جديد الموقع: كيف أتفوق في دراستي؟
أهداف الدرس: معرفة مظاهر قدرة الله تعالى من خلال الآيات. استنتاج الغاية من تذكير الله تعالى عباده بنعمه، وشكر الله تعالى على نعمه العظيمة.
تمهيد: سورة فاطر مكية وآياتها ست وأربعون (46)، وقد تضمنت الآيات موضوع الدرس القضايا الكبرى للعقيدة الإسلامية المتمثلة في: توحيد الله تعالى، وإقامة البراهين القاطعة على وجوده، ودور الملائكة، ونعمة الله ورحمته، وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ١ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ٢ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ٣﴾ [فاطر: 1-3]
أولا: من أدلة القدرة الإلهية:
افتتح الله سبحانه هذه السورة بالحمد ليؤذن بأن صفات عظيمة له سبحانه ستذكر فيها. ونبه على أن من قدر على خلق السموات والأرض ابتداء قادر على إعادة الخلق.
قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ١﴾
اللغة والإعراب:
الألف واللام في قوله: ﴿الْحَمْدُ﴾ للاستغراق، أي: جميع المحامد ثابت له سبحانه.
وقوله تعالى: ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ وهي غير منصرفة، والمانع لها من الصرف العدل والوصف.
تفسير الآية: افتتح الله سبحانه هذه السورة بالحمد وهو ثناء منه تعالى على ذاته بالحمد تعظيما لنفسه وتعليما لخلقه بأن يثنوا عليه بذلك. لأنه فاطر أي الخالق ابتداء السموات والأرض والمراد بهما العالم كله. وجعل الملائكة وسائط بين الله وبين الأنبياء متصرفين في أمر الله. وهم ذوي أجنحة ومنهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة أجنحة. ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ الآية تتناول زيادات الصور والمعاني في أجنحة الملائكة، أو يكون على الإطلاق في كل زيادة في المخلوقين فهو تعالى قادر على ما يريد، لا يمتنع عليه فعل شيء أراده، ولا يعجزه شيء.
ثانيا: التذكير بنعم الله على عباده:
قال تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ٢﴾
اللغة والإعراب:
الفتح: عبارة عن العطاء، والرحمة كل ما يمنّ الله به على عباده من خيري الدنيا والآخرة، والإمساك: عبارة عن المنع. والإرسال: الإطلاق بعد المنع.
إن قيل: لِم أنث الضمير في قوله: ﴿فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ وذكره في قوله: ﴿فَلَا مُرْسِلَ لَهُ﴾ وكلاهما يعود على ما الشرطية، فالجواب: أنه لما فسر ﴿مِنْ﴾ الأولى بقوله ﴿مِنْ رَحْمَةٍ﴾ أنثه لتأنيث الرحمة، وترك الآخر على الأصل من التذكير، و﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ فيه حذف مضاف، أي: من بعد إمساكه.
تفسير الآية: ذكَّر الله تعالى عباده بنعمه عليهم، فلا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع الله، فهو العزيز الغالب القادر على الإرسال والإمساك، والحكيم الذي يرسل ويمسك ما تقتضي الحكمة إرساله وإمساكه.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ٣﴾
اللغة والإعراب:
قوله سبحانه: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ الاستفهام هنا إنكاري بمعنى النفي، لذلك اقترن ما بعده بـ(من) التي تزاد لتأكيد النفي.
ورفع ﴿غَيْرُ﴾ على الصفة لخالق بالرفع تبعا للمحل، وبالخفض تبعا للفظ. قال القرطبي: "فالرفع من وجهين:
أحدهما: بمعنى: هَلْ مِنْ خَالِقٍ إِلَّا اللهُ، بمعنى: مَا خَالِقٌ إِلَّا اللهُ.
والوجه الثاني: أن يكون نعتا على الموضع؛ لأن المعنى: هَلْ خَالِقّ غَيْرُ اللهِ، و«من» زائدة. والنصب على الاستثناء، والخفض، على اللفظ".
تفسير الآية: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ نداء لقريش، ويعم الناس كافة، للفت انتباههم وإحضار حواسهم، لتلقي الأمر الوارد بعدها وهو حفظ كل ما أنعم الله به على عباده، مما ذكر في الآيات المتقدمة من نعم، (إذ مهد لهم الأرض ورفع السماء فوقها لتيسير حياتهم، وأرسل الرسل والأنبياء لبيان السبيل لهم، وفتح لهم أبواب رزقه) بمعرفة حقها والاعتراف بها وطاعة موليها. ثم أنكر الله تعالى أن يكون لغيره في ذلك مدخل، فهو الذي يرزقنا من السماء بالمطر، ومن الأرض بالنبات. وفي ذلك تذكير للناس بنعم الله تعالى وإقامة الحجة على المشركين، ولذلك أعقبه بقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، فبأي وجه تصرفون عن التوحيد إلى الشرك.
ثالثا: مقاصد الآيات:
بيان جود الله تعالى وكرمه وكمال إنعامه.
إثبات وحدانية الله عبر قدرته على خلق السماوات والأرض والملائكة.
شمول خطاب الله للناس كافة دون تقييد.
أهمية حماية حقوق الإنسان.
أسئلة الدرس:
ما هي الأدلة التي تضمنتها هذه الآيات؟
ما هي الأدلة القاطعة على قدرة الله تعالى وعظمته؟
أستخلص من الآيات آلاء الله سبحانه على عباده.
بم ذكر الله تعالى عباده في هذه الآيات؟
كيف أهتدي بهذه الآيات لتحقيق شكر الله تعالى؟
كيف يسهم استحضار عظمة الخالق في الاستجابة لأوامر الله تعالى ونواهيه وشكره على نعمه؟
أهداف الدرس: التعرف على وجوه اغترار الإنسان بالحياة الدنيا والشيطان، والاستدلال على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، الحذر من الاغترار بما يزينه الشيطان من متاع الحياة الدنيا.
تمهيد: بعد استدلال الله سبحانه في الآيات السابقة على قدرته وعظمته في الخلق والإبداع، جاءت هذه الآيات تسلي النبي صلى الله عليه وسلم وتؤكد على صدق رسالته، وتذكر الناس بنعم الله عليهم وتحذرهم من الاغترار بوساوس الشيطان وحزبه الذين يدعون أتباعهم إلى عذاب النار.
قال تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ٤ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ٥ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ٦﴾ [فاطر: 4-6].
أولا: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والتأكيد على صدق رسالته:
v بعد أن تضمنت آيات الدرس السابق الأصل الأول من أصول العقيدة الإسلامية، وهو التوحيد، نصت هذه الآيات على الأصل الثاني الذي هو الرسالة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ٤﴾
شرح المفردات: الْأُمُورُ: جمع أمر، وهو الشأن والحال.
تفسير الآية: هذه الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم على تكذيب قومه، كأنه يقول له: إن يكذبوك، فلا تحزن لذلك؛ فإن الله سينصرك عليهم، كما كذبت رسل من قبلك فنصرهم الله.
قال: النسفي رحمه الله: «سلى رسوله، بأن له في الأنبياء قبله أسوة، ولهذا نكر ﴿رُسُلٌ﴾ أي: رسل ذوو عدد كثير، وأولو آيات ونذر، وأهل أعمار طوال، وأصحاب صبر وعزم؛ لأنه أسلى له. وتقدير الكلام: وإن يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك؛ لأن الجزاء يتعقب الشرط، ولو أجري على الظاهر يكون سابقاً عليه، ووضع ﴿فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ موضع «فتأس» استغناء بالسبب عن المسبب، أي: بالتكذيب عن التأسي ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ كلام يشتمل على الوعد والوعيد، من رجوع الأمور إلى حكمه، ومجازاة المكذَّب والمكذِّب بما يستحقانه».
ثانيا: التحذير من غرور الدنيا وغرور الشيطان:
v بعد الأصل الثاني من أصول العقيدة الإسلامية التي تضمنتها آيات العنصر الأول، نبهت هذه الآيات على أصل ثالث، وهو البعث والنشور، وبينت الآيات أنه حقِ، وموعظةٌ للمكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ٥﴾
شرح المفردات: الْغَرُورُ: الشيطان، وقيل: التسويف.
اللغة والإعراب: و«الباء في قوله ﴿باللّهِ) للملابسة دخلت على مضاف محذوف، تقديره: بشأن الله. لأن فعل «غر» يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا أريد تعديته إلى بعض متعلقاته عدي إليه بواسطة حرف الجر، مثل باء الملابسة، كما ورد في قوله تعالى: ﴿يَأيُّهَا أيدَ نتلرْ مَاتَرّآَ يرَيَةَ الْكَرِيم﴾ [الانفطار: 6]».
تفسير الآية: إن وعد الله بالبعث والحشر والجزاء صدق لا شك فيه، فلا تلهينكم الحياة الدنيا ويذهلنكم التمتع بملذاتها عن طلب الآخرة والسعي لها، ولا يلهينكم الشيطان ويصرفنكم عن تصديق رسل الله تعالى وأنبيائه بإيهامكم بأن الله سيتجاوز عنكم لفضلكم، رغم ارتكابكم للمعاصي والذنوب.
«الوعد مصدر، وهو الإخبار عن فعل المخبر شيئا في المستقبل، والأكثر أن يكون فيما عدا الشر، ويخص الشر منه باسم الوعيد، يعمهما وهو هنا مستعمل في القدر المشترك». والحق: يقابل الكذب، وإضافة الوعد إلى الله تعالى يشعر بكونه حقا؛ لأن الله سبحانه لا يأتي منه الباطل.
ثم حذرت هذه الآيات من الاغترار بما يوجب الخسران يوم القيامة، فغرور الحياة الدنيا هو اشتغال الإنسان بنعيمها وملذاتها عن عمل الآخرة؛ لأن إسناد التغرير إلى الحياة الدنيا، إسناد مجازي، ذلك أن الذي يغر الإنسان هو نفسه التي انخدعت بملذات الحياة الدنيا ونعيمها. فهذا من باب إسناد الفعل إلى سببه.
بعد تحذيره تعالى من الاغترار بالحياة الدنيا، حذر من الاغترار بالشيطان ووساوسه، فقال سبحانه: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ المقصود بـ ﴿الَغَرُورِ﴾ الشيطان، وقيل التسويف، قال تعالى: ﴿قةَلَلَمفُمَا يِغُرُورٌ﴾ [الأعراف: 21]. قال سعيد بن جبير: «الْغُرُورُ بِاللهِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَتَمَنَّى عَلَى اللَهِ الْمَغْفِرَةَ».
v ثم بين الله تعالى عداوة الشيطان للبشر وحذرهم منه قال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ٦﴾
شرح المفردات:
حِزْبَهُ: شيعته وأتباعه.
السَّعِيرِ: النار المستعرة.
تفسير الآية: إن الشيطان عدو قديم لكم، فاتخاذوا الشيطان عدوا لكم، إنما يقصد الشيطان أن يضلكم، حتى تدخلوا معه إلى عذاب جهنم المستعرة.
﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ بدليل تسببه في إخراج أبيكم من الجنة، وهو يوسوس لكم ليضلكم، وقد أفصح الشيطان عن عداوته لبني آدم في آيات كثيرة منها: قوله تعالى: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ﴾ [النساء: 118]. وقوله: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ١٦ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ١٧﴾ [الأعراف: 15-16].
ثم حث الله تعالى عباده على اتخاذ الشيطان عدوا لهم، فقال سبحانه: ﴿ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ قال ابن كثير رحمه الله، أي: «هو مبارز لكم بالعداوة، فعادوه أنتم أشد العداوة، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به». ثم وضح الله تعالى هدف الشيطان من إغواء أتباعه، فقال عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ٦﴾ «إن» مكفوفة عن العمل بـ «ما»، لذلك وقع الفعل بعدها.
ثالثا: مقاصد الآيات:
- إثبات نبوة محمد وصدق رسالة.
- مرجعية أمور الخلائق إلى الله تعالى وسيادته على كل شيء.
- أهمية تزكية النفس، والتحذير من مغريات الدنيا.
أسئلة الدرس:
ما الغاية من ذكر تكذيب الأمم السابقة للأنبياء والرسل؟ بم سلى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في الآيات؟ كيف سلى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات؟
مم حذر الله تعالى عباده في الآيات؟ ولماذا حذر عباده من الاغترار بالدنيا والشيطان؟ لماذا ربط الله تعالى بين غرور الحياة الدنيا وغرور الشيطان؟
ما الفرق بين الوعد والوعيد من خلال قوله تعالى: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾؟
أهداف الدرس: التعرف على قدرة الله تعالى على البعث والحساب، المقارنة بين جزاء الطائعين والعاصين يوم القيامة، الاهتداء بالمقاصد التي ترشد إليها الآيات.
تمهيد: بعد تحذير الله تعالى عباده من الاغترار بملذات الحياة الدنيا، ومن وساوس الشيطان، بين في هذه الآيات أن الناس فريقان: فريق اتبع الشيطان وكفر بالله تعالى فاستحق عذابه، وفريق آمن بالله وعمل صالحا فكان جزاؤه المغفرة والأجر العظيم. وفي هذه الآيات أرشد الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم إلى عدم الحسرة والحزن على من أعرض عن رسالته وكذب بها، وبين سبحانه قدرته على البعث.
قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ٧ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ٨ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ٩﴾ [فاطر: 7-9].
أولا: جزاء الكافرين والمؤمنين:
v قسم الله عز وجل الناس إلى فريقين وبين جزاء كل منهما، فقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ٧﴾ هذا استئناف ابتدائي بمثابة النتيجة لما تقدم.
· تفسير الآية: أي: فالذين كفروا هم حزب الشيطان وجنوده، المستحقون لعذاب دائم شديد يوم القيامة. والذين آمنوا بالله ورسله، وعملوا الأعمال الصالحة التي ترضي الله، جزاؤهم يوم القيامة مغفرة الله تعالى لذنوبهم وإثابتهم الثواب العظيم.
ونكر ﴿عَذَابٌ﴾ لتعظيم مدته، ثم ذكر الله تعالى جزاء ما يقابل هذا الفريق، وفي الآية وعيد لمن استجاب لوساوس الشيطان، ووعد لمن خالف أمره وعاداه ولم يكن من حزبه. وقد بنى الله تعالى الأمر كله على الإِيمان والعمل الصالح، فبهما يتمايز الناس يوم القيامة.
ثانيا: تسلية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بعدم الحزن عمن زُين لهم سوء أعمالهم:
v أرشد الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى عدم الحزن عمن أعرض عنه وكذب بآيات ربه، فقال سبحانه: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ٨﴾
· شرح المفردات: سُوءُ عَمَلِهِ: قبيح عمله.
· تفسير الآية: الاستفهام للإِنكار، أي: أفمن زين له سوء عمله، كمن لم يزين له؟ فالذي زين له سوء عمله هو الذي أضله الله، ومن لم يزين له سوء عمله هو الذي هداه الله، فلا تهلك نفسك حسرات باغتمامك على الذين زينت لهم أنفسهم سوء أعمالهم، إن الله تعالى عليم بما يفعل هؤلاء من الذنوب والمعاصي، ومجازيهم على ذلك.
قال ابن عجيبة رحمه الله: «أي: فمَن أضله رأى الباطل حقًّا، فتبعه، ومَن هداه رأى الباطل باطلاً، فاجتنبه، والحق حقًّا فاتبعه)». ثم سلى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن حزنه لعدم إيمانهم؛ لأن ذلك بيد الله تعالى.
ثالثا: أدلة القدرة الإلهية على وقوع البعث:
v ولما كان من طبيعة الضالين عن طريق الهدى والصواب، إنكار وقوع البعث والنشور؛ لفت الله تعالى نظرهم إلى قدرته التامة على ذلك، فقال سبحانه: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ٩﴾
· شرح المفردات:
1. فَتُثِيرُ: فتحرك بشدة.
2. بَلَدٍ مَيِّتٍ: لا نبات فيه.
3. النُّشُورُ: البعث والحشر.
· تفسير الآية: أي: والله تعالى بقدرته هو الذي أطلق الرياح مؤذنة بنزول المطر فتحرك سحابا كان ساكنا، فجعلناها تسير إلى بلد لا نبات فيه، فأحيينا به الأرض بعد أن كانت جدباء يابسة، وكما أحيا الله تعالى الأرض الميتة؛ كذلك يحيي الأمواتَ ويبعثهم للحشر يوم القيامة.
وجيء بفعل الماضي في قوله: ﴿أَرْسَلَ﴾ وغير إلى المضارع في قوله: ﴿فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ للدلالة على الحال العجيبة التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب.
رابعا: مقاصد الآيات:
1. إظهار العدل الإلهي في مجازاة العباد بالعدل، والوعيد بالجزاء على الكفر والمعاصي؛ للتشجيع على الإيمان والأعمال الصالحة.
2. توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الأسلوب الحكيم في الدعوة، وأن عليه فقط تبليغ الرسالة على أكمل وجه، والتسليم لقضاء الله فيمن ضل.
3. إثبات قدرة الله على البعث، وفي التفكر في خلق الله دليل على البعث والنشور.
4. الدعوة إلى التزكية النفس وتهذيب وتربيتها على الأخلاق الكريمة والعمل الصالح استعدادا ليوم الحساب وتحقيقا للسعادة في الدنيا والآخرة.
أسئلة الدرس:
1. أقارن بين جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين يوم القيامة.
2. لماذا نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن التحسر على الكافرين والمذنبين؟
3. أربط بين الآيات ومقاصدها الواردة في العنصر الرابع.
4. فكيف قارن الله تعالى بين الفريقين؟ وكيف أستدل على قدرة الله وعظمته انطلاقا من الآيات؟
5. ما هو جزاء الكافرين والمؤمنين يوم القيامة؟
6. عماذا نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في الآيات؟
7. بماذا استدل الله تعالى على وقوع البعث؟
أهداف الدرس: تبين أسباب حصول العزة للإنسان، استنتاج عاقبة الماكرين بالإسلام والمسلمين، تزكية النفس باستشعار دلائل القدرة الإلهية الواردة في الآيتين.
تمهيد: بعد بيان الآيات السابقة قدرة الله سبحانه على البعث والنشور، أشارت هاتان الآيتان إلى أوهام قريش، الذين كانوا يرون في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم مذلة ومهانة، وتنقيصا من عزتهم التي كانوا يتمتعون بها، فقررت الآيتان أن العزة الحقيقية تكون لله سبحانه، ثم استدلت على قدرة الله العظيمة على البعث.
قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ١٠ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ١١﴾ [فاطر: 10-11]
أولا: العزة الحقيقية لله سبحانه:
بين الله تعالى أن العزة الحقيقية تكون له وحده، فقال: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ... ﴾
· شرح المفردات: الْعِزَّةَ: الشرف والمنعة.
· تفسير الآية: الراجح في معناها: من كان يريد نيل العزة فليطلبها من عند الله، فإن العزة كلها لله. وبيان ما تطلب به العزة؛ لا إله إلا الله، وغيره من الذكر والدعاء وتلاوة القرآن وتعليم العلم والله يرفع العمل الصالح فيتقبله ويثيب عليه.
ثانيا: تآمر قريش على المسلمين:
بعد بيان الله تعالى الكلام الطيب، بين تآمر قريش على المسلمين، فقال سبحانه: ﴿... وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ١٠﴾ الإشارة هنا إلى مكر قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم، حين اجتمعوا في دار الندوة وأرادوا أن يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه.
· شرح المفردات:
1. مَكْرُ: المكر: ما عُمِلَ على سبيل احتيال وخديعة.
2. يَبُورُ: يهلك ويكسد.
· تفسير الآية: والذين يمكرون المكرات السيئات بالمسلمين، ويتآمرون عليهم، لهم عذاب شديد يوم القيامة ومكرهم يبطل ولا ينفعهم.
ثالثا: إقامة الدليل على البعث ببدء خلق الإنسان:
في هاتين الآيتين، يقيم الحق سبحانه الدليل على البعث ببدء خلق الإنسان، فيقول: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ١١﴾
· شرح المفردات: أَزْوَاجًا: أصنافا أو ذكراناً وإناثا.
· تفسير الآية: الراجح في معناها: والله خلق أصلكم الذي هو آدم من تراب، ثم خلق ذريته من نطفة، وهو الماء الذي يلقى في رحم المرأة ثم ذكرانا وإناثا، وما تحمل أنثى، ولا تضع مولودها إلا بعلمه تعالى. وما يعمر من أحد فيطول عمره ولا ينقص من عمره، إلا وهو في اللوح المحفوظ، ثم بين الله تعالى أن ذلك يسير عليه.
قال ابن عجيبة رحمه الله، في معنى هذه الآية: إن «إحصاء الأعمار، أو زيادتها ونقصانها، سهل على علم الله وقدرته».
رابعا: مقاصد الآيتين:
1. تقرير الله تعالى انفراده بالعزة، فالعزيز هو الذي أعزه الله.
2. الدعوة إلى لزوم الحكمة في القول والعمل، ذلك أن الكلم الطيب والعمل الصالح هو الذي يقبل عنده سبحانه.
3. بيان قدرته عز وجل في ابتداء خلق الإنسان بمراحل مختلفة، ليستدل بذلك على وقوع البعث وما بعده يوم القيامة.
أسئلة الدرس:
1. ما علاقة الكلم الطيب والعمل الصالح بالعزة؟
2. هل أثر مكر قريش بالإسلام والمسلمين؟ ولماذا؟ ما هي عاقبة من يمكر بالإسلام والمسلمين؟
3. على ماذا استدل الله تعالى في نهاية الآيتين؟ كيف استدلت الآيتان على وقوع البعث؟ استدل من خلال آيات الأنفس على بعث الناس يوم القيامة؟
4. لمن تكون العزة الحقيقية؟