بسم الله الرحمن الرحيم
المسألة العقارية في المغرب
بين القوانين الوضعية والضوابط الشرعية
ملخص
تنظيم علاقة الإنسان بوسائل الإنتاج والثروات الطبيعية هي مسألة جوهرية في كل المجتمعات. كل المذاهب والأيديولوجيات تتناولها بالبحث والدراسة، لاستكشاف نظرية تنبثق عنها قوانين منظمة لهذه العلاقة، تجنب الناس مزالق الاستئثار بها في إطار علاقات القوة وقانون الغاب، وتنقب عن ضوابط العدل التي بها يقام بنيان المجتمع الصالح القوي.
نعالج موضوع الأرض التي تعتبر أهم هذه الثروات المنتجة عبر خمسة فصول مرتبطة بعضها البعض: الفصل الأول يشخص الحالة الراهنة المتأزمة في بلدنا ، الفصل الثاني يناقش حصيلة التطبيق على أرض الواقع للتشريعات الوضعية الحالية، الفصل الثالث يحاول وضع معالم لآفاق التغيير المنطلق من الأصول الثابتة. أما الفصل الأخير فيقترح بعض الخيارات المتاحة في إطار الاجتهاد للعصر بالنسبة للمتغير في الفقه الإسلامي ومصالحه المرسلة.
تمهيد
مسألة العقار في العالم القروي مسألة ملتهبة، تعج المحاكم بالنزاعات المتعلقة بها، خاصة الأراضي الفلاحية التي تشكل وسيلة العيش الرئيسية للفلاحين.
تدرس هذه المسألة من طرف المختصين من خلال مفهومي الأنظمة العقارية والهياكل العقارية. الأنظمة العقارية يقصد من مضامينها كل ما يتعلق بأحكام ملكية الأرض، ملكية فردية خاصة أو ملكية عامة أو أنواع أخرى من الملكيات. أما الهياكل العقارية فيقصد بها حالة المستغلات البنيوية : مساحتها، حالة تجمعها أو تشتتها في بقع متناثرة، حالة تفتتها بين الورثة، عدد المستغلين، نوعية الاستغلال المباشر أو غير المباشر، نوعية المزارعات والمعاملات.
وهي أوضاع عقارية مختلفة، أفرزتها المنعطفات التاريخية الكبرى، في شكل تراكمات مختلفة، بدءا بأعراف الملكية المشاعة التي اعتمدتها المجتمعات البدائية، حيث كانت كثافة السكان قليلة، و حاجياتهم من الأراضي أقل من المساحات المتوفرة، و انتهاء بطغيان قانون التملك الخاص الوضعي، الذي يحاول اكتساح كل الأراضي و القضاء على كل أنواع الملكيات، ومرورا بالأحكام الشرعية التي أتى بها الإسلام، و التي كانت سدا منيعا و ذرعا واقيا من خطر الإفساد و التصحر، كما سنثبت ذلك بعد حين.
الفصل الأول لهذا البحث، يشخص الحالة الراهنة للمسألة العقارية، الفصل الثاني يناقش حصيلة التطبيق الفعلي للتشريعات العقارية الوضعية الحالية، الفصل الثالث يحاول مناقشة معالم لآفاق التغيير النابع من الأصول الثابتة. أما الفصل الأخير فيقترح بعض الخيارات المتاحة في إطار اجتهاد للعصر بالنسبة للمتغير في الفقه الإسلامي ومصالحه المرسلة.
الفصل الأول:
الحالة الراهنة: أنظمة عقارية وضعية متأزمة
أراضي الملك الخاص
أراضي الجيش
أراضي الأحباس
ملك الدولة الخاص
أراضي الجموع الرعوية
الملك الغابوي
المرجعية القانونية لتدبيرالموارد الطبيعية
الفصل الأول:
الحالة الراهنة: أنظمة عقارية وضعية كارثية
الأنظمة العقارية المتبعة هي أنواع مختلفة نخص بالذكر منها: الملكية الفردية الخاصة - أراضي الجموع الفلاحية - أراضي الجيش والأراضي العرشية - أراضي الأوقاف أو الأحباس - ملك الدولة الخاص - الملك الغابوي - أراضي الجموع الرعوية - أراضي الإصلاح الزراعي - أراضي الشركات الفلاحية.
أراضي الملك الخاص
تبلغ مساحة الأراضي الفلاحية التابعة لقانون الملكية الخاصة الوضعية حوالي 6 ملايين ونصف من الهكتارات، تمثل ما يقارب 75 % من المساحة الإجمالية للأراضي المحروثة بالقطر. معدل المساحة الوسطى للضيعات المملوكة لا تتجاوز خمس هكتارات. المساحة الوسطى بعد فعل حكم التوارث في العالم القروي المعروف بمعدل الزيادات في السكان تفوق 3 % ، يتوقع أن تنزل إلى مستوى دون الهكتار الواحد للعائلة في ظرف وجيز، نكون إثره أكثر بعدا عن المساحة الدنيا المعاشية ( م.د.م.) التي ضبطها الاقتصاديون لتوفير الاكتفاء لأسرة عادية. (seuil minimum d’exploitation ) . ولو نشطت عملية المسح المعطلة للممتلكات، لكشفت عن أرقام بلا شك أخطر مما ترقبنا، تنذر عن قرب استفحال الكارثة العقارية والبيئية في العالم القروي، بانهيار التوازن بين أنواع الملكيات و أنواع المؤهلات الطبيعية للأراضي.
ترتبط كارثة تفتت الأراضي الزراعية في العالم القروي التقليدي ارتباطا وثيقا بمعضلة تكدس المساحات الشاسعة تحت يد أقلية من الملاك الذين قل ما يبتغون فيما استولوا عليه الدار الآخرة. هذه الإقطاعات التي لا يتوقع من الإحصاء العام الفلاحي الإفصاح عنها، لسبب بسيط هو الحبك المسبق الذي وجه لدراسة المستغلات لا الممتلكات، يمكن لمسها فقط عبر بعض الدراسات." ففي منطقة الغرب الذي يمثل بحق تركيز الأراضي الغنية، نلاحظ أن 300.000 هكتار ( 58 % منها مروية ) مملوكة من طرف 1 % من العائلات بينما 43,3 % من العائلات هم مزارعون بدون أرض، و 40 % منها لا تملك سوى ما بين هكتار و 3 هكتارات غير مروية غالبا، و هي تغطي 11,7 % من الأراضي فقط " [1]. أو كما أوردت بعض الدراسات " أن 5 إلى 10% من كبار المستفيدين من تصفية الاستعمار القروي، يملكون 60% من الأراضي، و 40 % من الفلاحين يملك الواحد منهم قطعة نصف هكتار فقط. [2]
أراضي الجموع الفلاحية
الأراضي الفلاحية المقتطعة من أرض الجموع، وهي في الأصل كانت مراعي جماعية، هي حاليا المرشحة الأولى للانهيار و التصحر بعدما انقلب وضعها و تأرجح في حكم يكتنفه الغموض. كان حكمها محترما لاستمداده المشروعية من الحديث النبوي : "الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار". الأراضي الجماعية أو أراضي الجموع أو أراضي الجماعات السلالية الفلاحية ، هي التسميات العرفية لهذا القسم من الأراضي ، الذي تبلغ مساحته 12 مليون هكتار تقريبا. لقد سقط منها مليونا هكتار في حكم قريب من حكم الملكية الخاصة، وضع متذبذب بين الحكم الأصلي الجماعي و الملكية الخاصة الوضعية ، يتقاسم فيه أفراد السلالة الأرض الجماعية و يستغلونها كأنها ملكية خاصة، و يتوارثونها عرفيا، النساء ليس لهن أي نصيب من الإرث، دون أن يكون أي توثيق لهذه الوضعية ما عدا أحيانا رسم التحفيظ العقاري الجامع للعقار. وضع غامض، ترتع فيه جراثيم الرشوة والتحايل على القانون، وتتعطل الإنتاجية، حيث أن أول قرار يتخذه المتقاضون هو تعطيل الاستغلال إلى أجل إصدار الأحكام. وقد يستغرق النطق بالحكم و تنفيذه مدة جيل كامل وزيادة. غموض و فوضى و بعث جديد لحكم الجاهلية و نزاعات تشكل أغلب القضايا المعروضة على المحاكم في القرى و المدن ، و القاضي يحكم فيها بما شاء من أعراف و اجتهادات سقيمة.
بعض الخبراء يرجحون رفع كل حرج عن الملكية الخاصة الوضعية لهذه الأراضي الموزعة عرفيا شريطة أن لا تنزل مساحتها عن المساحة الدنيا المعاشية (م.د.م ). إلا أنهم لم يلبثوا قليلا في موقف الدفاع عن حلهم هذا حتى داهمهم واقع التوارث الذي قسم الأرض تقسيما صار معه الكلام عن "م.د.م" عبثا أو ترياقا من شأنه تأجيل المشكل لا حله حلا جذريا. خبراء آخرون لاحظوا أن الشمل المجموع لبعض الأراضي الجماعية التي بقيت على أصلها، يمكن من تسييرها تسييرا ناجعا و سقيها بالأذرع المحورية، وهو ما لا يتأتى مع الأراضي المملوكة المفتتة. لذا فهم يصرون على المحافظة على النظام التقليدي. و قد أدت سهولة استعمال التقنيات الجديدة للسقي في الأراضي الجماعية إلى تنافس بين وزارة الفلاحة ووزارة الداخلية الوصية على أراضي الجموع، في رهان سقي المليون هكتار: وزارة الفلاحة بواسطة قنوات الإسمنت عموما، ووزارة الداخلية بواسطة الأذرع المحورية.
أراضي الجيش
نوع آخر من الأراضي الفلاحية في القطر، تعرف بأراضي الجيش، و تبلغ مساحتها 280.000 هكتار، وهي تعتبر من أراضي الدولة التي أقطعها السلاطين لأخلاط القبائل، مقابل خدمات عسكرية أسدوها للدولة، إقطاع انتفاع لا إقطاع تمليك. فهي إذن أرض لا يجوز تملك رقبتها أيضا. ذوو الحقوق من هذه القبائل دأبوا على تقسيمها عرفيا تحت أعين الإدارة التي تتولى تدبيرها، كما تقسم أراضي الجموع، فهي كذلك في وضع غامض، مولد لمشاكل تزخر بها المحاكم في كل مكان و تستفحل مع الزمان. أصلها الشرعي يمنع تملك الرقبة، إذ ليس لولي الأمر أن يقطع إقطاع تمليك إلا بالنسبة للأراضي الميتة كما سنتعرف عليه لاحقا. أما الأراضي الفلاحية فهي خاضعة لحكم الأراضي الخراجية ، ملكيتها لعامة المسلمين و استغلالها يتولاه من يعينهم ولي الأمر حسب شروط و عقود تنتهي صلاحيتها بموت المستغل، كما سنوضح بعد حين.
أراضي الأحباس
هي كذلك من الأراضي المعروفة أصولها الشرعية، تتجلى من خلالها أسمى ما يميز الإنسان من قيم التكافل و الإيثار و نكران الذات، حيث أن الأراضي المحبسة أو الموقوفة على باب من أبواب الخير أو ثغرة من ثغور الإحسان، كانت تلعب دورا أساسيا في تلاحم أفراد المجتمع الإسلامي، وكذلك في تربيته وتعليمه.
حاليا تدير هذه الأراضي التي تتسع على مساحة 80.000 هكتار وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية . وهي غالبا ما تكون في مواقع مسقية ذات خصب و عطاء وافر. طرق استغلالها في غاية التعقيد و الغموض ، وهو موضوع يستحق دراسة شاملة، خاصة فيما يتعلق بتطور غايتها الإحسانية التي أسست من أجلها ، في زمن فقدان الذاكرة الذي نعيش أحلك أيامه تحت حكم اللادينية.
ملك الدولة الخاص
نظام آخر من الأنظمة العقارية هو ما يعرف بملك الدولة الخاص، الذي كانت تبلغ مساحته حوالي المليون وربع المليون هكتار.
كان مصدر هذا الرصيد العقاري من الأراضي الفلاحية ما يسمى بضيعات الاستعمار الرسمية و ضيعات الاستعمار الخاص. ضيعات الاستعمار الرسمية أصلها في الغالب أراضي الجموع التي تعرفنا علي حكمها الشرعي ، أقطعها حكم الاستعمار جورا بعدما ابتدع الحيل القانونية ( التصرف الأبدي ) (jouissance perpétuelle )، والظهائر السلطانية، لصنائعه الأجانب و غيرهم الذين جاءوا لاستعمار الأرض.
عندما نقضت حرمة الأحكام الأصلية، وتم تفويتها للمعمرين، أرغم الناس على الاكتفاء بما بقي من هذه الأراضي بعد أن صار الجزء الأكبر منها لصنائع الاستعمار. حالة واحدة من حالات عدم اعتبار الحكم الأصلي، كانت كافية لتداعي الحرمات. نضرب مثلا بقضية حماية المستعمر لبعض قواده الذين ساهموا في إخضاع المسلمين لحكم النصارى. هذا القائد أو ذاك استولى على بقعة أرضية مساحتها شاسعة، تضم مراعي و أراضي فلاحية، حكم الشرع القاضي بشراكة الناس في الغابات و المراعي و المياه، لم تبق له أي حرمة عندما أقره المستعمر على تسلطه. وكما أن صنيع الاستعمار استولى على آلاف الهكتارات من الغابات و المروج، فإن آلاف الناس رأوا في ذلك أكثر من مسوغ وحجة للترامي على هكتار أو هكتارين لكل واحد منهم. فهي إذن آلاف الهكتارات ذهبت أدراج الرياح و أدركها التصحر بعد أن تعرت من غطائها الطبيعي، لأنها على عكس التي استولى عليها المستعمر، لا تصلح للحراثة. هكذا تسبب حكم الأجانب في تأسيس آليات التصحر التي لا زالت عجلتها تدور تحت حكم اللادينية الحالية، ملتهمة ما يناهز 75 ألف هكتار في السنة من أراضي الجموع العامرة طبيعيا (المراعي).
شمل الأراضي المسترجعة المجموع، مكنها في الغالب من اتباع أنماط الإنتاج المعقلنة المستعملة للتقنيات المتطورة في التسيير و التدبير و الخدمة. وهي تمثل اليوم واحة وسط صحراء من الفوضى العقارية المفتتة للأراضي المعطلة للإنتاج. نظرة من الطائرة توضح الصورة: ضيعات تذكر بمنظر ريفي في البلدان المتطورة اقتصاديا، وسط فلاة شاسعة تذكر بواقع التخلف و الفوضى.
أدرجنا المثال العقلاني للاستغلال المنظم للأرض و ربطناه بشركات التسيير الفلاحية الشبه عمومية، فهل هذا يعني أننا نزكي هذا النوع من أنواع علاقة الإنسان بالأرض في جميع جوانبه و مميزاته؟
نجيب على هذا السؤال بعد التعرف لاحِقا على أنواع المعاملات و المزارعات المتبعة حاليا في العالم القروي، وعلاقاتها بالأصول الشرعية التي كانت معتمدة قبل جولة اللادينية.
أراضي الجموع الرعوية
نظام آخر من الأنظمة العقارية هو المراعي الخاضعة حاليا لقانون أراضي الجموع أو الجماعات السلالية، وتقدر مساحتها بعشرين مليون هكتار، لا تزال في معظمها شركة عامة لكن بين أفراد الجماعة السلالية فقط، وتحت وصاية وزارة الداخلية، و تحوم حولها الأطماع لتمليكها لما يسمى بذوي الحقوق مع غموض المصطلح بالنسبة لهذه الحقوق وبالنسبة لمصدرها. هذا النوع هو الذي كان مسرحا لما اشتهر أخيرا بأحداث سيدي الطيبي التي أقامت مدينة بأكملها ولم تقعدها. ولا غرو في ذلك: إذا الحرمات انتقضت، فلا تواخذن أحدا إن الفتن خيمت.
الملك الغابوي
نظام آخر من الأنظمة العقارية هو الملك الغابوي ( بما فيه مروج الحلفا ) الذي يغطي مساحة تسعة ملايين هكتار، ملك للدولة، تحت رعاية إدارة المياه والغابات. مشاكله لا يتسع لها موضوعنا المخصص للأراضي الزراعية، يمكن الإشارة فقط لعناوين منها، تتعلق باستمرار تدبيرها وتسييرها من طرف العقول الأجنبية والصنائع المحلية، حيث تم رهنها لأحقاب من الزمن لتسديد القروض التي مولت مشاريع يوجه ريعها لصالح شركات لا تساهم إلا بقسط هزيل في تنمية البلد، كمعامل الفلين والسيليلوز. أخذ هذا التدبير الأجنبي في الأيام الأخيرة منحى خطيرا، حيث تسلل للتخطيط التشريعي الذي لا يكلفه شيئا، بل على العكس يُسدد له ثمن الدراسة الباهظ، وهو ربما يمهد لتمرير ظهير بربري جديد، في حلة تشريعات خاصة بالمناطق الجبلية. وحيث ننشد الوحدة ونحارب الفرقة، فلا بأس من ترديد دعاء اللطيف الذي ردده الرجال: اللهم يا لطيف نسألك اللطف فيما جرت به المقادير، لا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر.
تشريعات أخرى تحبك لكراء أراضي غابوية أو سلالية شاسعة، لمدد طويلة، لشركات تضم أجانب. من المحتمل جدا أن يري السكان المجاورون للغابة في هذه الكراءات مسوغا للترامي على الأراضي الغابوية، وعلى ثرواتها من حطب وخشب و ثمار وكلأ وصيد (حقوق الصيد منع عامة الناس منها، وتم تفويتها لشركات سياحية لا يأتي منها خير للبادية ). وهذا من شأنه أن يضاعف من تآكل الغابات، الذي تقدره الإحصاءات بما يفوق الثلاثين ألف هكتار في السنة، وتلكم هي أسباب التصحر العميقة التي تهدد البلد.
المرجعية القانونية لتدبيرالموارد الطبيعية
النصوص المهمة التي صدرت في شأن المسألة العقارية معظمها من وضع المشرع الفرنسي، في بداية القرن الماضي.
بعد الاستقلال، كانت هناك خطة لمراجعتها كما كان بالنسبة لمدونة الأحوال الشخصية، لكن العملية أجهضت في ظروف غامضة، واحتفظ بمعظم النصوص الموروثة من العهد البائد رغم عدم دستوريتها وعدم مراعاتها للأصول الشرعية.
ثم كانت هناك تحديثات مختلفة انطلاقا من الستينيات، لكن استمر فيها المشرع في تجاهل قضية دستورية القوانين ومشروعيتها.
النصوص الوضعية الحالية تتناول عدة قضايا منها: التسجيل العقاري ؛ التشريع المطبق على العقارات المسجلة ؛التشريع المطبق على الاكتراءات القروية ؛ تدبير أراضي الجموع والأحباس ؛ ضم الأراضي القروية ؛ استرجاع الأراضي المستعمرة؛ الإصلاح الزراعي ؛ مراقبة الصفقات العقارية ؛ الحد من تجزيء الممتلكات الزراعية ؛ دوائر الاستثمار الفلاحي في الأراضي البورية.
الفصل الثاني:
حصيلة التطبيق الفعلي على أرض الواقع للتشريعات الوضعية
بالنسبة لوضع أراضي الملك الخاص
بالنسبة لأراضي الجموع
بالنسبة للاكتراءات والمزارعات القروية
حصيلة التدابير المتخذة لحل مشاكل إتلاف الموارد الطبيعية
قانون الحد من تقسيم الأراضي وتفتتها
الفصل الثاني:
حصيلة التطبيق الفعلي على أرض الواقع للتشريعات الوضعية
اصطدم التطبيق الفعلي على أرض الواقع لهذه التشريعات بعدة عراقيل، ترجع أساسا لعدم مراعاتها للأصول الثابتة، أو انطلاقها من قاعدة تشريعية مغلوطة سقط فيها المشرع في تخبط و خلط بين أعراف جاهلية، وأحكام إسلامية أُنزلت في غير محلها، واقتباسات من الأنظمة الغربية لا تتناسب مع الواقع المحلي.
بالنسبة لوضع أراضي الملك الخاص، فبالرغم من صرامة القانون ومنعه لتقسيم الأراضي التي تقل مساحتها عن المساحة الدنيا المعاشية المحددة بالنسبة للأراضي المسقية وبالنسبة لأراضي البور المشمولة بعملية ضم الأراضي، فإن القسمة العرفية لا تزال سارية المفعول بين الورثة، بدون تصريحات رسمية، حتى في الدوائر المضمومة التى يفرض فيها منع القسمة، بواسطة إجراءات ممولة من قروض الدولة، كالتخارج القانوني بين الورثة. وعبثية الحل واضحة، حيث أن المشكل يتكرر عند وفاة كل مالك.
بالنسبة لأراضي الجموع: لا بد من تتبع معضلة "الملكية على الشياع" فيها، و مناقشة كيفية تطورها وتعقيدها بتزايد السكان في البادية. لقد تواطأ الناس على حرث أراضي الجموع - وهي في الأصل مراعي جماعية - بعد تقسيمها فيما بينهم تقسيما عرفيا يعين "لذوي الحقوق" البقع التي يمكنهم حرثها. هذا التعيين يتم كل سنة، يتناوب عبره الناس على كل البقع لئلا يتم إقرارهم على بقعة واحدة بعينها خشية النزوع إلى الاختصاص بها ثم تملكها. هذه الطريقة لم تصمد كثيرا أمام مطالب تكثيف الإنتاج التي تقتضي استثمارات على المدى البعيد في بقعة واحدة كحفر الآبار و جر القنوات و غراسة الأشجار.
في مرحلة تالية بعد إرغام الناس على الاستقرار في بقع معينة داهمهم واقع الإرث ففرض وضع الملكية على الشياع نفسه أي اشتراك عدة أشخاص في استغلال بقعة واحدة لا يجوز تقسيمها رسميا. ونلاحظ حاليا في أكثر الحالات ثبات المشاركين كل في نصيبه ولا يتم التخارج إلا نادرا.
استقرار التقسيمات يكون شائعا في المناطق السقوية وفي مناطق البور الخصب. فمن بين: مليوني هكتار من الأراضي الجماعية، لايشمل التقسيم الدوري إلا أقل من:300.000 هكتار، والباقي يتبع وضعا يقوم مقام التمليك العرفي، يستثني المرأة من التوزيع والإرث.
ورغم ثبات هذه التقسيمات، فإن هذا الوضع الشاذ، يشكل هو أيضا عائقا مهما لسبل تكثيف الإنتاج الزراعي وللاستثمارات متوسطة وبعيدة المدى.
بالنسبة للاكتراءات والمزارعات القروية، رغم تقنين هذه المعاملات وخاصة الاكتراءات القروية، فإن المزارعين يلجأون في بداية كل موسم زراعي، إلى إبرام اتفاقيات الاكتراءات القروية، خلال مدة لا تتعدى دورة زراعية واحدة (في الغالب سنة واحدة أو سنتان). إن هذا النوع من العرف الذي يستجيب للمصلحة الظرفية القريبة للمالكين، لا يلبي رغبات المكتري إلا نادرا. وعليه فإن هذا الأخير يستغل موارد العقار بإجحاف، فلا يبالي بالحفاظ عليها ولا بتحسينها. وبالفعل، فإن المستغل للأرض خلال دورة زراعية أو اثنتين لا ينفق أي استثمار في تحسين التجهيز العقاري ما دامت مدة الاكتراء لا تسمح له باستغلال مربح لما أنفق فيها.
حصيلة التدابير المتخذة لحل مشاكل إتلاف الموارد الطبيعية
للتخفيف من العوامل التي تتسبب في إتلاف الموارد الطبيعية، ولضمان تنمية مستديمة، تم وضع نصوص تشريعية جديدة نذكر منها: - قانون دوائر الاستثمار في أراضي البور: للتذكير قانون الاستثمارات الفلاحية، الصادر في ظهير: 1.69.25 (25/7/1969)، وضع إطار تشريع الاستصلاح الزراعي الخاص بالمناطق السقوية فقط، أما المناطق البورية فلم تكن داخلة في مجال اهتماماته. ومن الواضح أن التنمية الزراعية والاقتصادية في البلاد لن تتأتى إلا بالاهتمام بالمناطق البورية كذلك. ولهذا فإن ظهير: 1.95.10 (22 فبراير 1995) ، المتضمن للقانون رقم: 94/33 ، المتعلق بدوائر استثمار أراضي البور، جاء ليتمم البناء التشريعي الوضعي التقنوقراطي
قانون الحد من تقسيم الأراضي وتفتتها
هو بيت قصيد الإصلاحات الإدارية،وحوله يحوم المهتمون. فلقد برهنا في الفقرات السابقة أن الحد من التجزيء يشكل أمرا من الصعب أن تحيط به أي سياسة وضعية، إلا ما يدخل في صنف الإصلاحات الترقيعية للبنيات والهياكل العقارية.
انطلاقا من هذه الإطار الواضح، أُعلن عن قانون رقم: 94/34 المتعلق بالحد من تجزيء وتفتت الملكيات الزراعية في الدوائر السقوية وكذا في دوائر استثمار أراضي البور.
القانون يمنع كل تجزيء يتولد عنه استغلال أراض تقل مساحتها عن 5 هـكتارات في المناطق السقوية، وعلى حد أدنى في دوائر استثمار أراضي البور، يحدد بقرار وزاري، حسب معطياتها الزراعية والبيئية.
ويندرج حكم هذا القانون كذلك على"الملكية على الشياع" بنفس الحدود المتعلقة بالمساحة الدنيا المعاشية.
ومن الواضح أنه لا يمكن احترام هذه التدابير إلا إذا أقصي عدد من المشاركين، ثم يعوضون على انسحابهم. ولإنجاح هذا التخارج القانوني، صدرت مقتضيات لإشراك الأبناك فيه، لتمويل تعويض المشاركين المنسحبين. ويحدد القانون الفوائد المطبقة لهذا القرض في 6 % ، وتتحمل الدولة الفرق بالنسبة لفوائد السوق.
ثم إن هذا القانون يمنع كلا من العدول، والكتاب، والمستقبلين في التسجيل، والمحافظين، من أن يقبلوا، أو يقيموا، أو يسجلوا، أو يقيدوا أي عقد يخرج عن التدابير المذكورة.
يظهر أن القانون المذكور وضع آليات مؤسساتية وعقارية ومقتضيات قانونية واحتاط غاية ما يمكن لضمان تطبيق هذه التدابير، تجنبا للنقائص التي أدت إلي عدم تطبيق الظهير: 1.69.29 بتاريخ: 25 يوليوز 1969 المتعلق بنفس الموضوع.
هذا أقصى ما وصلت إليه الحكمة الوضعية، وطبعا كل المؤشرات تفيد أن القانون الجديد يسير إلى مصير سابقه ، فما العمل؟ وهل يفيد الإصرار على جهل الأصول؟
الفصل الثالث:
نظرات في رعاية الثروات الطبيعية
عبر الفقه الإسلامي
المبادئ المغيبة
الربط المتعسف
تصنيف الأراضي عند الفقهاء
الأراضي العامرة عمارة طبيعية ( غابات – مياه – مراعي):
الأراضي العامرة بمجهود بشري (الأراضي الزراعية)
- أراضي الصلح العامرة بمجهود بشري:
- أراضي الفتح العامرة بمجهود بشري: (وهي حالة معظم الأراضي الزراعية بالمغرب)
§ حكمها
§ التجاوزات التي شهدتها
§ الدليل الشرعي لحكمها
§ مزايا هذا الحكم
الأرض الموات في الفقه الإسلامي
الأراضي المحبسة أو الوقف الإسلامي
الفصل الثالث:
نظرات في رعاية الثروات الطبيعية عبر الفقه الإسلامي
الفصول السابقة في المسألة العقارية، شخصت الحالة الراهنة للقوانين والهياكل العقارية، وكذا المعضلات التي أفرزتها، وخاصة مسألة تفتت الضيعات وتشتت المستغلات، واحتكار أقلية، مرتبطة عضويا بالخارج، لمعظم وسائل وعوامل الإنتاج العصرية، بينما أغلبية الفلاحين في القطاع التقليدي، الذي يطلب منه توفير الأمن الغذائي، لا يملكون الحد الأدنى منها. كيف لهؤلاء وأولئك أن يساهموا بفعالية في التنمية المنشودة؟ كيف يمكن منع تفتت الممتلكات إلى الحدود اللامعاشية؟ كيف يتأتى ضم المستغلات المشتتة؟ ما هي حقوق وواجبات المستغل والمالك؟ ما هي الوسائل الشرعية التي تيسر التدافع على وسائل الإنتاج تدافعا حضاريا ناشدا للعدل نابذا للعنف، يكفل لكل ذي حق شرعي حقه، ويسعى لئلا تكون الأرض دولة بين الأغنياء منا، قبيل وبعد بناء دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة؟
تلك هي الأسئلة التي سنناقش عبر إطلالة استكشافية، وجولة تشويقية في رحاب دولة الخلافة الأولى، نستنشق في أجوائها من أريج البواعث الإيمانية، ونستفسر عبر دروبها عن الضوابط الشرعية، عن العدل الذي قام به الكون، وكان حيا مجسدا في زمن مضى واندثر، يُخرِج فيه أصحاب الزكاة والصدقات صدقاتهم فلا يجدون من يأخذها منهم، لشمول الرخاء.
المبادئ المغيبة
قبل الشروع في جولتنا، لا بأس من التذكير بأن المسألة العقارية، في بداية الألفية الثالثة الميلادية، من المسائل الملتهبة التي تشغل بال السلطات، وتزحف على بوادي وحواضر البلد بما فيها العاصمة، وما أحداث دواوير سيدي الطيبي، وعين العودة، وعكراش، عنا ببعيدة. حركت ألوف البشر للتنديد بالفوضى العارمة التي تميز إدارة شؤون هذه المسألة. زاد من حدتها حالات الجفاف والتصحر السريع، الذي كشف عن جفاف قلوب من يحكم بغير ما أنزل الله، الذي لا يبالي بالشرط الذي به تقوم السماوات والأرض: شرط العدل، أم المصالح وصلب الدين، وبه بعث الله النبيئين والمرسلين. العدل الذي لا يمكن للتنمية أن تقوم بدونه، يقتضي الحكم بقوانين الله المنزلة وبسنة الرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم، علما بأن قوانين الله مدبر أمر السماوات والأرض تشمل قوانينه الكونية وقوانينه الشرعية. التنمية الصحيحة لا يعقل أن تبنى إلا على مبادئه الأساسية، نذكر منها: مبدأ اعتماد الأصول الشرعية للقوانين المتعلقة بوسائل الإنتاج والمنظمة لكل المعاملات والمزارعات واستغلالات الثروات الطبيعية، مبدأ تأدية الحقوق الشرعية ورد المظالم لأهلها كحق الزكاة وغيرها من الحقوق التي سنتعرف عليها، مبدأ تحرير القطاع من القروض الخارجية و التمويل الربوي الذي لا يعبأ بالحرب المعلنة عليه من الله ورسوله، مبدأ محاربة أعراف وعوائد التبذير والإسراف والإفساد في البر والبحر، المنافية للتدبير البيئي المستديم المراعي لقوانين الله الكونية، مبدأ اعتماد شرطي القوة والأمانة لرعاية القطاع، ويدخل في هذا المجال كل ما يهم "الموارد البشرية" المكلفة بالتأطير والبحث و الخبرة والتكوين، والتي من المفروض أن تدفع عنا خطر الذيلية والتبعية، وتيسر لنا الاندماج الإيجابي، ثم المساهمة المتميزة في تطور البشرية جمعاء .
سعيا وراء ضالتنا هذه، نلج صلب الموضوع، ونبدأ بالتعرف على الأصول الشرعية للقوانين المتعلقة بوسائل الإنتاج، وخاصة المسألة المتعلقة بالأرض وما فوقها من ثروات طبيعية.
الربط المتعسف
غالبا ما تنسب معضلة تفتت الأراضي الفلاحية وتقسيمها عبر أجيال الورثة لنظام الميراث الإسلامي المتبع حاليا إلى جانب القوانين الوضعية التي تنظم المعاملات في العالم القروي. هذه المعضلة هي فعلا من أهم أسباب تدني الإنتاج الفلاحي وهروب الناس من الأرياف، سواء من الأراضي البورية أو الأراضي المروية، إلى الدرجة التي تهدد الأمن الغذائي للقطر عوض أن يلعب دور كاليفورنيا بالنسبة للعالم العربي.
تفسيرها يرجع إلى وجود شركاء متشاكسين متناحرين في ملكية ضيعة لا ترقى مساحتها إلى الحد الأدنى الذي يلبي الحاجيات المادية للأسرة الواحدة، ناهيك أن توفر الفائض الضروري لتمويل الاستثمارات اللازمة. ومع الزمن يتضاعف عدد هؤلاء الشركاء إلى الحد الذي يتعطل فيه الإنتاج نهائيا، وتقطع فيه الأرحام بسبب النزاعات العائلية، وتتعطل فيه مصالح الناس في كل مجالات الحياة.
كما أن نظام إقطاع الأراضي العامرة طبيعيا قصد التمليك، الذي يمثل الطرف الآخر للمعضلة العقارية، كثيرا ما ينسبه الناس عن قصد أو عن جهالة، للشرع الإسلامي.
وإذا ما علمنا من خلال مقاصد الشرع، وأصوله، وقواعده أن حيث ما وجدت مصالح الناس فثم شرع الله، الذي من آكد غاياته جلب المنافع ودرء المفاسد، صار لزاما إعادة النظر في نسبة هذه المعضلات إلى شرع الله. الأمانة العلمية تقتضي إذن التروي و التبين قبل هذا الربط بالشريعة لكثير من المسلمات التي فشت ممارساتها في المجتمع، حتى صارت عرفا متبعا وهوى مطاعا، رغم براءة الشريعة منها.
تصنيف الأراضي عند الفقهاء
حكم الأرض في الفقه الإسلامي يختلف حسب الصنف الذي تنتمي إليه. وتصنف الأراضي عند الفقهاء:
· حسب عمارتها:
1. عمارة طبيعية لم يبذل أحد أي جهد في تنشئتها (غابات – مياه – مراعي)
2. عمارة بمجهود بشري ( زراعة)
3. أراضي ميتة لا عمارة فيها.
· وحسب كيفية دخولها في دار الإسلام:
1. بعد عقد صلح عند مسالمة الرسالة ( أرض صلح)
2. بعد عقد حرب عند معاداة الرسالة ( أرض الفتح أو أرض العنوة )
أصول حكم كل صنف
1. الأراضي العامرة عمارة طبيعية ( غابات – مياه – مراعي):
هي ملكية جماعية للناس جميعا أيا كان دينهم ما داموا رعايا الدولة الإسلامية، تبعا لتقرير الحديث الصحيح "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار".
- تنظيم استغلالها الشرعي عبر الحمى يحول دون استئثار بعض الناس بها دون البعض: كان الحمى قبل الإسلام يقوم على أساس القوة و الغلبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا حمى إلا لله و رسوله" وهكذا حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقيع لخيل المسلمين، وحمى عمررضي الله عنه الربذة للفقراء دون الأغنياء.
- وضعيتها الحالية:
o الملك الغابوي التابع لوزارة الفلاحة الذي يشهد تجاوزات خطيرة: كالترامي على أطرافه وتحويلها إلى ملك خاص، ثم إلى أراضي عقيمة بوتيرة تفوق 30.000 هكتار في السنة.
o أراضي الجموع التابعة لوزارة الداخلية، هذا الرصيد يشهد بدوره فوضى عارمة ( التفويت، التخصيص، التوارث الذي يستثني المرأة، استعمال الأرض لبناء المدن الفوضوية...) وتيرة اندثارها تفوق 70.000 هكتار في السنة.
2. الأراضي العامرة بمجهود بشري (الأراضي الزراعية)
- أراضي الصلح العامرة بمجهود بشري:
عقد الصلح يحدد ملكية الأرض والحقوق التي عليها: خراج أو زكاة. والخراج حق يفرض على المساحة المستغلة سواء أنتجت أم لا، حسب وسع المستعملين عليها، " إن احتملوا أكثر من ذلك فلا يزاد عليهم وإن عجزوا عن ذلك خفف عنهم" ( عمر رضي الله عنه). أما الزكاة فتفرض على ما تنتج الأرض التي أسلم أهلها، العشر بالنسبة لأراضي البور أو نصف العشر بالنسبة للأراضي المسقية
- أراضي الفتح العامرة بمجهود بشري: (وهي حالة معظم الأراضي الزراعية بالمغرب):
o حكمها:
أراضي خراجية، ملكية الرقبة بيد الدولة الإسلامية، المستغل الفعلي هم أهلها الأصليون، ثم من تراه الدولة أصلح، شريطة أن يؤدي الخراج.
o التجاوزات التي شهدتها:
انتقاض أحكامها مباشرة بعد انتقاض عروة الحكم الراشد. وضعيتها الحالية: الملكية المفتتة اللامعاشية أو الإقطاعات الجبرية الجائرة.
o الدليل الشرعي لحكمها:
- مزارعة النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في أرض خيبر، عندما افتتحها، استمرار هذا الوضع في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله، و حياة أبى بكر و عامة ولاية عمر، ثم كان عمر هو الذي ردها إلى بيت المال بعد جلائهم عن المدينة.
- الأحكام العمرية في أرض السواد والشام ومصر( استدلاله بسورة الحشر).
- مذهب الإمام مالك الذي قال: " لا تقسم الأرض، وتكون وقفا يصرف خراجها في مصالح المسلمين ".
- في المذهب الجعفري الذي يقترب من المذهب المالكي في هذه المسائل، ترجم الإمام باقر الصدر هذه القواعد الثابتة بلسان العصر في قوله: " إن كل أرض تضم إلى دار الإسلام بالجهاد، وهي عامرة بجهود بشرية سابقة على الفتح، تطبق عليها الأحكام الشرعية الآتية : أولا: تكون ملكا عاما للأمة، ولا يباح لأي فرد تملكها و الاختصاص بها؛ ثانيا: يعتبر لكل مسلم حق في الأرض بوصفه جزءا من الأمة، ولا يتلقى نصيب أقربائه بالوراثة ؛ ثالثا: لا يجوز للأفراد إجراء عقد على نفس الأرض من بيع و هبة و معاوضة و تمليك و نحوها ؛ رابعا: يعتبر ولي الأمر وهو المسؤول عن رعاية الأرض و استثمارها و فرض الخراج عليها عند تسليمها للمزارعين ؛ خامسا: الخراج الذي يدفعه المزارع إلى ولي الأمر، يتبع الأرض في نوع الملكية، فهو ملك للأمة كالأرض نفسها ؛ سادسا: تنقطع صلة المستأجر بالأرض عند انتهاء مدة الإجارة، ولا يجوز له احتكار الأرض بعد ذلك ؛ سابعا : إن الأرض الخراجية إذا زال العمران عنها و أصبحت مواتا لا تخرج عن وصفها ملكا عاما، ولا يجوز للفرد تملكها عن طريق إحيائها و إعادة عمرانها من جديد ؛ ثامنا: يعتبر عمران الأرض حال الفتح الإسلامي بجهود أصحابها السابقين شرطا أساسيا للملكية العامة، و الأحكام الآنفة الذكر، فإذا لم تكن معمورة بجهد بشري معين لا يحكم عليها بهذه الأحكام".
o مزايا هذا الحكم:
- في عهد الخلافة الراشدة الأولى أتاح هذا الحكم تحرير الوقت وضمان الرزق للحاملين للرسالة فأدوا مهمتهم بالحزم الذي ساعد الرسالة على الانتشار والثبات الذين لم يشهد التاريخ مثلهما.
- يتم إحياء هذا الحكم في بداية الدول المجاهدة القوية التي تبايع على أن يكون الدين كله لله كدولة الموحدين ودولة المرينيين وغيرهما.[3]
- إحياء هذا الحكم مجددا بعد فتح باب جهاد التنمية بصدق، سيعالج تفتت الأرض التي وصلت إلى الحدود اللامعاشية التي لا يمكن أن تسد رمق أهلها أو تدر فائضا يمول مصاريف الإنتاج. وهي الحال التي يتخبط فيها عالمنا القروي التقليدي الذي يشكل أكثر من 80 في المائة من المستغلات. ولربما حررت الآلة سكان البادية من ربق العبودية للضيعة، لربطهم بمهمات الجهاد الاقتصادي الأخرى.
3. الأرض الموات في الفقه الإسلامي:
· الحكم: ملك خاص للدولة.
· ملكية الرقبة: الدولة الإسلامية ثم لمن تقتطع له.
· الحقوق: أرض عشر: الزكاة.
· الدليل الشرعي: الرسول صلى الله عليه وسلم شجع الناس على استصلاح الأراضي الميتة و زراعتها، ووضع القاعدة العامة في أن"من أحيى أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين ". وأن عمر رضي الله عنه قد سار في نفس الطريق الإصلاحي الذي سنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وتشدد في تنفيذ الشرط الذي يقضي بأنه "ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين". وقد سار الفقهاء المسلمون القدامى و المحدثون جميعا، على اختلاف مذاهبهم و آراءهم في الطريق القويم الذي خطه الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعه فيه عمر رضي الله عنه.
· في المذهب المالكي: مالك يجتهد في تعريف الأرض الميتة:
لا يعتبر الإمام مالك الأرض الموات إلا "في الصحاري و البراري، وهو ما يصنفه اليوم علماء البيئة في المناخ القاحل الصحراوي ( bioclimat aride et saharien ) وأما ما قرب من العمران و ما يتشاح الناس فيه، فإن ذلك لا يكون له أن يحيه إلا بقطيعة من الإمام". وذلك لأن الإمام مالك لا يتطلب في الإحياء إذن الإمام، مادام ذلك بعيدا عن العمران. أما ما قرب من العمران فلا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام. و الإحياء عند مالك يكون "بشق العيون، وحفر الآبار و غرس الشجر وبناء البنيان و الحرث فإذا فعل شيئا من ذلك فقد أحياها".
· إحياء الأرض الموات في المذهب الظاهري:
… إحياء الأرض الموات عند ابن حزم " هو قلع ما فيها من عشب أو شجر أو نبات الخ …" يكاد ابن حزم بهذا التعداد المفصل أن يكون قد استقصى في بعض ما أحصى، كل ما يمكن عمله لتعرية الأرض لا لإحيائها، لذا نعترف أن النظريات الحديثة في علوم البيئة ترجح رأي مالك على رأي ابن حزم. وحينما ذكر قلع ما فيها من عشب أو شجر، يبدو أنه صنف الأرض العامرة طبيعيا تحت حكم الأراضي الموات، عوض إخضاعها لحكم الغابات والمراعي. و قد يعذر ابن حزم في ذلك لأن الأراضي الميتة بصفة شبه مطلقة، أي ما يوصف اليوم بالأراضي القاحلة الصحراوية تكاد تنعدم في إسبانيا مقر إقامة فقيهنا. وهو الغلط نفسه الذي سقط فيه فقهاء المناطق الشمالية المغربية في جبال الريف، عندما وزعوا رسومات " الملكية " لكل من أضرم النار في غابة من غابات الأرز أو البلوط لزرعها. والحاصل من الإفساد الذي خلفه المحراث في هذه المناطق المنحنية، يؤكد دقة أحكام الشرع الذي من أهم مقاصده الحفاظ على الثروات الطبيعية بعد الحفاظ على الدين والنفس والنوع والعقل.
4. الأراضي المحبسة أو الوقف الإسلامي
الوقف هو إخراج العين الموقوفة من ملك صاحبها إلى ملك الله، وهي على ما حبست عليه. منافعها ترجع للموقوف عليهم وهم غالبا ما ينتمون لطبقات المجتمع الهشة كالأرامل والمعوقين والمرضى وطلبة العلم والذين تقطعت بهم أسباب العيش.
أصله الشرعي: شجع الرسول صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه على وقف أرض له، فجعلها عمر صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث.
الفصل الرابع:
فضاءات الاجتهاد للعصر في المسائل المتغيرة والمصالح المرسلة
· مسائل للاجتهاد تخص صنف الأراضي العامرة طبيعيا
· فضاءات ومسائل الاجتهاد تخص صنف الأراضي الخراجية
- مسائل تتعلق بتعيين المستغل وبشروط الاستغلال
- مسائل تتعلق بتحديد الخراج (الضريبة)
· فضاءات ومسائل الاجتهاد تخص صنف الأراضي الميتة
· فضاءات الاجتهاد تخص مسألة توحيد وتبسيط القوانين العقارية
· اجتهادات لإحياء مؤسسات ومصالح أصيلة
الفصل الرابع:
فضاءات الاجتهاد للعصر في المسائل المتغيرة والمصالح المرسلة
تتظافر الجهود بين الفقيه والخبير الزراعي المختص في فقه واقع الشؤون القروية لتحديد المسائل المطروحة للاجتهاد، وهذا نموذج منها.
· مسائل للاجتهاد تخص صنف الأراضي العامرة طبيعيا:
- كيف يتم تحديد المساحات المقتطعة منها خطأ؟ كيف يتم استرجاعها للملك العمومي لانتزاعها من خطر التصحر؟ هل عن طريق شرائها كما حدث في فرنسا؟ أم بعد الترحيل القسري للمترامين عليها بعد أم بدون معاوضة؟ أم يكفي أن نلزم المتمسكين بها بخراج مدروس يقنعهم بالرحيل؟
- كيف يتم إدماج السكان المحاذين لها في إطار استغلال "معقلن" مستديم مقاوم للتصحر الحالي وأنشطة عصرية لا تشكل أي خطر على الموارد الطبيعية، كالسياحة البيئية والصيد والصناعة..؟
- كيف يتم تحديد الحمى فيها للاستخلاف الإحيائي، وللحفاظ على التنوع البيولوجي ولإعادة الإعمار بالحيوانات التي انقرضت منها..؟
· فضاءات ومسائل الاجتهاد تخص صنف الأراضي الخراجية:
- مسائل تتعلق بتعيين المستغل وبشروط الاستغلال:
هل هو المستفيد الحالي؟ أم مستفيد آخر للتداول على الأرض، يحدد عن طريق سمسرة للكراء، أو في إطار تعاونيات أو شركات تعمل بشروط يحددها كناش التحملات لمنع تفتت الأرض..؟
- مسائل تتعلق بتحديد الخراج (الضريبة):
أنكتفي بالدرهم الرمزي للتعبير عن المواطنة ووفاء بالحق الشرعي الأدنى؟ أم تحدد مبالغ تصاعدية لتشجيع الإصلاحات العقارية المقررة من لدن السلطة السياسية الراشدة ؟ مثلا لتشجيع تجميع الضيعات المفتتة وضمها لتستغل في إطار تعاونيات أو شركات تحترم الحدود الدنيا والعليا لمساحة المستغلات، كي لا تكون الأرض محتكرة بين الأغنياء في جانب، وكي لا تضيع الإنتاجية من جراء التفتت في جانب آخر؟
أم تحدد مبالغ مدروسة للخراج لتشجيع سياسة ما للتنمية القروية، كخيار التمويل الذاتي للصناعات المحلية، لتخفيف الضغط على الأرض وعلى المجال الطبيعي قصد الحد من عومل التصحر والإفساد البيئي؟
· فضاءات ومسائل الاجتهاد تخص صنف الأراضي الميتة:
- كيف يتم تحديدها في مجالها الطبيعي القاحل الصحراوي؟ كيف يتم حث الناس على إحيائها؟ كيف تتم معالجة التفتت فيها حيث إنها الصنف الوحيد القابل للتوارث؟
· فضاءات الاجتهاد تخص مسألة توحيد وتبسيط القوانين العقارية:
- أصناف الأرض الأصلية عددها خمسة بينما يتجاوز عددها تسعة في القانون الوضعي المعتمد من طرف الإدارة الحالية، يتعدد فيه المتدخلون، وتضيع بينهم حقوق المواطنين. ألا يمكن توحيد الأحكام الوضعية التي تخضع لنفس المقتضيات، مثلا الملك الغابوي وأراضي الجموع الرعوية والملك العمومي كالشواطئ وضفاف الأنهار والبحيرات وكلها فضاءات لا تباع ولا تتقادم مبدئيا، إلا أنها أخيرا شهدت فوضى عارمة لم تراع فيها المبادئ والقوانين، تسببت في بعض القلاقل الاجتماعية الخطيرة، بعدما استغلت أحيانا لبناء خمارات الاستثمار السياحي المخرب.
- ألا يمكن توحيد الأصناف الوضعية التالية: أراضي الجيش الأراضي العرشية أراضي الإصلاح الزراعي، أراضي الشركات الفلاحية، أراضي ملك الدولة الخاص، أراضي الجموع الفلاحية، ,تجميعها ضمن التسمية الأصلية: الأراضي الخراجية؟
· اجتهادات لإحياء مؤسسات ومصالح أصيلة
- مؤسسة الخراج والمسح العقاري(cadastre) : للتذكير كان المسح معتمدا في المغرب بعيد فتحه ثم في عهد دولة الموحدين، وهو حاليا معطل لتعطيل جباية الخراج، ولاستئثار قلة من الملاكين المتغيبين بأراضي شاسعة.
- مؤسسة جباية الزكاة التي تأخذ الحق المعلوم من أغنياء القرية لتوزعها على فقراء نفس القرية، وهي كذلك معطلة من طرف الإدارة اللاييكية الحالية.
- مؤسسة الوقف الاجتماعي الذي حرفته الإدارة الحالية عن دوره الأصلي، فأصبح دولة بين بعض من ابتلوا بأكل الحرام المحض. وعن سبيل هذه المؤسسة العظيمة يمكن مثلا دمج المرأة القروية في "مسلسل التنمية" لقطع الطريق على قروض وصدقات الجمعيات التنصيرية.
- مؤسسة إعادة إعمار ورعاية الأراضي المستردة في إطار عملية رد المظالم الطوعي أو القسري…
... إلى غير ذلك من الاجتهادات النابعة من الأصول، وهذا لا تكاد تجد من يناقشك ويحاورك فيه في الإدارة المنصبة على مؤسسات الدولة الحالية، بل إن منهم من لا يتحرج في التوسل لفقهاء الشرائع المحرفة لابتداع الحلول المستوردة للمسألة العقارية. فهي دعوة لنا جميعا لتغيير موقفنا أزاء تراثنا التشريعي المنبثق عن آخر رسالة من رسائل السماء المرشدة للمسيرة الإنسانية. وإن لم نفعل، فذل العولمة التشريعية التلموذية لنا بالمرصاد. ولله الأمر من قبل ومن بعد، ولكن أكثر الناس لا يفقهون.
المراجع
- القرآن الكريم.
- الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم، صحيح مسلم، دار المعرفة، بيروت لبنان.
- القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، كتاب الخراج، المطبعة السلفية، مصر.
- أبو الحسن الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، مطبعة الحلبي، مصر.
- محمد عبد الجواد محمد، 1982. ملكية الأراضي في الإسلام، منشأة المعارف بالأسكندرية، مصر.
- الإمام محمد أبو زهرة، أصول الفقه، دار الفكر العربي، مصر.
- محمد باقر الصدر، 1980 اقتصادنا، دار الكتاب اللبناني، بيروت لبنان.
- عبد السلام ياسين، في الاقتصاد، البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية ، الأفق الدار البيضاء
- وزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي- الإحصاء الفلاحى العام لسنة 1974
- وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحرى - الإحصاء الفلاحى العام لسنة 1996
- وزارة التخطيط والتوقعات الاقتصادية- مخطط التنمية 2000-2004
- عبد الحميد إبراهيمي، المغرب العربي على مفترق الطرق،
- بنسالم حميش. في الغمة المغربية. سلسلة شراع، العدد 20.
- المناظرة الوطنية للفلاحة والتنمية القروية 19-20 يوليوز2000.
- التشريع الغابوي 1917 (وزارة المياه والغابات)
- قانون الاستثمار الفلاحي 1969 (وزارة الفلاحة)
- المجلس العام للتنمية القروية، استراتيجية 2020 للتنمية القروية، بالفرنسية (édit. consulting)
الفهرس
المسألة العقارية في المغرب
بين القوانين الوضعية والضوابط الشرعية
الفصل الأول:
الحالة الراهنة: أنظمة عقارية وضعية متأزمة
أراضي الملك الخاص
أراضي الجيش
أراضي الأحباس
ملك الدولة الخاص
أراضي الجموع الرعوية
الملك الغابوي
المرجعية القانونية لتدبيرالموارد الطبيعية
الفصل الثاني:
حصيلة التطبيق الفعلي على أرض الواقع للتشريعات الوضعية
بالنسبة لوضع أراضي الملك الخاص
بالنسبة لأراضي الجموع
بالنسبة للاكتراءات والمزارعات القروية
حصيلة التدابير المتخذة لحل مشاكل إتلاف الموارد الطبيعية
قانون الحد من تقسيم الأراضي وتفتتها
الفصل الثالث:
نظرات في رعاية الثروات الطبيعية
عبر الفقه الإسلامي
المبادئ المغيبة
الربط المتعسف
تصنيف الأراضي عند الفقهاء
الأراضي العامرة عمارة طبيعية ( غابات – مياه – مراعي):
الأراضي العامرة بمجهود بشري (الأراضي الزراعية)
- أراضي الصلح العامرة بمجهود بشري:
- أراضي الفتح العامرة بمجهود بشري: (وهي حالة معظم الأراضي الزراعية بالمغرب)
§ حكمها
§ التجاوزات التي شهدتها
§ الدليل الشرعي لحكمها
§ مزايا هذا الحكم
الأرض الموات في الفقه الإسلامي
الأراضي المحبسة أو الوقف الإسلامي
الفصل الرابع:
فضاءات الاجتهاد للعصر في المسائل المتغيرة والمصالح المرسلة
· مسائل للاجتهاد تخص صنف الأراضي العامرة طبيعيا
· فضاءات ومسائل الاجتهاد تخص صنف الأراضي الخراجية
- مسائل تتعلق بتعيين المستغل وبشروط الاستغلال
- مسائل تتعلق بتحديد الخراج (الضريبة)
· فضاءات ومسائل الاجتهاد تخص صنف الأراضي الميتة
· فضاءات الاجتهاد تخص مسألة توحيد وتبسيط القوانين العقارية
· اجتهادات لإحياء مؤسسات ومصالح أصيلة
المراجع
[1] المغرب العربي على مفترق الطرق، عبد الحميد إبراهيمي.
[2] في الغمة المغربية، سلسلة شراع العدد 20 ص 51.
[3] جاء في كتاب الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى تحت عنوان وضع الوظيف المسمى في لسان العامة بالنائبة ( الدولة السعدية) :"قد تقدم لنا في صدر هذا الكتاب اختلاف العلماء في أرض المغرب هل فتحت عنوة أو صلحا أو غير ذلك وعلى القول بأنها فتحت عنوة فهي خراجية، كما هو مقرر في كتب الفقه. وتقدم لنا أيضا أن أول من وظف الخراج على أرض المغرب عبد المؤمن بن علي (الموحدي) وتبعه بنوه على ذلك، وقفا نهجهم بنو مرين. وفي الظهير الذي كتبه السلطان أبو زيان المريني لابن الخطيب أيام مقامه بسلا شاهد بذلك. ولما جاء السعديون من بعدهم سلكوا هذا السبيل أيضا."