محمد المهدي الحسني
قصة
فبرايار والسبعة رجال في سجن بادوش
9 محرم 1436 ــــ 2 نونبر 2014
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة
فبرايار مع السبعة رجال في سجن بادوش
أحاديث منتدى الغرابة
حكايات من نسج الخيال
بسم الله الرحمن الرحيم
لاحظ الشباب المتتبع لجلسات منتدى الغرابة، أن فبرايار لم يكن حاضرا في آخر مجلس لهم. وهو المجلس الذي استمع فيه الناس إلى قصة " خلوة الأمير مطواع في حضرة الشيخ مناع". انتشرت شائعة بينهم كما تنتشر الموجة في البوق: " لقد سافر فبرايار إلى الموصل لتهيئ لقاء السبعة رجال في جبل " أرياندران ". ثم نفخ في الصور شائعة أخرى انتقلت بسرعة البرق إلى شاشات الصحف المطويات التي عوضت لوحات الأيباد الإليكترونية منذ سنة 2040: " لقد رجع فبرايار إلى الديار ليشارك في زمن الظهور". وزاد بعضهم في الخبر ما ألقي في أمنيته: سوف يظهر فبرايار بعد الغيبة ليروي تفاصيل مهمته الأخيرة. فكان كما تمناه الشباب ذلك المجلس الذي صادف لقاء التحضير ليوم العزاء الحسيني. فهو اليوم الرابع لشهر محرم من سنة 1477 الموافق لليوم السابع من اغسطس 2056.
ترك الشيخ مداوي كلوم العرب فبرايار في منصة البروز تحت أضواء اللاقطات اللازيرية الناشرات لفقرات المنتدى عبر القنوات اليونوسفيرية. ذلك بعد أن قدم للمجلس بآيات من الذكر الحكيم تناسب ما يأمل أن يظهره الله من فوائد في المجلس. رتل بصوت تتخلله غصة الحزن والأسى على مقتل سيدنا الحسين وسبي سيدتنا زينب وذرية نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله. تلا قوله تعالى: {{ أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون}} النمل: 62 ". ثم قال: شائعات كثيرة انتشرت بينكم يا شباب الطفرة حول أسباب غياب فبرايار. وهي شائعات محمودة تؤكد مدى التلاحم والتآخي الذي نسجته المحبة بينكم. والشائعات سلاح فتاك أخطر من السلاح النووي، يستعمل بكفاءة عند الأذكياء سواء في حالة السلم أو في حالة الحرب. تعلمون الآن دورها في اندلاع الحرب العالمية الثالثة. وقبيل الحرب، لا يخفى عليكم ما كان لها من أثر حاسم في هروب جيش قوامه مائة ألف أو يزيدون، أمام زحف العشرات من جند داعش في صيف 2014. والشائعات أصناف: منها شائعات مذمومة ومنها شائعات محمودة ومنها شائعات محايدة. ومن هذا الصنف الأخير ما تناقلتم من أخبار عن أخيكم فبرايار. غاب عنا حتى اشتقنا لسماع قصصه التي تحيي فينا عبادة التفكر في صنع الله في العوالم المختلفة التي لا يدوم حالها زمانين... فليتفضل مشكورا لإفادتنا بما هو صالح للمزاج العام الساري حكمه في العالمين في هذا الزمان...
فلما ظهر فبرايار للناس في شاشات اليونسفير وفي قاعة المحاضرات في مؤسسة ابن السبيل التابعة لمنتدى الغرابة، قام له الشباب قومة تقدير وإجلال كما قاموا للأمير مطواع في القصة الماضية. فشكرهم، وحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه وعلى آله ثم قال: الشائعات الساريات الفاعلات في ملك الله ما يشاء، ستكون محور أخباري في هذا المجلس الذي نسأل الله أن يكون من المجالس الباعثة لعبادة التفكر والاعتبار، والداعية للعمل الصالح الخالص لوجه لله، الساعي لوحدة المسلمين.
هي ذكريات لي من الفترة التي كانت قبيل الحرب العالمية الثالثة. تلك النقمة الكبرى الذي جعل الله في طيها نعمة، نعمة ظهور دولة السلطان والقرآن لهذا الزمان. كان لي فيها مهمة سابقة إلى بلاد المشرق، أنا وفتى اسمه " الحاذق "، كلفتنا فيها مؤسسة الحزين، بمهمة سموها "كاروخ" وهو الاسم السري الذي أطلقوه على "لقاء السبعة رجال، في جبل أرياندران"...
كنا في طريقنا إلى جبل " أريندران " على صهوة المسراء فوق جبل" كاروخ "، لما لاحظنا أننا فقدنا السيطرة على جهاز قيادة مركبتنا الهبائية. فظننا برهة أن علماء الثريا من فارس، خبراء تقنيات الرادار المتقدمة، هم الذين سيطروا على قيادة المسراء حماية لأجواء الناحية من الغزاة. فلم نكترث للأمر لأن هؤلاء أحبابنا، ورؤساؤهم على علم بمهمتنا. ومكثنا سابحين إلى أن استوى مسراؤنا على الجودي، وهو أقرب جبل كنا على سمته... لكن لم نكد نترجل من المركبة لانتظار الجديد في خارطة الطريق من مهندسي الثريا، حتى خرجت من حفر الأرض زمرة من قطاع الطريق. أحاطوا بنا مشهرين أسلحة مكتوب عليها "صنع في الخُبَر". استولوا على مركبتنا ولوازم سفرنا، واقتادونا أسيرين مكبلين إلى سجن " بادوش " في الموصل. فضحكت مع نفسي وقلت لها أين أنت يا نفيسة من فاجعة أسرى يزيد لعنة الله عليه ؟ زجرتها لأن كل مصيبة تهون أمام الذكرى الموجعة...
مكثنا في ضيافة القوم الذين يَسْجنون بالشبهة، ويَقتلون بالظنة، أياما وليالي ننتظر ما سيفعل الله بنا. وكان الانتظار شاقا مؤلما أثار صداع أضراس صاحبي. فكنت أتألم لألمه، ولم تكن لي من مواساة سوى أننا كنا في صحبة أطياف أرواح السبعة رجال، الذين جئنا من أجلهم في المهمة السرية التي كلفتنا بها مؤسسة الحزين. وفي كنف تلك الصحبة، وظرف تلك المنحة، اعتبرت نفسي كمن عمل قليلا وأجر كثيرا. فكنت أقول لهم: " اعتبروني كالزائد على عدد أصحاب الكهف والرقيم!"، وكانوا يتندرون بذلك التواضع، ويعتبرونه سببا لرقي المرتبة في أدبياتهم التي تطبق فعلا قانون "من تواضع لله رفعه".
طرحنا السجانون في حفرة من حفر المعتقل الرهيب، لا يفصلنا عن الأسمنت سوى أغطية رقيقة متسخة لا تقي برد وبلل شهر يناير. فاتخذنا من أبواب بعض الخرائب المحيطة بنا أسرة نستقر عليها طلبا للدفء والجفاف.
فقلت لنفسي: عليك أن تستعدي لمحنة السجن أحسن استعداد لإرجاعها منحة. فبادرت بتجزئ حفظ كتاب الله. وعزمت على تلقي العلم في مدرسة السبعة رجال المتروحنين الذين بعثهم إمام اليسار، بغية حصولهم على علم تأويل الأحاديث والأحداث، في مدرسة يوسف عليه وعلى نبينا السلام، وهو العلم اليوسفي الضروري لبلوغ مراتب الاستخلاف. وزدت في مواساة نفسي قائلا: فإن كان هذا هو برنامجك من يوم المؤمن وليلته، فلسوف تمر أيام الأسر، كأسرع ما مرت فيه نومة أصحاب الكهف والرقيم. وكذلك اطمأنت نفسي وقبلت ما كان في الغيب مقضيا.
وبعد السكينة والاطمئنان، تتابعت المبشرات والهدايا من العوالم الموازية والمتعددة الأبعاد. بُعث لنا من عالم البرزخ، طيف روح نسب نفسه إلى فارس من الموصل من فرسان السيف والقلم، مر بتجربة الأسر في بلاد الروم. جاء للتفريج علينا من كرب السجن المرير، وهو الخبير في وسائل ذهاب الغم عن الأسير. وسائل مجربة ترجع السجن روضة فيحاء من رياض الشعراء المكثرين من شذى الأذكار، السابحين في جنان المعاني والأفكار.
وكان أيضا في المجمع البرزخي طيف روح شيخ رزين، قدم نفسه أنه كان "راهب دير قنسرين".
وجاءنا كذلك من تلك العوالم المخفية صحابي من الأنصار، لينفس عنا ما لحقنا من النواصب من أضرار، ومن أهل الشقاق والنفاق، الذين طغوا في العراق...
فكان من الطبيعي أن نبتدئ بما هو سنة سارية في مجمع الرجال: سنة التعارف، سعيا وراء التآلف، لمواجهة ظروف السجن المرعبة.
فقدمنا أكبرنا سنا للتعريف بنفسه. فقال: ربما علمتم بأخبار صحابي من الأنصار، كان من خبراء النبي صلى الله عليه وسلم في الكشف عن مؤامرات الأشرار. وكان يعاني كلما تبرم عنه النبي وأحب عدم تصديقه، تجنبا للحكم بالشبهة والأخذ بالظنة. لكن الوحي يصدق الصحابي كل مرة، فيقبل عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بطلعته النيرة الراضية، فيبشره بذلك، فيزداد الصحابي محبة لله ولرسوله وللمؤمنين. فأنا طيف روح ذلك الصحابي الأنصاري، أنا زيد بن أرقم إن كنتم تذكرون. كنت بعد واقعة كربلاء في سن الشيخوخة، ولما جيء بسبايا أهل البيت، وأدخلوا إلى قصر ابن زياد، وضع رأس سيد الشهداء أمام ابن زياد وبيده قضيب يضرب على ثناياه، أنكرت عليه هذا الفعل وقلت: "ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما ما لا أُحصيه يقبّلهما، ثم انتحبت باكيا ونهضت من بين يديه وصرت إلى بيتي" (بحار الأنوار 45: 116، إثبات الهداة 5: 188).
قال فبرايار: ثم أن طيف روح الصحابي زيد بن أرقم ذكرنا بما وثقته الروايات في الموضوع (أعيان الشيعة 7: 87) فقال: حينما كانوا يدورون برأس الحسين في أزقة الكوفة: كنت جالسا في غرفة، ولما وصل الرأس أمامي سمعته يتلو الآية الشريفة: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} " سورة الكهف: 9 ".
قال فبرايار : بينما أنا في معاناة حزني على فاجعة كربلاء، لم استطع أن أرد استفهاما صدر من بين جوانحي يقول: ما السر في قراءة رأس الحسين للآية التاسعة من سورة الكهف على وجه الخصوص دون غيرها من السور...؟
فكأن الطيف الكريم التقط سؤالي فأجاب: من بين أئمة زمانكم إمام اسمه محمد السند، طرح عليه ذلك السؤال فأجاب وأفاد: السر في قراءة الحسين عليه السلام الآية (9) من الكهف : ( أم حسبت ان أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) على وجه الخصوص دون غيرها، هو أن الاية الإعجازية التي كانت لله تعالى في أصحاب الكهف هو أنهم كانوا مؤمنين موحدين مضطهدين من قبل الملك والسلطان المتغلب في وقتهم، وكان مجتمعهم يتابع ذلك السلطان الغاشم، فكانوا منفردين في طريق الحق والهداية، وكان الملك وقومه يستأصلونهم، لو اطلعوا على دينهم أو سيطروا عليهم، الا أنه بقدرته تعالى أبقى وحفظ أصحاب الكهف بعدما هلك ذلك السلطان وقومه، ونشأ نسل جديد وحضارة أخرى، ليبين تعالى على أنه قادر على نصر المستضعفين، ويرجعهم الى الدار الدنيا، وتكون العاقبة هي غلبتهم على القوم الظالمين... إلى قوله: ويحتمل أن يكون في انتخاب هذه الآية إشارة خفية إلى الرجعة.
قال طيف روح زيد بن أرقم : وأنتم تعلمون أن أهل السنة يؤاخذون على أئمة الشيعة هذا القول في الرجعة، والأسلم أن لا يتخذ أصلا من أصول الدين... بل يؤجل علماء السنة والشيعة البث فيها إلى حين ظهور راجع من الراجعين المحتملين، وهكذا يطوى ملف الاختلاف، وترجع الأمة أمة واحدة، وهو الأصل الذي لا شك فيه، ويؤثم من لا يعمل من أجله.
قال فبرايار: تعجبت من فقه طيف هذا الصحابي الجليل، وعززت به ما جاء في نظرية التحيز الرباعي... ثم انتبهت ذاكرتي، فربط عقلي تلاوة أية سورة الكهف، بما أجراه على لساني لما قلت لأصحابي في السجن من السبعة رجال: اعتبروني كالزائد على عدد أصحاب الكهف والرقيم... فأعدت النظر في حكمي وقلت: استعظمت قدرك يا مغرور، قطمير مذكور في محكم التنزيل، وأين أنت منه، وقد روي أنه من سكان الجنة، مثل ناقة صالح وكبش إبراهيم ... بل قل للنفَيِّسَة: إن صحبة الصالحين، جلبت لقطمير ذكرا في العالمين. فاتخذي لك سببا في نهج المحبين، والمرء مع من أحب... ومحبة عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم الوسائل المنجية... في الدنيا وفي الآخرة. فهي المحرك للعالم حسب نظرية الاستقطاب الرباعي لكي يتحيز إلى دولة السلطان والقرآن، الظاهرة في هذا القرن على دولة ممثل الدجال. هذه الأخيرة كان على رأسها يزيد لعنة الله عليه في ما مضى. وفي هذا الزمان، استحوذ عليها ممثل الدجال، وحلفائه من الصهيوإنجيليين ومن الصهيوأعرابيين. قبل أن تذهب ريحها بعد الحرب العالمية الثالثة التي فجروها على شعوب المسلمين، وعلى كل المستضعفين.
قال فبرايار : فكأن طيف روح شيخ قنسرين، صاحبنا في سجن داعش في الموصل، اطلع على خبايا فكرتي، فقال متابعا لسنة التعارف بين الأسرى: وأنا أيضا سعدت بمحبة آل بيت رسولكم. من منكم سمع رواية ابن حبان حول ما فعله الملاعين برأس الحسين رضي الله عنه؟ فلما لم يصدر منا جواب ، قال: لقد وثق ابن حبان بأمانة، ما كنت له من الشاهدين في الفاجعة، التي اسودت لها السماء وضجت لها الملائكة. روى ابن حبان قال : {... أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي (عليه السّلام) إلى الشام مع اُسارى النساء والصبيان من أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على أقتاب ؛ مكشّفات الوجوه والشعور، فكانوا إذا نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من الصندوق وجعلوه في رمح، وحرسوه إلى وقت الرحيل، ثمّ اُعيد الرأس إلى الصندوق ورحلوا، فبينما هُم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل وإذا فيه دير راهب، فأخرجوا الرأس على عادتهم، وجعلوه في الرمح، وأسندوا الرمح إلى الدير، فرأى الديراني بالليل نوراً ساطعاً من ديره إلى السماء، فأشرف على القوم وقال لهم : مَن أنتم؟ قالوا : نحن أهل الشام. قال : وهذا رأسُ مَن هو؟ قالوا : رأس الحسين بن علي. قال : بئس القوم أنتم ! والله لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا. ثمّ قال: يا قوم، عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبي وأبي من أبيه، فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة، وأعطيكم هذه العشرة آلاف دينار؟ قالوا: بلى. فأحضر إليهم الدنانير، فجاؤوا بالنقاد ووزِنَت الدنانير ونقدت، ثمّ جُعلت في جراب وخُتم عليه، ثمّ اُدخل الصندوق، وشالوا إليه الرأس، فغسله الديراني ووضعه على فخذه وجعل يبكي الليل كلَّه عليه، فلمَّا أن أسفر عليه الصبح، قال: يا رأس، لا أملك إلاّ نفسي، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ جدَّك رسول الله. فأسْلَم النصراني وصار مولى للحسين عليه السّلام. انتهت رواية ابن حبان.
قال فبرايار : ثم إن طيف الروح الكريم بكى حتي بل التراب وقال: أنا طيف روح ذلك الراهب الذي سعد بكرهه لفعل يزيد بآل بيت النبوة.
قال فبرايار: فما أن أتم الراهب قصته حتى صار مجلسنا كمجالس عزاء، للمتألمين من ذكرى فاجعة كربلاء، الهائمين في محبة الرسول ومحبة ذريته وأهل بيته أهل النقاء والصفاء. سالت دموعنا على الأجفان حتى بلت المكان من هول الذكرى... طال النحيب الصادق، إلى أن سمعنا طيف روح الفارس يحاول أن يعبر عما يخالجه بين الغصات، قال: ولقد سعدت دولتنا الحمدانية كذلك بمحبة الحسين وآل بيت النبوة، و أنا أبو فراس من أمرائها، سعدت أيضا وكانت إمارتنا سببا في إطالة عمر الدولة العباسية الحامية لبيضة المسلمين في زمانها، ببركة جهري بمدح العترة وذم انحرافات ظهرت في الدولة العباسية. وكذلك بما قام به ابن عمنا سيف الدولة عند دير هذا الراهب الأمين. فهو الذي عمر المشهد المعروف بمشهد النقطة. فإن سألتم أحد أئمة زمانكم القائمين بالقسط، من أمثال محمد المهدي الحسيني الشيرازي رحمة الله عليه، فلسوف يخبركم أن " مشهد النقطة، سمي كذلك، لأن في هذا المشهد المبارك صخرة عليها نقطة دم من دماء رأس الإمام الحسين (عليه السلام) الذي استشهد في كربلاء على يدي بني أمية، وقد أمر بنو أمية بحمل الرؤوس إلى الشام فمروا بها في طريقهم إلى دمشق بضواحي مدينة حلب، وهنا وفي المنطقة المعينة وهي منطقة جبلية في غربي حلب وفي إحدى مرتفعاتها ويعرف بجبل الجوشن أو جبل النحاس، أسقطت أي أجهضت أم المحسن جنينها محسناً من شدة ما أصابها من وعثاء الطريق ووعورة المنطقة وصعوبة المراكب وعري النياق، وفيها أنزلوهم لدفن السقط محسناً، ووضعوا رأس الإمام الحسين (عليه السلام) في المنطقة نفسها على صخرة كانت هناك، فسقط على الصخرة نقطة دم من الرأس الشريف، فصار يفور الدم فيها، وظهرت بذلك معجزة الإمام الحسين (عليه السلام) على هذه الصخرة، فاتخذ سيف الدولة الحمداني حولها صندوقاً وضريحاً وشيد عليها قبة وبنى حولها مسجداً. وقد قال الشيخ إبراهيم ( إمام مسجد المحسن رحمه الله وقد عمر حتى تجاوز المائة) للإمام الشيرازي : عندما كانت الحرب قائمة بين الغرب بزعامة البريطانيين من جهة والمسلمين بقيادة العثمانيين من جهة، جعلوا مشهد المحسن ابن الإمام الحسين (عليه السلام) مخزناً للعتاد ومستودعاً للذخيرة والسلاح، واستفادوا من المشهد الشريف استفادة غير مشروعة حيث جعلوها نقطة عسكرية، مع انها كانت مركزاً للعبادة والزيارة. ثم إنهم لما استخدموا المشهد الشريف مخزناً للعتاد ومستودعاً للذخيرة والسلاح اتفق أن العتاد الموجود في المشهد انفجر وهدم المشهد الشريف، فذكر عن الشيخ محمد دحدوح، وكان من علماء حلب عن والده: أنه لما تعرض المشهد للانفجار الرهيب الذي هدم المبنى المبارك، نقلوا الصخرة المقدسة إلى جامع زكريا (عليه السلام) فلما وضعوها هناك صارت الصخرة تهتز وترتجف ولم يكن لها استقرار، فعرفوا من ذلك أن الصخرة تأبى أن توضع هنا، فغيروا مكانها فلم تستقر، فاقترح بعضهم على أن توضع الصخرة على دابة، وتترك لتسير وحدها، ففعلوا ذلك فسار ذلك الحيوان وهم يتبعونه، حتى إذا وصل إلى مقام المحسن ابن الإمام الحسين (عليه السلام) توقف أمامه، ففهموا من ذلك أن دم الإمام الحسين (عليه السلام) على الصخرة حنّ إلى ولده، وجاءوا بالصخرة ووضعوها هناك فاستقرت، إلى أن تم بناء مشهد النقطة ونقلت الصخرة إلى مكانها ولازالت هناك يقصدها المؤمنون للزيارة ويدعون الله عزوجل فتقضى حوائجهم. انتهى ما رواه لكم الإمام الشيرازي رحمة الله عليه.
قال فبرايار في قصته التي يتابعها شباب المنتدى في سائر بقاع العالم الحامي: لم يسعفنا الوقت لإتمام سنة التعارف، من شدة ما أصابنا من حال الحزن العميق، ومن تعلقنا بأمير السيف والقلم لكي ينقلنا إلى عالم أشجانه عبر شذى أشعاره، التي أعجزت الفطاحل أن يأتوا بمثلها...
قال فبرايار: وكأن المعتقل الرهيب صار روضة من رياض جنة المعاني والأفكار، والوجد والتيهان في بحور المحبة والهيمان، مع طيف روح شاعرنا، الذي قال فيه فطاحل أهل البيان، من أمثال الثعالبي (في يتيمة الدهر ج 1 ص 27): كان فرد دهره، وشمس عصره، أدبا وفضلا، وكرما ونبلا، ومجدا وبلاغة وبراعة، وفروسية وشجاعة.... وقال فيه الصاحب : (بدئ الشعر بملك وختم بملك) يعني امرؤ القيس وأبا فراس، وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز، ويتحامى جانبه، فلا يتبري لمباراته، ولا يجترئ على مجاراته، وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهيبا له وإجلالا، لا إغفالا وإخلالا...
قال فبرايار: ومن شدة وجدنا الذي شغلنا عن أنفسنا، لم نشعر بأحد الحراس وكان يسترق السمع... حتى إذا أحس باكتشاف أمره، ذهب مهرولا يصيح بأعلا صوته: يا معشر الحراس هلموا إلى بغيتكم في جز الرؤوس: هذا واحد من الأسرى يهجو الصحابة، يقول :
ولا خــــير فــــي رد الــــردى بمـــذلة * كــــما رده يــــوما بســــوأته عــــمرو
فضحك الحراس وتناسلت قهقهاتهم في كل أحياء المعتقل... وسخروا من صاحب لهم، لم يكن من الضاحكين. كان المسكين من دواعش الجرمان، أعجمي لم يكن على اطلاع على قصة "سوءة عمرو"... وكيف رد الموت بكشفها، طمعا في ولاية مصر... والقصة حقيقة تاريخية متفق عليها في كتب الشيعة والسنة... ولقد خجل الجرماني حتى احمر وجهه من جهله لتاريخ الصحابة وفقه التحيز، ولما للعرب من تقدير لشعرائهم خاصة إن كانوا من الفرسان، حقيقة لا زيفا كما ادعى المتنبي فقتله بيته القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني *** والرمح والسيف والقرطاس والقلم
وتبع شعور الجرماني بالخجل، حالة غضبة احمرت لها عيناه، على بعض الحراس المتهكمين عليه بسبب جهله لأسباب ضحك الضاحكين... كتم غيظه، ولكنه صمم على الانتقام ممن تعمد إهانته. خاصة أحد الحراس من أبناء الموصل، وكان من أتباع صدام، قبل أن يلتحق بداعش. تقدم نحو الأعجمي وكأنه يريد المزيد من السخرية منه، فردد في جهه متغطرسا ما كان يحفظه من شعر أبي فراس. جهر في وجه الجرماني قائلا:
أراك عـــــصي الدمع شيمتك الصبر * أمـــــا للهــــــوى نهي لديك ولا أمر ؟
بلـــــى أنـــــا مشتاق وعــندي لوعة * ولكـــــن مثـــــلي لا يـــــذاع لـــه سر
إذ اللــــيل أضواني بسطت يد الهوى * وأذللت دمعا مـــــن خـــــلائقه الكـــبر
تكـــــاد تـــــضئ النــار بين جوانحي * إذا هـــــي أذكـــــتها الصبابـــة والفكر
إلى أن قال:
هــــو الموت فاخــتر ما علا لك ذكره * ولــــم يمــــت الانســـان ما حيه الذكر
ولا خــــير فــــي رد الــــردى بمـــذلة * كــــما رده يــــوما بســــوأته عــــمرو
وارتفع صوته افتخارا بقوله:
ونحــــن أنــــاس لا تــــوسط عــــندنا * لنا الصــــدر دون العــــالمين أو القــبر
تَبَرَّم الداعشي الجرماني، وقد تطاير على وجهه ما يخرج من قدارة ونتن من فم المتغطرس المتباهي... وبعدما شرح له أحدهم تلك الأبيات... نبتت بين جوانحه عزمة لرد الإهانة في الوقت المناسب وبالطريقة المثلى...
قال فبرايار : سوف تمر أيام بعد تلك الحادثة، وسوف يبحث الداعشي الجرماني، عن "أبي فراس الحمداني" في الصحف المطويات الناطقات المصورات المترجمات، التي عوضت لوحات الأيباد والشبكة العنكبوتية. وسيكون له أمر عجيب معنا في الأسر، كما سيأتي ذكره.
قال فبرايار: رجوعا بنا إلى واقع الأسر الرهيب، في الأيام التي تبعت تعارفنا ووَجْدنا في عزائنا، كان ينتظرنا ما ينتظر السجناء عند القوم الذين يأخذون بالشبهة ويقتلون بالظنة، فكيف سنفلت من قبضتهم؟
كان الجلادون يستغفلوننا في أوقات من جوف الليل لإخضاعنا للتحقيقات. والحق يقال، لم يلحقنا أي صنف من أصناف التعذيب الجسدي المشهورة عند الصاديين منهم، خاصة من كان سابقا من جند صدام. لكن ذلك الترويع الذي يصيبنا عندما نُقاد في الأغلال إلى الاستنطاق، كان أشد وطئا، لأن الأصابع التي على الزناد الموجه إلى رؤوسنا، هي نفسها التي قتلت المئات، وزجت بجثتهم في دجلة والفرات، وفي الحفر الجماعية ربما قبل الممات.
قال فبرايار: ثم أتذكر يوما من الأيام مسرائي ما فعل الله به؟ فيُسرب لنا الجرماني خبرا عنه، أنه قد سيق إلى مرأب مخفر الشرطة. وأُسِرُّ لصواحبي السجن إسرارا: إني قد خبأت داخل المسراء وثائق مهمة. ولم أعلم أن للحجرات آذانا تسمع بها، وأعينا تبصر بها!
فكان من الطبيعي أن يكون موضوع الاستنطاق التالى يدور حول تلك الوثائق التي استخرجوها من صندوق المسراء، وكانت تحت عجلة الطوارئ، لا تراها الأعين بسهولة!
"من زودك بهذه الوثيقة؟" وألقى المحقق أمامي وثيقة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فتبادر أمامي جوابا كان راعي مؤسسة الحزين يأمر الشباب به : "إن سألوكم عن شيء فانسبوه إلي بدون حرج. فأنا كفيلكم". فطبقت ذلك الترياق الناجع ولكن نسبته لنائبه في السبعة رجال، وطيف روحه كان معنا في السجن. وانتظرت من المحققين إبراز وثائق أخرى يسألونني عنها. فلا أدري لِمَ لم يفعلوا، والوثائق كانت في نفس المكان، هل أعمى الله أبصارهم فلم يروها؟ أم أن الله صرفهم أن يسائلوني عن وثائق كانوا يدينون على أتفه منها. فلما أخبرت أصحابي في الأسر أنهم وجدوا الوثائق، وكانت إحداها ربما ستورط ابن أحدهم وهو الآن في دار الحق رحمة الله عليه، صفق بيديه وقال : "الولد الذي كان سيحمل السلة إلى الدار جنيت عليه!"... فضحك الرجال، وصار بدوره يضحك على الحدث. وقطعا، ما قال المرحوم ذلك إلا بقصد النكتة المراكشية التي كانت تصحبه، وكانت تلطف أجواء المعتقل الرهيب!
قال فبرايار : وأطلق الأسرى علَيَّ شعار " التنوير في إسقاط التدبير"، إشارة إلى كتاب من كتب الصوفية المتوكلين على الله، لأنني اطمأننت إلى سبب خزن الوثائق، كان الإخوان في مؤسسة الحزين قد نصحوا به احتياطا في السفر وفي الحضر، فأبى الله إلا أن يكتشفها رجال مخابرات الدولة، ثم أبى أيضا إلا أن يحفظني من تبعات اكتشافها... فتيقنت أن تدبيري لم يكن ليحفظني إلا أن يشاء الله، فقررت أن أسقط التدبير في مثل هذه النوازل. كما أنني اكتشفت في نفس السياق أن من "شدة الظهور الخفاء"!. وتذكرت ما قال المعلم الأكبر في سر خفاء "الملامتية": يكون خفاؤهم سببا لسريان مددهم، وكل آخِذ منهم ينسب ما أخذ لنفسه سرقة، فلا يزعجهم ذلك، لأن غرضهم أن تشيع الفضائل في الناس، ولا يهمهم تجاهل الناس لهم، وهجيرهم في ذلك قوله تعالى: {{ ... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ...}} " الشورى؛ 23 ".
قال فبرايار: سوف أكتشف بعد فك أسري أمرا عجيبا. سأذهب بمسرائي إلى مكان بعيد، وأتيقن أن لا أحد يقتفى أثري، وأفتح صندوق المسراء، وأجد الوثائق الأخرى على حالها، صرف الله أبصارهم عنها، فاعتبرتها آية من الآيات التي لم أكن لأمر عليها دون اعتبار وشكر للوكيل الحفيظ. فأردد دعاء "الدمياطي" الذي علمه لي أبي، رحمة الله عليه:
"وأنت وكيلي يا وكيل عليهم # وحسبي إذا كان الــــــــقوي موكلا"
قال فبرايار: أما كيف فك أسرنا من سجن بادوش الرهيب الذي يقال عنه: الداخل فيه مفقود والخارج مولود، فتلك كرامة من الكرامات التي لا تنسى. وصاحبها هو ذلك الداعشي الجرماني الذي أجلنا بقية قصته. لقد شعر بالإهانة من سخرية الحراس العرب، التي ذكرتُ من قبل، وخجل من جهله لخبايا أحوال العرب، فقرر أن يطلع على شيء من أشعارهم وخصائلهم وطبائعهم، وكيف لا وهو الآن في نفس الخندق معهم؟ فذهب مباشرة إلى الصفحات المطويات الناطقات المترجمات عن اليونسفير وسائر أنواع السحاب الخازن للمعلومات، يبحث عن شعر أبي فراس، وكان له سابق معرفة لما تُرْجِم منه إلى لغته الجرمانية، لما كان صحافيا في مؤسسة " توتونفيلي " للإعلام، قبل أن يلتحق بصفوف داعش.
قال فرايار : في ساعة متأخرة من إحدى ليالي الأسر، وبحذر شديد، فُتح باب الحفرة التي كنا فيها. وظننا أنهم الحراس أتوا كالعادة ليسوقوا أحدنا إلى التحقيقات. وكم كانت دهشتنا لما كان الداخل هو الحارس الجرماني، وهو يحمل معه صحفا مطويات كطي السجل للكتاب... قال بصوت دون الجهر: لا تقلقوا اليوم، أمركم عندي إلى خير إن أكدتم لي صحة ما نُسب لصاحبكم. فسألناه هل استخرج المحققون من أحدنا شيئا فيه شر لنا؟ فأجاب بل هو خير لكم، إن كانت هذه الأشعار تعبر عن الحقيقة، وليست من أساطير الأولين. فنشر الصحيفة فكانت تنطق له بالجرمانية، ونحن نراها مكتوبة ومنطوقة بالعربية، تنقش بالخط الكوفي بقلم اللازير الأبيض، على شاشة حيوط حفرتنا السوداء. جاء فيها:
هذه قصيدة للشاعر أبي فراس الحمداني رحمه الله، في مدح آل البيت عليهم السلام. نظمها معارضة للشعراء المتزلفين لبني العباس، وقد هجوا ائمة آل البيت عليهم السلام. ودخل ابو فراس بغداد برفقة العديد من الفرسان. وجهر بقصيدته في وسط بغداد قلب عاصمة بني العباس، دفاعاً عن آل البيت عليهم السلام و هجاءً لبني العباس غير آبه بسلطانهم ولا بجبروتهم!
الدينُ مُختَرَمٌ وَالحَقُّ مُهتَضَمُ وَفَيءُ آلِ رَسولِ اللَهِ مُقتَسَمُ
وَالناسُ عِندَكَ لاناسٌ فَيُحفِظهُم سَومُ الرُعاةِ وَلا شاءٌ وَلا نَعَمُ
إِنّي أَبيتُ قَليلَ النَومِ أَرَّقَني قَلبٌ تَصارَعَ فيهِ الهَمُّ وَالهِمَمُ
وَعَزمَةٌ لايَنامُ اللَيلَ صاحِبُها إِلّا عَلى ظَفَرٍ في طَيِّهِ كَرَمُ
إلى أن قال:
يا لِلرِجالِ أَما لِلَّهِ مُنتَصِفٌ مِنَ الطُغاةِ أَما لِلدينِ مُنتَقِمُ
بَنو عَلِيٍّ رَعايا في دِيارِهِمُ وَالأَمرُ تَملِكُهُ النِسوانُ وَالخَدَمُ
وقوله:
لا يُطغِيَنَّ بَني العَبّاسِ مُلكُهُمُ بَنو عَلِيٍّ مَواليهِم وَإِن زَعَموا
أَتَفخَرونَ عَلَيهِم لا أَبا لَكُمُ حَتّى كَأَنَّ رَسولَ اللَهِ جَدُّكُمُ
ثم ذكر مشهد الغدير المشهور:
قامَ النَبِيُّ بِها يَومَ الغَديرِ لَهُم وَاللَهُ يَشهَدُ وَالأَملاكُ وَالأُمَمُ
حَتّى إِذا أَصبَحَت في غَيرِ صاحِبِها باتَت تَنازَعُها الذُؤبانُ وَالرَخَمُ
وَصُيِّرَت بَينَهُم شورى كَأَنَّهُمُ لا يَعرِفونَ وُلاةُ الحَقِّ أَيَّهُمُ
تَاللَهِ ماجَهِلَ الأَقوامُ مَوضِعَها لَكِنَّهُم سَتَروا وَجهَ الَّذي عَلِموا
ثُمَّ اِدَّعاها بَنو العَبّاسِ إِرثَهُمُ وَما لَهُم قَدَمٌ فيها وَلا قِدَمُ
وبين معنى الرحم في الدين، وأن العجم إن رفعوا راية الحق، فهم أقرب إلى رسول الله من قرابته في الدم، إن اختارت هذه القرابة التحيز إلى حزب الشيطان القائم بالعلمانية التلمودية:
هَيهاتَ لا قَرَّبَت قُربى وَلا رَحِمٌ يَوماً إِذا أَقصَتِ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ
كانَت مَوَدَّةُ سَلمانٍ لَهُ رَحِماً وَلَم يَكُن بَينَ نوحٍ وَاِبنِهِ رَحِمُ
وينبري فارسنا في الجهاد باللسان، بشجاعة لا يضاهيها إلا شجاعته في الجهاد بالحسام في صفوف الروم المحاربين، لا في صفوف المسلمين، كما فعلت داعش وأخواتها بعد تبني عقيدة التكفير، يذكرهم تارة أنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم:
باؤوا بِقَتلِ الرِضا مِن بَعدِ بَيعَتِهِ وَأَبصَروا بَعضَ يَومٍ رُشدَهُم وَعَموا
يا عُصبَةً شَقِيَت مِن بَعدِ ما سَعِدَت وَمَعشَراً هَلَكوا مِن بَعدِما سَلِموا
لَبِئسَ مالَقِيَت مِنهُم وَإِن بَلِيَت بِجانِبِ الطَفِّ تِلكَ الأَعظُمُ الرِمَمُ
فاجعة الطف هي الوقعة التي استشهد فيها الحسين عليه السلام، مر ذكرها، وما كان لنا في إقامة العزاء لها، عوض أن تكون ذكرى فرح كما تحاول المذاهب الوهابية فرضه على المسلمين في المغرب والمشرق.
ويقارن شاعرنا تارة أخرى صلاح العترة وفساد بني العباس المترفين، وأين فسادهم من فساد مترفي الأعراب في هذا الزمان:
تَبدو التِلاوَةُ مِن أَبياتِهِم أَبَداً وَفي بُيوتِكُمُ الأَوتارُ وَالنَغَمُ
مِنكُم عُلَيَّةُ أَم مِنهُم وَكانَ لَهُم شَيخُ المُغَنّينَ إِبراهيمُ أَم لَكُمُ
مافي دِيارِهِمُ لِلخَمرِ مُعتَصَرٌ وَلا بُيوتُهُمُ لِلسوءِ مُعتَصَمُ
وَلا تَبيتُ لَهُم خُنثى تُنادِمُهُم وَلا يُرى لَهُمُ قِردٌ لَهُ حَشَمُ
ثم يختم بما يليق من واجب مدح آل البيت والصلاة عليهم:
الرُكنُ وَالبَيتُ وَالأَستارُ مَنزِلُهُم وَزَمزَمٌ وَالصَفا وَالحِجرُ وَالحَرَمُ
صَلّى الإِلَهُ عَلَيهِم أَينَما ذُكِروا لِأَنَّهُم لِلوَرى كَهفٌ وَمُعتَصَمُ
قال فبرايار: فلما انتهى العرض اللازيري الناطق للقصيدة وما تخلله من شروحات كانت حوله، سمعنا الجرماني يبكي في ظلمة الحفرة. وارتفع نواحه. وبكينا لبكائه حتى خشينا أن يفتضح أمرنا فتجز رقابنا.
قال فبرايار: سوف تمر أيام على الحدث، وسوف يسألنا الشاب الجرماني عن عمل يكفر به عن جز الرؤوس الطاهرة وأخذ الناس بالشبهة وقتلهم بالظنة، طاعة للخليفة المزعوم... وشتان ما بينه وبين فارس الموصل الحقيقي! شتان ما بين قتال الروم المشركين وسفك دماء المسلمين العزل... شتان ما بين تدبير تفجير الانتحاريين السذج بين صفوف محبي آل البيت، وبين من يصدع بكلمة الحق فيهم في عاصمة الفاسدين من بني العباس!!!
وسوف يرجع الجرماني إلى بلاده ناشرا للدين المحمدي الحق الذي لم تلوثه المذاهب التكفيرية الحاقدة على العترة، والمتحيزة لحلف ممثل الدجال لهذا الزمان، يجمعهم طبع التعطش لدماء الأنبياء وورثة الأنبياء، وأوصياء الأنبياء، وكذلك الأطفال الأبرياء. وهو سبب اللعنة التي لحقت عصاة بني إسرائيل، وكذلك الأعراب النواصب، الذين يفرحون يوم عاشوراء.
قال فبرايار : أما العمل الذي قام به الشاب الجرماني ليكفر عن ذنوبه السابقة، فهو من جنس منجزات الفرسان التوتونيين، من ذرية يافت.
جاءنا ذات ليلة، وحدثنا برهة فقال: لم أغب عنكم هذه المدة إلا لأزداد يقينا في مذهبكم القويم... وأنا الآن لدي علم اليقين، أن أهل البيت وأنصارهم وأشياعهم وحلفائهم وأتباعهم هم السابقون إلى طرق التغيير السلمي باللطف، لا بالعنف والإكراه وجز الرؤوس. وهم الخبراء في أساليب البيان والمنطق والحكمة والإقناع باللسان. وهم أول من وظفوا تلك الوسائل المشروعة في خدمة غايات نبيلة وعقيدة نقية، محفوظة بما حفظ الله به كتابه المبين، وبما جاهد من أجله سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار ... وكل الشائعات المذمومة التي تريد تكفيرهم لإشعال الحرب عليهم تَتَبَّعْتُها في وسائل الاتصال اليونسفيرية فوجدتها تنتهي عند عقل مدبر شيطاني واحد... أخبرت به رجل اسمه " سنادين" سوف نظهره قريبا... وحينها ... وسكت. فكملت فكرته بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل به من شعر طرفة بن العبد:
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلا وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
ثم قام الشاب الجرماني فظننا أنه يريد وداعنا، إلى أن سمعناه يقول: قوموا فوالله لن يصيبكم أذى في صحبتي ما دمت حيا... فلما رآنا ذاهلين لا نفارق مكاننا، قال أتريدون أن تجز رؤوسكم غدا؟ إني سمعت القوم يأتمرون بكم، ليكون موعدكم الصبح مع الصلب والذبح، أليس الصبح بقريب؟. فذعرنا كما لم يحدث للقوم المنذرين، وقمنا نرتب أسباب الهروب حذرين... فخرجنا من الحفرات آملين أن لا يشعرن بنا أحد من الحراس النائمين، نردد دعاء الحفظ، من سورة ياسين : {{ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم فأغشيناهم فهم لا يبصرون}}. فوجدنا الفتى الجرماني قد هيأ لنا خرجا ومخرجا، ومن كل ضيق فرجا، لا يكون له مثيل إلا في الخيال المرتعش العليل: مسراؤنا قد زاد فيه الجرماني خلسة أجنحة مثنى وثلاث ورباع. وهو في أخر السرداب، يسطع من صقله على ضوء بدر خلاب ... فما أن طرنا في الجو الصافي والناس نيام تحتنا، حتى قال لنا الجرماني : خذوني معكم فأنا الآن من خدام العترة، وامروني بما شئتم لأكفر عن رقاب قطعتها، وأحشاء بعثرتها. فوالله إنني لمن النادمين من أجل ذلك... فواسيناه بشريعة الرحمة والصفح: الإسلام بعد التوبة الصادقة يجُبُّ ما قبله... والعزمة على التكفير بالعمل الصالح هو برهان الصدق... فكنا في الأجواء، يخيل إلينا أن حمدنا وشكرنا لله، يزيد في المسراء ما شاء الله من أجنحة نطير بها فوق الطيران من شدة فرحنا بالله.
وخاطب كبير السبعة رجال المجاهد الجرماني فقال: لا نأمرك بشيء بعد هذا العمل الصالح الذي قمت به. وأنت ضيفنا في جبل" أرياندران ". ولربما سوف ينظر الرجال هناك فيما يتعين عليك من أنواع الجهاد الذي حركك من بلادك أول مرة. وأنواع الجهاد كثيرة. وأذكاها وأفضلها جهاد البيان والحكمة واللطف الذي يجلب النصر لحزب الله، دون إهراق دم أو إحداث هدم. وقد سمعتَ من فوائده عند فرسان السيف والقلم من أمثال أبي فراس في المشرق، وكان المعتمد بن عباد مقابله في المغرب، يُعرف بمقولته الشهيرة: (رعي إبل البربر خير من رعي خنازير الإفرنج)، التي شاعت في الآفاق... وهي من جنس الإشاعة المحمودة التي جلبت نصرا للبرابرة المرابطين، أطال عمر دولة المسلمين في الأندلس أربعة قرون، بعد معركة الزلاقة.
قال فبرايار : فلما وصل مسراؤنا الهبائي إلى قمة " أرياندران " ، نزلت أنا والجرماني وصاحبي "الحاذق"، وتابع رجال الغيب مسيرتهم بوسيلة الخطوات المطويات، نحو مجمع اليومين قرب كامشاتكا. هناك ينتظرهم القطب وإمام اليمين وإمام اليسار، تكون لهم جلسة النظرات لا يتكلمون فيها أبدا. يحصل التفهيم المباشر للنظريات الجفرية لمن يستحق مرتبة التنظير والتوجيه. والباقون ينقل لهم مشافهة ما تقرر في المجلس الذي لا يشاع له سر. ولا تؤثر عليه الإشاعات ولا للشائعات منها ضر. علمت ذلك في مهمة سابقة اسمها " الهباء المنثور في عيون كولورادو: الجزء الثاني".
قبل افتراقنا أفادنا كبير رجال الغيب قائلا : لن يطول غيابنا أكثر من يوم، أو بعض يوم. واقترحُ عليكم ما اقترح الإمام علي كرم الله وجهه على أبي الأسود الدؤلي عند بداية إبداع علم الكلم الذي يرفع الإشكال بالشكل: قال له الإمام علي عليه السلام الذي هو باب العلم، كما جاء في الحديث الصحيح:{ أنا مدينة العلم وعلي بابها}. " رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير"، قال الإمام علي لأبي الأسود " الكلام كله اسم وفعل وحرف. الاسم ما أنبأ عن المسمى والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى والحرف ما أفاد معنى" وقال له انح هذا النحو وأضف إليه ". تلك كانت بداية علم الكلم، أي النحو الذي يفيد قطعا المعاني... ويزيل كل لبس وإشكال بضبط التشكيل... لضبط قوانين العربية وكذلك لحفظ الشريعة... في مقابل علم الجفر ومنها اشتق العجم كلمة " chiffre " أي العدد، أي الرياضيات، التي بها تعقل قوانين الطبيعة. وأنتم الآن مطالبون بإحياء علم الكلم العلوي، والكلم يفيد الكلوم وهي الجروح، يفيد المنطق القاطع الذي لا يمكن دحضه. أو الإشاعة المحمودة المؤثرة التي تفعل بإذن الله فعلها المؤثر في الوجود، لتدفع الشائعة التلمودية المذمومة الناشرة للفواحش والرذائل، الموقدة لنيران الحروب.
وذكر شيخ رجال الغيب بما سبق شرحه في الموضوع وقال: وكنا قد أشرنا من قبل في مهمة الهباء المنثور في كولورادو، إلى علوم الطبيعة المرتبطة بعلم الجفر أو الهباء العلوي، نسبة إلى علي، أو الهباء التسلوي، نسبة إلى القديس تسلا. فلينظر في محله. وغرضنا الآن إحياء علوم الكلمة القاطعة الداحضة للإعلام المردوخي التلمودي. ولتكن لكم رؤية نظرية التحيز الرباعي، بربط كلامنا بمحور الجفر/ الطبيعة/ السلطان، ومحور الكلم/ الشريعة/ القرآن. وبهدف مداواة كلوم العرب بإحياء دولة السلطان والقرآن، وهي الخلافة القاضية على دولة ممثل الدجال.. وصنائعها من رؤساء وأمراء وملوك الطوائف الخاضعين لدين العلمانية التلمودية.
إلى أن قال لنا الشيخ: فعلى بركة الله، أنحوا ذلك النحو في استنباط الكلم الجارح الفاتح. ولتكن إشاعاتكم وإعلامكم في خدمة هذا المشروع العظيم المشترك بين كل المسلمين، وكل المستضعفين، الذين يناضلون ضد الفساد والاستبداد.
وختم رجل الغيب بقوله نستودعكم الله، وإلى الغد إن شاء الله.
قال فبرايار: فتعجبنا من كلام أهل الله، وتوجيهاتهم الربانية. وشرعنا في العمل مباشرة بعد أن أخذنا منازلنا في مأوى الجبل، واستحممنا من أوساخ المعتقل، وتغذينا على ما لذ وطاب من شراب ومأكل، في ضيافة علماء الثريا الأتقياء الكمل.
استرد صاحبي "الحاذق" نشاطه بعد تلك الاستراحة في ضيافة إخوان " أرياندران ". واختفى وجع أضراسه الذي اعتراه في أول ساعة من أيام الأسر. فقام مع الشاب الجرماني إلى غرفة اتصالات علماء الثريا، وسرعان ما خرجا بما فتح الله عليهما من كلم الإشاعة المحمودة. فلما عرضا عليَّ ثمرة بركة "أنح ذلك النحو" قلت لهم: انقصوا هذا وزيدوا في هذا وثبتوا هذا... إلى أن اكتملت المسودة التي سوف تعرض على رجال الغيب، وكلمتهم فيها سوف تكون هي الفصل ليست بالهزل.
قال فبرايار: رجع رجال الغيب في الموعد. واتخذوا كما دعوناهم متكأ في قاعة العرض التي شيدت تحت مأوى جبل " أرياندران "، لا تخترقها موجات التنصت المنصوبة في بقاع الأرض. وبدأ الشاب الجرماني عرضه اللازيري المكتوب المنطوق بالترجمات واللهجات، فقلت في نفسي ها هي التكنولوجيا والوسائل، فيا ليت شعري كيف سيُقَيَّم المضمون... وكانت لي مواساة عند تذكر مضامين الإشاعة الصهيونية المذمومة النتنة، وتفاهة الإعلام المردوخي المقيت...
فظهرت ثمرة العمل بالخط الكوفي الذي يعجب الشاب الجرماني لأنه يشبه الخط الغوتي عندهم... ولم يضره أن كان كذلك هو الخط المفضل عند هيتلر وكوبل... كتب على الشاشة الزرقاء باللازير النوراني:
مسلسل أخبار أكتوبر 2015:
1. لقاء جبل " أرياندران ".
تناقلت أخبار اليوم عن مصادر وكالة السبعة رجال، أن أعتاب حوزة " أرياندران " شهدت توافد قادة "داعش" وأخواتها وضراتها. وأكد المسؤول عن حفظ الأرض في إقليمها الرابع، أنه كان من بين الزائرين التائبين: البواطني والموصلي، وغيرهما ممن لم يتورطوا في الخيانة العظمى بالتحالف مع دولة الدجال لهذا الزمان. وأغرب ما نقلته الوكالة عن هذا الحدث، أن الناس في جميع أصقاع إقليم الحوزة، " سمعوا صوتاً هاتفاً في السحر، نادى من الغيب غفاة البشر: هبوا املأوا كأس المنى، قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُ الَقَدر ... ".
وقالت الوكالة أن قلوب علماء الثريا وأهل فارس قاطبة رقَّت لسماع الرباعيات. فقام قائمهم في الحوزة وأنشد منها ما يناسب المقام فقال: " يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين، وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين، يا قابل الأعذار عُدْنا إلى ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَةَ التائبين... " واتفق أنه لم يبرح الزائرون التائبون مكانهم على أعتاب الحوزة، حتى خرجت لهم صحيفة العفو العام بحجة " {{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} " المائدة: 34 ". فخرجوا والفرحة تغمرهم. الموصلي يردد أبياتا من هائية إبي فراس:
إن لم أكن أهواه أو أهـــوى الـــردى * فــــي العـــــــالمين لـــكــــل مــا يهواه
فحــــرمت قـرب الوصل منـــه مثل ما * حــــرم الحـــسين الــمــــاء وهو يراه
إذ قــــال : اسقـــوني. فعـــوض بالقنا * مــــن شـــــرب عــذب الماء ما أرواه
فاجتــــز رأســــا طالمــــا مـــن حجره * أدنــــتـــه كــــفــــــــا جــــده ويـــــــداه
أما البواطني فسمعه الناس يردد أبياتا من نظم الشافعي ويقول :
يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض
أعلمتم أن التشيع مذهبي * إني أقول به ولست بناقض
إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي
2. تمديد فترة السلم العالمي لسنة أخرى:
أوردت وكالة النجم الثاقب للأنباء السرية للغاية، أن ممثل الدجال لهذا الزمان أتته الكهنة المسترقة للسمع بأخبار " لقاء أريندران"، وما صدر عنه من قرارات تآزرات أمة التوحيد. فغاظه ذلك الخبر غيظا شديدا. ولم يعلم أن غضبته الكبرى سوف تحدث له انتفاخة خطيرة. يصدر عنها ضراط كضراط إبليس الهارب من سماع الأذان. وأشارت الوكالة إلى تحذيرات صدرت عن السبعة رجال المكلفين بحفظ أقاليم الأرض السبعة، حيث وضح الناطق الرسمي باسمهم قائلا: إن انتفاخة ممثل الدجال لهذا الزمان لا تهمنا أكثر مما يهمنا ما يحتمل أن يصدر عنها. فلما سأله ممثل الوكالة: تعني الضراط؟ أجابه ضاحكا مع جمهور الندوة الصحفية وقال : هل تعلم أن الانتفاخة يمكن أن تكسر سلاسل الدجال، فيتحرر من سجنه ثم يشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة بمساعدة حلفائه من الأعراب النواصب؟ فعلم صحافيو الإعلام البديل الخارج عن سيطرة الإشاعة المردوخية، أن الأمر جد ليس بالهزل... وشكروا السبعة رجال على حرصهم في تمديد فترة تكبيل ممثل الدجال، سنة أخرى، حفاظا على المسجد الأقصى وعلى الأنفس من أخطار الحروب النووية الرهيبة.
3. تعزيزات في صفوف الحشد
علم من مصادر الأنباء البرزخية أن صدام المشنوق قام بزيارة تفقدية لجنوده السفاحين، في حفرة غابرة، تسمى " هاوية حلبجة ". فقال لهم: لقد وجدت لكم وسيلة للانتقام من الأعراب النواصب الذين ورطوكم في الحروب الخاسرة، خسرتم بها الدنيا والآخرة. ثم سألهم فقال : غدا سوف تبعثون من مرقدكم هذا، فماذا أنتم فاعلون؟ فأجابوه بصوت رجل واحد : سوف ننتقم منهم بأكره شيء لهم، مما لا يتصورون : نكون جندا من جنود الحسين في حلف العترة الحسينية. فأقرهم صدام على ذلك وغبر... في حارة الحفر... وهو يستعذب العذاب الأمر، بتذكر آية : {{ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ }} " البقرة : 166 ".
4. الطب النبوي لعلاج العقم الدعوي
أفادت وكالة الثريا للأخبار الطبية أن أطباء معهد البحوث الإنجابية والخلايا الجذعية في مدينة استراخان القزوينية، اهتدوا إلى تركيبة عقار لعلاج العقم الدعوي عند الجماعات الغاصبة للسنة. وفسر أحد علماء معهد تيمورلنك للبحوث الطبية، أن اكتشاف سبب العقم كان هو مفتاح الاختراع. وركبت حتى الآن بضع جرعات من العقار، جربت على جماعات سنية تطوعت من المغرب، فأينعت ثمارها بعد شهود علامات الحمل، كما وصفها شاعر لهم يسمى "زهير بن أبي رقراق". أما الجماعات التي رفضتها فسرعان ما خشي أتباعها انتقال عدوى العقم إليهم خاصة بعد أن ظهرت فيهم أعراض السمنة و العنوسة... فانتابهم ذعر من يخشى أن يقال عنه "درج ولم يعقب".
وبعضهم انتابهم ذعر من يعقب "مسخا" من ثمار الزقوم التي أينعت وحان قطافها تخليصا للأمة من خطر التنازع وذهاب الريح، مثلما حدث لإخوان سوريا... خاصة لما رجعوا لفتوى إمامهم ابن تيمية التي تقول: "والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد، والباقون نوابه...". (مجموع الفتاوى: 35/175-176). وهو الظاهر من قول رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ) " صحيح مسلم".
(انتهى المسلسل الذي عرضه الفتى الجرماني بأثر رجعي " rétroactif "، بداية من شهر أكتوبر لسنة 2015، قبيل الحرب العالمية الثالثة، من أجل الاستفادة من أغلاط الماضي، استحضارا للحكمة التي تقول :
( Quand on étudie rétrospectivement les choses, on peut se rendre compte de nos erreurs … )
استفاد منها برنامج ناجح في الفضائيات، يدرس الكوارث بأثر رجعي، ليعتبر الناس ولكي يسترجعوا عقولهم في احترام قوانين الطبيعة وقوانين الشريعة... ولكنهم غفلوا عن قوانين القدر ، فإذا جاء القدر رفع حذر بني إسرائيل في استحقاق النقمة، بعد عودتهم للإفساد في الأرض... ).
قال فبرايار فلما ختم الجرماني العرض قام السبعة رجال، ولم يكن لهم رأي فيما أظهره الله في الوجود من خزائن الجود، والله بالغ أمره بسبب أو بدون سبب، ومنا الجهد ومنه الثواب، وهو الفاعل في ملكه ما يشاء، والله خلقكم وما تعملون... ثم إن واجب الوقت يدعوهم ويدعونا ويدعو جميع المسلمين لتبادل التعازي في مصابنا في فاجعة كربلاء. وكان رجال الله كل يقيم العزاء بطريقته ولا حرج. المهم استحضار الذكرى، لأن الغفلة عنها هي غفلة عن فساد المفسدين، وظلم الظالمين. فمن الرجال من بكى فبكينا معه. ومنهم من قرأ الفاتحة على أرواح شهداء وأسرى كربلاء فقرأناها معه... ومنهم تلا آيات معلومات فتلوناها معه:
{{ ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}} " الشورى: 23 ".
{{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}} " النمل : 62".
{{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}} (134)
ومنهم من أقبل علينا قائلا : عظم الله أجرنا وأجركم بمصاب سيدنــا ومولانــا الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، فقلناها معه...
ومنهم من قال: نقدم تعازينا للإمام الظاهر في هذا الزمان بالسلطان والقرآن، الممهد لمهدي آخر الزمان، والداعي إلى وحدة المسلمين ضد دولة ممثل الدجال المحتلة للقدس الشريف... فرددنا ذلك معه...
ومنهم من استشعر حال الواقف أمام مضجع الحسين عليه السلام فقال وتبعناه في القول:
السَّلام عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِ اللهِ، السَّلام عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ،
السَّلام عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ المُؤْمِنينَ، وَابْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ،
السَّلام عَلَيْكَ يَا ابْنَ فاطِمَةَ الزّهراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ،
السَّلام عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللهِ وابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ المَوْتُورَ،
السَّلام عَلَيْكَ وَعَلَى الأرواحِ الّتي حَلّتْ بِفِنائِكَ،
وَأنَاخَتْ بِرحْلِك عَلَيْكُمْ مِنّي جَميعاً سَلامُ اللهِ أبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَ الليْلُ وَالنَّهارُ
قال فبرايار: ثم ذهب رجال الغيب مهرولين بالخطوات المطويات، كل إلى وجهته وغايته لإنجاز المهمات العظام، من أجل تدبير حفظ الأقاليم السبعة... بواسطة واجب الوقت من قوانين الشريعة والطبيعة والقدر... حدده لهم القطب في لقاء مجمع اليومين قرب كامشاتكا. وهو المجلس الذي لا يذاع له سر، لأنه لقاء النظرات المولِّدات للنظريات الموجِّهات، لا كَلِم فيه، تجنبا للكلوم... والكلوم كلها تهون أمام جراح الحسين وأهل الحسين وذرية الحسين، وأتباع الحسين. رضي الله عنهم.
وكان شباب المنتدى المتابعون للقصة كلما ردد فبرايار تلك الآيات والأدعية رددوها معه، اقتحاما للحضر الإعلامي المردوخي الذي ضربه عليها النواصب المبغضين لآل البيت، لعنة الله على يزيد وأتباعه وأشياعه وجنده من الجن والإنس...
وهنا قام الشيخ مداوي كلوم العرب لختم المجلس، فقال متابعة لدعاء فبرايار: اللهم كن لنا جارا من شر يزيد وممثليه في كل زمان ومكان، تبارك اسمك، وعز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك.
ثم قال : سنؤجل مناقشة القصة إلى فرصة أخرى إن شاء الله...
{{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}}. " الصافات : 180 ــ 183 ".
محمد المهدي الحسني
رباط الفتح ـــ المغرب
بتاريخ تاسع محرم 1436 ـــ الموافق ثاني نونبر 2014