انتفاخة ابن صياد
أحاديث منتدى الغرابة
حكايات من نسج الخيال
محمد المهدي الحسني
26 أكتوبر 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله
تنبيه:
من بلاد أولاد حام ، سنة 2056 !
بعد ثورة الشعوب التي عمت العالم انطلاقا من تونس…
حكايات من عوالم الشهادة، والخيال، والمثال، والغيب، والبرازخ التي بينها، لا يقيدها عقال…
فمن ربط أحداثها أو أشخاصها بما هو موجود في الوجود، فليتحمل تبعات الجحود بتنزيه الخيال عن القيود والحدود…
ولقد رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الحالم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المتخيل حَتَّى يعقل”.
انتفاخة ابن صياد
أحاديث منتدى الغرابة
حكايات من نسج الخيال
قال مداوي كلوم العرب مفتتحا مجلسا آخر من مجالس منتدى الغرابة: ربما كان من أخطر مجالسنا قبل الحرب العالمية الثالثة، ذلك المجلس الذي ختمنا به قصة المكاشفات. خصصناه لاستكشاف الممهد لمهدي آخر الزمان. وكنت مترددا في دعاء ختم المجلس بين دعائين، أحدهما دعاء كفارة المجالس، وهو الذي كان. والثاني الذي أرجأته، لم يكن في واجب الوقت حينئذ أهم منه. ندعو به الآن قبل أن ننتقل إلى الحديث عن الركن الثاني لنظريتنا: ركن ممثل الدجال في هذا الزمان، المهيمن على العوالم الظلمانية. ونترك الإجابة عن سؤال أخينا فبرايار الذي طرحه علينا في ختام المجلس الماضي، إلى حلقات استخلاص العبر، واكتشاف القوانين التي يستقر عليها النظر... أو إلى حلقات مراجعة المقاربات، وتصويب التسديدات المنتجة للعلم النافع. والعلم النافع، كما تعلمون، هو إمام العمل الصالح المنتج لوحدة المسلمين المؤيدة بالسلطان والقرآن، أو قولوا إن شئتم المؤيدة بالطبيعة والشريعة.
فلنكرر جميعا ذلك الدعاء الذي لقنه لنا المعلم الأكبر: نقول جميعا معه: " يا منظور الناظر، ويا من بظهوره بطش الملك القادر، ويا ولي الله، ويا خليفة الملك القاهر، أما انسلختَ من الأصلاب والأرحام، أما أُمرتَ بتبديل هذه الأحكام؟ السموات والأرض ومَنْ فيهن بانتظارك، والوجود متشوّق إلى إسفارِك. اللهم إنّا نؤمن بولايته، وخلافته، وإمامته، وهدايته، ولا نلحد فيه إلحاد الغافلين، ولا ننكره إنكار العالين، وننتظره مدّة حياتنا، إيماناً بك، وتصديقاً لرسولك. فلا تحرمنا إن لم تقسم لنا رؤيته أجر اتباعه. واكتبنا في عدد أنصاره وأشياعه".
وأنتم ياشباب المنتدى والحمد لله، كنتم من خيرة أنصاره، لما كشفتم للناس صفات الممهد له في زماننا هذا. وكان من بركات ذلك الدعاء انطلاق تآزر باهر وتحالف ظاهر بين السنة والشيعة. ذكر الأمة بعام الجماعة الذي أنهى الخلاف بين أنصار معاوية وأنصار الحسن حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله. وكان ذلك الحدث دليلا من دلائل نبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه. أخرج البخاري عن أبي بكر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر، والحسن إلى جنبه، ينظر إلى الناس مرة، وإليه مرة، ويقول: { إن ابني هذا سيّد، ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين}. فكان التصالح بين معاوية والحسن فتحققت النبوة.
لكن لم يفتح لكم في ذلك الكشف، إلا بعد استبيان سبيل دجال هذا الزمان. قال تعالى:{{ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}}. " الأنعام: 55 ". تفاصيل ذلك هي موضوع قصة صاحبنا فبرايار، فليتفضل مشكورا لقص القصص، بنية إحياء عبادة التفكر، المنتجة لثقافة العزة والمجد، امتثالا لأمره عز وجل: {{ ... فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}}. " الأعراف : 176 ".
افتتح الفتى فبرايار قصته بدعاء يناسب ما يرجو أن يظهره الله على لسانه في قصته فقال: الحمد لله الذي أرشدنا للصلوات على هداة خلقه الذين من لم يبايعهم يموت موتة الجاهلية، فهو الدعاء الذي نردده دبر كل صلاة فرض ونفل فنقول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ في الْعَالَمِينَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
والعزة لله الذي دلنا على دعاء النجاة من أخطر فتنة تتربص بالبشر، وهو الدعاء الذي نردده كذلك دبر كل صلاة فنقول: " اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
طائفة من السلف والخلف، أوجبوا الدعاء الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم آخر الصلاة بقوله : ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ) رواه مسلم ، وغيره ، وكان طاووس يأمر من لم يدع به أن يعيد الصلاة، وهو قول بعض أصحاب أحمد." مجموع الفتاوى : 22 / 518 ".
وقال الشيخ ابن عثيمين: وفي التعوّذ من هذه الأربع قولان :
القول الأول : أنه واجب ، وهو رواية عن الإمام أحمد ؛ لما يلي :
1. لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها .
2. ولشدَّة خطرها ، وعِظَمها .
والقول الثاني : أنه سُنَّة ، وبه قال جمهور العلماء .
ولا شَكَّ أنه لا ينبغي الإخلالُ بها ، فإن أخلَّ بها : فهو على خَطَرٍ من أمرين :
1. الإثم .
2. ألا تصح صلاته ، ولهذا كان بعضُ السَّلف يأمر مَنْ لم يتعوَّذ منها بإعادة الصَّلاة .
" الشرح الممتع " ( 3 / 199 ، 200 ) .
ثم قال فبرايار بعد التذكير بذلك النقل، كلاما من قبيل الفهم الخاص لذلك النقل وتطبيقه للعصر، قال: والمسيح الدجال الذي حذرت منه الرسل، ربما كان له ممهد في كل قرن، وكل الأمم تعتقد ذلك، بعضها يذهب في الاعتقاد إلى درجة تجسد الشيطان وظهوره في هيكل آدمي. وليس على وجه الأرض مهمة أخطر من مهمة رصده والتعرف عليه. ويبدو أن ذلك غاب عن الوهابيين في عصرنا، رغم تحذيرات ابن تيمية وابن عثيمين الذين هم من أئمتهم. وعلى أية حال، كان هذا هو الاعتقاد الراسخ عند الباحثين في "مؤسسة الحزين". يقتفون بذلك أثر حذيفة ابن اليمان أمين سر الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه. عن حذيفة قال: { إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن أدركه فأنكر القوم قولي، قال: قد أرى الذي في وجوهكم، أما القرآن فقد كان الله آتاني منه علما، وإني بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قلت يا رسول الله: أرأيت هذا الخير الذي أعطاناه الله، هل بعده من شر كما كان قبله شر؟ قال: نعم. قلت: فما العصمة منه؟قال: السيف. قلت: وهل للسيف من بقية؟ قال: هدنة على دخن. قلت: يا رسول الله: ما بعد الهدنة؟ قال: دعاة الضلالة، فإن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه، وإن أخذ مالك وضرب ظهرك فاهرب في الأرض جد هربك حتى يدركك الموت وأنت عاض على أصل شجرة، قلت: فما بعد دعاة الضلالة؟ قال: الدجال. قلت: فما بعد الدجال؟ قال: عيسى ابن مريم. قلت: فما بعد عيسى ابن مريم عليه السلام؟ قال: ما لو أن رجلا أنتج فرسا لم يركب ظهرها حتى تقوم الساعة.}.
وللتذكير، "مؤسسة الحزين" الراعية لمنتدى الغرابة، جاء خبرها في قصة "سحر الغرقد" الذي سحر العرب في عصرنا، كانت تشتغل في مجال الأبحاث العلمية والاستشرافية. سبب تسميتها بذلك الإسم، أن مؤسسها، وكان من بيت شرف وثروة، كان له زمن قضاه في التصابي والتيه في دركات الماسونية الممهدة للدجال. طرح له مشكل عويص: أين ينفق ماله الكثير الذي ورثه من غير حول له ولا قوة؟ واتفق أنه سمع "دعاء الحزين" فكان سبب توبته. ونذر شطرا من ماله، نفقه على تأسيس تلك المعلمة التي استلهم منها المسلمون خطط نهضتهم الناجحة، لما استقلت عن تحكم الماسون أولياء الدجال المعطلين لشرائع الرسل. وسماها بذلك الاسم استحضارا لسبب التوبة، ولتكون لازمة متجددة مدى الحياة. وقد وصفوه لي إذ لم أحظ بلقائه: "بشره في وجهه، وحزنه في قلبه. طويل غمه، بعيد همه" إشفاقا على أمة الإسلام...
بعد هذا التذكير قال الفتى فبرايار: واتفق أن طابت نفس الأمير بما تحقق على يد شباب منتدى الغرابة، فأبى إلا أن يحضر مجلسا من مجالسهم الأخيرة. وهناك جمعني به مداوي كلوم العرب. وطلب الاختلاء بنا في قاعة من قاعات المنتدى بعد ختام المجلس. فلم أشك أنه سيعرض علي مهمة جديدة. فكان الأمر كما توقعته. فبادرته بالتذكير بشروط الخدمة، كنت قد حددتها سابقا. قلت له مذكرا: أيها الأمير التائب، هل تذكر ما قال لي العقل المشاغب، بعد خلوة مع المجذوب الجاذب؟ فلما لم أسمع جوابا قلت : لقد قال لي: الآن أنت مطالب بتحديد مهام خدمتك القادمة "لمؤسسة الحزين". فلا ينفعها منك، ولا ينفعك منها إلا حركة الإبداع، ونبذ كسل الاتباع. فلقد انفطمت عن الرضاع. فارفع عنكما تهمة الرعاع.
فأجابني الأمير مطاوعا : ثقنا بك قبل ظهور نفعك للعالمين، خاصة لأبناء حام في العالم الجديد الذين آثروا علمك النافع على دراسات مراكز أبحاثهم، ومنها تلك المراكز التي لا تتورع من أكل لحوم الموتى من البشر، بالتجسس عليهم ليل نهار، غير عابئين بتحذير الجبار، في قوله من الآية 12 في سورة الحجرات: {{ ... وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ... }}. أما الآن فثقتنا بك أوثق، فسر على بركة الله، ونحن لك من الداعمين. فقلت له: دعمك يا مولاي هو ثقتك بنا. أما غير ذلك فلسان الحال يقول: {{ قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد }}. "سبأ: 47 ".
بناء على ذلك اقترحت على الأمير استكشاف الأركان الباقية من نظرية الاستقطاب الرباعي، بعدما فرغنا من استقصاء حقائق الركن الأول وهو ممثل المهدي. والاستكشاف ربما تطلب تحقيقات ثلاث: أولا مهمة تعرفنا بممثل الدجال لهذا الزمان للحذر منه. ثانيا استكشاف ممثل عيسى بن مريم عليه السلام للتحالف معه تمهيدا وإرهاصا للحلف الذي سيجمع عيسى والمهدي في آخر الزمان. ثالثا استكشاف ممثل ياجوج وماجوج والتعرف على سبل توجيهه ليكون نافعا للمسلمين، ضارا بمن اعتدى عليهم وعطل شريعتهم واحتل بلدانهم ونهب ثرواتهم... لنا العبرة في رجوع التتر والمغول مسلمين إلى بلدانهم ببركة تدخل ابن خلدون وابن تيمية والباخرزي، ولقد ذكر ذلك في مقال تحت عنوان" عناصر لدفع خطر الغزو التشريعي ".
فلما انتهيت من ذكر أركان المهمة تطرقت للوسائل فقلت للأمير: كنت على وشك أن أطلب منك أن تزودني بما يضمه أرشيفكم من معلومات عن دولة الباطن الظلمانية التي كان لها التمكين في القرن الماضي قبل سطوع شمس ممثل المهدي لهذا القرن. فتذكرت أنني كنت قد عثرت على ما يفيدني منها في الخبايا الخلفية من مكتبة للتحف القديمة في مدينة القنيطرة المغربية. ولقد دونت ذلك الاكتشاف الخطير في مذكراتي، فقلت كلاما باسم مستعار " منقب "، تحت عنوان " هل من عمل جاد لمقاومة الفساد؟" قلت في ذكريات تعود إلى أوائل العقد الثامن من القرن الماضي : " كان من الهوايات التي يقبل عليها صاحبنا “منقب” كلما فسح له في الوقت، زيارة صاحب متجر كبير لبيع التحف والبضائع القديمة. بينما كان منهمكا في البحث في جناح الكتب القديمة، استرعى انتباهه ملف غريب: أخبار جمعية سرية ذات مظهر خارجي خيري... اكتشف فيه الجذور العقدية لهذه الجمعية وتشعباتها التنظيمية في الخارج والداخل. ومما استرعى انتباهه هو أسماء بعض المغاربة المنتمين إليها. كان من ضمنهم مهندس من معارفه. فقال في نفسه : إن كان ذلك المهندس هو المذكور في وثائق الجمعية السرية، فهذا منذر شر سيلحق مهد الإسلام في الجزيرة العربية وغيرها... وكان ذلك المهندس هو الذي يشرف على بناء قصور بعض أمراء العرب... إلى آخر الفقرة المقتطفة من كتاب المذكرات.
فلما فهم الأمير التائب قصدي، رجعت كآبته الطبيعية إلى غور عينيه، وصفق متحسرا وقال: هل كان بناء قصر الجرف في المدينة المنورة كذلك من تدبير ذلك المهندس "البناء" الذي ذكرت؟ ولم ينتظر جوابا لمعرفته بالأمر، إنما أشار قائلا: في أخبار مهمة "سحر الغرقد"، ألم تقل إنك تركت ممثل الدجال قرب قصر الجرف الذي يطل على المسجد النبوي، يتوثب على المدينة ويتوعد مضجع نبينا عليه الصلاة والسلام وعلى آله. ولم يثنه عن محاولته سوى مرض حل به؟
وهنا تعطلت لغة التصريح. واتجهت الأنظار إلى مداوي كلوم العرب لكي يفصح برأيه في الاستعداد للمهمة. قال الشيخ بلغة التلميح: قيل ـ والله أعلم ـ إن ممثل الدجال لهذا القرن مات قبيل الحرب العالمية الثالثة. درج بسبب غصة حزن شديد، لما أتته أخبار تقارب بين ابن الحسين في العالم الجديد، وأبناء الحسين في مدينة " قم ". أما خليفته فسيغضب وسينتفخ عند سماع أخبار عام الجماعة الجديد الذي أنتم له من الممهدين. من غضبته خرجت نار الحرب العالمية الثالثة. ولقد كان ممثل الدجال ضميرا مستترا، غير ظاهر، بحكم سروره على استرضاء العالمين لعصاة بني إسرائيل بعد الحربين الأولى والثانية. وما خبر انتفاخة " ابن صياد "، إلا زيادة في التوضيح بواسطة لغة التلميح.
قال الفتى فبرايار : من هو هذا المنتفخ الذي أرعبتنا به ؟ وما علاقته بمهمتنا؟
وتدخل الأمير وقال: قبل تفضل شيخنا بالجواب، ربما استفدنا من أخبار وصلتني في الموضوع. حسب مصادري الخاصة، هناك فوق المسجد الحرام في أعلى طبقات برج " أعل هبل" الذي تطاول به النواصب الجدد على شرف الكعبة، توجد قوى ظلمانية "مردوخية" أخطر من ممثل الدجال المريض الذي مات أخيرا. ثم أردف الأمير التائب من عبادة الأشباح الشيطانية في هياكل "البنائين الأشرار" قائلا : ما كنت لأدخل في تفاصيل خدمتك الجديدة يا فبرايار، لكن أرجو أن تسمي لنا مباحثها الثلاث لئلا يختلط علينا الأمر... سيما وأن قصصك يعسر على العامة تتبع تلافيف وتغاليف مضامينها.
فنظر الفتى إلى الشيخ مداوي كلوم العرب، لم يرد التقدم عليه في التعقيب وفي شرف التسمية. فتبسم الشيخ امتنانا وقال : عندما تتعطل لغة التصريح لسبب ما، فليس للفتى سوى لسان التلميح، أولغة الهدهد، والنمل، والدابة، تفاديا لأخطار التجريح. والتفهيم من فضل الله، يؤتيه من يشاء، ويسلبه من يشاء. فليكن اسم " انتفاخة ابن صياد " للسفرة المنقبة على ممثل الدجال في عصر الحرب العالمية الثالثة.
وبحكم سبب له في بلاد الشام، طلبنا من الأمير تسمية المهمة الثانية فقال مطاوعا: ولنطلق اسم " أجراس المنارة البيضاء " على رحلة استكشاف الفرقة النصرانية الممهدة لحلف المهدي وعيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وقبل مداوي كلوم العرب، بعد طلب صاحبيه، تسمية الرحلة المكملة لأركان نظرية الاستقطاب الرباعي، فقال: أما الرحلة الاستكشافية لممثل ياجوج وماجوج لهذا الزمان، فلنسمها " موت أبيض قرب بحر لوط". قال فبرايار : وتعجبنا لهذه التسميات المشوقات لسماع ما تنقشه الأقلام في صفحات البرازخ المتأرجحة بين الحقيقة والخيال.
وختم الشيخ تلك الجلسة التمهيدية للمهمات الثلاث وقال: سر على بركة الله يافتى. وول وجهك قبل المشرق. ولا تنس زيارة صاحبك في مغارة الجذب عند الجبل المقنفد، قرب الأطلال الزيرية. ربما كان لك المجذوب سببا من أسباب الفتح كما كان لك في سفرة الغرقد. والله أعلم. وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المستغفرين.
قال الفتى فبرايار: لما افترقنا ومضى كل إلى غايته، جهزت عدتي، وارتقيت صهوة مسرائي، ونزلت ليلا منزلا بجوار المجذوب، في سفح الجبل المقنفد. وتذكرت رعب ارتقاء الجبل السحيق الشاهق، لبلوغ مكانة المجذوب الناطق، بالذي يسمع من هواتف الرقائق من خبر عجيب صادق. فإذا بأحد يهمز بعصاه على رجلي في الظلام. ففزعت والتفتت فإذا بالمجذوب ورائي يبتسم على ضوء القمر في سهوب الحلفا. كان يهش بعصاه على أفعى ويقول : ادخلي جحرك لا يحطمنك فبرايار برجله وهو لا يشعر بخطر قتل النفس التي حرم الله.
ثم خاطبني بعد السلام وقال: كنت أنتظرك منذ أمس البارحة. أخبرني بسفرتك الجديدة صديقك الجني فرياطيل حارس الدفائن الزيرية. إنه هناك قرب العين الخائرة ينتظرنا هو ونفر من أرواح الجن الذين أسلموا.
فلما أقبلنا على الجمع المتروحن المتجسد، هالني منظرهم، واشتد رعبي من هيئتهم، رغم استتارهم بلباس الآدمية. ذلك أن صورهم تنمحي تارة فتنقلب نارا إلكترونية صاعقة تملأ الأفق ببروقها ، ثم تنجمع لتكون صورة إنسية. تختار أي إنسان فتلبس شبحه. فتذكرت هناك قول ربنا الرحيم: {{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}}. " الأنعام: 9" . وقوله عز وجل: {{ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا}}. " الإسراء : 95".
فلما تبادلنا تحية الإسلام هدأ روعي واسترجعت أنفاسي. وقدم لي المجذوب كل واحد منهم على حدة قائلا: لقد تطوع هذا الجمع المبارك ولبسوا لباس النقباء الإثنا عشر، الذين تروحنوا بدورهم لكي يتم انجماعهم في الأبعاد المطوية والأبعاد المنشورة من عوالم الشهادة والغيب والبرازخ التي تفصلها. ذلك من أجل أن يخدموك في مهمتك النبيلة التي تسعى لرصد ممثل الدجال الموقد لنار الفتن.
لم أحتج هذه المرة لعناء التعلق بالسلاليم والسلاسل لبلوغ مكانة المجذوب في الغار. أعانني النقباء، فحملوني أنا والمسراء، إلى الكهف المعلق بين الأرض والسماء. وكان المجذوب قد سبقنا إليه بدون واسطة. وجدناه يشوي لنا على نار حميمية مدفئة ومضيئة للمكان، أفاعي وقنافد وأرانب، أتته طوعا مضحية بمهجها لكي يطعمها ضيوفه. ناولني من لحومها وشحومها المتغذية على الأعشاب النافعة العطرة، واكتفى نقباء الجن بعظامها. ودخلنا مباشرة في الحديث عن المهمة.
قال المجذوب قاصدا ممهدا للحديث الغريب الذي كانت أصداء شعاب الجبل المقنفد تردده والناس نيام: باب البحث عن ممثل الدجال لهذا الزمان هو الشريعة. اقتفاء آثار البشير النذير عليه الصلاة والسلام وآثار صحابته الأطهار. فأشار المجذوب إلى جهة في حيوط الجبل فاستنارت وظهرت فيها صورة كانت محفوظة في سجلات اليونوسفير منذ عصر النبوة. تقدم بعده جني لبس هيكل النقيب الأول من السوس الأقصى. تبسم في وجهي كأنه يعرفني. ثم وجه عصا لازيرية خضراء وأشار إلى الصور المعروضة مفسرا لما نراه فقال : يكون الدجال لابسا لصورة من الصور الآدمية وله أن يختار أن يكون له الظهور أو البطون. ثم ذكر جملا باللغة العرنسية الهجينة التي روجت لها ثقافة الانبطاح وذكر منها كلمة: ) incarnation ( . فلم يلمه أحد لأن ذلك هو ما كانت تشجعه الحكومات الهجينة التي أفرزها الربيع العربي في ذلك الزمان. ثم قال : إن أمر الدجال وأعوانه في دولة الشر والظلمانية، يقابل أمر القطب ودولته وأعوانه من الأبدال والأوتاد والنقباء في دولة الخير والنورانية.
وفي نقطة نظام تدخل المجذوب لكي يستقيم أمر المشورة فقال : قلنا باب الشريعة هو مدخلنا لتدبير هذه المهمة، فليتقدم صاحبنا السلفي. فظهر الجني اللابس لباس النقيب الثاني وهو أنصاري من المحبين لآل البيت، وهو المعول عليه في البناء الراسي على الأصول الثابتة. فتقدم وقال بلكنة القراءة الحجازية الجميلة مشيرا إلى صورة في شاشة الجبل : أنظروا إلى هذه الصورة الغريبة. إنها صورة شخص ملأ بجثته المنتفخة كل الطريق، وعيناه تقذفان شررا من نار الغضب. إنه ابن صياد. ثم قرأ علينا في الشاشة الجبلية سطورا مكتوبة بماء الذهب فيها قصة ابن صياد، كما رواها البخاري.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لابْنِ صَيَّادٍ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ فَقَالَ لَهُ مَاذَا تَرَى قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ وَقَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لابْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ . رواه البخاري 1355
قَوْله : " أُطُم " بِضَمَّتَيْنِ بِنَاء كَالْحِصْنِ .
وَ " مَغَالَة " بَطْن مِنْ الأَنْصَار.
وَقَوْله " فَرَفَضَهُ " أَيْ تَرَكَهُ.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُرِيد أَنْ يَسْتَغْفِلهُ لِيَسْمَع كَلامه وَهُوَ لا يَشْعُر .
قَوْله : ( لَهُ فِيهَا رُمْزَة أَوْ زُمْرَة ) وفي رواية زَمْزَمَة بِمَعْنَى الصَّوْت الْخَفِيّ ، أو تَحْرِيك الشَّفَتَيْنِ بِالْكَلامِ ، أو الكلام الغامض .
ثم تساءل النقيب الأنصاري هل ابن صياد كان هو الدجال؟
ثم قال : كان كثير من الصحابة يظنون أن ابن صياد هو الدجال . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يحلف أنه الدجال بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وحضرة الصحابة ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ففي الحديث عن محمد بن المنكدر قال : " رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ . قُلْتُ : تَحْلِفُ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه البخاري برقم 6808 .
لكن ابن صياد يُنكر أنه الدّجال ويُظهر تضايقه من هذه التهمة ، ويحتج على ذلك بأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صفات الدجال لا تنطبق عليه .
ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ، قَالَ : فَنَزَلْنَا مَنْزِلا فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ ، فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ، قَالَ : وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي. فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ ؛ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ . قَالَ : فَفَعَلَ . قَالَ : فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ - قدح كبير - فَقَالَ : اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ - مَا بِي إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ أَوْ قَالَ آخُذَ عَنْ يَدِهِ - فَقَالَ : أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ ، يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كَافِرٌ وَأَنَا مُسْلِمٌ ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَقِيمٌ لا يُولَدُ لَهُ وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلا مَكَّةَ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الآنَ . قَالَ : قُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ " رواه مسلم برقم 5211 . وقال ابن صياد في رواية : " أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ الآنَ حَيْثُ هُوَ وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ . وَقِيلَ لَهُ : أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ : لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ " رواه مسلم برقم 5210 .
وورد في فتح الباري : خلاصة في أمره مفادها قوله : قد التبس على العلماء ما جاء في ابن صياد ، وأشكل عليهم أمره ، فمن قائل أنه الدجال ، ومنهم من يقول أنه ليس الدجال . ومع كل فريق دليله ، فتضاربت أقوالهم كثيراً ، وقد اجتهد ابن حجر في التوفيق بين هذه الأقوال ، فقال : " أقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال : أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً ، وأن ابن صياد هو شيطان تبدّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه ، إلى أن تجيء المدة التي قدّر الله تعالى خروجه فيها ، فتح الباري " 13 / 328 " .وقيل إنّ ابن صياد هو دجّال من الدّجاجلة وليس هو الدّجال الأكبر . وهذا هو الراجح عندنا والله تعالى أعلم.
وعضد الجني المتلبس بهيكل النقيب الأنصاري روايته بأخبار أخرى ظهرت على شاشة الجبل بخطوط كوفية خضراء، قرأها مشيرا إليها بعصا لازيرية صفراء فاقع لونها: فقال : أنتشر أمر ابن صياد وموقف النبي صلى الله عليه وسلم فيه بين الناس حتى ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقسم امام النبي انه هو الدجال والنبي عليه الصلاة والسلام لا ينكر عليه. فقام الناس يحذرون ابن صياد. وعن زيد بن وهب قال: ( قال أبو ذر رضي الله عنه لأن أحلف عشر مرات أن ابن صياد هو الدجال أحب إليّ من أن أحلف مرة واحد أنه ليس به ) رواه أحمد وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم روى عبد الله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما حادثة حدثت له مع ابن صياد وذلك أن ابن صياد قد كثر ماله وولده حتى أصبح من أكثر الناس مالا وولدا فرآه عبد الله ابن عمر ومعه مجموعه من الصحابة رضوان الله عليهم في أحد أزقة المدينة وإذا ابن صياد قد اصبح أعور فتوجه إليه ابن عمر وقال له متى فعلت عينك ما أرى يابن صياد؟ فقال لا أدري قمت ووجدتها هكذا فقال له ابن عمر لا تدري عن عينك وهي في رأسك! فقال ابن صياد لو شاء الله لجعلها في عصاك فغضب عليه ابن عمر وضربه بالعصا التي كانت معه عندها غضب ابن صياد غضبه شديدة وانتفخ انتفاخه عجيبة لم نرى مثلها قال ابن عمر : فتوجهت بعدها إلى بيت أختي حفصة رضي الله عنها ( أم المؤمنين وزوج النبي عليه الصلاة والسلام ) وأخبرتها ماحدث لي مع ابن صياد فلامتني على ذلك وقالت لي ألا تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن الدجال يخرج من غضبة يغضبها.
ولكن مع تقدم الأيام أسلم صافي ابن صياد وذهب حاجاً إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة وذكر ذلك في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بينما نحن في طريق العودة إلى المدينة من الحج توقفنا وتفرق الناس للراحة ولم يبقى عندي إلا ابن صياد فاستوحشت منه وقلت له لو ذهبت الى ذلك الظل أريد ان ابعده عني فلما ذهب ووضع متاعه بعيدا عني رجع إلى ومعه لبن يريدني أن اشرب منه فقلت له ان الحر شديد وهذا اللبن حار لا اريد ان اشربه ومابي من شيء إلا انني أكره أن اشرب من يده فجلس بجانبي وقال لي يا أبا سعيد لقد هممت أن آخذ حبلاً وأعلقه في شجرة وأخنق نفسي فيه مما يقول عني الناس بأني أنا الدجال وانت من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تخفى عليك أحاديثه وهو الذي قال أن الدجال كافرا وانا مسلم وأن الدجال لا يدخل مكة أو المدينة وانا غير ذلك وأن الدجال لا يولد له وأنا لدي الأولاد أما والله أني لا أعلم الدجال ولا أعلم اين هو فقال له أبا سعيد : أيسرك أنك انت الدجال فقال ابن صياد لو عرض علي لما كرهت. رواه مسلم
وكان مما زاد الشكوك في ابن صياد أنه في آخر حياته مات له جميع أولاده وبقي بلا عقب وعندما وقعت معركة الحرة بين جيش يزيد لعنة الله عليه وأهل المدينة خرج ابن صياد للقتال مع أهل المدينة وفقد وبحثوا عنه ولم يجدوه مع الأحياء أو بين الأموات ومن هنا كثيرا من العلماء يشك بأنه هو الدجال والله أعلم.
فلما أتم الجني السلفي روايته، قال المجذوب : قبل اختيار التطبيقات الصالحة لعصرنا من هذه النقول الصحيحة، ربما أفادنا بأصول أخرى صاحبنا الجني المستتر تحت لباس النصارى الذين أسلموا. وهو نقيبنا الثالث. فتقدم جني بلباس دمشقي متميز وأشار بعصا لازيرية حمراء إلى شاشة الجبل السحيق، فظهرت سطور من صحف عصر النبوة، بعنوان " قصة تميم الداري ". شرع في قراءتها النقيب الدمشقي فقال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم خبرا من شخص أتى المدينة يوما، فنادى الصلاة جامعة فجمع الناس وتبسم عليه الصلاة والسلام وقال لم أجمعكم لأمر رغبة ولا رهبة ( أي لا لأمر حرب يرهبكم ولا لغنائم ترغبون بها ) ولكن هذا تميم الداري أتاني وأسلم وحدثني بخبر عن الدجال يوافق ما كنت قد حدثتكم عنه ( تميم الداري كان على النصرانية قبل إسلامه ) أخبرهم يا تميم فقال تميم : ركبت في سفينة ومعي جماعة من أصحابي في البحر وبينما نحن كذلك اشتدت علينا العواصف والأمواج شهرا كاملا ونحن بالبحر حتى وصلنا إلى جزيرة نائية لا نعلم كيف وصلنا إليها. فنزلنا ودخلنا تلك الجزيرة فإذا بدابة كثيفة الشعر لا تعرف مقدمتها من مؤخرتها من كثرة شعرها فصحنا ما هذا؟ فقامت تكلمنا وقالت لنا أنا الجساسة... فقلنا وما الجساسة فلم ترد علينا ولكنها قالت لنا أدخلوا هذا الدير، فإن بداخله من هو بشوق لخبركم فدخلنا فإذا برجل ضخم جسيم مكبل وموثق باحكام بالسلاسل مربوط في كل جسده فقلنا ما أنت فقال لنا قد قدرتم على خبري ولا أقدر على خبركم ( أي انتم وصلتم إلي قبل أن أصل إليكم ) فأخبروني بأخباركم فقلنا له عما تسأل؟ فقال أخبروني عن نخل بيسان ( بيسان مدينة في فلسطين ) هل نخلها ما زال يثمر فقلنا نعم فقال يوشك ألا يثمر فتعجبنا ثم قال أسألكم عن بحيرة طبريا هل جفت فقلنا لا فقال يوشك ماءها أن يذهب ثم قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ فقلنا خرج من مكة إلى يثرب فقال أقاتله العرب قلنا نعم قال كيف صنع؟ قلنا أنتصر عليهم فقال هل تم حدوث ذلك فعلا فقلنا نعم فقال ذلك خير لهم ( أي العرب ) فقلنا له من أنت؟ فقال لنا: أنا المسيح وإنه يوشك أن يؤذن لي بالخروج فأخرج أسير بالأرض ولا أدع أرضا إلا أهبطها في أربعين ليلة إلا مكة وطيبه فهما محرمتان علي وكلما أردت أن أدخلهما استقبلني ملكً في يده سيف مسلول يصدني عنهما. وبعد ان انتهى تميم الداري من قصته هز النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وقال لهم { ألا هل كنت حدثتكم عن ذلك فقالوا له بلى يا رسول الله فقام يضرب المنبر وهو يقول هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة }.
وهنا استأذن الفتى فبرايار المجذوب في الكلام وقال: ينبغي أن نتزود بواجب الوقت من النقل الصحيح الذي سمعنا. فهي عبر ودروس لخصتها لكم في سجل العلم النافع، الذي هو إمام العمل المصلح الصالح الذي يغضب الدجال فينتفخ ليفتضح أمره للعالمين.
أولا : إن ممثل الدجال موجود في كل زمان، وهو نقيض الممهد للمهدي، مجدد القرن، قطب الزمان.
ثانيا: إن له أن يختار الظهور أو البطون تماما كما هو متاح للقطب المجدد ممثل المهدي.
ثالثا : إن بذل المستطاع من الجهد للبحث عنه، هو من صميم سنة نبينا عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه.
رابعا : إن من العوامل المظهرة له إغضابه بالقول الحق أوبالعمل الصالح المصلح.
خامسا: إن قدر الله غضبه، فلنحذر انفجار انتفاخته التي تدمر كل شيء. ولنستعد لها لدفع خطرها عنا.
وخلص فبرايار إلى نتيجة استشرافية اعتمادا على فراسته التي قلما تخطئ فقال: ولقد تهيأت في الآفاق سحب ظهوره من الغضبة الكبرى التي أودت بسابقه. سبب الغضبة الأولى: تقارب بين قطب الزمان عند العجم، وبين أبناء حام الذين جاء دورهم في تداول الأيام. أما سبب الغضبة الثانية فسيأتي الحديث عنها بعد حين.
ثم صاح الفتى محذرا : هيا بنا إلى قصر الجرف الذي يشرف على طيبة، فإنني أخشى أن يظهر هناك خليفة الدجال. ولنحذر انفجار غضبته التي تنشق لها الأرض وتدك لها الجبال.
قال المجذوب: هيا بنا إلى قصر الجرف عن طريق المفازات الظلمانية. النقباء الإثنا عشر في خدمتنا. فما سينكشف لنا في مجاهلها، سيكون سببا لإصلاح بين المتناحرين في جزيرة العرب. ذلك ما لا يطيقه خليفة الدجال. فيكون سببا آخر من أسباب غضبه وانتفاخته المفجرة للحرب العالمية الثالثة.
ثم صاح قبل انطلاقنا في أقطار السماء الأولى فقال: انتظروا إنه لمن الأحوط أن نتزود لسفرتنا هذه في العوالم الظلمانية الخطيرة، وخير الزاد ما هو؟ فأجاب نفسه لما لم يكن هناك مجيب، وقال: خير الزاد خارطة الطريق! ثم قال: نعم خارطة طريق، تميز لنا العدو من الصديق، وتجنبنا المهالك والمزالق، وذلك هو زاد التقوى الذي يقينا السقوط في الدركات الظلمانية. فلما شهد توقفنا إذ لم تكن لدينا خارطة، نادى الجني المتجسد في النقيب الأنصاري ذي الفكر السلفي المحمود، وأمره بعرض خارطة الطريق. فأشار النقيب إلى جهة الشاشة الجبلية التي لازالت متوهجة، فظهرت كتابات بالخط النسخي، مرر عليه النقيب عصا لازيرية نارية، فنطقت قارئة لما تمر عليه من سطور.
" قال ابن إسحاق في كتاب السيرة النبوية : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس ، أُتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر ، فأصعدني صاحبي فيه ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء ، يقال له : باب الحفظة ، عليه ملك من الملائكة ، يقال له : إسماعيل ، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل بي ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير ، وقاله ."
قال الفتى فبرايار: ربما قرأ المجذوب ما فهمته من تلك السطور فأمرني بالتعليق اللائق عن ذلك الخبر العجيب الصادق. فقلت : هذا دليلنا على أن أي إنسان له معراجه الخاص إلى السماء الدنيا ويمر به عبر النجم الثاقب، على الثقبة السوداء الظلامية وهي جهنم. وهو المعبر عنه بالمرور فوق جهنم عبر قنطرة الصراط الذي هو أرق من الشعرة وأمضى من السيف. اقرأوا إن شئتم قوله تعالى {{ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }} [مريم: 71 ـ 72]؛ ومن الناس من يكون لهم عروج قبل الممات. وإن شئتم فاعتبروا رحلتنا هذه من صنف "العروج الخيالي عبر العالم الظلماني." ثم لا حظوا ذكر "إثنى عشر" وما تحت "إثنى عشر" وقارنوه مع نقبائنا ومن معهم. تابع أيها الفتى الأنصاري حديثك، واخبرنا عن أدب العروج، فإن كل العارجين من عروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ملتمس.
قال النقيب الأنصاري : ثم ذكر ابن إسحاق صفة مالك خازن النار، فقال: وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله ، أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا ، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا ، يقول خيرا ويدعو به ، حتى لقيني ملك من الملائكة ، فقال مثل ما قالوا ، ودعا بمثل ما دعوا به ، إلا أنه لم يضحك ، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره ، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي ، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم ؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك ، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك ، لضحك إليك ، ولكنه لا يضحك ، هذا مالك صاحب النار .
فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : فقلت لجبريل ، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) : ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى ، يا مالك ، أر محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها ، فقال : ففارت وارتفعت ، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل ، مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره ، فقال لها : اخبي ، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه . فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها .
وقال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال :{ لما دخلت السماء الدنيا ، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم ، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسر به ، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف ، ويعبس بوجهه ويقول : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال : هذا أبوك آدم ، تعرض عليه أرواح ذريته ، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها . وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها ، وساءه ذلك ، وقال : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، في أيديهم قطع من نار كالأفهار ، يقذفونها في أفواههم ، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون ، يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار ، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا .
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب ، إلى جنبه لحم غث منتن ، يأكلون من الغث المنتن ، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
إلى أن قال عليه الصلاة والسلام : ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .}.
فلما أتم الأنصاري قراءته اللازيرية في صحف السيرة العطرة ، خاطبنا المجذوب فقال : لقد زودكم أخوكم بزاد التقوى الذي يجنب مهالك المسالك الظلمانية، فلنرحل مستمطرين حفظ الله ببركة سورة المعارج. ثم قرأ أوائل السورة، فلما ذكر: {{ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، فاصبر صبرا جميلا، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا }}. المعارج: 4ـ6 ، قلت في نفسي : ربما قرأ اليهودي أينشتاين هذه الآيات فأوحت له نظرية النسبية، التي فجرت عصر الحروب النووية. كذلك دجال هذا الزمان، سوف يقرأ هذه الصحف، فهل سيدعن للحق الذي يعرفه كما يعرف أبناءه؟ أم سوف يرديه الحسد، وينفخه الكبر، بالنفس الخبيث وبأكل الربا؟
قال الفتى متابعا سرد قصته في مجلس منتدى الغرابة : أردفنا الجني فرياطيل في خبايا أجنحة مثنى ثم ثلات ثم رباع، حسب قانون التسارع الجاذبي. وباشرنا النزول بحذر شديد لئلا تصيبنا الشهب المخصصة للجواسيس، في هاوية ثقبة العوالم الظلمانية. وتولى الجن المتطوعون في الخدمة، ترتيب العمل الصالح الذي سوف نستكشف به دجال الزمان المنتفخ من الغضب حسدا، بحكم طبع ثابت وصفته آية {{ ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}} "البقرة:109".
فلما وصلنا إلى دركات منزل مكتوب على بابه " زوج بغال" تولى خدمتنا جني تلبس صورة النقيب الرابع وهو من جبال الأوراس فقال لنا : لقد أعددت لكم من العمل المصلح الصالح المغضب للدجال ما سوف ينفعنا في مهمتنا الاستكشافية. انطلاقا من قول الله تعالى: {{ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }} [سورة النساء : 114] ، اتفقت مع باقي الجن المنخرطين في المهمة على أن ننظم مسيرة سميناها "المسيرة القرمزية ". هدفها إصلاح ذات البين بين الإخوة الأعداء المتناحرين في بلاد المشرق. واعلموا أن منطلقنا من داوية " زوج بغال " كان بنية الانتقام من الشيطان المدبر لأمر دولة ممثل الدجال القابع في هيكل البنائين الأشرار، المنهمك على ترتيل صحف القديسة اللاييكية التلمودية. وكانوا في زمن الظهور والعلو قد نصبوا لهم إمامين من أئمة الكفر والضلال. والأمر كما قلنا له تماثل مع دولة القطب النورانية المكونة من إمام اليمين ومن إمام اليسار ومن الأوتاد والأبدال والنقباء. حكمة الله اقتضت أن يكون التماثل في الوجود بحكم قانون كلمات الله القدرية المذكورة في قوله تعالى: {{ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " (الذاريات 51: 49؛ الزخرف 43: 12)".
قال المجذوب معلقا على كلام الجني الأوراسي: التماثل المطلق غير وارد لأن رحمة الله سبقت غضبه. والقوى الظلمانية تتطارح فيما بينها كما تتطارح الأعداد الخيالية في حساب الأعداد العقدية. ولذلك رجحت كفة المادة النورانية عن كفة المادة الظلمانية فظهرت بقية الله المتمثلة في الوجود الظاهر من اسم الرحمن. وهو الفهم المتميز لقوله تعالى {{ الرحمن على العرش استوى}}. وبقية الله بالنسبة لعالم النبات الذي يأكل الطعام وينمو، ـ وللتذكير يدخل فيه سيدنا عيسى رغما على من افترى وقال عيسى ابن الله ـ تتمثل في استخلاف ممثل المهدي وحلفه، وانتصاره على ممثل الدجال وحلفه في كل قرن. ذلك تنفيذا لقدره المذكور في قوله عز وجل: {{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }}." الأنبياء: 105". وقوله تعالى {{ وإن عدتم عدنا}}. " الإسراء: من الآية 8 ". ولقد فات أن أشار لنا مداوي كلوم العرب عن رمزية دركات " زوج بغال " أو البغلين المتمثلة في إمارة الدولة الفرنكوأعرابية في بلاد المغرب المحروم، وإمارة الدولة الأنجلو أعرابية في بلاد المشرق المكلوم. والإمارتان كانتا تدينان بالولاء والطاعة لممثل دجال عصاة بني إسرائيل في هياكل الماسونية الجساسة، وفي أديرة اللاييكية الدساسة.
ولقد رأينا بعين الخيال المتأرجح بين الوجود والمحال، في سفرة النزول في دركات العوالم الظلمانية خدام الإمارتين على صورة بغلين، يحملان أثقالا تغوص لها أرجلهم في الهاوية أربعين خريفا... ثم تزيد في الغوص ثلاثين، لما يضع عليهما الزبانية أثقالا مع أثقالهما. ففهمنا ثقل تحمل المسؤولية في دولة الدجاجلة المعطلين لشرع الله. وتذكرنا تحذير الجبار المنتقم في قوله عز وجل : {{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ. " سورة العنكبوت: 11ـ 13".
قال الجني الأوراسي: صدقت وبلغت. ولله ورسوله الحجة البالغة في ما ورد في حديث الإسراء والمعراج. إخبار نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى آله عن مشاهدة عذاب عصاة المسلمين الذين اقترفوا معصية الربا والزنا وغيرها. أما من ساهم في تعطيل شرع الله وعدل عنه إلى دين العلمانية التلمودية، فتلك هي الأوزار المضاعفة التي يحملها كل فاسق ظالم كافر معطل للأحكام القرآنية عن ترصد وسابق إصرار، وقال للناس اتبعوني، وأنا أحمل عنكم وزر تعطيل الشريعة!!!
قال الفتى فبرايار متابعا سرد قصته في منتدى الغرابة: فبينما نحن منصتين للجني المتجسد في صورة النقيب الأوراسي قرب بوابة " زوج بغال " التي يحرسها كلاب الحدود الجائرة بين المسلمين، خدمة لمشروع تمزيق أرحامهم وأوصالهم، إذا بغبار طلع إلى عنان السماء، واستدارت زوبعته اللولبية منذرة بإعصار رهيب. فنظر حراس الحدود بعضهم إلى بعض وقالوا: هذا غبار قطعان الماشية المهربة. وقال بعضهم: بل غبار المهربين للطاقة. وقال أحدهم بل هو جمع لمهاجري إفريقيا. وقال آخرون : إنما هذا عسكر جرار، وإن السيارات إذا دارت عجلاتها ارتفع الغبار، وانعقد في الجو بشكل إعصار، ينذر بهجوم أصحاب الشقاق والدمار...
لكن يا للمفاجأة، مر الإعصار المظلم فوق رؤوسهم، ولم يكن له أي إضرار. فأقسم بعضهم أنه قد سمع فيه أصوات منشقين كانوا يسمونهم في ذلك الزمان " البوليزاريو" !
قال الفتى : ولقد صدق الرجل. لما انقشع الغبار ظهر لنا جمع غفير ملأ الآفاق من المتروحنين. لا يراهم حراس الحدود الوهمية، وقد كشفوا لنا بحكم صحبتنا لنقباء الجن في مهمتنا الاستكشافية. كان منهم من لبس صور قوم من موريطانيا والصحراء، ومنهم قوم من بلاد المغرب والجزائر. كانوا مسومين مردفين على بغال طائرة تشبه بغال الجبال الأطلسية. فاستغربنا مما رأينا، برهة حتى سمعنا تفسير الجني الأوراسي الذي تولى خدمتنا في بداية الرحلة.
قال الجني الأوراسي: دعوناهم بحكمة الفص السليماني، للمشاركة في المسيرة القرمزية. فلبى دعوتنا قبل أن نقوم من مقامنا، جيش قوامه إثنى عشر ألف من القوم المتروحنين ومن نظرائهم من الجن المتجسدين.
قال فبرايار : فتعجبنا من ذلك وتقدمنا والجيش الغريب يتبعنا. وعبرنا الحدود الجائرة بعد احتجابنا عن الحراس بحكمة {{ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ. }}. ”سورة يس الآية 9". ومررنا فوق جبال الأوراس بسرعة قريبة من سرعة الضوء التي تتلاشى لها الهياكل والجسوم. ونزلنا منزلا آخر من منازل الدركات الحدودية الجائرة كتب على بابه "غدامس".
وهناك تولى وظيفة الفتوة والخدمة نقيب خامس من جن التبستي، وما أدراك ما جن التيبستي. عرفنا به صاحبنا فرياطيل قرب المقابر الزيرية لما التقينا هناك ليلا. قدم نفسه وقال: إن الله مد في عمري، عاصرت حضارات حامية قديمة، كانت تصول وتجول في ربوع الصحراء. من الصدع الصومالي إلى الجزر الخالدات، في بحر الظلمات. والصحراء في ذلك الزمان كانت جنات وغابات، ووديان وبحيرات، زاخرة بعجائب المخلوقات.
على مشارف بوابة غدامس، ظهرت قدرة الجني "التبستوي" في تجميع أقوام ليس لهم مثيل في القوة والبأس الشديد. تقاطرت بهم السماء ونبعت بهم الأرض لما استنفرهم للمشاركة في المسيرة القرمزية الإصلاحية التي ستغضب ممثل الدجال فينكشف أمره للعالمين. فوج قوامه إثنا عشر ألف من الجن الذين أسلموا، تجسدوا في أشباح بقية أولاد حام المنتشرين في الصحراء الكبرى وإفريقيا، ولبوا دعوة النفير وأتوا ممتطين صهوات الإبل البيض الطيارين، في أقطار السماء بسلطان مبين. اصطفوا مع إخوانهم الذين أتو من المغرب الكبير. فتشكل جيش القرمزيين المجرد من السلاح ما خلا سلاح التقوى والمصحف الكريم.
ولما بلغنا دركات بلد يهرق فيه دم المسلمين بغزارة في ليبيا، تولى خدمتنا الجني الذي كان متجسدا في صورة نقيب سادس، أصله من مفازة فزان الفاصلة بين مصر وليبيا. أخبرنا بالذي ساهم به في المهمة فقال: هناك في الأفق وحتى حدود نهر النيل العظيم عند بحيرة القمر، جيش قوامه إثنا عشر ألف من الجن الذين أسلموا ولبسوا لباس التقوى، بصور إنسية، مستعدين لعمل إصلاح ذات بين العرب الذين نزل عليهم السيف وتبلدوا وحاروا كيف ومتى يتم رفعه عنهم؟.
ثم قال الجني الفزاني : وهناك على ميمنة الجمع المبارك فرقة قوامها إثنا عشر ألف من الإخوان المتروحنين تقية من تنكيل السيسي. يتزعمهم جني تجسد في شبح النقيب السابع. وهو الشاب الأسيوطي الذي مر خبره في قصة المكاشفات. أتى ليشارك في المسيرة القرمزية ومن ورائه جن الأقباط والواحات البربرية المصرية والليبية، وعفاريت الدنكلا وبلاد النوبة والسودان المتلبسين بهياكل أولاد حام، وكان بعضهم من الإنس المتروحنين. واستمر في وصفه لما نراه تحت الخيام في ميسرة جيش السلام القرمزي وقال: أما ما تشاهدونه في ميسرة جيشنا العظيم، فهو جيش قوامه كذلك إثنا عشر ألف من الجنيات المسلمات من أخوات دارفور، اللواتي ليس لهن مثيل في الجمال والفتوة والخلق الكريم. أتين من كل حدب وصوب من جبال النوبة ودارفور وبحر الغزال والصدع العظيم في الصومال، الذي هو مهد البشرية. جئن يسقن قطعان الأنعام التي تكفي لإطعام كل المنخرطين في عملية إصلاح ذات البين.
قال الفتى : بعدها عبرنا النيل العظيم، وأهل الكنانة نيام لا يشعرون. ولما بلغنا دركات قرية كتب على بابها " الشيخ الشرم " زكمت أنوفنا روائح كريهة تسوقها ريح السموم العقيم، من جهة الشمال الشرقي. فلم يخف على الجن مصدرها ونسبوها لزعيم سموه لنا " النتن ". وهم يعتقدون أنه إمام اليمين في دولة الدجال. فتطوع جني تلبس جسد نقيب ثامن من بدو سيناء، لدفع ضرر الريح النتن العقيم. ضم إليه فرقة قوامها إثناعشر ألف من المردة المقنعين، فاصطنعوا دوامة حرب العفاريت الثوارين. فتشكل إعصار عظيم، رد الروائح الكريهة إلى مصدرها في المفاعلات النووية والمختبرات الكيماوية والمولدات البيولوجية على ضفاف الساحل المغصوب، من بحر لوط المخسوف. وهو البحرالميت الذي شهد خسف سودوميا المخزية.
فلما بلغنا مع جيشنا القرمزي مسالك ظلمانية على بوابة صحراء النقب، وجدنا مكتوبا على مدخلها " قرن النصب". فتطيرنا من شر معاداة آل البيت المكرمين. وبدلنا الوجهة فعثرنا على بوابة أخرى عليها علامة مكتوب فيها "بوابة المطففين". فتشاءمنا منها أكثر من سابقتها لورود حديث ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: لما مر النبي – صلى الله عليه وسلم- بالحجر وهي ديار عاد قوم شعيب المطففين للمكيال قال { لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي }.
فأبى الجني الذي تجسد في صورة النقيب التاسع، إلا أن يحيي تلك السنة بعمل أذهلنا. استحضر قبل أن يرتد إلينا طرفنا، إثني عشر ألف من الجن البكائين. أتوا كما قال لنا من أطراف جزيرة العرب: اليمن والبحرين وشط العرب. أغلبهم تلبسوا صور عرب من الشيعة النواحين، عند سماع رثاء الإمام الحسين رضي الله عنه. تعالى بكاؤهم وعويلهم حتى بلغ صداه جل الصحون الإسرائيلية التي تتنصت على العرب والعجم المسلمين. فكانوا لها من المشوشين، لكنهم ربما استنفروا جندهم وحراس حدودهم المتأهبين.
ولقد صدق توقعنا، إذ فوجئنا باعتراض جيش قلق، متوتر عجل نزق، يده على الزناد الماحق. ذلك من شدة تأثير الكوكايين عليهم. وقد كانوا يسكنون بها خوفهم العميق من قدر الملحمة. فهم يعلمون أنهم مرتزقة جيش الدجال، عدده كذلك إثنا عشر ألف من الجن المتسترين تحت أشباح أعراب نجد وسكان "سودوميا" بساحل بحر لوط المخسوف. ومعهم في قلب الجيش جماعة من الجن بلباس عصاة بني إسرائيل. فتطيرنا منهم أكثر مما مر علينا. مع يقيننا أن الجنود قاطبة هي خادمة لمراد الله، مصداقا لقوله تعالى: {{ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}} (المدثر:31). لكن لما كان حكمنا بالظاهر، غلب تطيرنا، فمنعونا من المرور نحو الشام، عبر مفازات عاد وثمود، التي صارت محميات صهيوإنجيلية. فلم نجد سبيلا سوى طلب منزل المرابطين، في أكناف بيت المقدس المبشرين بالمنعة والتمكين. تصديقا بوعد نبينا الكريم عليه أدوم الصلوات وأزكى التسليم الذي قال: { لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء - شدة وضيق معيشة - حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا: وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) رواه الطبراني.
واستقر جيشنا القرمزي الجرار، المستتر عن الأنظار، بحفظ الجبار القهار، في أكناف الأرض التي بارك الله فيها للعالمين. وكان الترحيب بنا حافلا، خاصة عند باب المغاربة، الذي هو من أوقافنا المغصوبة. فنوينا المرابطة في انتظار الحدث العظيم الذي هم ونحن له منتظرون. والله خبير بما يمكرون.
لم يطل انتظارنا لما حسن ظننا في تقبل الله نياتنا الإصلاحية. لقد أتى دور النقيب العاشر للمساهمة في العمل الصالح. وهو متروحن تائب من أعمال السحر الكابالي اليهودي. كان له أتباع من الجن والإنس عددهم كذلك إثنا عشر ألف متروحن. ربما كانوا من يهود الأمة المقتصدة التي مدحها الله في القرآن، ربما كانوا من ذرية هارون عليه وعلى نبينا السلام. ربما كانوا من نسل سحرة فرعون التائبين. ولقد ذكرنا بعضهم في قصة "سحر الغرقد"، من الذين أسلموا من يهود جن اصفهان، وما كان من أمرهم تجاه علماء الثريا. زاد اقتناعهم بوجوب المساهمة في العمل الصالح الذي يحقن دماء البشر، متأثرين بقوله تعالى: {{ مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا... الآية }}. " المائدة : 32". وكانت مساهمتهم في العمل الصالح، ترتيب مرورنا مع الجيش الذي جمعه النقباء، إلى أرض الشام، عبر مرج "هرمجدون" المشرف على عكة.
وهناك في الشام، في جبهات القتال، عسكر جيشنا المتواري عن الأنظار، بين فرقاء التناحر والدمار. وتسارعت الأحداث. ودقت الأجراس معلنة دنو ميعاد الحدث الواقع، الذي ليس له دافع، من الله ذي المعارج.
قال الفتى فبرايار: فلما أخذ الجيش مواقعه في ظلمة ليلة باردة ممطرة، نادى المجذوب في النقباء الإثنى عشر : الصلاة جامعة، فتوافدنا عليه بجانب المنارة البيضاء شرقي دمشق، فقال لنا تعلمون لم طلبت منكم عند العروج من الأطلال الزيرية قراءة أوائل سورة المعارج؟ فلم ينتظر جوابا، وطلب من الجني النقيب الأنصاري أن يحدثنا عن السائل الذي سأل، وسبب نزول قوله تعالى " {{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ، لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ }} فقال الجني القارئ في الصحف الموثوقة، التي يستحضرها عند الحاجة من شاشة اليونوسفير، وهو ما يقابل الشبكة العنكبوتية القديمة عندنا: أقرأ لكم في كتب التفسير ما حدث به الهروي والقرطبي وغيرهما، أنه لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه بغدير خم ما بلغ، وشاع ذلك في البلاد، أتى الحارث بن النعمان الفهري، وفي رواية أبي عبيد: جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري ـ من بني عبد الدار ـ فقال: يا محمد ! أمرتنا عن الله بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وبالصلاة، والصوم ، والحج، والزكاة ، فقبلنا منك، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه! فهذا شي منك أم من الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه : { والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله}. فولى جابر يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله ، وأنزل الله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع . .) الآية . انتهى.
فصفق المجذوب وقال: ألا إن كل النواصب وجنودهم من الإنس والجن هم الآن على مرمى حجر من سجيل. أغيثوهم قبل فوات الأوان، فإن معظمهم من السذج المغفلين. لادراية لهم بخداع النواصب، الساري عبر القرون منذ عهد بني عبد الدار، إلى عهد أمراء النفط المتصهينين.
قال فبرايار: ثم أمر المجذوب الروحاني المتجسد في صورة النقيب المغربي، أن يستحضر إثني عشر ألف من أصحابه من الجن والمتروحنين، ويستقبل بهم القبلة، للبكاء على الله والتمسكن والتبؤس له، والإلحاح في الدعاء، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، أن يتوج سعينا في الإصلاح بين الناس، بالتوفيق والفلاح والفتح المبين.
وتركنا المجذوب نرتب أمر النصيحة والإعذار، لمن كان ضحية لأحفاد بني عبد الدار، ومن سار على نهجهم في كراهية أهل البيت الأطهار.
واتفقنا على تكليف النقيب الجني الأوراسي بالقيام بالواجب الذي جئنا من أجله. وقد يقول البعض إن الأوراسي لبس جسد ذلك الذي يسمى " الجزائري". أنى له ذلك، وقد كان في خدمة طاغوت الجامعة الصهيو أعرابية. ولربما كان قبل ذلك من أعمدة الدولة الفرنكوأعرابية التي قادها ابن بلده "العماري المقبور" إلى تحريف مسارالصحوة الإسلامية في القطر الجزائري الشقيق في نهاية القرن الماضي.
يسر الله لنقيبنا الأوراسي منبرا غريبا في شاشة اليونوسفير، نقش فيه إنذاره وإعذاره. الذي علمه الجميع. قال لهم قولا بليغا في نفس قوة البلاغ الأول الذي نخلد ذكراه الثانية، محاولا أولا إقناعهم بالقطيعة مع طبع السذاجة الشامية المعروفة عبر التاريخ. قال لهم : متى يكون منكم رجل رشيد يقول : كفى ! لست بالخب ولا الخب يخدعني. ولقد خدعكم فيما مضى الداهيتان معاوية بن إبي سفيان، وعمر بن العاص. وقادكم إلى معركة الجمل المشؤومة. ثم خدعكم يزيد لعنة الله عليه، الذي لطخ أيديكم بذبح الحسين حفيد نبي الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار. وتوالت المكائد على جند الشام، فكان منها في العصر الحديث خديعة صدام الذي أقنع إخوان الشام على مساعدته في غزو إيران فكان ما كان من ويلات وأحزان لم يشهد التاريخ مثلها. ولا يزال العرب يؤدون ثمنها. وقبله خدعكم العفلقيون لتبديل دينكم فأصبحتم للقديسة اللاييكية عابدين. ثم سقطتم في خديعة الأعراب المتصهينين مرة أخرى فأصبحتم لمخططات تدمير بلدكم من المنفذين. لقد طال صبر إخوانكم الحسينيين عليكم في إيران ولبنان، وعظمت معاناة المسلمين الأكراد من طغيانكم، واشتدت محنة أهل الذمة من تطرفكم. اضمنوا لهم سريان تحالفكم مع قطب الزمان الظاهر بالسلطان والقرآن. وسترون خيرا إن شاء الله. رئيسكم الصادق سوف ينقاد لما قلنا له من قبل في صحف سابقة. كتبناها لكم تحت عنوان " بلاغ من أجل حقن دماء المسلمين في الشام "، مؤرخة في يوم 26 أكتوبر 2011. وسبحان الله الذي قدر كتابة هذه السطور بالضبط يوم ذكراها الثانية. فهل من معتبر؟
لو اتبعتم نصائحها قبل عامين من القتل الهمجي الذي لم نر له مثيل، لنجوتم من آثام إهلاك الحرث والنسل ومن أوزار الفساد العظيم في الأرض. ها نحن قد جئناكم بالرايات القرمزية يحملها النقباء الإثنا عشر، وتحت كل نقيب إثنا عشر ألف من الجند الذين سوف لن تروهم إلا في كوابس أحلامكم المرعبة. لأنهم أتوكم من عوالم الغيب والبرازخ. ومنهم أرواح القتلى الذين كنتم السبب في سفك دمائهم. ولربما عددهم يطابق عدد جيش النقباء. حتى اليوم. وإن لم تكفوا علينا فضائحكم، فعدد موتاكم إلى تصاعد مهول، يفوق ما قتله من قبل جيش المغول.
ثم سألهم النقيب الأوراسي وقال: أتريدون أن تتمادوا في الطغيان إلى أن يسلط الله عليكم انفجار غضبة ممثل الدجال لهذا الزمان؟ جزاء وفاقا على رفضكم الاعتذار عما فعلتم بالحسين، لمن هم الآن الورثة الشرعيون للمطالبة بدمه؟ وعما اقترفتم في حروب الخليج الماضية في حق أحفاده في العراق وإيران ولبنان. وعما قذفتم وافتريتم في صحفكم التكفيرية الخبيثة تحت عنوان " وجاء دور المجوس". من سينقذكم من انتقامهم المشروع لو أرادوا ذلك وهم في منعة القطب الظاهر هذا الزمان بالسلطان والقرآن؟ صبرهم عليكم له حدود. ولربما جزاهم الحليم الكريم عن حلمهم عليكم، بعصمتهم إلى حين، من تلطيخ أيديهم بدماء المسلمين. ولربما انتقم لهم المنتقم الجبار بتسليط القوم الكافرين على القوم الظالمين كما فعل أمس بشريككم في دين العفلقية وفي سفك دماء العرب والعجم: صدام المشنوق. أترضون أن تنتشر حرائركم متكففات في كل مساجد الدنيا؟ وماذا عن نكاح الجهاد الذي شاع ذكره في الآفاق المستنكرة والشامتة ؟
ثم توجه مذكرا الأسد فقال : ويا بشار أعد قراءة بلاغنا الأول. ثم بشرنا ببشارتين اثنتين نسأل الله أن يجعل لك بعدهما خرجا ومخرجا، ومن كل ضيق فرجا.
البشارة الأولى: أن تضمن سريان تحالفك المحمود مع آل الحسين الذي جاء دورهم في تداول الأيام. تداول عادل يرفع الله به عنهم المظلمة التاريخية التي أسالت دمهم بغزارة ولا زال يسيل بما اقترفه أيادي النواصب الأشرار، بداية من يزيد وبني عبد الدار، ونهاية بأحفادهم المنفذين لمخططات الصهاينة المتعطشين للدم والدمار.
البشارة الثانية: أن تختار لك من الضامنين لأمنك، ولسريان الحلف المذكور، فتستخلفه على فترة الإعداد للانتخابات المقبلة. ثم تختفي حقنا للدماء في المكان الذي اقترحناه عليك في بلاغنا الماضي.
قال الفتى فبرايار: موازاة مع الوفد الذي بعثناه مع النقيب الأوراسي، أردنا مفاوضة الإخوان مباشرة، وقد كنا على علم بمأساتهم التي رقت لها قلوبنا ودمعت لها أجفاننا. هم الآن موظفون منبوذون لدى دولة وهمية تتحكم فيها المخابرات المخترقة بالعقل الصهيوني الخبيث. يتساءلون فيما بينهم ليلا ونهارا، سرا وجهارا: ما هو مصيرنا إن انتهت الحرب؟ من أجل ذلك بعثنا لهم وفدا برئاسة النقيب الجني المتجسد في صورة الأسيوطي، الذي راجع الفكر الإخواني كما علمنا في قصة مكاشفات وادي السيليكون. وصحب معه ثلة من العفاريت النوبيين الذين زادهم الله في تلك المدة بسطة في العلم والجسم، إرهاصا لدورهم في تداول الأيام وقد كانوا من أولاد حام.
فلما علمنا أن المفاوضات ستطول إلى ما لا نهاية، تنفيذا لمخطط العقل الصهيوني، عمدنا إلى حيلة لم يسبقنا لها أحد في تاريخ السياسة الشرعية الساعية لتنفيذ قوله تعالى : {{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}} [الحجرات:9].
ولقد كتمنا أمر ذلك التدبير وحرصنا على خزن وثائقه. فانبرى الجني الذي سكن هيكل النقيب الثاني عشر، وغاب مع جنده الإثني عشر ألف عن الأنظار بالوثائق السرية ثم رجع في لمح البصر وقال: لقد خبأت الوثائق في القماقم السليمانية ووضعتها في مغارة عميقة وراء جبل قاف، وتركت جندي حراسا متأهبين على بابها .
فاطمأنا لذلك، وكنا قاب قوسين أو أدنى من إدراك غايتنا الإصلاحية التي كانت ستكف سفك الدماء في شامنا المكسر المكلوم، وفي عراقنا المهشم المظلوم.
لكن وا أسفاه! تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن!!! ومراد الله ليس له دافع. كانت صحون التجسس في أمريكا قد اطلعت على بعض أسرارنا. كان ذلك بالذات في اليوم الذي ثارت ثائرة أوروبا، ومنضالي حركة "احتلوا وول ستريت"، من جراء تجسس المخابرات الأمريكية على العالمين. ووقع تسريب الوثائق المكتوبة بواسطة عملاء خونة، لعنهم الله، من النواصب الجدد، سربوا وثائقنا المكتوبة إلى خليفة المسيح الدجال، الذي كنا نحرص على عدم إغضابه. ذلك رعاية لمصالح العالم الذي سوف يعاني الويلات من انفجار انتفاخته. لكن إذا جاء القدر ، عمي البصر، ورفع الحذر.
لقد اطلع خليفة الدجال العراقي الأصل على إرهاصات تقارب ابن الحسين الحامي في العالم الجديد وأبناء الحسين الظاهرين بالسلطان والقرآن لهذا الزمان. كما اطلع خليفته على إرهاصات "عام الجماعة الجديد" الذي يوشك أن يشهد تصالح أمتين عظيمتين من المسلمين، كما شهدها بتدبير حفيد نبينا صلى الله عليه وسلم، سيدنا الحسن رضي الله عنه كما أشرنا له من قبل. فكان وقع الخبرين عليه صاعقة لا تطاق، زلزلت قلبه زلزالا لم تتحمله أحشاؤه. فانتفخ بنفسه واستكباره، وبأكل الربا، نفخة ملأت الكون بنتن ضراطها. وكان ذلك الضراط من جنس ضراط إبليس الهارب من سماع "الله أكبر" عند الأذان وإقامة الصلاة. من أجل ذلك، دربوا كلابا للتنكيل بكل من يصيح عليهم " الله أكبر" من أطفال المقاومة. يكبرون الله تكبيرا أمام استكبارهم وانتفاخهم بالأنفاس الشريرة الحاقدة على البشر.
بعد الانتفاخة والضراط، صاح ممثل الدجال صيحة سمع دويها في كل العوالم الظلمانية الكابالية، فتحرك لها الأبالسة في كل مكان. ومنهم قرناء أعراب قرن الشيطان، وقرناء حفدة بني عبد الدار. وقد كان هناك سبب آخر أغضبهم: تحرر ابن الحسين الحامي في العالم الجديد من ابتزازهم له بسبب الطاقة التي يقتسمون ريعها مع الشركات الصهيو إنجيلية. ولقد كنا قد ذكرنا ذلك الهاجس وعلاقته بالابتكارات الطاقية الجديدة في قصة الصخور الصفراء، فليراجع في موقعه، إذ لا نستطيع أن نذكر بكل ما مضى، والكلام الذي يبثه نادي الغرابة كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض، ولو كان مصدره من العوالم الموازية أو الخيالية، ولله المنة والحمد. كل ذلك من أجل تثبيت أسس ثقافة المقاومة والمجد.
وكادت الأنفاس تنحبس عند الفتى فبرايار وفرائصه تخور وصوته يغور ، لما اقترب من ذكريات الحرب العالمية الثالثة. فقال بعد استرداد شيء من هدوئه، مذكرا بسياق قصته في منتدى الغرابة: رجعنا بكم يا شباب منتدى الغرابة من سنة 2056 التي تنعمون في مجدها، إلى سنوات ربيع الشعوب الحامية. والحديث تشعب وطال، دون أن يمل المحققون والمتروحنون والقرناء والحفظة والمجاذيب سماعه. أما غيرهم فقد علمنا أن منهم من استخفوه غير معتبرين للخطر الذي يهدد المطففين الذين "يبخسون الناس أشياءهم". وقد مررنا بديارهم باكين مستعطفين رب العباد أن لا يصيبنا ما أصاب قوم عاد. وعلمنا كذلك أن منهم من استلبته ثقافة الخلسة في الصور المدوخة، غير عابئ بسبب خسف البحر الميت. ومنهم من لا نصيب له في عبادة التفكر والقراءة ـ ونحن أمة "اقرأ" ـ إلا التحليق فوق عناوين القنوات والصحف "المردوخية" التي لا هم لمروجيها سوى ما قال عنهم الخبير البصير عز وجل : {{... يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ...}} " سورة المائدة: من الآية 13 ". وكذلك " سورة النساء من الآية 46". وعلمنا أيضا أن منهم من لا يقرأ إلا بغرض استجلاب النوم العميق. فهل إن سمع خبر ضياع المسجد الأقصى سيصحو من غفلته ويفيق؟ أم أنه سيتبلد مع النبأ المفجع، كما تبلد شرفه لما رأى حرائر الشام يتكففن في مساجد الدنيا، ويقذفن بأشنع ما يمكن للشامتين حبكه؟ وماذا لو وصل دوره في تغير الأيام وانقلاب الدهر عليه كما انقلب على أهل مشرقنا المكلوم؟
قال الفتى فبرايار خاتما لقصته المذكرة بدركات الغافلين الآمنين مكر الله : تلكم هي أخبار قصة "انتفاخة ابن صياد". وأنتم تعلمون الآن في هذا النصف الثاني من قرن ظهور القطب الموحد لأمة التوحيد، تسلسل الأحداث، بعد سريان تدبيرنا الافتراضي لعام الجماعة الجديد... وتتذكرون ما تبع ذلك من انفجار غضبة الدجالين من أبناء سام، العرب الظلمة النواصب، والصهاينة المنتشين بالمصائب. فلقد كان منهم من انتشى بالضغط على زر الصاروخ النووي الموجه إلى "قم". فقامت قيامته، قبل أن يقوم من مقامه. كان من جملة حطب نار الحرب الطاحنة التي أشعلها. وقد كنا له من المنذرين فاستعجل الملحمة. فحقت عليه كلمات ربنا عز وجل القائل وقوله الحق: {{ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ، فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ، وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }}. " الصافات: 176ـ 182 ".
حرر بالرباط، بتاريخ 26 أكتوبر 2013
موافق 21 ذو الحجة 1434
محمد المهدي الحسني