خطبة الوداع
فرض الحج كان في السنة التاسعة هجرية، لم يحج صلّى الله عليه وسلّم سنة 9 هـ وحج 10 هـ لأسباب:
الأول: كثرة الوفود عليه في تلك السنة، ولهذا تسمى السنة التاسعة عام الوفود، ولا شك أن استقبال المسلمين الذين جاؤوا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليتفقهوا في دينهم أمر مهم، بل قد نقول: إنه واجب على الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ ليبلغ الناس.
الثاني: أنه في السنة التاسعة من المتوقع أن يحج المشركون، - كما وقع - فأراد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يؤخر من أجل أن يتمحض حجه للمسلمين فقط، وهذا هو الذي وقع ، (فإنه أَذَّن في التاسعة ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان) متفق عليه .
وكان الناس في الأول يطوفون عراة بالبيت إلا من وجد ثوباً من قريش، فإنه يستعيره ويطوف به، أما من كان من غير قريش فلا يمكن أن يطوفوا بثيابهم بل يطوفون عراة"
م عن ابن عباس، قال: " كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، فتقول: من يعيرني تطوافا؟ تجعله على فرجها، وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31] ".
م ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت".
م عن جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله فخرجنا معه... ".
نقل السخاوي كلام أبي زرعة أنهم مائة ألف وأربعة عشر ألفاً واختاره.
خطبة عرفات في حجة الوداع:
فخطب الناس وقال: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي هاتين موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله وأنتم تسألون (وفي لفظ: مسؤولون) عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد) ثلاثا.
تحليل الخطبة: استهلّ النبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - خطبته بتحريم الدّماء والأموال، وشبّه شدّة هذا التحريم بحُرمة يوم عرفة، من شهر ذي الحجة، في البلد الحرام مكة، حيث إنّ لمكة المكرّمة حرمةٌ عظيمةٌ فلا يُسفك فيها دمٌ، ولا يُقتل فيها طيرٌ، ولا تُقطع أشجارها، ولا تُلتقط لقطتها إلّا لمُنشدٍ ، أمّا عن حُرمة شهر ذي الحجَّة؛ فقد جعَل الله تبارك وتعالى عدَّة الشهور اثنَا عشر شهرًا، وجعل منها أربعةً حُرُم، ثلاثٌ تأتي سرداً أي متتاليةً وهي: ذو القِعدة، وذو الحَجَّة، ومُحرَّم، وشهرٌ واحدٌ يأتي منفرداً ألا وهو رجب، والشاهد في كُل ذلك تعظيم شأن القتل وسلب الأموال، فلا يحلُّ دم امرىء مُسلمٍ إلّا بإحدى ثلاثة أمور: الثيب الزاني، أي المتزوج الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة، أي المُرتدّ عن الإسلام ما لم يتب، والقاتل، مع التنبيه بضرورة أن يتّخذ الحاكم المُسلم العقوبة في حقّ هؤلاء، كي لاينقلب المُجتمع كشريعة الغاب، كُلٌ يأخذ حقه بيده.
أمّا في ما يتعلّق بالأموال، فلا يأخذ أحدٌ مالاً إلّا حلالاً وبحقِّ الله، فسوف يُسأل صاحب المال بين يدي الله من أين اكتسب هذا المال؟ وفيم أنفقه.
أبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلّ أمرٍ كان في الجاهلية، فالإسلام يَجُبُّ ماقبله، فلا كِبرٌ في الإسلام، ولا بطَر، ولا تفاخرٌ في الأنساب والأحساب، ودماءُ الجاهلية موضوعةٌ فأبطل الثارات التي كانت بين القبائل في جاهليتهم، وقد بدأ بنفسه حيث وضع دم ابن ربيعة، وأبطل ربا العباس بن عبد المُطّلب، وإنّما خصّ الربا لما له من شديد عقوبة، حيث اللعنة والطرد من رحمة الله.
ثمّ انتقل الخطاب إلى حُسن معاملة النساء، وخاصّة الزوجات كما سيأتي .
بيّنت الخطبة أنّ النجاة الحقيقية تكون بالاعتصام بكتاب الله والسنَّة الشريفة؛ فمن أراد الثبات فعليه أن يتمسَّك بهما، ففيهما سعادة الدنيا والآخرة، ولم تدع السنة والقرآن خيراً إلّا وأمرا به، أمّا ما كان فيه شرٌ فقد نهيا عنه.
وفي خاتمة الخطبة برّأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نفسه بعدما بيَّن للناس هذه الأمور الهامّة باعتبارها دستوراً صالحاً لكلّ الأوقات والأزمان حتّى قيام الساعة، قائلاً ((اللهم اشهَد، اللهم اشهَد)) بأنّي قد أدّيت الأمانة، ونصحت الأمة.
تنبيه النبي في هذا المقام العظيم على حقوق النساء يدل على عظم مكانة المرأة في الإسلام.
مكانة المرأة قبل الإسلام:
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59].
{ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) } [التكوير: 8 - 10].
خ عن ابن عباس، {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} [النساء: 19] قال: «كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك».
حم عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَسْلَمَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا».
وعند اليهود : قالوا عنها : لعنة لأنها سبب الغواية ، ونجسة في حال حيضها ، ويجوز لأبيها بيعها
وعند النصارى : عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل لها روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قرروا أنَّها إنسان ، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب". وأصدر البرلمان الإنكليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) ؛ لأنَّها تعتبر نجسة .
وجاء الإسلام فكرم المرأة وأعطاها حقها في الحياة وفي الميراث وأوصى الابن ببرها والزوج بحسن معاملتها.
حق العشرة بالمعروف :
فإنه لا سعادة للمسلمين ولا طمأنينة لهم في بيوتهم إلا إذا قامت على العشرة بالمعروف . وهذا الحق أمر الله به لما فيه من صلاح أمر الزوج والزوجة ولما فيه من السعادة لهما وهو الإختبار الحقيقي للزوج وللزوجة .
قال الله في كتابه المبين : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }. وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب ، ولذلك قال العلماء : المعاشرة بالمعروف حق واجب يأثم تاركه ويثاب فاعله وقال الله: { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }. والمعاشرة بالمعروف تستلزم أموراً لا بد منها وهذه الأمور تكون في قلب الإنسان فيما بينه وبين الله وتكون في قوله وكلماته وما يصدر منه من عباراته وتكون منه في تصرفاته وأفعاله .
فهناك ثلاثة جوانب للمعاشرة بالمعروف :
أولها وأهمها : النية ، وما غيبه قلب الرجل وغيبه قلب المرأة فلن يستطيع الرجل أن يعاشر امرأته بالمعروف ولن تستطيع المرأة أن تعاشر زوجها بالمعروف إلا إذا غيب كل منهما نية صالحة ، وهذا هو الذي عناه الله بقوله : { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }. فإذاً أراد الإنسان أن يمسك زوجه فلتكن نيته صالحة تجاهها.
الثاني للعشرة بالمعروف : القول . فكما أن الإنسان ينبغي أن يغيب في قلبه النية الطيبة حتى يعاشر بالمعروف ينبغي أن يكون قوله موافقاً لمرضاة الله
قال: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) .
قالل تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً } . فأمرنا إذا تكلمنا وإذا نطقنا أن نقول الحسن الذي يرضيه-سبحانه- ، لأن القول الحسن يحسن إلى صاحبه في الدنيا والآخرة والقول السيء يسيء إلى صاحبه في الدنيا والآخرة .
العشرة بالمعروف في الأقوال بين الزوجين تكون في مواضع :
المواضع الأول : في النداء فإنه ينبغي لكل من الزوجين أن يحسن النداء كان رسول الله-r - ينادي أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- فيقول : (( يا عائش ياعائش ))..
الموضع الثاني : في الطلب عند الحاجة تطلب منه أو يطلب منها .
الموضع الثالث : عند المحاورة والكلام والحديث والمباسطة .
الموضع الرابع : عند الخلاف والنقاش .
كذلك أيضاً من العشرة بالمعروف المعاملة الصالحة المبنية على حسن التبعل وحسن الذمة والوفاء من الزوج لزوجته ومن الزوجة لزوجها
كان إذا دخل بين أهله أول ما يبدأ به السواك حتى لا تشم منه رائحة نتنة ، وهذا يدل على أنه ينبغي على الزوج من خلال معاشرته بالمعروف أن يراقب هيئته وشكله.
كان ابن عباس-رضي الله عنهما- يدني المكحلة ويكتحل أمام المرآة ويقول إني أحب أن أتجمل لأهلي كما أحب من أهلي أن يتجملوا لي.
تقول أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- لما سئلت ما حال النبي في بيته قالت : كان يكون في خدمة أهله كان ربما رقع ثوبه لا يحس في ذلك بغضاضة ولا نقص ولكنها رفعة وكمال فهو أكمل الخلق وأشرفهم وأعظمهم منـزلة عند اللهوقدراً .
كان يمازح زوجته ويسابقها .
كان لا يعيب طعاما قط إذا رضيه أكله وإذا كرهه تركه.
((فاتقوا الله في النساء))
قَالَ الله تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء:129]
1/273-وعن أبي هريرةَ رضي اللَّه عنه قَالَ: قالَ رسول ُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "اسْتوْصُوا بِالنِّساءِ خيْراً، فإِنَّ المرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوجَ مَا في الضِّلعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهبتَ تُقِيمُهُ كَسرْتَهُ، وإِنْ تركتَهُ، لمْ يزلْ أَعوجَ، فاستوْصُوا بِالنِّسَاءِ" متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية في الصحيحين: "المرْأَةُ كالضلعِ إِنْ أَقَمْتَهاكسرْتَهَا، وإِنِ استَمتعْت بِهَا، اسْتَمتعْت وفِيها عَوجٌ ".
وفي رواية لمسلمٍ: "إِنَّ المرْأَةَ خُلِقتْ مِن ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتقِيمَ لكَ علَى طريقةٍ، فَإِنْ استمتعْت بِهَا، اسْتَمتَعْتَ بِهَا وفِيها عَوجٌ، وإِنْ ذَهَبْتَ تُقيمُها كسرتَهَا، وَكَسْرُهَا طلاقُها ".
-وعن أَبي هريرةَ رضي اللَّه عنه قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِه مِنها خُلقاً رضِيَ مِنْها آخَرَ" أَوْ قَالَ:"غيْرَهُ"رواه مسلم.
((فإنكم أخذتموهن بأمانة الله)) بعهده قال الزرقاني: أي بأن الله ائتمنكم عليهن فيجب حفظ الأمانة وصيانتها بمراعاة حقوقها والقيام بمصالحها الدينية والدنيوية، وما وقع في كثير من أصول مسلم يقوي أن في قوله ((أخذتموهن)) دلالة على أنها كالأسيرة المحبوسة عند زوجها، وله التصرف فيها والسلطنة عليها حسبما بينه الشرع، ويوافقه قوله في رواية أخرى ((فإنهن عوان عندكم)) جمع عانية وهي الأسيرة، لكنها ليست أسيرة خائفة كغيرها من الأسراء بل هي أسيرة آمنة.
((واستحللتم فروجهن بكلمة الله)) أي بإباحة الله والكلمة قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء).
((وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه)) قال النووي والقاضي: والمختار أن معناه: أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلاً أجنبيًا أو امرأة أو أحدًا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك، وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة ولا محرم ولا غيره في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه، لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه أو عرف رضاه باطراد العرف بذلك ونحوه ومتى حصل الشك في الرضا ولم يترجح شيء ولا وجدت قرينة لا يحل الدخول ولا الإذن.
((فإن فعلن ذلك فاضربوهن غير مبرح)) قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) (النساء:34).
عن عبد اللَّهِ بن زَمْعَةَ -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ) رواه البخاري (4908) قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: " وفي سياقه استبعاد وقوع الأمرين من العاقل أن يبالغ في ضرب امرأته ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس والرغبة في العشرة والمجلود غالبا ينفر ممن جلده فوقعت الإشارة إلى ذم ذلك وأنه إن كان ولا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير بحيث لا يحصل منه النفور التام فلا يفرط في الضرب ولا يفرط في التأديب ... ولأن ضرب المرأة إنما أبيح من أجل عصيانها زوجها فيما يجب من حقه عليها " ا. هـ فتح الباري 9/ 303 عمدة القاري 20/ 192
عن إياس بن أبي ذباب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تضربوا إماء الله) قال فذئر - أي نشز - النساء وساءت أخلاقهن على أزواجهن فقال عمر بن الخطاب: ذئر النساء وساءت أخلاقهن على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فاضربوا) فضرب الناس نساءهم تلك الليلة فأتى نساء كثير يشتكين الضرب فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح: (لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم) رواه النسائي في الكبرى (9167) وصححه ابن حبان (4189) قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى -: " فجعل لهم الضرب وجعل لهم العفو وأخبر أن الخيار ترك الضرب "ا. هـ الأم 5/ 112.
ضوابط ضرب الزوجة:
يحرم على الزوج ضرب زوجته ظلما بلا سبب ولو كان الضرب يسيرا فالظلم ظلمات يوم القيامة.
أن يقصد الزوج من ذلك تأديبها وتقويمها لا التشفي والانتقام منها.
((ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن)) وفي هذا المقام حث الزوج على أن يتّقي الله في معاملته معها دون ظلمٍ، أو جور، أو إنقاصٍ في المأكل والمشرب والمَلبس، فهي محبوسة عن التكسب لحق الزوج ((بالمعروف)) باعتبار حالكم فقرا وغنى أو بالوجه المعروف من التوسط الممدوح.
ولسماع الخطبة اضغط هنا: