الميثاق الغليظ وكيفية الحفاظ عليه
قال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)} [النساء: 20، 21]
أي: إذا أراد أحدكم أن يفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها، فلا يأخذن مما كان أصدق الأولى شيئا، ولو كان شيئا كثيرا من المال.
الافضاء : الجماع. والمعنى: بأي وجه، ولأي سبب تفعلون هذا، وتتناسون أنه - جرى بينكم وبينهن ما يؤَكد حقهن فيما أخذنه صداقًا! فقد بذلت المرأة نفسها لزوجها، وجعلت ذاتها موضع تمتعه، وحصلت الألفة التامة، والمودة الكاملة بينهما. فكيف يليق بالعاقل أن يسترد منها شيئًا بذله لها بطيب نفس! إن هذا لا يليق بمن له طبع سليم، وذوق مستقيم.
{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}: عهدًا وثيقًا قويًّا.يوم تزوجتموهن على ما أخذه الله للنساء على الرجال، من إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان. قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. ومن ألجأ زوجته إلى الافتداء بصداقها، لم يكن تسريحه لها بإحسان، بل بالإساءة.
وقد أكدت السنة ما جاءت به الآية.
قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "وَاستَوصُوا بِالنِّسَاء خَيْرًا، فَإنَّكُمْ أخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانَةِ الله وَاستَحْلَلتُمْ فرُوجَهُن بِكَلِمَةِ الله".
الخِطبة:
الخِطبة: هي إظهار الرغبة في الزواج بامرأة معينة، وإعلام وليها بذلك.
ومن أحكام الخطبة وآدابها:
1 - تحرم خطبة المسلم على خطبة أخيه الذي أجيب لطلبه ولو تعريضاً، وعلم الثاني بإجابة الأول؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك) (4)؛ وذلك لما في التقدم للخطبة من الإفساد على الأول، وإيقاع العداوة.
2 - يحرم التصريح بخطبة المعتدة البائن؛ لقوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ) [البقرة: 235] فيجوز له التعريض، كأن يقول: وددت أن ييسر الله لي امرأة صالحة، أو: إني أريد الزواج، فنَفْي الحرج عن المعرِّض بالخطبة يدل على عدم جواز التصريح، فقد يحملها الحرص على الزواج على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها. وأما المعتدة الرجعية، فيحرم حتى التعريض؛ لأنها في حكم الزوجات.
3 - من استشير في خاطب أو مخطوبة وجب عليه أن يذكر ما فيهما من محاسن ومساوئ، ولا يكون ذلك من الغيبة، بل من النصيحة المرغب فيها شرعاً.
4 - الخطبة مجرد وعد بالزواج، وإبداء الرغبة فيه، وليست زواجاً، لذا يبقى كل من الخاطب والمخطوبة أجنبياً عن الآخر.
فلا يختلي بها لا خلوة تامة ولا غير تامة وتجلس امامه في وجود محرم عند الحاجة بزيها الشرعي كاملا ولا مهاتفات إلا عند الحاجة.
وعند فسخ الخطبة فتكون الهدايا المستهلكة من حق الفتاة والباقية من حق الخاطب وأما الشبكة فهي من المهر ومن حق الخاطب. وإن طالت المدة وتضررت المرأة فيعوضها بقدر الضرر.
حكم النظر إلى المخطوبة:
من أراد أن يخطب امرأة يشرع ويسن له النظر إلى ما يظهر منها عادة، كوجهها وكفيها؛ لحديث بي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنت عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار. فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أنظرت إليها؟)، قال: لا، قال: (فاذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً) والحكمة من ذلك: أن النظر أدعى لحظوتها في نفسه، ومن ثم أدعى للألفة والمحبة ودوام المودة بينهما، كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمغيرة وقد خطب امرأة: (انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤْدَمَ بينكما). أي: تكون بينكما المحبة والاتفاق.
وهذا الزواج له أركان وشروط لا يتم إلا بها وهي:
ركناه الإيجاب والقبول.
ويتم ذلك بأن يقول الزوج الخاطب أو وكيله في العقد زوجني ابنتك أو موكلتك فلانة وهذا طلب، وقول الولي لقد زوجتك ابنتي أو موكلتي فلانة، وهذا إيجاب. ويقول الزوج أو وكيله قبلت زواجها لنفسي أو لمن وكلني بذلك وهذا هو القبول.
**ويصح النكاح هزلا؛ لحديث «ثلاث هزلهن جد وجدهن جد الطلاق والنكاح والعتق» رواه الترمذي.
وشروطه رضى الزوجين، وإذن الثيب: الكلام وإذن البكر الصمات.
لحديث أبي هريرة مرفوعا «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» متفق عليه.
حم عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ يَرْفَعُ بِي خَسِيسَتَهُ " فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا " قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ".
الولي وشرط فيه ذكورية وعقل وبلوغ وحرية واتفاق دين وعدالة ولو ظاهرة ورشد وهو معرفة الكفء ومصالح النكاح. لحديث أبي موسى مرفوعا «لا نكاح إلا بولي» رواه الخمسة إلا النسائي وبه يتبين حرمة الزواج العرفي أو الذي بلا ولي ولا فرق بين الثيب والبكر في الشرع.
والأحق بتزويج الحرة أبوها وإن علا فابنها وإن نزل فالأخ الشقيق فالأخ للأب ثم الأقرب فالأقرب كالإرث.
فلو زوج الولي الأبعد بلا عذر للأقرب لم يصح.
الشهادة فلا ينعقد إلا بشهادة ذكرين مكلفين مسلمين عدلين ولو ظاهرا غير أصلي الزوجين وفرعيهما.
خلو الزوجين من الموانع بأن لا يكون بهم أو بأحدهما ما يمنع التزويج من نسب أو سبب. كرضاع، ومصاهرة، أو اختلاف دين، بأن يكون مسلما وهي مجوسية، أو كونها في عدة، أو أحدهما محرما.
الأنكحة المحرمة:
1. نكاح المتعة: وهي النكاح إلى أجل مسمى قريباً أو بعيداً للحديث المتفق عليه وهو قول علي رضي الله عنه "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية".
2. نكاح الشغار: وهو أن يزوج ولي وليته من رجل على شرط أن يزوجه هو وليته، وسواء ذكر لكل صداقا أو لم يذكر، وذلك لقول النبي صلى الله عليه: "لا شغار في الإسلام".
3. نكاح المحلل وهو أن تطلق المرأة ثلاثا فتحرم على زوجها فيتزوجها رجل آخر بقصد أن يحلها لزوجها، لقول ابن مسعود رضي الله عنه "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له". 4. نكاح المحرم بحج أو عمرة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا ينكح المحرم ولا ينكح" .
5. نكاح في العدة، وهو أن يتزوج الرجل المرأة وهي في عدة من طلاق أو وفاة، وذلك لقول الله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}.
6. النكاح بلا ولي، وهو أن يتزوج الرجل المرأة بدون إذن وليها، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
7. نكاح الكافرة غير الكتابية، لقول الله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} 2 أي تدخل في الإسلام، كما لا يحل لمسلمة أن تتزوج كافرا مشركا كان أو كتابيا لقوله تعال: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}.
@@@@@@@@@@@@ الخطبة الأولى
الطلاق:
إن الطلاق شرعاً هو حل العصمة الزوجية.
والطلاق مشروع قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [البقرة: 229].
وقال: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].
وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1].
وقد طلق صلى الله عليه وسلم حفصة.
وقد يكون الطلاق واجبا عند زنا المرأة أو تحقق عدم القيام بحدود الله.
وينقسم من ناحية حكمه إلى طلاق سني وطلاق بدعي.
الطلاق السني: وهو أن يطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه.
الطلاق البدعي: وهو أن يطلقها ثلاثا ولو بكلمات أو في الحيض أو في طهر وطئ فيه ولو بواحدة وهو حرام ويقع.
وقد جاء في حديث ابن عمر المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما طلق ابن عمر امرأته وهي حائض أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم هو بالخيار بين إمساكها أو طلاقها.
وينقسم من ناحية اللفظ إلى صريح وكناية:
صريحه: لا يحتاج إلى نية وهو: لفظ الطلاق.
فإذا قال لزوجته: أنت طالق طلقت هازلا كان أو لاعبا أو لم ينو.
وكنايته لا بد فيها من نية الطلاق. حبلك على غاربك وتزوجي من شئت وحللت للأزواج ولا سبيل لي عليك أو لا سلطان اخرجي واذهبي واعتدي واستبرئي واعتزلي والحقي بأهلك ولا حاجة لي فيك.
الطلاق المعلق يقع عند وقوع المعلق عليه.
الظهار: كان طلاقا في الجاهلية وأصبح في الإسلام يمينا مكفرة الفقه الميسر 320
وتحريم الزوجة. له ثلاثة أحكام.
وينقسم من ناحية الرجعة وعدمها لطلاق رجعي وبائن.
الأول: الطلاق الرجعي:
وهو الذي يملك الزوج فيه مراجعة زوجته ما دامت في العدة بمحض إرادته سواء رضيت الزوجة أو لم ترض دون الحاجة إلى عقد ومهر جديدين.
الثاني: الطلاق البائن:
وينقسم على قسمين: طلاق بائن بينونة صغرى، وطلاق بائن بينونة كبرى، فأما الأول فيقصد به: ما لا يملك الزوج فيه أن يرجع مطلقته إليه إلا بعقد ومهر جديدين، وفيه ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن تنتهي عدة المطلقة طلاقاً رجعياً، فتنتقل إلى الطلاق البائن بينونة صغرى.
الصورة الثانية: أن يطلق زوجته التي عقد عليها قبل الدخول بها.
الصورة الثالثة: أن يقع فراق بينهما بخلع.
وأما الطلاق البائن بينونة كبرى، فهو الذي لا يملك فيه الزوج إرجاع مطلقته لا في عدتها ولا بعد انتهاء عدتها إلا بعقد ومهر جديدين، وبعد أن تكون قد نكحت زوجاً آخر ودخل بها هذا الزوج بعقد شرعي صحيح، ثم فارقها بموته أو طلاقه، ثم انتهت عدتها منه.
من الحيل في الطلاق:
الطلاق كتابة عند المأذون بدون تلفظ لتأخذ المرأة معاش والدها وهنا يقع الطلاق لقيام الكتابة مقام التلفظ وهذا المال مأخوذ بدون وجه شرعي.
ولسماع الخطبة اضغط هنا