بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله
تنبيه:
من بلاد أولاد حام ، سنة 2056 !
حكايات من عوالم الشهادة، والخيال، والمثال، والغيب، والبرازخ التي بينها، لا يقيدها عقال…
فمن ربط أحداثها أو أشخاصها بما هو موجود في الوجود، فليتحمل تبعات الجحود بتنزيه الخيال عن القيود والحدود…
ولقد رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الحالم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المتخيل حَتَّى يعقل، وعن الطفل حتى يرشد.
قصة أجراس المنارة البيضاء
أحاديث منتدى الغرابة
حكايات من نسج الخيال
§ مقدمة
§ استعدادات
§ اسم الله الأعظم
§ أسرار تحالفات الفتح المبين
§ الكاملات
§ المباهلة
§ مناظرة الجاثليق ( الكاثوليك )
§ سر فاطمة
§ نسبة العترة من البيت المعمور
§ إحياء سنة المباهلة
§ مذاهب الضرار في عصر القومة، ومناظرة الجاثليق
§ أحداث مهمة " أجراس المنارة البيضاء"
مقدمة:
في بداية مجلس آخر من مجالس منتدى الغرابة، تقدم الشيخ مداوي كلوم العرب ليمهد لقصة " أجراس المنارة البيضاء "، التي طال انتظارها. إلى أن قدر ربنا أن يظهرها يوم ذكرى ولادة النبي عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. وذلك يوم 25 / 12 / 2056.
استفتح الشيخ بحمد الله وشكره، وبالصلاة على نبيه وعلى آله، ثم توجه بالخطاب نحو الفتى فبرايار وقال: الحمد لله الذي حررك من أسرك في الموصل، وردك إلى خدمة الجيل الجديد من ثقافة العزة والمجد... الشباب في العالم الحامي مشتاق لسماع قصة المهمة الثالثة التي حددتها لنفسك خدمة " لمؤسسة الحزين".
ثم توجه الشيخ نحو جمهور المتتبعين وقال: تذكرون يا طلائع المجد والريادة ما ورد في قصة "انتفاخة ابن صياد". أن الأمير "مطواع" راعي المؤسسة، قال لفبرايار لما طلب الحرية في تحديد مهمات خدماته : ما كنت لأدخل في تفاصيل خدمتك الجديدة يا فبرايار، لكن أرجو أن تسمي لنا مباحثها لئلا يختلط علينا الأمر... سيما وأن قصصك يعسر على العامة تتبع تلافيف وتغاليف مضامينها.
فكان اختيار اسم " أجراس المنارة البيضاء " على رحلة استكشاف الفرقة النصرانية الممهدة لتحالف المهدي وعيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام.
قال الشيخ : والآن الكلمة لفبرايار، لبعث عبادة التفكر فينا عملا بقوله تعالى :{{ .... فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ . }} " سورة الأعراف آية 176. فهذا بيان للفرقة الناجية من النصارى التي جعلتها نظريتنا قطبا ثالثا للتحيز المحمود... فاسمعوا وعوا " سر فاطمة حقيقة "، ) le vrai secret de fatima ( ، عبر قصة " أجراس المنارة البيضاء"، عوض البحث عنه في جبال البرتغال، أو في سراديب الفاتكان، أو في دهاليز كنائس البروتيستان.
I. استعدادات قبل المهمة
استقبل فبرايار بطلعته السنية، لاقطات الصور اللازيرية، فظهر في شاشات السحب الرقمية، الخازنات للمعلومات البينية، وقال: الحمد لله الذي أنقذنا من فتنة دجال العصر، كان قد غرر بشباب الربيع العربي وأنبت له القرون الناطحة في جسد الأمة، فشغله بفتن كقطع الليل، حتى صفت لعصاة بني إسرائيل الأجواء لإقامة هيكلهم على أنقاض المسجد الأقصى. والصلاة والسلام على نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، حذرنا فقال: { أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون }. والأئمة المضلون، هم النواصب والخوارج الجدد الذين خرجوا عن "الأئمة المهديين من العترة". وبين لنا أن لكل زمان إمام مهدي واحد فرد لا يتعدد، و المنازع له مقتول بسيف الشريعة، لئلا يختل أمر الأمة كما اختل قبيل الحرب العالمية الثالثة، فرجع المسلمون كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض، وذهبت ريحهم فضاع المسجد الأقصى بعد ضياع فلسطين والقدس.
ثم قال : لما رجعت إلى الديار من سجن الموصل، كنت ثالث ثلاثة في مجلس مع الأمير راعي مؤسسة الحزين، ومداوي كلوم العرب، للتشاور حول المهمة المستكشفة للقطب الثالث من أقطاب نظرية التحيز الرباعي. فلما ظهرت لهما مني بقية ضعف وهزال مما أصابني في سجن بادوش الرهيب، اقترح الشيخ مداوي كلوم العرب أن يتولى "الأمير مطواع" نفسه مهمة " أجراس المنارة البيضاء". قال له : انت الذي اخترت تسميتها، ولك من الأسباب في بلاد الشام، وبلاد العم سام، ما يؤهلك لتكون {{ أحق بها وأهلها}}. فسر على بركة الله ولا تغفل عن "مفاتيح خزائن الجود" المظهرة للوجود، من "بقيت الله" المرجحة لكفة الرحمة واللطف، على كفة الغضب والعنف...
قال فبرايار : وأرجو أن لا تخونني الآن ذاكرتي بالرجوع إلى تفاصيل "المهمة" التي كانت سنة 2015 ونحن الآن في ربيع 2056. أعرضها عليكم رواية عن الأمير نفسه، لما زرته في مقر إقامته في كاليفورنيا، حيث يقضي بقية حياته السعيدة، وقد تجاوز المائة من السنين، مد الله في عمره، حتى شهد ثمار غرسه الصالح في أرض مقاومة الفساد والاستبداد.
· تحصيل علم " الكلمات التي لا يتجاوزهن بر ولا فاجر"، أو اسم الله الأعظم:
دخل فبرايار في صلب الموضوع فقال: لما تفرق أصحاب المشورة في "مؤسسة الحزين" ومضى كل إلى غايته، تفرغ الأمير مطواع لوضع الخطط من الكلمات التي " لا يتجاوزهن بر ولا فاجر" ، من أجل إعداد أسباب النجاح لمهمته العظيمة. والعلم إمام العمل... فخلا بنفسه في جبال لبنان، يتنسم من رياح الحكمة اليمانية، قرب إمام اليمين الظاهر في ذلك الزمان...
وبعد أن استشكل عليه الأمر ولم يجد له حيلة، لخوض غمار "المهمة المستحيلة"، تذكر وصية الشيخ: "مفاتيح خزائن الجود الممد للوجود"، "وبقيت الله"، بالتاء الممدودة التي تفيد المدد من أسماء الله الحسنى، وخاصة اسم الله الأعظم. فقرر الأمير استحضار تلك المفاتيح مما قد مر ذكره في مؤيدات نظرية التحيز والاستقطاب. ثم قرأ التفاسير كلها من مصادرها الصوفية والشيعية والسنية. فخلصت له "بقية"، ربطها بالنظرية، فكانت هي سر الفتح المبين، الذي زلزل عرش المشركين، كانوا في حلف الدجال من المتحيزين. فغيروا وجهة ولائهم وأصبحوا من الفائزين... منهم من كان من قبل من سذج اليهود والنصارى الضالين. ومنهم من كان من رعاع مساجد الضرار المنافقين، جعلوا من أهل السنة رهينة بعدما نسبوا أنفسهم زورا لهم. وما كان عتاتهم في الحقيقة سوى حفدة يزيد الملعون، قاطع رأس الحسين، أو خَلَف شجرة الخوارج المارقين عن الدين، بشهادة رسول رب العالمين، صلى الله وسلم عليه وآله الطاهرين.
قال فبرايار: غاص الأمير بتفكره في (بَقِيَّت اللَّهِ) فأتاه نصيبه من الفهم الذي كان خاصة لآل البيت عليهم السلام. فشهد ببصيرته أن (بَقِيَّت اللَّهِ) هو المظهر الباقي من اسم الرحمان الذي استوى على عرش الأكوان، بعدما رجحت كفة الرحمة على كفة الغضب. مختصر هذه البقية هو القطب من العترة التي أوصى بها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : { إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ : كِتَابُ اللهِ ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، أَوْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ. } " أخرجه أحمد وصححه الألباني".
والقطب هو الذي يرجح كفة الخير على كفة الشر، بإقامته لدولة السلطان والقرآن العادلة، المانعة من بغي دولة ممثل الدجال الجائرة.
قال فبرايار : ولا يدرك هذا الفهم إلا من أتاه الله مفاتيح خزائن الجود المظهرة للوجود من سر قوانين الطبيعة والشريعة. وهي علوم نفيسة كلها خرجت من باب العلم الذي هو سيدنا علي كرم الله وجهه. أخبرنا بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، لما قال صلى الله عليه وآله وسلم : { أنا مدينة العلم وعلي بابها }. رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير، وأبو الشيخ في السنة وغيرهم كلهم عن ابن عباس مرفوعا مع زيادة: { فمن أتى العلم فليأت الباب }. ورواه الترمذي وأبو نعيم وغيرهما.
ذكرنا من تلك العلوم سر الهباء العلوى نسبة إلى علي في قصص كولورادو. وأشرنا له لما تكلمنا عن جعفر الصادق المؤسس لعلم الكيمياء والفيزياء. وجعفر الصادق رضي الله عنه الذي كان إمام السنة والشيعة كما هو حال علي كرم الله وجهه، كان قد سأله رجل: عن القائم يسلَّم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: { لا، ذاك اسم سمّى الله به أمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يسمّ به أحد قبله ولا يتسمّى به بعده إلاَّ كافر}. قال الرجل: جُعلت فداك كيف يسلَّم عليه؟ قال: (يقولون: السلام عليك يا بقيّة الله)، ثمّ قرأ: ((بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)).[1]
فلربما كشف الغطاء للباحث عن سر علوم الطبيعة وربطها بأسرار الجفر ) (chiffresأو علوم الرياضيات، وعن علوم النحو الذي يرفع الإشكال بضبط الشكل حفاظا على علوم الشريعة...
ü علم الهباء والجفر هو المختصر لقوانين الطبيعة. يقصم ظهر كل من سولت له نفسه تغيير خلق الله. والحائز عليه حقيقة يكون قطب المدبرين لوسائل القوة والوسائل المادية، وحماة البيئة من التلوث والتسمم والقتل السريع والبطيء ... ومن تغيير خلق الله تلك الكلوم التي تفشت في أمة العرب، فقتلت صبيانهم ونساءهم وشيوخهم بالهدم والذبح والتسميم بالمواد الكيماوية والمشعة والمخدرة...
ü علم النحو والكلم والتدوين الحافظ لقوانين الشريعة، يقطع دابر كل من زعم أن القرآن الكريم وقع فيه تحريف أو تزوير... ومن ذلك التحريف ظهر إعلام الشائعات والإشاعات وسائر أنواع الإعلام الصهيوني الزارع للفتن ما ظهر منها وما بطن. ومنه فقه تدوين الحديث الشريف، وما لحقه من الضرر بسبب منع تدوين الحديث من لدن عمر ثم توبته عن ذلك كما تاب عن بيعة الفلتة...
من له حظ من تلك العلوم النفيسة، ربما اطلع بطمأنينة على "سر فاطمة" عليها السلام، وكذلك على سر التحيز لها، ولعترتها الطاهرة وخاصة قطب الزمان حجة الله في أرضه مجدد القرن الظاهر بالسلطان والقرآن. فلا نمل من تكرار هذه الحقائق معارضة للمنازعين لها، حذرهم ربهم عز وجل أن يكونوا : {{ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }} " الروم /32 ".
ولربما كشف لعلماء بني إسرائيل شيء من تلك الأسرار... كالنصيب الذي وهبه الله لأينشطاين من علم الجفر. لكنهم زوروا وحرفوا وسخروا علمهم لخدمة دجاجلة العصور، المغيرين لخلق الله الغيور، على مر الأحقاب والدهور.
فرموا مريم العذراء عليها السلام بمنكر من القول وزورا، يتعفف العاقل عن ذكره...
وزوروا التوراة والإنجيل بالزيادة والنقصان حتى صارت شريعة الرسل تلمودا، ينقل أساطير وتزويرات يمجها العقل والمنطق السليم.
وادعوا وجود " مصحف فاطمة ". وقالوا إنه مخالف للمصحف الذي يتداوله المسلمون. رغم أن شاهد التاريخ يروي خبر تدوينه وضبطه من لدن علي كرم الله وجهه، في صدره أولا ثم بعلوم النحو ثانية...
قال فبرايار: ثم أن الأمير اجتهد في الترقي في العلم النافع الباعث على العمل الصالح إلى أن بلغ مقامات الزلفى من الفتح المحمدي ومنها:
ü مقام الدعوة إلى مباهلة الفرق الكافرة من النصارى الذين {{ يقولون ولد الله}} ... أو {{... الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ }}...
ü مقام مجادلة النصارى بالتي هي أحسن بعد بلوغ مرتبة الكشف عن مؤامرات المدبرين لأمر جماعات ودول الضرار، وعند التمكن من أسرار مجادلة الجاثليق ( الكاثوليك ).
ü مقام التحالف مع خيار نصارى عصره، يمدونه بالمدد العيسوي لكسر شوكة عصاة بني إسرائيل...
ü مقام المساررة باسم حامل راية هدم مساجد الضرار، وراية هدم حصن خيبر. وهي في زمان الحرب العالمية الثالثة " راية تحرير القدس... ذلك بعد تخليص الشعوب من دويلات وجماعات وأحزاب الضرار الخاضعة للدولة الصهيوأعرابية ...
قال فبرايار : ذلك هو مجمل الاستعداد النظري للمهمة المستحيلة. وقد حان الانتقال إلى المرحلة العملية منها...
فلما هم فبرايار بولوج صدر الموضوع، سمع جلبة وأصواتا تناشده وتطالبه بأشياء. فانتظم أمر مداخلات المتتبعين لما تركوا الكلمة لشباب حي جوبر في دمشق. قال أحدهم: مهلا يا فبرايار ! تستعجل فقرة الأحداث، ونحن نريد المزيد من التفاصيل في فقرة الأفكار اللواقح، البانية للخطط السديدة، المنتجة للفتوحات الميدانية، المفرزة للرجال القادرين على إخراج العلم النافع من قوة النظريات والمخططات إلى فعل التدبيرات والعمليات المحررة للقدس.
فأجاب فبرايار : مررت بسرعة على تلك المرحلة وفي تصوري أن عناصرها سوف يزال عنها غموض الموجز النظري المقل، وتستوعب بسهولة عند ربطها بالأحداث والأشخاص... فها أنتم يا شباب الوعي الجديد تظهرون للناس أنكم من العظماء الذين يصلح عليهم ذلك التصنيف القائل : عظماء الناس يهتمون بالنظريات والأفكار، ودونهم ينشغلون بالأحداث، ودونهم يُفتتنون بالأشخاص، ودونهم يُلهيهم زخرف الدنيا كبريق الذهب أو جمال صورة فنية... وكان الافتتان بالأشخاص المهوسين بالرياسة من أسباب تدمير الشام والعراق قبيل الحرب العالمية الثالثة، غضبت شياطينها لما لم تجد هناك حطبا لها، فلقد دُمرت مدنا بكاملها، وهُجرت أحياء ومدن عن بكرة أبيها... فلم تجد نار الحرب وقودا لها هناك... والحرب كجهنم : {{... وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... الآية}} " التحريم / 6 " .
· أسرار تحالفات الفتح المبين:
فلما استعد شباب الوعي الجديد لمعرفة أسرار راية التحالف الفاتح لبيت المقدس، قال فبرايار مفصلا لمهمة الأمير: العلوم النفيسة "العلوية" هي الممهدة لحمل راية الفتوحات الميدانية، كراية فتح خيبر وراية هدم مسجد الضرار التي حملها الصحابي عمار بن ياسر، من حواريي الإمام علي الذين تشتاق إليهم الجنة. انبثقت من مسارارت فاطمة سيدة نساء الجنة، وإيماءات أختها في الكمال الروحي سيدتنا مريم عليهما السلام. ولقد لجأ نبينا صلى الله عليه وآله وسلم إلى وسائل الإيضاح الرباعي الذي نعضد بها كذلك نظرية التحيز الرباعي، ليحدثنا عن مكانتهما الكونية وكمالهما الروحي... وربط ذلك بوسائل إيضاح أكثر صراحة في حديث أصحاب الكساء وحديث المباهلة...
قال فبرايار : ولم ينل الأمير نصيبه من تلك الأسرار إلا بعد تدبر مصادرها الموثوقة ثم من تأويلها باستعمال مفاتيح نظرية التحيز الرباعي، ثم من تطبيقاتها الميدانية الصالحة للعصر. فهي خمسة أحاديث، نتعرف أولا على متنها، قبل ربطها بتفاصيل مهمة الأمير...
§ حديث الكاملات من النساء:
أخرج الإمام احمد وأبو يعلى والطبراني وابن عبد البر عن ابن عباس قال حط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط ، قال ما تدرون ما هذا ، فقالوا : { الله ورسوله اعلم فقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران } .
§ حديث المباهلة
المباهلة في اللغة هي الملاعنة، أي الدعاء بإنزال اللعنة على الكاذب من المتلاعنَين.، و البَهلةُ اللَعنة. و هي مشروعة، لإحقاق الحق و إزهاق الباطل، و إلزام الحجة من أعرض عن الحق بعد قيامها عليه، و الأصل في مشروعيتها آية المباهلة، و هي قوله تعالى : {{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }} " آل عمران : 61 " .
وكان سبب نزول هذه الآية وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران، أن النصارى حين قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية، فأنزل الله صدر هذه السورة ردا عليهم، كما ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار وغيره .
قال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران، ستون راكبا، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم يئول إليهم أمرهم، وهم : العاقب ، واسمه عبد المسيح ، والسيد ، وهو الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل ، وأوس بن الحارث وزيد ، وقيس ، ويزيد ، ونبيه ، وخويلد ، وعمرو ، وخالد ، وعبد الله ، ويحنس .
وأمر هؤلاء يئول إلى ثلاثة منهم، وهم : العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم ، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، والسيد وكان عالمهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم، وأبو حارثة بن علقمة وكان أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم، وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل، ولكنه تنصر، فعظمته الروم وملوكها وشرفوه، وبنوا له الكنائس ومولوه وأخدموه، لما يعلمونه من صلابته في دينهم. وقد كان يعرف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأنه وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة جيدا، ولكن احتمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما يرى [ من ] تعظيمه فيها ووجاهته عند أهلها .
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال : قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات: جبب وأردية، في جمال رجال بني الحارث بن كعب. قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم. وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوهم فصلوا إلى المشرق .
قال: فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب عبد المسيح، أو السيد الأيهم، وهم من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف أمرهم، يقولون : هو الله، ويقولون : هو ولد الله، ويقولون : هو ثالث ثلاثة. تعالى الله [ عن ذلك علوا كبيرا ] وكذلك قول النصرانية، فهم يحتجون في قولهم : " هو الله " بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طيرا وذلك كله بأمر الله، وليجعله آية للناس .
ويحتجون في قولهم بأنه ابن الله، يقولون : لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد بشيء لم يصنعه أحد من بني آدم قبله .
ويحتجون في قولهم بأنه ثالث ثلاثة، بقول الله تعالى : فعلنا، وأمرنا، وخلقنا، وقضينا، فيقولون : لو كان واحدا ما قال إلا فعلت وقضيت وأمرت وخلقت، ولكنه هو وعيسى ومريم وفي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن .
فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسلما " قالا قد أسلمنا. قال : " إنكما لم تسلما فأسلما " قالا بلى، قد أسلمنا قبلك. قال : " كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا، وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير " . قالا فمن أبوه يا محمد ؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فلم يجبهما، فأنزل الله في ذلك من قولهم، واختلاف أمرهم، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها .
ثم تكلم ابن إسحاق على التفسير إلى أن قال : فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله، والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه ، دعاهم إلى ذلك ، فقالوا : يا أبا القاسم ، دعنا ننظر في أمرنا ، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه ، فانصرفوا عنه ، ثم خلوا بالعاقب ، وكان ذا رأيهم ، فقالوا : يا عبد المسيح ، ماذا ترى ؟ فقال : والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم ، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم ، فإن كنتم [ قد ] أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم .
فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا أبا القاسم ، قد رأينا ألا نلاعنك ، ونتركك على دينك ، ونرجع على ديننا ، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا ، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا ، فإنكم عندنا رضا .
قال محمد بن جعفر : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين " ، فكان عمر بن الخطاب يقول : ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ ، رجاء أن أكون صاحبها ، فرحت إلى الظهر مهجرا ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سلم ، ثم نظر عن يمينه وعن يساره ، فجعلت أتطاول له ليراني ، فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح ، فدعاه : " اخرج معهم ، فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه " . قال عمر : فذهب بها أبو عبيدة ، رضي الله عنه .انتهى الاقتباس عن ابن إسحاق.
وعن المباهلة أيضا، روى الحاكم في مستدركه عن جابر قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب ، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة . قال : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيئا وأقرا بالخراج ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي بعثني بالحق لو قالا لا لأمطر عليهم الوادي نارا " قال جابر : فيهم نزلت ( ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) قال جابر : ( وأنفسنا وأنفسكم ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ) وأبناءنا ) : الحسن والحسين ( ونساءنا ) فاطمة .
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه، ثم قال : صحيح على شرط البخاري ومسلم ، ولم يخرجاه .
وفي كتب التفسير، ما يوضح الروايات. [2]
§ حديث مناظرة علي كرم الله وجهه للجاثليق ( الكاثوليك ):
وهو حديث طويل عجيب، دونه سلمان الفارسي وما أدراك ما سلمان! نورد مقدمته بعد حين، ونضع نصه كاملا في الهامش تلبية لطلب شباب جوبر المستبصرين.
§ حديث فاطمة :
عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن فاطمة الزهراء (ع) بنت رسول الله (ص) ، قال : سَمِعتُ فاطمة الزهراء عَلَيهَا السَّلامُ بِنتِ رسول الله (ص) أَنِّها قالَت:
" دَخَلَ عَلَيَّ أبي رسول الله (ص) فِي بَعضِ الأيَّامِ فَقَالَ : أَلسَّلامُ عَلَيكِ يا فاطمة، فَقُلتُ : وَ عَلَيكَ السَّلامُ ، قالَ: إنّي أَجِدُ في بَدَني ضَعفاً ، فَقُلتُ لَهُ : أُعِيذُكَ باللهِ يا أَبَتاهُ مِنَ الضَّعفِ فَقَالَ: يا فاطمة إِيتيني بِالكِساءِ اليَمانِيِّ فَغَطّينِي بهِ.
فَأَتَيتُهُ بِالكِساءِ اليَمانِيِّ فَغَطّيتُهُ بِهِ وَ صِرتُ أَنظُرُ إِلَيهِ وَ إِذا وَجهُهُ يَتَلَألَأ كَأَنَّهُ البَدرُ فِي لَيلَةِ تمامِهِ وَ كَمالِهِ ، فَما كَانَت إِلاّ ساعَةً و إذا بوَلَدِيَ الحسن قَد أَقبَلَ وَ قالَ : السَّلامُ عَلَيكِ يا أُمّاهُ ، فَقُلتُ : وَ عَلَيكَ السَّلامُ يا قُرَّةَ عَيِني وَ ثَمَرَةَ فُؤادِي ، فَقالَ : يا أُمّاهُ إِنّي أَشَمُّ عِندَكِ رائِحَةً طَيِّبَةً كَأَنَّها رائِحَةُ جَدِي رسول الله (ص)، فَقُلتُ : نَعَم إِنَّ جَدَّكَ تَحتَ الكِساء ، فَأَقبَلَ الحسن نَحوَ الكِساء وَ قالَ : السَّلامُ عَلَيكَ يا جَدَّاهُ يا رسول الله أَتَأذَنُ لي أَن أَدخُلَ مَعَكَ تَحتَ الكِساءِ ؟ فَقالَ : وَ عَلَيكَ السَّلامُ يا وَلَدِي وَ يا صاحِبَ حَوضِي قَد أَذِنتُ لَكَ ، فَدَخَلَ مَعَهُ تَحتَ الكِساءِ.
فَما كانَت إِلاّسَاعَةً وَ إِذا بِوَلَدِيَ الحسين (ع) أَقبَلَ وَ قال : السَّلامُ عَلَيكِ يا أُمّاهُ ، فَقُلتُ : وَ عَلَيكَ السَّلامُ يا قُرَّةَ عَيِني وَ ثَمَرَةَ فُؤادِي ، فَقالَ : يا أُمّاهُ إِنّي أَشَمُّ عِندَكِ رائِحَةً طَيِّبَةً كَأَنَّها رائِحَةُ جَدِي رسول الله (ص)، فَقُلتُ: نَعَم إِنَّ جَدَّكَ وَ أَخاكَ تَحتَ الكِساءِ ، فَدَنَا الحسين (ع) نحوَ الكِساءِ وَ قالَ : السَّلامُ عَلَيكَ يا جَدَّاهُ يا مَنِ أختارَهُ اللهُ ، أَتَأذَنُ لي أَن أَكونَ مَعَكُما تَحتَ الكِساءِ؟ فَقالَ : وَ عَلَيكَ السَّلامُ يا وَلَدِي وَ يا شافِع أُمَّتِي قَد أَذِنتُ لَكَ ، فَدَخَلَ مَعَهُما تَحتَ الكِساء، فَأَقبَلَ عِندَ ذلِكَ أَبو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ وَ قال : أَلسَّلامُ عَلَيكِ يا بِنتَ رسول الله، فَقُلتُ : وَعَلَيكَ السَّلامُ يا أَبَا الحَسَن وَيا أَمِيرَ المُؤمِنينَ. فَقالَ : يا فاطمة إِنّي أَشَمُّ عِندَكِ رائِحَةً طَيِّبَةً كَأَنَّها رائِحَةُ أَخي وَ ابِنِ عَمّي رسول الله، فَقُلتُ : نَعَم ها هُوَ مَعَ وَلَدَيكَ تَحتَ الكِساءِ، فَأقبَلَ عَلِيٌّ نَحوَ الكِساءِ وَقالَ : السَّلامُ عَلَيكَ يا رسول الله أَتَأذَنُ لي أَن أَكُونَ مَعَكُم تَحتَ الكِساءِ؟ قالَ لَهُ وَ عَلَيكَ السَّلامُ يا أَخِي وَ يا وَصِيّيِ وَ خَلِيفَتِي وَ صاحِبَ لِوائِي قَد أَذِنتُ لَكَ ، فَدَخَلَ عَلِيٌّ تَحتَ الكِساءِ.
ثُمَّ أَتَيتُ نَحوَ الكِساءِ وَ قُلتُ : السَّلامُ عَلَيكَ يا أبَتاهُ يا رسول الله أَتأذَنُ لي أَن أَكونَ مَعَكُم تَحتَ الكِساءِ؟ قالَ : وَ عَليكَ السَّلامُ يا ابِنتِي وَ يا بَضعَتِي قَد أَذِنتُ لَكِ ، فَدَخَلتُ تَحتَ الكِساءِ، فَلَمَّا إكتَمَلنا جَمِيعاً تَحتَ الكِساءِ أَخَذَ أَبي رسول الله بِطَرَفَيِ الكِساءِ وَ أَومَأَ بِيَدِهِ اليُمنى إِلىَ السَّماءِ و قالَ : أَللّهُمَّ إِنَّ هؤُلاءِ أَهلُ بَيتِي و خَاصَّتِي وَ حَامَّتي لَحمُهُم لَحمِي وَ دَمُهُم دَمِي يُؤلِمُني ما يُؤلِمُهُم وَ يُحزِنُني ما يُحزِنُهُم أَنَا حَربٌ لِمَن حارَبَهُم وَ سِلمٌ لِمَن سالَمَهُم وَ عَدوٌّ لِمَن عاداهُم وَ مُحِبٌّ لِمَن أَحَبَّهُم إنًّهُم مِنّي وَ أَنا مِنهُم فَاجعَل صَلَواتِكَ وَ بَرَكاتِكَ وَ رَحمَتكَ و غُفرانَكَ وَ رِضوانَكَ عَلَيَّ وَ عَلَيهِم وَ اَذهِب عَنهُمُ الرَّجسَ وَ طَهِّرهُم تَطهِيراً.
فَقالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يا مَلائِكَتي وَ يا سُكَّانَ سَماواتي إِنّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنَّيةً وَ لا أرضاً مَدحيَّةً وَ لا قَمَراً مُنيراً وَ لا شَمساً مُضيِئةً وَ لا فَلَكاً يَدُورُ وَ لا بَحراً يَجري وَ لا فُلكاً يَسري إِلاّ في مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الخَمسَةِ الَّذينَ هُم تَحتَ الكِساء، فَقالَ الأَمِينُ جِبرائِيلُ : يا رَبِّ وَ مَنْ تَحتَ الكِساءِ؟ فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ : هُم أَهلُ بَيتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعدِنُ الرِّسالَةِ هُم فاطِمَةُ وَ أَبُوها ، وَ بَعلُها وَ بَنوها ، فَقالَ جِبرائِيلُ : يا رَبِّ أَتَأذَنُ لي أَن أَهبِطَ إلىَ الأَرضِ لأِكُونَ مَعَهُم سادِساً ؟ فَقالَ اللهُ : نَعَم قَد أَذِنتُ لَكَ .
فَهَبَطَ الأَمِينُ جِبرائِيلُ وَ قالَ : السَّلامُ عَلَيكَ يا رسول الله، العَلِيُّ الأَعلَى يُقرِئُكَ السَّلامَ وَ يَخُصُّكَ بِالتًّحِيَّةِ وَ الإِكرَامِ وَ يَقُولُ لَكَ: وَ عِزَّتي وَ جَلالي إِنّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنيَّةً و لا أَرضاً مَدحِيَّةً وَ لا قَمَراً مُنِيراً وَ لا شَمساً مُضِيئَةً و لا فَلَكاً يَدُورُ و لا بَحراً يَجري و َلا فُلكاً يَسري إِلاّ لِأجلِكُم وَ مَحَبَّتِكُم و َقَد أَذِنَ لي أَن أَدخُلَ مَعَكُم ، فَهَل تَأذَنُ لي يا رسول الله ِ ؟ فَقالَ رسول الله: وَ عَلَيكَ السَّلامُ يا أَمِينَ وَحيِ اللهُ، إِنَّهُ نَعَم قَد أَذِنتُ لَكَ، فَدَخَلَ جِبرائِيلُ مَعَنا تَحتَ الكِساء، فَقالَ لأِبي : إِنَّ اللهَ قَد أَوحى إِلَيكُم يَقولُ: ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾.
فَقالَ : عَلِيٌّ لِأَبِي : يا رسول الله أَخبِرنِي ما لِجُلُوسِنا هَذا تَحتَ الكِساءِ مِنَ الفَضلِ عِندَ اللهِ؟ فَقالَ النَّبيُّ (ص): وَ الَّذي بَعَثَنِي بِالحَقِّ نَبِيّاً وَ اصطَفانِي بِالرِّسالَةِ نَجِيّاً ما ذُكِرَ خَبَرُنا هذا فِي مَحفِلٍ مِن مَحافِل أَهلِ الأَرَضِ وَ فِيهِ جَمعٌ مِن شِيعَتِنا وَ مُحِبِيِّنا إِلاّ وَ نَزَلَت عَلَيهِمُ الرَّحمَةُ وَ حَفَّت بِهِمُ المَلائِكَةُ وَ استَغفَرَت لَهُم إِلى أَن يَتَفَرَّقُوا فَقالَ عَلِيٌّ (ع) : إذَاً وَاللهِ فُزنا وَ فازَ شِيعَتنُا وَ رَبِّ الكَعبَةِ .
§ نسبة العترة من البيت المعمور
أقسم علي كرم الله برب الكعبة، ولها من الرموز[3] ما كشفت عنه نظرية التحيز الرباعي. أركانها كانوا هم أوتاد الكون في زمانهم : وتد المشرق: سيدنا الحسين، ووتد المغرب: سيدنا الحسن، ووتد الجنوب: سيدنا علي، ووتد الشمال: سيدتنا فاطمة...
ومجدد القرن لا يكون حاملا لراية فتح القدس إلا بإرساء تلك الأوتاد من جديد...
v وتد في الشمال يساهم في اكتشاف سر سيدتنا فاطمة وسر العذراء مريم عليهما السلام؛
v وتد في الجنوب يحيي مدد الحكمة اليمانية التي لا تتاح إلا لأهل الفهم العلوي نسبة إلى علي كرم الله وجهه؛
v وتد في المشرق يجدد للقومة الحسينية ما يجعلها ظاهرة بالسلطان والقرآن؛
v وتد المغرب يرد الاعتبار لأبناء حام من أفارقة وأمازيغ وأقباط في العالم الجديد والعالم القديم. وهي الشعوب التي لها سابقة في رد الاعتبار للعترة، لما أقامت لهم دولة الأدارسة ودولة الفاطميين... والتاريخ يعيد نفسه ... ذلك تدبير العزيز الحكيم.
§ إحياء سنة المباهلة
وعند تمام تحصيل هذه المفاتيح، يكون المقتحم للمهمات الخارقة مؤهلا لإحياء سنة المباهلة. ولا يجريها إلا مع نصارى الجنوب فقط. أما نصارى الشمال فأمرهم مغاير، سوف نذكره في أمر مسجد الضرار.
والحذر الحذر أن يترك باب المباهلة مفتوحا على عواهنه يلجأ له فقهاء المذاهب من أهل القبلة... فهذا لا يستقيم أمره لأن عقلاء المذاهب يحذرون سوء الظن والتكفير...
وهكذا سوف يفرح المسلمون برجوع نصارى الجنوب إلى الحق المبين فيبنى تحالفهم معهم لنصرة دين الحق كما كان في عهد السيد والعاقب ومن قبل النجاشي والمقوقس.
§ مساجد الضرار في عصر القومة، ومناظرة الكاثليك:
أما نصارى الشمال فأمرهم لا يمكن عقده أو حله إلا بعد تحرير عقول المسلمين من ثقافة الضرار... تطورت مع العصور فأنتجت فقها أمويا اغتصب السنة وحشرها معه في مذهب التكفير والنصب.
وتفاصيل قصة الضرار وردت في كتب التفسير للآية 107 وما بعدها من سورة التوبة: {{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}} " التوبة: 107"، وردت القصة بسند صحيح ، في تفسير ابن كثير. [4]
فإن أردنا تنزيل ذلك الحدث على واقعنا، ربما كان أبلغ تعبير له ما نقرأ في موضوع عنوانه : مسجد الضرار مؤامرة تتكرر [5].
ونزيد في هذا الفهم الشائع عند أهل السنة ونقول: من دمشق ظهرت فتنة تأليه سيدنا عيسى ومنها سوف تزول. من دمشق ظهرت فتنة النصب وبغض آل البيت ومنها سوف تزول...
من ملك حقيقة مفاتيح دمشق كان من السابقين لتدبير أمر تحالف النصارى مع المسلمين، وتدبير عمل تدمير مساجد الضرار، التي تأوي النواصب الجدد، يتوثبون للقضاء على العترة ودولتهم الظاهرة بالسلطان والقرآن ، بمساعدة ممثل الدجال المسيطر على القدس في هذا الزمان...
ومن تلك المفاتيح أيضا مفاتيح الكلم المداوي لكلوم العرب ، وكلوم الضالين من نصارى الجاثليق... وهي الفوائد التي يحصل عليها من له اطلاع على مناظرة سيدنا علي كرم الله وجهه لوفد نصارى الروم الكاثوليك، لما عجز غيره من الصحابة في إقحامهم بكلم الحجة والمنطق السليم.
ومناظرة سيدنا علي لوفد الكاثوليك، دونها لنا الصحابي الجليل سلمان الفارسي الذي ألحقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأهل بيته، في فترة منع فيه الخلفاء تدوين الحديث... جاء في مقدمتها:
روي بإسناد مرفوع إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال: " كان من البلاء العظيم الذي ابتلى الله عز وجل به قريشاً بعد نبيّها صلّى الله عليه وآله ليعرّفها أنفسها، ويخرج شهاداتها عمّا ادّعته على رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد وفاته، ودحض حجّتها وكشف غطاء ما أسرّت في قلوبها، وأخرجت ضغائنها لآل الرسول صلّى الله عليه وآله، أزالتهم عن إمامتهم وميراث كتاب الله فيهم، ما عظمت خطيئته، وشملت قضيته، ووضحت هداية الله فيه لأهل دعوته وورثة نبيّه صلّى الله عليه وآله وأنار قلوب أوليائهم، وعمّهم نفعه، وأصابهم بركاته انّ ملك الروم لما بلغه خبر وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وخبر اُمّته واختلافهم في الاختيار عليهم، وتركهم سبيل هدايتهم، وادّعائهم على رسول الله صلّى الله عليه وآله انّه لم يوص إلى أحد بعد وفاته، واهماله إيّاهم يختاروا لأنفسهم، وتوليتهم الأمر بعدهم الأباعد من قومه، وصرف ذلك عن أهل بيته وورثته وقرابته، دعا علماء بلده واستفتاهم، فناظرهم في الأمر الذي ادّعته قريش بعد نبيّها صلّى الله عليه وآله، وفيما جاء به محمد صلّى الله عليه وآله. فأجابوه بجوابات من حججهم على انّه محمد صلّى الله عليه وآله، فسأل أهل مدينته أن يوجههم إلى المدينة لمناظرتهم والاحتجاج عليهم، فأمر الجاثليق أن يختار من أصحابه وأساقفته، فاختار منهم مائة رجل، فخرجوا يقدمهم الجاثليق لهم، قد أقرّت العلماء له جميعاً بالفضل والعلم، متبحّراً في علمه، يخرج الكلام من تأويله، ويرد كلّ فرع إلى أصله، ليس بالخرق ولا بالنزق ولا البليد ولا الرعديد ولا النكل ولا الفشل، ينصت لمن يتكلّم، ويجيب إذا سئل، ويصبر إذا مُنع. فقدم المدينة بمن معه من أخيار قومه وأصحابه حتّى نزل القوم عن رواحلهم، فسأل أهل المدينة عمّن أوصى إليه محمد صلّى الله عليه وآله ومن قام مقامه، فدلّوه على أبي بكر، فأتوا مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله فدخلوا على أبي بكر وهو في حشدة من قريش، فيهم عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد، وعثمان بن عفان، وأنا في القوم. " . والحديث طويل ينظر إليه في الهامش[6]... لمن له قابلية الزيادة في العلم...
فتلك هي المفاتيح العلمية التي حصل عليها الأمير مطواع من خزائن الجود لتدبير خطة بناء تحالفات المسلمين مع النصارى المتحررين من بدعة بولوس الداعية إلى تأليه النبي روح الله وكلمته عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. وهي الخطة التي يسرت كذلك القضاء على بدعة النصب، بالقضاء على مساجد وجماعات ومماليك الضرار... كلهم تشتت شملهم وشمل من يرسم لهم الخطط من دجاجلة العصر...
II. أحداث مهمة " أجراس المنارة البيضاء":
يتبع في موعد آخر إن شاء الله...
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ.
{{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }} " الصافات: 180 ــ 182".
حرر بتاريخ 3 ربيع الأول 1436 موافق 25 دجنبر 2014
رباط الفتح، المغرب
محمد المهدي الحسني
[1] انظر ملحق الهوامش : الهامش رقم 1 :
https://docs.google.com/document/d/1UZFkPgRpWS3w-oJzTH2T1oXraWGw3B-y9eEgd2K1F9E/edit?usp=sharing
[2] انظر ملحق الهوامش : الهامش رقم 2
[3] أنظر ملحق الصور في الرابط :
https://drive.google.com/folderview?id=0B8sd1dqfZgcvZ29aYXB0Umc1bjg&usp=sharing
[4] انظر ملحق الهوامش : الهامش رقم 4
[5] انظر ملحق الهوامش : الهامش رقم 5
[6] انظر ملحق الهوامش : الهامش رقم 6.