جديد الموقع: كيف أتفوق في دراستي؟
نص المتن:
قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].
وقال جل جله لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [الأنبياء: 107]
شرح المفردات:
يوحى: ينزل عليه الوحي.
فاعبدون: أفردوني بالعبادة.
تعريف علم التوحيد: علم يقتدر به على إثبات العقائد الدينية مكتسب من أدلته اليقينية.
موضوع علم التوحيد: ذات الله تعالى من حيث وجوده وإلهيته، وربوبيته، وأسماؤه وصفاته وما يجب له منها، وما يستحيل في حقهم، وما يجوز عليهم، والكتب المنزلة، والسمعيات كالملائكة، والقدر، والبرزخ، والعالم الآخروي...
فضل علم التوحيد: علم التوحيد أصل العلوم الدينية وأشرفها؛ لأنه متعلق بذات الله تعالى وذات رسله وما يتبع ذلك.
من مقاصد علم التوحيد وثمراته: معرفة الله بالبراهين القطعية والفوز بالسعادة الأبدية.
متن نظم ابن عاشر:
يقول عبد الواحد بن عاشر *** مبتدئا باسم الإله القادر
الحمد لله الذي علمنا *** من العلوم ما به كلفنا
صلى وسلم على محمد *** وآله وصحبه والمقتدي
وبعد فالعون من الله المجيد *** في نظم أبيات للأمي تفيد
في عقد الأشعري وفقه مالك *** وفي طريقة الجنيد السالك
شرح المفردات:
العون: الإعانة والظهور على الأمر والتقوى عليه.
المجيد: المنتهي في الشرف وكمال الملك إلى غاية لا يمكن الوصول إلى شيء منها.
عقد: أي جزم، والمراد هنا العقيدة.
السالك: أي السائر في الطريق الموصلة إلى معرفة الله والقرب منه.
ترجمة الإمام أبو الحسن الأشعري (260 هـ/ ت 324 هـ): ولد بالبصرة وسكن ببغداد، وهو من نسل الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، كان من أئمة الحديث المجتهدين، تكلم في أصول الدين على منهج أهل السنة، وله مصنفات كثيرة، منها: الإبانة عن أصول الديانة، ومقالات الإسلاميين...
منهجه رحمه الله وطريقته: الإمام أبو الحسن الأشعري لم يكن مبتدعا وإنما كان متبعا لمذهب السلف من الصحابة، فقرره بالحجج والبراهين، واجتمع على عقيدته الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة كما قال العز بن عبد السلام شيخ الإسلام. لأن منهجه طريقة أهل السنة والجماعة كما قال ابن عساكر.
خصائص العقيدة الأشعرية: التي تميزت بها في طرح قضايا العقيدة:
أ- قسم الأشاعرة التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الذات، وتوحيد الصفات، وتوحيد الأفعال.
ب- الوسطية في الاستدلال بين العقل والنقل: بالرجوع إلى النقل الصحيح، والعقل الصريح القائم على الحجج المعتبرة.
ج- لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب، وهو مذهب أهل السنة خلفا وسلفا خلافا للخوارج.
د- التعريف بإمارة المؤمنين وحقوقها باعتبارها نظاما شرعيا تستمد قوتها ومصداقيتها من البيعة الشرعية وما ترتب من واجبات في حراسة الدين وسياسة الدنيا.
متن نظم ابن عاشر:
وحكمنا العقلي قضية بلا *** وقف على عادة أو وضع جلا
أقسام مقتضاه بالحصر تماز *** وهي الوجوب الإستحالة الجواز
فواجب لا يقبل النفي بحال *** وما أبى الثبوت عقلا المحال
وجائزا ما قبل الأمرين سم *** للضروري والنظري كل قسم
شرح المفردات:
قضية: قضاء وحُكم.
تُماز: تتميز وتتبين.
سِم: ميز.
الضَّرَري: نسبة للضرر والمراد الضروري؛ وهو الذي يدرك بغير نظر ولا تأمل.
تعريف الحكم لغة: جمعه أحكام، ومعناه المنع، يقال حكمت عليه بكذا، أي منعته من خلافه فلم يقدر على الخروج من ذلك.
تعريف الحكم العقلي اصطلاحا: هو عبارة عما يُدرِك العقل ثبوته أو نفيه من غير توقف على تكرار عادة ولا وضْع واضع.
- شرح التعريف: أي هو إثبات أمر لأمر، أو نفي أمر عن أمر بالعقل، لهذا نُسب الحكم للعقل؛ لأنه أُدرك بالعقل لا بالشرع ولا بالعادة.
تعريف العقل: قوة روحانية في الدماغ، وهو مناط التكليف.
تعريف العادة: ما اعتاده الناس من الأمور المتكررة المقبولة عند الطبائع السليمة، فأصبح مألوفا لهم سائغا في مجرى حياتهم، سواء كان قولا جرى عرفهم على استعماله في معنى خاص بهم، أو كان فعلا متبعا.
تعريف الوضع: المراد به هنا: وضع الحكم أي تشريعه، وواضع الحكم هو الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم بلغه وبينه بقوله وفعله وتقريره.
فإذا أُدرِك الحكم بالشرع سُمي شرعيا وإن أُدرِك الحكم بالعادة سُمي عاديا.
أقسام الحكم العقلي: منحصرة في ثلاثة وهي:
1- الوجوب (الواجب)؛ وهو ما لا يتصور في العقل نفيه.
2- الاستحالة (المحال): وهي ما لا يتصور في العقل ثبوتها.
3- الجواز (الجائز): وهو ما قبل الأمرين النفي والثبوت عقلا.
- وكل واحد من أقسام الحكم العقلي الثلاثة ينقسم إلى: ضروري، ونظري.
بيان مفهوم الحكم العقلي وأقسامه
مفهوم الحكم هو إثبات أمر لأمر أو نفي أمر عن أمر.
مثال الإثبات قولنا العالم حادث. فأثبتنا الحدوث للعالم. ومثال النفي قولنا الله ليس بحادث فنفينا الحدوث عن الله.
- والحدوث الوجود بعد العدم.
والعالم في اصطلاح المتكلمين هو كل ما سوى الله من الحوادث.
وسمي بذلك لأن كل حادث فيه علامة تميزه عن موجده القديم حتى لا يلتبس به أصلا.
- أقسام الحكم باعتبار مصدره ثلاثة -
والحاكم إثباتا أو نفيا إما أن يستند في حكمه إلى العقل كالمثالين السابقين ويسمى الحكم العقلي ونسب إلى العقل لأنه به يدرك لا بغيره.
وإما أن يستند إلى الشرع كقولنا في الإثبات الصلوات الخمسة واجبة. وفي النفي صوم عاشوراء ليس بواجب ويسمى الحكم الشرعي.
وإما أن يستند إلى العادة (أي التكرار) والتجربة (أي الإختبار) كقولنا في الإثبات الطعام يشبع وفي النفي الخبز الفطير ليس بسريع الإنهضام ويسمى الحكم العادي.
- أقسام الحكم باعتبار ذاته ثلاثة -
أقسام مقتضى الحكم العقلي تتميز وتتبين بالحصر وهي الوجوب والاستحالة والجواز. ودليل الحصر في الثلاثة هو أن كل ما يحكم به العقل.
إما أن يقبل الثبوت والانتفاء معا وهو الجائز ويسمى الممكن أيضا.
أو يقبل الثبوت فقط وهو الواجب.
أو يقبل الانتفاء فقط وهو المستحيل.
- أقسام الحكم باعتبار طريق الوصول إليه اثنان -
وكل واحد من الثلاثة ينقسم إلى قسمين ضروري ونظري.
فالضروري هو الذي يدرك بغير نظر ولا تأمل.
ونظري وهو ما يدرك بعد النظر والتأمل.
مثال الواجب الضروري التحيز للجرم وكون الإثنين أكثر من الواحد.
مثال الواجب النظري ثبوت القدم لله كون الواحد ربع عشر الأربعين.
مثال المستحيل الضروري تعري الجسم عن الحركة والسكون.
مثال المستحيل النظري كون ذات الله جسم.
مثال الجائز الضروري إمكان اتصاف الجسم بالحركة أو السكون.
مثال الجائز النظري تعذيب المطيع.
متن نظم ابن عاشر:
أول واجب على من كلفا *** ممكنا من نظر أن يعرفا
الله والرسول بالصفات *** مما عليه نصب الآيات
وكل تكليف بشرط العقل *** مع البلوغ بدم أو حمل
أو بمني أو بإنبات الشعر *** أو بثمان عشرة حولا ظهر
شرح المفردات:
من كلفا: ألزم ما فيه كلفة من فعل أو ترك.
نظر: النظر هو الفكر المرتب في النفس يطلب به من قام به علما، أو غلبة ظن.
نصب الآيات: أقام الأدلة والبراهين.
بشرط: الشرط ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
أول ما يجب على المكلف المتمكن من النظر هو معرفة الله تعالى، ومعرفة رسله عليهم الصلاة والسلام بالصفات التي نصب الله تعالى عليها البراهين والأدلة العقلية والنقلية. وهو أحد أقوال في المسألة ونسب لأبي الحسن الأشعري.
والمعرفة: هي الجزم المطابق لعقائد الإيمان عن دليل أو برهان. وعليه اختلف في إيمان المقلد على أقوال، ونقل الآمدي اتفاق العلماء على صحته.
شروط التكليف أربعة وهي:
العقل: وهو قوة يقع بها التمييز بين الحسن والقبيح، وهو مناط التكليف.
البلوغ: هو قوة تحدث في الصبي يخرج بها عن حالة الطفولية إلى حالة الرجولية، والعلامات الشرعية لذلك قسمين: قسم مشترك بين الذكور والإناث وهو ثلاث: أولها الاحتلام بخروج الماء، وثانيها إنباث شعر العانة الخشن، وثالثها سن 18، والقسم الثاني خاص بالإناث وهما إثنثين: دم الحيض، والحمل.
بلوغ دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم): ولم يذكره الناظم.
انتفاء الإلجاء والغفلة وعدم الإكراه: لم يذكره الناظم ولا الشارح ميارة.
وقاعدة الشرط أنه يلزم من عدمه العدم فغير العاقل وكذا غير البالغ غير مكلف.
مما يستفاد من الدرس:
وجوب معرفة الله عن طريق النظر والتأمل في الآفاق والأنفس لإدراك وجوده ووحدانيته وجلاله، ومن آثار معرفة الله تعالى في حياة المؤمن مراقبة الله تعالى في سلوكه اليومي فلا يعصيه؛ وذلك من ثمار توحيده سبحانه وعبوديته.
متن نظم ابن عاشر:
يجب لله الوجود والقدم *** كذا البقاء والغنى المطلق عم
شرح المفردات:
الوجود: الثبوت
القدم: نفي الأولية عند الوجود
البقاء: نفي الفناء
من الصفات الواجبة لذات الله تعالى الوجود: وهو صفة ثبوتية نفسية عند الأشعري.
من الصفات الواجبة لذات الله تعالى القدم: ومعنى القدم أن الله تعالى لا أول له؛ لقوله: (هو الأول) أي ليس لوجوده بداية، والقدم صفة سلبية تنفي عن الله ما لا يليق به من حدوث، وهو سلب العدم السابق على الوجود.
من الصفات الواجبة لذات الله تعالى البقاء: ومعنى البقاء أن الله تعالى موجود، ولا يلحق وجوده عدم، لقوله: (هو الأول والآخر) [الحديد: 3] أي باق لا ينعدم، والبقاء صفة سلبية تنفي عن الله ما لا يليق به من فناء، وهو سلب العدم اللاحق للوجود.
مما يستفاد من الدرس:
وجوب تنزيه المسلم لله تعالى عما لا يليق به من صفات النقص، وتسبيح الله تعالى وتقديسه بالقلب واللسان والأفعال حتى يرضى الله عنه فيكون موحدا مؤمنا حقا.
متن نظم ابن عاشر:
يجب لله الوجود والقدم *** كذا البقاء والغنى المطلق عم
وخلفه لخلقه بلا مثال *** ووحدة الذات ووصف والفعال
شرح المفردات:
وخلفه لخلقه: مخالفته ومغايرته للحوادث؛ أي المخلوقات.
ووحدة الذات ووصف والفعال: أي عدم النظير والمثل والشبيه والند فيها.
من الصفات الواجبة لله تعالى الغنى المطلق: وهو قيامه تعالى بنفسه، والغنى المطلق صفة سلبية تنفي عن الله ما لا يليق به وهو الافتقار، لقوله تعالى: (والله هو الغني الحميد) أي لا يحتاج إلى شيء، ويتجلى ذلك في الآتي:
عدم افتقاره تعالى إلى محل سوى ذاته (سبحانه) يوجد فيها.
عدم افتقاره تعالى إلى مُخصِّص؛ أي فاعل يخصه بالوجود لا في ذاته ولا في صفة من صفاته؛ لوجوب القدم والبقاء لذاته تعالى.
من الصفات الواجبة لله تعالى مخالفته للحوادث: أي المخلوقات؛ فلا يماثله تعالى شيء منها مطلقا لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال، ومخالفته تعالى للحوادث صفة سلبية تنفي عن الله ما لا يليق به وهو التشبيه، لقوله تعالى: (ليس كمِثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 9]، فأول الآية تنزيه يرد على المجسمة والمشبهة، وآخرها إثبات يرد على المعطلة النافين لكل الصفات، ومذهب أهل السنة من الأشاعرة إثبات الصفات دون تشبيه ولا تجسيم ولا تعطيل.
من الصفات الواجبة لله تعالى الوحدانية: وهي تسلب عن الله تعالى التعدد والتركب؛ فلا ثاني له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، لقوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين إثنين إنما هو إله واحد) [النحل: 51].
مما يستفاد من الدرس:
وجوب تنزيه الله تعالى عن مماثلة مخلوقاته له في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، فله الكمال والجلال سبحانه، وهو الغني عن عباده وهم إليه يفتقرون، فيوحدوه في عبادته ودعائه والاستعانة به.
متن نظم ابن عاشر:
وقدرة إرادة علم حياة ّ*** ...................
شرح المفردات:
قدرة: القوة والاستطاعة.
إرادة: مطلق القصد.
أولا: تعريف صفات المعاني
أ – لغة:
- الصفات: جمع صفة، وهي تحلية الشيء والأمارة اللازمة له.
- المعاني: جمع معنى، وهو ما قابل الذات.
ب – اصطلاحا: صفات المعاني هي كل صفة موجودة في نفسها سواء كانت حادثة أو قديمة.
ثانيا: من صفات المعاني
1- القدرة: وهي من الصفات الواجبة لله تعالى، وهي: صفة قديمة تتعلق بالممكن إيجادا وإعداما وفق الإرادة، تعلقا تنجيزيا حادثا وصلاحيا قديما.
ففي تعريف القدرة تنبيه إلى فساد مذهب القدرية الذين أخرجوا أفعال المخلوقات الاختيارية عن تعلق قدرة الله تعالى، وقد دل النقل والعقل على قدرة الله تعالى على جميع الممكنات ومنها أفعال المخلوقات، قال تعالى: (إن الله على كل شيء قدير) [البقرة: 19].
2- الإرادة: وهي من الصفات الواجبة لله تعالى، وهي: صفة قديمة تتعلق بالممكن، إذ يتأتى بها تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه؛ أي أن الممكنات نسبتها إلى قدرة الله تعالى على حد سواء.
وتصرفه تعالى في الممكنات إنما هو بمحض الإرادة والاختيار، ولا باعث له على ممكن منها ولا إكراه ولا إجبار، قال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [القصص: 68] وقال سبحانه: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) [يس: 82].
3- العلم: وهي من الصفات الواجبة لله تعالى، وهي: صفة قديمة تتعلق بجميع أقسام الحكم العقلي تعلق انكشاف، إذ ينكشف [أي يتضح ذلك المعلوم لمن قامت به تلك الصفة، ويتميز عن غيره اتضاحا لا خفاء معه] بها المعلوم [وهو كل ما يصح أن يعلم، وهو كل واجب وكل مستحيل وكل جائز] على ما هو به انكشافا لا يحتمل النقيض بوجه من الوجوه [أي لا يحتمل الجهل ولا الشك ولا الظن ولا الوهم].
وقد دل النقل والعقل على إحاطة علم الله تعالى بكل شيء قال الله جل جلاله: (وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) [الطلاق: 12]. واعتقاد المؤمن بذلك يقتضي منه أن يستحضر مراقبة مولاه ظاهرا وباطنا فيصلح نفسه ويهذب أخلاقه ويعبد مولاه كأنه يراه، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم في معنى الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
4- الحياة: وهي من الصفات الواجبة لله تعالى، وهي: صفة أزلية قديمة بقدم ذاته توجب له تعالى الاتصاف بالإدراك (وهو الوصول للشيء والتمكن منه والتحقق به) أزلا وأبدا.
وقد وصف نفسه تعالى بهذه الصفة فقال: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) [البقرة: 253].
من فوائد الدرس: بيان الكمال الإلهي المتمثل في قدرته وإرادته وعلمه وحياته سبحانه جل في علاه، وتربية المؤمن على التعلق بخالقه القادر على كل شيء الفعال لما يريد، ومراقبته في السر والعلن؛ لأن علمه تعالى محيط بكل شيء؛ فالمخلوقات تحت قبضته والمصنوعات كلها طوع أمره خاضعة لأثر صفاته يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه بما يشاء.
متن نظم ابن عاشر:
... سمع كلام بصر ذي واجبات
شرح المفردات:
سمع: إيناس الشيء.
ذي واجبات: هذه صفات واجبة في حق الله تعالى.
أولا: من صفات المعاني (السبع)
5- السمع: وهو من الصفات الواجبة لله تعالى، وهو: صفة قديمة، والسمع صفة وجودية قائمة بذاته تعالى من شأنها إدراك كل مسموع وإن خفى. وقد دل النقل والعقل على إحاطة سمعه تعالى بجميع المسموعات.
6- الكلام: وهو من الصفات الواجبة لله تعالى، وهو: صفة قديمة، والكلام صفة أزلية قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت.
7- البصر: وهو من الصفات الواجبة لله تعالى، وهو: صفة قديمة، والبصر صفة وجودية قائمة بذاته تعالى من شأنها إدراك كل مبصر وإن لطف.
ثانيا: تنبيهات مفيدة
1- تكلم الناظم على صفات المعاني ولم يتكلم عن الصفات المعنوية بناء على مذهب الإمام الأشعري من نفي الحال.
_________________________________________________________________________
نص للاستثمار: هذه المسألة من مسائل علم الكلام الذي دخل على المسلمين مع ترجمة كتب اليونان، ففيه البحث في الذات والصفات وهل الصفات زائدة على الذات أو لا.
فصفات المعاني السبع وجودية تعقل ذهنا وخارجا أي أنها صفات زائدة على الذات وهي القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام.
والصفات المعنوية ثبوتية تعقل ذهنا ولا حقيقة لها خارج الذهن أي أنها صفات قائمة بالذات وهي الكينونية أي كونه تعالى قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما.
ويقول الأشاعرة نحن نثبت لله جل وعلا كونه عالما بعلم، سميعا بسمع، بصيرا ببصر، إيغالا في مخالفة المعتزلة [فأثبتوا لله حالا هو كونه عالما دون إثبات الصفة وهي العلم؛ فالله عالم بلا علم، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر]، وأن مدلولات هذه غير مدلولات تلك. فالصفات المعنوية عند الأشاعرة غير المعاني.
ورأى بعضهم (ومنهم الإمام الأشعري) ممن لم يثبتوا في الحقيقة شيئا في المعنوية التي مردها إلى الأحوال. أنه يكفي إثبات صفات المعاني ولا داعي لذكر الصفات المعنوية معها، لأن مدلولات صفات المعاني متضمنة لمدلولات الصفات المعنوية. فالله عالم وله صفة العلم، وسميع وله صفة السمع وبصير وله صفة البصر.
فالأشاعرة في الحقيقة لا يفرقون بين صفات المعاني والمعنوية إلا تفريقا صوريا اضطرهم إليه الخطاب الشرعي ولهذا اضطرب السنوسي في شرحه للهداية عندما تعرض للتفريق بينهما ولم يصل للفرق.
______________________________________________________________________
2- صفات المعاني باعتبار متعلقها على أربعة أقسام: قسم لا يتعلق بشيء وهو الحياة، وقسم يتعلق بالممكنات فقط وهو القدرة والإرادة، وقسم يتعلق بجميع الموجودات وهو السمع والبصر، وقسم يتعلق بجميع أقسام الحكم العقلي (الواجب والممكن والمستحيل) وهو العلم والكلام.
3- المتعلق من الصفات وهو ما يقتضي لذاته زائدا على قيامه بمحله. فالسمع يقتضي مسموعا والبصر يقتضي مبصرا...
متن نظم ابن عاشر:
ويستحيل ضد هذه الصفات *** العدم الحدوث ذا للحادثات
كذا الفنا...
شرح المفردات:
يستحيل: أي لا يتصور وجوده في العقل.
ضد: الضدان هما المعنيان الوجوديان اللذان لا يجتمعان أبدا في محل واحد ولا يرتفعان.
القسم الثاني من أقسام الحكم العقلي: وهو ما يستحيل وصفه تعالى به وهو: العدم، والحدوث، والفناء، لمنافاتها الكمال، ولما فيها من النقص.
أولا: العدم وضده الوجود.
ثانيا: الحدوث وضده القدم، فالحدوث أي الوجود بعد العدم.
ثالثا: الفناء وضده البقاء.
ما يستفاد من الدرس: أن الله تعالى منزه عن كل ما لا يليق بمقام الإلهية.
قال ابن عاشور: ... والافتقار عده *** وأن يمثل ونفي الوحده
شرح المفردات:
عده: اجعله معدودا منها.
يماثل: أي يشابهه غيره أو يشابه هو غيره.
نفي الوحدة: أي انتفاؤها.
من الصفات المستحيلة في حق الله تعالى؛ الافتقار، والمماثلة، والتعدد، لمنافاتها الكمال ولما فيها من النقص.
رابعا: الافتقار وضده الغنى المطلق، لقد نزه الله نفسه عن الافتقار إلى شيء، لأنه من صفات الحوادث.
خامسا: المماثلة وضدها مخالفته للحوادث، لقد نزه الله نفسه عن أن يماثله شيء من خلقه في ذاته أو صفاته.
سادسا: التعدد والتركب أي نفي الوحدة وضده الوحدانية، فيستحيل عليه تعالى أن لا يكون واحدا.
فمما يجب اعتقاده أن الله تعالى موصوف بالكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله منزه عن النقائص كالافتقار، متعال عن المماثلة والنظير، مقدس عن التعدد والكثرة والأجزاء.
قال ابن عاشر:
عجز كراهة وجهل وممات *** وصمم وبكم عمي صمات
شرح المفردات:
الممات: أي الموت.
صمات: أي الصمت.
من الصفات المستحيلة في حق الله تعالى؛ العجز، الكراهة، الجهل، الممات، الصمم، البكم، العمى، لمنافاتها الكمال ولما فيها من النقص.
سابعا: العجز وضده القدرة، وهو صفة وجدية قائمة بالعاجز.
ثامنا: الكراهة وهي ضد الإرادة، وهي من صفات الذات التي لا يجوز الجمع بينها وبين ضدها. والكراهة هي إيجاد شيء مع عدم إرادته تعالى له.
تاسعا: الجهل وضده العلم.
عاشرا: الممات وضده الحياة، وهو صفة وجودية قائمة بذات الميت يمكن رؤيتها تمنع اتصافه بالإدراك عند أهل السنة.
حادي عشر: الصمم وضده السمع، وهو صفة وجودية تمنع من السمع عند أهل السنة.
ثاني عشر: البكم وضده الكلام، وهو صفة وجودية تسمى بالخرس تمنع من الكلام عند أهل السنة.
ثالث عشر: العمى وضده البصر، صفة وجودية تمنع من الإبصار عند أهل السنة.
تمهيد:
لما فرغ الناظم من ذكر ما يجب في حق الله تعالى وما يستحيل شرع في القسم الثالث وهو ما يجوز في حقه تعالى، فإذا أراد فعل شيء من الممكنات إيجادا أو تركه إعداما كان ذلك باختيار منه تعالى لقوله سبحانه: (فعال لما يريد) [البروج: 16].
قال ابن عاشر:
يجوز في حقه فعل الممكنات *** بأسرها وتركها في العدمات
شرح المفردات:
الممكنات: جمع ممكن، وهو الجائز عقلا.
العدمات: جمع عدم بمعنى معدوم من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول.
أولا: فعل الممكنات
مما يجوز لذاته تعالى: فعل كل ممكن قضى العقل بإمكانه، وذلك باستواء طرفيه: الوجود والعدم؛ سواء كان خيرا أو شرا، كان فعلا اختياريا للعبد أم لا؟ فيدخل فيه أفعال الحيوانات عاقلة كانت أو غير عاقلة وكذا، ويدخل فيه أيضا بعثة الرسل، والصلاح والأصلح... إلخ مما هو مقرر في كتب أصول الدين.
ثانيا: ترك الممكنات
مما يجوز لذاته تعالى: ترك كل ممكن قضى العقل بإمكانه، وذلك باستواء طرفيه: الوجود والعدم. بمعنى إعدامه بعد وجوده، أو إبقائه في العدم دون إيجاد.
ما يستفاد:
يجوز في حق الله تعالى فعل أو ترك كل ممكن قضى العقل بإمكانه، وذلك باستواء طرفيه: الوجود والعدم، فكل ممكن وجودا كان أو عدما سابقا أو لاحقا مقدور له عز وجل، لقوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) [يس: 81].
فمما يجوز لذاته تعالى، إذا أراد فعل شيء من الممكنات إيجادا أو تركه إعداما كان ذلك باختيار منه تعالى لقوله سبحانه: (فعال لما يريد) [البروج: 16]، وذلك مثل:
- إثابة المطيع، وعقاب العاصي فجائز لا واجب على الله.
- وبعث الرسل فجائز لا واجب على الله، فبعثتهم تفضل وإحسان من الله تعالى على عباده.
- وفعل الصلاح وهو ما قابله فساد، وفعل الأصلح وهو ما قبله صلاح إلا أنه دونه، فجائز لا واجب على الله، وإلا لما وقعت محنة دنيا وأخرى، ولما وقع تكليف ولا نهي، وذلك باطل.
قال ابن عاشر:
وجوده له دليل قاطع *** حاجة كل محدث للصانع
لو حدثت لنفسها الأكوان *** لاجتمع التساوي والرجحان
وذا محال وحدوث العالم *** من حدث الأعراض مع تلازم
شرح المفردات:
قاطع: جازم مزيل لكل شبهة.
التساوي والرجحان: تساوي الوجود والعدم ورجحان أحدهما على الآخر.
الأعراض: جمع عرض وهو ما لا يشغل فراغا ولا له قيام بنفسه.
أولا: دليل وجوب وجوده تعالى
1. افتقار كل مخلوق إلى صانع خالق.
2. افتقار الحادث إلى محدث، هذا دليل ضروري لا يحتاج إلى نظر وبرهان عند بعض العلماء؛ لأن العالم حادث، وكل حادث يحتاج إلى محدث، إذن العالم يحتاج إلى محدث، وعند البعض الآخر هو دليل نظري يحتاج إلى تدبر وتأمل كما دعا الله تعالى في القرآن إلى النظر في مخلوقاته للاستدلال على وجود الخالق، وهو ما ذهب إليه الناظم.
وبيان ذلك أن العالم يصح وجوده ويصح عدم وجوده على السواء، فلو فرض أنه حدث بنفسه ولم يفتقر إلى محدث لزم أن يكون ذلك راجحا على عدمه المساوي له في الوجود بدون سبب وهو محال، فتعين أن يكون المرجح لوجوده على عدمه هو الله.
ثانيا: دليل حدوث العالم
لقد رد الناظم عن شبهة مفادها: لا نسلم بأن العالم حادث، لم لا يكون قديما، وبالتالي: لا يحتاج إلى محدث وخالق؟!
بما معناه: إن حدوث العالم مستفاد من حدوث أعراضه أي صفاته مع ملازمته لها فهي حادثة لمشاهدة تغيرها وهو ملازم لها وملازم الحادث حادث.
وحاصل الدليل الذي ذكره الناظم هو: العالم متغير وكل متغير حادث إذن العالم حادث. وكل حادث يحتاج إلى محدث إذن العالم يحتاج إلى محدث. لكن الدليل لا يوصلنا إلى اسم المحدث ولا ما يريده منا فهذا لا نعرفه إلا من الوحي.
من فوائد الدرس:
الاستدلال العقلي على قضايا العقيدة لتقريرها ورد الشبهة عنها والاستدلال بالمخلوقات على وجود الخالق، وهو منهج القرآن في دعوته إلى النظر في خلق الله للاستدلال بها على وجوده.
قال ابن عاشر:
لو لم يك القدم وصفه لزم *** حدوثه دور تسلسل حتم
لو أمكن الفناء لانتفى القدم *** لو ماثل الخلق حدوثه انحتم
شرح المفردات:
دور: توقف الشيء على ما يتوقف عليه إلى ما له نهاية.
تسلسل: توقف اللاحق على السابق له والسابق على سابقه إلى ما لا نهاية.
انحتم: وجب.
أولا: دليل وجوب قدمه تعالى
من الصفات الواجبة في حق لله تعالى القدم فهو الأول، وقد ثبت بالنقل لقوله تعالى: (هو الأول والآخر)[الحديد: 3]، ومن العقل ما ذكره الناظم: لو لم يكن الله تعالى قديما لكان حادثا؛ لوجوب انحصار كل موجود إما في القدم أو الحدوث، والحدوث في حق الله مستحيل، لأنه لو كان حادثا فإن له محدثا ويلزم أيضا في هذا المحدث ما لزم في الذي قبله من الافتقار إلى محدث آخر وهكذا دواليك سيتسلسل إلى ما لا نهاية مما يؤدي إلى الدور وهذا لا يعقل، فوجب القول بأن الله قديم وكذلك صفاته.
ثانيا: دليل وجوب بقائه تعالى
من الصفات الواجبة في حق الله تعالى البقاء وهو الآخر، وقد ثبت بالنقل لقوله تعالى: (هو الأول والآخر)[الحديد: 3]، ومن العقل ما ذكره الناظم: لو أمكن أن يلحقه تعالى الفناء لانتفى عنه القدم، وانتفاء القدم عنه تعالى مستحيل، فإمكان الفناء عنه تعالى محال أيضا، فهو تعالى الباقي الذي لا يفنى.
ثالثا: دليل مخالفته تعالى للحوادث
من الصفات الواجبة في حق الله تعالى مخالفته تعالى للحوادث، وقد ثبت بالنقل لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء)[الشورى: 11]، ومن العقل ما ذكره الناظم: بأنه لو ماثل الخالق لخلقه لتحتم حدوث الخالق، وحدوثه تعالى محال، فمماثلته تعالى لخلقه مستحيل، فلو ماثل شيئا مما سواه لوجب له تعالى من الحدوث ما وجب لذلك الشيء وذلك باطل.
قال الناظم:
لو لم يجب وصف الغنى له افتقار *** لو لم يكن بواحد لما قدر
شرح المفردات:
افتقر: احتاج.
لما قدر: لم يكن قادرا.
أولا: دليل وجوب اتصافه تعالى بالغنى المطلق
دل النقل والعقل على وجوب اتصاف الله تعالى بالغنى المطلق عن كل ما سواه، وذلك هو قيامه تعالى بنفسه، فقال تعالى: (إن الله لغني عن العالمين) وقال: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)، ودل العقل على أنه لو لم يجب وصفه تعالى بالغنى المطلق لكان مفتقرا إلى ما سواه، وهذا محال، وقد تقدم أن قيامه بنفسه عبارة عن استغنائه جل وعلا عن كل ما سواه من محل أو مخصص.
ودليل استغنائه تعالى عن المحل؛ أي عن ذات يقوم بها فهو أنه لو احتاج إلى ذات يقوم بها لزم أن يكون صفة لتلك الذات، وهذا محال إذ تبث بالبرهان القاطع وجوب اتصافه بصفات المعاني والمعنوية وليس هو نفسه صفة لغيره. وأما برهان استغنائه تعالى عن المخصص؛ أي الفاعل فهو أنه لو احتاج إلى الفاعل لكان حادثا وهذا محال إذ تبث بالبرهان القاطع وجوب قدمه تعالى كما سبق بيانه.
ثانيا: دليل وجوب اتصافه تعالى بالوحدانية
دل النقل والعقل على أن الله واحد في ذاته وصفاته وفي أفعاله، لقوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين إثنين وإنما هو إله واحد) وقال تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وأما الدليل العقلي: على الوحدانية فهو أن الله تعالى لو لم يكن واحدا وكان متعددا لما قدر على إيجاد أي ممكن أو إعدامه وكان عاجزا، وهذا محال. ومنافاة الوحدانية خمسة أقسام وهي: كون ذاته مركبة من أجزاء، وأن يكون لها نظير يماثلها، وتعدد صفة من صفاته تعالى، تعددها مع قيامها بذات أخرى، أن يكون معه في الوجود مؤثر في فعل من الأفعال، وقد قام الدليل على استحالة كل ذلك.
قال ابن عاشر:
لو لم يكن حيا مريدا عَالَمًا*** وقادرا لما رأيت عالما
والتال في الست القضايا باطل*** قطعا مقدم إذا مماثل
شرح المفردات:
عالما: كل ما سوى الله تعالى من المخلوقات.
والتال: التي هو الجزء الثاني في المقدمة الشرطية عند المناطقة.
مقدم: المقدم هو الجزء الأول في المقدمة الشرطية عند المناطقة.
أولا: الدليل النقلي على وجوب اتصافه تعالى بالحياة والإرادة والعلم والقدرة
الدليل النقلي من القرآن على اتصافه تعالى بالحياة، قوله تعالى: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾ [غافر: 65]، وقوله سبحانه: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: 58].
الدليل النقلي من القرآن على اتصافه تعالى بالإرادة، قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: 81]، وقوله سبحانه: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [هود: 107].
الدليل النقلي من القرآن على اتصافه تعالى بالعلم، قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [التغابن: 4].
الدليل النقلي من القرآن على اتصافه تعالى بالقدرة، قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأحقاف: 32].
ثانيا: الدليل العقلي على وجوب اتصافه تعالى بالحياة والإرادة والعلم والقدرة
قال ابن عاشر: لو لم يكن حيا مريدا عَالَمًا*** وقادرا لما رأيت عالما
إن هذا العالم حادث، وأنه لا بد له من محدث، وحدوث العالم يتوقف على اتصاف محدثه بهذه الصفات الأربعة القدرة والإرادة والعلم والحياة.
والدليل العقلي على اتصافه تعالى بالحياة والإرادة والعلم والقدرة هو أنه لو لم يكن الله تعالى موصوفا بهذه الصفات لما رأيت عَالَمًا والعَالَمُ موجود مرئي، فهو تعالى موصوف بما ذكر.
فتأثير قدرته تعالى موقوف على إرادته له، وإرادته له موقوف على العلم به، والاتصاف بالقدرة والإرادة والعلم موقوف على الاتصاف بالحياة؛ إذ أن هذه الأوصاف الثلاثة شرط في الحياة، ووجود المشروط (الحياة) بدون شرطه (الأوصاف الثلاثة) مستحيل.
قول ابن عاشر: والتال في الست القضايا باطل*** قطعا مقدم إذا مماثل
معناه أن التالي من القضايا الشرطية الست -التي أولها قوله: (لو لم يك القدم وصفه لزم حدوثه) وآخرها قوله: (لو لم يكن حيا مريدا عالما وقادرا لما رأيت عالما)- المتقدمة في الاستدلال للصفات الواجبة في حق الله تعالى باطل، فالمقدم منها مثله في البطلان؛ لأن رفع التالي يستلزم رفع المقدم في القضية الشرطية المتصلة كما هو مقرر في علم المنطق.
قال ابن عاشر:
والسمع والبصر والكلام *** بالنقل مع كماله ترام
لو استحال ممكن أو وجبا ***قلب الحقائق لزوما أوجبا
شرح المفردات:
ترام: تدرك وتقصد.
استحال: صار محالا.
ممكن: جائز عقلا.
قلب الحقائق: جعل الممكن واجبا أو مستحيلا، والواجب أو المستحيل ممكنا.
أولا: دليل وجوب اتصافه تعالى بالسمع والبصر والكلام
الدليل الشرعي: النقلي السمعي على وجوب اتصافه تعالى بالسمع والبصر:
من القرآن قوله تعالى: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: 45]، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 9]. ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: 163].
من السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه) صحيح البخاري.
الدليل العقلي: القطعي على كماله تعالى وتنزهه عن النقائص فهو: أن نفي الصفات يدل على اتصافه تعالى بضدها، وهي نقائص، والنقص عليه تعالى محال، فما أدى إلى محال فهو محال، وهو معنى قوله: (مع كماله ترام).
ثانيا: دليل ما يجوز في حقه تعالى
يجوز في حقه فعل الممكنات بأسرها وتركها في العدمات؛ فمذهب الأشاعرة أهل السنة أنه لا يجب عليه تعالى شيء، الدليل النقلي: قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: 68].
الدليل العقلي: لو وجب عقلا عليه تعالى فعل ممكن، أو استحال عقلا فعله لزم قلب الحقائق، وذلك محال عقلا؛ إذ حقيقة الممكن مغايرة لحقيقة الواجب والمستحيل كما مر بيانه في أقسام الحكم العقلي.
ويدخل في ذلك البعث للرسل عليهم الصلاة والسلام، وفعل الصلاح والأصلح، وإثابته تعالى المطيع في دار النعيم، ورؤيته جل وعلا في الآخرة على ما يليق به تبارك وتعالى من غير وجهة ولا جرمية ولا تحيز، فمذهب أهل السنة الأشاعرة جوازها في حقه تعالى ولا يجب عليه منها شيء.
من مقاصد الدرس: إبراز تكامل العقل والنقل في إثبات قضايا العقيدة، وذلك منهج القرآن الكريم الداعي إلى النظر والتفكر والتعقل والتدبر في الآيات المسطورة المتمثلة في الوحي المسطور والآيات الكونية المتمثلة في الوحي المنظور الدال على السميع البصير المتكلم سبحانه.
شرح المفردات:
الصدق: مطابقة الكلام للواقع.
العرض: ما لا يقوم بنفسه ولا يوجد إلا في محل يقوم به كحمرة الخجل وصفرة الوجل.
أولا: ما يجب وما يستحيل وما يجوز في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام
1- ما يجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام:
قال الناظم رحمه الله:
يجب للرسل الكرام الصدق *** أمانة تبليغهم يحق
الرسالة: هي سفارة العبد بين الله تعالى وبين ذوي الألباب من خليقته، يزيح بها علهم فيما قصرت عنه عقولهم من مصالح الدنيا والآخرة.
والرسول: هو إنسان ذكر حر أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه.
ومما يجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام حسبما ذكره الناظم في هذا البيت ما يأتي:
أ- الصدق: في كل ما يبلغون عن المولى تبارك وتعالى.
ب. الأمانة: وهي حفظ جميع الجوارح الظاهرة والباطنة من التلبس بمنهي عنه نهي تحريم أو كراهة، ويسمى صاحبها أمينة.
ج- تبليغ كل ما أمرهم الله سبحانه بتبليغه: ولم يتركوا شيئا منه لا نسيانا ولا عمدا، إلا ما أراد الله نسخه.
ثانيا: ما يستحيل في حقهم عليهم الصلاة والسلام
قال الناظم رحمه الله:
محال الكذب والمنهي *** كعدم التبليغ يا ذكي
ذكر الناظم في هذا البيت ما يستحيل في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو أضداد الصفات السابقة وهي:
1- الكذب: الذي هو عدم مطابقة الخبر لما في نفس الأمر. لإخلاله بالصدق الواجب لهم عليهم الصلاة والسلام.
2 – الخيانة: بفعل شيء مما نهوا عنه نهي تحريم أو كراهة؛ لإخلالها بالأمانة الواجبة لهم عليهم الصلاة والسلام.
3 - عدم التبليغ: وهو كتمان شيء مما أمروا بتبليغه للخلق.
ثالثا: ما يجوز في حقهم عليهم الصلاة والسلام
قال الناظم رحمه الله:
يجوز في حقهم كل عرض *** ليس مؤديا لنقص كالمرض
يجوز في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام الأعراض البشرية التي لا تنافي علو رتبتهم كالمرض والفقر من الأعراض الدنيوية مع الغنى عنها بالله تعالى وكالأكل والشرب والنكاح والنسيان بعد التبليغ، أو فيما لم يؤمروا بتبليغه، والنوم إلا أنه تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم.
رابعا: حقوق الرسل عليهم الصلاة والسلام
من حقوق الرسل عليهم السلام: الإيمان بهم، والتأسي بهديهم، وتوقير مقامهم، ورعاية حرمتهم، ومحبتهم.
قال ابن عاشر في منظومته المرشد المعين:
لو لم يكونوا صادقين للزم *** أن يكذب الإله في تصديقهم
إذ معجزاتهم كقوله وبر *** صدق هذا العبد في كل خبر
لو انتقى التبليغ أو خانوا حتم *** أن يقلب المنهي طاعة لهم
شرح المفردات:
معجزاتهم: آيات صدقهم.
وبر: وصدق.
أولا: دليل صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام
قال ابن عاشر رحمه الله:
لو لم يكونوا صادقين للزم *** أن يكذب الإله في تصديقهم
إذ معجزاتهم كقوله وبر *** صدق هذا العبد في كل خبز
الدليل العقلي الذي استدل به المؤلف على اتصاف الرسل عليهم الصلاة والسلام بالصدق: هو أنه لو لم يتصف الرسل عليهم الصلاة والسلام بالصدق فيما أخبروا به للزم کذب الإله في خبره وتصديقه إياهم حيث صدقهم فيما أتونا به من المعجزات. لأن المعجزة تنزل منزلة قوله جل وبر: صدق هذا الرسول في كل ما أخبركم به عني. فلو كذبوا فيما أخبروا به فصدقهم الله تعالى بالمعجزة لكان تصديقه لهم كذبا، لأن تصديق الكذب كذب والكذب عليه تعالى محال.
والمعجزة لفظ أطلق على الآية الدالة على صدق النبي وهي: أمر خارق للعادة مقارن لدعوى الرسالة متحدى به قبل وقوعه. ومعنى التحدي به: أن يقول: آية صدقي كذا فيقع ذلك.
ثانيا: دليل تبليغ الرسل عليهم الصلاة والسلام
قال الناظم رحمه الله: لو انتقى التبليغ...
الدليل العقلي الذي استدل به الناظم على اتصاف الرسل عليهم السلام بصفة التبليغ، هو: أنه لو انتفى عن الرسل عليهم السلام الاتصاف بالتبليغ؛ بحيث كتموا ما أمروا بتبليغه، لصار ذلك الكتمان، طاعة في حقهم، فنكون مأمورين بمثل ذلك، وهذا معنى انقلاب المنهي عنه الذي هو الكتمان طاعة لهم، وانقلاب المنهي طاعة محال، فما أدى إليه وهو كتمانهم محال وقد توعد الله تعالى من يكتم الوحي.
ثالثا: دليل أمانة الرسل عليهم الصلاة والسلام
قال الناظم رحمه الله: ... أو خانوا حتم *** أن يقلب المنهي طاعة لهم
دليل أمانة الرسل عليهم الصلاة والسلام: هو أنه لو انتفى عنهم وصف الأمانة؛ بخيانتهم، وجب عقلا، أن يصير فعل الناس للحرام الذي نهوهم عنه، طاعة لهم؛ لأننا مأمورون بالاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم.
فائدة: اقتصر الناظم على قوله: «طاعة» ولم يقل: «طاعة ومباحا»؛ لأن أفعالهم عليهم الصلاة والسلام دائرة بين الواجب والمندوب لا غير؛ لأن المباح لا يقع منهم عليهم الصلاة والسلام بمقتضى الشهوة ونحوها كما يقع من غيرهم، بل لا يقع منهم إلا مصاحبا لنية يصير بها قربة؛ لمقامهم من الله تعالی.
قال ابن عاشر رحمه الله:
جوز الاعراض عليهم حجته ***وقوعها بهم تسل حكمته
شرح المفردات:
تسل: مصدر تسلى أي صبر.
حكمته: غايته.
أولا: دليل جواز وقوع الأعراض عليهم
مما يجوز في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام جواز الأعراض البشرية عليهم، ودليل ذلك وقوعها بهم إما بطريق المشاهدة لمن حضرهم، أو بالتواتر لمن لم يحضر فقد شوهد مرضهم وجوعهم وإذاية الخلق لهم. ولكن حد ذلك منهم البدن الظاهر، أما قلوبهم فلا. باعتبار ما فيها من المعارف والأنوار التي لا يعرف قدرها إلا الله جل وعز. وكذا الجوع والنوم لا يستولي على شيء من قلوبهم ولهذا تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم.
وصريح النصوص يقطع بجواز الأعراض البشرية عليهم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا٢٠﴾ [الفرقان: 20] وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: 7]. وعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله وسلم قال: «...أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأتي، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»، صحيح البخاري برقم 15063
ثانيا: فائدة وقوع الأعراض على الرسل عليهم الصلاة والسلام
لجواز الأعراض على الرسل عليهم الصلاة والسلام فوائد منها:
1- تعظيم الأجر لهم.
2 - التشريع لأممهم.
3- التسلي؛ أي التصبر عن الدنيا.
قال ابن عاشر رحمه الله:
وقول لا إله إلا الله ** محمد أرسله الإله
يجمع كل هذه المعاني ** كانت لا علامة الإيمان
وهي أفضل وجوه الكر ** فاشغل بها العمر تف بالأخر
الشرح المفردات:
المعاني: جمع معنی: ما يعني من اللفظ ويقصد.
بالذخر: يقال: ذخرته ذخرا من باب نفع والاسم الذخر بالضم إذا أعددته لوقت الحاجة إليه واذخرته.
أولا : معنى: لا إله إلا الله وما ذا يندرج تحتها
1- معنى لا إله إلا الله:
معنى الإله: المعبود. والعبادة: هي غاية الخضوع والتذلل؛ فيكون الإله بمعنى المخضوع له غاية الخضوع بحق في اعتقاد الخاضع.
2 - ما يندرج تحت: لا إله إلا الله:
أ- استغناؤه جل وعز عن كل ما سواه: إن استغناءه تعالى عن كل ما سواه يوجب له ثمان صفات من الصفات الواجبة وهي: الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والسمع والبصر والكلام، ويؤخذ منه حكم القسم الثالث وهو: كون فعل الممكنات أو تركها جائزة في حقه تعالى لا أنه واجب أو مستحيل.
ب- افتقار كل ما سواه إليه جل وعلا: إن افتقار كل ما سواه إليه عز وجل يوجب له تعالى خمس صفات من الصفات الواجبة وهي الحياة والقدرة والإرادة والعلم والوحدانية، ويلزم من وصفه تعالى بالقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام كونه تعالى قادرا مريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما، فهذه صفات واجبة، وإذ وجب اتصافه تعالى بها استحال وصفه تعالی بأضدادها؛ لاستحالة الجمع بينهما، وتقدم أن حكم القسم الثالث وهو الجائز في حقه تعالی يؤخذ من وصف الاستغناء.
ثانيا: ما يندرج تحت: محمد رسول الله
- الإيمان بسائر الأنبياء والملائكة عليهم السلام.
- الإيمان بالكتب السماوية.
- الإيمان باليوم الآخر؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جاء بتصديق جميع ذلك.
- وجوب صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام، واستحالة الكذب عليهم وإلا لم يكونوا رسلا أمناء لمولانا العالم بالخفيات.
- استحالة فعلهم المنهيات كلها؛ لأنهم عليهم الصلاة والسلام أرسلوا ليعلموا الخلق بأقوالهم وأفعالهم وسكوتهم، فيلزم أن لا يكونوا في جميعها مخالفين لأمر مولانا عز وجل الذي اختارهم على جميع خلقه وأمنهم على سر وحيه.
- جواز الأعراض البشرية عليهم؛ إذ ذاك لا يقدح في رسالتهم وعلو منزلتهم عند الله تعالى، بل ذلك مما يزيد فيها.
ثالثا: فضل لا إله إلا الله
قال الناظم رحمه الله:
وهي أفضل وجوه الذكر ** فاشغل بها العمر تفز بالخر
كلمة التوحيد أفضل أنواع الذكر؛ لما جاء في فضلها وثوابها، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة.
قال ابن عاشر رحمه الله:
فصل وطاعة الجوارح الجميع ** قولا وفعلا هو الإسلام الرفيع
قواعد الاسلام خمس واجبات ** وهى الشهادتان شرط الباقيات
والصوم والحج على من استطاع ثم الصلاة والزكاة في القطاع **
الايمان جزم بالإله والكتب** والرسل والأملاك مع بعث قرب
وقدر کذا صراط ميزان ** حوض النبي جنة نيران
وأما الإحسان فقال من دراه ** أن تعبد الله كأنك تراه
إن لم تكن تراه إنه يراك ** والدين ذي الثلاث خذ أقوى عراك
شرح المفردات:
الرفيع: يقال: رفع الرجل في حسبه ونسبه فهو رفيع مثل: شرف فهو شريف.
الأملاك: أي الملائكة، فهو جمع قلة مفرده ملك.
عراك: جمع عروة ما يتمسك به في الشدائد.
أولا: مراتب الدين
بين الناظم رحمه الله في هذه الأبيات أن الدين مراتب ثلاث، وهي: الإسلام والإيمان والإحسان، وأن لكل مرتبة أركانا، وبيان ذلك في الآتي:
أ- الإسلام: أركانه خمسة وهي: النطق بالشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بیت الله الحرام.
ب- الإيمان: أركانه ستة وهي: الايمان بالله تعالى، والتصديق بكتبه، ورسله والملائكة عليهم الصلاة والسلام، والبعث، والقدر، والصراط والميزان والحوض والجنة والنيران.
ج- الإحسان: هو الإحسان إتقان العبادة وحسن المعاملة.
وله حالتان:
- الحالة الأولى: أن تغلب على العبد مشاهدة الحق تعالى بقلبه حتى كأنه يراه بعينيه.
- الحالة الثانية: أن يستحضر أن الله مطلع عليه يرى كل ما يعمل.
والحالة الأولى أرفع و أرقى وأحسن.
ثانيا: فوائد تربوية في فقه الدين
إن الدين هو مجموع الإسلام والإيمان والإحسان، وأنه أقوى وأوثق عروة يستمسك بها
وفي ذلك فقه عظيم تستنبط منه فوائد تربوية تعين على فقه الدين والترقي في مراتبه الثلاث، منها:
- الدين بناء متكامل يترقى المسلم عبر مراتبه ليحيا حياة طيبة في الدنيا والآخرة.
- لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الإسلام وجماع معاني الإيمان، ورافعة إلى مرتبة الإحسان.
- الدين علم وعمل، أساسه أركان الإسلام، وعموده الصلاة.
- على قدر معرفة العبد بالله جل جلاله يزداد إيمانه وتحسن عبادته وتعظم رحمته بخلق الله.
- مرتبة الإحسان مطلب أولي العزم من أهل التوحيد.
- مجاهدة النفس في الاستمساك بالدين والتحلي بمعالي الأخلاق سبيل المحسنين.