كيف تنتزع الشعوب حقها في دولة العدل والرخاء
التي يرضى عنها ساكن الأرض وساكن السماء؟
من الواضحات التي لا يختلف عليها اثنان، أن توحيد شعوب الأمة الإسلامية تحت قيادة راشدة ضرورة طبيعية وشرعية وقدرية. وهي من أولى الأولويات، تسبق أولوية تحرير القدس، تمنعه دولة ممثل الدجال لهذا الزمان، خوارقها التكنولوجية وإمكاناتها لا ينكرها إلا معتوه.
1. ضرورة طبيعية:
· لأن دولة ممثل الدجال العابرة للقارات لا يمكن معارضتها إلا بنقيضها: دولة الممهد للمهدي.
· لأن الجسد الذي فقد الرأس المدبر، يفقد جنسه ويتلاشى فصله. ربما خلاياه تتكاثر. لكنه تكاثر الغثائية التي تفتقد إلى تصميم وخطة. فيتحول الجسم إلى ورم سرطاني بدون هدف أو وجهة أو وظيفة، فيدمر نفسه بنفسه.
2. واجب / ضرورة شرعية:
تقتضى تصحيح واجب الوقت في مسألة الولاء والبراء. يفضي إلى إحياء واجب الولاء للفئة التي بغي عليها. والبراء من الفئة الهاجمة الباغية.
{{ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}}. (الحجرات: 9).
والحذر من كبيرة الهروب من جهاد الصائلين لرد عدوانهم بمثل ما اعتدوا علينا. علما أن الجهاد أنواع وأنواع: أفضله كلمة حق عند سلطان جائر... وأذكاه جهاد يحقق الأهداف الصالحة بدون دم أو هدم أو إنفاق درهم : {{ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (الأنفال: 16).
والوحدة / التحيز له ضوابطه الشرعية المبينة في محكم القرآن وصحيح الحديث:
· التحيز والتحالف مع أول إمام أظهره الله من العترة المنصورة بالمسلمين العجم - إخوان سلمان الفارسي - لما تخاذل العرب وأصبحوا بغاة لا يتناهون عن الدم والهدم وإهلاك الحرث والنسل.
· الوحدة من الواجبات الشرعية التي يأثم المسلمون جميعا إن لم تتم إقامتها.
· وهي حسب المتوفر منها على أرض الواقع، إما فرض كفاية وإما فرض عين:
+ فرض عين على الكيانات الكبرى والتجمعات المعتبرة للمسلمين كمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية واتحاد المغرب الكبير وغيرها من التكتلات الرسمية الجامعة لعدة دول...
+ فإن لم يتم هذا الواجب الشرعي على هذا المستوى الأول اعتبر ذلك فشلا يعزل تلقائيا المسؤول الأول في ذلك التكتل. أو اعتبر الفشل دليلا على اختطاف الكيان من لدن أعداء الأمة. وحينئذ، يكون واجب التحيز لدولة حجة الله الظاهرة، فرض عين على كل قطر من الأقطار الإسلامية.
+ وإن لم تقمها الدولة القطرية صارت فرض عين على الجماعات والأحزاب وجمعيات المجتمع المدني في تلك الدول.
+ وإن لم تقمها الجماعات والأحزاب والجمعيات، صارت فرض عين على كل أفراد المجتمع.
· فلا يلومن الشباب إلا أنفسهم إن لم يفطنوا لأقصر الطرق الشرعية للمطالبة بحل مشاكلهم بهذه الطريقة السلمية.
· وهي الوحيدة المأمور بها شرعا لمقاربة تسديدة القرن نحو الدولة الظاهرة بالقرآن والعترة.
· وهي المقاربة الممهدة للخلافة التي يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض.
· تسديدة واحدة فردة لا تتكرر في القرن مرتين. وإلا فقد معنى الوحدة والأمة الواحدة ومجدد القرن وحجة الله في أرضه.
· وهي من أهم الوصايا القرآنية لتحقيق الغاية الاستخلافية. الغاية الاستخلافية بمعنى تحقيق العدل والتقدم التكنولوجي والرفاهية والرخاء الذي يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء. وكاد الفقر أن يكون كفرا. وهي الدنيا المحمودة التي تصلح أن تكون مطية للآخرة، للفوز في يوم الحساب: {{... يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ...}}. (الإسراء: 71).
· فمن بذل النفس والنفيس لتحقيق الغايتين عبر هذه الوسائل السلمية فهو من الشهداء حيا أو ميتا. {{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ...}} (البقرة:143).
· ومن تحيز إلى الفئة الظالمة الباغية المتحالفة مع دولة ممثل الدجال لهذا الزمان فلا يلومن إلا نفسه إن تكررت عليه قوارع الفشل وتأديبات ذهاب الريح... لأنه أصر على معارضة القدر...
3. الوحدة/التحيز قضاء قدري :
لتحقيق وعد الله في جعل التمكين دولا بين الناس. {{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }}." آل عمران: 26" ... {{... لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ...}} (الملك: 2). و{{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (الأنعام: 124). {{ ... وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ...}}. " الأنعام"
وأستغفر الله.
الرباط - 3 يناير 2016
محمد المهدي الحسني