بر الوالدين
البر بالوالدين اصطلاحا:
الإحسان إلى الوالدين والتّعطّف عليهما والرّفق بهما والرّعاية لأحوالهما وعدم الإساءة إليهما، وإكرام صديقهما من بعدهما.
م عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» .
البر بالوالدين أو أحدهما من صفة الأنبياء:
{ يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (14) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)} .
{قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (32) }.
من فوائد (بر الوالدين):
بر الوالدين والإحسان إليهما تنفيذا لأمر المولى- عز وجل- به إلا في الكفر:
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً .
{وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً (23)}.
{وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (24) }
{وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) }
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)}
عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «رضا الرّبّ في رضا الوالد، وسخط الرّبّ في سخط الوالد» ) .
عن معاوية بن حيدة- رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله! من أبرّ؟ قال: «أمّك» . قال: قلت: ثمّ من؟، قال: «أمّك» . قال: قلت: ثمّ من؟ قال: «أمّك» ، قال: قلت: ثمّ من؟ قال: «ثمّ أباك ثمّ الأقرب فالأقرب».
(2) من أفضل العبادات وأجلّ الطّاعات.
1-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ العمل أحبّ إلى الله عزّ وجلّ؟ قال: «الصّلاة على وقتها» . قال: ثمّ أيّ؟ قال: «برّ الوالدين» . قال: ثمّ أيّ؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» ).
-(عن أنس- رضي الله عنه- قال: أتى رجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: إنّي أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه. قال: هل بقي من والديك أحد؟ قال: أمّي. قال: «قابل الله في برّها فإذا فعلت ذلك فأنت حاجّ ومعتمر ومجاهد، فإذا رضيت عنك فاتّق وبرّها» .
(3) طريق موصّل إلى الجنّة.
-عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- قال: إنّ رجلا أتاه، فقال: إنّ لي امرأة وإنّ أمّي تأمرني بطلاقها. فقال أبو الدّرداء: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الوالد أوسط أبواب الجنّة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه» ) .
-عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ودخلت الجنّة فسمعت فيها قراءة، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النّعمان كذلكم البرّ، كذلكم البرّ» وكان أبرّ النّاس بأمّه) .
-عن معاوية بن جاهمة السّلميّ- رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت يا رسول الله إنّي كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدّار الاخرة. قال: «ويحك أحيّة أمّك؟» قلت: نعم. قال: «ارجع فبرّها» ، ثمّ أتيته من الجانب الاخر، فقلت يا رسول الله: إنّي كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه الله والدّار الاخرة.قال: «ويحك، أحيّة أمّك؟ قلت: نعم يا رسول الله.قال: «فارجع إليها فبرّها» ، ثمّ أتيته من أمامه فقلت:يا رسول الله: إنّي كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدّار الاخرة. قال: «ويحك، أحيّة أمّك؟» قلت: نعم يا رسول الله. قال: «ويحك الزم رجلها فثمّ الجنّة» )
-(عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ خير التّابعين رجل يقال له أويس وله والدة، وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم» .
وفي رواية: كان عمر بن الخطّاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟
حتّى أتى على أويس، فقال: أنت أويس بن عامر؟قال نعم، قال: من مراد ثمّ من قرن ؟ قال: نعم.
قال: فكان بك برص فبرأت منه إلّا موضع درهم؟ قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثمّ من قرن، كان به برص فبرأ منه إلّا موضع درهم، له والدة هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» ، فاستغفر لي، فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء النّاس أحبّ إليّ".
-برّ الوالدين يفرّج الكرب.
-عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بينما ثلاثة نفر يتمشّون أخذهم المطر. فأووا إلى غار في جبل، فانحطّت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعلّ الله يفرجها عنكم «2» . فقال أحدهم: اللهمّ إنّه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم «3» حلبت، فبدأت بوالديّ فسقيتهما قبل بنيّ، وأنّه نأى بي ذات يوم الشّجر فلم آت حتّى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رءوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصّبية قبلهما، والصّبية يتضاغون «5» عند قدميّ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتّى طلع الفجر. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة نرى منها السّماء، ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السّماء. .. الحديث.
صور من بر الوالدين:
وهذا إسماعيل بن إبراهيم - عليهما السلام - يضرب أروع أمثلة البر في تاريخ البشرية؛ وذلك عندما قال له أبوه: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102]
فماذا كان رد ذلك الولد الصالح؟ هل تباطأ أو تكاسل، أو تردد وتثاقل؟ لا، بل قال كما أخبر الله تعالى عنه: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102]
وقد ورد أن إبراهيم - عليه السلام - لما تيقن مما رأى في منامه قال لابنه: يا بني خذ الحبل والمدية، وانطلق إلى هذا الشعب نحتطب، فلما خلا به في شعب (ثبير) أخبره بما أمر به، فلما أراد ذبحه قال له: يا أبت اشدد رباطي؛ حتى لا أضطرب، واكفف عني ثيابك؛ حتى لا يصيبها الدم فتراه أمي، واشحذ شفرتك، وأسرع في السكين على حلقي؛ ليكون أهون علي، وإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني.
قال إبراهيم: نعم العون أنت يا بني، ثم أقبل عليه وهما يبكيان، ثم وضع السكين على حلقه، فلم تحز، فشحذها مرتين أو ثلاثا بالحجر فلم تقطع، فقال الابن عند ذلك: يا أبت كبني على وجهي؛ فإنك إن نظرت إلى وجهي رحمتني، وأدركتك رقة تحول بينك وبين أمر الله - تعالى - وأنا لا أنظر إلى الشفرة فأجزع، ففعل ذلك إبراهيم - عليه السلام - ووضع السكين على قفاه فانقلب السكين ونودي: {يَا إِبْرَاهِيمُ - قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 104 - 105].
-عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: زار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبر أمّه، فبكى وأبكى من حوله فقال: «استأذنت ربّي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنّها تذكّر الموت» ) * «4» .
-عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كنت أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى عليّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أمّ أبي هريرة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ اهد أمّ أبي هريرة» فخرجت مستبشرا بدعوة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا جئت فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف فسمعت أمّي خشف قدميّ ، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء . قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثمّ قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال: قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أمّ أبي هريرة.
فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا. قال: قلت يا رسول الله ادع الله أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين ويحبّبهم إلينا. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ حبّب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة- وأمّه إلى عبادك المؤمنين وحبّب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلّا أحبّني) .
-عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ أمّه كانت في بيت وهو في آخر، فإذا أراد أن يخرج وقف على بابها فقال: السّلام عليك يا أمّاه ورحمة الله وبركاته. فتقول: وعليك يا بنيّ ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربّيتني صغيرا. فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيرا) .
-عن أبي عبد الرحمن الحنفي قال: رأى كهمس بن الحسن عقربا في البيت فأراد أن يقتلها، أو يأخذها، فسبقته، فدخلت في جحر، فأدخل يده في الجحر ليأخذها، فجعلت تضربه، فقيل له ما أردت إلى هذا؟ قال: خفت أن تخرج من الجحر، فتجيء إلى أمي، فتلدغها .
وهذا أبو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو المسمى بزين العابدين، وكان من سادات التابعين - كان كثير البر بأمه، حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولا نراك تؤاكل أمك، فقال: أخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه، فأكون قد عققتها ".
-عن ابن عون المزني أن أمه نادته، فأجابها، فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتين ".
-قال أبو موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- شهد ابن عمر- رضي الله عنهما- رجلا يمانيّا يطوف بالبيت حمل أمّه وراء ظهره يقول:
إنّي لها بعيرها المذلّل ... إن أذعرت ركابها لم أذعر
ثمّ قال: يا ابن عمر أتراني جزيتها قال: «لا، ولا بزفرة واحدة» ).
وقال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت أطلب أعق الناس وأبر الناس، فكنت أطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل، في الهاجرة والحر الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء - حبل - من قد (جلد مدبوغ) ملوي يضربه به، وقد شق ظهره بذلك الحبل. فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من مد هذا الحبل حتى تضربه؟
قال: إنه مع هذا أبي، قلت: فلا جزاك الله خيرا.
قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وكذا كان أبوه يصنع بجده، فقلت: هذا أعق الناس.
ثم جلت حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زبيل فيه شيخ كأنه فرخ، فكان يضعه بين يديه في كل ساعة فيزقه كما يزق الفرخ، فقلت: ما هذا؟ قال: أبي وقد خرف، وأنا أكفله، قلت: هذا أبر العرب.
الخطبة الأولى.
رابعاً: أنواع البر التي يوصل بها الوالدان بعد موتهما، كثيرة متنوعة:
-عن أبي أسيد السّاعديّ- رضي الله عنه- قال: فيما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصّلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرّحم الّتي لا توصل إلّا بهما، وإكرام صديقهما» .
ولنذكر منها على سبيل المثال ما يأتي:
1 - الاستغفار لهما؛ لقول الله تعالى ذاكراً دعاء إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (2).
وقال تعالى ذاكراً دعاء نوح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} (3)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة, فيقول: يا ربّ أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك)) (1).
-عن بريدة- رضي الله عنه- قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ أتته امرأة فقالت: إنّي تصدّقت على أمّي بجارية وإنّها ماتت. قال: فقال: «وجب أجرك وردّها عليك الميراث» قالت: يا رسول الله، إنّه كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال: «صومي عنها» ، قالت: إنّها لم تحجّ قطّ، أفأحجّ عنها؟، قال: «حجّي عنها» )
2 - الدعاء لهما؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له)).
3 - الديون لله تعالى الواجبة: من الكفارات، والنذور، وفرض الحج والعمرة، والصوم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: أن امرأة نذرت أن تصوم شهراً، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها إما أختها أو ابنتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: ((أرأيتك لو كان عليها دَين كنتِ تقضينه؟)) قالت: نعم، قال: ((فدَين الله أحقُّ أن يقضى)) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة رضي الله عنها: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه)). وأما الفرض فيطعم عنه.
تنفيذ وصيتهما إن كان لهما وصية، الثلث فأقل؛ وإنفاذ الوصية واجب، والإسراع بالتنفيذ: إما واجب أو مستحب، فإن كانت في واجب فللإسراع في إبراء الذمة، وإن كانت في تطوع؛ فللإسراع في الأجر لهما، وينبغي أن تنفذ قبل الدفن. {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12].
- صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما؛ لحديث أبي بردة رضي الله عنه قال: ((قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر، فقال: أتدري لِمَ أتيتك؟ قال: قلت: لا، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده)) وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاءٌ ووُدٌّ، فأحببت أن أصل ذاك))
- إكرام صديقهما من بعدهما:
-عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: إنّ رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكّة فسلّم عليه عبد الله وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه. فقال ابن دينار فقلنا له: أصلحك الله إنّهم الأعراب وإنّهم يرضون باليسير. قال عبد الله: إنّ أبا هذا كان ودّا لعمر بن الخطّاب، وإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ أبرّ البرّ صلة الولد أهل ودّ أبيه» ) .
وإذا كان من الإحسان إلى الميت الإحسان إلى أصدقائه فالوالد والوالدة أولى بذلك الإحسان بعد موتهما؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على امرأةٍ من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غرتُ على خديجة؛ لكثرة ذكره إيَّاها، وما رأيتُها قط، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح الشاة، يقول: ((أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة)) فأغْضَبْتُهُ يوماً فقلتُ: خديجة؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((قد رُزقتُ حبَّهَا)) وفي لفظ: (( ... وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها)) .
- الصدقة عنهما؛ لحديث سعد بن عبادة رضي الله عنه، أن أمه توفيت، فقال: يا رسول الله! إن أُمي تُوفِّيتْ وأنا غائب عنها، أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: ((نعم)) قال: فإني أشهِدُك أن حائطي المخراف (المثمر) صدقةٌ عليها)).
- قراءة القرآن والصلاة عنهما لا تقبل
ولسماع الخطبة اضغط هنا
https://drive.google.com/open?id=1eXH91mM45aMzaJDdgnNOJBXSW-Gghv5G