سلسلة مقالات مقتطفة من الأخبار البرزخية
بسم الله الرحمن الرحيم
نظرات في شريعة الائتلاف
وتطبيقات في هندسة التغيير
1. صدر عن وكالة الأعراف ملتمسا من رجال الملامية الخاملين، بعثوه إلى علماء المقاومة الجدد العاملين. كتب في لوح الملتمس ما ينفع الأمة من براءة من الشركيات، ما ظهر منها وما بطن. وهي البداية الشرعية لهندسة التغيير شعارها: {{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}}. ( التوبة: 109).
· براءة من الشرك الأصغر وأهله، تلزم الأمة جميعا: دولا وأحزابا وجماعات وأفرادا، البراءة – قولا مشهودا، وفعلا ظاهرا - من حلف البغاة في دولة ممثل الدجال لهذا الزمان. ذلك فرض من فروض الكفاية، إذا قام به الخاصة الواعية سقط عن العامة المنقادة، وهو من الجهاد الأصغر.
· وبراءة من الشرك الأكبر الذي يجعل النفس قابلة للخضوع لغير الله... ومن جملة الشركيات الكبيرة أن يتعلق الفرد بالوسائط المذهبية أو الحبرية أو الرهبانية أو الماسونية أو الوثنية التي تريد أن تجعل بين الفرد وربه وسيطا. وهي ثقافة شائعة في هذا الزمان عند أهل السنة وكذلك عند أهل الشيعة... كمن يستغيث بالغائب أو المقبور... ويطلب منه أن يقضي له حاجة. والله أقرب إليه من حبل الوريد. أو من يتولى الصائلين من الصهيوصليبيين، غير معترف بتحذير ربه: {{... وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}}. (المائدة:51). والفرق شاسع بين أهل دستور المحبة والنصرة للعترة ودولتها، في شريعة الائتلاف والتعاون على البر والتقوى، وبين أهل الشحن المذهبي والطائفي والعرقي الباعث لطبيعة التشاجر والاختلاف. ويبقى ذلك في دائرة اختلاف الرحمة، ما لم يتخذ مطية لتكفير أهل القبلة وسفك دمائهم، بزعامة قيادة موظفة عند الصهاينة أو الصليبيين الهاجمين، أو زعامة متسلطة، بعيدة عن الرشد والعدل الذي يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.
2. ولقد ظهر لرجال التأويل الملامي منكرا من الشركيات في قناة شيعية معروفة ببث الأدعية العميقة الرائعة المنسوبة لأئمة العترة، لكنها بثت - بدون تحذير- شريطا مرئيا لا يتورع عامة الشيعة فيه من الاستغاثة بالبشر... كما يفعل جهلة أهل السنة عند الأضرحة، التي ربما لا تأوي إلا جثة بهيمة من البهائم، فيذبحون لها، ويتجاذبون المعزة التي لا تزال تترنح وتحتضر، في طقوس شامانية وثنية، تخرجهم عن أطوار العقل... فهل كل أهل السنة ينبغي تكفيرهم بسبب جهالة بعض السذج المخبولين؟ وهل شيعة العترة ينبغي أخذهم بما فعل الجهلة منهم؟
3. مما جعل رجال الملامة، يبثون في روع علماء المقاومة، ضرورة تنقية الثقافة الشعبية من الشركيات، التي ربما من أجلها يغدق الغرب على المخرجين الإيرانيين بأوسكاراتهم. إذ كلما رضي الغرب الماسوني عن شيء، إلا وفيه دخن ينبغي التعرف عليه لدفعه. والله يحب المتطهرين.
4. ولقد ربط رجال تأويل الأحداث والأحاديث، تمكين حلف دولة ممثل المهدي لهذا الزمان، بشرط الاستفادة من كل صواب يعرفه في كل مذهب من المذاهب، دون اعتماد أيا منها، درءا لمهلكات التنافر والفرقة، وجلبا لمنجيات التآلف والنصرة. فإن كان هذا الترتيب الضروري لبناء صرح الأمة الواحدة، ملزما لطوائف الشيعة، فمن باب أحرى وأولى أن يكون كذلك بالنسبة للمذاهب السنية خاصة الباغية، التي لا تخفي تعلقها ببدعة النواصب القاسطين، أو بدعة أهل الضرار الناكثين، أو بدعة الخوارج المارقين. أو المذاهب التي تقحم ضمن مصادر التشريع العرف والقياس وإجماع فرقة من الفرق، وحديثا أقحموا حتى مصادر التشريعت الدولية التلمودية، وسموها مغالطة أو جهلا "القوانين الكونية". والقوانين الكونية ينسبها العقلاء لعالم التكوين الخلقي وهي ببساطة قوانين الطبيعة.
5. ذلك أن أمير أئمة الهداية الموصى بهم، يأخذ علمه عن الله، عبر صاحب التنزيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعبر فهم صاحب التأويل سيدنا علي كرم الله وجهه. ولقد اتفق فقهاء علم الفتن، أن المهدي المنتظر سيلغي المذاهب كلها، وسيقيم الدين المحمدي الخالص، إذ لا يعقل أنه سيكون أقل علما من "مالك"، أو "الشافعي"، فينتسب مثلا إلى المذهب المالكي، أو الجنيد أو الأشعري، وقس على ذلك. أو سيسلم لعمر الفاروق، أو إلى أبي بكر الصديق، أو إلى عثمان ذي النورين، أو غيرهم نصيبا في وظيفة التشريع، الذي هو خالص لله ولرسوله. أما ما سكت عنه الشرع، فسوف يكون وارثا عن الذي أختصه الله بالتأويل، باب مدينة العلم سيدنا علي كرم الله وجهه، تأكيدا على وصية واجب التعلق بالثقلين الخليفتين.
6. والعجيب أن فقهاء أهل المذاهب السنية يرددون روايات الأتقياء من أهل الحديث جزاهم الله خيرا، ويعدونها حجة لهم وهي حجة عليهم. روي في الصحاح، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا بِأَيْدِيهِمْ ، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ ، وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلا مِنَ السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَعَلا ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ، ثُمَّ إنَّهُ وُصِلَ لَهُ فَعَلا . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ ، لِتَدَعَنِّي فَلأَعْبُرَنَّهُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اعْبُرْ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإِسْلامِ ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ ، فَحَلاوَتُهُ وَلِينُهُ ، وَأَمَّا مَا يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلَى الأَرْضِ ، فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، فَأَخَذْتَ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَصَبْتُ أَوْ أَخْطَأْتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَصَبْتَ بَعْضًا ، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا " . قَالَ : فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَتُخْبِرَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ . قَالَ : " لا تُقْسِمْ ".
7. فهل الذي يصيب ويخطئ في علم تأويل الأحداث والأحاديث يعقل أن يكون مصدرا من مصادر التشريع، أو خليفة للمسلمين، إن لم يكن مسددا ومواليا لأئمة الهداية، حجة الله في أرضه الوارثين لعلم التأويل اللدني، وهبا من رب العالمين، ووصية من إمام المرسلين؟ وفعلا كان الخلفاء الراشدون راشدين حقا لما كانوا مقبلين غير مدبرين على استشارة وترضية سيدنا علي كرم الله وجهه. وهلك الذين كانوا له من الكارهين. وصدقت نبوة سيد المرسلين: " لا يحبك منافق، ولا يكرهك مؤمن" . "اللهم والي من ولاه وعادي من عاداه".
محمد المهدي الحسني
الرباط 21 نونبر 2015