جديد الموقع: كيف أتفوق في دراستي؟
1. اعتـزلْ ذِكـرَ الأَغَاني والغـَزَلْ * * * وقُلِ الفَصْـلَ وجانبْ مـَنْ هـَزَلْ
2. ودَعِ الـذِّكـرَى لأيـامِ الصِّبـا * * * فَـلأَيـامِ الصِّبـا نجَـمٌ أفَـلْ
3. إنْ أَهنـا عـِيشـةٍ قَضَّيتُهـا * * * ذَهبـتْ لـذَّاتُهـا وَالإثـمُ حَـلْ
4. واتـرُكِ الغـادَةَ لاَ تحفــلْ بهـا * * * تمُـسِ فـي عِـزٍّ رفيـعٍ وتُجَـلْ
5. وَافتَكـرْ فـي مُنتهَى حُسنِ الْذَّي * * * أنْـتَ تهَـواهُ تجـدْ أمـراً جَلَـلْ
6. وَاهجُـرِ الخْمَـرةَ إنْ كُنتَ فـتىً * * * كَيفَ يَسعى فـي جُنـونٍ مَنْ عَقَـلْ
7. واتَّـقِ اللهَ فَتقـوْى اللهِ مَـا * * * جاورتْ قَلبَ امـريءٍ إلا وَصَـلْ
8. لَيـسَ مـنْ يَقطعُ طُـرقاً بَطـلاً * * * إنمـا مـنْ يتَّقِـي اللهَ البَطَـلْ
9. صـدِّقِ الشَّـرعَ وَلاَ تـركنْ إِلى * * * رَجلٍ يَـرَّصِـدُ فـي الْلَّيل زُحـلْ
10. حَـارتِ الأَفْكارُ فـي حِكمةِ مَنْ * * * قَـدْ هَـدانـا سبْلنـا عـزَّ وجَـلْ
11. كُتِـبَ المـوتُ على الخَلقِ فكمْ * * * فَـلَّ مِـن جَيـشٍ وأَفنَى مِـنْ دُوَلْ
12. أيـنَ نمـُرودُ وَكَنعـان ُ ومَـنْ * * * مـَلَكَ الأرْضَ وَوَلـىَّ وعَـزَلْ
13. أَينَ عـادٌ أَيـنَ فِـرعَـونُ وَمَنْ * * * رَفـعَ الأَهَـرامَ مِـنْ يسمعْ يَخَـلْ
14. أَيـنَ مَـنْ سَـادوا وشَادوا وبَنَوا * * * هَلَكَ الكُـلُّ و َلـم تُغـنِ القُلَـلْ
15. أَيـنَ أرْبـابُ الحِجَى أَهْـلُ النُّهى * * * أَيـنَ أهْـلُ العلـمِ والقـومُ الأوَلْ
16. سيُعيــدُ اللهُ كُـلاً مِنهـمُ * * * وَسيَجـزِي فَاعِـلاً مـا قـد فَعَـلْ
17. أيْ بُنـيَّ اسمـعْ وَصَايَا جَمعَـتْ * * * حِكمـاً خُصَّـتْ بهـِا خَـيرُ المِللْ
18. أُطلـبِ العِلـمَ وَلاَ تَكسَـلْ فَمَا * * * أَبعـَدَ الخْـيرَ عَلى أهـلِ الكَسَـلْ
19. وَاحتَفِـلْ للفقهِ فـي الـدِّينِ وَلا * * * تَشَّتغِـلْ عَنـهُ بمِـالٍ وخَـوَلْ
20. وَاهْجُـرِ النَّـومَ وَحصِّلهُ فمـنْ * * * يَعـرفِ المْطلُـوْبَ يَحقِـرْ ما بَـذَلْ
21. لاَ تَقـلْ قَـدْ ذَهَبـتْ أربـابُهُ * * * كُلُّ مِـنْ سارَ عَلى الـدَّربِ وَصْـلْ
22. فـي ازدِيـادِ العِلمِ إِرغْامُ العِدى * * * وَجمَـالُ الْعِلـمِ إِصـلاَحُ الْعَمـلْ
23. جَمِّـلِ المَنطِـقَ بالنَّحـو فَمـنْ * * * يحُـرَمِ الإِعـرْابَ بالنُّطـقِ اخَتَبـلْ
24. انظُـمِ الشِّعـرَ وَلاَزِمْ مَـذْهَبِـي * * * فـي اطَّـراحِ الرَّفد لاَ تبغِ النَّحَـلْ
25. فَهـوَ عُنـوانٌ عَلَى الْفَضـلِ وَمَا * * * أحَسـنَ الشِّعـرَ إِذْا لـمَ يُبتـذلْ
26. مَاتَ أهـلُ الْفَضـلِ لم يَبقَ سِوى * * * مُقرفٍ أَوْ مَـنْ عَلَى الأَصْـلِ اتَّكـلْ
27. أَنَـا لاَ أَخَتَـارُ تَقبِيـلَ يـدٍ * * * قَطْعُهـا أَجمْـلُ مِـنْ تـِلكَ القُبَـلْ
28. إِنْ جَزتْني عَنْ مَديحِي صِرتُ فـي * * * رقِّهـا أَوْ لاَ فَيكفِيـني الخَجَـلْ
29. أَعـذْبُ الأَلْفَاظِ قَولي لَكَ: خُـذْ * * * وَأمَـرُّ الْلفـظِ نُطقـي بِلَعَـلّْ
30. مُلكُ كِسـرى عَنهُ تُغني كِسْرةٌ * * * وَعنِ الْبحْـرِ اجْتـزاءٌ بـالـوَشـلْ
31. اَعتـَبر " نحَـن قَسَمنّـَا بَيَنَهُـمُ " * * * تَلقَـهُ حَقَـا ً وَبـِالحْـقِ نَـزْلْ
32. لَيـسَ مَا يَحْـوي الْفَتى مِنْ عَزمِهِ * * * لاَ وَلاَ مـَا فَاتَ يَـومـاً بِالكْسَـلْ
33. اطْـرَحِ الـدُّنيا فَمـنْ عَـادَاتهِا * * * تَخفِـضُ العاليْ وتُعلـي مَـنْ سَفَـلْ
34. عَيشةُ الـرَّاغـبِ فـي تحَصِيلِها * * * عَيشَـةُ الجْـاهـلِ فِيهْـا أَوْ أقْـلْ
35. كَـمْ جَهـولٍ بَاتَ فَيها مُكثـراً * * * وَعَليـمٍ بَـاتَ مِنهـا فـي عِلَـلْ
36. كَـمْ شُجاعٍ لم يَنـلْ فيها المُـنى * * * وَجَبـانٍ نَـالَ غـايـاتِ الأَمْـلْ
37. فَاتـركِ الحْيلَةَ فِيهَا وَاتَّكِـلْ * * * إِنمـا الحْيلَـةُ فـي تَـركِ الحِيَـلْ
38. أيُّ كَـفٍّ لمْ تَنـلْ مِنها المُـنى * * * فَـرْمَـاهَـا اللهُ مِنـهُ بـالشَّلَـلْ
39. لاَ تَقُـلْ أَصْلـي وَفَصلي أَبـداً * * * إِنما أصْـلُ الفَـتى مَـا قَـدْ حَصَـلْ
40. قَـدْ يسُـودُ المرءُ مِنْ دُونِ أبٍ * * * وَبِحُسـنِ السَّبْـكِ قـدْ يُنفَى الدَّغَلْ
41. إِنما الْـوردُ مِـنَ الشَّـوكِ وَمَا * * * يَنبُـتُ النَّـرجِـسُ إِلاَ مِـنْ بَصَـلْ
42. غَـيرَ أَنـي أَحمـدُ اللهَ عَلـى * * * نَسـبي إِذْ بِـأَبِـي بِكَـرِ اتَّصـلْ
43. قِيمـةُ الإِنْسـانِ مَـا يُحسنُهُا * * * كثَّـرَ الإنِسـانُ منـهُ أمْ أقَـلْ
44. أُكْتمِ الأَمـرينِ فقـراً وغَنِـى * * * وَاكسَب الفَلْسَ وَحَاسِب منْ مطَـلْ
45. وَادَّرع جِـدا ً وكَـداً واجتنبْ * * * صُحبـةَ الحْمقـى وَأَرْبـابُ الخَلَـلْ
46. بَـينَ تَبـذيـرٍ وبُخـلٍ رُتبةٌ * * * وَكِـلاَ هَـذيـنِ إنْ زادَ قَتَـلْ
47. لاَ تخُضْ فـي حَقِ سَاداتٍ مَضَوا * * * إِنهـم لَيسُـوا بـأهْـلِ للـزَّلَلْ
48. وَتَغَاضَـى عَـنْ أُمـورٍ إِنهُ * * * لم يفُـزْ بـِالحْمـدِ إِلاَ مَـنْ غَفَـلْ
49. لَيسَ يخَلُـو المْـرءُ مِنْ ضدٍّ وَلَو * * * حَـاوْلَ العُـزلـةَ فـي رَأسِ الجبَـلْ
50. مِـلْ عَنْ النَمَّامِ وازجُـرْهُ فَمَا * * * بلَّـغَ المْكـروهَ إلا مَـنْ نَقَـلْ
51. دارِ جارَ السَّـوءِ بِالصَّبرِ وإنْ * * * لمْ تجـدْ صَـبراً فَمـا أحَلـى النُّقَـلْ
52. جَانِبِ السُّلطانَ واحذرْ بَطشَهُ * * * لاَ تُعـانِـدْ مَـنْ إِذْا قـالَ فَعَـلْ
53. لاَ تَلِ الأحَكامَ إِنْ هُمْ سَأَلْـوا * * * رَغبـةً فيـكَ وَخَالفْ مَـنْ عَـذَلْ
54. إنَّ نِصـفَ النَّاسِ أَعَـداءٌ لمنْ * * * وُلـيَ الأَحكَـامَ هَـذْا إِنْ عَـدَلْ
55. فَهُـوُ كَالمحَبُوسِ عـَنْ لـذَّاتهِ * * * وَكِـلاَ كفّيـهِ فـي الحْشـرِ تُغَـلْ
56. إِنَّ لِلنقـصِ والاسَتْثِقال ِ فـي * * * لَفظَـةِ الْقَاضِـي لَـوَعظاً أَوْ مَثَـلْ
57. لاَ تُـوازى لَـذةُ الحُكـمِ بمِا * * * ذَاقَهُ الشَّخـصُ إِذْا الشَّخـصُ انعـزْلْ
58. فَالْـوِلاَيَاتُ وَإِنْ طَابتْ لمـنْ * * * ذاقَهـا فَالسُّـمُّ فـي ذَاكَ العَسَـلْ
59. نَصَبُ المنصِبِ أَوْهى جَلَـدي * * * وَعَنـائـي مَـنْ مُـداراةِ السَّفَـلْ
60. قَصِّـرِ الآمالَ فـي الدُّنيا تفُزْ * * * فَـدْليـلُ الْعَقـلِ تقصـيرُ الأَمْـلْ
61. إِنْ منْ يطلِبهُ المْـوتُ عَلـى * * * غِـرَّةٍ مِنـهُ جَـديـرٌ بِـالـوَجَـلْ
62. غِبْ وزُرْ غِبَّا َ تـزِد ْ حُبَّاً فَمنْ * * * أكثـرَ التَّـردَادَ أَقصـاهُ المَلَـلْ
63. لاَ يَضُرُّ الْفَضـلَ إِقـلالٌ كَما * * * لاَ يَضـرُّ الشَّمـسَ إطْبـاقُ الطَّفَـلْ
64. خُذْ بِنصْلِ السَّيفِ واتركْ غِمدهُ * * * واعتـبرْ فَضـلَ الفـتى دونَ الحُلُـلْ
65. حُبُّكَ الأوْطانَ عَجـزٌ ظَاهِـرٌ * * * فَاغْتـربْ تلـقَ عَـنْ أَهْـلٍ بَـدَلْ
66. فَبمُكـثِ المَاءِ يَبقـى آسِنـاً * * * وَسُـرى البـدرِ بهِ الْبـدرُ اكتمـلْ
67. أيُّهْا الْعَائِـبُ قُـولـي عبثـاً * * * إِن طيـبَ الْـوردِ مُـؤذٍ لِلجُعـلْ
68. عَدِّ عَن أسهُمِ قَـولي وَاستتـِرْ * * * لاَ يُصيبنَّـكَ سَهـمٌ مِـن ثُعَـلْ
69. لاَ يَغـرَّنَّكَ لَيْـنٌ مِـنْ فـتىً * * * إنَّ لِلحيَّـاتِ لينـاً يُـعتـزلْ
70. أَنـا مِثـلُ المْاءِ سَهَـلٌ سَائـغٌ * * * وَمـتى سُخِّـنَ آذى وقَتَــلْ
71. أَنا كَالخيَـزور صَعبٌ كسْـرهُ * * * وَهُـوْ لَـدْنٌ كَيفَ ما شِئتَ انفتَـلْ
72. غَيرَ أنـيّ َ فـي زَمانٍ مَـنْ يكنْ * * * فيهُ ذَا مَـالٍ هُـوْ المـولَى الأَجـلْ
73. وَاجبٌ عِنـد الْورى إكـرامُـهُ * * * وَقليـلُ المـالِ فيهـم ْ يُستقـلْ
74. كُلُّ أهـلِ العصـرِ غمـرٌ وَأَنَا * * * مِنهُـمُ فَـاتـرُّكِ تَفَاصِيـلَ الجُمَـلْ
75. وَصـلاةُ اللهِ ربـي كُلَّمـا * * * طَلَـعَ الشَّمـسُ نهَـاراً وَأَفْـلْ
76. لِلذِّي حَازَ العُلى مِـنْ هَـاشِمٍ * * * أحمَـدَ المُختـارِ مَـنْ سَـادَ الأَوْلْ
77. وعـلـى آلٍ وصـحـبٍ سـادةٍ * * * لـيـسَ فـيـهـمْ عاجـزٌ إلا بَـطَـلْ
__________________
التعريف بلامية ابن الوردي
فهذه لامية مشهورة من أجمل اللاميات الإرشادية، وهي عبارة عن نصائح شرعية وأخلاقية واجتماعية وسياسية وآداب وحكم وتجارب يومية ناظمها هو الشيخ الفقيه النحوي القاضي المؤرخ زين الدين أبو حفص عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري البكري نسبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، المشهور بابن الوردي، من شعراء القرن الثامن الهجري.
وقد ولد في المعرة غرب مدينة حلب بالشام زمن المماليك سنة 689 هـ، وخالف الزركلي فقال: إنه ولد سنة 691 هـ.
وكان من علماء اللغة العربية والنحو والفقه والأدب والتاريخ، كما دل على ذلك تلك المصنفات المتنوعة له، وقد اشتهر بالزهد والورع وحسن الخلق وطيب المعشر، فكانت له مهابة في قلوب معاصريه.
تولى القضاء في منبج وشيزر وحلب، ثم ما لبث أن ترك ذلك كله وعزل نفسه لمنام رآه، وكتب أبياتاً في ذم القضاء وأهله، ثم اشتغل بالتعليم والتأليف حتى شاع ذكره وطار صيته في البلدان، وقد توفي بالطاعون سنة 947 هـ لمزيد من الترجمة، راجع: الأعلام، والدرر الكامنة.
شرح الأبيات
اعتزل ذِكرَ (الأغاني) الغواني والغَزَلْ * * * وقُلِ الفَصْلَ وجانبْ مَـنْ هَزَلْ
ودَعِ الـذِّكـرَ(ى) لأيـامِ الصِّبا * * * فـلأيـامِ الصِّبـا نَـجمٌ أفَـلْ
إنْ أهنا [أحلى] عيـشةٍ قـضيتُهـا * * * ذهـبتْ لذَّاتُهـا والإثْـمُ حَـلّ
واتـرُكِ الغادَةَ لا تحفلْ بها * * * تُـمْسِ فـي عِزٍّ رفيعٍ [وترفع] وتُجَلّ
واله عن آلآت لهو أطربت * * * وعن الأمرد مرتج الكفل
إن تبدى تنكسف شمس الضحى * * * وإذا ما ماس يزري بالأسل
شرح المفردات:
1. الاعتزال: بمعنى التنحي والترك.
الغواني: النساء المستغنيات بحسنهن وجمالهن عن الزينة.
الفصل: الحق.
هزل: القول العبث الذي لا فائدة فيه.
2. ودع: واترك.
الذكر(ى): الذكر باللسان أو التذكر بالقلب.
الصبا: الصغر.
أفل: بمعنى ذهب وغاب.
3. قضيتها: أفنيتها في اغتراف الذنوب والسيئات.
4. الغادة من الغيد وهي المرأة اللينة الناعمة.
ولا تحفل بها: أي لا تجتمع بها ولا تخل معها في أي موضع ولا تكلمها إلا بقدر الحاجة.
تمس: أي تصر في عز وتتصف به.
ترفع: أي ترفع قدرا.
وتجل: أي وتجل شرفا.
5. واله: أترك وأعرض.
الطرب: خفة تصيب الإنسان لشدة السرور.
والأمرد: الغلام الذي لم تنبت له لحية.
مرتج: من الارتجاج وهو التحرك.
الكفل: العجز كناية عن نعومته.
6. تبدى: من التبدي بمعنى الظهور.
وتنكسف شمس: أي يذهب نورها.
ماس: من الميس بمعنى التحرك أو التبختر.
يزري: من الإزراء بمعنى التهاون والاحتقار.
الأسل: يعني الرمح.
المعنى الإجمالي:
1. أترك ذكر النساء والتغزل بهن وقل الحق واجتنب القول العبث الذي لا فائدة فيه. وإنما أمر بالبعد عنهن لأن التعلق والتلبس بهن يجر إلى المفاسد والاشتغال بما لا طائل تحته ولا فائدة فيه.
2. ترك ذكر زمان الصغر وما جرى فيه من اللذات والذنوب ولا تضيع وقتك بالاشتغال فيه لأن زمان الشبابة مثل النجم في سرعة الذهاب واللاعودة.
3. إن أحلى وأهنى عيشة عشتها في شبابك ذهبت لذتها وبقي ذنوبها فهو يلوم نفسه على صرف العمر في المعاصي.
4. أترك المرأة الحسنة الناعمة لا تجتمع بها على وجه محرم فإذا تصير عزيزا وترفع قدرا وتجل شرفا عند الله وعند الناس جميعا.
5. وأترك آلات اللهو التي تكون سببا لطرب وأعرض عن الغلام الذي لم تنبث له لحية لأنه شبيه بالغادة في جذب الشهوات وجلب المفاسد.
6. إن الأمرد إذا ظهر يذهب نور الشمس لأن نوره يغلب نورها وإذا تحرك متبخترا في مشيته احتقر الرمح وزاد عليه تحركا لكثرة نعومته ولينته.
43. قد يسود المرء من غير أب *** وبحسن السبك قد ينفى الزغل
الزغل: الغش
محصول البيت: إن بعض الناس صار ذا سيادة وقدر وشرف مع أن آباءه ليسوا بهذه المثابة لأن سيادة المرء ليست متعلقة ومرتبطة بسيادة آبائه لأن سيادته ممكنة من غير سيادة آبائه كما أن نفي الزغل وبقاء الذهب خالصة ممكنة بالسبك الحسن.
44. وكذاك الورد من الشوك وما *** يطلع النرجس إلا من بصل
النرجس: زهر طيب الرائحة
محصول البيت: كما أن الورد والنرجس مع حسن نضارتهما وحمرة لونهما وسلطنتهما على الأزهار يخرجان من الشوك المؤذي طبعا والبصل الكريه رائحته كذلك المرء قد يسود أقرانه بجهده وبماله لا بما لآبائه وأجداده.
45. مع أني أحمد الله على *** نسبي إذ بأبي بكر وصل
محصول البيت: لا تتوهم أيها القارىء والسامع أن قولي لك لا تقل أصلي... إلخ، ونهيي إياك عن الافتخار بما للآباء والأولاد ناشئ من عدم اتصال نسبي بأصل شريف يليق بالافتخار بل هو من النصيحة المأمور بها وإلا فأنا أحمد الله سبحانه وتعالى على نسبي فإنه يتصل بأفضل من كان ومن يكون بعد النبيين والمرسلين وهو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
46. قيمة الإنسان ما يحسنه *** أكثر الإنسان منه أو أقل
القيمة: المراد هنا الرفعة والشرف.
محصول البيت: شرف الإنسان بحسب ما يعمله ويتقنه من العلوم والصنائع وغيرهما إن كثيرا فكثير وإن قليلا فقليل لا بحسب ما يهتم به العوام ويعتني به الجهلاء من الغنى والمراتب الدنيوية وحسن اللباس وغيرهما.
47. أكتم الأمرين فقرا وغنى *** واكسب الفلس وجانب من بطل
الفلس جمعه فلوس أي المال.
بطل: من هو من أهل البطالة.
محصول البيت: أخف فقرك وغناك ولا تشعر بهما أحدا لا عدوا ولا صديقا واكتسب المال واجتهد في جمعه من الحلال كي لا تحتاج إلى غيرك ولا تكون كلا عليه ولا تصاحب أهل البطالة وكن بعيدا منهم كي لا يؤثر فيك سوء خلقهم فتكون من الخاسرين.
48. وادرع جدا وكدا واجتنب *** صحبة الحمقى وأرباب الخلل
وادرع: أصله وادترع
الكد: التعب واشتداد العمل.
الخلل: الفساد
محصول البيت: إسع واجتهد في طلب المال المباح والرزق الحلال واجعل ذلك السعي كالدرع المشتمل على جميع بدنك وكن بعيدا من صحبة أهل الحمق والفساد ولا تدنو منهم فتتأثر بخلقهم فتكون من أهل الفساد والخسران.
1. أي شعب أنا؟ وقد سار خلفي *** كل شعب كأنه من جنودي!
2. أي شعب أنا؟ وأي فخار *** أنا منه متوج بالورود
3. أي شعب أنا؟ وقد وقف العا *** لم يرنو لموقفي المشهود
4. يرصد الزحف في مواكبه الخـ *** ضر ويهفو لفتحي الموعود
5. وقف الخلق ينظرون لزحفي *** وهديري في الكون مثل الرعود
6. وأنا كالإعصار يعوي، وكالسـ *** يل أتينا ملء الربى والنجود
7. حسب الناس ساعة الحشر قد دقت *** فزاغت أبصارهم في شرود
8. وكأن الأموات زلزلها الزحف *** فهبت تسير بين الحشود
9. كل شيء يسير في موكب النـ *** صر حثيث الخطى سخي الجهود
10. الزغاريد والهتاف وآي الله *** تتلى وخافقات البنود
11. وكأن الزمان عاد وليدا *** فانتفضنا انتفاضة الموءوم !
____________
1. كلّ صعب على الشّباب يهون *** هكذا همّة الرِّجال تكونُ
2. قدمُ في الثّرى، وفوق الثُّريا *** همة قدرها هناك مكينُ
3. قد حسبناهم رجالاً فكانوا *** ولهم في الحياة معزىً ثمينُ
4. مثلوا ما مضى لهم من فخارٍ *** ليرى ما أتاه دهر خؤونُ
5. ليرى كيف ضاع حزم وعزم *** وعرا بعده فتور وهُونُ
6. آه! لو دام ذلك العزم فينا *** لم تكن في الورى بلادٌ هجينُ
7. آه! لو دام ذلك العزم فينا *** كان للعالمين منّا شؤونُ
8. ما دهانا؟ وما اعترانا؟ فصرنا *** هكذا قد عدا علينا الدّونُ
9. أين ضاعت عزائمٌ ونفوسٌ؟ *** أين ضاعت معارفٌ وفنونُ؟
10. أين آباؤنا وأين حماهم؟ *** أين ساحاتهم؟ وأين الحصونُ؟
______________
1. رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي *** وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
2. رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني *** عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
3. وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي *** رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي
4. وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً *** وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
5. فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ *** وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
6. أنا البحر في أحشائه الدر كامن *** فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
7. فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني *** ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي
8. فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني *** أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
9. أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً *** وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
10. أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً *** فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
_______________
1. ألا في سبيل المجد ما أنا فاعلٌ *** عفافٌ وإقدامٌ وحزم ونائلُ[1]
2. أعندي وقد مارستُ كلَّ خفيةٍ[2] *** يُصدق واشٍ[3] أو يُخيب سائلُ؟
3. أقَلُّ صُدودي أنّني لكَ مُبْغِضٌ *** وأيْسَرُ هَجْري أنني عنكَ راحل
4. إذا هَبّتِ النكْباءُ بيْني وبينَكُمْ *** فأهْوَنُ شيْءٍ ما تَقولُ العَواذِل
5. تُعد ذنوبي عند قوم كثيرةً *** ولا ذنبَ لي إلا العُلا والفضائلُ
6. كأني إذا طُلْتُ الزمانَ وأهلَه *** رجعتُ وعند للأنام طوائلُ[4]
7. وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم *** بإخفاء شمسٍ ضوءُها متكاملُ؟
8. يهم الليالي بعضُ ما أنا مُضمر [5] *** ويُثقل رضوى دون ما أنا حاملُ[6]
[1] العفاف: أي الكف عما لا يحل ولا يحسن. والإقدام: الشجاعة. والحزم: التبصر في عواقب الأمور والتدبر في نتائجها. والنائل: الكرم والسخاء.
- إن عفافي وإقدامي وحزمي وكرمي كل ذلك لإحراز المجد.
[2] مارست باشرت وزاولت. والخفية الدقيقة المعضلة.
[3] النمام الساعي في التفرقة بين الناس.
[4] طلب الزمان وأهله أي فقتهم بفضائلي، والطوائل الترات جمع ترة وهي الثأر، يريد أن الناس إذا رأوا تفوقي عليهم أبغضوني وحاربوني كأن لهم عندي ثارًا يطالبونني به.
[5] يعني أن بعض الأمور التي أخفيها في ضميري تشغل الليالي أي أنها لا تطيق احتمال ما أحمله.
[6] رضوى جبل بالمدينة، يريد أن أقل ما أنا حامل له من الهموم لا ينهض به رضوى.
_____________
1. فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللذات معمورا
2. وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
3. ترى بناتك في الأطمار جائعةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
4. معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ *** يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
5. برزن نحوك للتسليم خاشعةً *** عيونهنّ فعاد القلب موتورا
6. قد أُغمضت بعد أن كانت مفتّرةً *** أبصارهنّ حسيراتٍ مكاسيرا
7. يطأن في الطين والأقدام حافيةً *** تشكو فراق حذاءٍ كان موفورا
8. قد لوّثت بيد الأقذاء واتسخت *** كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
9. لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهره *** وقبل كان بماء الورد مغمورا
10. لكنه بسيول الحزن مُخترقٌ *** وليس إلا مع الأنفاس ممطورا
المعتمد بن عبَّاد هو ثالث وآخر ملوك بني عبَّاد على إشبيلية. خلف والده في حكم مدينة إشبيلية بالأندلس، ثم وسَّع ملكه ليَضمَّ إليه قرطبة وبلنسية ومرسية ومدناً أخرى كثيرة حتى بات أقوى ملوك الطوائف على الإطلاق. قوي نفوذ مملكة قشتالة المسيحية في عهده حتى باتت تهدد ملكه، فلجأ إلى استدعاء المرابطين، وخاض معهم معركة الزلاقة ضد قشتالة. إلا أنَّ أمير المرابطين يوسف بن تاشفين انقلب عليه، فهاجم دولته وقضى عليها عام 484 هـ (1091م)، ونفي المعتمد بعد ذلك إلى مدينة أغمات على بعد 30 كلم من مراكش، حيث قضى أربع سنواتٍ سجيناً حتى وفاته سنة 488 هـ (1095م). اشتهر المعتمد ببراعته في الشعر والأدب.
____________
1. ذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَاةَ *** فلا بدّ أن يستجيب القدرْ
2. ولا بُدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِي *** وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر
3. وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَاةِ *** تَبَخَّرَ فى جَوِّهَا وَانْدَثَر
4. فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْهُ الْحَيَاةُ *** مِنْ صَفْعَةِ العَدَم المُنْتَصِر
5. كَذلِكَ قَالَتْ لِى الكَائِنَاتُ *** وَحَدّثَنى رُوحُهَا المُسْتَتِر
6. وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ *** وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر
7. إذَا مَا طَمَحْتُ إلِى غَايَةٍ *** رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
8. وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُورَ الشِّعَابِ *** وَلا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُسْتَعِر
9. وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَالِ *** يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَر
10. فَعَجَّتْ بِقَلْبِى دِمَاءُ الشَّبَابِ *** وَضَجَّتْ بِصَدْرِى رِيَاحٌ أُخَر
11. وَأَطْرَقْتُ، أُصْغِى لِقَصْفِ الرُّعُودِ *** وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَر
12. وَقَالَتْ لِى الأَرْضُ لَمَّا سَأَلْتُ *** أَيَا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"
قصيدة إرادة الحياة من أشهر قصائد الشاعر أبي القاسم الشابي الخالدةِ كتبها قبل وفاته بعامٍ تقريبًا، وجزءٌ منها في النشيد الوطني التونسيِّ، يبدأُ الشاعر قصيدته (ب: 1-4) بالحديثِ عن إرادة الشعوب التي تحقِّقُ المستحيل وتصنع المعجزات بالسعي والوعي والصبر، فالشاعر كان جلُّ اهتمامه مسلَّطًا على الثورة والحياة الكريمة، فقد كان يحرِّضُ الشعبَ على الثورة ضدّ المستعمرين والثورة على الجهل والتخلف بكل أشكاله.
بعد ذلك (ب: 5-12) يخاطب الشاعرُ الطبيعة من حوله بنفَسِ الإنسان الطَّموح المندفع والذي لا يوقفُ طموحَه أيُّ عائقٍ ولا يُعجِزه عن تحقيق غاياتِه شيء.
____________
أبيات لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه قالها عندما جاء رجل إليه ليكتب له عقد بيت (وفي رواية أخرى عقد أرض)، فنظر علي كرم الله وجهه إلى الرجل فوجد أن الدنيا متربعة على قلبه فكتب: ( اشترى ميت من ميت بيتا في دنيا الفناء له أربعة حدود، الحد الأول يؤدي إلى الموت، والحد الثاني يؤدي إلى القبر، والحد الثالث يؤدي إلى الحساب، والحد الرابع يؤدي إما إلى الجنة وإما إلى النار)، فقال الرجل لعلي: (ما هذا يا علي، جئت تكتب لي عقد بيت، فكتبت لي عقد مقبرة؟) فقال له علي الأبيات التي نقلت لنا.
1. النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السعادة فيها ترك ما فيها
2. لا دار للمرءِ بعد الموت يسكنها *** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
3. فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
4. أموالنا لذوي الميراث نجمعُها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها
5. أين الملوك التي كانت متسلطنة *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
6. فكم مدائن في الآفاق قد بنيت *** أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها
7. لا تركِنَنَّ إلى الدنيا وما فيها *** فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
8. لكل نفسٍ وإن كانت على وجلٍ *** من المَنيَّةِ آمالٌ تقويها
9. المرء يبسطها والدهر يقبضُها *** والنفس تنشرها والموت يطويها
10. إنما المكارم أخلاقٌ مطهرةٌ *** الدّين أولها والعقل ثانيها
11. والعلم ثالثها والحلم رابعها *** والجود خامسها والفضل سادسها
12. والبرّ سابعها والشكر ثامنها *** والصبر تاسعها واللّين باقيها
13. والنفس تعلم أني لا أصادقها *** ولست أرشدُ إلا حين أعصيها
14. واعمل لدارِغداً رضوانُ خازنها *** والجار أحمد والرحمن ناشيها
15. قصورها ذهب والمسك طينتها *** والزعفـران حشيشٌ نابتٌ فيها
16. أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسلٍ *** والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
17. والطير تجري على الأغصان عاكفةً *** تسبّحُ الله جهراً في مغانيها
18. من يشتري الدارفي الفردوس يعمرها *** بركعةٍ في ظلام الليل يحييها