محمد المهدي الحسني
تكملة قصة
المكاشفات
أحاديث منتدى الغرابة
حكايات من نسج الخيال
24 غشت 2013
المحتوى:
تنبيه
نهاية ارتزاق
تدخل المحققين
عرفان من مقام الجمع
قال إنك لن تستطيع معي صبرا!!
شروق من بحر النيل
عز بعد ذل
مساهمة من ترينيداد!
حذر ميتة الجاهلية
عدل في الميزان وميزان في العدل
ويصير المباح واجبا!
عندما زال التنازع!
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار
تكملة قصة المكاشفات
أحاديث منتدى الغرابة
حكايات من نسج الخيال
تنبيه:
من بلاد أولاد حام، سنة 2056 !
بعد ثورة الشعوب التي عمت العالم انطلاقا من تونس…
حكايات من عوالم الشهادة، والخيال، والمثال، والغيب، والبرازخ التي بينها، لا يقيدها عقال…
فمن ربط أحداثها أو أشخاصها بما هو موجود في الوجود، فليتحمل تبعات الجحود بتنزيه الخيال عن القيود والحدود…
ولقد رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الحالم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المتخيل حَتَّى يعقل”.
تمهيد
فلما أتم مقدم شيوخ ربيع الشعوب قصته التي تلقاها من شاء الله أن يتلقاها، وانتفع بها من شاء الله أن ينتفع بها، ذكر الفتى فبرايار اقتراحه لحصة المناقشة فقال: اخترنا أن نخصص حصة كاملة لإمداد قصة المكاشفات بمساهمات المتتبعين لأنشطة منتدى الغرابة. ذلك أن عليها مدار نظرية الاستقطاب الرباعي التي فتح الله بها على مجالسكم. وذلك أيضا من إشراقات المتلقين لفتوحات المكاشفات، ما كنا نعلم منها شيئا في بداية مجالسنا، بل كنا نتساءل فيما بيننا ما مراد الله منها؟ فلم نكن نتوقع من تلك الفتوحات سوى ما ينتجه حسن ظن المتوكلين على ربهم. المترقبين لتنزلات الإشارات من خزائن الجود. ثم فتح الفتى فبرايار المجال لمساهمة شباب الوعي الجديد.
نهاية ارتزاق في الدين:
فكانت أول مساهمة من امرأة عرفت بنفسها : سعاد من سوريا، باحثة في معارف المحققين من أهل المكاشفة، قالت: ياشباب التمرد على فقهاء الفتنة، وعلى الأمراء الخاضعين لحلف الدجال، هل كنتم تتصورون أن منتداكم سيكون مددا للنبهاء من العلماء للاجتهاد في إنتاج فقه التأليف بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم وعرقياتهم؟ وهل كنتم تحلمون أن ثقافة المقاومة والمجد التي كنتم تنشرون، ستكون منتجة للقادة الجدد، الذين هم على قدم صاحب معركة حطين وصاحب معركة الأرك؟
فكأن الحماس حرك شابا من المتتبعين في مدينة أكليم الريفية، نسبة إلى جبال الريف المغربية، فقال : شخصيا، أستطيع أن أربط ذلك الاجتهاد بتحفيز مداوي كلوم العرب، لما قال في قصته الأخيرة : "ومن لازاد له في هذه العلوم، أي القطبية والإمامة والولاية، فلا حظ له في ثقافة المقاومة والمجد، وفي علم تأويل الأحاديث الذي ييسر التمكين. "
فاقترح الفتى فبرايار أن يركز المساهمون مشاركاتهم على الحدث العظيم الذي كانت قصة المكاشفات من ورائه. ألهمت قائدا من قادة الدول المنتسبة للسنة، لبناء وحدة المسلمين.
فانبرى أخ من أسيوط فقال: تذكرون ياشباب السطوع أنه أثناء الحرب العالمية الثالثة، ألقى الله في روع القائد العظيم فكرة أحرجت كثيرا فقهاء الفتنة إذ قال لهم: إخوانكم السياسيون العجم في منظمة المؤتمر الإسلامي قد سبقوكم في بناء التحالفات النافعة لشعوبنا لرفع التخلف والتبعية للغرب عن المسلمين. ولقد قرروا تجفيف موارد المرتزقة بفقه الفتنة والتناحر بين أهل القبلة. كان ذلك الاسترزاق من فساد دين ملوك الطوائف الأعرابية المتحالفين مع الصهاينة. ذهب الله بظلهم قبل الحرب، فما لكم من سبيل سوى إحياء شريعة الائتلاف.
وكان أقوى ما أقحم به فقهاء الفتنة سؤاله البديهي الذي توسع فيه خبراء استراتيجية الوحدة. قال لهم هل يستقيم لأمة التوحيد أن يكون لها رأسان، أو أن تطير بغير جناحين؟ ثم اقترح عليهم أن يقتبسوا من فقه المكاشفين الذين بنوا دولتهم تحت إمرة القطب وحلقت في السماء بجناحي إمامين متآزرين متحالفين. إمام مسلم عجمي في المشرق حرر القدس في معركة حطين، وما أدراك ما معركة حطين. وإمام عجمي مسلم في المغرب هزم جيوش أوروبا كلها في معركة الأرك وما أدراك ما معركة الأرك.
ثم كانت مساهمة في الموضوع من طالب قدم نفسه باسم عبد الصبور من أكراد الموصل فقال: كان فقهاء العراق آخر من التحق بركب الوحدة الكبرى لأمة الإسلام. ولقد قال كبيرهم نحن أصحاب العراق لا ننقاد حتى للمهدي المنتظر فما بالك بالذين من دونه. فذلك هو الاستكبار الذي جلب اللعنة على إبليس، وعانى منه أكراد وشيعة العراق تحت إرهاب الأعراب.
قال الفتى في نقطة نظام لئلا تتشعب المداخلات في ذكريات الشقاق والنفاق المؤلمة : ربما حان الوقت لإرجاع الكلمة إلى الأخت سعاد لكي تذكرنا بدراستها القيمة التي اعتمد عليها زعماء فقه الائتلاف وقادة التحرر والعزة والمجد.
تدخل المحققين في شريعة الائتلاف:
دخلت سعاد في صلب الموضوع فقالت: بعد تحفيز قصة المكاشفات، كانت لي مساهمة في دراسة، اكتشفت فيها أن المحققين من علماء الشيعة يلتقون بالمحققين من الصوفية السنة في مسألة العصمة والإمامة والمهدوية والقطبية. فكان ذلك منطلقا لانقلاب طرأ في منظمة المؤتمر الإسلامي.
فلما طلب الشباب المزيد من التوضيح، قالت الباحثة سعاد: هي دراسة أردت منها تعميق فهمي لنظرية الاستقطاب الرباعي التي فتح الله بها علينا في منتدى الغرابة. فوجدت أن علوم المكاشفة عند المحققين من علماء السنة وعلماء الشيعة، هي التي يسرت رأب الصدع بين المذاهب الإسلامية المختلفة. فكانت انطلاقة من كتاب "بلغة الغواص" قال فيه المكاشف بعد التذكير بحديث " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثمّ تصير مُلْكاً": لما ضعف الخليفة الحقّ الذي هو القطب القائم بوراثة النبوّة عن الظهور بها احتجب بالملك الذي هو الخليفة ظاهراً، وأطلق عليه اسمه لبقاء صلاح العالم به، والخليفة الذي هو القطب ناظر إليه وقائم به وممدّ له بحسب قبوله واستعداده.
قالت الباحثة في تلخيصها لما ذكره المكاشف: إذن، نحن أمام عالمين: ظاهر وباطن ؛ الظاهر منهما لا يلتفت إلى الباطن، أما الباطن فيدعم الظاهر ويمدّه بحسب قبوله لهذا الإمداد ولهذا العون، لأنه إمداد لا تسيير. ولا تنحصر سلطة الإمام الباطن بإمداد الملك الظاهر بل له الإمامة الكبرى التي تجعله صاحب السلطة الفعلي في الوجود. دولة الباطن على رأسها شخص واحد هو القطب أو الإمام الباطن أو الخليفة الباطن وغير ذلك من أسماء، وتضم دولته إمامين، هما إمام اليمين وإمام اليسار، كما تضم أربعة أوتاد يحفظ الله بهم الجهات، وسبعة أبدال يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة، والنقباء الإثنى عشر...
ثم سكتت الأخت سعاد حتى عمت المجلس سكينة غريبة، ألقت في روعها كلاما تقشعر منه الجلود: قالت : فلما استخف فقهاء الرسوم منتداكم وسخروا منه، كساه الله حلة " من تواضع لله رفعه "، فصرتم في حساب أهل الباطن الممدين للصالحين منهم، ولأمراء الظاهر، العادلين منهم .
عرفان من مقام الجمع:
فتبسم مداوي كلوم العرب من قولها وقال: ولربما الأمر يقتضي المزيد من التوضيح والبيان، من خزائن التصريح والعرفان. القطبية هي من خصائص عالم الشهادة الذي قيده الحق بقهر السبح حول النقطة التي تعقله أي تجذبه بقوانين الطبيعة، من أصغر ذرة إلى أوسع مجرة. سماه أهل العرفان العقل الأول. وكل معقول، فهو الموجود في عالم الشهادة. ولربما كانت العقلانية الديكارتية مقتبسة من هذا الكشف لما قالت : أعقل إذن أنا موجود. أما العالم اللطيف الذي لا تقيده الأركان ولا يحكمه زمان، فأبعاده مطوية عن عالم الشهادة مفتوحة في عالم الغيب والبرازخ. وهو الممد بأنواره المطلقة لعالم الشهادة المقيد. تسبح في أفلاكها من أصغر فلك في الذرة إلى أوسع فلك في البيت المعمور تدخله الأنوار الملائكية فلا تكمل دورة في فلكه لاتساعه العظيم.
ولقد ألقى مداوي الكلوم في روع العارفين ذوقا صحيحا عن القطبية فقال: فاعلم أن الأمور كثيرة مختلفة في العالم فكل شيء يدور عليه أمر ما من الأمور، فذلك الشيء قطب ذلك الأمر... ومن جملة أصناف العالم: الأناسي، وهم المقصودون من وجود العالم بالقصد الثاني لا بالقصد الأوّل. وأما القصد الأول فالقصد بوجود العالم عبادة الله أعني عبادة العرفان الحادث لكمال الوجود. غير أنه في كل صنف من أصناف العالم تام وغير كامل. وما كمل العالم إلا بهذه النشأة الإنسانية الكاملة، وما عدا، فهو الإنسان الحيوان المسمى بالحد حيواناً ناطقاً. والأقطاب من الكمل...
فما زال الشيخ في كلامه العميق ما كاد يقطعه سوى تدخل لطيف من مشاركة، انتسبت إلى فضائية أعرابية تعج بالتزويرات والأباطيل، قالت: وما أكثر رويبضات ذلك الحيوان الناطق بالكلم المحرف عن مواضعه، في عالم السياسة وفي دين العلمانية التلمودية الراضع من ثقافة الانهزام، قبل التغيير الذي فرج الله به على الأمة بعد الحرب العالمية الثالثة!!! ومن المؤكد لنا الآن أن بعض فقهاء الفتنة كانوا من صنف الحيوان الناطق بالزور وتحريف الكلم عن مواضعه. فهو لا يعتبر الكمال إلا في نفخ الأوداج بزخرف القول، وفي التحريض على تفجير السذج في بيوت الله وفي الأسواق!!!
قال إنك لن تستطيع معي صبرا!!
ترك الشيخ ثواني معدودات، لشباب المنتدى، للانبساط والضحك من مداخلة الأخت التائبة من زور إعلام الفتنة، كانت توجهه مخابرات عصاة بني إسرائيل، ويموله قادة الفساد من الأعراب المتحالفين معهم. وظهر لمداوي كلوم العرب، أن من واجبه محاولة إفراغ بعض المصطلحات من حمولاتها التي لا يطيقها فقهاء الرسوم، خاصة من كان منهم منتجا لفقه الاختلاف، ضاق علمهم، فكثر اعتراضهم. فقال: كل من دار عليه أمر جماعة من الناس في إقليم أو جهة كالأبدال في الأقاليم السبعة لكل إقليم بدل هو قطب ذلك الإقليم، وكالأوتاد الأربعة لهم أربع جهات يحفظها الله بهم من شرق وغرب وجنوب وشمال لكل جهة وتد، وكأقطاب القرى فلا بد في كل قرية من ولي لله تعالى، به يحفظ الله تلك القرية سواء كانت تلك القرية كافرة أو مؤمنة فذلك الولي قطبها وكذلك أصحاب المقامات فلا بد للزهاد من قطب يكون المدار عليه في الزهد في أهل زمانه وكذلك في التوكل والمحبة والمعرفة وسائر المقامات والأحوال لا بد في كل صنف صنف من أربابها من قطب يدور عليه ذلك المقام.
ولقد حصر مداوي الكلوم للمكاشف عدد الكمل من الأقطاب بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة في إثني عشر قطبا، والختمان أي عيسى والمهدي المنتظر خارجان عن هؤلاء الأقطاب.
قال مداوي كلوم العرب مبينا رأيه في الأمر: هذا الحصر القريب من نظرية الإمامية الإثناعشرية، ربما أحرج الناس وحجر واسعا من رحمة الله، وتعارض مع وعد تجديد الدين للمسلمين، على رأس كل مائة من السنين. لذا نحسب أن مجدد كل قرن من جملة الأقطاب، لرفع حرج الانتظارية المهدوية عن المسلمين. ولقد وسعنا في نظرية الاستقطاب الرباعي من ترصدنا للفاعلين بالخير أو بالشر في كل قرن، الذين هم إرهاص ومقدمة للفاعلين فيه في آخر الزمان. وهم أولا ممثل المهدي المنتظر، وثانيا ممثل الدجال، وثالثا ممثل عيسى بن مريم، ورابعا ممثل ياجوج وماجوج. ذلك من أجل تحقيق هدفين مصيريين: أولا بناء التحالفات النافعة للأمة لتحقيق غايتها الاستخلافية. ثانيا من أجل توجيه الفرد في مسألة الولاء والبراء خدمة لغايته الإحسانية. والغايتان الجماعية والفردية من كلمات الله الأمرية التي نطقت به قوانين الشريعة في قوله تعالى : {{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ... }} " سورة النحل من الآية 90".
شروق من بحر النيل:
ثم كان من المتدخلين قبطي مسلم، تشرق شمسه من بحر النيل العظيم في مدينة أخميم المصرية.
قدم نفسه من الفرقة الإخوانية التي راجعت الفقه الاستراتيجي الإخواني بعد الحرب العالمية الثالثة. قال: خلال الحرب استفدنا كثيرا من تطبيقات نظرية الاستقطاب البانية للوحدة الإسلامية الكبرى. وهي في الحقيقة من تطبيقات نظرية وحدة الكون، واندراجه في الأصل النوراني الذي بينته الآية الخامسةُ والثلاثون من سُورَةِ النُّورِ :{{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... الآية }}. وهي كذلك من إلهامات وحدة الخلق النباتي بمعنى الخلق الذي ينمو، ومنه الإنسان، كما يفهم من قوله تعالى {{ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا }} "نوح/ 17 ". وهي كذلك من مكاشفات مبايعة النبات للقطب. ومن مساررات تسبيحات الحصى في يده. ومن مشاهدات اندراج الكون كله في القطب، والتي قال عنها المكاشفون: إن من لم يذق علم الاندراج، ( وهو علم قريب من التطورية الحديثة)، فليس من القطبية في شيء.
واسمحوا لي بالرجوع إلى الماضي القريب لتوضيح قيمة النظريات اللواقح التي هي من العلم النافع الدامغ لباطل الجدل المضل. لا يخفى عنكم أنه لما قضى يهود، بعون بعض الأعراب، في القرن الماضي على قطبية الخلافة الإسلامية في تركيا، انتقلت حقيقتها من الظاهر إلى الباطن. فكانت قطبية بني إسرائيل هي الظاهرة في العالم. وهي قطبية لا تهمنا لأنها تخص أمة أخرى غير أمة الإسلام. وجدد الله لأمة الإسلام دينها في ذلك القرن في شخص إمام باطن وهو البنا رحمة الله عليه. ثم جدد الله للأمة دينها في هذا القرن بإمام ظاهر بنى دولة إسلامية بعدما ألهمه الله أن يستفتي أمة العجم المسلمين في الاختيار بين دولة علمانية أو دولة إسلامية.
فانزعج حلف الدجال من ظهور قطب جامع للسلطان والقرآن في شخص قطب ظاهر. فكانت مكيدة يهود الكبرى: السعي الحثيث لتنصيب رأس آخر لأمة المسلمين، من أجل إشعال الحرب بين طوائفهم وأجناسهم. ونجحوا في ذلك لما أعلن فقهاء الفتنة الجهاد ضد الشيعة تحت راية صدام ثم تحت حكم الإخوان. فكان ذلك سببا في تطبيق شرع الله على الإخوان، حدا من حدود الله رحمة بهم. هيأ الله من عزلهم عن مسؤولية سفك الدماء. والمنفذ للعزل من أمثال السبسي، يحركه طلب الإمارة، فكانت عليه حسرة وندامة تلطيخ يديه بدم المسلمين. وهو في نفس الحين ينفذ من حيث لا يدري حدا من حدود الله، ربما دون أن يؤجر عليه، لأن الأعمال بالنيات، والله أعلم بنياتهم. والحد المعني بينه حديث " إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما". ( الراوي: أبو سعيد الخدري؛ خلاصة الدرجة: صحيح؛ المحدث: مسلم.) والخليفتان نقصد بهما خليفة المنتسبين للشيعة وخليفة المنتسبين للسنة. وكلمتا "شيعة" و"سنة" {{ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}} "النجم/ من الآية 23 ". لأن الدين المحمدي واحد. والسياسة التي فرقته في الانكسار التاريخي الأموي، نتجاوزها بحكمة {{ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون.}} (البقرة:134،141). فما كان واقعا في السياسة في العصور الغابرة لا حكم له في سياسة زمننا. ولما كان التأخر لخليفة أهل السنة، استحق العزل، رحمة به وبالمسلمين وحقنا لدمائهم. فانظروا يا شباب المقاومة حكمة الله ولطفه فيما جرت به المقادير. ولقد تكرر قدر العزل في الجزائر ومصر وتونس والسودان وأفغانستان ويوشك أن يكون نفس الأمر حتى بالنسبة للجماعات السنية في المغرب، وغيرها من الحركات المنتسبة لأهل السنة. وبعد الحرب العالمية الثالثة لم يفلح منهم في قومته على دين العلمانية التلمودية، إلا من فعل الصواب مع قوانين الشريعة وقوانين الطبيعة وفهم مراد الله وحكمة لطفه في قوانينه القدرية:
• فطبق قوانين الشريعة لبناء التحالفات والتحيزات الواجبة شرعا. ذلك بالنظر لأمره عز وجل : {{ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}}، "الأنفال : 16". وتولية الدبر لحماة دين العلمانية التلمودية المعطلة لشريعة القرآن، لكي لا يفقد المسلمون بوصلة سبحهم.
• وشاهد عبر قوانين الطبيعة، تأييد الله بالمنعة والقوة والسلطان، للخليفة المُتَحَيَّز إليه. فشتان ما بين سلطان يبني قوته على سم صدقات أعداء الدين، كجيوش الدول العربية المنقرضة بعد الحرب العالمية الثالثة، وبين سلطان يَعُدُّ للمعتدين ما استطاع من قوة ذاتية خالصة، لا تتحكم فيها شروط أعداء الإسلام. ولم يتحقق ذلك، قبل الحرب وأثناءها، وبعدها، إلا عند جيوش المسلمين العجم.
• وفهم من قوانينه القدرية تلك السنن الاستخلافية المؤصلة لنظرية الاستقطاب الرباعي، مثل قانون المن على الذين استضعفوا، وقانون التداول على الأيام بين الناس. كتداول العرب والعجم على الحكم وتداول طوائف المسلمين من "سنة" و"شيعة" على الأيام... والله أعلم.
فلما أتم الأخ الأخميمي القبطي مساهمته لإثراء قصة المكاشفات، شكره المتتبعون لمنتدى الغرابة في كل بقاع العالم الحامي، ورد عليه بالقبول جل أحفاد المهاجرين والأنصار والأشراف من أهل الحجاز واليمن والمغرب المحبين لآل البيت. ( وبالمناسبة نلاحظ أن العالم الحامي من بين العناصر التي تعرفه ذلك العنصر الطوبونيمي الذي يخترق العصور، فيجعل الاسم المذكر يبتدئ بالألف، مثل أخميم وأسمرة وأسيوط وأرفود وأكدود وأكليم)...
لكن بعض شباب نجد، وأحفاد نواصب الشام، وأهل الشقاق والنفاق في العراق، بقي في قلوبهم شيء ضد الوعي الجديد الذي أنتجه منتدى الغرابة. شعر بذلك الفتى فبرايار، فطلب المزيد من توضيحات الأخت السورية سعاد. فقال : ربما لرفع الإشكالات المعيقة لجمع شمل الأمة، نرجع الكلمة للأخت سعاد التي كانت أبحاثها رافدا مهما من روافد فقه الائتلاف.
فقالت الأخت سعاد : أستغفر الله، أن أنسب شيئا لنفسي، وخاصة ذلك الحدث العظيم الذي قال عنه رب العزة والجبروت {{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }} "الأنفال : 63". فالتأليف بين طوائف الأمة هو من أفعال الله القدرية. نسعى له لكي نحققه سعيا تأمر به قوانين الشريعة. ونتخذ من الوسائل ما نستطيع من قوانين الطبيعة. ويقيد الله له قطبا يعقل الأمر. وهنا ينبغي رفع إشكال آخر يتعلق بمسألة القطب الجامع للولاية والخلافة والعصمة، الذي يكون مركز الأطماع والدعوى على مر العصور. فمن المعلوم أن لكل أمر يخص الإنسان ختماً، فالرسالة والنبوّة خُتمتا بشخص رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه، فلا نبي بعده ولا رسول. وكذلك الولاية العامة خُتمت بشخص عيسى عليه السلام. وللإمامة أيضاً ختماً هو المهدي وهو الإمام الأكبر. وقولنا إنّ المهدي هو ختم الإمامة يعني أنّ الله سبحانه جمع له في إمامته كافّة وجوه الإمامة التي ظهرت متفرقة فيمن سبقه من الأئمة، هذا من جهة. ومن جهة ثانية إنّه لن يأتي بعده إمام يكون هو الواحد المتبوع في الزمان.
فنفهم أن ما تفرق من وجوه الإمامة هو من الإرهاصات التي ذكرنا.
أما الكلام عن عصمة الإئمة فهي كذلك إرهاصات لعصمة ختمهم الأكبر، التي لا اختلاف فيها، استنادا إلى حديث نبوي ينصّ فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام أنّ الإمام المهدي معصوم في أحكامه، يقول صلى الله عليه وسلم : يقفو أثري لا يخطئ.
عز بعد ذل:
قالت الباحثة سعاد : وينتج عن ذلك أمران: الأمر الأول، ارتفاع المذاهب الفقهيّة من الأرض لانتفاء الحاجة إليها بوجود الإمام المعصوم في أحكامه. يقول المحققون عن الإمام المهدي: يقيم الدين، ينفخ الروح في الإسلام، يعز الإسلام به بعد ذله ويحيا بعد موته [...] يُظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله عليه الصلاة والسلام، لحكم به، فيرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخاص.
وهنا طلب التدخل أنصاري من المدينة فقال: لقد كان مرتزقة الوهابية النجدية قرن الشيطان، أشد الناس التصاقا بمذهبهم المكفر المفجر، فهم بذلك الد أعداء الممثلين للمهدي المنتظر المجددين، كما سيكون حالهم مع المهدي المنتظر في آخر الزمان.
قالت الباحثة سعاد متممة عرضها: الأمر الثاني... يحرّم المهدي على نفسه القياس إتّكاءً على ما يأتيه من أحكام. وهذا لا يعني أنّه غير خبير بالقياس بل العكس يعلمه ليتجنّبه. ولا سيما وهو يعلم أنّ مراد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله التخفيف في التكليف عن هذه الأمّة، ولذلك كان يقول: { اتركوني ما تركتكم }، وكان يكره السؤال في الدين خوفاً من زيادة الحكم.
مساهمة من ترينيداد!
ثم تناول الكلمة رجل انتسب إلى آل الندوي في الهند فقال : لقد وفق الله المجتهدين في بناء نظرية الاستقطاب الرباعي، للكشف عن أسرار الخلاص في كل عصر، عوض انتظار خلاص آخر الزمان الذي تفصلنا عنه ربما ملايير السنين، أو أقل أو أكثر من ذلك، ولا يعلم توقيته إلا الله. فلسنا مطالبين بالانشغال بتوقيت زمن المهدي. ذلك التهمم يذكرنا بسؤال من سأل النبي : متى الساعة؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم وعلى آله " ماذا أعددت لها؟". فماذا أعددنا نحن في عصرنا لخلاص أمتنا، وخلاص أنفسنا في الدنيا وفي الآخرة ؟ ولقد وصلت هذه النظرية إلى أخينا عمران حسين الترينيدادي الهندي الأصل، فراجع مواقفه في حق قطب الزمان، فصارت مساهماته الفكرية السمعية البصرية أشد فتكا بالفقه الوهابي العنيف، لما فرغ وقته للاجتهاد في تعيين ممثل المهدي لهذا العصر.
وهنا تدخل الفتى فبرايار للكشف عن تطبيقات نظرية الاستقطاب الرباعي في مسألة الخلاص الجماعي والفردي، فقال: إن من التطبيقات المهمة لنظريتنا هي تلك الأفكار اللواقح التي تتعلق بالإرهاصات والاستعدادات الكونية لاستقبال المهدي. فكما أننا تحدثنا عن ممثل المهدي لكل عصر، كان همنا قبل الحرب مناقشة تلك الأوصاف التي ينبغي توفرها في المرشح لمنصب حجة الله في خلقه لزماننا.
حذر ميتة الجاهلية:
فاتجهت الأنظار صوب مقدم شيوخ الربيع الذي سماه إخوان منتدى الغرابة "مداوي كلوم العرب". فلم يسعه سوى البوح بأسرار العلم النافع التي تنتجها الزوابع الفكرية الشبابية عندما تجد من يحسن رعايتها، عوض تأجيرها لتنفجر في بيوت الله. قال الشيخ الجليل: قبل الحرب، تأكد واجب الوقت : كان ينبغي على كل طوائف المسلمين البحث عن قطب الزمان الذي كساه الله من أوصاف المهدي وأعماله الجليلة، وإن كانت غير كاملة، لأن كمالها لن يتم إلا لمهدي آخر الزمان، كما أخبرت به الأحاديث. ذلك من أجل مساندته وإمداده. وتلك هي المبايعة الشرعية التي يوشك أن يقع المعرض عنها تحت وعيد الحديث: { ... من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية } ذكره مسلم في صحيحه. ولقد كان أهل الله أشد الناس شوقا للقائه، وإن لم يكن وجوب الإمامة أصلا من أصول الدين في مذاهب المنتسبين للسنة... ولقد رأى الفقيه المكاشف ابن عربي في موضوع بيعته كشفا صريحا، يذوقه كل من نزل منزل العارفين بأمر القطبية، فقال : ... المبايعة العامة لا تكون إلا لواحد الزمان خاصة، وأن واحد الزمان هو الذي يظهر بالصورة الإلهية في الأكوان. هذا علامته في نفسه ليعلم أنه هو، ثم له الخيار في إمضاء ذلك الحكم أو عدم إمضائه والظهور به عند الغير. فذلك له، فمنهم الظاهر ومنهم من لا يظهر ويبقى عبداً، إلا إن أمره الحق بالظهور فيظهر...
وذكر المعلم الأكبر صورة البيعة في أحد العوالم المطوية أبعادها عنا، يسمى عالم المثال، فقال: إن الله سبحانه، إذا ولى من ولاه النظر في العالم، المعبر عنه بالقطب، وواحد الزمان، والغوث، والخليفة، نصب له في حضرة المثال سريراً أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة كما أنبأ صورة الاستواء على العرش عن صورة إحاطته علماً بكل شيء... فإذا قعد عليه بالصورة الإلهية وأمر الله العالم ببيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره ... فأول مبايع له العقل الأول، ثم النفس، ثم المقدمون من عمال السموات والأرض من الملائكة المسخرة، ( وهنا نتذكر ما قلناه في سخرة إسرافيل بنفخه في الصور من الثقب السوداء إلى ذرات الجماد؛ وسخرة ميكائيل بجلبه للغذاء للنبات الذي له خاصية النمو ومنه الإنسان؛ وسخرة جبرائيل بنفخه للروح والوحي الذي يحيي القلوب لعبادة ربها، أي لمعرفته)، ثم الأرواح المدبرة للهياكل التي فارقت أجسامها بالموت ثم الجن ثم المولدات...
قال المكاشف : وهذا المنزل يتضمن مبايعة النبات من المولدات ويدخل فيه قوله في الأجسام الإنسانية {{ والله أنبتكم من الأرض نباتاً}}...
ثم فرق المكاشف بين مبايعة كل من يدور حول فلك وسماه نجما، وبين مبايعة من هو مخلوق على ساق، وسماه نباتا، له خاصية النمو وهو العالم الحي. الخلق الأول الذي سماه المعلم الأكبر نجما، هو في نظرنا بلغة العصر العلمية عالم الجماد من أصغر ذرة إلى أعظم مجرة. مبايعته قهرية أخبرنا بها ربنا عز وجل في قوله تعالى: {{ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}} "فصلت / 11".
أما مبايعة الإنسان فهي اختيارية. قال عنها المكاشف: واعلم أن الإنسان شجرة ( بمعنى أصله خلية جذعية حية تنمو وتتشكل حسب استعدادها : cellules souches ) من الشجرات، أنبتها الله شجرة لا نجماً، لأنه قائم على ساق. وجعله شجرة من التشاجر الذي فيه لكونه مخلوقاً من الأضداد تطلب الخصام والتشاجر والمنازعة (dycotomie, differenciation… ) . فلما كان الناس شجرات، جعل فيهم ولاة يرجعون إليهم إذا اختصموا ليحكموا بينهم، ليزول حكم التشاجر. وجعل لهم إماماً في الظاهر واحداً يرجع إليه أمر الجميع لإقامة الدين. وأمر عباده أن لا ينازعوه. ومن ظهر عليه ونازعه، أمرنا الله بقتاله، لما علم أن منازعته تؤدي إلى فساد في الدين الذي أمرنا الله بإقامته.
أصل ذلك في قوانين الشريعة قوله تعالى : {{ ... أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ... }}، "سورة الشورى: من الآية 13].
وأصله في قوانينه القدرية قوله تعالى: {{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}}.
فمن هناك ظهر اتخاذ الإمام، وأن يكون واحداً في الزمان ظاهراً بالسيف. فقد يكون قطب الوقت هو الإمام نفسه، كأبي بكر وغيره، وقد لا يكون قطب الوقت، فتكون الخلافة لقطب الوقت الذي لا يظهر إلا بصفة العدل. ويكون هذا الخليفة الظاهر من جملة نواب القطب في الباطن من حيث لا يشعر. فالجور والعدل يقع في أئمة الظاهر ولا يكون القطب إلا عدلاً. وأما سبب ظهوره في وقت وخفاء بعضهم في وقت، فهو أن الله ما جبر أحداً على كينونته في مقام الخلافة، وإنما الله أعطاه الأهلية لذلك المقام، وعرض عليه الظهور فيه بالسيف، حسبما ما أمره. فمن قبله، ظهر بالسيف، فكان خليفة ظاهراً وباطناً، ما ثم غيره. وإن اختار عدم االظهور، لمصلحة رآها، أخفاه الله، وأقام عنه نائباً في العالم يسمى خليفة، يجور ويعدل، وقد يكون عادلاً على قدر ما يوفقه الله سبحانه، ويكون حكمه، وإن كان جائراً، حكم الإمام العادل: من نازعه قتل، فإنه المنازع، وأمرنا الله أن لا نخرج يداً من طاعته، وأخبرنا أنه من عدل منهم فلهم ولنا، ( أي يفلح الحاكم والمحكوم)، وأن من جار منهم فعليهم ولنا. ( بمعنى خسارة الحاكم دنيا وأخرى، وللمظلوم أجر الآخرة على صبره).
عدل في الميزان وميزان في العدل:
ثم بين لنا المعلم الأكبر، ما استشكل من أمر العصمة في المذهب الإمامي، فقال : ولما كانت الإمامة عرضاً، كما كانت الأمانة عرضاً، والإمامة أمانة، لذلك ظهر بها بعض الأقطاب، ولم يظهر بها بعضهم. فنظر الحق لهذا القطب بالأهلية. ولو نظر الله للإمام الظاهر بهذه العين، ما جار إمام قط كما تراه الإمامية في الإمام المعصوم، فإنه من شرط الإمام الباطن أن يكون معصوماً وليس الظاهر... ومن هنا غلطت الإمامية، فلو كانت الإمامة غير مطلوبة له وأمره الله أن يقوم فيها، عصمه الله بلا شك عندنا، وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قررناه كله، فنبه على العرض بفعله، حيث لم يجبر أحداً على ولاية، بل ذكر أنه من تركها كان خيراً له، وأنها يوم القيامة حسرة وندامة، إلا لمن قام فيها بصورة العدل. ونبه على عصمة من أمر بها، بقوله فمن أعطيها عن مسألة، وكل إليها، ومن جاءته من غير مسألة، وكل الله به ملكاً يسدده وهذا معنى العصمة.
ثم ذكر المعلم الأكبر كلاما عميقا في حقيقة الشورى، يضيق الوقت لذكره، ربما ذكرناه في مجالس أخرى تقارنه مع الديموقراطية العصرية.
ويصير المباح واجبا!
ثم بعد مسألة العصمة، بين الفقيه المكاشف رحمة الله عليه مسألة طاعة أولي الأمر ما هي حدودها فقال: السعيد من عرف إمام وقته، فبايعه وحكمه في نفسه وأهله وماله، كما قال صلى الله عليه وسلم في حق نفسه لا يكمل لعبد الإيمان حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين ولهذا يشترط في البيعة المنشط والمكره.
وانطلاقا من قوله تعالى : {{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }} قال : وهم ( أي أولو الأمر) الأقطاب والخلفاء والولاة، وما بقي لهم حكم إلا في صنف ما أبيح لك التصرف فيه، فإن الواجب والمحظور من طاعة الله وطاعة رسوله، فما بقي للأئمة إلا المباح. ولا أجر فيه ولا وزر. فإذا أمرك الإمام المقدم عليك الذي بايعته على السمع والطاعة بأمر من المباحات، وجبت عليك طاعته في ذلك وحرمت مخالفته. وصار حكم ذلك الذي كان مباحاً، واجباً. فيحصل للإنسان إذا عمل بأمره أجر الواجب، وارتفع حكم الإباحة منه بأمر هذا الذي بايعه.
فكانت لنا تلك العلوم القيمة، أصلا من الأصول التي صالحت الشعوب مع أمرائها المتحالفين مع قطب الزمان، بعدما صدقوا ما عاهدوا الشعوب عليه من إقامة الدين كله، بعيدا عن الفرقة، وعن الخضوع لدين العلمانية التلمودية.
عندما زال التنازع!
ولقد فتح الله لابن عربي في هذا العلم الذي دونه تحت عنوان " معرفة منزل مبايعة النبات القطب، صاحب الوقت في كل زمان"، سنة 591 هجرية في مدينة فاس. وقال عن المناسبة الغريبة التي يسعد منتدى الغرابة التذكير بها، فألا مباركا، واستبشارا مؤزرا بانتصارات الحرب العالمية الثالثة، قال المكاشف بالعلم اللدني الذي لقنه له الروح العظيم الذي يسمى مداوي الكلوم: "ومن هذا المنزل، علمنا حين وقفنا عليه، سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، نصر المؤمنين على الكفار قبل وقوعه، بمدينة فاس من بلاد المغرب".
ثم خلص شيخ ربيع الشعوب الذي سماه الشباب في منتدى الغرابة مداوي كلوم العرب، إلى نتيجة عرفانية فقال: ربما كانت تلك المكاشفات من المبشرات التي ساعدت المسلمين على التغلب على النصارى المحاربين في إسبانيا في معركة الأرك الشهيرة في صيف سنة 591 ه، موافق سنة 1195 م. أما بالنسبة لزمن الحرب العالمية الثالثة سنة 2016 م، فأنتم على علم ببركة الفتوحات التي أظهرها الله على أيديكم، كان أثرها في جمع شمل الأمة عظيم... فلما اجتمعت الأمة على التحالف مع قطب الزمان الذي أظهره الله بالسلطان والقرآن، زال التنازع والفشل، فانتصر المسلمون على أعدائهم الذين انقضوا عليهم كرجل واحد في الحرب العالمية الثالثة. ولقد كان الانقضاض والنصر تماما كما كان في حطين زمن الحرب الصليبية الثالثة، ومثله زمن الموحدين في معركة الأرك. وكانت نفس الأسباب وراء النصر العظيم.
ومن ضمن تلك الأسباب كان هناك عامل في غاية الأهمية، فتح الله به على الملك الموحدي يعقوب المنصور رحمة الله عليه، فظهر لأهل الله أنه قد توفرت فيه صفات إمام اليسار للقطبية الظاهرة بالسلطان والقرآن في ذلك الزمان، كما ظهرت في عصرنا هذا.
فمن منكم يا شباب يذكرنا بالعامل الجالب للنصر لذلك الأمير الأمازيغي المسلم؟ وكان قد توفر كذلك في إمام اليمين : الأمير الكردي صلاح الدين الأيوبي، فانتصر على الصليبيين وحرر القدس بعد معركة حطين، وكان ذلك النصر سنة 1187 م قبل وقعة الأرك بثمان سنين؟
وما هي عناصر الشبه بين انتصارات العجم المسلمين في قرن الإمامين يعقوب المنصور الأمازيغي وصلاح الدين الكردي، وبين انتصارات العجم المسلمين لهذا القرن في الحرب العالمية الثالثة؟
فلما تحمس الشباب للجواب، وأوشك المجلس على الدخول في موضوع من أخطر المواضيع، تدخل الفتى فبرايار مستفتيا فقال: لما كانت هذه العوامل سببا للمسلمين في انتصارهم على الغزاة في الحرب العالمية الثالثة، ربما من المنصف أن نخصص لها جلسة كاملة من مجالس منتدى الغرابة فماذا تقترحون؟
فاتفق الحضور على تخصيص حصة كاملة للتذكير بالعوامل التي تكررت عند القطب والإمامين، فكانت سببا لتحرير القدس، في الماضي البعيد والماضي القريب. ذلك من علم تأويل الأحاديث، من فتوحات قوله تعالى : {{... وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }} .
وكان الختم من مداوي كلوم العرب، قال فيه: لنتغافر فيما بيننا ونستغفر الله عما جانب الصواب في مجلسنا. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ جَلَسَ في مَجْلس فَكثُرَ فيهِ لَغطُهُ فقال قَبْلَ أنْ يَقُومَ منْ مجلْسه ذلك : سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك : إلا غُفِرَ لَهُ ماَ كان في مجلسه ذلكَ » رواه الترمذي . وصلى الله وسلم على البشير النذير وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار...
ثم انفض الجمع المبارك على وقع طبول الجيش الموحدي، لا تزال أسوار قلعة الأرك، وأبراج الجيرالدا تبثه، عبر قنوات ثقافة المجد والسطوع، {{ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}} [ق: 37]، وتلطقته الهوائيات المنصوبة على أبراج صومعة الكتبية في مراكش، وصومعة حسان برباط الفتح.
حرر برباط الفتح
يوم السبت 17 شوال 1434 هـ ؛ 24 غشت 2013 م
محمد المهدي الحسني