انقسام الاسم إلى معرب ومبني
قال المصنف: (وَهُوَ ضَرْبَان مُعرب وَهُوَ مَا يتَغَيَّر آخِره بِسَبَب العوامل الدَّاخِلَة عَلَيْهِ كزيد
ومبني وَهُوَ بخالفه كهؤلاء فِي لُزُوم الْكسر وَكَذَلِكَ حذام وأمس فِي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وكأحد عشر وأخواته فِي لزوم الْفَتْح كقبل وَبعد وَأَخَوَاتهَا فِي لُزُوم الضَّم إِذا حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَنوى مَعْنَاهُ وَكَمن وَكم فِي لُزُوم السّكُون وَهُوَ أصل الْبناء)
انقسام الِاسْم إِلَى مُعرب ومبني
قوله: (وهُوَ ضَرْبَانِ: مُعْربٌ وهُوَ ما يَتَغَيَّرُ آخِرُهُ بِسَبَبِ الْعَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ كَزَيْدٍ ومَبْنِيِّ وهُوَ بِخلافِهِ).
لما ذكر علامات الاسم ذكر أقسامه من الناحية الإعرابية. فذكر أنه ضربان:
الأول: الاسم المعرب:
وهو ما يتغير آخره بسبب العوامل (2) الداخلة عليه نحو:
قدم الضيفُ، رأيت الضيفَ، سلمت على الضيفِ، فآخر الكلمة تغير بالضمة والفتحة والكسرة، بسبب ما دخل عليه من العوامل، وهي: (قدم) و (رأى) و (على) الجارة.
وقوله: (ما يَتَغَيَّرُ آخِرُهُ) احتراز من تغير أوله أو وسطه فليس إعراباً، كقولك في تصغير (فلس): فُليس، وفي (درهم): دُريهم.
الثاني الاسم المبني:
وأشار إليه بقوله: (وَمَبْنيٌ وهُوَ بِخلافِهِ) أي: أن المبني - وهو الضرب الثاني - ضد المعرب. فإذا كان المعرب يتغير آخره فإن المبني يلزم حالة واحدة، فلا يتغير آخره بسبب العوامل. نحو:
حضر الذي فاز في المسابقة، هنأت الذي فاز في المسابقة، سلمت على الذي فاز في المسابقة،
فـ (الذي) اسم موصول مبني على السكون، لم يتغير آخره مع عامل الرفع أو النصب أو الجر.
قوله: (كَهؤُلاءِ في لُزُومِ الكَسْرِ، وكَذلِكَ حَذامِ وأَمْسِ في لُغَةِ الحِجَازِييّنَ) .
ذكر أن المبني أربعة أقسام: مبني على الكسر، ومبني على الفتح، ومبني على السكون، ومبني على الضم، وبدأ بالمبني على الكسر ومثل بهذه الأمثلة ليبين أن المبني على الكسر نوعان:
1- نوع متفق على بنائه، مثل اسم الإشارة (هؤلاء) فإن جمع العرب يكسرون آخره في جميع الأحوال، تقول :
هؤلاءِ الطلاب (1) مجدون،
ورأيت هؤلاءِ،
ومررت بهؤلاءِ.
فـ (ها) للتنبيه حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب و (أولاءِ) اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ في الأول. وفي محل نصب مفعول به في الثاني، وفي محل جر في الثالث.
2- نوع مختلف في بنائه. وذكر له مثالين:
الأول: كل علم لمؤنث على وزن (فَعالِ) كحذام وسَجاحٍ و رَقاشِ، فهذا مبني على الكسر عند الحجازيين مطلقاً - رَفعاً ونصباً وجراً - سواء كان آخره راءً أم لا، تشبيهاً له بنزال (3) - اسم فعل أمر - تقول: هذه حذام، ورأيت حذامِ، ومررت بحذَامِ.
وأما بنو تميم فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف. فيقولون: هذه حذامُ، رأيت حذامَ، ومررت بحذامَ. فهو مرفوع بالضمة، ومنصوب بالفتحة، ومجرور بالفتحة، نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.
وأكثرهم يفرق بين ما كان مختوماً بالراء فيبنيه على الكسر كالحجازيين، مثل ظفارِ - اسم بلد يمني - وما ليس آخره راء فيعربه إعراب ما لا ينصرف كما تقدم.
الثاني: (أمس)
فالحجازيون يبنونه على الكسر في جميع أحوال إعرابه.
بشرط أن يكون غير ظرف، وأن يكون خالياً من "أل". والإضافة، وأن يكون علماً على اليوم الذي قبل يومك مباشرة فيقولون: مضى أمس بما فيه، وتأملت أمس وما فيه، ما رأيته مذ أمسِ. فهو مبني على الكسر في محل رفع أو نصب أو جر.
وأما بنو تميم فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف. فيرفعه بالضمة وينصبه ويجره بالفتحة من غير تنوين، نحو: مَرَّ أمسُ بما فيه، قضيت أمسَ في المكتبة. انتهيت من عملي مذ أمسَ.
وأكثرهم يمنعه من الصرف في حالة الرفع. ويبنيه على الكسر في حالتي النصب والجر فلا يدخله في باب الممنوع من الصرف. فيقول: مَرَّ أمسُ بما فيه. قضيت أمسِ في المكتبة. انتهيت من عملي مذ أمسِ.
وهذا إذا لم يكن ظرفاً - كما تقدم - فإن كان ظرفاً بمعنى (في)، نحو: سرتني زيارتك أمسِ. فهو مبني على الكسر عند الفريقين. وإن أُريد به يومٌ ما من الأيام الماضية، أو كان مضافاً أو محلى بال أُعرب. نحو: قضينا أمساً في نزهة، أمسُنا كان جميلاً. إن الأمسَ كان جميلاً.
قوله: (وكَأحَدَ عَشَرَ وأخَوَاتِهِ في لُزُوم الْفَتْحِ).
هذا النوع الثاني من الأسماء المبنية وهو ما يبنى على الفتح. ومثل له بـ (أحد عشر) وأخواته. أي إلى تسعة عشر، بتذكير العشرة مع المذكر، وتأنيثها مع المؤنث، فهذه الأعداد مبنية على فتح الجزأين. فلا تتغير بالعوامل.
تقول: جاء ثلاثةَ عشرَ طالباً، رأيت ثلاثةَ عشرَ طالباَ. ومررت بثلاثةَ عشرَ طالباً. فـ (ثلاثةَ عشرَ): فاعل مبني على فتح الجزأين في محل رفع. والمثال الثاني: مفعول به في محل نصب. والثالث: في محل جر.
ويستثنى من ذلك (اثنا عشر) فإن صدره يعرب إعراب المثنى بالألف رفعاً وبالياء نصباً وجراً.
لأنه ملحق بالمثنى - كما سيأتي إن شاء الله - ويبقى جزؤه الثاني مبنيّاً على الفتح لا محل له، لوقوعه موقع نون المثنى التي هي حرف.
نحو: جاء اثنا عشر طالباً، رأيت اثني عشر طالباً، ومررت باثني عشر طالباً.
فـ (اثنا) فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى. (عشر) اسم مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الطلاب: بدل أو عطف بيان وهذا أرجح من إعرابه نعتاً إن كان جامداً فإن كان مشتقاً نحو: هذا الطالب مجد. فالأرجح إعرابه نعتاً. وسيأتي إن شاء الله الفرق بين الجامد والمشتق.
(٢) العامل هو ما أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من الإعراب وهو لفظي كالأفعال والحروف، ومعنوي كالابتداء في رفع المبتدأ.
(3) نزال: اسم فعل مبني على الكسر. فكذا ما أشبهه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعجيل الندى في شرح القطر للفوزان
قوله: (وكقبل وبعد وأخواتهما في لزوم الضم إذا حذف المضاف إليه ونوى معناه).
هذا النوع الثالث من الأسماء المبنية وهو ما يبنى على الضم. مثل (قبل وبعد) وهما ظرفان. (وأخواتهما) كأسماء الجهات الست مثل (فوق) و (تحت) وغيرهما، ونحو (دون) و (أول) فهذه تبنى على الضم، بشرط أن يحذف المضاف إليه وينوي معناه.
ومعنى ذلك: أنك لا تقصد أن المضاف إليه لفظ معين، بل أي لفظ يؤدي المعنى. كقوله تعالى: {لله الأمر من قبل ومن بعد} (1)
فـ (قبل) و (بعد) مبنيان على الضم - لما ذكر - في محل جر، قال تعالى: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} (2).
وقال تعالى: {فما يكذبك بعد بالدين} (3)
فـ (قبل) و (بعد) ظرفان مبنيان على الضم في محل نصب على الظرفية، أما إذا ذكر المضاف إليه فإنها تعرب ولا تبنى
فتقول: جلست تحت الشجرة، فـ (تحت) ظرف مكان منصوب بالفتحة.
وتقول: (جئت من قبل زيد) . فـ (قبل) اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة.
قوله: (وكمن وكم في لزوم السكون وهو أصل البناء)
هذا النوع الرابع من الأسماء المبنية. وهو ما يبنى على السكون
والسكون: قطع الحركة عن الحرف، فـ (من) اسم مبني على السكون. سواء كانت شرطية نحو: من يتصدق يثب.
أو موصولة نحو: حضر من قام بواجبه، أو استفهامية نحو: من عندك؟ فهي ملازمة للسكون.
وقوله: (وكم) أي سواء كانت استفهامية بمعنى: أي عدد. نحو: كم كتابا عندك؟
أو خبرية بمعنى: عدد كثير. نحو كم بائس مات جوعا.
فهي اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ في المثالين
وقوله: (وهو أصل البناء) أي أن أصل البناء أن يكون بالسكون، لأنه أخف من الحركة. ولذا دخل في الاسم والفعل والحرف مثل: كم، اكتب، من.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الروم، آية: 4.
(2) سورة يونس، آية: 91.
(3) سورة التين، آية: 7.
متن قطر الندى لابن هشام
تعجيل القطر بشرح قطر الندى للفوزان