السنة والعمل بها
تعريف السنة:
السنة في اللغة: الطريقة والسيرة المستمرة.
وهي في اصطلاح المحدثين: "ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خَلْقيّة، أو خُلُقيّة ... " وإنما جعلوها كذلك؛ لأنهم أهل العناية برواية الأخبار.
كقوله : (من كذب علي متعمدا فليتبؤا مقعده من النار)، وقوله: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين) ..
والفعل كما نقل عنه أنه لما سهى في الصلاة وقام في التشهد الوسط وسبح له الصحابة فأشار إليهم أن قوموا.
وما رواه مسلم عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كبر في الصلاة، سكت هنية قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال " أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ".
مثال المرفوع إقرارا: عن جابر، قال: «كنا نعزل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل».
مثال المرفوع فيه صفة خلقية للنبي - صلى الله عليه وسلم -: عن الجعيد، قال: سمعت السائب - رضي الله عنه - ، يقول: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، «فمسح راسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، وقمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، مثل زر الحجلة».
مثال المرفوع فيه صفة خلقية للنبي - صلى الله عليه وسلم -: عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».
فلم يترك الصحابة شيئا من أحوال النبي إلا نقلوه لنا يقول الشافعي : من ظن أن علم النبي اجتمع عند رجل فهو فاسق ومن ظن أن شيئا من سنة النبي فات الأمة فهو فاسق.
كيف وصلت إلينا السنة:
قال الإمام ابن المبارك: "إن الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
وأول من تلقى السنة هم الصحابة الكرام ، فحفظوها وفهموها ، وعلموا جملتها وتفصيلها ، وبلغوها - كما أمروا- إلى من بعدهم .
…ثم تلقاها التابعون ، وبلغوها إلى من يليهم ... وهكذا ، فكان الصحابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... ، ويقول التابعي : سمعت فلانا الصحابي يقول : سمعت النبي صلى الله عليه واله وسلم ، ويقول الذي يليه : سمعت فلانا يقول : سمعت فلانا الصحابي يقول : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم وهكذا.
ثم جاء عصر أتباع التابعين، فكثر الضعفاء، والمغفلون، والكذابون، والزنادقة، فنهض الأئمة لتبيين أحوال الرواة و تزييف ما لا يثبت، فلم يكن مصر من أمصار المسلمين إلا و فيه جماعة من الأئمة يمتحنون الرواة، و يختبرون أحوالهم و أحوال رواياتهم، و يتتبعون حركاتهم و سكناتهم تهم، ويعلنون للناس حكمهم عليهم.
جاء في مقدمة صحيح مسلم عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: " لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الإِسْنَادِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالُوا سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلاَ يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ ".
…استمر ذلك إلى القرن العاشر، فلا تجد فكتب الحديث اسم راو إلا وجدت في كتب الرجال تحقيق حاله، و هذا مصداق الوعد الإلهي - قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة ؟؟ قال: تعيش لها الجهابذة ، و تلا قول الله سبحانه و تعالى : }انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون {.
@ وبناء على أن الخبر لا يقبل إلا بعد معرفة سنده، فقد ظهر علم الجرح والتعديل، والكلام على الرواة، ومعرفة المتصل أو المنقطع من الأسانيد، ومعرفة العلل الخفية، وظهر الكلام في بعض الرواة لكن على قلة، لقلة الرواة المجروحين في أول الأمر و كان نشاط الأئمة في ذلك آية في من الآيات ؛ فمن أمثلة ذلك : قال العراقي في شرح ) مقدمة ابن صلاح ( روينا عن مؤمل أنه قال : حدثني شيخ بحديث فضائل القرآن سورة سورة - فقلت للشيخ : من حدثك ؟ فقال حدثني رجل بالمدائن وهو حي ، فصرت إليه ، فقلت : من حدثك ؟ فقال : حدثني شيخ بواسط ، وهو حي؛ فصرت إليه ، فقال : حدثني شيخ بالبصرة ، فصرت إليه ، فقال :حدثني شيخ بعبادان ، فصرت إليه، فأخذ بيدي ، فأدخلني بيتا ، فإذا فيه قوم من المتصوفة و معهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدثني ، فقلت يا شيخ من حدثك ؟ فقال لم يحدثني أحد ، و لكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن ، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن. لعل هذا الرجل قطع نحو ثلاثة أشهر مسافرا لتحقيق رواية هذا الحديث الواحد.
…طرق اختبار الرواة :
للأئمة في اختبار الرواة ؛ منها : النظر في حال الراوي في المحافظة على الطاعات و اجتناب المعاصي، و سؤال أهل المعرفة به.
قال الحسن بن صالح بن يحيى : كنا إذا أردنا أن نكتب عن الرجل سألنا عنه ، حتى يقال : أتريدون أن تزوجوه ؟؟ ومنها : أن يسمع الراوي عدة أحاديث ، فتحفظ أو تكتب ، ثم يسأل عنها بعد مدة ، و ربما كرر السؤال مرارا لينظر : أيغير أو يبدل أو ينقص ؟ أو تعرض على أحاديث الثقات.
ثم يقسمون الرواة تبعا لحفظهم وعدالتهم ويعطون كل قسم اسم هذا صحيح هذا ضعيف هذا حسن هذا حسن لغيره هذا مرسل هذا منقطع وهكذا فمن رام التحقق من صحة حديث عليه النظر في كتب الجرح والتعديل والرواة للحكم على الحديث فإن عجز قلد من يثق فيه من العلماء كالشيخ الألباني.
السنة مظلومة مع أمة محمد على مدار العصور:
حتى إن الرافضة قبحهم الله سلكوا هذا المسلك بعينه في رد السنن الثابتة المتواترة، فردوا قوله صلى الله عليه وسلم(لا نُورث ما تركنا صدقة ) وقالوا: هذا حديث يخالف كتاب الله ، قال تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) .
وردت الجهمية ما شاء الله من الأحاديث الصحيحة في إثبات الصفات بظاهر قوله ( ليس كمثله شيء ) .
وردت الجهمية أحاديث الرؤية مع كثرتها وصحتها بما فهموه من ظاهر القرآن في قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) .
وردت الخوارج من الأحاديث الدالة على الشفاعة ، وخروج أهل الكبائر من الموحدين من النار بما فهموه من ظاهر القرآن .
ومن ذلك: تجويز بعض الحنفية النكاح بلا ولي وهو محرم لقوله..
رد الحنفية لحديث المصراه.
وقد كان رجال من أفاضل الأمة -علما وعملا- من الكوفيين يعتقدون أن ما سوى العنب والتمر لا يحرم من نبيذه إلا مقدار ما يسكر ويشربون ما يعتقدون حله.
وروى الشيخان عن عمر بن الخطاب، على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " أما بعد أيها الناس، فإنه نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير - والخمر: ما خامر العقل –" وقد صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".
وكذلك ما نقل عن طائفة من فضلاء المدنيين من إتيان المحاش مع ما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من أتى امرأة في دبرها فهو كافر بما أنزل على محمد!}
حتى في عصرنا الحالي أحدنا إذا سمع بأن هذا هو السنة ظن أنه يسعه تركها مطلقا ولا يأثم وهذا خطأ محض.
- انواع الاحكام التي جاءت بها السنة :
النوع الأول : أحکام موافقة لاحكام القرآن ومؤكدة لها مثل حديث "لا يحل مال امريء مسلم الا بطيب من نفسه" فإنه موافق و مؤكد لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .
النوع الثاني : أحكام مبينة ومفصلة لمجمل القرآن وقد تأتي بأحكام جديدة غير مذكورة في القرآن:
لأن السنة مستقلة بتشريع الأحكام ، وإنها كالقرآن في ذلك ، وقد ثبت عنه عليه السلام أنه قال : « الا وإني أوتيت القرآن ومثله معه" - أي السنة - في وجوب اتباع احكامها . (إن هو إلا وحي يوحى).
قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة/38 ، مثال صالح لذلك ، فإن السارق فيه مطلقٌ كاليد ، فبينتِ السنَّة القوليَّة الأول منهما ، وقيدته بالسارق الذي يسرق ربع دينارٍ بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً ) - أخرجه الشيخان -
كما بينتِ الآخَرَ بفعله صلى الله عليه وسلم أو فعل أصحابه وإقراره ، فإنهم كانوا يقطعون يد السارق من عند المفصل ، كما هو معروف في كتب الحديث ، وبينت السنة القوليَّة اليد المذكورة في آية التيمم : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) النساء/43 و المائدة /6 بأنها الكف أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( التيمم ضربة للوجه والكفين ) أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما .
وإليكم بعض الآيات الأخرى التي لم يمكن فهمها فهماً صحيحاً على مراد الله تعالى إلا من طريق السنة :
1. قوله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) الأنعام /82 ، فقد فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله( بظلم ) على عمومه الذي يشمل كل ظلم ولو كان صغيراً ، ولذلك استشكلوا الآية فقالوا : يا رسول الله أيُّنا لم يلبس أيمانه بظلم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( ليس بذلك ، إنما هو الشرك ؛ ألا تسمعوا إلى قول لقمان : ( إن الشرك لظلم عظيم ) لقمان/13 ؟ ) أخرجه الشيخان وغيرهما .
2. قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) النساء/101 ، فظاهر هذه الآية يقتضي أن قصر الصلاة في السفر مشروط له الخوف ، ولذلك سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما بالنا نقصر وقد أَمِنَّا ؟ قال : ( صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) رواه مسلم -
3. قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) المائدة/3 ، فبينت السنة القولية أن ميتة الجراد والسمك ، والكبد والطحال ، من الدم حلال ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أحلت لنا ميتتان ودمان : الجراد والحوت - أي : السمك بجميع أنواعه - ، والكبد والطحال ) - أخرجه البيهقي وغيره مرفوعاً وموقوفاً ، وإسناد الموقوف صحيح ، وهو في حكم المرفوع ؛ لأنه لا يقال من قِبَلِ الرأي - .
4. قوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي مُحرَّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً، أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ) الأنعام/145 ، ثم جاءت السنَّة فحرمت أشياء لم تُذكر في هذه الآية ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير حرام ) ، وفي الباب أحاديث أخرى في النهي عن ذلك ، كقوله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر : ( إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الإنسية ؛ فإنها رجس ) - أخرجه الشيخان - . ، و كالحكم بشاهد ويمين ، وجواز الرهن في الحضر ، ووجوب الدية على العاقلة و ميراث الجدة ونحو ذلك".
5. قوله تعالى : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) الأعراف/32 ، فبينت السنة أيضاً أن من الزينة ما هو محرم ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوماً على أصحابه وفي إحدى يديه حرير ، وفي الأخرى ذهب ، فقال : ( هذان حرام على ذكور أمتي ، حلٌّ لإناثهم ) - أخرجه الحاكم وصححه - .
السنة أيضا بينت مقادير الزكاة وكيفية الصلاة ومواقيت الصلاة.
عن عبد الله قال : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت ، فقال : ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هو في كتاب الله ؟ فقالت : لقد قرأتُ ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنتِ قرأتيه لقد وجدتيه ؛ أما قرأت : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) الحشر/7 ؟ ، قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه ، قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه ، قال : فاذهبي فانظري ، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً ، فقال : لو كانتْ كذلك ما جامعَتنا . رواه البخاري ، ومسلم .
وجوب العمل بها:
اتفق المسلمون على أن السنة حجة يجب العمل بها بشرط ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يخالف في ذلك أحدٌ من أهل الإسلام. قال تعالى:
-{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .
_ {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} .
_ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
_ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} .
_ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .
- {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} .
ومن السنة:
روى الترمذي بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه. وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله ".
روى الشيخان عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله".
روى الشيخان عن أنس عن أنس مرفوعا: "من رغب عن سنتي فليس مني».
روى الشيخان عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
نماذج من حرص السلف على السنة :
لقد كان السلف الصالح شديدي الحرص على تتبع سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم
قال أبو بكر : لست تاركا شيئا من سنة النبي إني أخشي إن تركت شيئا أن أزيع.
قال سفيان يقول : ما بلغني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حديث قط إلا عملت به ولو مرة .
- روى مسلم في صحيحه حديث أُمَّ حَبِيبَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ». قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللّهِ .
- حديث عَلِي رضي الله عنه: أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى فِي يَدِهَا. وَأَتَى النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم سَبْيٌ. فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ. وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ. فَأَخْبَرَتْهَا. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم ، أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ إِلَيْهَا. فَجَاءَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم إِلَيْنَا. وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا. فَذَهَبْنَا نَقُومُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم : «عَلَى مَكَانِكُمَا» فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِي. ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْراً مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا، أَنْ تُكَبِّرَا اللّهَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ. وَتُسَبِّحَاهُ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ. وَتَحْمَدَاهُ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ. فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». رواه البخاري ومسلم
وفي رواية : قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ.
ومعلومٌ أن ليلة صفين ليلة دارت فيها معركة كان عليٌّ رضي الله عنه قائداً فيها ومع ذلك لم ينشغل عن هذه السنة .
- كان ابن عمر رضي الله عنه يصلي على الجنازة ثم ينصرف ولا يتبعها ظانَّاً أن هذا هو كمال السنة ولم يعلم بالفضل الوارد في إتباعها حتى تدفن فلما بلغه حديث أبي هريرة رضي الله عنه ندم على فوات السنة وتأمل ماذا قال . عن عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ وَقَّاصٍ ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِداً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. إذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ! أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ؟ إنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ. كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ. وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِنَ الاٌّجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ»؟ فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه خَبَّابَّاً إلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه . ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ: وَأَخَذَ ابْن عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ. حَتَّى رَجِعَ إلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ. فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الاٌّرْضَ . ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ. رواه البخاري ومسلم .
- حديث سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ قَرِيباً لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ . قَالَ فَنَهَاهُ وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللّهِ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ وَقَالَ: «إنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْداً وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوّاً. وَلكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ» قَالَ فَعَادَ فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ أَبَداً. رواه البخاري ومسلم
والخذف هو رمي الإنسان بحصاة أو نواة ونحوهما يجعلها بين أصبعيه السبابتين أو الإبهام والسبابة.
روى أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم فلما انصرف، قال: " لم خلعتم نعالكم؟ " فقالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت فخلعنا، قال: " إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعله، فلينظر فيها، فإن رأى بها خبثا فليمسه بالأرض، ثم ليصل فيهما "
لسماع الخطبة اضغط هنا