درسُنا اليوم درس جديد و هو [ النصب بأن المضمرة جوازاً ووجوباً ]
أنْ المضمرة هي حرف من أحرف النصب التي تنصب الفعل المضارع وهي عاملة؛ بمعنى تغيّر الحكم الإعرابي عندما تدخل على الفعل المضارع من الرفع إلى النصب، فكما يُنْصَبُ المضارعُ بأنْ الظاهرةِ في مثل قولِنا : أطْمَحُ أنْ أُحَقِقَ آمالي . فإنّه يُنصَبُ بأنْ المضمَرة – غير الظاهِرَةِ – في مثل قولنا : قابَلْتُه لأوضِحَ له خطأهُ = قابَلْتُه لأن أوضِحَ له خطأه .
و سميت مضمرة ، من الإضمار و الاستتار و الاختباء ، أي لا نراها و لا تكتب و لكنها تؤثرعلى الفعل المضارع فتنصبه بواسطة حروف بظاهرها حروف جر مثل [ اللام ، حتى ] ، أو حروف عطف مثل [ الواو ، الفاء ، أو ]
فحروف الجر حروف مختصة بالأسماء و لا تدخل على الأفعال و لا تؤثر فيها و لكنها إذا جاءت قبل الفعل المضارع و كان منصوباً ، فهذا دليل أن هناك [ أن] ناصبة مضمرة ، نصبت هذا الفعل و أثرت به بعد حرف الجر.
و حروف العطف تدخل على الأسماء و الأفعال ، و من المعروف الحروف المشتركة لا تؤثر على ما بعدها ، و لكن جاءت أفعال منصوبة بعد بعضاً من حروف العطف ، برغم من عدم وجود أداة نصب قبلها ، لذلك وجب تقدير [ أن ] ليصح نصب الفعل بها.
حكم عمل أنْ المضمرة :
وتُضْمَرُ أنْ جوازاً – أي يُجوزُ ذِكْرُها ، وعَدَمُ ذِكْرِها - ، كما أنّها تُضْمَرُ وجوباً – لا يجوز ذِكْرُها أو إظهارُها ، لذلك تعمل أنْ المضمرة جوازًا ووجوباً :
١ـ عملها وجوباً
وفي ما يأتي حالات عمل (أنْ) المضمرة وجوباً مع ذكر الأمثلة:
ـ بعد لام الجحود : دائماً تكون مسبوقة بكون منفي، مثل [ ما كان ، لم يكن ، لا يكون .... ] ، تسمى أيضاً بلام النفي، اللام المؤكدة.
مثل [ وَما كانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ ] ؛ فالفعل ( يعذّب ) : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد لام الجحود و علامة نصبه الفتحة الظاهرة .
ـ بعد حتى الجارة (وتأتي بمعنى: إلى أن) : إذا كان الفعل بعدها للمستقبل، فإذا كان الفعل بعدها للحال رفع ،
مثل [ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ ] ؛ فالفعل (يقولَ): فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد حتى وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
ـ بعد (أو) بمعنى [ إلى أن ] أو [ إلا أن ] : يكون فيها تدرج ، أي قبلها فعل يدل على انقضاء الحدث شيئاً فشيئاً، وتقدر ( أو) بمعنى (حتى).
مثل [ لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر ]
( أو ) هنا بمعنى ( إلى أن ) ، أستسهل الصعب إلى أن أدرك المنى.
[ وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما ]
( أو ) هنا بمعنى ( إلا أن ) ، كسرت كعوبها إلا أن تستقيما.
ـ بعد واو المعية الْمَسْبُوقَ بِنَفْيٍ أَوْ طَلَبٍ : و تسمى واو الجمع ، واو المصاحبة ، و المقصود بـ [المسبوق بنفي أو طلب ] ، أي يكون هناك نفي محض صريح [ ما ، لا ...] أو طلب محض صريح [أمر، استفهام ، تحضيض ..... ] قبل واو المعية و الفعل المضارع ، [ نفي أو طلب + واو المعية + فعل مضارع = فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد واو المعية ]
مثل [لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتُ عَظيمُ ] ، فالفعل (تأتي): فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد واو المعية و علامة نصبه الفتحة الظاهرة ، و لاحظ معي أنها سبقت بطلب و هو النهي في [ لا تنه ]
ـ بعد فاء السببية الْمَسْبُوقَةِ بِنَفْيٍ أَوْ طَلَبٍ : و المقصود بـ [ المسبوق بنفي أو طلب ] ، أي يكون هناك نفي محض صريح [ ما ، لا ....] أو طلب محض صريح [ أمر، استفهام، تحضيض ..... ] قبل فاء السببية و الفعل المضارع ، [ نفي أو طلب + فاء السببية + فعل مضارع = فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد فاء السببية ]
العَرْضُ ، مثل : ألا تُرافِقُنا فَتَسْتَمْتِعَ ، [ طلب أمر بلين ورفق مستعملا (ألا، أما، لو، لولا)]
الحَضَّ : مثل : هلاّ عَمِلْتَ الخيرَ فَتُؤْجَرَ ، [طلب أمر بشدة مستعملا (هلّا، ألا، لوما، لولا) ]
التمنيّ ، مثل : لَيْتَكَ حَضَرْتَ فَتُسَرَّ .
التّرجيَ ، مثل : لَعَلّكَ عائِدٌ فأستضيفَكَ .
الاستفهام ، مثل : هل أنت منتبه فأُخاطِبَكَ .
٢ـ عملها جوازاً :
وفي ما يأتي حالات عمل (أنْ) المضمرة جوازًا مع ذكر الأمثلة:
ـ بعد لام التعليل:
و تسمى أيضاً بـ[لام كي] وهي حرف جر فالأصل، ولا يكون لها عمل على الفعل و لكن هناك (إن) مضمرة أثرت على الفعل بعدها.
مثل [وَأَنزَلنا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ]
فالفعل (تُبيّن): فعل مضارع منصوب بأن المُضمرة جوازاً بعد لام التعليل وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، فالتقدير: لأن تُبيّن.
ـ بعد لام العاقبة:
وهي اللامُ الجارَّةُ، التي يكونُ ما قَبْلَها نتيجةً وعاقبةً ومصيراً، لما قبلها وليسً سبباً في حصولِهِ ، ويُسميها بَعْضُهم لامَ الصيرورةِ – أي ما صارَ إليه الحالُ، أو لامَ المآل – أي ما آلَ إليه الأمرُ، ويمثلون لها بالآيةِ الكريمةِ المتعَلِقَةٍ بِعُثورِ قومِ فرعونَ ، على سيدنا موسى عليهِ السلامُ . "فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعونَ ليكونَ لهم عَدواً وَحَزناً"
قال فرعون لم يلتقطوا موسى عليه السلامُ ليكون لهم عدواً وحِزناً . ولكن العاقبةَ والمآلَ والمصيرَ الذي انتهي إليه التقاطُهم له ، أنّه صارَ كذلك ، فتعرب [ ليكون ] فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد لام العاقبة وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
يجوز هنا إظهار أو إضمار (أن ) .
ملاحظة : الدارس مطالب فقط في لام التعليل و لام العاقبة ، و لكن بقية حالات نصب المضارع بأن المضمرة جوازاً ملغية .
تستقيما : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد ( أو ) و علامة نصبه الفتحة الظاهرة ، الألف في آخر [ تستقيما ] كتبت لضرورة الشعرية( ﻹطﻻق القافية) والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره(هي) في محل رفع.