الاقتصاد في الجهاد
أو : الجهاد المحمود لبلوغ المقصود
هل الصحوة السنية تزايد على الناس في قضية فلسطين؟ نِعْمَ ما تفعل عندما تذكرنا بالبوصلة في تصحيح وجهة الإبحار في ظلمات البحار ... لكن هلا تساءلت مع نفسها: أليس هذا مجرد أماني وأحلام، ومسكنات لصرير الأقلام، تسمعها حتى من أمراء الأقطار العلمانية ومن الناس جميعا. لو كان جهادا مفيدا وسعيا قاصدا لظهر أثره في الميدان بعد تكرار النكبات واشتدادها. لماذا ؟ لأن المحتلين قادة العالم في الحنكة السياسية والاقتصادية والتدبيرية والتكنولوجية... فهم ببساطة رأس الدولة الممثلة لخوارق الدجال في هذا القرن. والذي يريد دفع دولة بغير دولة تعادلها في القوة وتخالفها في الاتجاه، ضعيف فهمه لقوانين الطبيعة في الفيزياء والرياضيات. وبالتالي سوف تراه يعوض ذلك الفهم بنوع آخر من الوهب الرباني : البلاغة الشعرية والأدبية الملهبة لمشاعر العامة. تحدث في ميدان التدافع "حماسا" وجلبة وخطابة، تتحول إلى الرمي بالحجارة، كما فعل الإنسان البدائي من سكان المغارة، ثم إلى عويل وبكاء، في مواكب تشييع الشهداء، ثم إلى مسكنات التنهيدات والتهديئات، ثم إلى النسيان، " لتبقى الأمور على ما كانت عليه": المزيد من المهدئات والهدم لديار الفلسطيني، والمزيد من المحفزات والمستوطنات للإسرائيلي.
وليس في الإمكان أبدع مما كان، إن كان البناء العربي يفتقد إلى خطة تصميم صحيح. أليس كذلك أيها المهندس المعماري؟
ولا يلومن أحد الدهر على نوائبه ونكباته، إن كانت هكذا دراية الصحوة السنية في هندسة التغيير، تتسم بميزة ضعيف جدا... في الفيزياء والرياضيات، وحسن جدا في الخطابة الحماسية. فإن زاد الحال على ضعف في مادة قوانين الله الشرعية والقدرية، فيوشك أن يكون قادة الصحوة السنية من دعاة السذاجة، أو الجهالة، أو الضلالة...
باختصار دولة لا يمكن دفعها إلا بدولة أخرى، في إطار التداول على التمكين الذي هو قدر يمتحن الله به المستخلفين. جولة ظلم دولة ممثل الدجال، لا يمكن دفعها إلا بصولة عدل دولة ممثل المهدي لهذا القرن. هذه من البديهيات التي لن ينكرها إلا الحبر الذي يسترزق بخطاب المغالطات أوالمزايدات، أو الراهب المستمتع بأحلام اليقظة.
تلبيس إبليس عليهم؟ كلمة : "أنا خير منه". أنا هي الدولة المستقبلية التي سأحرر القدس بعد التأليف بين المسلمين في الدنيا وامتلاك التكنولوجيا الرادعة.
وآخرون من المبطلين لسنن التداول ربما ضلت بهم الأسباب فظنوا أن هناك صيغا أخرى للتداول : كدولة أردوغان في تركيا. تعترف بإسرائيل وبدين العلمانية التلمودية وتتحالف مع الناتو وتعتمد على قوته، لتوحد المسلمين تحت دولة الخلافة العلمانية العثمانية الجديدة. فهل هذا هو الحل يا فقهاء الصحوة السنية الأجلاء؟
{{ ... فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ...}} وتوبوا من قذفكم وحسدكم لدولة العترة. قالوا لنا في الثمانينات " وجاء دور المجوس"، فصدقهم بن كيران وأفتى مع القصر آنذاك بتكفير الشيعة، فاستحقوا وزر إعانة السفاح صدام في غزو إيران، وما تبع ذلك من نكبات وفواجع لا مثيل لها في التاريخ. رضي عنهم اليهود والنصارى ونصبوهم كما نصبوا أردوغان للإدارة المحلية وتطويع الشعب المسلم تحت رايتهم.
واليوم يعيدون الكرة ويجندون الصحوة السنية مرة أخرى لنفس المهمة... فلا غرو أن تسمع من يقذف الشريفات الطاهرات المحصنات من أجل التكفير ثم التفجير "لأبناء المتعة المجوس الأنجاس" - كبرت كلمة تخرج من أفواههم - .
فلربما ظن الشعراء الحالمون أن قذفهم وتكفيرهم وتفجيرهم لأهل القبلة ستكون قربات لهم عند اليهود والنصارى الصائلين ليرفعوهم إلى منصب دولة.
ولقد عصم الله إخوان مصر من تلك المهمة القذرة فجنبهم مسؤولية دولة مغيرة على دولة العترة وحلفها.
واليوم يأتيك الخبر المصدق لكلام النبوة : "الحكمة يمانية ". إخوان اليمن صحوا من غفلتهم ودخلوا في حكمة كف بغيهم على حلف دولة العترة.
وقبل يومين سطعت بشائر ظهور الفرقة النصرانية الناصرة لدولة العترة، دولة السلطان والقرآن، الماحقة لدولة العلمانية التلمودية... فهمها بوتين وهرول إليها حاملا معه صندوق العجائب ! فافهم يا ولي الله... وراجع ما سطرناه لك في نظرية التحيز تغنم إن شاء الله، وتكون من القاصدين في جهادك.
نعوذ بالله أن نكون من {{ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (الكهف: 104). ذلك تحذير للدولة العلمانية التركية التي نصبوها لتنفذ لهم مشروعهم القذر في ضرب المسلمين من الداخل، مثلما فعلوا مع الدويلات العربية المنتمية إلى السنة الأموية. فهو سبب ضرب الطائرة الروسية... البارحة 24 نونبر 2015. يوم مشهود ربما لن " تبقى الأمور على ما هي عليه" بعده...
ونسأل الله اللطيف بعباده، أن يجنبنا ويجنب الشباب المسلم المظلوم، مصير الذين قال عنهم ربنا عز وجل: {{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (3) تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً (4)}} "سورة الغاشية". صدقهم سوف يقصر لهم طرق " إصلاح ذات البين"، بينهم وبين دولة العترة وحلفائها.
ذلك تسديد ومقاربة لأقصر الطرق لمداواة كلوم العرب، ورفع ظلم عصاة بني إسرائيل عليهم، عبر خطة الاقتصاد في الجهاد، لتفادي الدم والهدم والفساد، داخل حصوننا المستباحة للعباد. أو عبر تصميم الجهاد المحمود لبلوغ المقصود، في المساهمة في بناء دولة السلطان والقرآن، الدافعة لظلم دولة ممثل الدجال لهذا الزمان. والله أعلم.
الرباط، 25 نونبر 2015
محمد المهدي الحسني