بسم الله الرحمن الرحيم
حرب الفجار العالمية دقت ...
... ويل للعرب من شر اقترب
المحتوى :
من يزرع الريح يحصد عاصفة الخرف
حكمة الجاهلية الأولى خير لكم من تفكير "الخرفان"
أي بناة الحرب تختار يا غلام؟
سيناريوهات الحرب
الحرب دقت طبولها فمع من أنت يا غلام؟
يا أيها الغلام التائب ردد معي...
حرب الفجار العالمية دقت... ويل للعرب من شر اقترب
حرب الفجار العالمية على الأبواب إن لم تكن قد دخلت فعلا علينا الديار بعد تكسير الأقفال، أقفال الحدود والعهود وأعراف حسن الجوار والتعاون على القيم السامية. قبس نارها قدح من النار التي حرقت ذلك الطيار الصبار رحمة الله عليه. وكان إرهاصها الكبير غارة على عرب يمن الحكمة، حلفاء دولة العترة الظاهرة بالسلطان والقرآن في هذا الزمان. قتلوهم سجدا ركعا كما قتل الذين من قبلهم من خزاعة المتحالفة مع نبي الهداية صلى الله عليه وآله وسلم. فهرع شاعرهم من مكة إلى المدينة. وأنشد أمام رسول الله مستنجدا :
يَا رَبِّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا *** حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
إلى أن ذكر ظروف الغارة الغادرة، ربما أرادت "قريش التكفيرية" اليوم تكرارها لما قتلت مئات المصلين يوم الجمعة 20 مارس 2015، فقال:
هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا *** وَقَتَلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا
فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: { نُصِرْتُ يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ}. فما برح حتى مَرَّت عنانة في السماء، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذِهِ الْسَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ".
فكان الحدث المفجع سببا لأكبر فتح فى الإسلام فتح مكة المكرمة، بعد كسر شوكة قريش التى غدرت.
من يزرع الريح يحصد عاصفة الخرف:
فلما فشلت سياسة " ألقمه ذهبا " في إرشاء ضعيفي الذمم من مستكبري اليمن، تيقن " آل سعود وحلفهم أن الحكمة اليمانية قد تغلبت على رشاويهم ودمويتهم . مال الشعب المستضعف إلى التحالف مع دولة العترة، رأوا فيها تجديدا لسيرة أخيار آل البيت صدقا وعدلا ووقوفا مع الملهوفين، وما أكثرهم في يمن طالت فترة تفقيره وإذلاله.
ثارت ثائرة ممثلي يزيد لهذا العصر، لعنة الله على يزيد قاتل الحسين. فكان ما كان من فواجع القاعدة وداعش، كمأساة الجمعة المذكورة ومثلها كثير.
فلما رأى الحلف التكفيري أن مكرهم في تسخير داعش المتوحشة، جاء بنتائج مغشوشة، بلغ عندئذ حقدهم وغيظهم ذلك المستوى الذي يفقد الصواب... فانفجر بركان الغضب الذي يدمر الذات، فكانت "عاصفة الحزم".
فهو إذن خيار الحرب الشاملة على "الحثالة الحوتية"، كما ينعتها السفهاء من التكفيريين، فإما النصر عليهم وإما الانتحار في الانفجار... والانتحار نوعان :
· النوع الأول : انتحار شيخ مريض بمرض الخرف أو مرض الدبيلة التي ضربت المشاركين – ومنهم معاوية- في محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طريق رجوعه من تبوك، والقصة معروفة. فهذا مريض بلغت معاناته مع الألم الجسدي والنفسي حدا لا يطاق، فطبَّع مع الموت حين رآه أرحم من الألم الذي ينخر مخه الذي هو آلة تفكيره. وبما أن كل إناء ينضح بما فيه، بمعنى أن كل إنسان يظن تفكير الناس كلهم مثل تفكيره، صار يدعو الناس إلى الحرب المخلصة من الخرف... فالموت خير لهم من الحياة، مثلما يشعر به هو. فما حكم من أطاع هذا الساعي إلى الانتحار؟ ربما هو يخضع لظروف النفسية المطالبة بحق الفرد في الأوتانازي... هذا شأنه. لكن أن يجر أبناءه، وعشيرته، وعبيده، والناس أجمعين معه؟ هذا لعمري في القياس بديع!
· النوع الثاني: انتحار الخلف الذي يسير على هدي السلف: الجيل الجديد الذي نصبه العض والجبر الأموي ليمدد في عمر السفاحين الذين يشربون الشراب ويلعبون بالكلاب !!!
عن هؤلاء الأغيلمة سوف يدور حديثي... لعلي أجد منهم رجلا رشيدا. أما من أصابه الخرف، فلا كلام معه، فهو قد أمضى على الانتحار، وأشعل نار الحرب فشهد بدايتها ولن يشهد حتما نهايتها، أرداه مرضه النفسي فمضى إلى غايته من قدر { اقتلوا أنفسكم } الذي قُضي به للقوم الذين كانوا أولياءه. فشمله حكم {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) }} "سورة المائدة".
عسى الله أن يأتي بفتح يحرر من جديد جزيرة العرب من الهيمنة الصهيوتكفيرية. وعسى هنا تفيد قرب وقوع الخبر فهو آت لا محالة. لكن دونه عقبة حرب الفجار العالمية التي أشعلوا فتيلها بإيعاز من رعاة الهيكل.
حكمة الجاهلية الأولى خير لكم من تفكير الخرفان:
خطابي موجه إلى أمراء الحرب الشباب. أما الحديث مع الخرفان فلا أعتقد أنه يجدي نفعا... واعتذر لعلماء اللغة إن اخترعت هذه الصيغة من صيغ جمع التكسير لكلمة خرِف، في كلمة خرفان... من أجل الدلالة على معنى الخرَف، الهذيان، وعلى ذهنية القطيع الذي يكون تابعا إمعة، عند انتشار تعطل آلة الفكر، ولم يجبر بمشورة حكيمة. فيصاب أغلب المجتمع العربي كله بعدوى الزهايمر، ولو كانت الأدمغة سليمة منه ماديا. وأردت أيضا بصيغة جمع التكسير، تكسير هذه الظاهرة التي جلبت العار والدمار لأمتنا... لأن هذا السكوت العربي على الجريمة مريب ومزعج حقا.
فاقول بعد هذا التوضيح : أيها الفرسان الجدد، إن تناجيتم بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ورضيتم بإحياء مذهب النصب الأموي، وانشرح صدركم للغارة على خزاعة العصر، فأنتم قاب قوسين أو أدنى أن تلجأوا إلى شرب الشراب واللهو بالكلاب، لكي تغمسوا فيه همومكم، وتنسوا تأنيب الضمير على مناظر الحرقى والغرقى من الأطفال والنساء والشيوخ في اليمن...
أبدأكم بالتذكير بمن قبلكم من عشاق الحروب وفرسانها الذين والله لن تبلغوا مراتبهم في الفروسية ولو أفنيتم قبائل قحطان، وزد عليهم حتى ربيعة، وكذلك عبيدكم الذين اشتريتهم في سوق النخاسة...
قد جئتكم بالحكمة التي تأتي في حال الصحو، لا في حال السكر... حال السكر جعلت من فارس الفرسان امرئ القيس رجلا يعربد، ولكن لا يتخذ قرارا في حالة العربدة... أتوه بخبر مقتل أبيه وهو يعاقر الخمر، فقال قولته : " لا صحو اليوم ولا سكر غدا. اليوم خمر وغدا أمر". فصحى معنويا من غده لبقية عمره، صحوة جعلته يمضي بعيدا في شيم فرسان السيف والقلم. سيرته عبرة لمن يرفض الظلم، فينتقم من قتلة أبيه...لكنه في النهاية بعد صحوه المعنوي من الخمر ومن الثأر معا، وكلاهما يعطلان نور العقل، تركها لنا حكمة في تفضيل السلم على الحرب التي تفسد في الأرض وتقطع الأرحام. قال يصف حالة الحرب وحالة السلم:
الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً *** تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا *** عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ
شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ *** مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
قيل في شرح هذه الحكمة: يصف الشاعر الحرب عند اندلاعها، " تكون كالصبية الحسناء التي تتفجر أنوثة وفتنة، فيتهافت على خطب ودها العشاق، وتشرئب إليها الأحداق قبل الأعناق، حتى إذا تمكنت من القلوب وتيقنت من وقوع المفتونين بها في شراكها وشباكها، قذفتهم إلى هاوية مظلمة وتكشفت حقيقتها عن عجوز شمطاء كريهة المنظر قبيحة الرائحة".
فاعلم أيها الشاب المقبل على إشفاء الغليل من الدم والهدم، إحياءا لسنة السلف المغيرين غدرا على خزاعة، وأنت حديث الأسنانِ ، طموح الأحلامِ، أنك لا تملك حق سلب الحياة لمن لا يعتقد معتقدك في اتخاذ مذهب الكراهية والذبح والحرق دينا. إلا أن يكون من المعتدين الصائلين عليك. لأن ربك قضى أن {{ لا إكراه في الدين... الآية}} " البقرة- 256". ونهاك فقال: {{ لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}}.سورة الممتحنة.
وآيات المودة والقسط والبر، قطعا تتكلم على من هم ليسوا بمسلمين، فما بالك بمذاهب أهل البيت الذين لم يكفرهم أحد من الصحابة، بل التمس أكابر الصحابة وخيارهم تزكيتهم وترضيتهم. بعضهم من أجل الآخرة وبعضهم من أجل الدنيا، ليمضوا شيئا من قرارات عربدتهم ومن بقايا جاهليتهم... كإمضاء قرار التوريث للحكم الذي تولى وزره معاوية لسفيه "يشرب الشراب ويلهو بالكلاب" حسب شهادة الصحابة، سهل عليه أن يقترف أعظم ذنب في تاريخ المسلمين: قطع رأس الحسين رضي الله عنه، حفيد رسول الرحمة المهداة للعالمين، صلى الله عليه وآله وسلم.
سكر العقل في حال الفناء في الحسد والحقد والغضب، أو الوقوع تحت تأثير الأساليب الإيحائية في التسيير عن بعد، بعد غسيل الدماغ والشحن الطائفي والمذهبي، هذا نذير انتحار أمة إن تولى أمرها حديثو الأسنان سفهاء الأحلام ممن هم في مثل هذه السكرة يعمهون.
أي بناة الحرب تختار يا غلام؟
قاموس المعاني يقول بنات الصدر : همومه. وبنات الدهر : شدائده. ولا حرج في القياس والإتيان بحكمة امرئ القيس، ونجعل لك الخيار في بناة الحرب أو النساء اللواتي تأتيك الحرب في صورهن:
الصورة الأولى : عروس فاتنة فتية : تبرز للفارس المتحمس فقط في بداية الحرب. هل سوف ترجح الحكمة والعقل، بخيار الحرب الخاطفة، فتنهيها بأسرع مما بدأتها، وحينئذ تكون قد وعيت إن كنت نبيها ما قاله شاعرنا:
الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً *** تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
والرجوع إلى الحق فضيلة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ويسهل عليك التكفير عن ذنبك وتأدية المظالم إلى أهلها، بإعادة البناء وإعطاء الديات، لأنك البادئ بالهجوم على جارك، والأمر سهل إصلاح أعطابه، وكلفته لا تزال في متناول المعالجة.
الصورة الثانية : عجوز غير ذات خليل: هل سوف تغتر لأنك نجحت في شراء الذمم وتأليف القبائل كلها ضد أبناء قحطان، بالملايير التي نهبت من أموال الأمة، وأغريت بها حتى الروم كما أتيح لفارسنا في الجاهلية، قبل أن يكتوي بسعير الحرب فيشعر بالندم، ويستبدل عروسه بامرأة مكروهة غير ذات خليل:
حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا *** عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ.
ولربما شعرت حينها أيها الغلام الطامع في ملك العرب والعجم، بما شعر أبو سفيان لما جاء إلى المدينة يعتذر عما وقع لخزاعة... فلم يسعفه إلا الصادق في نصحه: سيدنا علي باب مدينة العلم... والقصة معروفة في كتب السيرة. فلربما وعيت أيها الغلام إنك إن عقدت العزم على تصالحك مع دولة العترة الموصى بها، يوشك أن يشملك عفو من سبقوك في كبيرة كره النبي وعترته...
سماحة العترة ربما تجددت لك عبرها سنة نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم. ذكرت كتب السيرة أنه " لما فتحت مكة ومكنه الله جل وعلا من رقاب المشركين، ووقفوا جميعا بين يديه ومصيرهم فى حروف تخرج من بين شفتيه، ولو أمر بتلك الرقاب أن يطاح بها ما عابه أحد، لكن صاحب القلب الكبير يقدم للبشرية لونا آخر من التصرف حين سألهم: «ما تقولون؟ وما تظنون؟»، قالوا: نقول ابن أخ وابن عم حليم رحيم -قالوا ذلك ثلاثا- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقول كما قال يوسف: ﴿لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين﴾»، فخرجوا كأنما نشروا من القبور، فدخلوا فى الإسلام. أخرجه البيهقى.
وفى رواية أنه قال لهم حين اجتمعوا فى المسجد: «يا معشر قريش، ما ترون أنى فاعل فيكم؟»، قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، صلى الله عليك يا رسول الله.
ولكنك يا غلام ربما فضلت رأي فقهاء السوء المكفرين الآخذين دينهم عن النواصب الذين لا دواء يجدي معهم، يضعفون كل حديث يطعن في الطلقاء الذين غصبوا السلطة، ولعنوا العترة على المنابر طيلة سبعين سنة، واغتالوا أو قطعوا الألسن، أو منعوا الأجرة عن كل من رفض لعن علي كرم الله وجهه...
فإن مال قلبك إلى دين النواصب واتبعت الدعاة على أبواب جهنم فذلك شأنك. ولا تلومن إلا نفسك إن طابت نفسك وزينت لك العجوز الشمطاء ... وهي الصورة الثالثة للهيجاء.
الصورة الثالثة : عجوز مكروهة للشم والتقبيل: ها أنت بدأت تشعر أنك تغرق في الرمال المتحركة، ملايين القتلى على ذمتك، وأضعافها من المعوقين والجرحى، ومدن بكاملها تحولت إلى ركام، ونفط هنا وهنا مشتعل، ووو ولربما عم وباء القنابل الجرثومية والنووية المكروهة للشم ... ولربما دخل ياجوج وماجوج لتأديب العرب ووو ... ولربما طال عمرك وأصابك الخرف أو مرض الدبيلة، عبارة عن الأشياء المكروهة للشم والتقبيل، فهي الصورة التي عبر عنها شاعرنا فقال عن آخر مراحل الحرب:
شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ *** مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
وحينها سوف ترجع إلى النهاية التي تنتظر كل مستكبر جبار : {{... حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) }} " سورة يونس ".
سيناريوهات الحرب:
وصور الحرب الثلاث أجملتها علوم الحرب العصرية في ثلاث سيناريوهات:
· سيناريو الحرب الخاطفة وهي حرب الأذكياء من بني إسرائيل يحققون النصر بأقل كلفة لهم - وبطبيعة الحال بأبهظ خسارة لأعدائهم - وفي أقصر مدة. ويختارون عدوا أخرقا، قصيرا حائطه، متخلفا في عسكريته، مخترقا جسده بجراثيم الجواسيس، يمكن هزمه بسهولة.
· سيناريو الحرب متوسطة المدة، ومنها الحرب العالمية التي لا تتعدى مدتها أربع سنين، وهي الحروب العصرية التي تتحكم فيها الضمائر التي لا تزال تنبض بشيء من الإنسانية والقيم الفطرية المتعارف عليها بين الأمم، عبر قوانين الحروب وحقوق الإنسان في السلم والحرب.
· سيناريو الحرب الجاهلية التي تطول مدتها فتدوم قريبا من جيل أو جيلين. يتيه القوم فيها أحيانا أربعين سنة في مآسي تدمير الذات بإهلاك الحرث والنسل والدم والهدم. لا يرعون فيها إلا ولا ذمة. فوضى عارمه يختلط فيها الحابل بالنابل... وغالبا ما تأتي إثرها المجاعة والطاعون والأوبئة الفتاكة من كل نوع، لتغسل الأرض من القوم الذين قال عز وجل في حقهم: {{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) }}. "سورة القصص".
فلما اكتشف العقلاء أن الحروب بأنواعها لا تحل مشكلا إلا في النادر بل تزيده تعقيدا، فضلوا عليها المنازلات السياسية عن طريق الانتخابات والحوار والشورى والعدل، وغيرها من الطرق الحضارية التي بشر بها الإسلام المحمدي العلوي البريء من التأويل الناصبي الأموي. وهو نفس التأويل الوهابي، الذي يقابل التلمود المزور للتوراة المنزلة على سيدنا موسى عليه وعلى نبينا السلام.
· إذن فهناك سيناريو رابع لتنظيم العلاقات البشرية سواء عبر ميثاق سلم، أو عبر معاهدات حلف، أو عبر عقود حرب. إنه بكل بساطة دين الإسلام الذي جاء به القرآن، ترجم دستورا للتعاون السلمي بين كل مكونات المجتمع المدني من يهود ومسلمين ومنافقين... واكتملت معالمه يوم نزلت آية {{... اليوم أكملت لكم دينكم ... الآية}}"من الآية 4 – المائدة".وجاء مجملا في خطبة حجة الوداع، وخطبة غدير خم التي توصي المسلمين بالتمسك بالخليفتين. القرآن والعترة.
الحرب دقت طبولها فإلى أي الحلفين يميل قلبك يا غلام؟
الحرب على إيران وعلى من تحالف معها، لم تبدأ بعاصفة الحزم... منذ فاتح إبريل 1979، تاريخ إعلان قيام دولة العترة الموصى بها في حديث الخليفتين - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إني تركت فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض}- ، منذ ذلك التاريخ، والسيف الوهابي / الأموي نازل على الهاشميين، من أجل القضاء عليها. فهي إذن حرب من النوع الثالث، في صورتها الجاهلية البشعة الطويلة الأجل- 36 عاما -:
شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ *** مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
غير أن صورتها الجاهلية الكريهة سوف تزداد بشاعة، ونتنا، وانتشارا، - ربما طيلة أربع سنين-، لتبلغ درجة العالمية. فهو تمام الأربعين سنة، المدة التي قلنا آنفا إنها مدة حروب الجاهلية. – {{... أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) }} سورة البقرة -.
درجة العالمية لا يمكن فهم الاستدراج إليها، إلا عبر مفاتيح نظرية التحيز... بدونها تبقى التحاليل والأبحاث والدراسات والتوقعات والاستشرافات مجرد لغو وثرثرة يشرق الناس فيها ويغربون بدون فائدة.
فكما توقعته النظرية، بلغت الحرب درجة العالمية بعد ظاهرتين استقطابيتين :
· تعزز السيف الوهابي / الأموي الغادر بسيف دولة الدجل الصهيوني، التي تسيطر على أمريكا وأوروبا، وهم من هم في امتلاك أسلحة الدمار الشامل... ولن يترددوا في استعماله كلما وجدوا أمامهم ضعفا... طبقا للعوائد الاستكبارية الامبريالية. لأنهم تحللوا من وازع شريعة الرسل، تأويلا أو تزويرا أو تعطيلا كما فعل عصاة بني إسرائيل بالتوراة فصارت تلمودا
· تعزز السيف الهاشمي المسالم بسيف إخوان سلمان الفارسي الذين لو كان العلم أو الإيمان معلقا في الثريا لبلغوه، حسب حديث النبي وتمجيد القرآن. إيمانهم بدولة العترة وتمسكهم بها ألحقاهم بأهل البيت كما قيل لسلمان " سلمان منا أهل البيت". وتوشك دولة السلطان والقرآن الظاهرة في هذا الزمان، أن تضم إليها كل محب للسلم غير معتد أثيم، كما هو حال روسيا والصين وغيرها من الدول الصاعدة. ولربما أبناء حام في أمريكا وإفريقيا سوف يدعمونها في ساعة العسرة، وما ذلك على الله بعزيز...
السيف الوهابي/ الأموي يريد فرض معتقد تكفير كل من لا يدين بمذهبه، ويعطي نفسه الحق في قتلهم بعد التكفير "ركعا سجدا"، وحرق أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وهدم بيوتهم ومساجدهم، بعد التحالف ضدهم مع كل الملل والنحل، وبعد شراء ذمم حكومات وجماعات وأحزاب ومنظمات وجمعيات، قاسمها المشترك إرضاء دولة ممثل الدجال في هذا الزمان. وهذا الحلف الفاجر شرع فعلا في ضرب "خزاعة الجديدة" حليفة العترة في اليمن التي لم تهجم على أحد... خارقا كل الشرائع والقوانين والأعراف الدولية، وتحت ذرائع واهية لا اعتبار لها شرعا أو عقلا، أو فطرة.
الحلف الهاشمي يعتقد أن من حقه التمسك بمذهبه ويرى أن من حقه قتال من يهجم عليه، ومن حقه الدفاع عمن تحالف معه مثلما فعل النبي مع خزاعة... ويقول لمن ظلمه هيهات منا الذلة رغم ما قاسينا من صدامكم وبعثكم ودواعشكم ونصرتكم... ورغم تحالفكم مع الشيطان ضدنا ورغم صواريخكم الكيماوية التي قصفت إيران وبوارجكم وطائراتكم المسخرة في حروب الخليج الماضية، من لدن أمريكا وأوروبا وإسرائيل.
ضاق إذن هامش المناورة على الحكومات والأحزاب والجماعات والأفراد المنتسبين للسنة، في مسألة الولاء والبراء وبناء التحالفات النافعة لأمة التوحيد... وبدت الحرب على اليمن كآخر محطة للتمحيص. لأن الأمر خطير، لا يجوز فيه التأخير، وبدا الأمر وكأنه تكرار لما وقع لعلي مع معاوية.
الفئة الباغية واضحة للعيان ولكن: " قلوبنا مع علي وسيوفنا مع معاوية". إنها رائحة النفط التي تسكر الولهان يا أخي... لكن ماذا لو اشتعل النفط فمستك ناره في الدنيا قبل الآخرة؟ أراك فقدت صوابك حتى صرت كمجنون ليلى قيل له قديما: "امضِ قيس امضِ، هل جئت تطلب ناراً أم جئت تشعل البيت نارا؟".
والزعيم العربي الذي يقبل الرشوة أو يبيع جيش الشعب للقتال مع حلف الفجار المخلد في النار لأنه قتل النفس التي حرم الله، ما حكم الشرع والطبع فيه يا فقهاء الإسهال الفتوي، الذي يصاب باللقوة والإمساك والحصر والعي لأنه هو أيضا ربما دوخته رائحة النفط ؟
وهناك من ليس له من النفط حتى رائحته، سكت عن الحق مجانا، فصار أخسر من الشيطان الأخرس، خسر الدنيا والآخرة.
ولربما سكوت الجماعات السنية المريب عن الفاجعة هو من هذا الصنف. تراهم يجيشون الأتباع في قضايا مستحبة، أو كمالية، ولا يحركون ساكنا في الواجب المؤكد مثل استنكار الغارة الظالمة التي تهلك الحرث والنسل في اليمن المستضعف الملهوف، وشجب مشاركة المغاربة والمسلمين عامة فيها. فكيف يأتينا نصر الله إن لم ننصره في مثل هذه النوازل والمواقف المبدئية المأمور بها شرعا وعقلا وعرفا وفطرة حتى عند الحيوان. ما هي مبررات السكوت عن الغارة الظالمة عل شعب لم يعتد على أحد؟ أهي زلة تكفير الزيدية، ورب عذر أكبر من زلة... فإذن هو كالسكوت على جرائم صدام في الماضي، يتكرر على أهل السنة، فغدا اجترارا وإصرارا على استجلاب أسباب الفشل الذي يلازم الحركة الإسلامية السنية. فلم تقم لها دولة إلا في صورة المسخ الداعشي التكفيري السفاح. حاولوا النفخ فيها لتضاهي دولة العترة وتحاربها، فلربما شعرت داعش بالمكيدة فانقلبت عليهم كما انقلب فرانكانشطاين على مخترعه. فلم يبق لهم لتنفيذ مهمة اغتيال الدولة الحسينية، إلا أن يتولوها بأنفسهم. والحمد لله رب العالمين.
ولربما الجماعات السنية صارت جميعها وهابية أموية تكفيرية، وفي هذه الحال لا يجوز لهم أن يشقوا عصا الطاعة عن داعش، فهي الدولة "السنية" السابقة التي يحق لها - حسب فقهها التكفيري-، أن تلغي كل دويلات الطوائف، وكل الجماعات، التي لم تبايع ولم تقاتل في صفها. أليس هذا من أحكام الفقه الوهابي الأموي الذي يقر إمامة المتغلب بالسيف بدون شورى، والتوريث، وبيعة المكره، وإعدام المخالف سواء كان محاربا أم مسالما وغيرها من الزلات التيمية الأموية، التي لا تمت بصلة مع الإسلام المحمدي، بالفهم العلوي المأمور به شرعا؟
وفي هذه الحال صار الوجود الوظيفي المستقل للإخوان مجرد مشوش ومعيق للوحدة السنية. وكما هو معلوم في علوم التطور الطبيعية، العضو الذي لا يقوم بوظيفته، يضمحل شيئا فشيئا إلى أن يختفي. كالمصران الزائد في معدة الإنسان الذي يذكر بالكيس المعدي الذي يستعمل في وظيفة الاجترار، اختفى لما ترقى الإنسان من طور المجترات إلى الطور الذي يليه. لكن الاجترار الفكري لا يزال ملازما للعقول البشرية التي تصر على الذنب وتسوف التوبة الفردية والجماعية.
فإن ادعت جماعة أنها ليست تكفيرية وهي بريئة من الفقه الأموي وما جلبه من انكسار تاريخي... الخ، فلم لا تتحالف مع دولة العترة التي سبقت في الظهور، وتقوم بالقسط لتستنكر هذا الهجوم الظالم عليها، وعلى كل من تحالف معها كما فعل النبي في نصرة خزاعة؟
فلزم الأمر أن يحذر الإنسان أن يكون قد استدرج للدعوة إلى نفسه، وجماعته وحزبه... لا إلى الحق والصواب الذي لا يحابي أحدا. ربنا شرع لنا من الدين ما يهتدي به الإنسان سبيل النجدين، ثالثهما في الدرك الأسفل من النار... وترك لنا الخيار، إذ لا إكراه في الدين. ولا سبيل للتهرب من الأمانة والمسؤولية، وإلا سقط المتملص في الدرك الأسفل من النار، الذي يجازي النفاق والمراوغة والسكوت عن الحق...
فيا أيها الغلام التائب ردد معي:
اللهم إني أبرأ إليك مما اقترف في بلاد المسلمين أولئك البغاة من آل سعود وشركائهم، وأبرأ إليك أن أكون شريكا أو معينا لهم، أو راضيا أو ساكتا عنهم في بغي أو قتل أو حرق أو هدم أو فساد في الأرض، أو إهلاك للحرث والنسل...
اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعاً، اللهُ أعَزُّ مِـمَّا أخَافُ وأحْذَرُ، أعُوذُ باللـهِ الذِي لَا إِلَهَ إلاَّ هُوَ، الـمُمْسِكِ السَّـمَواتِ السَّبْعِ أنْ يَقَعْنَ عَلَى الأرْضِ إِلاَّ بإذْنِهِ، مِنْ شَرِّ الطغاة البغاة قتلة الصبيان والنساء وسائر النفوس التي حرم الله بدون حق، وُجُنُودِهِم وَأتْبَاعِهِم وأشْيَاعِهِم، مِنَ الجِنِّ والإنْسِ، اللَّهُمَّ كُنْ لنا جَاراً مِنْ شَرِّهِمْ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَعَزَّ جَارُكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ: وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ "
حرر برباط الفتح، بتاريخ 02 إبريل 2015
محمد المهدي الحسني