جديد الموقع: كيف أتفوق في دراستي؟
أذ. كريم امصنصف
نصوص الحديث:
عَنْ مالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ» [الموطأ، رقم: 384].
مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ لِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا أَشَدَّ مَا رَأَيْتَ أَبَاكَ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ سَالِمٌ: «غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ بِذَاتِ الْجَيْشِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْعَقِيقِ» [الموطأ، رقم: 393].
مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ «رَكِبَ إِلَى ذَاتِ النُّصُبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ».
قال يحيى: قَالَ مَالِكٌ: «وَبَيْنَ ذَاتِ النُّصُبِ وَالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ» [الموطأ، رقم: 396].
قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَقْصُرُ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ الصَّلَاةَ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، وَلَا يُتِمُّ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلَ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ أَوْ يُقَارِبَ ذَلِكَ» [الموطأ، رقم: 401].
مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «أُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِ، مَا لَمْ أُجْمِعْ مُكْثًا وَإِنْ حَبَسَنِي ذَلِكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً» [الموطأ، رقم: 402].
ترجمة الرواة:
- الأعرج: هو أبو داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني، الإمام الحافظ الحجة المقرئ، تابعي ثقة، جود القرآن وأقرأه، كان أول من وضع العربية بالمدينة، وكان أعلم الناس بأنساب قریش، مات سنة: 117 هـ.
- عبد الله بن عمر رضي الله عنه: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي أبو عبد الرحمن المكي، أسلم قديما مع أبيه وهو صغير، وهو أول مولود في الإسلام، واستصغر يوم أحد، وشهد الخندق وما بعدها، توفي سنة 73 أو 74 هـ.
الفهم الشرح:
تبوك: مدينة في الحجاز تقع على بعد سبعمائة كيلومتر شمال المدينة المنورة.
ذات الجيش: موضع يبعد من المدينة بحوالي أربعين كيلومترا.
العقيق: واد على طرف المدينة المنورة.
ذات النصب: مكان يبعد عن المدينة بنحو أربعة وثمانين كيلومترا.
أجمع مكثا: نوى إقامة.
أولا: أسباب الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر
اتفق العلماء على أنه يجوز فقط الجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، إذا وجد سبب من الأسباب الآتية:
1- الجمع بسبب السفر
يعد السفر سببا أساسا للجمع بين الصلاتين، يجمع جمع تقديم، إن ارتحل بعد زوال الشمس، وجمع تأخير إن ارتحل قبل الزوال.
فعن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يجمع بين الظهر والعصر، في سفره إلى تبوك».
وللمسافر أن يجمع نازلا ماكثا في مكانه أو سائرا في طريقه؛ والمقصد من الرخصة في الجمع رفع الحرج والمشقة عن الأمة.
فقد روى الإمام مالك، عن أبي الزبير المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، أن معاذ بن جبل أخبره: أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعام تبوك وكان نازلا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال: أخر الصلاة يوما، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج فصلی المغرب والعشاء جميعا» [الموطأ رقم: 385]. وكأنه فعله لبيان الجواز.
2- الجمع بسبب المطر
يجوز للجماعة التي تصلي في المسجد أن تجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم ليلة المطر؛ أو كان هناك وحل وطين في الطرقات مصحوبا بظلمة؛ والقصد إدراك فضيلة الجماعة.
لما رواه مالك عن عبد الله بن عباس، أنه قال: «صلی رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا تنفر»، قال مالك: «أرى ذلك كان في مطر» [الموطأ رقم: 387]. ووافقه جماعة من أهل المدينة وغيرها، ففي الموطأ عن نافع: أن عبد الله بن عمر، كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر، جمع معهم. [الموطأ رقم: 988].
3 - الجمع بسبب المرض
وإذا خاف المريض حصول إغماء أو حمى أو غيرهما مما يمنعه من صلاة الفرض في وقتها، فإنه يجوز له تقديم إحدى الصلاتين المشتركتين، أو تأخيرها.
ثانيا: أحكام قصر الصلاة
1- مفهوم قصر الصلاة
قصر الصلاة يراد به صلاة الرباعية ركعتين، وعليه فلا قصر في الصبح ولا المغرب إجماعا.
2 - هل القصر في السفر رخصة أو عزيمة؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن القصر في السفر رخصة، واستدلوا بقول الله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101]؛ لأن نفي الجناح لا يدل على العزيمة.
والحكمة من مشروعية قصر الصلاة للمسافر التخفيف والتيسير.
3- مسافة القصر
المسافة التي يرخص معها بالقصر هي أربعة برد (ما يقرب أربعة وثمانين كيلومترا)، والمعتبر في تقدير المسافة التي تبيح القصر هو الذهاب فقط، أو الإياب فقط؛ لما رواه الإمام مالك من فعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، الذي كان يركب من المدينة إلى ذات النصب، فيقصر الصلاة في ذلك، حيث قال: وذلك نحو من أربعة برد. وروى مالك في الموطأ، أنه بلغه: «أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة، في مثل ما بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، وفي مثل ما بين مكة وجدة، قال مالك: وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر الصلاة فيه إلي» [الموطأ رقم: 40].
4 - مدة القصر
مدة القصر أربعة أيام؛ فمن نوى إقامة أربع ليال (يعني خمسة أيام) ارتفعت عنه رخصة القصر، ووجب عليه الإتمام؛ لما جاء في الموطأ عن مالك، عن عطاء الخراساني، أنه سمع سعيد بن المسيب قال: «من أجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة. قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي» [الموطأ رقم: 404].
لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «أصلي صلاة المسافر ما لم أجمع مكثا، وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة».
5- متى يبدأ المسافر القصر؟
صرح الإمام مالك أنه «لا يقصر الذي يريد السفر الصلاة، حتى يخرج من بيوت القرية، ولا يتم حتى يدخل أول بيوت القرية، أو يقارب ذلك»؛ ويشهد له حديث البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «صلت الظهر مع النبي ي بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين» (صحيح البخاري باب: يقصر إذا خرج من موضعه)، وذكر ابن المنذر بأنه لا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة. (الأوسط لابن المنذر).
أولا: حكم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة والبصق جهتها
1- حكم استقبال القبلة بقضاء الحاجة خارج البنيان
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَقَ، مَوْلًى لِآلِ الشِّفَاءِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِمِصْرَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكَرَابِيسِ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ أَوِ الْبَوْلَ، فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِفَرْجِهِ». (الموطأ رقم 521)
ترجمة أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه ستأتي فيما بعد.
شرح المفردات:
الكرابيس: المراحيض واحدها كرياس، وقيل تختص بمراحيض الغرف، وأما مراحيض البيوت فإنما يقال لها الكنف.
الغائط: أصله المكان المنخفض من الأرض، يقصد لقضاء الحاجة فيه ثم كنى به عن العذرة نفسها.
القبلة هي الكعبة التي يستقبل جهتها المصلي بوجهه، لذا يحرم على من أراد قضاء حاجته أن يستقبلها بوجهه أو يستدبرها بظهره؛ إكراما لها عن مقابلتها بنجاسة، وقد خص ذلك بما هو خارج المراحيض المبنية أما داخلها فلا يحرم، ومع ذلك يبقى الأولى ترك استقبال القبلة واستدبارها في المراحيض المبنية، لذا ينبغي عند بنائه ألا يصمم المقعدة إلى جهة القبلة.
2- حكم البصاق إلى جهة القبلة
حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ، فَحَكَّهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى». (الموطأ رقم 524)
يكره للإنسان أن يبصق في جهة القبلة فذلك منهي عنه لما للقبلة من مكانة عظيمة، باعتبارها الجهة التي يتوجه إليها المصلي لمناجاة الله تعالى، بل حتى إذا رأى الإنسان بصاقا أو نخامة في المسجد فعليه أن يزيلها.
ثانيا: تحويل القبلة وفضل الصلاة في المسجد النبوي
1- تحويل القبلة
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ». (الموطأ رقم 527)
كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة يتوجهون إلى بيت المقدس في صلاتهم، واستمر الأمر كذلك بعد هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ستة عشر شهرا -[وقيل سبعة عشر شهرا]-، تم حولت القبلة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين. والمقصد من هذا التحويل الجمع له بين القبلتين، كما عد ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
2- فضل الصلاة في المسجد النبوي
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي». (الموطأ رقم 530)
ترجمة أبو هريرة رضي الله عنه: هو عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه، وسبب تكنيته بذلك ما رواه ابن عبد البر عنه أنه قال: كنت أحمل يوماً هرة في كمي، فرآني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «ما هذه؟» فقلت: هرة، فقال: «يا أبا هريرة» وقيل غير ذلك. أسلم عام خيبر وشهدها مع رسول اللَّه، ثم لازمه الملازمة التامة رغبة في العلم، توفي في سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين عن ثمان وسبعين سنة، ودفن بالبقيع.
يدل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم على المكانة العظيمة التي يحظى بها المسجد النبوي، وأن الصلاة فيه تفوق ألف صلاة فيما سواه من المساجد، ما عدا المسجد الحرام، الذي تعد الصلاة أفضل من مائة صلاة في المسجد النبوي.
أولا: حكم مس المصحف والقراءة منه من غير طهارة
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» [الموطأ رقم: 536].
ترجمة عمر بن حزم: هو أبو الضحاك عمرو بن حزم بن زيد النجاري الخزرجي الأنصاري، استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل نجران، ليفقههم في الدين، ويعلم القرآن، ويأخذ صدقاتهم، مات بالمدينة، سنة إحدى وخمسين.
1- مس المصحف من غير طهارة: يدل كتاب رسول الله لعمرو بن حزم رضي الله عنه أنه لا يجوز أن يمس القرآن محدث، وهو مذهب مالك، وفقهاء الصحابة ومن بعدهم من التابعين وأبو حنيفة والشافعي. ويستثنى من ذلك معلم القرآن ومن يتعلمه، للمشقة التي تلحقهما من تكرار المس عند التعليم. وكتب التفسير وغيرها تكتب فيها آيات القرآن متفرقة، فيجوز مسها من غير طهارة، ولو لجنب أو حائض، لأن المقصود منها معاني القرآن وليس التلاوة.
2- قراءة القرآن من غير وضوء: لا يشترط فيمن يقرأ القرآن من حفظه أن يكون متوضئا.
ثانيا: سجود تلاوة القرآن
قَالَ مَالِكٌ: «الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ عَزَائِمَ سُجُودِ الْقُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً. لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ» [الموطأ رقم: 555].
عزائم سجود القرآن: السجدات المؤكدات.
1- حكمه: اختلاف المالكية في حكم سجود التلاوة، هل هو سنة أو فضيلة؟ وهما قولان مشهوران في المذهب.
2- عدد سجدات التلاوة ومواضعها ووقتها
أ / ب- عدد سجدات التلاوة عند مالك وأصحابه إحدى عشرة سجدة، ومواضعها: الأعراف، والرعد، والنحل، والاسراء، ومريم، والحج أولها، والفرقان، وطس، وألم التنزيل، وص، وحم السجدة، وليس في المفصل منها شيء.
مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: «مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ. أَوْ كَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ» [الموطأ رقم: 540].
حزبه من الليل: أي ورده من القرآن الذي يقرؤه بالليل.
ج- وقت سجود التلاوة اتفق الفقهاء على أنه يكون في كل وقت تجوز فيه النافلة، وقد اختلفوا في الأوقات التي تكون الصلاة فيها مكروهة، ولمالك في ذلك روايتان:
الأولى بالموطأ: لا ينبغي لأحد أن يقرأ من سجود القرآن شيئا بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، لورود نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك.
والثانية بالمدونة: يسجد لها بعد الصبح ما لم يسفر، يسجد لها بعد العصر ما لم تصفر الشمس.
عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ. وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" [الموطأ رقم: 562].
شرح المفردات:
عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ: ثواب عتق عشرة من العبيد.
حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ: حصنا واقيا من وساوس الشيطان.
أولا: فضل الذكر - التي يجنيها الذاكر في الدنيا والآخرة، منها:-
1- مغفرة الذنوب: للعبد الذي يكثر من ذكر الله تعالى، تحط عنه خطاياه، وترفع درجاته.
2- ذكر الله أكبر من الصلاة وأفضل من الصدقة والجهاد.
3- تسابق الملائكة لكتابة الذكر ورفعه.
4- الحفظ من الشيطان؛ لأن الذكر حصن متين يتحصن به الإنسان من الشيطان؛ لأنه كلما كانت الغفلة عن ذكر الله وسوس الشيطان، وكلما ذكر العبد مولاه خنس الشيطان.
ثانيا: أوقات الذكر المفضلة
1- عقب الصلوات المفروضة ذكر الله مطلوب؛ لما فيه من مغفرة الخطايا والذنوب.
2- أثناء الصلاة من الأوقات المفضلة للذكر عندما يكون العبد ساجدا بين يدي مولاه، يناجيه في الصلاة.
ثالثا: أفضل الأدعية وأوقاتها
1- أفضل الأدعية التي وردت فيها نصوص - حديثية شريفة - خاصة منها:
أ- دعاء التمتع بالصحة والتعوذ من الفقر: (اللهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا، والشمس والقمر حسبانا، اقض عني الدين، وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري، وقوتي في سبيلك).
ب- دعاء يوم عرفة: (وجاء فيه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له).
ج- دعاء التعوذ من الفتنة وعذاب الآخرة: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات).
2- الأوقات المفضلة للدعاء
عَنْ مالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟" [الموطأ رقم: 572].
أ- الثلث الآخر من الليل حيث الدعاء مستجاب.
ب- داخل الصلاة أي أثناء السجود.
ج- عند افتتاح صلاة - قيام - الليل.
للاستثمار:
لإدراك مدى أهمية الدعاء في الإسلام وفي حياة الإنسان أدعوكم لقراءة الكتيبات الآتية:
سورة الفاتحة تفسير موضوعي في ضوء عبادة الدعاء: رابط التحميل أنقر هنا
الدعاء وعلم النفس: رابط التحميل أنقر هنا
- مالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ» [الموطأ رقم: 587].
- قرن الشيطان: قوته.
- مالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» [الموطأ رقم: 591].
أولا: الأوقات التي تحرم الصلاة فيها
1. الأوقات التي تحرم فيها صلاة النافلة:
تحرم كل صلاة غير الصلوات المفروضة وقت شروق الشمس ووقت غروبها، وعلة النهي عن صلاة النافلة في الوقتين هي كون الشمس تطلع وتغرب ومعها قرن الشيطان.
2. حكم صلاة الفريضة في هذه الأوقات:
الصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات هي صلاة التطوع، أما صلاة الفريضة، فتصلى في كل وقت، عند الشروق والغروب، هذا فمن كان له عذر في التأخير، أما من لا عذر له فلا يجوز له ذلك.
ثانيا: الأوقات التي تكره فيها صلاة النافلة
1. بعد طلوع الفجر إلى شروق الشمس:
تكره صلاة النافلة بعد طلوع الفجر إلى ما بعد شروق الشمس بقليل، وتستثنى من الكراهة في هذا الوقت مجموعة من النوافل، منها: ركعتا الفجر، الورد المعتاد من الليل، الشفع والوتر.
2. بعد العصر إلى غروب الشمس:
تكره صلاة النافلة بعد صلاة العصر إلى المغرب، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يشددون على من رأوه يصلي بعد العصر.
الدرس 15 مفهوم الزكاة وشروطها
مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» [الموطأ رقم: 674].
قَالَ مَالِكٌ: "الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَهُ: إِنَّ الرِّكَازَ إِنَّمَا هُوَ دِفْنٌ يُوجَدُ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، مَا لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ، وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ، وَلَا كَبِيرُ عَمَلٍ وَلَا مَئُونَةٍ فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ، وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ، فَأُصِيبَ مَرَّةً، وَأُخْطِئَ مَرَّةً، فَلَيْسَ بِرِكَازٍ". [الموطأ رقم: 675].
مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ. ثُمَّ «لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ» [الموطأ رقم: 677].
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي وَأَخًا لِي يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِهَا، فَكَانَتْ «تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ» [الموطأ رقم: 681].
شرح المفردات:
الركاز: من الركز والمراد به المال الذي دفنه أهل الجاهلية.
المعدن: هو عرق ينبته الله في باطن الأرض، كالنحاس، والذهب.
العنبر: مادة تخرج من جوف حوت يعرف بحوت العنبر.
اللؤلؤ: إفراز صلب كروي يتشكل داخل صدفة بعض أنواع الرخويات.
أولا: زكاة المعدن والركاز
1- زكاة المعدن
مذهب مالك أنه لا يؤخذ مما يخرج من المعدن شيء حتى يبلغ ما يخرج منه قدر عشرين دينارا ذهبا، أو قدر مائتي درهم فضة، فإن بلغ ذلك ففيه ربع العشر، وما زاد على النصاب فبحسابه ما دام في المعدن نيل، ويضم إلى الأول الذي بلغ النصاب ویزکی؛ لأنه بقية عرقه، فإن انقطع عرقه ثم جاء بعد ذلك نيل آخر، فإنه لا يضاف إلى الثاني في الزكاة، ولكن تبتدأ فيه الزكاة، فإن كان نصابا زكي وإلا فلا،
وتؤخذ الزكاة من المعدن مكانه عند انفصاله من معدنه، ولا ينتظر به الحول، كالزرع تجب فيه الزكاة يبدو صلاحه.
2 - زكاة الركاز
أ- مفهومه: الركاز المقصود هنا هو ما يوجد من دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ينفق على إخراجه، ولا كبير عناء ومؤونة.
ب- مقدار زكاة الركاز: مقدار زكاة الركاز الخمس؛ ولا فرق في ذلك عند مالك والجمهور بين قليله وكثيره؛ لظاهر الحديث. وهل يشترط كونه أحد النقدين؟ ظاهر الحديث العموم، فيشمل النقدين، والنحاس، والحديد، والجواهر، وغيرها، وهو المشهور في المذهب.
ثانيا: زكاة الحلي والتبر واللؤلؤ والمسك والعنبر.
1- زكاة الحلي
يقصد بالحلي الذهب والفضة، وهما من الأموال المعدة للتنمية فتجب فيهما الزكاة، فإن خرجا عن ذلك بالصياغة المباحة واللبس المباح واتخذا للزينة فلا تجب فيهما الزكاة؛ فإذا كان الحلي لغير اللبس كالمعد للعاقبة فتجب فيه الزكاة؛ لأنه يطلب فيه النماء بالتصرف.
2 - زكاة التبر والحلي المهشم والمكسر
من كان له تبر، أو حلي مهشم لا يمكن إصلاحه إلا بسبكه، أو مكسر لا ينتفع فيه باللبس ولم ينو إصلاحه فعليه في ذلك الزكاة.
3 - زكاة اللؤلؤ والمسك والعنبر: لا زكاة في اللؤلؤ والمسك والعنبر وسائر العروض؛ لأن أصلها القنية لا التنمية، فإن انتقلت إلى التجارة وجبت فيها الزكاة.
ثالثا: زكاة أموال اليتامى والتجارة فيها
1- زكاة أموال اليتامى
تجب الزكاة في أموال اليتامى إذا استوفت شروط إخراجها؛ لأن الزكاة توسعة على الفقراء، فمتى وجد الغني وجبت الزكاة.
2 - التجارة في أموال اليتامی
للولي، وهو الأب أو الوصي أن يتجر في أموال اليتامى وينميها لهم إذا كان مأمونا، فإن خسرت أموالهم أو تلفت فلا ضمان عليه؛ لأنه فعل ما هو مأمور به.
شرح المفردات:
نَاضُّ: ناض المال هو ما كان ذهبا أو فضة عينا أو ورقا عند أهل الحجاز.
أولا: زكاة الميراث
مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ، وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ، إِنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَا يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثُ. وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا. وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ. فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ يُبَدأ عَلَى الْوَصَايَا.
قَالَ: وَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُهُ. فَذَلِكَ حَسَنٌ. وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَهْلُهُ. لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ".
1- زكاة التركة: إذا أوصى الرجل بزكاة ماله ثم مات قبل إخراجها فلا يخلو ذلك من أمرين:
أ- ألا يفرط في أدائها: مثل أن يكون له مال وجبت فيه الزكاة فيموت قبل أن يتمكن من أدائها، فهذا إذا أمر بإخراجها في مرضه فإنها تؤخذ من رأس مال التركة.
ب- أن يفرط في أدائها: فإن أوصى بها أخرجت من الثلث، وتقدم على الوصايا، وإن لم يوص بها فلا يلزم أهله إخراجها.
وقَالَ مَالِكٌ: «السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ، فِي مَالٍ وَرِثَهُ، الزَّكَاةُ. حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ».
2 - زكاة نصيب الوارث: لا تجب على الوارث زكاة في مال ورثه؛ حتى يحول عليه الحول من يوم القبض.
ثانيا: زكاة الدين
مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ: «هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ. فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ. حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ فَتُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ».
1- زكاة المدين: إذا حل وقت الزكاة فمن كان عليه دين فليؤده، فإن بقي له نصاب بعد أداء الدين أخرج منه الزكاة؛ لأن ما قابل الدين لا زكاة فيه، هذا إذا كان المال عينا، أما إذا كان حرثا أو ماشية أو معدنا فإن الزكاة في أعيانها، فلا يسقطها الدين.
2 - وقت زكاة الدين: من كان له على غيره دين فإنه لا يزكيه حتى يقبضه؛ فإن قبض من الدين جزءا لا يبلغ النصاب، فإن كان له مال سوى المقبوض تجب فيه الزكاة زكي ما قبض مع ذلك المال، وكذا إن كان ما عنده أقل من نصاب قد حال عليه الحول ثم قبض من الدين ما إذا أضافه إليه تم به نصاب فإنه يزكي يوم القبض عنهما، فإن لم يحل الحول على ما بيده لم يزك ما قبض من دينه حتى يبلغ نصابا.
3 - زكاة المال المغصوب سنين: لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة لماضي السنين.
ثالثا: زكاة العروض التجارية.
مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، وَكَانَ زُرَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ، فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، دِينَارًا. فَمَا نَقَصَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا. فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ، فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَخُذْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا، دِينَارًا. فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى يَبْلُغَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَاكْتُبْ لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ، كِتَابًا إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ».
1- حكم زكاة عروض التجارة: تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء.
2 - إدارة العروض التجارية على نوعين:
أ- البيع في كل وقت بلا انتظار سوق، كفعل أرباب الحوانيت، ويسمى هذا النوع من التجار "المدير"، فيزكي كل عام عند رأس الحول الذي بدأ فيها تجارته، أو عند رأس حول المال الذي بدأ به التجارة، فيقوم ما بيده من السلع ويضم إليها ما نض عنده من مال ويزكي الجميع، إذا بلغ ذلك كله النصاب.
ب- شراء البضاعة ورصد الأسواق بها، ويسمى هذا النوع من التجار "المحتكر"، فلا زكاة عليه حتى يبيع فيزكي لعام واحد.
مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الْأَنْصَارِيَّ "أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، تَبِيعًا، وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً، مُسِنَّةً. وَأُتِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا، حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ"، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. الموطأ رقم 701
قَالَ مَالِكٌ: "فِي الْفَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ، فَلَا تُوجَدُ عِنْدَهُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتِ ابْنَةَ مَخَاضٍ فَلَمْ تُوجَدْ، أُخِذَ مَكَانَهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ. وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ لَبُونٍ، أَوْ حِقَّةً، أَوْ جَذَعَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، كَانَ عَلَى رَبِّ الْإِبِلِ أَنْ يَبْتَاعَهَا لَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهَا. وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا" الموطأ رقم 710
وقَالَ مَالِكٌ: "فِي الْإِبِلِ النَّوَاضِحِ، وَالْبَقَرِ السَّوَانِي، وَبَقَرِ الْحَرْثِ: إِنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، إِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ". الموطأ رقم 711
شرح المفردات:
النواضح: هي التي تحمل الماء للسقي، سميت بذلك لأنها تبل العطش.
السواني: هي التي يستقى عليها من البئر.
ابنة مخاض سميت بذلك لأن أمها حامل.
ابن لبون سمي بذلك لأن أمه صارت لبونا بوضع حملها.
حقة سميت بذلك لأنها بلغت فحق أن يطرقها الفحل.
جذعة سميت بذلك لأنها أُسقطت مقدم أسنانها.
تبيع سمي بذلك لأنه فطم عن أمه فهو تبيعها.
أولا: مقادير زكاة الماشية
1- نصاب زكاة الإبل (انظر الجدول أسفله)
2- مقادير زكاة الغنم (انظر الجدول أسفله)
3- مقادير زكاة البقر (انظر الجدول أسفله)
ثانيا: أحكام صدقة الماشية
1- أحكام زكاة العاملة والمعلوفة: عند مالك الزكاة واجبة في السائمة أي الراعية من الإبل والبقر وكذا في المعلوفة والعاملة.
2- ما لا يجوز إخراجه زكاة: لا تخرج الشرار في الزكاة وهي التيس ذكر المعز الذي لم يبلغ حد الفحولة، ولا الهرمة التي سقطت أسنانها ولا ذات عُوار أي العيب.
قَالَ، وَقَالَ مَالِكٌ: الْخَلِيطَانِ فِي الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ. يُجْمَعَانِ فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعاً، إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ. وَذلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ».وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب: وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةٌ. قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَهذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذلك. [الموطأ رقم: 713]
مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ. فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلاً ذَاتَ ضَرْعٍ عَظِيمٍ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا هذِهِ الشَّاةُ؟ فَقَالُوا: شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْطَى هذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ. لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ. لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ. نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ. [الموطأ رقم: 718]
مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَهُ مُصَدِّقاً. فَكَانَ يَعُدُّ عَلَى النَّاسِ بِالسَّخْلِ. فَقَالُوا: أَتَعُدُّ عَلَيْنَا بِالسَّخْلِ، وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئاً؟! فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرَ لَهُ ذلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَعَمْ، نَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ، يَحْمِلُهَا الرَّاعِي، وَلَا نَأْخُذُهَا وَلَا نَأْخُذُ الْأَكُولَةَ، وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضَ، وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ. وَنَأْخُذُ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ! وَذلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْغَنَمِ وَخِيَارِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالسَّخْلَةُ الصَّغِيرَةُ حِينَ تُنْتَجُ. وَالرُّبَّى الَّتِي قَدْ وَضَعَتْ، فَهِيَ تُرَبِّي وَلَدَهَا. وَالْمَاخِضُ هِيَ الْحَامِلُ. وَالْأَكُولَةُ هِيَ شَاةُ اللَّحْمِ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ. [الموطأ رقم: 715]
الشرح:
حزرات: خيار الأموال.
حافل: يقال: فلت الشاة تركت حلبها حتى اجتمع اللبن في ضرعها.
الخليطان: الشريكان.
نكبوا عن الطعام: اعدلوا عن ذوات الدر فإن نفوسهم لا تطيب بها.
عدل بين غذاء الغنم وخياره: وسط بين السخال والخيار.
أولا: زكاة خلطاء الماشية
1- الخلطاء وشروط الخلطة
الخلطاء هم الجماعة تكون لكل واحد منهم ماشية تجب فيها الزكاة فيجمعونها، ويتخذون راعيا واحدا، ويكون لهم مراح وفحل واحد، ويزكون كمالك واحد بشرط نية الخلط، وأن يعرف كل منهم ماله من مال صاحبه، فإن لم يعرف أحدهم ماله من مال صاحبه فهو شريك وليس بخليط.
2- زكاة الخلطاء
ولا تجب الزكاة على الخلطاء حتى يكون لكل واحد منهم ما تجب فيه الزكاة. فتكون الزكاة على الذي له ملك النصاب، ولا زكاة على الذي له أقل من النصاب. فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة جمعا في الزكاة ووجبت عليهما جميعا بقدر ماليهما.
3- الجمع والتفريق خشية الزكاة
يستعظم بعض الناس الزكاة فيسعون إلى الإنقاص من المخرج منها بالجمع أو التفريق، وقد نهى الشرع عن ذلك، وتفسير لا يجمع بين مفترق. أنه يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة، وقد وجب على كل واحد منهم في غنمه الصدقة، فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة، وتفسير قوله: ولا يفرق بين مجتمع، أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شاه، فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما، فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة.
ثانيا: ما يخرج في زكاة الماشية
1- لزوم الوسط
في الزكاة لا تؤخذ الجيدة الكرام ولا الرديئة وإنما وسط بين ذلك، فلا ضرر ولا ضرار.
2 - النهي عن التضييق على الناس
في زكاة الماشية مشهور المذهب أن الزكاة لا تؤخذ من الكرائم وإن كانت كلها خيارا، ولربها أن يأتيه بالوسط.