جديد الموقع: كيف أتفوق في دراستي؟
أهداف الدرس: معرفة مفهوم البيع والربا وأحكامهما، وأنواع الربا ومقاصد الشرع من تحريمه، والامتثال لأحكام البيع في المعاملات.
المتن: قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا، وَكَانَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فِي الدُّيُونِ إمَّا أَنْ يَقْضِيَهُ وَإِمَّا أَنْ يُرْبِيَ لَهُ فِيهِ. وَمِنَ الرِّبَا فِي غَيْرِ النَّسِيئَةِ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ مُتَفَاضِلًا، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ. وَلَا يَجُوزُ فِضَّةِ بِفِضَّةٍ وَلَا ذَهَبٍ بِذَهَبٍ إلَّا مِثْلَا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍِ، وَالْفِضَّةُ بِالذَّهَبِ رِبًا إلَّا يَدًا بِيَدٍ. وَالطَّعَامُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْقُطْئِيَّةِ وَشَبَهِهَا مِمَّا يُدَّخَرُ مِنْ قُوتٍ أَوْ إدَامٍ لَا يَجُوزُ الْجِنْسُ مِنْهُ بِجِنْسِهِ إلَّا مِثْلَا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَلَا يَجُوزُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خَِلَافِهِ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ أَوْ لَا يُدَّخَرُ. وَلَا بَأْسَ بِالْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ وَمَا لَا يُدَّخَرُ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِيمَا يُدَّخَرُ مِنَ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ وَسَائِرِ الْإِدَامِ وَالِطَّعَامِ وَالِشَّرَابِ إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ، وَمَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ. وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ إلَّا فِي الْخَضَرِ وَالْفَوَاكِهِ».
شرح المفردات:
يدا بيد: أي مناجزة.
يدخر: الادخار: بقاء الطعام مدة دون أن يفسد.
متفاضلا: متزايدا؛ يزيد بعضه عن بعض.
أولا: البيع
1- تعريف البيع:
أ. لغة: الْمُبَادَلَة. وَيُطْلَقُ أَيْضًا على الشِّرَاء.
ب. سبب التسمية:
- سُمِّي الْبَيْعُ بَيْعًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَمُدُّ بَاعَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي حَالَّةَ الْعَقْدِ غَالِبًا.
- كَمَا يُسَمَّى صَفْقَةً؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَصْفِقُ يَدَهُ عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ.
ج. اصطلاحا:
- بالمعنى الأعم هو: «عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة».
- وبالمعنى الخاص هو: «نقل الملك بعوض بوجه جائز».
2- حكم البيع:
أ. الأصل فيه الجواز.
ب. دليل مشروعيته الكتاب ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، والسنة: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»، وإجماع المسلمين على جواز البيع في الجُملة.
3- حكمة البيع:
أ. تلبية حاجات الناس.
ب. الحصول على ما في يد الغير برضاه.
4- أركان البيع (ثلاثة):
أ- العاقدان: وهما البائع والمبتاع (المشتري) ويشترط فيهما:
- التمييز؛ أي فهم الخطاب، فلا يَنْعَقد بَيْع غير المُمَيِّز لِصغر سن أو جُنون.
- التكليف؛ أي الرشد (حسن تصرف البالغ) والطوع (مختارا غير مكره)، وهو شرط في لزوم البيع دون الانعقاد، فلا يلزم بيع الصبي ولا السفيه ولا المكره إكراها حراما.
ب- المعقود عليه: ويشمل الثمن (السعر)، والمثمن (السلعة) وشرطه: أن يكون طاهرا - منتفعا به - مقدورا على تسليمه - معلوما للمتبايعين - غير منهي عن بيعه.
ج- ما ينعقد به البيع (الصيغة): ينعقد البيع بالإيجاب والقبول، وما شاركهما في الدلالة على الرضا كالمعاطاة (وهي: أن يعطيه الثمن فيعطيه المثمون أو العكس).
ثانيا: الربا في الطعام
1- تعريف الربا:
لغة: الزِّيادة.
وشرعا: هو نوعان: ربا النسيئة ويكون في الديون (وهو ربا الجاهلية)، وربا الفضل ويكون في البيوع، وله صورتان: تفاضل (زيادة) وتأخير.
والمراد بالربا في الآية: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، كُلّ زيادة لم يُقابلها عِوَض».
2- حكم الربا: الربا محرم بالكتاب﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، والسنة فعن جَابِر رضي الله عنه قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلِّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»، والإجماع بين المسلمين سلفا وخلفا على تحريمه وإثم المتعامل به.
3- الربا في الطعام
الطعام الربوي على ستة أقسام وهي:
أ- بيع الجنس الواحد بجنسه كالحبوب والقطنية وشبههما مما يدخر من قوت وهو ما تقوم به بنية الآدمية: كاللحم والسمن والإدام، وما يتبع القوت من مصلحاته كالملح والبصل فهذا القسم لا يجوز فيه زيادة التفاضل ولا تأخير النَّسَاء. وهذا ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: «وَالطَّعَامُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْقُطْنِيَّةِ وَشَبَهِهَا مِمَّا يُدَّخَرُ مِنْ قُوتٍ أَوْ إدَامٍ لَا يَجُوزُ الْجِنْسُ مِنْهُ بِجِنْسِهِ إلَّا مِثْلًا بِمِثلٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرٌ».
ب- بيع الطعام بالطعام إلى أجل سواء كان من جنسه كقمح بقمح مثلا، أو من غير جنسه كقمح بقطنية مثلا، وسواء كان مما يدخر كالقمح والشعير، أو مما لا يدخر كالرمان والبطيخ فهذا القسم لا يجوز فيه النساء؛ لأن النَّسَاء يشمل كل المطعومات.
وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا يَجُوزُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِهِ كَانَ مِمَّا يُدَّخَرُ أَوْ لَا يُدَّخَرُ».
ج- بيع الفواكه والبقول وما لا يدخر فهذا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا إذا كان يدا بيد وإن كان من جنس واحد. وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا بَأْسَ بِالْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ، وَمَا لَا يُدَّخَرُ مُتَفَاضِلًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ».
د- بيع ما يدخر من الفواكه اليابسة فهذا لا يجوز التفاضل في الجنس الواحد منه وهو المنبه عليه بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِيمَا يُدَّخَرُ مِنَ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ وَسَائِرِ الْإِدَامِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ).
هـ- بيع ما اختلفت أجناسه من الشراب ومن سائر الحبوب والثمار فهذا لا بأس بالتفاضل فيه إذا كان يدا بيد؛ لحديث عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ... فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ». وهذا هو المشار إليه بقول المصنف رحمه الله: «وَمَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ وَالثَّمَارِ وَالطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ».
و- بيع الجنس الواحد من الطعام فهذا لا يجوز التفاضل فيه إلا في الخضر والفواكه، وإليه الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ إلَّا فِي الْخُضَرِ وَالْفَوَاكِهِ».
والعلة في حرمة ربا الفضل في الطعام الاقتياتُ والادخارُ على المشهور عند المالكية.
والعلة في حرمة ربا النساء مطلق الطعمية على وجه الغلبة لا للتداوي.
من مقاصد الدرس معرفة الحكمة من تحريم الربا لما فيه من ضرر عظيم، ومن ضرره:
- أنه يسبب العداوة بين الناس.
- أنه يقتل مشاعر الشفقة والرحمة في الإنسان.
- أنه يعطل المكاسب والتجارة والصناعات التي يحتاجها الناس.
أسئلة الدرس:
- عرف البيع والربا وبين حكمهما مع الاستدلال والتعليل.
- ما نوع الربا الذي كان في الجاهلية؟
- أذكر أقسام الربا في الطعام، وبين الفرق بين ربا الفضل وربا النساء.
- ما حكم التفاضل والنسيئة في البيوع والعلة في ذلك؟
- متى يجوز ربا الفضل ولا يجوز ربا النساء؟ مع الاستدلال.
خلاصة الدرس (1):
متن نص الانطلاق: من قول أبي زيد القيرواني في متن الرسالة: (وأحل الله البيع وحرم الربا إلى: الواحد منه إلا في الخضر والفواكه).
تعريف البيع: لغة: الْمُبَادَلَة. وسُمِّي الْبَيْعُ بَيْعًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَمُدُّ بَاعَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي حَالَّةَ الْعَقْدِ غَالِبًا. واصطلاحا: بالمعنى الخاص هو: «نقل الملك بعوض بوجه جائز».
حكم البيع: الأصل فيه الجواز. ودليل مشروعيته الكتاب والسنة وإجماع المسلمين. وحكمته: تلبية حاجات الناس. والحصول على ما في يد الغير برضاه.
أركان البيع (ثلاثة) وهي: أولا: العاقدان: وهما البائع والمبتاع (المشتري) ويشترط فيهما: التمييز (أي فهم الخطاب)، والتكليف (أي الرشد والطوع)، وهو شرط في لزوم البيع دون الانعقاد. والثاني: المعقود عليه: ويشمل الثمن، والمثمن وشرطه: أن يكون طاهرا - منتفعا به - مقدورا على تسليمه - معلوما للمتبايعين - غير منهي عن بيعه. والركن الثالث: ما ينعقد به البيع (الصيغة): وهي الإيجاب والقبول، وما شاركهما في الدلالة على الرضا كالمعاطاة.
تعريف الربا: لغة: الزِّيادة. وشرعا: هو نوعان: ربا النسيئة ويكون في الديون (وهو ربا الجاهلية)، وربا الفضل ويكون في البيوع، وله صورتان: تفاضل (زيادة) وتأخير. والمراد بالربا في الآية: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾، كُلّ زيادة لم يُقابلها عِوَض».
حكم الربا: الربا محرم بالكتاب، والسنة والإجماع.
الطعام الربوي على ستة أقسام وهي:
الأول: بيع الجنس الواحد بجنسه كالحبوب والقطنية وشبههما مما يدخر من قوت وهو ما تقوم به بنية الآدمية: كاللحم والسمن والإدام، وما يتبع القوت من مصلحاته كالملح والبصل لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثلٍ يَدًا بِيَدٍ فهذا القسم لا يجوز فيه زيادة التفاضل ولا تأخير النَّسَاء.
الثاني: بيع الطعام بالطعام إلى أجل سواء كان من جنسه كقمح بقمح مثلا، أو من غير جنسه كقمح بقطنية مثلا، وسواء كان مما يدخر كالقمح والشعير، أو مما لا يدخر كالرمان والبطيخ فهذا القسم لا يجوز فيه النساء؛ لأن النَّسَاء يشمل كل المطعومات.
ثالثا: بيع الفواكه والبقول وما لا يدخر فهذا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا إذا كان يدا بيد وإن كان من جنس واحد.
رابعا: بيع ما يدخر من الفواكه اليابسة فهذا لا يجوز التفاضل في الجنس الواحد منه وَسَائِرِ الْإِدَامِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ.
خامسا: بيع ما اختلفت أجناسه من الشراب ومن سائر الحبوب والثمار فهذا لا بأس بالتفاضل فيه إذا كان يدا بيد.
سادسا: بيع الجنس الواحد من الطعام فهذا لا يجوز التفاضل فيه إلا في الخضر والفواكه.
والعلة في حرمة ربا الفضل في الطعام الاقتياتُ والادخارُ على المشهور عند المالكية.
والعلة في حرمة ربا النساء مطلق الطعمية على وجه الغلبة لا للتداوي.
ومن مقاصد الدرس معرفة الحكمة من تحريم الربا لما فيه من ضرر عظيم، ومن ضرره: أنه يسبب العداوة بين الناس. ويقتل مشاعر الشفقة والرحمة في الإنسان. ويعطل المكاسب والتجارة والصناعات التي يحتاجها الناس.
أهداف الدرس: معرفة ما يعتبر جنسا واحدا من الطعام وما لا يعتبر، وحكم بيع الطعام قبل قبضه، والبيوع الفاسدة. وامتثال مقاصد الشرع من تحليل البيع وتحريم الربا.
المتن: قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: «وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَحِلُ مِنْهُ وَيَحْرُمُ، وَالزَّبِيبُ كُلُّهُ صِنْفٌ، وَالتَّمْرُ كُلُّهُ صِنْفٌ، وَالْقُطْنِيَّةُ أُصْنَافٌ فِي الْبَّيُوعِ. وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكِ، وَلَمْ يَخْتَلِف قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ.
وَلُحُومُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ صِنْفٌ، وَلُحُومُ الطَّيْرِ كُلِّهِ صِنْفٌ، وَلُحُومُ دَوَابِّ الْمَاءِ كُلَّهَا صِنْفٌ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ لُحُومِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ شَحْمٍ فَهُوَ كَلَحْمِهِ وَأَلْبَانُ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَجُبْنُهُ وَسَمْنُهُ صِنْفٌ. وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إذَا كَانَ شِرَاؤُهُ ذَلِكَ عَلَى وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ بِخِلَافِ الْجُزَافِ وَكَذَلِكَ كُلُّ طَعَامِ أَوْ إدَامٍ أَوْ شَرَابٍ إلَّا الْمَاءَ وَحُدَهُ، وَمَا يَكُونُ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالزَّرَارِيعِ الَّتِي لَا يُعْتَصَّرُ مِنْهَا زَيْتٌ فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِيمَا يَحْرُمُ مِنْ بَيْعِ الطِّعَامِ قَبَلَ قَبْضِهِ أَوِ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الطَّعَامِ الْقَرْضِ قَبَلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، وَلَا بَأْسَ بِالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ الْمَكِيِلَ قَبْلَ قَبَضِهِ. وَكُلُّ عَقْدِ بَيْعِ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ بِخَطَرٍ أَوْ غَرَرٍ فِي ثَمَنٍ أَوْ مَثْمُونٍ أَوْ أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ، وَلَا بَيْعُ شَيْء مَجْهُولٍ، وَلَا إِلَى أَجَل مَجْهُولٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ التَّدْلِيسِ، وَلَا الْغِشُّ وَلَا الْخِلَابَةُ وَلَا الْخَدِيعَةُ، وَلَا كِتْمَانُ الْعُيُوبِ، وَلَا خَلْطُ دَنِيءٍ بِجَيِّدٍ، وَلَا أَنْ يَكْتُمَ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ مَا إذَا ذَكَرَهُ كَرِهَهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ لَهُ فِي الثَّمَنِ».
شرح المفردات:
الْجُزَاف: الحدس والتقدير في البيع والشراء.
الشركة: اشتراك طرفين فأكثر في المبيع أو نحوه.
التَّوْلِيَةِ: بيع المشتري ما اشتراه لنفسه، لغيره بنفس الثمن.
الْإِقَالَةِ: تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِه بِثَمَنِهِ.
التَّدْلِيسُ: أن يعلم أن بسلعته عيبا فيكتمه عن المشتري.
الغش: أن يَخلط الشيء بغير جنسه كخلط العسل بالماء مثلا.
الْخِلَاَبَةُ: الخديعة بالكذب والتدليس ونحوهما.
تمهيد: في الدرس السابق بينا أن بيع الجنس الواحد من الطعام لا يجوز إلا مناجزة، ونبين في هذا الدرس ما اتحد جنسه من الطعام وغيره.
أولا: ما يعتبر صنفا واحدا في الطعام والحَبّ واللحم
1- الزبيب وأنواعه: وهو المشار إليه بقول المصنف: «وَالزَّبِيبُ كُلُّهُ صِنْفٌ».
2- التمر وأنواعه: وهو المنبه عليه بقول المصنف: « وَالتَّمْرُ كُلُّهُ صِنْفٌ».
3- الحَب، ويشمل:
أ- القمح والشعير والسلت: وفيها قال المصنف: «وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَيَحْرُمُ».
ب- القطنية: وفيها قال المصنف: «وَالْقُطْنِيَّةُ أَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفَ فِيِهَا قَوْلُ مَالِكِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ».
4- اللّحم، ويشمل:
أ- لحوم الإبل والبقر والضأن: وفيها قال المصنف: «وَلُحُومُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ صِنْفٌ».
ب- لحوم الطير: وفيها قال المصنف: «وَلُحُومُ الطَّيْرِ كُلِّهِ صِنْفٌ».
ج- لحوم دوابّ الماء: وفيها قال المصنف: «وَلُحُومُ دَوَابِّ الْمَاءِ كُلِّهَا صِنْفٌ».
ثانيا: حكم بيع الطعام قبل قبضه (وهو على الحالات الآتية):
1– إن كان الطعام موزونا أو مكيلا أو معدودا فهذا لا يجوز بيعه قبل أن يستوفيه البائع ويقبضه سواء كان ربويا (وهو كل طعام اجتمع فيه وصفا الاقتيات والادخار) أو غير ربوي (وهو كل طعام فقد وصف الاقتيات أو الادخار أو هما معا)؛ لحديث عَبْدِ الله بْن عُمَر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». واختلف في علة هذا الحكم «قيل: تَعَبُّدٌ، وَقِيلَ: مُعَلَّلٌ؛ بِأَنَّ غَرَضَ الشَّارِعِ سُهُولَةُ الْوُصُولِ إلَى الطَّعَامِ لِيَتوَصَّلَ إلَيْهِ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ، وَلَوْ جَازَ قَبَلَ قَبْضِهِ لَرُبَّمَا أُخْفِي بِإِمْكَانِ شِرَائِهِ مِنْ مَالِكِهِ وَبَيْعِهِ خُفْيَةٌ فَلَمْ يَتَوَصَّلِ إِلَيْهِ الْفَقِيرُ، وَلِأَجْلِ نَفْعِ الْكَيَّالِ وَالْجَمَّالِ». وإلى هذا الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إذَا كَانَ شِرَاؤُهُ ذَلِكَ عَلَى وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ».
2– إن كان الطعام جزافا فهذا يجوز بيعه قبل استيفائه، وإليه الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «بِخِلَافِ الْجُزَافِ وَكَذَلِكَ كُلَّ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ أَوْ شَرَابٍ إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ».
الجزاف وهو بيع الشيء بلا كيل ولا وزن ولا عدد فإن بيعه قبل قبضه جائز على المشهور لأنه قد ملكه بالعقد "وكذلك كل طعام" ربويا كان أو غير ربوي "أو" كل "إدام" كالشحم واللحم "أو" كل " شراب" لا يجوز بيع شيء من ذلك قبل أن يستوفيه ولا يستثنى منه شيء "إلا الماء وحده" لأنه ليس بطعام.
3- إن كان الطعام من الأدوية كالعسل يركب مع غيره من العقاقير فيجعل دواء فهذا يجوز بيعه قبل استيفائه، وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَمَا يَكُونُ مِنَ الْأَدْوِيَةِ».
4- إن كان الطعام من الزراريع التي لا تعتصر (زيتها) وتؤكل على حالها كالجزر... فهذا يجوز بيعه أيضا قبل استيفائه. وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَالزَّرَارِيعِ الَّتِي لَا يُعْتَصَرُ مِنْهَا زَيْتٌ فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِيمَا يَحْرُمُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبَلَ قَبْضِهِ أَوْ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ».
5– إن كان من طعام القرض فيجوز للمقترض أن يبيعه قبل أن يستوفيه من المقرض وغيره. وإليه الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الطَّعَامِ الْقَرْضِ قَبَلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ».
6- أن يكون بيع الطعام على وجه الشركة أو التولية أو الإقالة؛ فيجوز لمن اشترى طعاما مكيلا أو موزونا أو معدودا أن يشرك غيره فيه أو يوليه إياه أو يقيله منه قبل استيفائه، وإنما جازت هذه الثلاثة في طعام المعاوضة لشبهها بالقرض في المعروف. وإليه الإشارة بقول المصنف: «وَلَا بَأْسَ بِالشِّرْكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإقَالَةِ فِي الطَّعَامِ الْمَكِيِلِ قَبَلَ قَبْضِهِ».
ثالثا: من البيوع الفاسدة (وهي التي اختل فيها شرط من شروط صحتها):
1- العقد بغرر في ثمن أو مثمون أو أجل: قال المصنف: «وَكُلُّ عَقْدِ بَيْع أَوْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ بِخَطَرٍ أَوْ غَرَرٍ فِي ثَمَنِ أَوْ مَثْمُونٍ أَوْ أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ». الخطر والغَرَر لفظان مترادفان بمعنى واحد وهو ما جهلت عينه، وقيل: ما تردد بين السلامة والعطب، وقيل: بينهما فرق؛ فالخطر ما لم يتيقن وجوده كقوله: بعني فرسك بما أربح غدا، والغرر ما يتيقن وجوده وشك في سلامته. فمثال الغرر في الثمن: أن يشتري منه سلعة ببقرته الشاردة ومثاله في المثمون: أن يشتري منه سيارته الضائعة، ومثاله في الأجل: أن يشتري منه سلعة إلى قدوم مسافر ولا يدري متى يقدم. ثم أكد المصنف رحمه الله ما سبق بقوله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ».
2- بيع الشيء المجهول: وهو المشار إليه بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ».
3- البيع إلى أجل مجهول: وإليه الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا إلَى أَجَل مَجْهُولٍ».
4- التدليس: وهو المنبه عليه بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ التَّدْلِيسُ».
5- الغش: وهو المشار إليه بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا الْغِشَّ».
6- الخلابة والخديعة: وهما المشار إليهما بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا الْخِلَاَبَةُ وَلَا الْخَدِيعَةُ».
7- كتمان العيب: وهو المنبه عليه بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا كِتْمَانُ الْعُيُوبِ... وَلَا أَنْ يَكْتُمَ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ مَا إذَا ذَكَرَهُ كَرِهَهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ لَهُ فِي الثَّمَنِ».
8- خلط الدنيء من المبيعات بالجيّد منها: وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا خَلْطْ دَنِيء بِجَيِّدٍ».
أسئلة الدرس:
أذكر الأجناس المتحدة والأجناس المختلفة من الطعام؟
بين حكم بيع الطعام قبل قبضه واستيفائه مع الاستدلال.
متى يجوز بيع الطعام؟
ما البيوع الفاسدة؟ مع بيان علة فسادها مع الاستشهاد عليها من المتن.
أذكر ما يجوز في البيوع وما لا يجوز.
خلاصة الدرس (2):
متن نص الانطلاق: من قول أبي زيد القيرواني في متن الرسالة: (والقمح والشعير والسلت كجنس إلى: أو كان ذكره أبخس له في الثمن).
ما يعتبر صنفا واحدا: في الطعام؛ الزبيب وأنواعه كُلُّهُ صِنْفٌ، التمر وأنواعه كُلُّهُ صِنْفٌ. وفي الحَب؛ القمح والشعير والسلت كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَيَحْرُمُ، والقطنية أَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفَ فِيِهَا قَوْلُ مَالِكِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ. واللّحم؛ لحوم الإبل والبقر والضأن صِنْفٌ، ولحوم الطير كُلِّهِ صِنْفٌ، ولحوم دوابّ الماء: كُلِّهَا صِنْفٌ.
حكم بيع الطعام قبل قبضه (وهو على الحالات الآتية):
1– إن كان الطعام موزونا أو مكيلا أو معدودا فهذا لا يجوز بيعه قبل أن يستوفيه البائع ويقبضه سواء كان ربويا (وهو كل طعام اجتمع فيه وصفا الاقتيات والادخار) أو غير ربوي (وهو كل طعام فقد وصف الاقتيات أو الادخار أو هما معا)؛ واختلف في علة هذا الحكم فقيل: تَعَبُّدٌ، وَقِيلَ: مُعَلَّلٌ؛ بِأَنَّ غَرَضَ الشَّارِعِ سُهُولَةُ الْوُصُولِ إلَى الطَّعَامِ لِيَتوَصَّلَ إلَيْهِ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ، وَلَوْ جَازَ قَبَلَ قَبْضِهِ لَرُبَّمَا أُخْفِي بِإِمْكَانِ شِرَائِهِ مِنْ مَالِكِهِ وَبَيْعِهِ خُفْيَةٌ فَلَمْ يَتَوَصَّلِ إِلَيْهِ الْفَقِيرُ، وَلِأَجْلِ نَفْعِ الْكَيَّالِ وَالْجَمَّالِ.
2– إن كان الطعام جزافا وهو بيع الشيء بلا كيل ولا وزن ولا عدد فهذا يجوز بيعه قبل استيفائه، وَكَذَلِكَ الْمَاءَ.
3- إن كان الطعام من الأدوية كالعسل يركب مع غيره من العقاقير فيجعل دواء فهذا يجوز بيعه قبل استيفائه.
4- إن كان الطعام من الزراريع التي لا تعتصر (زيتها) وتؤكل على حالها كالجزر... فهذا يجوز بيعه أيضا قبل استيفائه وقبضه. ويجوز التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ.
5– إن كان من طعام القرض فيجوز للمقترض أن يبيعه قبل أن يستوفيه من المقرض وغيره.
6- أن يكون بيع الطعام على وجه الشركة أو التولية أو الإقالة؛ فيجوز لمن اشترى طعاما مكيلا أو موزونا أو معدودا أن يشرك غيره فيه أو يوليه إياه أو يقيله منه قبل استيفائه، وإنما جازت هذه الثلاثة في طعام المعاوضة لشبهها بالقرض في المعروف.
من البيوع الفاسدة (وهي التي اختل فيها شرط من شروط صحتها) ما يلي: العقد بغرر في ثمن أو مثمون أو أجل، فلا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَرَرِ - وبيع الشيء المجهول - البيع إلى أجل مجهول - التَّدْلِيسُ فِي الْبُيُوعِ لَا يَجُوز - الغش - الخلابة والخديعة - كتمان العيب، وَلَا أَنْ يَكْتُمَ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ مَا إذَا ذَكَرَهُ كَرِهَهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ لَهُ فِي الثَّمَنِ - خلط الدنيء من المبيعات بالجيّد منها.
أهداف الدرس: معرفة أحكام بيع الخيار، والبيوع المنهي عنها، وما يفوت به المبيع، وامتثال مقاصد الشرع من النهي عن بعض البيوع.
المتن: قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: «وَالْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ جَائِزٌ إذَا ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا قَرِيبًا إلَى مَا تُخْتَبَرُ فِيهِ تِلْكَ السَّلْعَةُ أَوْ مَا تَكُونُ فِيِهِ الْمَشُورَةُ، وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي الْخِيَارِ وَلَا فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ ... وَالنَفْقَةُ فِي ذَلِكَ وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ ... وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَضَمَانُهُ مِنَ الْبَائِعِ؛ فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ فَضَمَانُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ مِنْ يَوْمٍ قَبْضِهِ، فَإِنْ حَالَ سُوقُهُ أَوْ تَغَيَّرَ فِي بَدَنِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا يَرُدُّهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ فَلْيَرُدَّ مِثْلَهُ وَلَا تُفِيتُ الرِّبَاعَ حَوَالَةُ الأسْوَاقِ».
شرح المفردات:
النقد: تعجيل إعطاء ثمن المبيع وقبض البائع له.
عهدة الثلاث: ضمان البائع للمبيع فيما يظهر من العيب في ثلاثة أيام بعد العقد.
الرباع: جمع ربع أي الدار ونحوها كالدكاكين.
حوالة الأسواق: تغير الأسعار فيها من سوق إلى سوق.
البت: إمضاء البيع ولزومه.
يفوت ومفيتة وتفيت: من الفوات وهو خروج السلعة من يد المشتري.
أولا: أحكام بيع الخيار
1- مفهوم الخيار
أ- لغة: اسم بمعنى طلب خير الأمرين، ويقال هو بالخيار يختار ما يشاء.
ب- اصطلاحا: هو: بيعٌ وُقِف بَتُّه أوّلًا على إمضاء يُتوقَّع.
وسمي بيع الخيار بيعا باعتبار ما يؤول إليه وهو بت البيع وإمضاؤه بعد مضي مدة الخيار.
2 - حكم الخيار:
البيع على الخيار جائز؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، ولحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلِّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَا بَيْعَ الْخِيَارِ». وإليه الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَالْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ جَائِزٌ».
3 - شرط الخيار ومدته:
يشترط في جواز بيع الخيار ضرب الأجل، وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: «إذَا ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا» ويشترط في هذا الأجل أن يكون- كما قال المصنف رحمه الله -: « قَرِيبًا إلَى مَا تُخْتَبَرُ فِيهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَوْ مَا تَكُونُ فِيِهِ الْمَشُورَةُ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي الْخِيَارِ وَلَا فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ».
ويختلف أجل الخيار من مبيع لآخر؛ ففي الأصول (العقار كالدار) بالشهر وما قاربه، وفي الطعام بالأيام القليلة التي لا يفسد معها الطعام، وفي العروض (كالثياب والكتب) بالأسبوع ونحوه.
والفرق بين الخيار والعهدة أن الخيار يقابل البت أي عدم إمضاء البيع إلا بعد انتهاء مدة الخيار، وأما العهدة فهي إمضاء البيع مع تمكين المشتري من رد المبيع بسبب عيب ونحوه.
4 - أنواع الخيار:
الخيار نوعان: خيار النقيصة، وخيار التروي، وبيانهما في الآتي:
أ- خيار النقيصة: وهو لَقَبِّ لِتَمَكُّنِ الْمُبْتَاعِ مِنْ رَدَّ مَبِيعِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ حَالَةٍ بِيعَ عَلَيْهَا غَيْرِ قِلَّةِ كَمَيتِهِ قَبْلَ ضَمَانِه مُبْتَاعهُ.
الحاصل أن خيار النقيصة وهو الرد بالعيب.
ب- خيار التروي: وهو الانتظار والتمهل في أخذ السلعة وردّها، وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: «وَالْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ جَائِزٌ إذَا ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا قَرِيبًا إلَى مَا تُخْتَبَرُ فِيهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ، أَوْ مَا تَكُونُ فِيِهِ الْمَشُورَةُ، وَلَا يَجُوزُ النِّقْدُ فِي الْخِيَارِ وَلَا فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ». بَيَّن المصنف أنه لا بد في بيع الخيار من ضرب أجل لإمضاء البيع أو رده، ولا يجوز للبائع اشتراط نقد الثمن في بيع الخيار ولا في البيع على العهدة.
5 - النفقة والضمان في الخيار:
الضمان في مدة الخيار على البائع؛ لأن المبيع في ملكه ما لم يثبت تفريط المشتري في حفظه فيضمن. وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: «وَالنَّفَقَةُ فِي ذَلِكَ وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ».
ثانيا: أحكام البيوع الفاسدة:
1- ما يفسد به البيع:
البيع الفاسد: هو البيع الذي لا يقع به التملك والتمليك لاختلال شرط من شروطه أو ركن من أركانه؛ ففساد البيع يرجع لِعَقْدِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ، أَوْ مَثْمُونِهِ، أَوْ أَجَلِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ.
2 - ضمان المبيع عند فساد البيع: فيه التفصيل الآتي:
أ- يكون ضمانه من البائع إذا كان باقيا على ملكه؛ وذلك كالبيع وقت نداء الجمعة؛ لأنه على ملكه لم ينتقل إلى ملك المشتري، لأن ذلك وقت ورد النهي فيه عن البيع فهو بيع فاسد لا ينقل الملك ويفسخ العقد، وذلك قول المصنف رحمه الله: «فَضَمَانُهُ مِنَ الْبَائِعِ».
ب- يكون ضمانه من المشتري إذا قبضه، وذلك قول المصنف رحمه الله: «فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ فَضَمَانُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ مِنْ يَوْمٍ قَبْضِهِ».
3 - ما يفوت به المبيع:
تعد حوالة الأسواق مفيتة للمبيع بيعا فاسدا في بعض المبيعات، ولا تعد مفيتة في بعض المبيعات، وبيان ذلك في الآتي:
أ- إذا كان المبيع عرضا أو حيوانا أو ثيابا أو غيرها من المقوّمات وتغير بزيادة في الثمن أو نقص فيه أو تغير في نفسه بزيادة أو نقص فإن حوالة الأسواق تعد مفيتة للمبيع بيعا فاسدا ويكون ضمانه من المبتاع. وفيه يقول المصنف رحمه الله: «فَإِنْ حَالَ سُوقُهُ أَوْ تَغَيَّرَ فِي بَدَنِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا يَرُدُّهُ».
ب- إذا كان مثليا عقارا أو مما يكال أو يوزن أو يعدّ فإنه لا تغيره حوالة الأسواق، وعلى المشتري رد مثله. وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ فَلْيَرُدَّ مِثْلَهُ وَلَا تُفِيتُ الرِّبَاع حَوَالَة الْأَسْوَاقِ».
أسئلة الدرس:
1- عرف بيع الخيار وأذكر حكمه وشرطه ومدته.
2- أذكر البيوع الفاسدة وعلة فسادها والضمان فيها إذا فاتت.
3- أذكر بما تفوت البيوع مع الاستشهاد.
خلاصة الدرس (3):
متن نص الانطلاق: من قول أبي زيد القيرواني في متن الرسالة: (والبيع على الخيار جائز إلى: ولا تفيت الرباع حوالة الأسواق).
أولا: بيع الخيار
1. مفهوم الخيار
لغة: اسم بمعنى طلب خير الأمرين. واصطلاحا: هو: بيعٌ وُقِف بَتُّه أوّلًا على إمضاء يُتوقَّع.
وسمي بيع الخيار بيعا باعتبار ما يؤول إليه وهو بت البيع وإمضاؤه بعد مضي مدة الخيار.
2. حكم البيع على الخيار جائز؛ ودليل مشروعيته القرآن والسنة.
3. يشترط في جواز بيع الخيار ضرب الأجل لإمضاء البيع أو رده. ولا يجوز للبائع اشتراط نقد الثمن في بيع الخيار.
وتختلف مدة أجل الخيار من مبيع لآخر؛ ففي الأصول (العقار كالدار) بالشهر وما قاربه، وفي الطعام بالأيام القليلة التي لا يفسد معها الطعام، وفي العروض (كالثياب والكتب) بالأسبوع ونحوه.
4- الخيار نوعان: خيار النقيصة (وهو الرد بالعيب)، وخيار التروي، وبيانهما في الآتي:
أ- خيار النقيصة: وهو لَقَبِّ لِتَمَكُّنِ الْمُبْتَاعِ مِنْ رَدَّ مَبِيعِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ حَالَةٍ بِيعَ عَلَيْهَا غَيْرِ قِلَّةِ كَمَيتِهِ قَبْلَ ضَمَانِه مُبْتَاعهُ.
ب- خيار التروي: وهو الانتظار والتمهل في أخذ السلعة وردّها.
5 - النفقة والضمان في مدة الخيار على البائع؛ لأن المبيع في ملكه ما لم يثبت تفريط المشتري في حفظه فيضمن.
ثانيا: البيع الفاسد
1. ما يفسد به البيع:
البيع الفاسد: هو البيع الذي لا يقع به التملك والتمليك لاختلال شرط من شروطه أو ركن من أركانه.
علة فساد البيع ترجع لِعَقْدِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ، أَوْ مَثْمُونِهِ، أَوْ أَجَلِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ.
2. في ضمان المبيع عند فساد البيع التفصيل الآتي:
أ- يكون ضمانه من البائع إذا كان باقيا على ملكه؛ لأنه على ملكه لم ينتقل إلى ملك المشتري.
ب- يكون ضمانه من المشتري إذا قبضه.
3. ما يفوت به المبيع الفاسد (بسبب حوالة الأسواق وما لا يفوت):
أ- إذا كان المبيع عرضا أو حيوانا أو ثيابا أو غيرها من المقوّمات وتغير بزيادة في الثمن أو نقص فيه أو تغير في نفسه بزيادة أو نقص فإن حوالة الأسواق تعد مفيتة للمبيع بيعا فاسدا ويكون ضمانه من المبتاع.
ب- إذا كان مثليا عقارا أو مما يكال أو يوزن أو يعدّ فإنه لا تغيره حوالة الأسواق، وعلى المشتري رد مثله.
أهداف الدرس: معرفة معنى القرض وأحكامه وحكمته، والتعرف على بعض البيوع الفاسدة وعللها، وإدراك مقاصد الشرع من القرض.
المتن: قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: « وَلَا يَجُوزُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً، وَلَا يَجُوزُ بَيْعٌ وَسَلَفٌّ، وَكَذَلِكَ مَا قَارَنَ السَّلَفَ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ، وَالسَّلَفُ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ ... إلا في تُرَابِ الْفِضَّةِ. وَلَا تَجُوزُ الْوَضِيعَةُ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى تَعْجِيلِهِ، وَلَا التَّأْخِيرُ بِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ، وَلَا تَعْجِيلُ عَرْضٍ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيِهِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْعِ.
وَلَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِهِ ذَلِكَ مِنْ قَرْضٍ إذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الصِّفَةِ، وَمَنْ رَدَّ فِي الْقَرْضِ أَكْثَرَ عَدَدًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيِهِ شَرْطٌ وَلَا وَأْيّ وَلَا عَادَةٌ فَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يُجِزْهُ. وَمَنْ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ مِنْ بَيْعِ أَوْ قَرْض مُؤَجَّلٍ فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبَلَ أَجَلِهِ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُعَجَّلَ الْعُرُوضَ وَالطَّعَامَ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ بَيْعِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرٍ أَوْ حَبِّ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا بَدَا صَلَاَحُ بَعْضِهِ، وَإِنْ نَخْلَةَ مِنْ نَخِيلٍ كَثِيرَةٍ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الْأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ مِنَ الْحِيتَانِ ... وَلَا بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَلَا بَيْعُ نِتَاجِ النَّاقَةِ وَلَا بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْإِبِلِ، ... ، وَلَا الْبَعِيرِ الشَّارِدِ. وَنُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ، وَاِخْتُلِفَ فِي بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتَّخَاذِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ. وَلَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إمَّا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ عَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ قَدْ لَزِمَتْهُ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ».
شرح المفردات:
الْوَضِيعَةُ: الحط والنقص.
وَأي: وَعْد.
يَبْدُ صَلَاحُهُ: يظهر طيبه ونضجه.
الْبِرَكِ: البِرْكَةُ مكان تجمع الْمَاء، والْجَمْع بِرَكٌ مِثْلُ: سِدْرَةٍ وَسِدَر.
أولا: أحكام القرض
1 - مفهوم القرض:
أ- لغة: هو الْقَطْع؛ سمي المال الذي يأخذه المقترض بالقرض؛ لأن المُقرِض يقطعه قطعة من ماله.
ب- اصطلاحا: دفع المال على وجه القربة لله تعالى لينتفع به آخذه ثم يرد له مثله أو عينه.
2 - حكم القرض:
القرض مشروع بالسُّنَّة، والإجماع؛ أَمَّا السُّنَّة فعن أبي رافع مَولى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ قَالَ أَبُو رَافِعِ: فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ فَقُلْتُ: لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِّ إِلَّا جَمَلًا خِيَارًا رَبَاعِيًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً». وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ - قَالَ مِسْعَرٌ: أُرَاهُ قَالَ: ضُحَّى - فَقَالَ: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي». وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على جواز القرض. وإلى حكم القرض أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَالسَّلَفُ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ».
وإذا كان الاسلام ندب إليه وحبب فيه بالنسبة للمُقرِض فإنه أباحه للمقترض، ولم يجعله من باب المسألة المكروهة،
3 - حكمة مشروعيته:
القرض معروف وهو قربة يتقرب بها المُقرِض إلى الله سبحانه؛ لما فيه مِنْ إِيصَال النَّفْعِ لِلْمُقْتَرِضِ، وَقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَتَفْرِيجِ كُرْبَتِهِ، والرفق به، وتيسير أموره. لأنه يأخذ المال لينتفع به في قضاء حوائجه ثم يرد مثله.
4 - ما يمنع في القرض:
أ- المنفعة لغير المقترض: كل قرض جر للمُقرِض أو لأجنبي من ناحيته نفعا فهو غير جائز؛ لأن القرض لا يقع جائزا إلا إذا تمحّض النفع فيه للمقترض؛ للنهي عن ذلك، فعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ مَكْرُوهٌ». وإلى هذا الإشارة بقول المصنف: «وَلَا يَجُوزُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً».
ب- البيع والسلف: ومن صور ذلك أن تبيع سلعتين بألفين إلى شهر مثلا ثم تشتري واحدة منهما بألف نقدا فكأن البائع خرج من يده سلعةٌ وألف نقدا يأخذ عنهما عند الأجل ألفين أحدُهما عوض عن السلعة وهو بيع، والثاني عوض عن الألف المنقود وهو سلف، وهذا قد نهي عنه؛ فعَنْ مَالِكِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ وَسَلَفٍ»
ج- الجمع بين عقد معاوضة وعقد سلف. وإليه الإشارة بقول المصنف: «وَكَذَلِكَ مَا قَارَنَ السَّلَفَ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ». وقد نظم بعضهم ما لا يجوز جمعه مع البيع من عقود بقوله:
عُقُودٌ مَنَعْنَاهَا مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ *** وَيَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ جَصِّ مُشَنَّقُ
فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ *** نِكَاحْ قِرَاضٌ مَنْعُ هَذَا مُحَقَّقُ
د- ضع وتعجل: وصورة ذلك: أن يكون لرجل على آخر دين إلى أجل مثل أن يكون عليه مائة درهم إلى شهر فيقول له رب الدين عجل لي خمسين وأنا أضع عنك خمسين، وإنما امتنع هذا؛ لأن من عجل شيئا قبل وجوبه عد مسلفا، فكأن الدافع أسلف رب الدين خمسين ليأخذ من ذمته إذا حل الأجل مائة، ففيه سلف بزيادة، فإن وقع ذلك رد إليه ما أخذه منه فإذا حل الأجل أخذ منه جميع ما كان له أولا وهو المائة. وإلي هذا الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا تَجُوزُ الْوَضِيعَةُ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى تَعْجِيلِهِ».
هـ- أخرني وأزيدك ومثال ذلك أن يقول من عليه الدين عند حلول أجل الدين: أخرني وأنا أعطيك أكثر مما لك عليَّ. وإليه الإشارة بقول المصنف: «وَلَا التَّأْخِيرُ بِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ».
و- حط الضمان وأزيدك: ومثال ذلك: أن يكون لك على رجل مائة ثوب موصوفة فيقول لك: خذ ثيابك فتقول له: اتركها عندك لا حاجة لي بها الآن فيقول من هي عليه: خذها وأزيدك عليها خمسة مثلا؛ لأن تلك الخمسة في مقابلة إسقاط الضمان عنه. وإليه الإشارة بقول المصنف رحمه الله: «وَلَا تَعْجِيلُ عَرْضٍ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ إِذَا كَانَ مِنْ بَيْعِ».
5 - ما يجوز في القرض:
قال المصنف رحمه الله: «وَمَنْ رَدَّ فِي الْقَرْضِ أَكْثَرَ عَدَدًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْطٌ وَلَا وَأْيٍ وَلَا عَادَةً، فَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يُجِزْهُ». اختلف الفقهاء في ردّ المقترض أكثر صفة أو عددا أو قدرا فأجازه أشهب ما لم يكن في ذلك شرط ولا وعْدٌ ولا عادة؛ لأنه من حسن القضاء، وكره ذلك ابن القاسم؛ لما فيه من سلف بمنفعة وإن لم تكن مقصودة.
ثانيا: بعض البيوع المنهي عنها
1 - بيع ما لم يَبدُ صلاحه من ثمر أو حب:
بيع ما لم يبد صلاحه منهي عنه؛ لما رواه ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَ، وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ». والعلة عَدَمُ الانْتِفَاع به الْمُعْتَبَر شَرْعًا في الْبَيع. وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرٍ أَوْ حَبِّ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ إِذَا بَدَا صَلَاَحُ بَعْضِهِ، وَإِنْ نَخْلَةٌ مِنْ نَخِيل كَثِيرَةٍ»، وهذا إذا كان على التبقية إلى طيبها، أما إذا كان على القطع أي ينقطع الحب عن شرب الماء؛ حتى لا ينفعه الشرب فيجوز لانتفاء العلة التي هي الغرر.
2 - بيع الحيتان في الأنهار والبرك:
بيع السمك في الماء منهي عنه، والعلة في ذلك كثرة الغرر والجهل بالمعقود عليه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر؛ فعن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ». وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الْأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ مِنَ الْحِيتَانِ».
3 - بيع الجنين في بطن أمه
بيع نتاج الناقة في بطنها وما في ظهور الإبل والشارد من الحيوان منهي عنه للغرر؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا. وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: "لَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَالْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الْإِبِلِ وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ". وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ، وَلَا بَيْعُ نِتَاجِ النَّاقَةِ، وَلا بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْإِبِلِ، ... وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ».
4 - بيع الكلاب:
قال المصنف رحمه الله: «وَنُهيَ عَنْ بَيْعِ الْکِلَابِ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ». وفي تفصيل هذا الخلاف يقول ابن عاصم رحمه الله:
واتفقوا أن كلاب الماشية *** يجوز بيعها ككلب البادية
وعندهم قولان في ابتياع *** كلاب الاصطياد والسباع
وقد ناقشه الشراح في حكاية الاتفاق. وحاصل فقه المسألة في المذهب جواز بيع ما أذن في اتخاذه مما فيه منفعة ظاهرة ومصلحة راجحة ككلاب الحراسة والتحقيق الأمني ذات القدرات على اكتشاف الجرائم والمخدِّرات.
5 - بيع اللحم بالحيوان من جنسه:
بيع اللحم بالحيوان من جنسه منهي عنه؛ فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ». وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ».
6 - بيعتان في بيعة واحدة:
بيعتان في صفقة واحدة منهي عنه؛ فعَنْ مَالِكِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إمَّا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ عَشَرَةٍ إلَى أَجَلِ قَدْ لَزِمَتْهُ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ»، وعلة المنع ما في ذلك من الغرر والجهالة في الثمن؛ لأنه متردد بين خمسة نقدا وعشرة إلى أجل.
أسئلة الدرس:
بين مفهوم القرض وحكمه وحكمة مشروعيته.
أذكر ما يُمنع في القرض مع التعليل.
ما القرض الممنوع؟ وما حكمه إذا وقع؟
حدد البيوع المنهي عنها وعلة ذلك مع الاستدلال.
ما البيوع الفاسدة؟
نص للاستثمار:
قال القاضي عبد الوهاب رحمه الله: "يجمع بيع الغرر ثلاثة أوصاف: أحدها: تعذر التسليم غالباً، والثاني: الجهل، والثالث: الخطر والقمار؛ فأما ما يرجع إلى تعذر التسليم فكالضالة والشارد والمغصوب والطير في الهواء والسمك في الماء وبيع الأجنة واستثنائها وحبل الحبلة ... وأما ما يرجع إلى الجهل فيتنوع؛ فمنه الجهل بجنس المبيع ... ، وأما الخطر فبيع مالا ترجى سلامته ... كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها".
خلاصة الدرس (4):
متن نص الانطلاق: من قول أبي زيد القيرواني في متن الرسالة: (ولا يجوز سلف يجر منفعة إلى: أجل قد لزمته بأحد الثمنين).
أولا: أحكام القرض
1 - مفهوم القرض: لغة: هو الْقَطْع؛ واصطلاحا: دفع المال على وجه القربة لله تعالى لينتفع به آخذه ثم يرد له مثله أو عينه. وسمي المال الذي يأخذه المقترض بالقرض؛ لأن المُقرِض يقطعه قطعة من ماله.
2 - حكم القرض: القرض مشروع بالسُّنَّة، والإجماع؛ فقد أجمع المسلمون على جواز القرض. وإذا كان الاسلام ندب إليه وحبب فيه بالنسبة للمُقرِض فإنه أباحه للمُقْتَرض، ولم يجعله من باب المسألة المكروهة.
3 - حكمة مشروعيته: القرض معروف وهو قربة يتقرب بها المُقرِض إلى الله سبحانه؛ لما فيه مِنْ إِيصَال النَّفْعِ لِلْمُقْتَرِضِ، وَقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَتَفْرِيجِ كُرْبَتِهِ، والرفق به، وتيسير أموره. لأنه يأخذ المال لينتفع به في قضاء حوائجه ثم يرد مثله.
4 - ما يمنع في القرض:
أ- المنفعة لغير المقترض: كل قرض جر للمُقرِض أو لأجنبي من ناحيته نفعا فهو غير جائز؛ لأن القرض لا يقع جائزا إلا إذا تمحّض النفع فيه للمقترض؛ للنهي عن ذلك.
ب- البيع والسلف: قد نهي عنه.
ج- الجمع بين عقد معاوضة وعقد سلف مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ لا يجوز.
د- ضع وتعجل: وإنما امتنع هذا؛ لأن من عجل شيئا قبل وجوبه عد مسلفا، ففيه سلف بزيادة.
هـ- أخرني وأزيدك.
و- حط الضمان وأزيدك: أي خذ ما اشتريت من سلعة وأزيدك عليها في مقابلة إسقاط الضمان عن البائع.
5 - ما يجوز في القرض: اختلف الفقهاء في ردّ المقترض أكثر صفة أو عددا أو قدرا فأجازه أشهب ما لم يكن في ذلك شرط ولا وعْدٌ ولا عادة؛ لأنه من حسن القضاء، وكره ذلك ابن القاسم؛ لما فيه من سلف بمنفعة وإن لم تكن مقصودة.
ثانيا: بعض البيوع المنهي عنها
1 - بيع ما لم يَبدُ صلاحه من ثمر أو حب: منهي عنه؛ والعلة عَدَمُ الانْتِفَاع به الْمُعْتَبَر شَرْعًا في الْبَيع. وهذا إذا كان على التبقية إلى طيبها، أما إذا كان على القطع أي ينقطع الحب عن شرب الماء؛ حتى لا ينفعه الشرب فيجوز لانتفاء العلة التي هي الغرر.
2 - بيع الحيتان في الأنهار والبرك: فبيع السمك في الماء منهي عنه، والعلة في ذلك كثرة الغرر والجهل بالمعقود عليه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.
3 - بيع الجنين في بطن أمه بيع نتاج الناقة في بطنها وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا وما في ظهور الإبل والشارد من الحيوان منهي عنه للغرر.
4 - بيع الكلاب: نُهيَ عَنْ بَيْعِ الْکِلَابِ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْهَا، وحاصل فقه المسألة في المذهب جواز بيع ما أذن في اتخاذه مما فيه منفعة ظاهرة ومصلحة راجحة ككلاب الحراسة والتحقيق الأمني ذات القدرات على اكتشاف الجرائم والمخدِّرات.
5 - بيع اللحم بالحيوان من جنسه: منهي عنه.
6 - بيعتان في بيعة واحدة: بيعتان في صفقة واحدة منهي عنه وَذَلِكَ كأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إمَّا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ عَشَرَةٍ إلَى أَجَلِ قَدْ لَزِمَتْهُ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ، وعلة المنع ما في ذلك من الغرر والجهالة في الثمن.
أهداف الدرس: أن أتعرف على أحكام بيع الثمار، وإدراك حكم البيع على الصفة وشروطه، وتبين أحكام السلم، وامتثال الأحكام السابقة في المعاملات.
المتن: قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، وَلَا الزَّبِيبُ بِالْعِنَبِ لَا مُتَفَاضِلًا، وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ سَائِرِ الثَّمَارِ وَالْفَوَاكِهِ، وَهُوَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ، وَلَا يُبَاعُ جُزَافٌ بِمَكِيلٍ مِنْ صِنْفِهِ. وَلَا جُزَافٌ بِجُزَافٍ مِنْ صِنْفِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ. وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَا يُنْقَدُ فِيهِ بِشَرْطِ إلَّا أَنْ يَقْرُبَ مَكَانُهُ أَوْ يَكُونَ مِمَّا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ شَجَرٍ فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ ... وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْعُرُوضِ ... وَالْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَيُعَجِّلُ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ إِلَى مِثْلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ. وَأَجَلُ السَّلَمِ أَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَوْ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ بِبَلَدِآَخَرَ، وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَتُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَمَنْ أَسْلَمَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقْبِضُهُ بِبَلَدٍ أَسْلَمَ فِيهِ فَقَدْ أَجَازَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ جِنْسِ مَا أَسْلَمَ فِيِهِ. وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِى جِنْسِهِ أَوْ فِيِمَا يَقْرُبُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقْرِضَهُ شَيْئًا فِي مِثْلِهِ صِفَةً، وَمِقْدَارًا وَالنَّفْعُ لِلْمُتَسَلِّفِ».
شرح المفردات:
الْمُزَابَنَةِ: مَأْخُوذة من الزَّبْن، وهو الدَّفْع؛ لِأَنّ كُلَ واحد من الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدفع صاحبه ويُغالبه، والمراد بها: بيع الرطب باليابس من الثمار، فإن كانت في الزروع سميت محاقلة.
الْعُهْدَةُ: مَأْخُوذة من العَهد الّذي هو الالتزام، والمراد بها الضمان.
أولا: صور منهي عنها في بيع الثمار
1 - بيع الثمر اليابس بالرطب لا متفاضلا ولا متماثلا لما رواه سَعْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ اشْتِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: « أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ»، قَالُوا: نَعَمْ، «فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ». وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ»، وعلة النهي هنا المزابنة التي هي من أبواب الغرر.
2 - بيع الزبيب بالعنب لا متفاضلا ولا مثلا بمثل؛ لأن التماثل لا يتأتى فيه: لأن الرطب إذا يبس قد يكون أكثر من اليابس أو أقل منه أو مثله فهذا غرر والجهل بالتماثل كتحقق التفاضل والتفاضل لا يجوز فيه؛ لأنه جنس واحد. وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا الزَّبِيبُ بِالْعِنَبِ لَا مُتَفَاضِلًا، وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ». لعلة الغرر
أيضا؛ لأَنه مزابنة.
3 - بيع رطب بيابس من جنسه من سائر الثمار والفواكه؛ لأنه من المزابنة المنهي عنها وهي بيع معلوم بمجهول من جنسه. وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ سَائِرِ الثَّمَارِ وَالْفَوَاكِه وَهُوَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ».
4 - بيع الجزاف بمكيل من صنفه كبيع صُبرة قمح لا يعلم كيلها بوسق أو وسقين منه لعلة المزابنة. وفي ذلك يقول المصنف رحمه الله: «وَلَا يُبَاعُ جُزَافٌ بِمَكِيلٍ مِنْ صِنْفِهِ»؛ لما فيه من الجهالة في أحد البدلين دون الآخر، وهي غرر كغرر المزابنة.
5 - بيع جزاف بجزاف من صنفه كصُبرة قمح لا يعلم كيلها بصُبرة قمح لا يعلم كيلها لعلة المزابنة أيضا. فإذا اختلف الجنسان فإنه يجوز سواء تبين الفضل أو لم يتبين. وفي ذلك يقول المصنف: «وَلَا جُزَافٌ بِجُزَافٍ مِنْ صِنْفِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ».
ثانيا: أحكام بيع الغائب
لا بأس ببيع الشيء الغائب عند مالك وجميع أصحابه بشروط ستة وهي:
1 - أن يقع على الصفة قال ابن ناجي رحمه الله: ظاهر كلامه أنه لو بيع دون صفة ولا تقدم رؤية لا يجوز وإن كان على خياره عند رؤيته، وهو نص ما في كتاب الغرر من المدونة.
2 - أن يصفه غير البائع؛ لأن البائع لا يوثق بوصفه إذ قد يقصد الزيادة في الصفة لينفق سلعته، لكن اشتراط وصف غير البائع إن حصل نقد الثمن ولو تطوعا وإلا جاز ولو بوصف البائع على الراجح.
3 - أن لا يكون المبيع بعيدا جدا وهذا الشرط إذا وقع البيع على البت، وأما لو وقع على الخيار فيجوز، لأنه لا ضرر على المشتري فيه.
4 - أن لا يكون قريبا تمكن رؤيته بغير مشقة، فإن كان كذلك فلا بد من معاينته؛ للاستغناء عن وصفه بإمكان رؤيته وهي الأصل.
5 - أن لا ينقد فيه بشرط، وإنما امتنع مع الشرط؛ لأنه يجوز أن يسلم المبيع فيكون ذلك ثمنا وأن لا يسلمه فيكون سلفا. وقد أشار المصنف رحمه الله إلى شرطين منها فقال: «وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَا يُنْقَدُ فِيهِ بِشَرْطِ إلَّا أَنْ يَقْرُبَ مَكَانُهُ أَوْ يَكُونَ مِمَّا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ شَجَرٍ فَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ».
6 - إن بيع على خيار الرؤية جاز مطلقا.
ثالثا: أحكام السلم
1 - تعريفه:
أ- لغة: يسمى السلم ويقال له السلف والسَّلَف في اللَّغة: التقْديم قال تعالى: ﴿بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ﴾ أَيْ قَدَّمْتُمْ. قال الْقَرَافِيّ: وسُمِّي سَلَمًا لِتَسليم الثَّمن دون العِوَض. أي عوضه، وهو المبيع المسلم فيه.
ب- اصطلاحا: تقديم الثمن وتأخير المثمون. وعرفه ابْنُ عَرَفَةَ بقوله: «عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ».
2 - حكمه:
بيع السلم من البيوع الجائزة، دلّ على جوازه الكتاب والسنة والإجماع؛ فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ﴾، والسلم بيع، ومنه أيضا آية المداينة ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى فَٱكۡتُبُوهُۚ﴾، ومن السنة ما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قدم المدينة والناس يُسلِفون في التمر السنتين والثلاث، فقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». [صحيح البخاري]. وقد أجمع المسلمون على مشروعية السلم للحاجة إليه. وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: «وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْعُرُوضِ ... وَالْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ».
3 - شروط السلم:
لِجواز السلم شُروط فِي رَأْس المال، وشروط في المُسلَم فيه، وشروط في أَجَله.
أ- الشروط التي في رَأْس المال وهي خمسة: أَنْ يكون مَعْلُومًا، مُعَيَّنًا، مِمَا يَحِلّ تَمَلّْكُه، مُعَجَّلا، مُغايرا لِلْمُسْلَم فيه.
ب- الشروط الَّتي في الْمُسْلَم فيه وهي تِسعة: أَنْ يكون مُؤَجَّلًا، مَوْجُودًا عند الْأَجَل غَالِبًا، أن يكون مِمَّا يُنْقَل، ويَحِلّ تَمَلَّكُه، مَضْمُونًا في الذِّمّة، مَعلوم الجِنس، والقَدْر، وَالصِّفة، مِمّا تَحْصُره الصِّفة.
ج- الشروطِ التي في الاَجَل وهي شَرطان: أَنْ يكون مَعْلُومًا، وأَنْ يكون مِمَّا تَتَغَيَّر في مِثْله الْأَسْوَاقُ. ولم يَسْتوف المصنف رحمه الله هذه الشّروط كُلّها، وإنما ذكر بعضها غير مرتبة فأشار إلى بعض شروط ما يسلم فيه بقوله: «وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْعُرُوضِ ... وَالْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ بِصِفَةِ مَعْلُومَةٍ وَأَجَلٍ مَعْلُومٍ».
ومن شروط رأس مال السلم ما أشار إليه المصنف قوله: «وَيُعَجِّلُ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ إِلَى مِثْلِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ». ومنها أيضا ما أشار إليه المصنف قوله بقوله: «وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ جنْسِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ».
وأشار إلى الشرط الثاني من شرطي الأجل بقوله: «وَأَجَلُ السَّلَمِ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا».
قال المصنف رحمه الله: «وَلَا يُسْلَمُ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ» لا يجوز سلم شيء في جنسه في الخِلقة والمنفعة كأن يكون رأس المال رقيق الكتان والمسلم فيه رقيق القطن؛ لأن منافعهما متقاربة. واستثنى المصنف رحمه الله من منع سلم الشيء من جنسه قوله: «إلَّا أَنْ يُقْرِضَهُ شَيْئًا فِي مِثْلِهِ صِفَةً، وَمِقْدَارًا وَالنَّفْعُ لِلْمُتَسَلَّفِ» معناه أن جواز القرض في مثله صفة ومقدارا مقيد بما إذا كان النفع في ذلك للمتسلف أما إذا كان النفع للمسلم فلا يجوز.
أسئلة الدرس:
1- هل يجري الربا في بيع الثمار بالثمار والفواكه بالفواكه؟
2- أذكر حكم بيع العين الغائبة على الصفة وشروطها.
3- بين ما هو السلم وحدد شروطه وحكمه وفيما يكون وفيما لا يكون، وما لا يجوز فيه مع التعليل.
خلاصة الدرس (5)
متن نص الانطلاق: من قول أبي زيد القيرواني في متن الرسالة: (ولا يجوز بيع الثمر بالرطب إلى: ومقدارا والنفع للمتسلف).
أولا: صور منهي عنها في بيع الثمار
1 - بيع الثمر اليابس بالرطب لا متفاضلا ولا متماثلا، وعلة النهي هنا المزابنة التي هي من أبواب الغرر.
2 - بيع الزبيب بالعنب لا متفاضلا ولا مثلا بمثل؛ لعلة الغرر أيضا؛ لأَنه مزابنة.
3 - بيع رطب بيابس من جنسه من سائر الثمار والفواكه؛ لأنه من المزابنة المنهي عنها وهي بيع معلوم بمجهول من جنسه.
4 - بيع الجزاف بمكيل من صنفه؛ لما فيه من الجهالة في أحد البدلين دون الآخر، وهي غرر كغرر المزابنة.
5 - بيع جزاف بجزاف من صنفه لعلة المزابنة. فإذا اختلف الجنسان فإنه يجوز سواء تبين الفضل أو لم يتبين.
ثانيا: أحكام بيع الغائب: لا بأس ببيع الشيء الغائب عند مالك وجميع أصحابه بشروط ستة وهي:
1 - أن يقع على الصفة.
2 - أن يصفه غير البائع؛ وهذا الشرط إذا وقع البيع على البت.
4 - أن لا يكون قريبا تمكن رؤيته بغير مشقة.
5 - أن لا ينقد فيه بشرط.
6 - إن بيع على خيار الرؤية جاز مطلقا.
ثالثا: أحكام السلم
1 - تعريفه:
أ- لغة: يسمى السلم ويقال له السلف والسَّلَف في اللَّغة: التقْديم، وسُمِّي سَلَمًا لِتَسليم الثَّمن دون العِوَض.
ب- اصطلاحا: تقديم الثمن وتأخير المثمون.
2 - حكمه: بيع السلم من البيوع الجائزة، دلّ على جوازه الكتاب والسنة والإجماع؛ للحاجة إليه.
3 - شروط السلم: لِجواز السلم شُروط فِي رَأْس المال، وشروط في المُسلَم فيه، وشروط في أَجَله.
أ- الشروط التي في رَأْس المال وهي خمسة: أَنْ يكون مَعْلُومًا، مُعَيَّنًا، مِمَا يَحِلّ تَمَلّْكُه، مُعَجَّلا، مُغايرا لِلْمُسْلَم فيه.
ب- الشروط الَّتي في الْمُسْلَم فيه وهي تِسعة: أَنْ يكون مُؤَجَّلًا، مَوْجُودًا عند الْأَجَل غَالِبًا، أن يكون مِمَّا يُنْقَل، ويَحِلّ تَمَلَّكُه، مَضْمُونًا في الذِّمّة، مَعلوم الجِنس، والقَدْر، وَالصِّفة، مِمّا تَحْصُره الصِّفة.
ج- الشروطِ التي في الاَجَل وهي شَرطان: أَنْ يكون مَعْلُومًا، وأَنْ يكون مِمَّا تَتَغَيَّر في مِثْله الْأَسْوَاقُ.
لا يجوز سلم شيء في جنسه في الخِلقة والمنفعة؛ لأن منافعهما متقاربة. واستثنى من منع سلم الشيء من جنسه جواز القرض في مثله صفة ومقدارا مقيد بما إذا كان النفع في ذلك للمتسلف أما إذا كان النفع للمسلم فلا يجوز.
أهداف الدرس: التعرف على حكم بيع الكاليء بالكاليء، والتعرف على أحكام بيوع الآجال، وبيع الجزاف، وعلى البرنامج، وإدراك مقاصد هذه الأحكام.
المتن: قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: « وَلَا يَجُوزُ دَيْنٌ بِدَيْنِ. وَتَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ بِشَرْطِ إلَى مَحَلِّ السَّلَمِ أَوْ مَا بَعُدَ مِنْ الْعُقْدَةِ مِنْ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ فَسْخُ دَيْنِ فِي دَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَك شَيِءٌ فِي ذِمَّتِهِ فَتَفْسَخُهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ لَا تَتَعَجَّلُهُ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْك حَالًّا. وَإِذَا بِعْت سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَلَا تَشْتَرِهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا، أَوْ إِلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهِ، وَأَمَّا إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ كُلُهُ جَائِزٌ وَتَكُونُ مُقَاصَّةٌ. وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْجُزَافِ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ. سِوَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مَا كَانَ مَسْكُوكًا، وَأَمَّا نِقَارُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَذَلِكَ فِيهِمَا جَائِزٌ. وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ ... الثِّيَابِ جُزَافًا، وَلَا مَا يُمْكِنُ عَدُّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ جُزَافًا. وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبَّرَتْ فَتَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الثِّمَار. وَالْإِبَارُ التَّذْكِيرُ، وَإِبَارُ الزَّرْعِ خُرُوجُهُ مِنْ الْأَرْضِ، ... وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَا فِي الْعِدْلِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ. وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ لَا يُنْشَرُ وَلَا يُوصَفُ، أَوْ فِي لَيِلٍ مُظْلِمٍ لَا يَتَأَمِّلانِهِ، وَلَا يَعْرِفَانِ مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ فِي لَيَلٍ مُظْلِمٍ. وَلَا يَسُومُ أَحَدٌ عَلَى سَوْمٍ أَخِيهِ وَذَلِكَ إذَا رَكَنَا وَتَقَارَبَا لَا فِي أَوَّلِ التَّسَاوُمِ. وَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالْكَلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقْ الْمُتَبَايِعَانِ».
شرح المفردات:
مُقَاصَّةً: يقال: قاصصْتُه مُقاصَّةً وقصاصًا جَعلتُ الدَّيْنَ في مُقابَلَة الدَّيْن.
مَسْكُوكًا: مضروبا على السكة.
الْعِدْلِ: - بكسر العين وسكون الدال- الوعاء المنغلق والجمع أعدال، ويدخل في ذلك الكيس والعلبة ونحوهما مما يكون مغلقا.
الْبَرْنَامِجِ:- بفتح الباء وكسر الميم- كلمة فارسية والمراد بها الصفة.
أولا: بيع الكالئ بالكالئ
1 - مفهوم الكالئ: هو بالهمز النسيئة بالنسيئة، مأخوذ مِن الكِلْأ بكسر الكاف وهو الحِفظ؛ لِأَنَّ كُلّ واحد مِن الْمُتَبَايِعَيْنِ يكْلَأ صَاحِبَه أَيْ يَحْرُسه لِأَجْل مَالِه عِنْدَه.
2 - أقسام الكاليء: الكالئ بالكالئ عند الفقهاء ثلاثة أقسام:
أ- بيع الدِّيْن بِالدَّيْن - الكالئ بالكالئ- ولا يُتَصَوّرِ في أقلَ من ثلاثة أشخاص، وصُورَتُه: أَنْ یَكُونَ لك على شَخص دين قدره ألف درهم مثلا إلى أَجَل فتبيعه مِنْ شَخص آخَر بألف درهم إلى أَجَل، وهو منهي عنه لحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِّ». وعِلّة المَنع كَونه يُوصِل إلى المنازعة والمخاصمة التي يبغضها الشّارع. وإلى هذا أشار المُصَنّف رحمه الله بقوله: «وَلَا يَجُوزُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ».
ب- ابتداء الدين بالدين، وهو تَأخير رَأْس مال السَّلَم العَيْنِ أَكْثَر مِن ثلاثة أيّام، وإليه أشار بقوله: «وَتَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ بِشَرْطِ إِلَى مَحَلِّ السَّلَمِ أَوْ مَا بَعُدَ مِنْ الْعُقْدَةِ مِنْ ذَلِكَ».
ج- فسخ دين في دين، وهو لا يجوز أيضا مثل أن يكون لك عليه ألف درهم إلى شهر فتفسخها في عشرة أثواب مثلا فإن كان الفسخ إلى الأجل نفسه أو دونه فقيل بالجواز وهو أظهر في النظر، وقيل بالمنع وهو أشهر. وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا يَجُوزُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَك شَيْءٌ فِي ذِمَّتِهِ فَتَفْسَخُهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ لَا تَتَعَجَّلُهُ».
ثانيا: أحكام بيوع الآجال
1 - تعريفها: قال ابن عرفة رحمه الله: « يُطْلَق مُضَافًا وَلَقَبًا: الْأَوَّلُ مَا أُجَّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَ مَا سُلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّانِي اللَّقَبِيُّ لَقَب لِمُتَكَرِّرِ بَيْعِ عَاقِدِهِ الْاَوَّلِ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ قَبْلَ اقْتِضَائِه».
2 - بعض صورها: لبيوع الآجال صور منها ما هو جائز ومنها ما هو ممنوع، وبيان ذلك في الآتي:
أ- فمن الممنوع منها ما يأتي:
- أن يبيع شخص ثوبا بألف درهم إلى شهر ثم يشتريه ممن اشتراه منه بخمسمائة نقدا.
- أن يبيع شخص ثوبا بألف إلى شهر ثم يشتريه ممن اشتراه منه بخمسمائة إلى خمسة عشر يوما.
وهاتان ممنوعتان، لأنهما دخلهما سلف بزيادة لأنه دفع قليلا ليأخذ أكثر منه. وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَإِذَا بِعْت سِلْعَةٌ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَلَا تَشْتَرِهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ».
- أن يبيع شخص سلعة بمائة إلى شهر ثم يشتريها ممن اشتراها منه بمائة وخمسين إلى شهرين؛ لأنه يدخله الدين بالدين وهذا ممنوع، وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهِ».
ب- ومن الجائز منها أن تبيع سلعة بثمن مؤجل فتشتريها بثمن مؤجل إلى الأجل نفسه فذلك الشراء بأقل أو بأكثر أو بالمِثل المفهوم من الكلام كله جائز؛ لأنه لا علة حينئذ تُتَّقى وتكون مقاصة. وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَأَمَّا إِلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَتَكُونُ مُقَاصَّةً».
3 - ضابط الحكم في بيوع الآجال: ضابط الجائز من الممتنع في بيوع الآجال أن تقول: متى اتفق الثمنان فالجواز، ولا ينظر لاختلاف الأجل، وكذا إذا اتفق الأجلانِ فالجواز، ولا يُنْظر إلى اختلاف الثَّمنين. وإذا اختلف الأجَلانِ والثّمنانِ فإنّه يُنظر إلى اليد السَّابقة بالعطاء فإنْ دَفَعتْ قليلا وعاد إليها كثيراً فالمنع وإلّا فالجواز.
وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ الْمُتَعَاقِدَانِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَثِيرًا مَا يَقْصِدُونَ ذَلِكَ، فَمَنَعَهَا مَالِكٌ؛ لِأَنَّهُ بَنَى مَذْهَبَهُ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ.
ثالثا: بيع الجزاف والنخل المؤبرة والبرنامج
1 - أحكام البيع على الجزاف:
أ- تعريف الجزاف: الجزاف مثلث الجيم هو ما جهل قدره أو وزنه أو كيله أو عدده، وإنما يقدر على سبيل الحزر والتخمين من الخبراء.
ب- حكم البيع على الجزاف: بيع الجزاف جائز بالكتاب، والسنة؛ فأما الكتاب فعموم قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ﴾، وأما السنة فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا بِأَعْلَى السُّوقِ «فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يَنْقُلُوهُ» [سنن أبي دواد].
ج- شروط بيع الجزاف هي:
- أن يكون غير مسكوك. وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْجُزَافِ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ سِوَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مَا كَانَ مَسْكُوكًا».
- أن لا تكون آحاده مقصودة. وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ ... الثِّيَابِ جُزَافًا».
- أن يكون كثيرا بحيث لا يعلم قدره. وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَلَا مَا يُمْكِنُ عَدَدُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ جُزَافًا».
- أن يكون معلوم الجنس كقمح أو شعير ...
- أن لا يشتريه مع مكيل- أن لا يكثر جدا- أن يكون مرئيا بالبصر- أن يكون المتعاقدان اعتادا الحزر في ذلك- أن يكونا جاهلين بمقداره- أن يكون في أرض مستوية لا مرتفعة ولا منخفضة في ظن المتعاقدين حال العقد.
2 - بيع النخل المؤبرة:
أ- مفهوم التأبير: يختلف مفهوم التأبير من ثمرة لأخرى؛ ففي النخل هو أن يجعل على الثمرة دقيقا يكون في فحل النخل لئلا تسقط ثمرتها، وفي الفواكه كالخوخ والتين وغيرهما من الفواكه هو أن تبرز الثمرة فيه عن موضعها وتتميز بحيث تظهر للناظر. وفي الزرع خروجه من الأرض وبروزه للناظر أيضا. وإلى تفسير التأبير
أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَالْإِبَارُ التَّذْكِيرُ، وَإِبَارُ الزَّرْعِ خُرُوجُهُ مِنْ الْأَرْضِ».
ب- حكم بيع المُأبِّر: من باع نخلا قد أبرت كلها أو أكثرها وفيها ثمر لم يبعه فثمرها للبائع أي باق على ملكه لا يدخل في العقد على النخل إلا أن يشترطه المبتاع لنفسه فيدخل في العقد عملا بالشّرط؛ لما رواه عبد الله بن عُمَر أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) [الموطا] وكذلك غير النخل من الأشجار ذات الثمار كالعنب والزيتون فيه التفصيل المذكور. وإلى هذا أشار المصنف رحمه الله بقوله: «وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الثَّمَارِ».
3 - البيع على البرنامج: البيع على البرنامج والصفة جائز، وكان الأصل منعه لكنه أجيز لما في حَلّ العِدل من الحرج والمشقة على البائع من تلويث ما فيه ومؤنة شده إن لم يرضه المشتري فأقيمت الصفة مقام الرؤية، فإن وجده على الصفة التي في البرنامج لزمه البيع ولا خيار له وإن وجده على غيرها فهو بالخيار بلزوم البيع وفسخه. وإلى هذا أشار المصنف بقوله: «وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَا فِي الْعِدْلِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ بِصِفَةِ مَعْلُومَةٍ».
ولمّا كانت عِلَّةُ جواز البيع على البرنامج كثرة المشقّة بِحَلّ الثَّياب وطَيّها ونَشْرها لكثرتها ذَكر المصنف مُحْتَرَزَ ذلك بقوله: «وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ لَا يُنْشَرُ وَلَا يُوصَفُ، أَوْ فِي لَيلٍ مُظْلِمٍ لَا يَتَأَمَّلانِهِ، وَلَا يَعْرِفَانِ مَا فِيِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ فِي لَيَلٍ مُظْلِمِ».
4 - سوم المسلم على سوم أخيه: قال المصنّف رحمه الله: «وَلَا يَسُومُ أَحَدٌ عَلَى سَوْمٍ أَخِيهِ وَذَلِكَ إِذَا رَكَنَا وَتَقَارَبَا لَا فِي أَوَّلِ التَّسَاوُمِ» لا يجوز لأحد أن يزيد على الثّمنِ الَّذي سمّاه غيره؛ لأَنّه يورث العداوة بين صاحب العطاء الأوّل والثَاني، وقد نهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فعن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: « ... وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمٍ أَخِيهِ». [صحيح مسلم] والنهي عن السوم إذا ركنا وتقاربا وهو أن يميل البائع إلى المبتاع بحيث لم يبق بينهما إلا الإيجاب والقبول باللفظ.
وقد ذكر المصنف رحمه الله بعد ما سبق ما كان الأَوْلى تقديمه وهو ما يَنعقد به البيع فقال: «وَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالْكَلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقْ الْمُتَبَايِعَانِ». أي ينعقد بكل ما يدل على الرضا كالإشارة والمعاطاة.
أسئلة الدرس:
ما الكالئ؟ وما حكم بيع الكالئ بالكالئ؟ وما علته؟
عرف بيوع الآجال وبين بعض صورها وأحكامها.
وما حكم بيع ما ليس عندك؟
وضح أحكام البيع على الجزاف.
خلاصة الدرس (6)
1 - مفهوم الكالئ: هو النسيئة بالنسيئة، مأخوذ مِن الحِفظ؛ لِأَنَّ كُلّ واحد مِن الْمُتَبَايِعَيْنِ يكْلَأ صَاحِبَه أَيْ يَحْرُسه لِأَجْل مَالِه عِنْدَه.
2 - أقسام الكاليء بالكالئ عند الفقهاء ثلاثة أقسام:
أ- بيع الدِّيْن بِالدَّيْن - الكالئ بالكالئ- ولا يُتَصَوّرِ في أقلَ من ثلاثة أشخاص، وهو منهي عنه. وعِلّة المَنع كَونه يُوصِل إلى المنازعة والمخاصمة التي يبغضها الشّارع.
ب- ابتداء الدين بالدين، وهو تَأخير رَأْس مال السَّلَم العَيْنِ أَكْثَر مِن ثلاثة أيّام.
ج- فسخ دين في دين، وهو لا يجوز؛ فإن كان الفسخ إلى الأجل نفسه أو دونه فقيل بالجواز وهو أظهر في النظر، وقيل بالمنع وهو أشهر.
1- أحكام بيوع الآجال تعريفها: قال ابن عرفة: « يُطْلَق مُضَافًا وَلَقَبًا: الْأَوَّلُ مَا أُجَّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَ مَا سُلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّانِي اللَّقَبِيُّ لَقَب لِمُتَكَرِّرِ بَيْعِ عَاقِدِهِ الْاَوَّلِ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ قَبْلَ اقْتِضَائِه».
2 - بعض صور بيوع الآجال ومنها ما هو جائز ومنها ما هو ممنوع:
أ- فمن الممنوع منها ما يأتي:
- أن يبيع شخص ثوبا بألف درهم إلى شهر ثم يشتريه ممن اشتراه منه بخمسمائة نقدا.
- أن يبيع شخص ثوبا بألف إلى شهر ثم يشتريه ممن اشتراه منه بخمسمائة إلى خمسة عشر يوما.
وهاتان ممنوعتان، لأنهما دخلهما سلف بزيادة لأنه دفع قليلا ليأخذ أكثر منه.
- أن يبيع شخص سلعة بمائة إلى شهر ثم يشتريها ممن اشتراها منه بمائة وخمسين إلى شهرين؛ لأنه يدخله الدين بالدين وهذا ممنوع.
ب- ومن الجائز منها أن تبيع سلعة بثمن مؤجل فتشتريها بثمن مؤجل إلى الأجل نفسه فذلك الشراء بأقل أو بأكثر أو بالمِثل المفهوم من الكلام كله جائز؛ لأنه لا علة حينئذ تُتَّقى وتكون مقاصة.
3 - ضابط الحكم في بيوع الآجال: ضابط الجائز من الممتنع في بيوع الآجال أن تقول: متى اتفق الثمنان فالجواز، ولا ينظر لاختلاف الأجل، وكذا إذا اتفق الأجلانِ فالجواز، ولا يُنْظر إلى اختلاف الثَّمنين. وإذا اختلف الأجَلانِ والثّمنانِ فإنّه يُنظر إلى اليد السَّابقة بالعطاء فإنْ دَفَعتْ قليلا وعاد إليها كثيراً فالمنع وإلّا فالجواز.
أ- تعريف الجزاف: هو ما جهل قدره أو وزنه أو كيله أو عدده، وإنما يقدر على سبيل الحزر والتخمين من الخبراء.
ب- حكم البيع على الجزاف: بيع الجزاف جائز بالكتاب، والسنة.
ج- شروط بيع الجزاف هي: أن يكون غير مسكوك- أن لا تكون آحاده مقصودة- أن يكون كثيرا بحيث لا يعلم قدره- أن يكون معلوم الجنس كقمح أو شعير- أن لا يشتريه مع مكيل- أن لا يكثر جدا- أن يكون مرئيا بالبصر- أن يكون المتعاقدان اعتادا الحزر في ذلك- أن يكونا جاهلين بمقداره- أن يكون في أرض مستوية لا مرتفعة ولا منخفضة في ظن المتعاقدين حال العقد.
2 - بيع النخل المؤبرة:
أ- مفهوم التأبير: يختلف مفهوم التأبير من ثمرة لأخرى؛ ففي النخل هو أن يجعل على الثمرة دقيقا يكون في فحل النخل لئلا تسقط ثمرتها، وفي الفواكه كالخوخ والتين وغيرهما من الفواكه هو أن تبرز الثمرة فيه عن موضعها وتتميز بحيث تظهر للناظر. وفي الزرع خروجه من الأرض وبروزه للناظر أيضا.
ب- حكم بيع المُأبِّر: من باع نخلا قد أبرت كلها أو أكثرها وفيها ثمر لم يبعه فثمرها للبائع أي باق على ملكه لا يدخل في العقد على النخل إلا أن يشترطه المبتاع لنفسه فيدخل في العقد عملا بالشّرط؛ وكذلك غير النخل من الأشجار ذات الثمار كالعنب والزيتون فيه التفصيل المذكور.
3 - البيع على البرنامج: البيع على البرنامج والصفة جائز، وكان الأصل منعه لكنه أجيز لما في حَلّ العِدل من الحرج والمشقة على البائع من تلويث ما فيه ومؤنة شده إن لم يرضه المشتري فأقيمت الصفة مقام الرؤية، فإن وجده على الصفة التي في البرنامج لزمه البيع ولا خيار له وإن وجده على غيرها فهو بالخيار بلزوم البيع وفسخه.
4 - سوم المسلم على سوم أخيه: لا يجوز لأحد أن يزيد على الثّمنِ الَّذي سمّاه غيره؛ لأَنّه يورث العداوة بين صاحب العطاء الأوّل والثَاني، والنهي عن السوم إذا ركنا وتقاربا وهو أن يميل البائع إلى المبتاع بحيث لم يبق بينهما إلا الإيجاب والقبول باللفظ.
ذكر ما يَنعقد به البيع يَنْعَقِدُ بِالْكَلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقْ الْمُتَبَايِعَانِ، أي ينعقد بكل ما يدل على الرضا كالإشارة والمعاطاة.