أهلاً وسهلاً بك ، في آخر درس لك في هذا الفصل
و آخر فصل دراسي لك في فصول مطور
وختامها مسك مع درس [ ترتيب المفعول به ]
فالأصلَ في المفعول به أن يتأخرَ عن الفعلِ والفاعلِ، فالأصل في ترتيب الجملة الفعلية، الفعل، ثم الفاعل، ثم المفعول به، ولكن قد يتقدَّمُ المفعول به على الفاعلِ، أو على الفعل والفاعل معاً، كما سيأتي.
تَقديمُ المفعولِ بهِ وتأخيرُهُ :
الأصل في الفاعل أن يَتَّصل بفعله، لأنهُ كالجزءِ منه، ثُم يأتي بعدَهُ المفعولُ ، وقد يُعكَسُ الأمرُ ، وقد يَتقدَّمُ المفعولُ على الفعل والفاعل معاً، ويمكن تقسيم تقديم وتأخير المفعول به إلى ثلاثة أقسام ، إمَّا جائزٌ، وإمَّا واجبٌ، وإمَّا مُمتنع.
١ـ تقديم المفعول على الفعل والفاعل معاً :
- إذا كان اسمَ شرطٍ، مثل [ من يُضلِل اللهُ فما لهُ من هادٍ] ، فالمفعول به هنا [ من ] اسم شرط جازم مبني ، مقدم وجوباً ، لأنه من أسماء الصدارة .
- أَن يكونَ اسمَ استفهامٍ، مثل [ فأيَّ آياتِ اللهِ تُنكرِونَ؟]، فالمفعول به هنا [ أي ] اسم شرط جازم معرب ، مقدم وجوباً ، لأنه من أسماء الصدارة .
- إذا كان ضمير نصب منفصل، مثل [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] ، فالمفعول به هنا [ إياك ] ضمير منفصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم وجوباً ، و يقدم على الفعل و لو تأخر لوجب استعمال الضمير المتصل ، فنقول [ نعبدك ، نستعينك ]
- يجوزُ تقديمُ المفعول به على الفعل والفاعل معاً، مثل [عليّاً أَكرمتُ وأَكرمتُ عليّاً ]، ومثل [فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا] ، فلاحظ كلمة [ فريقاً ] الأولى هي مفعول به تقدم جوازاً على فعله [ تقتلون ] ، و جاءت بعد فعلها [ تأسرون ] كمفعول به في موضعه الأصلي .
٢ـ تقديم الفاعل والمفعول أحدهما على الآخر:
يجوزُ تقديمُ المفعولِ به على الفاعلِ وتأخيرُه عنه في مثل "كتبَ زُهيرٌ الدرسَ، وكتبَ الدرسَ زُهيرٌ" ، إذا أُمِن اللبس .
ـ ويجب تقديمُ أَحدِهما على الآخر:
١- إذا خُشيَ الالتباسُ والوقوعُ في الشكِّ، بسبب خفاء الإعراب مع عدَمِ القرينةِ، فلا يُعلَمُ الفاعلُ من المفعول، فيجبُ تقديمُ الفاعل، أي يبقى على الترتيب الأصلي [ فاعل بعده مفعول به ]:
فـ[ موسى و عيسى ] علامة الإعراب فيهما مقدرة ولا تظهر، لأنهما اسمان مقصوران ، لذلك لن أعرف المرفوع من المنصوب ، لذلك يجب أن يكون [ موسى ] فاعل مرفوع ، و [ عيسى ] مفعول به منصوب .
فـ[ هذا ذاك ] وهذان اسمان مبنيان، أي لا تختلف حركة آخرهما، لذلك لا يمكننا معرفة المرفوع و المنصوب منهما، لذلك يجب أن يكون [ هذا ] فاعل في محل رفع، و [ ذاك ] مفعول به في محل نصب .
ـ فإن أُمِنَ اللّبسُ لقرينةٍ دالّةٍ، جازَ تقديمُ المفعولِ، مثل [ أكرمتْ موسى سَلمى ] فالفعل [أكرمت] اتصلت تاء التأنيث التي تدل على أن الفاعل مؤنث [سلمى ] فاعل مؤخر مرفوع ، و [ موسى ] مفعول به مقدم منصوب.
- و عندما يكون أَحدُهما - الفاعل أو المفعول به محصوراً فيه الفعلُ بـ[ إلا أَو إنما ]، و هما يستعملان للحصر، و يراد الحصر في هذا السياق قصر الفعل على الفاعل أو المفعول به :
فيجبُ تأخيرُ ما حُصِرَ فيه الفعلُ، مفعولاً أو فاعلاً ، لأنه لا يستدل على أنه المقصود بالحصر إلا بتأخيره :
ـ فالمفعولُ المحصورُ، مثل [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ] ، فكلمة[ حرم ] فعل، و [ ربي ] فاعل ، [ الفواحش] مفعول به، وهنا المفعول به مؤخر وجوباً، لأنه محصور بـ[إنما ] .
ـ والفاعلُ المحصورُ مثل [إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ]، فكلمة [ يخشى ] فعل ، [ الله ] مفعول به مقدم وجوباً ، [ العلماء ] فاعل مؤخر، لأنه محصور بـ[ إنما ] .
(ومعنى الحصر في المفعول أن فعل الفاعل محصور وقوعه على هذا المفعول دون غيره، وذلك يكون ردّاً على من اعتقد أن الفعل وقع على غيره، أو عليه وعلى غيره، ومعنى الحصر في الفاعل أن الفعل محصور وقوعه من هذا الفاعل دون غيره ، وذلك يكون رداً على من اعتقد أن الفاعل غيره، أو هو وغيره).
وقد أَجازَ بعضُ النُّحاة تقديمَ أحدِهما وتأخيرَ الآخرِ، أيًّا كان المحصورُ فيهِ الفعلُ، إذا كان الحصرُ بإلا، لأن المحصور يُسْتدَلّ عليه بوقوعه بعد [ إلا ] مباشرة، سواء تقدم أو تأخر، وهذا هو فرق ما بينها و بين الحصر بـ [ إنما ] .
والفاعلُ المحصورُ، مثل [ تَجَمّعَ فيهِ كلُّ لِسْنٍ وَأُمّةٍ فَمَا يُفْهِمُ الحُدّاثَ إلاّ الترَاجِمُ ]، الفعل [يفهم]، والمفعول به مقدم جوازاً [ الحداث ]، و الفاعل مؤخر جوازاً [ التراجم ] و هو المحصور ، و المقصود بـ[جوازاً ] ، أي أيضاً نستطيع أن نقول [ يفهم إلا التراجم الحداث ] .
فالمفعولُ المحصورُ، مثل [ رأيتك سعرت نار العداء فلم تبق نارك إلا الرمادا ] ، الفعل [ تبق ] ، الفاعل [ نارك ]، المفعول به [ الرمادا ] ، و هو المحصور، و المقصود بـ[جوازاً ] ، أي أيضاً نستطيع أن نقول [ فلم تبق إلا الرمادا نارك] .
والحق أَن ذلكَ كله ضَرورَةٌ سَوَّغَها ظهورُ المعنى المرادِ ووضُوحهُ، وسَهّلها عدمُ الالتباسِ.
ـ عندما يتصلَ بالفاعلِ ضميرٌ يعودُ إلى المفعول، فيجبُ تأخيرُ الفاعل وتقديمُ المفعولِ، ومثل:
[وإذْ ابتلى إبراهيمَ رَبُّهُ بكلماتٍ] ، فالفاعل هنا مؤخر [ ربهُ ] لاتصاله بضمير [ الهاء ] العائد على المفعول به المقدم مثل: [ أكرمَ سعيداً غلامُهُ] ، فالفاعل هنا مؤخر وجوباً [ غلامه ] لاتصاله بضمير [ الهاء ] وهو ضمير عائد على المفعول به المقدم وجوباً، ولا يجوزُ أن يقال "أكرم غلامُهُ سعيداً"، لئلا يلزمَ عَودُ .
ومثل [ أمات فؤداه رجل تراه لرب العرش لا يرجو وقاراً ]
وهنا اتصل الضمير [ الهاء ] بالمفعول به وهو عائد على الفاعل، برغم من ذلك تقدم المفعول به وجوباً [ فؤداه ] وتأخر الفاعل [ رجل ]
و حكم الترتيب الذي تراه في الحالتين السابقتين الوجوب وهو شائع في أساليب هذه اللغة، وعلة الوجوب أن الضمير في الآية متصل بالفاعل وعائد على المفعول، والمفعول تقدم الفاعل لفظاً، وإن كان متأخراً في الرتبة، وأما في البيت فقد اتصل الضمير بالمفعول، و عاد على الفاعل، و الفاعل متقدم في الرتبة و إن كان متأخراً في اللفظ .
مثل [*جَزَى بَنُوهُ أبا الْغيْلانِ عنْ كِبَرٍ * وَحُسْنِ فِعْلٍ كَما يُجْزَى سِنِّمار*] -فضَرُورةٌ، إن جازتْ في الشعر، على قبُحها، لم تَجزْ في النّثر-
وأما الشاهد السابق فقد اتصلت [ الهاء ] بالفاعل في [ بنوه ] و هو ضمير عائد على المفعول المتأخر لفظاً و رتبة ، و من ثم حكم جمهور النحاة بشذوذه .
و بنهاية هذا الدرس أود أن أوصيك بتقوى الله أولاً، ثم الحرص على الجد و الاجتهاد في تعلم وحفظ العلوم النافعة، والتوكل على الله -سبحانه- وملازمة الدعاء والحمد في كل أمورك وأحوالك و أزمانك.
و أسأل الله لك التوفيق في الدنيا و الآخرة ، وأن يرزقك سعادة لا تشقى بعدها أبداً في الدنيا والآخرة.
[إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ]
لفظ الجلالة [ الله ] : مفعول به مقدم وجوباً منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة .
[وإذْ ابتلى إبراهيمَ رَبُّهُ بكلماتٍ]
إبراهيم : مفعول به مقدم وجوباً منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة .
[ تَجَمّعَ فيهِ كلُّ لِسْنٍ وَأُمّةٍ فَمَا يُفْهِمُ الحُدّاثَ إلاّ الترَاجِمُ ]
الحداث: مفعول به مقدم جوازاً منصوب و علامة نصبه الفتحة الظاهرة .
شكراً لمثابرتك و إصرارك، لا حرمك الله الأجر
تحدي اليوم: مثّل بأمثلةٍ، يحتوي كلّ منها على مفعول به مقدم مرة و مؤخر مرة أخرى، وبيّن حكمه، ثم أعربه.