذكرة الشنقيطي.
[16] - كأبي الحسن الخرزي من الحنابلة، ومنذر بن سعيد البلوطي، وقد ذكر شيخ الإسلام أن له مصنفا في منع المجاز في القرآن 7/89 من الفتاوى.
[17] - نسبه إليه الزركشي في البحر وقال تفرد به، انظر 3/185، وأورده ابن حزم في الإحكام 4/531.
[18] - أورده الزركشي في البحر 3/185، وانظر: 4/531-532 من الإحكام لابن حزم الظاهري.
[19] - انظر: 1/182 من شرح ابن بدران للروضة. وانظر في أدلة المجيزين: 1/47 من الإحكام للآمدي، 1/80 من التمهيد لأبي الخطاب، 1/182 من شرح الروضة لابن بدران، ص23 من إرشاد الفحول.
[20] - انظر: 7/90-91 من الفتاوى، ص86-87 من الإيمان، 2/243-244 من مختصرالصواعق، ص62 من مذكرة الشنقيطي.
[21] - انظر في بطلان التقسيم وما يترتب عليه: 7/96-106 من الفتاوى، ص92-104 من الإيمان، 1/243-287 من مختصر الصواعق، فقد ذكر فيه خمسين وجها على بطلانه، لما يترتب عليه من لوازم فاسدة.
[22] - انظر في الفروق بينهما: 7/96-115 من الفتاوى، ص92-101 من الإيمان، 2/247-261 من مختصر الصواعق، 1/25-27 من المعتمد، 1/86 من التمهيد لأبي الخطاب، ص25 من إرشاد الفحول.
[23] - وانظر في ذلك: 7/96-115 من الفتاوى، ص92-101 من الإيمان، 1/247-261 من مختصر الصواعق.
[24] - انظر الأسلوب رقم (46) الآتي في رسالتنا الأساليب، والإطلاقات العربية.
[25] - انظر: 7/112-113 من الفتاوى، ص108 من الإيمان، 20/263 من الفتاوى. والأسلوب الآتي في رسالتنا برقم (162).
[26] - انظر: 7/112-113، 20/463 من الفتاوى، ص108 من الإيمان، 2/302-303 من مختصر الصواعق المرسلة.
[27] - انظر في ذلك كله: 20/465 من الفتاوى، 2/252 من مختصر الصواعق، ص58-59 من مذكرة الشنقيطي،
والأسلوب رقم (120) في رسالتنا الأساليب.
[28] - يشير إلى ما رواه مسلم (4/1782)(2277)، وغيره عن جابر بن سمرة – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن ).
[29] - قال الكتاني في نظم المتناثر (ص/ 302):[حنين الجذع: أورده في الأزهار من حديث سهل بن سعد، وجابر بن عبدالله، وابن عمر، وأبي بن كعب، وبريدة، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأنس، وأم سلمة، والمطلب بن أبي وداعة السمهي عشرة أنفس...].
[30] - انظر: 7/108 من الفتاوى، ص103 من الإيمان، ص59 من مذكرة الشنقيطي، والأسلوب رقم (65) في رسالتنا الأساليب.
[31] - وبهذا أيها القارئ الكريم يتبين لك أهمية تجميع مثل هذه الأساليب، فلله الفضل، والمنة.
[32] - انظر في ذلك: 1/31 من المعتمد لأبي الحسين البصري، 1/212 من فواتح الرحموت، 2/22 من تيسير التحرير، ص179 من التبصرة للشيرازي، 1/1/464 من المحصول للرازي، 1/50 من الإحكام للآمدي، 2/700 من العدة، 2/648،913،1094 من كتاب المجاز في اللغة والقرآن الكريم بين الإجازة والمنع د. عبد العظيم المطعني، ط/مكتبة وهبة بالقاهرة.
[33] - قلت - المؤلف-: ولا أرى لهذا التفريق وجه، بل الراجح هو القول بالمنع مطلقاً في اللغة، والقرآن، والسنة، وأن كل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازاً إنما هو أسلوب تكلمت به العرب، وهذه الأساليب لا يجوز نفيها، وعلى هذا، فلا يمكن إثبات مجاز في اللغة العربية أصلاً كما ذكر ذلك العلامة ابن تيمية، وابن القيم، والشنقيطي – رحمهم الله – وسوف يأتي قريباً – بمشيئة الله تعالى – زيادة بيان لهذه الأساليب، وأمثلة أخرى عليها.
[34] - كذا بالأصل، ولعل الصواب: لا تجوز نفيها.
[35] - انظر: 1/46 من الإحكام للآمدي حيث جعله كذلك.
[36] - 7/113 من الفتاوى، وانظر 2/243 من مختصر الصواعق لابن القيم.
[37] - وقد اقتصرت على ذكر مثالاً واحداً مما ذكر د. السديس، خشية الإطالة.
[38] - 1/105 من المستصفى، ص64 من الروضة.
[39]- 1/105 من المستصفى، 2/696 من العدة.
[40] - انظر: 3/517 من تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ط/دار الفكر، 7/237 من تفسير القرطبي، ص60 من
مذكرة الشنقيطي.
[41] - أخرجه البخاري (5/2262)(5748)، ومسلم (4/2160)(2804) من حديث أبي موسى – رضي الله عنه -.
[42] - قال الفيومي في المصباح المنير مادة (س ل ب) : [( الأُسْلُوبُ ) بضم الهمزة الطريق والفن وهو على ( أُسْلُوبٍ ) من ( أَسَالِيبِ ) القوم أي على طريق من طرقهم].
[43] - وانظر أيضاً ما سبق من كلام د. عبدالرحمن السديس .
[44] - انظر رسالة " منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز " (ص 35 : 38 ) .
[45] - انظر الرسالة السابقة ( ص/70 – 71) .
[46] - وسوف تأتي هذه الأمثلة، وغيرها – بمشيئة الله - في صلب الرسالة، وإنما نقلتها هنا للإيضاح، وحتى يكون القارئ على بصيرة تامة بموضوع الرسالة.
[47] - (3/344: 346)(النحل/ 112، 113).
[48] - (4/9)(الكهف/1: 5)، وانظر أيضاً (7/342)(الجاثية/6: 8).
[49] - (7/76)(غافر/13)، وانظر أيضاً (6/76)(النور/3)، (7/263-264)(الزخرف/61).
[50] - وليس الغرض هنا مناقشة المثال الذي ذكره – رحمه الله – وإنما الغرض التنبيه على موطن الشاهد من كلامه.