بسم الله الرحمن الرحيم
يسألونك عن عقم
جامعات العرب...
(خطر التطبيع مع أسباب التخلف)
المحتوى :
منصة البروز
كرسي الاعتراف
تحصين الجامعات ومراكز الأبحاث من التطبيع مع أسباب العقم
وإن كان ولا بد من الاصطفاف؟
خاتمة
يسألونك عن عقم جامعات العرب...
) خطر التطبيع مع أسباب التخلف (
وكعادة كل من يملك أبجديات المنهجية العلمية المعتمدة على المعطيات الصحيحة، ارتأيت بعد قراءة سريعة للعناوين البارزة، أن أبحث عن الجهة الممولة، وعن الأشخاص الذين كانت لهم الصدارة، لأن هاجس " تموقع المثقف العربي" شكلت هذه الأيام شطرا من اهتماماتي، عبرت عنه في بحث عنوانه" داعش والهيجاء، ماذا بعد؟ : مخاض ثورة فكرية [1]
منصة البروز
منصة الصدارة برز فيها مدير المركز القطري الذي لا يسع المثقف العربي إلا الوقوف له احتراما وتقديرا عندما يطلع على نبذته المعروضة في موقع المركز القطري [2]. لكن مبدأ الشك المنهجي يفرض على المثقف أن لا يكتفي بما يقول الناس عن أنفسهم، تبعا للمثل السائر " تعرف الأشياء بأضدادها ". ومن المؤسف أن ينقل لنا صندوق المعلومات خبرا مفزعا موجعا لا نرضى بنقله إلا لدواعي المنهجية العلمية التي لا تحابي أحدا... حسب شاهد من المثقفين العلمانيين من عشيرة مفكرنا، هناك شبهات حول الوظائف الخفية لمديرنا المحترم. ابن عشيرته الأردني في موقع إخباري ، يرميه بالقذف المبين والتجريح المهين [3] الذي لا يبقي لقيمته الأكاديمية ولا لعدالته العلمية أي ذرة من النزاهة والمجد والشرف... وبما أن الاتهام خطير، كان لزاما علينا الهروع إلى القاعدة القرآنية المعلومة للتبين في الأمر... وهكذا تعرفنا على القاذف، وتموقعه، ودوره هو أيضا في زمان الفتنة القاتمة التي تخيم على العرب [4] .
فلما تعرفنا على هذا وذاك، وعلى العلاقة التي تربطهما، ما يجمع وما يفرق بينهما، أجملنا الصراع الذي يجعلهما وجها لوجه في التدافع الفكري، وألحقناه بواقع التشرذم والتنازع والتقاتل والفشل الذي ينخر الأمة في هذا الفترة القاتمة من تاريخنا.
كرسي الاعتراف
وإن كان من الصعب جدا على الباحث الأكاديمي في المعارف السياسية والاجتماعية أن يلتزم طويلا بالمنهجية العلمية التي تروم الحياد والموضوعية... لأنها من أكثر المعارف تملصا واستعصاء على المنهج العلمي التجريبي الدقيق... فلا يلبث الباحث فيها طويلا منزها عن إغراء إخضاعها لهواه وانتمائه ومرجعيته. وغالبا ما يكون ذلك تحت إشراف وتوجيه وإملاء الجهة المشغلة التي تتصرف في المكرمات، وفي أوسمة الصدارة والمجد، المكافئة على النجاح في المهمة...
أي مهمة؟
وحتى لا يستخفن أحدٌ المثقفَ المغربي، أو يجعله مطية لتغذية الصراع الدموي الذي يعصف بمشرقنا العربي المكلوم، ينبغي الحذر من كل من تشم فيه رائحة الفكر الصهيوتكفيري، أو ربيبه العلماني التلمودي الذين يعيثان في الأرض فسادا ويهلكان الحرث والنسل، في هذا الزمان، وفي كل زمان...
ذلك أن مديرنا العبقري الذي له الصدارة في المركز القطري، كان من الصعب عليه أن يخفي مشروعه الذي يدعو إليه. وبما أن الجامعة المغربية تتوق لتحسين صورتها العلمية، فلربما عارضت مشروع صاحبنا بمشروع بديل. مشروع مقاوم يروم الوقاية والحذر الشديد من الفتنة العربية المشرقية.
دكتورنا شهد على نفسه أنه يحمل نفس المشروع الذي يناضل من أجله زعيم الصهاينة. ويمكنه أن يدافع عن نفسه ويبرءها من هذا الاتهام الخطير، لنعتذر له، ونتوب إلى الله من زلة القذف... لكن ماذا لو كان الحكم يستند على اعترافه الشخصي، والاعتراف وهو خير أدلة الإثبات، ويكفي لدحض شهادة المعارضين ولو فاق عددهم الأربعة؟؟.
الله أعلم بما يعني، لكن القرائن التي نحكم بها في الظاهر، والله يتولى السرائر، تستند إلى قول دكتورنا في مقال عنوانه: إيران والرجل العربي المريض، لسنا في القرن التاسع عشر [5] يقول: " ولا شك في أن التدخل الإيراني يصب، مؤقتاً، في مصلحة القوى الإسلامية المتطرفة عموماً التي تطمس معالم الثورة العربية ومطالبها الديمقراطية. ولكن، هذه الحركات لا تضر بالمجتمعات العربية وقضاياها الوطنية والديمقراطية فحسب، بل تستنزف إيران أيضا. فالهيمنة على المشرق العربي ليست نزهة. إضافة إلى ذلك، لا يختلف نوع المليشيات الشيعية التي تنشأ في ظل الصراع الطائفي هذا، في بنيتها وعقليّتها وممارساتها، عن تنظيم الدولة (داعش) وغيره من التنظيمات، سوى في أنها تخضع لهيمنة دولة إقليمية. وسوف يكون تأثيرها على العرب الشيعة وإيران نفسها مدمراً في المستقبل. كيفما قلبنا الأمر لا يمكننا استخلاص إيجابية ما لإيران، أو للعرب، من السياسة الإيرانية التدخلية السافرة حاليا." اهـ.
أما مطابقة هذا الموقف الذي يهدد بإغراق المنطقة في حرب تدميرية أخرى مع إيران، مع نظيره الذي يبثه زعيم الكيان الصهيوني في كل المحافل الدولية وكذلك بين العرب المطبعين، فيمكن الرجوع إليه في نص خطاب نتنياهو للكونجرس [6]. وملخصه الذي جاء مطابقا لفكر مديرنا المبجل قوله: " إيران وتنظيم الدولة الإسلامية، يتنافسان على عرش الإسلام المتشدد. أحدهما يطلق على نفسه الجمهورية الإسلامية. والآخر يطلق على نفسه الدولة الإسلامية. كلاهما يريد أن يفرض إمبراطورية إسلامية متشددة أولاً في المنطقة، ثم بعد ذلك في العالم أجمع. هم فقط غير متفقين فيما بينهما حول من سيكون قائد تلك الإمبراطورية." اهـ.
فتبين للعلن أن فكر دكتورنا المنتفخ بأوسمة ممجديه، المصفقين له مثلما صفق الكنغريس لصاحبه، إنما هو تلفيق وتصفيق وتزوير تلمودي بليد، لا يمت للحقيقة العلمية بصلة، والمنهج العلمي الأكاديمي يمجه، ويحذر من تلويثه للنزاهة العلمية والعدالة المطلوبة في العلم الموضوعي والمنطق السليم. كذبة كبرى تحاول إقناع العرب بالمساواة بين خطر التكفير والإرهاب والصهيونية، وخطر إيران... وكأن إيران هي التي هجمت على العرب واحتلت فلسطين وهجرت أهلها وأذلت رجالها... وكأن إيران كان عليها أن لا ترد ظلم العرب بزعامة صدام، الذي اقترف أعظم جريمة في العصر الحديث، لا زالت آثامها تنفث السموم في الفتن النازلة على العرب إلى يومنا هذا.
تحصين الجامعات ومراكز الأبحاث من التطبيع مع أسباب العقم
وعندها سوف يحتاج شبابنا المثقف لرأي مخالف، يستنيرون به في طريق بحثهم الشخصي عن أسباب التردي والانهيار الجامعي والمجتمعي الذي نشهده. رأي يستنير بالعقل المسدد بالوحي، يبني إرادة جماعية لمقاومة تيار التطبيع مع التخلف والتبعية. فلربما عثروا على ما يساعدهم في إحياء عبادة التفكر، من أجل تلمس طريق خلاصهم الفردي وخلاص أمتهم...
والسؤال الذي يفرض نفسه: المسؤولون عن هذه المراكز الجامعية والبحثية، هل هم من الجاهلين أو المتجاهلين لأخطار التطبيع؟ أم إنهم قلبا وقالبا من المناضلين في سبيله، لسبب من الأسباب المادية أو المعنوية، الظاهرة أو الخفية؟
لكن من حقنا كدافعي الضرائب التي تمول هذه المؤسسات أن نسائلهم: ما هي أسباب ضعف أداء تعليمنا العالي ومراكز أبحاثنا؟ هل من المعقول أن نطبع مع واقع تبوؤها الدرجات الدنيا في مجال البراءات العلمية و الاختراعات التكنولوجية؟ وحتى في الفنون التي لا تحتاج لرفع الحضر النووي أو حضر التكنولوجيا الدقيقة المفروض علينا، مثلا في مجال العلوم الإنسانية، التي نرى سطو التطبيع والتمييع عليها، لتدمير مقومات الأمة من الداخل، هل علينا أن نحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، أن يكون إنتاج هذه المؤسسات المخترقة بالعقل التلمودي، ضعيفا جدا لا يعتد به في العالمين. واقع حالها يصفه المثل العربي : أسمع جعجعة ولا أرى طحينا... وأدهى من ذلك الرحى خاوية على عروشها، تطحن نفسها، وتذوب أحجارها... تستهلك الملايين من ثروات الأمة، لتنتج ثقافة التدمير الذاتي...
البديل ؟ ربما طالب العقلاء الذين يبرؤون إلى الله من السكوت على غدر الأمة، أن تقفل تلك المؤسسات إلى حين ذبول جذورها الراضعة من الفكر الصهيو تكفيري، ومن الفكر العلماني التلمودي، والمرتشية بالمال الحرام الذي يمولها بسخاء، لا لجمال أعينها ولكن لحاجة في نفس يعقوب... وفي انتظار ذبول جذور التطبيع، ربما اكتفت مراكز الأبحاث في العلوم الإنسانية بما أهديه لها عبر " نظرية التحيز الرباعي" [7]، بدون مقابل عملا بقوله تعالى: {{ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ }} " الشعراء – 109". وإن كان ولابد من مقابل، لأن كل مشاع محتقر، إلا في حالة الضرورة. مثلا الهواء، لا يعترف بوجوده إلا عند الانخناق... وانخناق الأمة بدخن الخيانة والتخلف الحضاري وسحب الفتن، يكاد يزكم أنفاس الغيورين الذين لا يرضون بالتطبيع مع التخلف والتبعية. لذلك سوف اتبع السنة المحمدية في طلب الأجر: {{ ...قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ... الآية}} " الشورى – 23".
وإن كان ولا بد من الاصطفاف؟
شرع الله من الدين ما يهتدي به الإنسان سبيل النجدين، ثالثهما في الدرك الأسفل من النار... وترك لنا الاختيار، إذ لا إكراه في الدين.
عَرَضَ علينا دكتورنا " المتنور" مشروعه، ومن ورائه الراعي الذي على بالك: موقد الحروب على مر الدهور بين الناس. حرب بين الطوائف السنية فيما بينها، ثم بين السنة والشيعة، ثم بين العرب والعجم. ولينعم الراعي الداهية بالسلم والهناء، وليزد في انتهاك حرمات أرض فلسطين، وليهدم المسجد الأقصى وليبن عليه الهيكل، ولينسخ الإسلام بدين العلمانية التلمودية... وليمنع علينا التكنولوجيا... ولا بأس من ذلك.
وعَرَضَ علينا قرآننا أن لا نتعاون على الإثم والعدوان ومعصية الرسول. فمع من أصطف أنا العبد المخير بين النجدين إما شاكرا وإما كفورا؟ ولا سبيل لي من التهرب من الأمانة والمسؤولية، وإلا سقطت في الدرك الأسفل من النار الذي يجازي المنافق المراوغ. فلا أشبع الله بطن الذي قال لمعاوية: جيوبنا معك، وقلوبنا مع علي !!! فيبتهج معاوية، ويلقمه ذهبا، لأنه وجد معينا على الفساد والاستبداد. ومن تلك المنابع الضحلة، تسلل للمسلمين مذهب التكفير والتفجير وجز الرؤوس، ولو كانت رؤوس عترة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
أُمِرنا كمسلمين أن نتعاون جميعا على البر والتقوى مع دولة السلطان والقرآن. دولة الخليفتين الموصى بهما في الحديث المتفق عليه عند الشيعة وعند أهل السنة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: { إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض.}. ظهرت رايتهم في هذا الزمان، - من لم يعرف إمام زمانه مات موتة الجاهلية -، ظهرت بفضل الله وسابق عنايته بالأمة المحمدية، ثم بفضل مقاومة وجهاد واجتهاد علماء الثريا العجم المسلمين.
والتعاون المأمور به في القرآن، يترجم على مستوى الجهاد الفكري الأكاديمي الجامعي الذي نحن بصدده، من أجل توطين وإبداع العلم النافع، ونعوذ بالله من علم لا ينفع. يعرضه علماء الثريا علينا مجانا، لا تقية، لأنهم فعلوا ذلك عبر القرون، فسطعت الحضارة الإسلامية، وأنتجت أجيالا من العلماء الفطاحل في كل المجالات، عكس جامعاتنا ومراكز أبحاثنا الحالية، المخترقة بجواسيس الحضر التكنولوجي... عانت منه إيران، ولا ناصر لها من الدول العربية إلا القليل... وتوشك أن تكسب رهان تحررها من عقدة العقم الإبداعي، رغم حسد العرب المتحالفين ضدها مع دولة العلمانية التلمودية...
خاتمة
ولا يسعني إلا أن أختم بدعوة المفكرين المغاربة للحذر من دعاة الفتنة، مروجي الفكر الصهيوتكفيري السفاح، ومن الذين يقابلونهم في التطرف العلماني المعطل لشريعة القرآن... الطرفان لا يرعون تحذير نبي الرحمة المهداة للعالمين: عن جَريرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لَهُ في حَجَّةِ الْوَداعِ: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، فَقالَ: لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ). متفق عليه.
وأختم كذلك بتحذير المشارقة وأقول لهم: إن منظر المشردات اللاجئات الحافيات العاريات وأطفالهن من شامنا المكلوم، وهم يبكون في الطرقات وأمام المساجد، يستجدون لقمة العيش عند المغاربة، لهي أكبر عبرة لكم للكف عن إرشاء مفكرينا ومسؤولينا لترويج دعواتكم الضالة وفكركم الهدام... خير لكم أن تنفقوا أموال الأمة لتنمية شعوبها تنمية حقيقية، تضمن للشباب العيش الكريم، عوض شراء الأسلحة من الشركات الصهيونية، توشك أن توجَّه فوهاتها نحوكم، لأنكم حاصرتم شباب الأمة للاختيار بين الانتحار وبين حياة الذلة والعار... وكاد الفقر أن يكون كفرا... وعلى كل حال تلك الأسلحة مبرمجة بواسطة "شرائح النانو" المخبأة فيها، لكي تضربكم، أو تضرب أبناءكم، أو إخوانكم، أو عشيرتكم. فالحذر الحذر من التموقع في مربض الخطر... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين....
حرر برباط الفتح، بتاريخ 23 مارس 2015.
محمد المهدي الحسني
[1] https://sites.google.com/site/akilhacenter/nouveau/makhad
[2] http://www.dohainstitute.org/researcher/5f681152-8da7-4b6c-ad99-9f192e1a68f5
[3] http://wehdanews.com/News.aspx?id=8643&sid=11
[4] عامر التل وتمويل جريدة الوحدة من دمشق !:
https://jordannewsagency.wordpress.com/2013/04/28/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AC%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A7/
[5] http://www.alaraby.co.uk/opinion/2015/1/5/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%8A%D8%B6%D8%8C%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9-%D8%B9%D8%B4%D8%B1
[6] http://www.cairolive.com/zahma/?p=20150
[7] https://drive.google.com/file/d/0B8sd1dqfZgcvZUhLZG9faTlsdnc/edit